الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 15 يونيو 2023

الطعن رقم 42222 لسنة 85 ق جلسة 25 / 2 / 2018

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد (ب)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ محمد عبد العال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح محمد أحمد وتوفيق سليم شعبان محمود نواب رئيس المحكمة ومحمد ثابت

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد الشناوي.

وأمين السر السيد/ رجب علي.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد 9 من جمادى الآخر سنة 1439هـ الموافق 25 من فبراير سنة 2018م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 42222 لسنة 85 القضائية.

المرفوع من
..... " الطاعنين "
ضد
النيابـة العامة " المطعون ضدها "

--------------

" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم 6924 لسنة 2013 كفر الدوار (والمقيدة برقم 1359 لسنة 2013 كلي شمال دمنهور) بأنهما في يوم 25 من يونيه سنة 2013 بدائرة مركز كفر الدوار - محافظة البحيرة.
قتلا المجني عليه/ ..... عمدا من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن طعناه بسلاحين أبيضين" مطواتين" كان بحوزتهما طعنات عدة استقرت بصدره وعنقه وكتفه الأيسر قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالأوراق والتي أودت بحياته وقد ارتبط بهذه الجناية الجنحة التالية وهي أن المتهمان في ذات الزمان والمكان:
أحدثا عمدا إصابة/ ...... والثابتة بتقرير مصلحة الطب الشرعي المرفق بالأوراق بأنه كال له المتهم الثاني ضربة باستخدام سلاحا أبيض "مطواة" استقرت بعينه اليمنى مما أعجزه عن أشغاله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوم حال تواجد المتهم الأول على مسرح الجريمة للشد من أزره الأمر المنطبق عليه المادة 241/1، 2 من قانون العقوبات وكان القصد من ارتكاب جناية القتل العمد هو تسهيل ارتكاب جريمة الإصابة آنفة البيان.
أحرز كل منهما سلاحا أبيض "مطواة" بدون ترخيص.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى وكيل عن والدة المجني عليه/ ..... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه تعويضا مدنيا مؤقتا.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 31 من يناير سنة 2015 عملا بالمادتين 234/1، 241/1، 2 من قانون العقوبات، والمادتين 1/1، 25 مكررا/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات.
أولاً: بمعاقبة المتهم/ ............ بالسجن المشدد المدة خمس عشرة سنة عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية مع إلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. ثانياً: بمعاقبة ............. بالحبس لمدة ثلاثة أشهر عما أسند إليه. وذلك بعد أن وقرت الواقعة في يقين المحكمة على النحو الآتي:
المتهم الأول:
قتل المجني عليه/ ..... عمدا من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن طعنه بسلاح أبيض "مطواة" طعنتين نافذتين لتجويف الصدر والبطن قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
أحرز سلاحا أبيضا "مطواة" بغير ترخيص.
المتهم الثاني:
1- ضرب المجني عليه/ ...... فأحدث به الإصابة المبينة بتقرير الطبي الشرعي مما تقرر لعلاجها مدة تزيد على عشرين يوما.
2- ضرب المجني عليه/ .... بأداة "مطواة" فأحدث به إصابة سطحية بالكتف الأيسر المبينة بتقرير الصفة التشريحية.
3- أحرز سلاحا أبيض "مطواة" بغير ترخيص.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض في 24 من فبراير، 28 من مارس سنة 2015.
وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن بالنقض في 25، 24، 28 من مارس سنة 2015 موقع على الأولى من الأستاذ/.... المحامي، وموقع على الثانية من الأستاذ/ ..... المحامي، وموقع على الثالثة من الأستاذ/.... المحامي.
وبجلسة المحاكمة سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد سماع المرافعة والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول بجريمة القتل العمد ودان الثاني بجريمة الضرب البسيط ودانهما معا كل بجريمة إحراز سلاح أبيض دون مقتضى فقد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان والإخلال بحق الدفاع والتناقض، ذلك بأن أسبابه جاءت غامضة مبهمة في بيان وقائع الدعوى وأدلتها وملتفتا عن وقائع في الأوراق - عدداها بأسباب طعنهما - رغم دلالتها في نفي الاتهام عنهما ولم يورد نصوص القانون التي دانهما بها، كما خلا من بيان رابطة السببية بين فعل الطاعن الأول ووفاة المجني عليه، ودانهما رغم خلو الأوراق من شاهد آخر وملتفتا عن إنكارهما الاتهام وأقوال شهود النفي واطرح بما لا يسوغ دفاع الأول بتوافر حالة الدفاع الشرعي ودون أن يعرض لإصاباته وانتفاء نية القتل، وتساند الحكم في إدانتهما إلى أقوال ضابط التحريات رغم عدم صدقها - سيما في خصوص القصد من الاعتداء - بدلالة عدم وقوفها على دور كل منهما وعدم توصلها لسبب الخلاف بين الطرفين وتناقضها فيما بينها فضلا عن مخالفتها للثابت بالأوراق، وتمسكا في دفاعهما بانتفاء ظرفي سبق الإصرار والترصد واتفاقهما على القتل وعدم توافر الارتباط بين جريمتي القتل والضرب البسيط، وأن الواقعة كانت مشادة كلامية، بيد أن الحكم التفت عنها جميعا - رغم جوهريتها - ودون أن تجرى المحكمة تحقيقا في خصوصها، ولم تجبهما المحكمة لطلب سماع الشاهد الأخير - ضابط التحريات - ومناقشة الطبيب الشرعي رغم التمسك بسماعهما وتأجيل الدعوى لحضورهما، وأخيرا فرقت المحكمة بينهما في العقوبة رغم وحدة الأدلة التي استندت إليها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "أن مشادة كلامية نشبت بين المجني عليه .... وبين المتهم الثاني ....... بتاريخ سابق على 24/6/2013 بحوالي عشرة أيام تقريبا وفي المساء تصادف سير المجني عليه سالف الذكر وصديقه المدعو ...... والمجني عليه القتيل ...... بمنطقة التمليك التابعة لدائرة قسم كفر الدوار فتقابلوا مع المتهم سالف الذكر وشقيقه المتهم الأول ....... فانتحى المجني عليه الأول بالمتهم الثاني جانبا لمعاتبته على ما دار بينهما في المشادة الكلامية السابقة واحتدم النقاش بينهما وتعدى عليه المتهم الثاني بالسب وأستل مطواته وضربه بالجزء الكال منها على عينه اليمنى فتدخل مرافقيه لإبعاد المتهم الثاني ومنعه من موالاة الاعتداء فاستل المتهم الأول مطواته متوجها ناحية المجني عليه ........ قاصدا قتله مرددا عبارة والله لأقتلك وضربه بالمطواة عدة مرات أدت إلى إصابته بطعنتين نافذتين إحداها بوسط مقدم الصدر والثانية بيسار مقدم الصدر عند الخط المنتصف للترقوة فسقط المجني عليه أرضا فتوجه إليه المتهم الثاني وضربه بالمطواة فأحدث به جرح سطحي بكتفه الأيسر فحاول مرافقي القتيل إسعافه بنقله إلى مستشفى كفر الدوار إلا أنه كان في النزع الأخير وفشلت محاولات إسعافه وبعد ساعات من الواقعة سلم المتهم الأول نفسه إلى ديوان القسم وأقر لرئيس المباحث بارتكابه الواقعة وتخلصه من المطواة المستخدمة في الاعتداء، وقد أسفرت تحريات سالف الذكر السرية عن صحة الواقعة وانتواء المتهم قتل المجني عليه إثر المشادة الوقتية سالفة البيان". وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها للطاعنين من أقوال الشاهدين ..... و..... و......، ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه الأول والتقرير الطبي الصادر من مستشفى كفر الدوار العام للمجني عليه الثاني. لما كان ذلك، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون، ومن ثم فإن منعي الطاعنان على الحكم بالغموض والإجمال والتجهيل لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعات الدعوى وأورد مؤدي أقوال الشهود خلص إلى ثبوت الجريمة قبل الطاعنين وعاقبهما بالمواد 234/1، 241 من قانون العقوبات، 1/1، 25 مكررا/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل وطبق عليهما نص المادة 32/2 من القانون الأول وهو ما يكفي لبيان مواد القانون التي عاقبهما بموجبها، ومن ثم يكون نعيهما على الحكم في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن الأول على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشارا إليها بأسباب طعنه، وهي من بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فاطرحتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثبات ونفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إليه، وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات القتيل التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليه نتيجة إصاباتيه الطعنيتين وما أدتا إليه من تهتكات بالقلب والرئة اليمني والأحشاء البطنية ونزيف دموي غزير وصدمة نزفيه انتهت بالوفاة، ومن ثم تهتكات بالقلب والرئة اليمني والأحشاء البطنية ونزيف دموي غزير وصدمة نزفيه انتهت بالوفاة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة المجني عليه الثاني ومرافقه- فضلا عن ضابط التحريات - ليس فيه مخالفة للقانون وينحل نعي الطاعنان في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان في اطراح الحكم لإنكارهما الاتهام المسند إليهما مردودا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من ارتكاب كل منهما للجريمة المسندة إليه تأسيسا على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، فإن نعيهما في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، فإن منعي الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن الأول من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ورد عليه في قوله: "..... ولما كان ما تقدم، وكان الثابت من أقوال شاهدي الرؤية الأول والثاني أن المجني عليه القتيل لم تبدر منه أي محاولة للاعتداء على أيا من المتهمين الأول والثاني وكل ما أتاه القتيل والشاهد الثاني هو منع المتهم الثاني من موالاة التعدي على الشاهد الأول وإبعاده عنه والمحكمة ترى أن المتهم الأول لم يكن في موقف المدافع المضطر المرغم عن نفسه إزاء خطر محدق بل إنه هو من استل مطواته وسعى إلى المجني عليه القتيل مرددا عبارة والله لأقتلك وطعنه في صدره قاصدا إلحاق الأذى به لا دفع اعتداء وقع عليه أو وقع على شقيقه وهو ما لا ترى معه أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتديا الأمر الذي تلتفت معه المحكمة عن هذا القول المرسل الذي لا يتفق مع الواقعة". وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم أن المتهم لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتديا قاصدا إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه أو على غيره، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئا بخصوص إصاباته، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن - بفرض صحة حصولها - لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر، لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه، ومن ثم فإن نعي الطاعن الأول على الحكم إغفاله إصاباته لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل واستدل على قيامها لدى الطاعن الأول بأدلة مقبولة في قوله: ".... ولما كان ما تقدم، وكان الثابت من واقع الحال الذي اقتنعت به المحكمة من خلال القرائن القاطعة وأدلة الثبوت في الدعوى السالف الإشارة إليها التي اطمأنت إليها المحكمة التي تومئ في مجموعها إلى توافر تلك النية لدى المتهم الأول إثر المشادة الوقتية التي نشبت بين شقيقة المتهم الثاني والشاهد الأول واستخدام شقيقه للجزء الكال من مطواته وضرب الشاهد الأول على عينه اليمنى مما حدا بالشاهد الثاني والمجني عليه ..... إلى التدخل ومحاولة منع الثاني من موالاة التعدي إذ أنه فضلا عن ترديده عبارة والله لأقتلك قبل تعديه على المجني عليه وضربه بالمطواة، فإن الثابت من تقرير الصفة التشريحية قيامه بطعن المجني عليه القتيل طعنتين نافذتين الأولى بوسط مقدم الصدر ليمين عظمة القص مباشرة بالمسافة الضلعية الخامسة اليمني نفذت إلى التجويف الصدري محدثة في مسارها تهتكات حيوية بالقلب وغشاء التامور المغلف له وبالرئة اليمنى ونزيف دموي غزير بالتجويف الصدري على الناحيتين أكثر توضحا بالناحية اليمني والثانية بيسار مقدم الصدر عند الخط المنصف للترقوة وبالمسافة الضلعية الثانية اليسرى نفذت محدثة تهتكات حيوية بالحجاب الحاجز والطحال والمعدة والأمعاء الغليظة ونزيف دموي بالتجويف البروتيني وأدت إلى خروج محتويات المعدة من عصارة هضمية إلى التجويف البروتيني وهو الأمر الذي يقطع بما لا يدع مجالا للشك أن المتهم لم يكن يقصد من التعدي على المجني عليه بتلك الصورة من القوة في استخدام أداة الجريمة ومن مواضع الإصابات في مكان قاتل بالصدر ومن تعدد الضربات وموالاتها سوى قتل المجني عليه وإزهاق روحه وهو الأمر الذي تحقق للمتهم وليس هناك ما يحول دون أن تنشأ هذه النية لدى الجاني إثر مشادة كلامية أو مشاجرة، ومن ثم تطمئن المحكمة إلى توافر نية قتل المجني عليه في حق المتهم الأول دون المتهم الثاني رغم قيام الأخير بضرب المجني عليه القتيل بالمطواة وإحداث إصابة سطحية في كتفه الأيسر عندما سقط أرضا وذلك لسطحية الإصابة وخلو الأوراق مما يفيد اتفاق المتهمين السابق على ضرب القتيل وأن الواقعة كانت وليدة اللحظة، ومن ثم يسأل كل شخص عن فعله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استخلاص نية القتل - وهي أمر خفي - لا يدرك بالحس الظاهر موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان البين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام نية القتل لدى الطاعن الأول تدليلا سائغا، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الطاعن الأول لم يبين في وجه طعنه أوجه التناقض التي رمي بها التحريات ووجه مخالفتها للثابت بالأوراق، فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تطبق في حق الطاعنين أية ظروف مشددة فلا جدوى ما يثيره الأول بأسباب طعنه في خصوص سبق الإصرار والترصد أو الارتباط بين جناية القتل والضرب البسيط وكذا في شأن الاتفاق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها والتي تأيدت بالتقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان البين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة تحقيقا لأوجه دفاعهما تلك - ولم ترى هي حاجة لذلك - فإن دعوى القصور والإخلال بحق الدفاع لا أساس لها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين طلب التأجيل لسماع شاهد الإثبات الرابع - ضابط التحريات ومناقشة الطبيب الشرعي - وتأجلت الدعوى لحضورهما وبجلسة المحاكمة الأخيرة والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه اكتفت النيابة العامة والدفاع بتلاوة أقوال الشهود وتليت، وترافع المدافع عن الطاعنين دون أن يصر - ضمن طلباته الأخرى - بصدر مرافعته أو بختامها على سماع هذا الشاهد أو مناقشة الطبيب الشرعي، مما مفاده أنه عدل عنه، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به، والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - بعد تعديلها بالقانون رقم 113 لسنة 1957 - قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي في ذلك أن يكون هذا القبول صريحا أو ضمنيا بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان لا وجه لما يثيره الطاعنان بخصوص تناقض الحكم عندما فرق بينهما في العقوبة والذي لا وجود له ما دام الثابت في الحكم المطعون فيه أن المحكمة آخذت الطاعن الأول بالمادة 234/1 من قانون العقوبات على أساس أنه قتل المجني عليه ...... عمدا من غير سبق إصرار أو ترصد أما الطاعن الثاني فقد عوقب بمقتضى المادة 241/1، 2 من قانون العقوبات، لأن ما أحدثه بالمجني عليهما من إصابات كان ضربا يحتاج لعلاجه أكثر من عشرين يوما للمجني عليه الثاني فإذا فرق الحكم في العقوبة بين الحالتين فيكون قد برئ من التناقض أو الخطأ في تطبيق القانون بل هو قد راعى نصوص القانون من حيث تغليظ العقوبة في الحالة الأولى عنها في الحالة الثانية، على أن تقدير العقوبة من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض في ذلك ما دامت العقوبة الواقعة تدخل في نطاق ما نص عليه القانون.
لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الادعاء المدني من والدة المجني عليه .... كان بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه وهو ما قضت به المحكمة حسبما اثبت برول القاضي المرفق صورته الرسمية، ومن ثم فإن ما أثبت بمحضر الجلسة ومنطوق الحكم خلافا لذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادي وذلة قلم لا تخفي على القارئ، ويكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق