باسم
الشعب
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من ديسمبر سنة 2024م، الموافق الخامس من جمادى
الآخرة سنة 1446ه.
برئاسة
السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد
الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد
العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور
السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور
السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت
الحكم الآتي
في
الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 17 لسنة 38 قضائية
"منازعة تنفيذ"
المقامة
من
سامي عبد
العزيز محفوظ متولي
ضد
1- وزير المالية، بصفته
الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات
2-
النائب العام
3- رئيس
محكمة جنح التهرب الضريبي
----------------
الإجراءات
بتاريخ
السابع والعشرين من مارس سنة 2016 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا، طالبًا الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية
العليا بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"،
وعدم الاعتداد بكافة الإجراءات التي اتخذها المدعى عليهم ضده، بما في ذلك محاضر
الضبط والتحقيق والإحالة إلى المحكمة الجنائية وصدور أحكام قضائية واعتبارها كأن
لم تكن.
وقدمت
هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر
الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى.
وبعد
تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت
الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طالبة
الحكم بعدم قبول الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد
الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن
الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة
العامة قدمت المدعي إلى المحاكمة الجنائية في الدعوى رقم 64 لسنة 2011 جنح التهرب
الضريبي، بوصف أنه خلال الفترة من عام 1997 وحتى عام 2008 بدائرة قسم الأهرام،
بمحافظة الجيزة، تهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات المقررة قانونًا عن
نشاطه في خدمات النظافة والتوريدات، وذلك بعدم التقدم إلى المصلحة للتسجيل في
المواعيد المحددة، وطلبت عقابه بالمواد (2/1 ،2 و3/2،1 و18 و43/1 و44/1) من قانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، المعدل بالقانونين
رقمي 91 لسنة 1996 و2 لسنة 1997، ولائحته التنفيذية، والبند رقم (14) من الجدول
رقم (2) المرفق بالقانون رقم 11 لسنة 1991. وبجلسة 11/9/2011، حكمت المحكمة،
غيابيًّا، بحبس المدعي سنتين مع الشغل وكفالة ألفي جنيه وإلزامه بالضريبة المستحقة
والضريبة الإضافية. عارض المدعي في الحكم. وبجلسة 3/5/2015، حكمت المحكمة بقبول
المعارضة شكلاً، وفي الموضوع: بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس المدعي ستة
أشهر مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك، فاستأنف المدعي الحكم بالاستئناف رقم 80
لسنة 2016 جنح مستأنف التهرب الضريبي. وبجلسة 3/11/2018، قضت المحكمة برفض
الاستئناف، وتأييد الحكم المستأنف، مع إيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات
والتأييد فيما عدا ذلك. طعن المدعي على الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة – دائرة
طعون نقض الجنح – بالطعن رقم 7442 لسنة 10 قضائية، التي قضت فيه بجلسة 5/6/2022،
في غرفة مشورة، بعدم قبول الطعن موضوعًا. وإذ ارتأى المدعي أن القرارات التي
أصدرها وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات،
والإجراءات التي اتخذتها مصلحة الضرائب على المبيعات قبله، بالإضافة إلى حكم محكمة
جنح التهرب الضريبي بجلسة 11/9/2011، في الدعوى رقم 64 لسنة 2011، تُعد عقبة في
تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232
لسنة 26 قضائية "دستورية"؛ فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يصلح أن يكون العائق المدعى به في منازعة
التنفيذ الدستورية، مجرد ادعاء مرسل أو إجراء مبدئي يناقض حكمًا للمحكمة الدستورية
العليا، وإنما يلزم أن يتبلور هذا العائق في تصرف قانوني نافذ بصورة نهائية،
منتجًا لآثار قانونية تحول دون انسياب آثار حكم المحكمة الدستورية العليا، كأن
يكون تشريعًا – أصليًّا كان أم فرعيًّا – استوفى سائر مراحله الدستورية أو حكمًا
قضائيًّا نهائيًّا واجب التنفيذ؛ وتبعًا لذلك فإن مناط قبول منازعة التنفيذ
الدستورية يكون متخلفًا كلما كان الحائل المدعى به يمكن دفعه باتخاذ إجراء مقرر
قانونًا يلزم اتباعه قبل سلوك سبيل منازعة التنفيذ، ذلك أن عوائق التنفيذ التي
تختص هذه المحكمة بإزاحتها لا تمتد إلى أي عمل تمهيدي أو إجراء افتتاحي يدخل ضمن
سلسلة من الإجراءات التي تكوّن في مجموعها، وعند تمامها، عملًا قانونيًّا مكتملاً،
يصلح أن يكون محلاً لنزاع يتم عرضه على القضاء. متى كان ذلك، وكان ما يطالب به
المدعي في دعواه المعروضة بعدم الاعتداد بإجراءات الضبط والتحقيق والإحالة إلى
المحاكمة الجنائية التي اتخذت ضده من قبل المدعى عليهما الأول والثاني، وكانت تلك
الإجراءات تمهيدًا لإحالة المدعي إلى القضاء ليفصل في الاتهامات المنسوبة إليه،
فإنها بهذه المثابة لا تُعد قولًا فصلًا في شأن تلك الاتهامات؛ ومن ثم لا تعدو أن
تكون إلا إجراءات تمهيدية لا تصلح أن تُشكل عقبة قانونية تحول دون إعمال آثار حكم
المحكمة الدستورية العليا المار ذكره، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول
الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن
منازعة التنفيذ – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته
عوائق تحول قانونًا – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال
حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق
التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي
تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو
المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة
بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن
المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه ونطاق
القواعد القانونية التي يضمها والآثار المتولدة عنها في سياقها وعلى ضوء الصلة
الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما
يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص
المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لهدم عوائق التنفيذ
التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين
والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد
وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو
بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون
إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة،
فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها
وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو
ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن
الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية
وفقًا لنص المادة (195) من الدستور والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – على ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على
النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة
فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها.
كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم، وما يتصل بهذا المنطوق من الأسباب
اتصالاً حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن
المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26
قضائية "دستورية" بعدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل للغير"
الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة
على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997،
وبعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 الذي ينص على أنه "مع
مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون". وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية
بالعدد 16 (تابع) بتاريخ 19/4/2007، وكانت حجية هذا الحكم مقصورة على ما ورد في
منطوقه وما اتصل به اتصالاً حتميًّا من أسباب في المسألة الدستورية التي فصل فيها،
وكان ما قضى به حكم محكمة جنح التهرب الضريبي في الدعوى رقم 64 لسنة 2011،
واستئنافها رقم 80 لسنة 2016 جنح مستأنف تهرب ضريبي، المؤيد بقرار محكمة استئناف
القاهرة – في غرفة مشورة - في الطعن رقم 7442 لسنة 10 قضائية، المار بيانها، من
إدانة المدعي لتهربه من أداء الضريبة العامة على المبيعات عن نشاطه في الخدمات
الواردة بالمسلسل رقم (14) من الجدول رقم (2) المرفق بالقانون رقم 11 لسنة 1991
المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 وهى خدمات شركات النظافة والحراسة الخاصة، هو أمر
منبت الصلة بحكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه؛ ومن ثم لا يُعد هذا
الحكم عائقًا – سواء بطبيعته أو بالنظر إلى نتائجه – يحول فعلًا أو من شأنه أن
يحول دون تنفيذ الحكم المنازع فيه تنفيذًا صحيحًا مكتملًا أو مقيدًا لنطاقه، مما
لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
فلهذه
الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق