الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 يناير 2025

الطعن 1174 لسنة 40 ق جلسة 12 / 11 / 1995 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 7 ص 47

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد الفتاح سلامة - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد عبد الرحمن سلامة، ومصطفى محمد المدبولي أبو صافي، والسيد محمد السيد الطحان، وإدوارد غالب سيفين - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(7)

الطعن رقم 1174 لسنة 40 القضائية

حريات عامة - حق الزيارة والتراسل للمسجون - تقييد حق الزيارة للمحكوم عليه أو منعه مطلقاً في أوقات معينة.
المواد أرقام 38، 40، 42، 43 من قانون السجون رقم 396 لسنة 1956.
تقييد الحق في الزيارة للمحكوم عليه أو منعه مطلقاً في أوقات معينة من الجهة الإدارية يجب أن يقوم على سببه من مقتضيات ودواعي الأمن - يجب أن يفصح مصدر القرار عن ماهية الأسباب الأمنية التي دعت لإصدار هذا القرار - لم تطرح الجهة الإدارية في ساحة القضاء الإداري أي أصول استمدت منها هذه الأسباب الأمنية - امتناع الجهة الإدارية عن الإفصاح عن سبب قرارها وحجب الأصول التي استمدته منها يقيم قرينة على عدم قيام القرار على صحيح سببه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 19 فبراير 1994 أودعت هيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1174 لسنة 40 قضائية عليا وذلك الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد أ" في الدعوى رقم 574 لسنة 48 قضائية بجلسة 21 ديسمبر 1993، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وطلبت هيئة قضايا الدولة - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن المشار إليه ارتأت فيه للأسباب المبينة بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6 مارس 1995 حيث نظر الطعن بالجلسة المذكورة والجلسات التالية، وبجلسة 3 يوليو 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 8 أكتوبر 1995 حيث تم نظر الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 31 أكتوبر 1993 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 574 لسنة 48 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد أ" طلب في ختامها بصفته قيماً على كل من.... و.... الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار منع زيارتهما في محبسهما، وذلك تأسيساً على أنه قيم على كل من.... و.... اللذين يقضيان فترة عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة المقضي بها على كل منهما في الجناية رقم 462 لسنة 1981 أمن دولة عليا والمعروفة بتنظيم الجهاد، وأن المدعى عليهما (الطاعنان) أصدر قراراً بمنع الزيارة عن كل من.... و.... وآخرين بالرغم من أن حق زيادة ومراسلة المسجون مقرر في الدستور والقانون ونظمته لائحة السجون الأمر الذي يعد معه قرار المنع من الزيارة عدواناً على حق قرره القانون ويشكل عقوبة جديدة فرضت على المحكوم عليهما دون سند من الدستور أو القانون، وأنه إذا كان قد قصد معاقبة المحكوم عليهما بهذا القرار فقد تضمنت أيضاً عقاب المدعي (المطعون ضده) بمنعه من زيارتهما، وعلى ذلك يكون القرار المطعون عليه قد صدر مخالفاً لأحكام الدستور والقانون ومشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة.
وفي مجال الرد على الدعوى قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم أصلياً بانعدام الخصومة في الدعوى واحتياطياً برفض الدعوى في شقيها العاجل والموضوعي، واستندت في الطلب الأصلي إلى انعدام صفة رافع الدعوى وفي الطلب الاحتياطي إلى أن الجهة الإدارية استعملت سلطتها التقديرية المخولة لها بمقضي المادة 42 من قانون تنظيم السجون التي أجازت لها منع الزيارة مطلقاً أو مقيداً في أوقات معينة لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن.
وبجلسة 21 ديسمبر 1993 أصدرت محكمة القضاء الإداري - دائرة منازعات الأفراد - حكمها الطعين القاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وأقامت قضاءها على أن مفاد المادتين 38 و42 من قانون تنظيم السجون أن المشرع بعد أن قرار للمحكوم عليه حق الزيارة والتراسل أجاز في المادة 42 من ذات القانون لأسباب صحية أو أمنية تقييد حق الزيارة أو منعه مطلقاً في أوقات معينة، وأنه ولئن كانت الجهة الإدارية قد أقرت صراحة بأن منع الزيارة في الحالة الماثلة كان بناءً على أسباب أمنية مع إجازة الزيارة بإذن من النيابة العامة، فإن الجهة الإدارية لم تفصح عن ماهية الأسباب الأمنية التي استندت إليها في إصدار القرار، كما أنها نزلت عن اختصاصها في الإذن بالزيارة للنيابة العامة دون سند من القانون مما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال المتمثل في قطع الصلة بين المحكوم عليهما وبين ذويهم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره ذلك أن المشرع أباح للجهة الإدارية - بمقتضى المادة 42 من قانون تنظيم السجون - المنع المطلق للزيارة أو تقييد هذا الحق بما يتناسب والأسباب التي تراها مصلحة السجون، وأن النيابة العامة هي الجهة المنوط بها الإشراف على السجون وتبعاً لذلك يكون لها الإذن بالزيارة في ضوء ما يستجد من ظروف المسجونين، وبالتالي فإن تقييد حق الزيارة بناءً على إذن من النيابة العامة لا يعد نزولاً عن اختصاص مصلحة السجون للنيابة العامة، وأن الحكم الطعين لم ينظر أسباب القرار المطعون فيه رغم قيامها صحيحة في الوقائع ومبررة قانوناً لإجراء منع الزيارة، وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن المشرع نظم في الفصل الثامن من القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون أحكام الزيارة والمراسلة للمحكوم عليهم، حيث تضمن المواد التالية بصنوفها: مادة 38 يكون لكل محكوم عليه الحق في التراسل ولذويه أن يزوروه وذلك طبقاً لما تبينه اللائحة الداخلية، وللمحبوسين احتياطياً هذا الحق دون إخلال بما يقضي به قانون الإجراءات الجنائية بشأنهم في هذا الصدد.
مادة 40 - للنائب العام أو المحامي العام ولمدير عام السجون أو من ينيبه أن يأذنوا لذوي المسجون بزيارته في غير مواعيد الزيارة العادية إذا دعت لذلك ضرورة.
مادة 42 - يجوز أن تمنع الزيارة منعاً مطلقاً أو مقيداً بالنسبة إلى الظروف في أوقات معينة وذلك لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن.
وتنص المادة 43 الواردة بالفصل التاسع الخاص بتأديب المسجونين على أن "الجزاءات التي يجوز توقيعها على المسجونين هي:.... 6 - وضع المحكوم عليه بفرقة التأديب المخصوصة التي تعينها اللائحة الداخلية لمدة لا تزيد على ستة أشهر".
ويترتب على ذلك الحرمان من الزيارة والتراسل خلال المدة التي تقضى بهذه الفرقة.
وقد صدرت اللائحة الداخلية للسجون بقرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961 (المعدل بالقرارين رقمي 989 لسنة 1977، 1890 لسنة) متضمنة النصوص التالية:
مادة 64 - يكون للمحكوم عليهم بالأشغال الشاقة أو السجن أو الحبس مع الشغل الحق في التراسل ولذويهم أن يزوروهم بعد مضي شهرين من تاريخ تنفيذ العقوبة ثم تكون زياراتهم وتراسلهم ما دام سلوكهم حسناً - على الوجه الآتي:
( أ) تكون الزيارة مرة واحدة شهرياً للمحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المنفذ عليهم بالليمانات."
مادة 71 - مدة الزيارة العادية ربع ساعة، أما الزيارة الخاصة التي يصرح بها بالتطبيق للمادة 40 من القانون فيجوز أن تزيد على هذه المدة على ألا تتجاوز نصف ساعة، ويجوز لمدير السجون أو المأمور إطالة المدة إذا دعت لذلك ضرورة.
مادة 79 - لا يصرح بالزيارة أثناء وقفها لأسباب صحية إلا بموافقة مدير عام السجون مع اتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة قبل الزائرين.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع حرص على أن يهيئ للمسجون وسائل الاتصال بالعالم الخارجي رفعاً لروحه المعنوية وتيسيراً لمعيشته داخل السجن وتأكيداً للصلة التي تربطه بذويه وأصدقائه، ومن ثم فقد نظمت نصوص الفصل الثامن من القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون أحكام الزيارة والمراسلة، فأعطت لكل محكوم عليه الحق في التراسل، وأعطت لذويه الحق في زيارته زيارة عادية بعد مضي شهرين من تاريخ تنفيذ العقوبة وذلك لمرة واحدة شهرياً بالنسبة للمحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المنفذ عليهم بالليمانات مع تحديد مدة الزيارة بربع ساعة، كما أعطت لذويه في أحوال الضرورة الحق في زيارة خاصة في مواعيد الزيارة العادية بناءً على إذن من النائب العام أو المحامي العام أو مدير عام السجون أو من ينيبه ولمدة لا تزيد على نصف ساعة مع جواز إطالة هذه المدة إذا دعت إلى ذلك ضرورة وبموافقة مدير السجن أو من ينيبه.
وكأثر للعقاب التأديبي رتب المشرع على مجازاة المحكوم عليه بعقوبة الحجز بفرقة التأديب المخصوصة حرمانه من الزيارة والتراسل خلال المدة التي تقضي بهذه الفرقة و التي لا تزيد على ستة أشهر، أما عن المنع من الزيارة فقد أجاز المشرع منعها منعاً مطلقاً أو مقيداً - بحسب الظروف - في أوقات معينة إما لأسباب صحية أو لأسباب متعلقة بالأمن، وأجازت اللائحة التصريح بالزيارة أثناء وقفها لأسباب صحية بموافقة مدير عام السجون مع اتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة قبل الزائرين.
ومن حيث إنه ولئن كانت جهة الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها، إلا أنه إذا أفصحت جهة الإدارة عن سبب قرارها أو كان القانون يلزمها بتسبيبه فإن ما تبديه منه يكون خاضعاً لرقابة القضاء الإداري وله في سبيل إعمال رقابته أن يمحصه للتحقق من مدى مطابقته أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وهذه الرقابة القانونية لركني السبب تجد حدها الطبيعي في التأكد مما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً, فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها مادياً لا يثمر النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقداً لركن السبب ووقع مخالفاً للقانون, كما أن للقضاء الإداري في سبيل مباشرة ولايته في تسليط الرقابة القضائية على القرارات الإدارية أن يكلف الجهة الإدارية بالإفصاح عن سبب قرارها وبأن تطرح في ساحته الأصول التي استمدت منها هذا السبب، بحيث يعتبر امتناع الإدارة عن الإفصاح عن سبب قرارها أو حجم الأصول التي استمدته منها قرينة على عدم قيام القرار على صحيح سببه.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم جمعيه ولما كان الثابت من ظاهر الأوراق أنه بتاريخ 23 أكتوبر سنة 1993 صدر القرار مدير عام السجون (الطاعن الثاني) بمنع الزيارة عن المحكوم عليهم.... و..... (المودعين ليمان طره لتنفيذ عقوبة الأشغال الشاقة المقضي بها عليهما في القضية رقم 462 لسنة 1981 أمن دولة) إلا بتصريح من النيابة العامة وذلك لأسباب متعلقة بالأمن طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون، ولم يفصح مصدر القرار عن ماهية الأسباب الأمنية التي دعت لإصدار هذا القرار، ولم تطرح الجهة الإدارية في ساحة القضاء الإداري أي أصول استمدت منها هذه الأسباب الأمنية، وإنما امتنعت عن الإفصاح عن سبب قرارها وحجبت الأصول التي استمدته منها، واكتفت بالقول بأن القرار الصادر منها يستند لأسباب متعلقة بالأمن مما يعد من قبيل الأقوال المرسلة التي يتعين الالتفات عنها، وكل ذلك يقيم قرينة على عدم قيام القرار على صحيح سببه فيضحى مخالفاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب وقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون وأصاب وجه الحق في قضائه مما يكون معه الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه لا حجاج فيما نعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من أن المشرع أباح للجهة الإدارية المنع المطلق للزيارة أو تقييد هذا الحق بما يتناسب والأسباب التي تراها وأن النيابة العامة هي الجهة المنوط بها الإشراف على السجون وتبعاً لذلك يكون لها الإذن بالزيارة في ضوء ما يستجد من ظروف المسجونين، كما أن تقييد حق الزيارة بناءً على إذن من النيابة العامة لا يعد نزولاً عن اختصاص مصلحة السجون للنيابة العامة، لا حجاج في ذلك إذ أن حق الإشراف القضائي المقرر للنيابة العامة بموجب المادة (85) من القانون رقم 396 لسنة 1956 لم يسند إلى النيابة العامة هذا الاختصاص، وإنما جاء تمشياً مع ما يقضي به قانون الإجراءات الجنائية من أحكام خاصة بالحبس الاحتياطي (المواد من 134 إلى 143) أو خاصة بتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية (المواد من 478 إلى 490) ومن هنا فقد خولت المادة (85) سالفة الذكر حق الإشراف القضائي للنائب العام ووكلائه في دوائر اختصاصهم الدخول في جميع أماكن السجن في أي وقت للتحقق مما تقضي به القوانين واللوائح ولاتخاذ ما يرونه لازماً بشأن ما يقع من مخالفات في هذا الصدد، أما حقوق الزيارة المقررة للمحكوم عليهم فقد نظمها القانون على النحو السالف بيانه ولم يخول النيابة العامة في هذا الخصوص سوى منع الإذن بالزيارة الخاصة الوارد بالمادة (40) منه، فإذا كان ذلك وكان المنع من الزيارة لمقتضيات الأمن متى قام على أسباب واهية لا يرتفع إلا بزوال هذه الأسباب فإنه لا يسوغ عقلاً القول بأن إذن النيابة العامة مما ترتفع به الأسباب الواقعية لمقتضيات الأمن ثم يتعين الالتفات عن هذا النعي على الحكم الطعين.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنين بصفتيهما المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق