الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 يونيو 2023

الطعن 40 لسنة 37 ق جلسة 9 / 12 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 169 ص 1008

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(169)
الطعن رقم 40 لسنة 37 القضائية

(أ) إثبات. "البينة". نظام عام.
قواعد الإثبات. لا تتعلق بالنظام العام.
(ب) نقض. "حالات الطعن". قوة الأمر المقضى.
الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته. شرطه. صدوره على خلاف حكم سابق حاز قوة الأمر المقضى في النزاع ذاته.

--------------
1 - قواعد الإثبات ليست من النظام العام، ومتى كان الثابت أن محكمة أول درجة أصدرت حكمها بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية سند الدين، وقد ارتضى الطاعن هذا الحكم ونفذه دون أن يطعن عليه بالطريق المناسب، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة قواعد الإثبات، يكون غير مقبول.
2 - ما أجازته المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 من الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته، مشروط بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم، وحاز قوة الأمر المقضى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن محمد علي الحكيم استصدر من رئيس محكمة القاهرة الابتدائية أمراً يقضي بإلزام ابنته (وداد) بأن تؤدي له مبلغ خمسة آلاف جنيه بناء على سند مؤرخ 10/ 4/ 1960، تظلمت المحكوم عليها من هذا الأمر بالدعوى رقم 7512 سنة 63 كلي القاهرة طالبة الحكم بإلغائه استناداً إلى أنها غير مدينة أصلاً وأن والدها أوهمها بضرورة تحرير سند الدين لتثبت به قدرتها على دفع ثمن الحصة المبيعة لها من والدتها في العقار المبين بعقد البيع المؤرخ 21 يوليو سنة 1952 للتهرب مستقبلاً من رسم الأيلولة، كما استصدر منها في ذات التاريخ إقراراً بترتيب حق انتفاع له على الحصة المشتراة، في حين أن بيعاً لم يتم وأن ثمناً لم يدفع لتبرع أمها لها بتلك الحصة، وصدور التصرف في صورة عقد بيع، ولما توفيت الأم بادر الوالد بإقامة الدعوى رقم 2346 سنة 63 كلي القاهرة يطلب الحكم بصحة ونفاذ الاتفاق والمتضمن تقرير حق الانتفاع ثم استصدر أمر الأداء موضوع الطعن، وفي 18/ 11/ 1965 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المتظلمة بكافة طرق الإثبات أن المتظلم ضده أوهما بأن تحرير سند بالمبلغ المطالب به أمر لازم لتفادي المبالغ التي ستطلبها مصلحة الضرائب حتماً بعد وفاة والدتها فأصدرت له السند المطالب بقيمته وأجازت للمتظلم ضده النفي بذات الطرق، وبعد أن سمعت شهود الطرفين عادت وحكمت في 18 ديسمبر سنة 1965 برفض التظلم وتأييد أمر الأداء المتظلم منه. استأنفت المتظلمة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض طلبات المستأنف ضده، وقيد هذا الاستئناف برقم 276 سنة 83 قضائية، وفي 24/ 11/ 1966 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض أمر الأداء الرقيم 1393 سنة 13 القاهرة مع إلزام المستأنف ضده المصروفات عن الدرجتين ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة - فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها عدم قبول الطعن، وصممت النيابة على الرأي الوارد بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه ركز قضاءه على الحكم الصادر في الدعوى رقم 2346 سنة 63 كلي القاهرة بصحة ونفاذ الاتفاق المؤرخ 21/ 6/ 1962 المتضمن تقرير حق انتفاع الطاعن بالحصة المبيعة للمطعون عليها من والدتها وأسند إليه أنه قطع بأن التصرف الصادر للمطعون عليها إن هو إلا هبة في صورة بيع، في حين أن النزاع في تلك الدعوى دار حول حق الانتفاع الذي أقرت به المطعون عليها للطاعن دون عقد البيع ذاته وما أورده الحكم المذكور في هذا الخصوص لم يكن فصلاً في حقيقة التصرف وطبيعته وإنما كان رداً على دفاع الطاعنة وتمسكها ببطلان البيع الصادر لها من والدتها بقصد التخلص من حق الانتفاع الذي سبق أن أقرت له به، ولما كان الحكم المسند إليه لم يقطع بأن عقد البيع الصادر من الأم لابنتها المطعون عليها هو عقد هبة في صورة عقد بيع، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في الإسناد خطأ يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لأقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة خلص إلى "أن أحداً لم يشاهد المستأنف ضده (الطاعن) ينقد المستأنفة المبلغ موضوع الدعوى وأن جماع شهادة الشهود أن المستأنف ضده نصح المستأنفة بتحرير هذا السند الصوري تحايلاً على قواعد الميراث ورسم الأيلولة على التركات بناء على مشورة أحد المحامين له ولوالدة المستأنفة فصدعت المستأنفة للأمر، ولم تفكر بسذاجتها أن والدها سوف يتزوج بعد وفاة والدتها، ويستعمل هذا السند ضدها ليصل إلى تملك المنزل المبيع لأنها تفترض في الوالد الشفقة التي تمنعه من أن يعامل ابنته على هذا النحو ومن ثم لم تفكر في أخذ ورقة ضد، وبما أنه فوق ما تقدم فإن المحكمة تشارك المستأنفة التساؤل عن مصير هذا المبلغ الضخم إن كان قد دفع من الوالد إلى ابنته ثم من هذه الأخيرة إلى والدتها التي توفيت عقب البيع مباشرة، كما تتساءل عن سبب علاج تلك الوالدة بالقصر العيني بالمجان مع ما يدعيه زوجها من يسار" ويبين من هذه التقريرات أن الحكم قد استند في قضائه بصورية الدين إلى ما استخلصه من أقوال الشهود وقرائن الأحوال المستفادة من ظروف الدعوى وملابساتها ولما كانت هذه الدعامة تكفي لحمله فإن تعييبه في باقي الدعامات وأياً كان وجه الرأي فيها يكون غير مؤثر فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الاستخلاص ذلك أنه بعد أن أسند إلى الحكم رقم 2346 سنة 63 كلي القاهرة أنه قطع بأن البيع الصادر للمطعون عليها من والدتها هو في حقيقته هبة أخذت شكل البيع، خلص من هذا الإسناد الخاطئ إلى أن الفرض الثابت بالسند المطالب به لم يكن إلا قرضاً صورياً. ولما كانت هذه النتيجة التي انتهى إليها واعتمد عليها في قضائه تتجافي مع الحكم المسند إليه، وكان الإقرار بالدين سابقاً على تاريخ البيع بسنتين تقريباً، فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص من عدم دفع الثمن عند البيع أن القرض لم يتم يكون قد شابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أقوال الشهود وقرائن الأحوال، وكان النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول غير مؤثر فيه، فإن النعي المترتب على ذلك الخطأ يكون بدوره غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون من وجهين (أولهما) أنه أقام قضاءه بصورية الدين على القرائن التي ذكرها مع أن هذه القرائن لا وجود لها، وأن الصورية لا يجوز إثباتها بين المتعاقدين بغير الكتابة، ولما كان الحكم لم يشر إلى أن الصورية المدعاة صورية تدليسية، وكانت العلاقة بين الطرفين قد جرت كلها بالكتابة فإن قوله باعتبار البنوة مانعاً يجيز إثبات ما يخالف الكتابة بغير الكتابة يكون مخالفاً للقانون (وثانيهما) أن الحكم إذ اعتبر البنوة مانعاً يحول دون الحصول على كتابة يكون قد خالف الحكم رقم 2346 سنة 1963 كلي القاهرة الذي سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى بالنسبة لموضوع حق الانتفاع بالمنزل الذي تعلق به الإقرار بالدين وناقض الأساس الذي أقيم عليه الحكم المذكور وذلك لاتحاد دفاع المطعون عليها في الدعويين، ويضحى استناده إلى أقوال الشهود استناداً إلى دليل غير مقبول، ولا يشفع للحكم في هذا الخصوص اعتماده على القول بسذاجة المطعون عليها أو عدم العثور على مبلغ القرض لدى والدتها أو أن الوالدة كانت تعالج بمستشفى القصر العيني بالمجان، لأن هذه كلها قرائن لا يصح قبولها لإثبات عكس ما ثبت بالكتابة بين الطرفين، فضلاً عن أن هذه القرائن كلها غير صحيحة لأن المطعون عليها كانت وقتئذ طالبة بإحدى كليات الحقوق وليست بالسذاجة التي تصورها الحكم، وأن علاج الوالدة بمستشفى القصر العيني لم يكن بسبب افتقارها إلى المال، بل لأنه المستشفى الوحيد الذي يملك الأجهزة اللازمة للعلاج، كما أن الطاعن لم يدفع المبلغ إلى الوالدة البائعة، وإنما سلمه للمطعون عليها فتسأل هي عنه.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأن قواعد الإثبات ليست من النظام العام، وما دام الثابت أن محكمة أول درجة أصدرت حكمها بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية سند الدين، وأن الطاعن قد ارتضى هذا الحكم ونفذه دون أن يطعن عليه بالطريق المناسب، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة قواعد الإثبات يكون غير مقبول، أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه أقام قضاءه على قرائن لا وجود لها، فمردود بأن الحكم قد اعتمد في إثبات الصورية إلى أقوال الشهود وأن هذه الدعامة وحدها تكفي لحمله. والنعي في الوجه الثاني مردود بأن ما أجازته المادة الثالثة من القانون رقم 57 سنة 1959 من الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته مشروط بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى، ولما كان موضوع الحكم رقم 2346 سنة 1963 كل القاهرة الذي تأيد استئنافياً هو صحة ونفاذ عقد الاتفاق المؤرخ 21/ 2/ 1962 وموضوع الحكم المطعون فيه هو "المطالبة بالدين الثابت بالإقرار المؤرخ 10/ 4/ 1960" وكان كلا الموضوعين يختلف عن الآخر، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الحكم السابق يكون على غير أساس - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق