باسم الشعب
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من ديسمبر سنة 2024م،
الموافق
الخامس من جمادى الآخرة سنة 1446ه.
برئاسة
السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية
السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق
عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد
أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور
السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور
السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت
الحكم الآتي
في
الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 43 قضائية
"تنازع"
المقامة
من
وليد
إسماعيل عبد المنعم الخياط
ضد
1- رئيس
مجلس الوزراء
2- محافظ
القاهرة
3- رئيس
حي النزهة
4- رئيس
محكمة الاستئناف القائم بأعمال المحامي العام الأول لنيابات القاهرة
5- رئيس
نيابة شرق القاهرة الكلية
-------------
الإجراءات
بتاريخ الثاني من سبتمبر سنة
2021، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا
الحكم، أولًا: بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1990 لسنة 2015 جنح قسم
النزهة، المؤيد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 13282 لسنة 2015 جنح مستأنف شرق
القاهرة، وحكم محكمة استئناف القاهرة – طعون نقض الجنح - الصادر في الطعن رقم
35478 لسنة 85 قضائية. ثانيًا: وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاعتداد
بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 17660 لسنة 65 قضائية
"عليا".
ج جوقدمت
هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى،
واحتياطيًّا: بالاعتداد بالحكم الصادر من جهة القضاء العادي.
وبعد
تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت
الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة
اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل– على ما يتبين من صحيفة
الدعوى وسائر الأوراق - فى أن النيابة العامة أقامت ضد المدعي الجنحة رقم 1990
لسنة 2015 جنح قسم النزهة، متهمة إياه: أنه فى يوم 18/1/2015، بدائرة قسم النزهة،
استأنف أعمال البناء بعقار – حددته - سبق وقفها بالطريق الإداري رغم إعلانه بذلك،
على النحو المبين بالأوراق، وطلبت عقابه بالمواد (1 و2 و98 و102/3) من قانون
البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008. وفي أثناء نظر الدعوى عَدَّلتْ محكمة
أول درجة قيد الاتهام إلى جنحة بالمواد (38 و59 و91 و95 و107/1) من القانون المار
الذكر، بوصف أن المدعي امتنع عن تنفيذ قرار الإزالة بعد انتهاء المدة المقررة
قانونًا، وحكمت حضوريًّا بمعاقبة المدعي بتغريمه (1٪) من إجمالي قيمة الأعمال
المخالفة عن كل يوم امتناع وحتى تمام التنفيذ. طعن المدعي على ذلك الحكم
بالاستئناف رقم 13282 لسنة 2015 جنح مستأنف شرق القاهرة. وبجلسة 22/6/2015، قضت
المحكمة بتأييد الحكم المستأنف؛ فطعن عليه أمام محكمة استئناف القاهرة (طعون نقض
الجنح)، بالطعن رقم 35478 لسنة 85 قضائية، التي قضت بجلسة 6/3/2018 - في غرفة مشورة
- برفض الدعوى.
ومن جهة
أخرى، أقام المدعي أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الخامسة)، الدعوى
رقم 87683 لسنة 68 قضائية، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة رقم
10637 لسنة 2014 بإزالة الأعمال المخالفة بالعقار ذاته محل الجنحة السالفة البيان،
وما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 22/11/2018، حكمت المحكمة برفض الدعوى، طعن
المدعي على ذلك الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 17660 لسنة 65
قضائية "عليا". وبجلسة 20/1/2021، قضت بإلغاء الحكم المطعون فيه،
والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ
ارتأى المدعي أن الحكمين سالفي البيان قد تعامدا على محل واحد، هو قرار الإزالة
رقم 16037 لسنة 2014، وتناقضا على نحو يتعذر تنفيذهما معًا، وإذ كان الحكم الصادر
من المحكمة الإدارية العليا قد قوض الأساس الذي تساندت إليه إدانته في الجنحة
المشار إليها؛ ومن ثم يكون الحكم الصادر عنها هو الأجدر بالتنفيذ.
وحيث إنه عن الدفع المُبدى من
هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، لعدم تقديم صور رسمية من الأحكام حدي
التناقض، فهو غير سديد، ذلك أن الثابت بالأوراق تقديم المدعي رفق طلبه صورة رسمية
من الأحكام التي تمثل حدي التناقض المُدعى به، ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذا الدفع.
وحيث إن
مناط قبول طلب الفصل في التناقض بين حكمين نهائيين طبقًا للبند "ثالثًا"
من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979 – وفقًا لما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو أن يكون النزاع قائمًا بشأن تنفيذ
حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين، وتعامدا على محل واحد، وتناقضا
على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًا، بما مؤداه أن مباشرة هذه المحكمة لولايتها في
مجال فض التناقض بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولًا من
وحدة موضوعهما، ثم من تناقضهما وتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك
الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل
فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا، وهو ما يعنى أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين
الحكمين يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض بداهة إذا لم يتعامدا على محل واحد.
وحيث إن
اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فى النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين
نهائيين متناقضين وفقًا للبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانونها، ليس
مقررًا لها بوصفها جهة طعن تفصل فيما يعرض عليها من الطعون خلال ميعاد محدد بقاعدة
آمرة لا تجوز مخالفتها، ذلك أن النزاع الموضوعي لا ينتقل إليها لتجيل بصرها فى
العناصر التي قام عليها، واقعية كانت أم قانونية، ولكنها، وأيًّا كانت الأخطاء
التي تكون قد نسبت إلى الحكمين المُدعى تناقضهما، لا تفصل فى شأن التناقض بينهما
إلا على ضوء قواعد الاختصاص الولائي التي ضبطها المشرع، ليحدد بها لكل هيئة قضائية
قسطها أو نصيبها من المنازعات التي اختصها بالفصل فيها، حتى لا تنحل الأحكام
عدوانًا من إحدى جهات القضاء على الولاية التي أثبتها المشرع لجهة أخرى.
وحيث إن
المادة (188) من الدستور تنص على أن "يختص القضاء بالفصل فى كافة المنازعات
والجرائم، عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى"، بينما أوسدت المادة (190) من
الدستور لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية،
فنصت على أن "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى
المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه". واتساقًا مع
القاعدة ذاتها، نص قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم
46 لسنة 1972 في الفقرة الأولى من المادة (15) منه على أنه "فيما عدا المنازعات
الإدارية التي یختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات
والجرائم، إلا ما استثني بنص خاص....".
لما كان
ما تقدم، وكان النزاع الذي عُرِضْ على المحكمة الإدارية العليا، يتعلق بمشروعية
قرار جهة الإدارة فى شأن قرار الإزالة محل التداعي، مما ينعقد الاختصاص به لمحاكم
مجلس الدولة دون غيرها، إعمالًا لنص المادة (114) من قانون البناء الصادر بالقانون
رقم 119 لسنة 2008، فيما نصت عليه من أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها
بالفصل فى الطعون على جميع القرارات الصادرة من الجهة الإدارية تطبيقًا لأحكام هذا
القانون"، وقد انتهت تلك المحكمة بجلسة 20/1/2021 إلى إلغاء ذلك القرار، في
حين أن موضوع الدعوى الجنائية يتمثل في الاتهام الموجه إلى المدعي بالامتناع عن
تنفيذ قرار الإزالة المشار إليه، والذي انتهت محكمة الجنح بشأنه إلى إدانة المدعي
بحكم صار باتًّا بتأييده من محكمة استئناف القاهرة (طعون نقض الجنح)، بقرارها
الصادر بجلسة 6/3/2018، برفض الطعن، وكان ذلك القضاء صادرًا في حدود الاختصاص
المعقود لمحاكم جهة القضاء العادي، باعتبارها مختصة دون غيرها بنظر جميع الدعاوى
الناشئة عن أفعال مكونة لجريمة جنائية، ولو كانت ناشئة عن الامتناع عن تنفيذ قرار
إداري، إلا أنها لا تتعرض بالإلغاء أو وقف التنفيذ للقرار الإداري، وإنما تحمله
على الصحة، وترتب آثاره، وتعتد به عنصرًا من العناصر المكونة للركن المادي
للاتهام، الذي تستقل، دون غيرها، بالفصل فيه، ما دام أن ذلك القرار ظل أمامها
قائمًا لم تتصل بأمر إلغائه على أي وجه من الوجوه ولم يتراءى لها وقف السير في
الدعوى الجنائية حتى تفصل محاكم جهة القضاء الإداري في مشروعيته بناءً على دفع
أبداه المتهم أمامها، وإذ كانت المحكمة الدستورية العليا لا تفصل فى شأن التناقض
إلا على ضوء قواعد الاختصاص الولائي التي ضبطها المشرع، ليحدد بها لكل جهة قضائية
أو هيئة ذات اختصاص قضائي قسطها أو نصيبها من المنازعات التي اختصها بالفصل فيها،
وكان كل من الحكمين المدعى تناقضهما قد صدر في حدود الاختصاص المخول قانونًا للجهة
التي أصدرته، فإن ذلك مما ينتفي معه مناط قبول دعوى فض التناقض بينهما؛ ومن ثم
تنحل الدعوى المعروضة إلى طعن في حكم جهة القضاء العادي، الذي تنتظمه أحكام قانون
الإجراءات الجنائية، مما لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذي يتعين
معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن طلب وقف التنفيذ،
فمن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين - أو
كليهما - فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ انتهت المحكمة، فيما تقدم،
إلى عدم قبول الدعوى، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاصه المقرر
بنص المادة (32) من قانون هذه المحكمة المار بيانه يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه
الأسباب
حكمت
المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق