جلسة 23 من فبراير سنة 1971
برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، عباس حلمي عبد الجواد، إبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.
-----------------
(35)
الطعن رقم 314 لسنة 36 القضائية
(أ، ب، جـ) إشغال الطرق العامة.
(أ) عدم جواز إشغال الطرق العامة في اتجاه أفقي أو رأسي بغير ترخيص. صدور قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 395 لسنة 56 تنفيذاً للقانون رقم 140 لسنة 56. تنظيم أنواع الأشغال بما يفيد أن للسقائف والتندات وضعاً مغايراً عن الممرات العلوية.
(ب) الممر العلوي في معنى القانون رقم 140 لسنة 56 ولائحته التنفيذية هو البناء الموصل بين مبنيين متقابلين في الفضاء الواقع فوق عرض الطريق العام. ضرورة أن يكون معداً للمرور فوقه. ذكر المشرع الممرات مقرونة بالكباري يشير إلى ذلك.
(ج) لجهة الإدارة سلطة تقديرية في الإبقاء على أنواع أشغال الطرق العامة المرخص بها والمنشأة قبل العمل بالقانون رقم 140 لسنة 56. شرط الإبقاء. عدم التعارض مع مقتضيات الصالح العام المبينة في اللائحة التنفيذية.
(د) إشغال الطرق العامة. رسوم. حكم "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً".
أنواع الطرق العامة ودرجاتها في معنى القانون رقم 140 لسنة 56 ولائحته التنفيذية تخويل المشرع جهة الإدارة سلطة تقسيم الطرق حسب درجة أهميتها. وجوب عمل سجل ذلك وصدور قرار وزاري بالتصديق على التقسيم. تحصيل رسوم الأشغال قبل التصديق على التقسيم. كيفيته. القضاء بأن الطريق محل الإشغال من نوع معين دون بيان كيف جاز اعتباره كذلك. خطأ وقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين - وزير الإدارة المحلية ورئيس مجلس مدينة عديات - أقاما على المطعون عليهما الدعوى رقم 638 سنة 1961 مدني كلي أسيوط وطلبا الحكم بإلزامهما بأن يدفعا لهما مبلغ 870 جنيهاً و300 مليم وما يستجد من رسوم الإشغال حتى السداد مع الإزالة. وقالا بياناً لدعواهما إن المطعون عليهما أقام ممراً علوياً بعرض شارع الشرفا ببلدة بني عدي البحرية طوله 7 أمتار 20 سم وعرضه 3 أمتار و9 سم وإذ يقضي القانون رقم 140 سنة 1956 في شأن إشغال الطرق العامة بأنه لا يجوز بغير ترخيص من السلطات المختصة إشغال الطريق العام في اتجاه أفقي أو رأسي، فقد أصبح على أصحاب الممرات التقدم إلى السلطات المختصة بطلب الترخيص بإشغال الطريق ودفع الرسوم المستحقة عن ذلك، وقد طلب مجلس بلدي بلدة بني عدي من المطعون عليهما ذلك فلم يقبلا فحرر ضدهما محضر مخالفة ورفعت ضدهما الدعوى الجنائية وقضى بسقوطها بمضي المدة وهو أمر لا يمنع من مطالبتهما برسوم الإشغال والإزالة، فقد أقاما الطاعنان دعواهما بطلباتهما سالفة البيان. وبتاريخ 18/ 12/ 1962 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء للانتقال إلى الإشغال المبين بالدعوى وتحديد أبعاده ومساحته ومدة الإشغال ومقدار الرسم المستحق طبقاً لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 28/ 11/ 1964 بإلزام المطعون عليه الثاني بأن يدفع للطاعنين مبلغ 3.500 مليمجـ ورفض طلب الإزالة، على أساس أن الإشغال لا يعتبر ممراً بل هو سقيفة. استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد الاستئناف برقم 10 سنة 40 ق. وبتاريخ 14/ 4/ 1966 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعنان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص السببين الأول والثاني وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم اعتبر ما أشغل به الطريق أنه سقيفة وليس ممراً علوياً استناداً إلى أنه وإن كان يوصل بين مبنيين معدين للسكنى وأقيم فوق عرض الطريق العام إلا أنه ليس معداً للمرور عليه بل شيدت فوقه حجرتان متصلتان بمنزل المطعون عليه الثاني وحده، وقضى الحكم بإلزامه بالرسوم على أساس أن الإشغال بسقيفة هذا في حين أن المستفاد من المادتين 12، 13 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 140 سنة 1956 الصادر بها قرار وزارة الشئون البلدية والقروية رقم 395 سنة 1956 في 19 إبريل سنة 1956 أنه ليس بلازم أن يكون الإشغال معدا ً للمرور فعلاً حتى ينطبق عليه وصف الممر العلوي بل يكفي لاعتباره كذلك أن يمتد الإشغال فيغطي عرض الطريق العام كاملاً لا جزءاً منه بحيث يصل بين مبنيين مقامين على جانبي الطريق، واستطرد الطاعنان إلى أن الحكم المطعون فيه نقلاً عن الخبير المنتدب في الدعوى قد انتهى إلى أن الإشغال يغطي عرض الطريق بأكمله ويصل بين مبنيين متقابلين، وأنه كان عليه أن يعتبره ممراً علوياً ويقضى بالرسوم المستحقة على الأشغال على هذا الأساس طبقاً للمادة 40 من اللائحة التنفيذية سالفة البيان وليس طبقاً للمادة 34 منها المنطبقة على السقائف مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 2/ 2 من القانون رقم 140 لسنة 1956 شأن إشغال الطرق العامة - تقضي بأنه "لا يجوز بغير ترخيص من السلطة المختصة إشغال الطريق العام في اتجاه أفقي أو رأسي وعلى الأخص بوضع أرفف البضائع وحاملات البضائع ومظلات (تندات) وسقائف وما شابه ذلك" وأحالت المواد 4، 7، 21 من القانون نفسه إلى القرارات المنفذة للقانون لبيان الأحكام الخاصة بإجراءات وشروط الترخيص وأنواع الإشغال لتحديد رسم النظر ورسوم الإشغال والتأمين، فإن مفاد ذلك أن المشرع قد ترك أمر بيان الأعمال التي تعتبر إشغالاً للطريق العامة للقرارات الوزارية، وإذ صدر قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 395 سنة 1956 باللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه ونص الباب الثاني منه على أنواع الإشغال وتقرير الشروط والمواصفات الواجب توافرها فيها حتى يتسنى استصدار الترخيص بشأنها، ومن بينها السقائف والتندات بأن بينت المادتان 12، 13 من اللائحة تحديد مدى بروزهما عن واجهات المباني ومقدار ارتفاعهما عن سطح الأرض ولم يتضمن هذا الباب أية إشارة إلى الممرات العلوية، بل وردت هذه الأخيرة في المادة 40 من اللائحة الواردة في الباب الرابع منها المتعلق بمقدار الرسوم والتأمينات الخاصة بكل نوع من أنواع الإشغال، فقد دل المشرع بذلك على أنه لم يقصد إقامة علاقة بين السقائف والتندات من جهة وبين الممرات العلوية وأن لكل منهما وضعاً مغايراً. لما كان ذلك وكان المقصود بالممرات العلوية الموصلة بين العمارات السكنية والتجارية فوق الطرق العامة على النحو الوارد في المادة 40 سالفة البيان، أن يكون الإشغال مسلكا للوصول بين مبنيين متقابلين في الفضاء الواقع فوق عرض الطريق العام ومن شأنه أن يكون معداً للمرور فوقه، يؤيد هذا النظر أن المادة 40 سالفة البيان قرنت الممرات بالكباري التي لا تستخدم بطبيعتها إلا وسيلة للمرور. لما كان ما تقدم وكان الثابت من الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن الإشغال موضوع النزاع مرتكز من الناحية القبلية على منزل المطعون عليه الأول ومن الناحية البحرية على منزل المطعون عليه الثاني وهو عبارة عن حجرتين متصلتين بمنزل المطعون عليه الثاني وحده، وأنه لا يوصل بين منزلي كل من المطعون عليهما، فإن مفاد ذلك أنه لا يعتبر ممراً علوياً بالمعنى الذي تقصده المادة 40 من اللائحة التنفيذية على النحو السالفة البيان، وإذ لم يعتبر الحكم هذا الإشغال ممراً علوياً، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إنه بفرض صحة ما ذهب إليه الحكم من أن الإشغال يعتبر سقيفة فقد قضى برفض طلب الإزالة استناداً إلى أن المادة 13 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 140 لسنة 1956 تمنع إزالة السقائف المخالفة للشروط الواردة بهذه المادة والتي تم انشاؤها قبل صدور القانون رقم 140 لسنة 1956 اكتفاء بحصرها وتحصيل الرسوم عنها. هذا في حين أن لجهة الإدارة طبقاً للمادة 19 من القانون المشار إليه سلطة تقديرية في التصريح بالإبقاء على السقائف المخالفة طبقاً لمقتضيات الصالح العام، وإذ طلبت جهة الإدارة ذلك وقضى الحكم برفض هذا الطلب فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 19 من القانون رقم 140 لسنة 1956 سالف البيان إذ تنص على أن "للسلطة المختصة أن تصرح ببقاء بعض الإشغالات الثابتة المرخص بها والمنشأة قبل العمل بهذا القانون ولو كانت مخالفة لأحكامه بشرط ألا يتعارض بقاء هذه الإشغالات مع مقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة على أن تتبع أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له في حالة إجراء أن تعديل فيها"، فقد أفادت تخويل جهة الإدارة سلطة تقديرية في التصريح بإبقاء أنواع الإشغال الثابتة المخالفة للقانون التي أنشئت في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 140 سنة 1956 وذلك بشرط ألا يتعارض بقاؤها مع مقتضيات الصالح العام المشار إليها في النص سالف البيان، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند إلى المادة 13 من اللائحة التنفيذية 395 سنة 1956 سالفة البيان لإطلاق القول بأنه ليس لجهة الإدارة طلب إزالة السقائف القديمة المخالفة المنشأة في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 140 لسنة 1956، وأن كل ما لجهة الإدارة هو مجرد حصر هذه السقائف، مع أن هذا الإجراء لا يسلب جهة الإدارة حقها في طلب إزالة هذه السقائف أو الإبقاء عليها إذا لم يتعارض بقاؤها مع مقتضيات الصالح العام التي أوردتها المادة 19 من القانون رقم 140 سنة 1956 سالفة البيان. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يقتضي نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إنه بفرض صحة ما ذهب إليه الحكم من أن الإشغال يعتبر سقيفة فقد اعتبر أن الرسم المستحق هو مبلغ مائتي مليم سنوياً باعتبار أن الإشغال وقع على طريق من النوع الأول من الدرجة الثالثة المنصوص عليه في المادة 34 من اللائحة التنفيذية للقانون 140 لسنة 1956 هذا في حين أن الطريق الذي وقع الإشغال طريق ترابي غير مرصوف وليس في مدينتي القاهرة والاسكندرية، فيعد من النوع الثاني من الدرجة الثانية المنصوص عليه باللائحة ويحتسب الرسم بواقع أربعمائة مليم، ويتعدد الرسم بتعدد الفتحات طبقاً للفقرتين الثالثة والخامسة من المادة 34 من اللائحة، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله أيضاً، ذلك أن محكمة الموضوع وقد انتهت بحق إلى الإشغال يعد سقيفة فقد كان عليها أن تقضي بالرسوم القانونية الصحيحة المستحقة على هذا الإشغال، وإذ تقضي المادة الأولى من اللائحة التنفيذية الصادرة بالقرار رقم 395 لسنة 1956 سالف البيان أن هناك نوعين من الطرق العامة أولهما المرصوف بالأسفلت أو الخرسانة وما إليها وينقسم هذا النوع إلى أربع درجات، ممتازة وأولى وثانية وثالثة. والنوع الثاني وهو الطرق غير المرصوفة، وينقسم بدوره إلى درجتين أولى وثانية، وقد صدر القرار رقم 1505 سنة 1957 بتعديل المادة الثانية من اللائحة التنفيذية وقضت بأن تقوم بأن تقوم السلطة المختصة بتقسيم الطرق حسب درجة أهميتها مراعية في ذلك صقع الأرض والمباني القائمة على جانبي الطريق وحركة المرور والتجارة، كما قضت بأن تعتبر الطرق من النوع الأول وهي الطرق المرصوفة المشار إليها في المادة الأولى من القرار رقم 395 سنة 1956 سالف البيان فيما عدا القاهرة والإسكندرية وعواصم المديريات والمحافظات وعواصم المراكز تعتبر من الدرجة الثالثة من النوع الأول، وأن يعمل سجل خاص تدون فيه أسماء الطرق وأجزاؤها في كل درجة من درجاتها، ثم يصدر قرار وزاري بالتصديق على كل ذلك التقسيم بالنسبة لنوعي الطرق. وتقضي المادة الثالثة من القرار 395 سنة 1956 سالف البيان بأنه حتى يتم هذا التقسيم تحصل رسوم إشغال الطرق في النوعين على أساس اعتبارها من الدرجة الثانية، وتقضي المادة 34 القرار رقم 395 سنة 1956 بفرض رسم إشغال قدره 400 مليم عن كل سقيقة من طرق النوعين من الدرجة الثانية ومبلغ 200 مليم عن كل سقيفة من طرق النوع الأول من الدرجة الثالثة وأن يتعدد الرسم في جميع الأحوال بتعدد الفتحات، فإن مفاد ذلك أن يعتبر الطريق الذي قام عليه الإشغال - وهو في قرية مما لا يدخل ضمن المدن وعواصم المديريات والمحافظات والمراكز المبينة بالمادة الثانية من القرار 395 سنة 1956 المعدل بالقرار رقم 1505 سنة 1957 - من الدرجة الثانية ما سلف بيانه وذلك حتى يصدر قرار بالتصديق عل سجل تقسيم الطرق. وإذ اعتبر الحكم أن الإشغال حصل على طريق من النوع الأول من الدرجة الثالثة استناداً إلى أن المادة الثانية من اللائحة رقم 295 لسنة 1956 المعدلة بالقرار الوزاري 1505 سنة 1957 دون أن يبين كيف جاز اعتباره من هذا النوع مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة محكمة الموضوع فيما انتهت إليه فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب بما يقتضي نقضه لهذا السبب أيضاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق