جلسة 26 من فبراير سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار. د/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل، وحسني سيد محمد، والسيد محمد العوضي، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(93)
الطعن رقم 3384 لسنة 29 القضائية
(أ) هيئة قناة السويس - تصحيح أوضاع العاملين بها - آثاره بالنسبة للأقدمية.
القانون رقم 3 لسنة 1992 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة بقناة السويس.
أسبغ القانون الشرعية على قرار مجلس إدارة هيئة قناة السويس بتاريخ 12/ 5/ 1976 فيما تضمنه من قواعد لتصحيح أوضاع العاملين بالهيئة - تعتبر صحيحة التسويات التي تمت في تاريخ سابق على العمل بأحكام القانون رقم 3 لسنة 1992 منذ إجرائها - أقر المشرع الأوضاع الوظيفية التي تمت تسويتها فعلاً في مرحلة سابقة على العمل بأحكام ذلك القانون متى كانت تلك التسويات مطابقة لأحكام قرار مجلس الإدارة المشار إليه وذلك دون الإخلال بالأحكام القضائية التي استقرت بها لذوي الشأن مراكز قانونية بصفة نهائية - عند تسوية حالة العامل وفقاً لأحكام قوانين التسويات يجب ترتيب آثار التسوية في شأن تحديد الدرجة التي يبلغها العامل والتاريخ الذي ترد إليه أقدميته والمرتب الذي يصل إليه بالتدريج بالعلاوات وما تؤدي إليه بحكم اللزوم من إعادة ترتيب الأقدميات بين العاملين على ضوء الأحكام التي تتضمنها - عند اتحاد عاملين في تاريخ أقدمية شغل الدرجة تعين لترتيب الأقدمية الرجوع إلى القاعدة المنصوص عليها في المادة (24) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والتي تقضي في هذه الحالة بوجوب ترتيب الأقدمية بين العاملين على أساس أقدمية الدرجة السابقة - تطبيق.
(ب) دعوى - دفوع - الدفع بعدم دستورية القانون رقم 3 لسنة 1992.
القانون المذكور استوفى أوضاعه الشكلية بموافقة الأغلبية الخاصة لأعضاء مجلس الشعب طبقاً للمادة 187 من الدستور وهي أغلبية الأعضاء في مجموعهم وليس الأغلبية المطلقة للحاضرين منهم - لا شبهة على قواعد الموضوعية من الناحية الدستورية - أثر ذلك: أن الدفع بعدم دستورية ذلك القانون لا يقوم على سند صحيح - تطبيق (1).
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 22/ 8/ 1983 أودع الأستاذ/ ......... المستشار بهيئة قضايا الدولة بصفته نائباً عن رئيس مجلس إدارة هيئة قناة السويس قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 3384 لسنة 29 ق عليا ضد......... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 23/ 6/ 1983 في الدعوى رقم 387 لسنة 2 ق المقامة من المطعون ضده ضد الطاعن والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها في الموضوع بأحقية المدعي في تعديل أقدميته في وظيفة رئيس مكتب لتكون سابقة على أقدمية زميله......... وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن القضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده مصاريف هذا الطلب وقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً واحتياطياً برفضهما وفي الحالتين إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة مصروفات هذا الطلب وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 9/ 2/ 1985 وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث أصدرت الدائرة بجلسة 13/ 1/ 1986 حكمها بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده مصروفات هذا الطلب وقررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - حيث نظر أمامها بجلسة 23/ 2/ 1986 والجلسات التالية وإذ دفع المطعون ضده أمام المحكمة بعدم دستورية القانون رقم 9 لسنة 1986 وأعقب ذلك بإقامته الدعوى رقم 30 لسنة 9 أمام المحكمة الدستورية فقررت المحكمة بجلسة 4/ 10/ 1987 وقف نظر الطعن إلى أن يفصل في هذه الدعوى ثم استأنفت المحكمة نظر الطعن بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 7/ 12/ 1991 في القضية رقم 30 لسنة 9 ق دستورية وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً تكميلياً في ضوء أحكام القانون رقم 3 لسنة 1992 وذلك بناء على طلب المحكمة رأت فيه الحكم أصلياً بما ورد بالتقرير الأصلي المودع في الطعن واحتياطياً إيقاف نظر الطعن الماثل وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية القانون رقم 3 لسنة 1992 وتدوول نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزومه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة 8/ 1/ 1994 وفيها مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 24/ 3/ 1977 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 897 لسنة 31 ق ضد الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري طالباً في ختام عريضة دعواه الحكم بصفة أصلية إعادته إلى أقدميته الصحيحة في درجة رئيس مكتب التي كان عليها في 1/ 3/ 1975 وما يترتب على ذلك من آثار وبصفه احتياطية إلغاء القرار رقم 322 لسنة 1976 وما يترتب عليه من آثار فيما لو صح ما تدعيه لجنة الأقدمية من أنه ينطبق على الطالب بأثر رجعي ويعطيها الحق في إهدار حقوقه المكتسبة وتطبيق القرارات بأثر رجعي مع إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصاريف وأتعاب المحاماة وتعويضاً مؤقتاً مقداره 51 جنيهاً عن الأضرار التي سببتها للطالب وذكر المدعي شارحاً دعواه بأنه عين بالهيئة المدعى عليها في 1/ 6/ 1963 بناء على مسابقة وتحددت أقدميته وفقاً للترتيب النهائي لنتائج الاختبار ثم رقى مع عدد من العاملين بتاريخ 1/ 7/ 1975 إلا أن الهيئة استصدرت قواعد الإصلاح الوظيفي دون التقيد بالقرار رقم 11 لسنة 1975 والذي لا يسري على الهيئة ضمنتها القرار رقم 322 لسنة 1976 ثم طبقت هذه القواعد على عدد من العاملين بكشوف مرفقة بالقرار رقم 323 لسنة 1976 وشكلت لجنة جديدة لترتيب الأقدمية أخرت أقدميته بعدد يقرب من 40 موظفاً على عكس ما تقضي به قواعد القانون واللائحة.
وردت الجهة الإدارية بأن المدعي حصل على ليسانس الحقوق 1962 وعين بالهيئة في 1/ 6/ 1963 بوظيفة كاتب تحت الاختبار وفي 16/ 1/ 1965 سويت حالته بوظيفة إداري ثم رقى لإداري أول في 1/ 7/ 1970 ثم وكيل مكتب في 1/ 7/ 1974 ثم رئيس مكتب بناء على القرار رقم 95 لسنة 1975 بإدماج وظيفة وكيل مكتب في وظيفة رئيس مكتب اعتباراً من 1/ 3/ 1975 وكان ترتيبه في هذا التاريخ رقم 62 وفي 15/ 9/ 1976 وطبقاً للقرار رقم 323 لسنة 1976 بتنفيذ القرار رقم 322 لسنة 1976 بتصحيح أوضاع العاملين بالهيئة أصبح ترتيبه رقم (69) لأن من سبقه استكملوا المدد الموجبة للترقية قبله طبقاً لقواعد تصحيح أوضاع العاملين بالهيئة.
وبجلسة 24/ 3/ 1980 عدل المدعي طلباته إلى طلب الحكم بأن يكون تالياً في الأقدمية في وظيفة محامي ممتاز للأستاذ/ ........ وسابقاً على الأستاذ/ ......... واحتياطياً بإلغاء القرار رقم 323 لسنة 1976 وما يترتب على ذلك من آثار والتعويض المطالب به في صحيفة دعواه.
ثم أحيلت الدعوى لمحكمة القضاء الإداري بالمنصورة وقيدت أمامها برقم 387 لسنة 1 ق حيث قدم المدعي مذكرة أورد فيها ما جاء بعريضة دعواه وطلب احتياطياً إلغاء القرار رقم 323 لسنة 1976 فيما تضمنه من تطبيق قواعد خاطئة على حالته بالإضافة إلى مطالبته بالتعويض وعلى سبيل الاحتياط الكلي وقف الدعوى لحين الطعن بعدم دستورية قرار تصحيح أوضاع العاملين بالهيئة الصادر بالقرار رقم 322 لسنة 1976 ودفعت الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى شكلاً لأنها طعن بالإلغاء وعلى القرارين رقما 322، 323 لسنة 1976 الصادرين في 15/ 9/ 1976 بتصحيح أوضاع العاملين بالهيئة وقد أقام المدعي دعواه في 24/ 3/ 1977 بعد حوالي ستة أشهر من نشر القرارين والعلم بهما وعن موضوع الدعوى أبدت الهيئة أنه لا يجوز للموظف أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً بمقتضى نظام معين لأن علاقته بالحكومة علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التي تضعها الإدارة بما يحقق الصالح العام وأنه وفقاً للقانون رقم 30 لسنة 1975 للهيئة إصدار اللوائح والقرارات التي يقتضيها حسن سير المرفق دون التقيد بالقواعد الحكومية وعن أقدمية المدعي فإن زميله......... أسبق منه في الحصول على المؤهل وله مدة خدمة سابقة على الاشتغال بالهيئة وأنه في 1/ 10/ 1979 صدر القرار رقم 3 لسنة 1979 بترقية الأساتذة/ ......... و.......... وتحددت أقدمية المدعي تالية للأستاذ/ .......... ولم يطعن على هذا القرار بالإلغاء مما يجعل ترتيب الأقدمية محصناً عن السحب أو الإلغاء وبجلسة 23/ 6/ 1983 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأسسته فيما يتعلق بقبول الدعوى شكلاً على أنها من دعاوى التسويات أو القضاء الكامل التي لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء وفيما يتعلق بموضوع الدعوى رأت المحكمة أن قرار الهيئة رقم 322 لسنة 1976 صدر متضمناً قواعد لتصحيح أوضاع العاملين بالهيئة على غرار ما تضمنه القانون رقم 11 لسنة 1975 والذي لا ينطبق على العاملين بالهيئة وقد تضمنت القانون هذه أحكاماً بترقية بعض العاملين بأثر رجعي أحكاماً أخرى في شأن حساب مدد خدمة سابقة لبعض العاملين لم يكن قد حسبت لهم عند تعيينهم بالهيئة ومن مقتضى حسابها الإخلال بالأقدميات التي استقرت لذويها طبقاً للقواعد والأحكام العامة التي تنظم شئون التوظيف بالهيئة وهو أمر يخرج عن اختصاص مجلس إدارة الهيئة المحدد في المادة السادسة من القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس والتي تخول المجلس إصدار اللوائح المتعلقة بالملاحة في قناة السويس وغير ذلك من اللوائح التي يقتضيها حسن سير المرفق والقيام على تنفيذها ذلك أنه من غير السائغ القول بأن إصدار قواعد استثنائية بتصحيح أوضاع العاملين بالهيئة خروجاً على لائحة العاملين المعمول بها فيها يعتبر من قبيل إصدار اللوائح التي يقتضيها حسن سير المرفق بالملاحة سيما إذا كان الأمر يتطلب قانوناً لمعالجة هذه الأوضاع كما أن هذه القواعد لا تعتبر من اللوائح الضرورية التي يجوز لمجلس الإدارة أو من يندبه لذلك إصدارها في مجال تعيين الموظفين لحين إصدار اللوائح المنظمة لشئون موظفي الهيئة وفقاً لحكم المادة 13 من القانون المذكور وعليه فإن إعادة ترتيب أقدمية المدعي طبقاً لهذه القواعد يجعله تالياً للأستاذ/ ...... في وظيفة رئيس مكتب في حين أنه حصل على هذه الوظيفة في 1/ 3/ 1975 بينما لم يرق زميله المذكور لهذه الوظيفة إلا اعتباراً من 1/ 7/ 1975 يكون قد وقع مخالفاً للقانون ولما استقرت عليه أحكام القضاء حيث أنه لا يجوز المساس بالمراكز القانونية الذاتية المستقرة إلا بقانون أو بناء على قانون يجيز ذلك صراحة ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من مساس بترتيب أقدمية المدعي في وظيفة رئيس مكتب مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إعادة ترتيب أقدميته في وظيفة رئيس مكتب بحيث يكون سابقاً لزميله......... وسابقاً عليه كذلك في وظيفة محام ممتاز التي تمت ترقيتهما إليها بالقرار رقم 3 لسنة 1979.
ويقوم الطعن الماثل على أن الحكم المذكور خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن تكييف الدعوى على أنها من دعاوى التسويات مخالف للواقع والقانون لأن عضو مجلس الإدارة المنتدب أصدر القرار رقم 322 لسنة 1976 في 15/ 6/ 1976 بتصحيح أوضاع العاملين بالهيئة الموجودين في الخدمة في 31/ 12/ 1974 ثم أصدرت الهيئة القرار الإداري رقم 323 لسنة 1976 بتاريخ 15/ 6/ 1976 بتصحيح أوضاع العاملين المذكورين طبقاً لما هو موضح قرين اسم كل منهم بالكشوف المرفقة به وقد أحدث هذا القرار أثره القانوني فور صدوره وأنشأ مركزاً قانونياً وكان يتعين على الذي يمسه هذا القرار أن يتظلم منه ويرفع دعوى الإلغاء وفق القواعد والإجراءات المتبعة وإذ لم يتخذ المطعون ضده هذا الطريق فإن دعواه تكون غير مقبولة شكلاً وأنه من المقرر قانوناً أن علاقة الموظف بالحكومة والهيئات العامة علاقة تنظيمية وأن الموظف يعتبر مركز لائحي يجوز تغييره في أي وقت دون أن يحق له الاحتجاج بوجود حق مكتسب له في استمرار معاملته بقواعد معينة وأخيراً فقد خالف الحكم القواعد والنظم المطبقة في الهيئة بوضع المطعون ضده في أقدمية سابقة على السيد/ .......... في حين أن الأخير يسبق الأول في الحصول على المؤهل بعام وله مدة خدمة سابقة لاشتغاله بالهيئة بعد الحصول على المؤهل العالي مقدارها سنة وثلاثة أشهر وواحد وعشرون يوماً ولا توجد للمطعون ضده أي خدمة سابقة كما أن السيد/ ......... التحق بالإدارة القانونية من 1/ 8/ 1963 في حين التحق بها المطعون ضده سنة 1971.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 7/ 12/ 1991 في القضية رقم 30 لسنة 9 ق دستورية بعدم دستورية القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 3 لسنة 1992 في ذات الموضوع بعد أن وافقت عليه الأغلبية الخاصة المنصوص عليها في المادة 187 من الدستور متلافياً بذلك العيب الإجرائي الذي أدى إلى الحكم بعدم دستورية القانون السابق 9 لسنة 1986 وقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1992 على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية تعتبر صحيحة التسويات التي أجرتها هيئة قناة السويس للعاملين بالهيئة الموجودين في خدمتها في 31/ 12/ 1974 متى كانت مطابقة لأحكام قرار مجلس إدارة الهيئة الصادر في هذا الشأن بتاريخ 12/ 5/ 1976".
ومن حيث إن المطعون ضده طلب بمذكرات دفاعه الحكم أصلياً بعدم قبول رفض الطعن واحتياطياً بإلغاء حكم وقف النفاذ الصادر من دائرة فحص الطعون ووقف الطعن وإحالة الأوراق بغير رسوم للمحكمة الدستورية العليا للفصل في عدم دستورية القانون رقم 3 لسنة 1992 أو التصريح له بذلك كما طلب إحالة النزاع إلى الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر من قانون مجلس الدولة في حين أصرت الهيئة الطاعنة على طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بغير الطريق القانوني واحتياطياً رفض الدعوى.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الهيئة الطاعنة بعدم قبول الدعوى شكلاً على سند من القول بأن المدعي يهدف من دعواه الطعن على قرار عضو مجلس الإدارة المنتدب رقم 323 لسنة 1976 الصادر في 15/ 9/ 1976 بقواعد تصحيح أوضاع العاملين بالهيئة فأنه يبين من طلبات المدعي المعدلة والتي حددها في مذكراته المودعة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بجلسات 24/ 3/ 1980، 8/ 11/ 1981 أن حقيقة ما يهدف إليه المدعي - بعد تعديل طلباته - هو إلغاء قرار عضو مجلس الإدارة المنتدب رقم 3 لسنة 1979 والذي صدر بعد إقامة الدعوى - فيما تضمنه من تخطية في الترقية إلى وظيفة محامي ممتاز ومتى كان هذا القرار قد صدر في 7/ 1/ 1979 ولم يتظلم منه المدعي رغم علمه به الثابت من المذكرات المودعة بملف الدعوى فأنه يتعين الحكم بعدم قبول الطلب الأصلي للمدعي (المطعون ضده) لعدم سابقة التظلم.
ومن حيث إنه عن الطلب الاحتياطي للمدعي بإلغاء القرار رقم 323 لسنة 1976 فيما تضمنه من تطبيقه على المدعي فإن جهة الإدارة الطاعنة قد دفعت بعدم قبول الدعوى على سند من القول بأن هذا القرار هو قرار إداري أحدث أثره القانوني فور صدوره وأنشأ مركزاً قانونياً ومن ثم كان على العامل الذي يمسه هذا القرار أن يتظلم منه ويرفع عنه دعوى الإلغاء في مواعيدها فإنه لما كان القرار المذكور قد صدر بتسوية حالات بعض العاملين بالهيئة وفقاً لقواعد تصحيح أوضاع العاملين بها الصادر بقرار الهيئة رقم 322 لسنة 1976 ومن ثم فإن هذه التسويات حتى وإن تضمنت ترقية لبعض العاملين الذين استوفوا المدد الكلية المحددة بالقواعد المذكورة - تعتبر من التسويات الحتمية التي لا تملك الإدارة إزائها أية سلطة تقديرية ومن ثم فإنها لا تتحصن بمضي المدة المقررة للطعن في القرارات الإدارية.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1992 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية تعتبر صحيحة التسويات التي أجرتها هيئة قناة السويس للعاملين بالهيئة الموجودين في خدمتها في 31/ 12/ 1974 متى كانت مطابقة لأحكام قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة الصادر في هذا الشأن بتاريخ 12/ 5/ 1976.
وتنص المادة الثانية منه على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن القانون أسبغ الشرعية على قرار مجلس إدارة هيئة قناة السويس الصادر بتاريخ 12/ 5/ 1976 فيما تضمنه من قواعد التصحيح لأوضاع العاملين بالهيئة كما أضفى الصحة على التسويات التي تمت في تاريخ سابق على العمل بأحكام هذا القانون منذ إجرائها وأقر الأوضاع الوظيفية التي تمت تسويتها فعلاً في مرحلة سابقة على العمل بأحكامه متى كانت هذه التسويات وتلك الأوضاع مطابقة لأحكام قرار مجلس الإدارة المشار إليه وذلك دون الإخلال بالأحكام القضائية التي استقرت بها لذوي الشأن مراكز قانونية بصفة نهائية.
ومن حيث إن عضو مجلس الإدارة المنتدب بالهيئة أصدر القرار رقم 322 لسنة 1976 متضمناً القواعد التي وافق عليها مجلس الإدارة بجلسته الرابعة لعام 1976 المنعقدة بتاريخ 12/ 5/ 1976 ومنها ما نصت عليه المادة (1) منه بأن تصحح أوضاع العاملين بالهيئة الموجودين في الخدمة في 31/ 12/ 1974 طبقاً للقواعد الآتية ويعمل بها لسنتين ماليتين تنتهيا في 31/ 12/ 1975.
1 - تحسب المدة اللازمة للترقية إلى الدرجات والوظائف في جدول كادر الهيئة طبقاً للجدول المرفق وتدخل في حساب المدة المذكورة بالإضافة إلى مدة الخدمة بالهيئة.
أ........ ب............ ج........... د......... هـ............ ونصت المادة 2 منه على أنه لا يجوز الترقية إلى أكثر من درجتين وظيفتين تاليتين للدرجة التي يشغلها العامل في 31/ 12/ 1974 وتعتبر وظيفة وكيل مكتب وما يعادلها درجة افتراضية للتدرج في الترقي حتى بعد إلغاء هذه الدرجة في 1/ 3/ 1975 فمن يستوفى المدة اللازمة للترقي إلى هذه الدرجة في 31/ 12/ 1974 يرقى إليها ثم يدمج في وظيفة رئيس مكتب أو ما يعادلها اعتباراً من 1/ 3/ 1975 ومن يستوفى مدة الترقية للدرجة المذكورة في 31/ 12/ 1975 يرقى إلى هذه الدرجة الافتراضية في ذلك التاريخ ثم يدمج في وظيفة رئيس مكتب أو ما يعادلها في نفس التاريخ وتنفيذاً لذلك أصدر عضو مجلس الإدارة المنتدب القرار رقم 323 لسنة 1976 بتاريخ 15/ 9/ 1976 ونص في مادته الأولى على أن تصحح أوضاع العاملين بالهيئة الموجودين بالخدمة في 31/ 12/ 1974 طبقاً لما هو موضح قرين اسم كل منهم بالكشوف المرفقة ونصت المادة الثالثة على ترتيب أقدمية العاملين بالهيئة نتيجة ما استقرت عليه أوضاعهم بعد التصحيح.
ومن حيث إن المدعي (المطعون ضده) عين بالهيئة في 1/ 6/ 1963 وتدرج في الترقي حتى وظيفة وكيل مكتب في 1/ 7/ 1974 بالقرار رقم 234 لسنة 1974 ثم في وظيفة رئيس مكتب في 1/ 3/ 1975 بناء على القرار رقم 95 لسنة 1975 بإدماج وظيفة وكيل مكتب في وظيفة رئيس مكتب اعتباراً من هذا التاريخ في حين أن زميله/ ......... عين بالهيئة بتاريخ 1/ 8/ 1963 وتدرج في الترقيات بها إلى أن حصل على وظيفة رئيس مكتب اعتباراً من 1/ 7/ 1975 بالقرار رقم 248 لسنة 1975 ونتيجة لتطبيق قواعد الإصلاح الوظيفي للعاملين بالهيئة ضمت له مدة خدمة سابقة ترتب عليها ترقيته لوظيفة وكيل مكتب (درجة افتراضية بتاريخ 10/ 4/ 1973 ثم أدمجت هذه الوظيفة في وظيفة رئيس مكتب اعتباراً من 1/ 3/ 1975 أي أن أقدميته في هذه الوظيفة - بعد تطبيق قواعد الإصلاح الوظيفي للعاملين بالهيئة عدلت من 1/ 7/ 1975 إلى 1/ 3/ 1975 وهو ذات التاريخ الذي حصل فيه المدعي على هذه الوظيفة ومن ثم فقد أصبح كل منهما شاغلاً لوظيفة رئيس مكتب في تاريخ واحد هو 1/ 3/ 1975 وإن حصل عليها المدعي كترقية عادية بينما حصل عليها زميله نتيجة ضم مدة خدمة سابقة وفقاً لقواعد التسويات.
ومن حيث إنه من المقرر عند تسوية حالة العامل وفقاً لأحكام قوانين التسويات أن يترتب على هذه التسوية آثارها في شأن تحديد الدرجة التي يبلغها العامل والتاريخ الذي ترد إليه أقدميته والمرتب الذي يصل إليه بالتدرج بالعلاوات وكل ذلك يتحدد على أساس ما تتضمنه تسوية حالات العاملين وما تؤدي إليه بحكم اللزوم من إعادة ترتيب الأقدميات بين العالمين على ضوء الأحكام التي تتضمنها وعند إتحاد عاملين في تاريخ أقدمية شغل الدرجة فيتعين لترتيب الأقدمية الرجوع إلى القاعدة المنصوص عليها في المادة 24 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والتي تقضي في هذه الحالة بوجود ترتيب الأقدمية بين العاملين على أساس أقدمية الدرجة السابقة.
ومن حيث إنه بتطبيق هذا المبدأ على وقائع الطعن الماثل فإنه وقد اتحد تاريخ ترقية المطعون ضده وزميله/ ........ في تاريخ شغل وظيفة رئيس مكتب فإنه يتعين لترتيب الأقدمية فيما بينهما الرجوع إلى أقدميته في الدرجة السابقة وهي درجة وكيل مكتب وإذ يبين أنه بتطبيق قواعد الإصلاح الوظيفي للعاملين بالهيئة فقد اعتبر السيد/ ........ شاغلاً لهذه الوظيفة اعتباراً من 10/ 4/ 1973 بينما شغلها المطعون ضده اعتباراً من 1/ 6/ 1974 وترتيباً على ذلك فإن ترتيب أقدمية المطعون ضده في وظيفة رئيس مكتب تكون لاحقة لترتيب زميله المذكور/ ...........
ومن حيث إنه في ضوء ما سبق يكون الحكم المطعون عليه إذ قضى بأحقية المدعي (المطعون ضده بالطعن الماثل) في تعديل أقدميته في وظيفة رئيس مكتب لتكون سابقة على أقدمية زميله/ ........... وما يترتب على ذلك من آثار يكون الحكم المذكور غير متفق مع صحيح حكم القانون ومتعين الإلغاء مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من المدعي بعدم دستورية القانون رقم 3 لسنة 1992 فإن هذا الدفع لا يقوم على سند صحيح حيث إن هذا القول قد استوفى أوضاعه الشكلية بموافقة الأغلبية الخاصة التي اشترطتها المادة 187 من الدستور ممثلة في أغلبية أعضاء مجلس الشعب في مجموعهم لا الأغلبية المطلقة للحاضرين منهم كما أن قواعده الموضوعية لا شبهة عليها من الناحية الدستورية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر فيتعين الحكم بإلغائه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المطعون ضده المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.
(1) راجح الحكم الصادر بجلسة 12/ 6/ 1993 في الطعن رقم 3343 لسنة 29 ق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق