الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 يونيو 2023

الطعن 2470 لسنة 33 ق جلسة 16 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 161 ص 1589

جلسة 16 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز أحمد حمادة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا حنا والدكتور/ أحمد مدحت علي، ومحمد عبد الرحمن سلامة والدكتور/ أحمد محمود جمعة - المستشارين.

-----------------

(161)

الطعن رقم 2470 لسنة 33 القضائية

هيئة الشرطة - أفراد هيئة الشرطة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الضمنية.
المادة 73 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 - مجال إعمال اعتبار خدمة الضباط منتهية للانقطاع عن العمل تحوطه حالتان:
الحالة الأولى: وهي التي لم يقدم فيها الضابط أسباباً تبرر انقطاعه عن العمل.
الحالة الثانية: وهي التي يقدم فيها الضابط هذه الأسباب وترفضها جهة الإدارة كعذر يبرر الانقطاع عن العمل - إذا كانت طبيعة العذر مما تقدره جهة فنية أناط بها القانون سلطة البت فيه من النواحي الفنية الخاصة كالمرض فلا يسوغ لجهة الإدارة أن تسارع بإنهاء خدمة الضابط في هذه الحالة قبل أن تعمل الجهة الطبية المختصة سلطتها في تقدير هذا العذر وبيان ما إذا كان الضابط مريضاً من عدمه إذا كان قد أبدى هذا العذر - إذا أصدرت جهة الإدارة قرارها بإنهاء خدمة الضابط دون أن ترجع إلى الجهة الطبية المختصة للتحقق من ثبوت المرض من عدمه يكون قرارها قد بني على سبب غير صحيح - أساس ذلك: أنه في حالة إبداء عذر المرض فإن سلطة الإدارة تكون مقيدة وتلتزم بما ينتهي إليه قرار اللجنة الطبية المختصة بحسبان ذلك من المسائل الفنية التي لا يجوز لجهة الإدارة أن تتصدى بالبت فيها من تلقاء نفسها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 6 من يونيو سنة 1990 أودع السيد الأستاذ محمد عصفور المحامي - بوصفه وكيلاً عن السيد/.... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2470 لسنة 36 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة الجزاءات) في الدعوى رقم 1320 لسنة 43 قضائية المرفوعة من الطاعن ضد كل من
1 - وزير الداخلية
2 - مدير أمن الدقهلية
والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبرفضها موضوعاً، وإلزام المدعي (الطاعن) المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار رقم 617 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل اعتباراً من 7/ 12/ 1987 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها (وزير الداخلية بصفته) المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن للجهة الإدارية المطعون ضدها طبقاً للقانون، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 617 لسنة 1988.
وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) جلسة 7/ 11/ 1990، وبالجلسة التالية المنعقدة في 5/ 12/ 1990 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 2/ 1/ 1991 وصرحت بتقديم مذكرات دفاع خلال أسبوعين، قدم خلالها كل من الطاعن والجهة الإدارية المطعون ضدها مذكرة دفاع، وبهذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 29/ 1/ 1991 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية المنعقدة في 19/ 3/ 1991 وقدم الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع ختامية صمم فيها على الطلبات الواردة بصحيفة الطعن، ثم أرجأت المحكمة إصدار الحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد، واستوفى باقي أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن وقائعه تتحصل حسبما هو ثابت من الحكم المطعون فيه وكافة الأوراق في أن السيد/..... (الطاعن) أقام الدعوى رقم 1870 لسنة 10 قضائية بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة ضد كل من:
1 - وزير الداخلية
2 - مدير أمن الدقهلية
يطلب الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 617 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل اعتباراً من 7/ 12/ 1987.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وأتعاب المحاماة، وشرحاً لدعواه قال المدعي (الطاعن) إنه برتبة عقيد ويعمل في وظيفة وكيل إدارة قوات الأمن بمحافظة الدقهلية، وقد حصل على إجازة اعتيادية لمدة خمسة وأربعين يوماً لزيارة أشقائه في دولة الإمارات العربية في الفترة من 23/ 10/ 1987 وحتى 6/ 12/ 1987، وأنه قبل انتهاء إجازته بيومين أصيب بانزلاق غضروفي بالفقرات القطنية، ودخل على أثر ذلك المستشفى العام وفي يوم 5/ 12/ 1987 بعث فيه برقية إلى مديرية أمن الدقهلية (جهة عمله) تفيد مرضه وملازمته الفراش بأبي ظبي، وقد منحه الأطباء راحة للعلاج بالمستشفي لمدة ثلاثة أشهر أخرى اعتباراً من 7/ 3/ 1988 نظراً لعدم اكتمال شفائه، وأنه بتاريخ 15/ 6/ 1988 أخطر عن طريق السفارة المصرية بأبي ظبي بأن وزارة الداخلية تطلب عودته إلى أرض الوطن وذلك لعرضه على المجلس الطبي المختص في ضوء الأبحاث الطبية ومستندات علاجه، فعاد إلى أرض الوطن بتاريخ 9/ 7/ 1988 وأخطر وزارة الداخلية ببرقية بعودته وطلب عرضه على المجلس الطبي المختص، إلا أنه بتاريخ 14/ 7/ 1988 أعلن إدارياً بصدور القرار المطعون فيه (رقم 617 لسنة 1988 والذي تضمن إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل اعتباراً من 7/ 12/ 1987 وهو اليوم التالي لانتهاء إجازته الاعتيادية الممنوحة له، فتظلم من هذا القرار بتاريخ 16/ 7/ 1988 ثم أقام دعواه الماثلة يطلب الحكم له بالطلبات سالفة الذكر، ناعياً على القرار المطعون فيه مخالفته القانون لانعدام سببه، ولأن انقطاعه عن العمل كان بعذر قهري خارج عن إرادته وهو المرض الثابت من الشهادة الطبية الصادرة من المستشفى العام بأبي ظبي والمصدق عليها من السفارة المصرية بأبي ظبي وقد أخطر جهة عمله بهذا العذر وذلك بالبرقية المرسلة منه بتاريخ 5/ 12/ 1987 وأنه بذلك تنتفي في حقه قرينة الاستقالة الضمنية المستفادة من حكم المادة 73 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971، كما أن وزارة الداخلية قد عرضت الشهادة الطبية المشار إليها على المجلس الطبي المختص والذي قرر أن هذه الشهادة مستوفاة من - الناحية الشكلية وطلب إعادة عرضه على المجلس عند عودته ومعه الأبحاث ومستندات العلاج وكان قد أخطر بقرار المجلس الطبي بتاريخ 15/ 6/ 1988، إلا أن الوزارة أصدرت القرار المطعون فيه قبل عودته إلى أرض الوطن وعرضه على المجلس الطبي المختص.
وبجلسة 23/ 11/ 1988 قررت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة الجزاءات) للاختصاص، فقيدت الدعوى بسجل هذه المحكمة برقم 1320 لسنة 43 قضائية.
وبجلسة 23/ 4/ 1990 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً، وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي (الطاعن حصل على إجازة اعتيادية لمدة خمسة وأربعين يوماً للسفر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لزيارة أشقائه في الفترة من 23/ 10/ 1987 إلى 6/ 12/ 1987 وأنه بتاريخ 7/ 12/ 1987 ورد إلى مديرية أمن الدقهلية (جهة عمله) برقية تفيد بمرض المدعي وملازمته الفراش بأبي ظبي، فقامت وزارة الداخلية في اليوم التالي (8/ 11/ 1987) بمخاطبة وزارة الخارجة لإعلان المدعي على عنوانه بأبي ظبي بضرورة أن يتبع أحكام المادة 17 من قرار وزير الصحة رقم 179 لسنة 1985 بشأن لائحة القومسيونات الطبية وذلك لموافاتها بالتقارير الطبية إلا أن السفارة المصرية أخطرت وزارة الداخلية بأنه لم يتم إعلانه بهذا الإخطار لعدم الاستدلال على عنوانه في دولة الإمارات العربية المتحدة وأنه عندما تسنى للجهة الإدارية العلم بعنوانه بأبي ظبي عن طريق زوجته، تم إعلانه بضرورة اتباع ما نصت عليه المادة 17 من القرار الوزاري رقم 179 لسنة 1985 المشار إليه، وإنه بتاريخ 26/ 4/ 1988 ورد كتاب السفارة المصرية بأبي ظبي مرفقاً به طلب المدعي بتاريخ 13/ 4/ 1988 وأصل التقرير الطبي المعتمد من السفارة المصرية بأبي ظبي والذي يفيد أنه أدخل المستشفى الحكومي بأبي ظبي بتاريخ 7/ 12/ 1987 وكان يعاني من انزلاق غضروفي بالفقرات القطنية ومنح راحة لمدة ثلاثة أشهر من هذا التاريخ يعرض بعدها، وأنه قد تم إحالة هذه الأوراق إلى المجلس الطبي بهيئة الشرطة الذي أفاد بتاريخ 21/ 5/ 1988 أن مرض المدعي لا يمنعه من العودة إلى البلاد، وأنه يعرض على المجلس عقب عودته إلى البلاد ومعه الأبحاث والمستندات الدالة على علاجه ثم بتاريخ 23/ 5/ 1988 تم مخاطبة وزارة الخارجية بكتاب وزارة الداخلية رقم 7621 لإعلان المدعي بخصوص قرار المجلس الطبي مع إنذاره كتابة بالعودة فوراً إلى البلاد، وإلا اتخذت قبله الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 باعتباره منقطعاً عن العمل بدون إذن، ثم بتاريخ 20/ 6/ 1988 ورد إلى وزارة الداخلية كتاب القنصلية المصرية بأبي ظبي رقم 341 مرفقاً به الإعلان الموجه إلى المدعي على عنوانه وقد توقع بالعلم شخصياً بتاريخ 15/ 6/ 1988، وأن المدعي كتب على صورة الإنذار أنه سيعود عقب انتهاء علاجه مباشرة، إلا أنه لم يعد إلى عمله رغم إنذاره كتابة وتوقيعه على الإنذار بالعلم بما جاء به ثم بتاريخ 27/ 6/ 1988 صدر قرار وزير الداخلية رقم 617 لسنة 1988 متضمناً إنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 7/ 12/ 1987 تاريخ انقطاعه عن العمل عقب الإجازة الاعتيادية المصرح له بها، باعتباره مستقيلاً من الخدمة طبقاً للمادة 73 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971، وأنه لما كان المقرر إنه إذا استبان لجهة الإدارة من تصرفات العامل والظروف المحيطة بانقطاعه عن العمل وضوح نيته في هجر الوظيفة، كان لها أن تعتبر خدمته منتهية رغماً عما يكون قد أبداه خلال فترة الانقطاع من أعذار مقبولة، وأن الادعاء بالمرض الذي يستهدف التحايل على تأجيل إنهاء الخدمة. لا يسوغ الإخفاء أو التعويل عليه، وأنه لما تقدم وترتيباً على ذلك يكون القرار المطعون فيه قائماً على سببه ومطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الطاعن يقيم طعنه الماثل بالنعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه استناداً إلى الأسباب الآتية:
1 - أن حكم محكمة أول درجة قد خالف أحكام المادة 73 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1977 فيما استندت إليه بأن الجهة الإدارية قد أنذرت الطاعن بالمعنى المقصود بالإنذار الذي يقصده المشرع من وجوب الإنذار بإنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل وبالتالي لا يكفي فيه أن يتضمن التحذير باتخاذ الإجراءات القانونية وأن هذا الذي فعلته جهة الإدارة بالإنذار الموجه إليه، والمعلن إليه بتاريخ 15/ 6/ 1988 حيث جاء خلواً من تحذيره بإنهاء خدمته للانقطاع، وأنه من ثم لا يعتبر إنذاراً بالمفهوم القانوني ولا ينتج أثره.
2 - إن القرار المطعون فيه صدر باطلاً لأن جهة الإدارة أنذرته بتاريخ 15/ 6/ 1988 على حين أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 27/ 6/ 1988 وأن الفترة الواقعة فيما بين التاريخين لا تتجاوز هذه الخمسة عشر يوماً المقررة بالمادة 73 المشار إليها.
3 - إنه سبق أن المدعي قدم عذر انقطاعه عن العمل قبل انتهاء إجازته المرخص بها مما ينفى في حقه نية هجر الوظيفة بالاستقالة الضمنية على خلاف ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه حيث أحاط جهة الإدارة علماً بمرضه، فإحالة الأوراق إلى المجلس الطبي بهيئة الشرطة والذي قرر بتاريخ 21/ 5/ 1988 أن مرضه لا يمنعه من العودة إلى البلاد وبأن يعرض على المجلس عقب عودته إلى البلاد ومعه الأبحاث والمستندات الدالة على العلاج.
4 - إن محكمة أول درجة قد استندت إلى أن جهة الإدارة عرضت على المجلس الطبي والذي أفاد في 21/ 5/ 1988 بقراره المشار إليه على فهم أن الأمر عرض على جميع أعضاء اللجنة الطبية بالمجلس الطبي المذكور، على حين أن هذا القرار قد صدر من رئيس المجلس الطبي وحده دون باقي أعضاء اللجنة الطبية، وبالتالي لا يكون أمره قد عرض على المجلس الطبي بجميع أعضائه كما ذهب إلى ذلك حكم محكمة أول درجة.
5 - إن قرار رئيس المجلس الطبي على النحو سالف الذكر لا يعتبر قراراً صادراً من المجلس الطبي المنوط به وحده تقرير الحالة المرضية له من عدمه طبقاً للمادة 17 من قرار وزير الصحة رقم 178 لسنة 1985، وفضلاً عن ذلك فإن رئيس المجلس الطبي قد علق قراره المشار إليه على عودته إلى البلاد ومعه الأبحاث ومستندات العلاج. من حيث إن المادة 73 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 تنص على أن يعتبر الضابط مقدماً استقالته في الأحوال الآتية: -
(1) إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية، ولو كان الانقطاع عقب إجازة مرخص له بها، ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، فإذا لم يقدم الضابط أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل. ويتعين إنذار الضابط كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام ويوجه إليه الإنذار في محل إقامته المعروف لرئاسته، والمستفاد من حكم هذا النص أن مجال إعماله باعتبار خدمة الضابط منتهية للانقطاع عن العمل إنما تحوطه حالتان:
الحالة الأولى: وهي التي لم يقدم فيها الضباط أسباباً تبرر انقطاعه عن العمل.
الحالة الثانية: إذا قدم فيها الضابط هذه الأسباب ورفضتها جهة الإدارة كعذر ويبرر الانقطاع عن العمل. ومتى كان ذلك وكانت طبيعة العذر مما تقدره جهة فنية أناط بها القانون سلطة البت فيه من النواحي الفنية الخاصة كالمرض، فإنه لا يسوغ لجهة الإدارة أن تسارع بإنهاء خدمة الضابط في هذه الحالة قبل أن تعمل الجهة الطبية المختصة سلطتها في تقدير هذا العذر ببيان ما إذا كان الضابط مريضاً من عدمه إذا كان قد أبدى هذا العذر، وإلا كان في ذلك افتئات على سلطة الجهة الطبية المختصة بالمخالفة للقانون لأنه كان يتعين عليها في هذه الحالة عرض الأمر على الجهة الطبية المختصة للتحقق من صحة وجود المرض من عدمه قبل إصدار قرار إنهاء الخدمة بحسبان أن قرار اللجنة الطبية المختصة يعتبر في هذه الحالة مؤثراً في وجود سبب قرار إنهاء الخدمة. ومن ثم فإذا أصدرت جهة الإدارة قرارها بإنهاء خدمة الضابط إعمالاً لحكم المادة 73 سالفة الذكر دون أن ترجع إلى الجهة الطبية المختصة للتحقق من ثبوت مرضه من عدمه، فإن قرارها يكون على هذا الوجه قد بني على سبب غير صحيح إذ لا يمكن الجزم في هذه الحالة بأن الضابط غير مريض، ما دامت الجهة الطبية المختصة لم تقرر ذلك، ذلك أن الأمر هنا لا تختص جهة الإدارة بالتحقق من صحته إذ تعتبر سلطتها في هذا الشأن مقيدة وتلتزم في هذه الحالة بما ينتهي إليه قرار اللجنة الطبية المختصة التي أناط بها القانون هذا الاختصاص بوصف أنه من المسائل الفنية التي لا يجوز لجهة الإدارة أن تتصدى بالبت فيها من تلقاء نفسها بحجة أن ظروف الحال قد كشفت لها أن الضابط يتمارض لأنه استمر في انقطاعه عن العمل رغم إنذاره بالعودة إلى العمل، وأنه بذلك قد توافرت لديه نية هجر الوظيفة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن حصل على إجازة اعتيادية لمدة خمسة وأربعين يوماً لزيارة أشقائه في دولة الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 13/ 10/ 1987 وتنتهي في 6/ 11/ 1987 إلا أنه لم يعد إلى أرض الوطن لتسلم عمله لإصابته بانزلاق غضروفي بالفقرات القطنية وأدخل المستشفى الحكومي بأبي ظبي بتاريخ 7/ 12/ 1987 وفي هذا اليوم بعث ببرقية إلى مديرية أمن الدقهلية (جهة عمله) يخطرها بأنه مريض وملازم الفراش بالمستشفى الحكومي بأبي ظبي، وفي اليوم التالي (8/ 12/ 1987) خاطبت وزارة الداخلية وزارة الخارجية لإخطار الطاعن بضرورة مراعاة المادة 17 من قرار وزير الصحة رقم 179 لسنة 1985 بشأن لائحة القومسينات الطبية التي تنص على أنه (إذا طرأت على العامل الموجود خارج الجمهورية حالة مرضية تمنعه من العودة إلى البلاد، وجب عليه إخطار الجهة الرئاسية التابع لها مباشرة بنتيجة الكشف الطبي عليه والذي يتم بمعرفة طبيبين، وأن يرفق بهذا الإخطار شهادة مصدق عليها من القنصلية المصرية أو من الإدارة الصحية الأجنبية المختصة وعلى الجهة الرئاسية إرسال النتيجة إلى اللجنة الطبية المختصة للنظر في اعتمادها من عدمه غير أن وزارة الخارجية أخطرت وزارة الداخلية بعدم الاستدلال على الطاعن، ثم تم الاستدلال على عنوانه عن طريق زوجته في جمهورية مصر العربية فتم إعادة إخطاره بما تقدم، وفي 26/ 4/ 1988 ورد كتاب السفارة المصرية بأبي ظبي مرفقاً به طلب الطاعن المؤرخ في 13/ 4/ 1988 وأصل التقرير الطبي المعتمد من السفارة المصرية بأبي ظبي والذي تضمن أن الطاعن دخل المستشفى الحكومي بأبي ظبي بتاريخ 7/ 12/ 1987 لأنه يعاني من انزلاق غضروفي بالفقرات القطنية ومنح إجازة لمدة ثلاثة أشهر اعتباراً من هذا التاريخ ويعرض بعدها ثم أحالت وزارة الداخلية هذه الأوراق إلى المجلس الطبي بهيئة الشرطة وبتاريخ 31/ 5/ 1988 قرر المجلس الطبي المذكور ما يأتي (الشهادة المرفقة مستوفاة من الناحية الشكلية (يقصد التقرير الطبي المعتمد من السفارة المصرية)، ولكن المرض كما هو وارد بالشهادة لم يكن يحول (دون عودته) ويعرض على المجلس الطبي عقب عودته مع الأبحاث ومستندات العلاج) ثم بتاريخ 23/ 5/ 1988 خاطبت وزارة الداخلية وزارة الخارجية لإعلان الطاعن بمضمون قرار المجلس الطبي المشار إليه، مع إنذاره كتابة بالعودة إلى البلاد وإلا اتخذت ضده الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة باعتباره منقطعاً عن العمل بدون إذن.
وبتاريخ 20/ 6/ 1988 ورد لوزارة الداخلية كتاب القنصلية المصرية بأبي ظبي مرفقاً به صورة إعلان الطاعن بما تقدم وأنه قد توقع منه بالعلم شخصياً بتاريخ 15/ 6/ 1988، وبأنه سيعود إلى البلاد عقب انتهاء علاجه مباشرة، غير أنه بتاريخ 27/ 6/ 1988 أصدر وزير الداخلية القرار رقم 617 لسنة 1988 متضمناً إنهاء خدمة الطاعن (........) الضابط بمديرية أمن القليوبية اعتباراً من 7/ 12/ 1982 تاريخ انقطاعه عقب انتهاء الإجازة الدورية المصرح له بها باعتباره مقدماً استقالته إعمالاً لحكم المادة 73/ 1 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971، وعندما عاد الطاعن إلى أرض الوطن بتاريخ 9/ 7/ 1988 فوجئ بصدور قرار رقم 617 لسنة 1988 (المطعون فيه).
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، ولما كان الثابت من قرار المجلس الطبي لهيئة الشرطة الصادر في 21/ 5/ 1988 أنه علق البت في اعتماد نتيجة الكشف الطبي على الطاعن الواردة بالشهادة الطبية المصدق عليها من السفارة المصرية في أبي ظبي على عودة الطاعن إلى أرض الوطن وعرضه على المجلس الطبي ومعه الأبحاث ومستندات العلاج فإن الجهة الإدارية المطعون ضدها ما كان لها أن تسارع بإصدار القرار المطعون فيه رقم 617 لسنة 1988 قبل أن يعمل المجلس الطبي المذكور سلطته في تقدير العذر الذي أبداه الطاعن وهو المرض تبريراً لانقطاعه عن العمل اعتباراً من 7/ 12/ 1988، وخاصة وأن الثابت من الشهادة الطبية المستخرجة من المستشفى الحكومي بأبي ظبي والمصدق عليها من السفارة المصرية في أبي ظبي والمؤرخة في 11/ 4/ 1988 أن الطاعن قد أدخل هذه المستشفى في التاريخ الذي اعتبره القرار المطعون فيه منقطعاً اعتباراً منه وأنه ورد بتلك الشهادة أيضاً أنه منح راحة لمدة ثلاثة أشهر من 7/ 12/ 1987 وثبت من الشهادة الثانية المعتمدة أيضاً من القنصلية المصرية بأبي ظبي أن حالته غير مستقرة وتحتاج لراحة لمدة ثلاثة أشهر أخرى من 7/ 3/ 1988 وكذلك ثبت من الشهادة الثالثة المعتمدة أيضاً من ذات القنصلية والمؤرخة في 3/ 6/ 1988 أن الطاعن يحتاج لعلاج طبيعي وجلسات أشعة ويحتاج لراحة لمدة ثلاثة أشهر من 7/ 6/ 1988.
ومن حيث إن الثابت على الوجه المتقدم أن الجهة الإدارية المطعون ضدها قد أصدرت القرار المطعون فيه دون أن تتحقق من صحة السبب الذي استندت إليه في إصدارها لهذا القرار وهو الذي أوضحت عنه بأنه الانقطاع عن العمل دون إذن وبغير عذر اعتباراً من 7/ 12/ 1987، دون الرجوع إلى المجلس الطبي بهيئة الشرطة بوصفه الجهة الطبية المختصة وكان ما ينتهي إليه المجلس الطبي في هذا الشأن مؤثراً على صحة هذا السبب فإن القرار المطعون فيه يكون على هذا الوجه قد صدر مخالفاً للقانون متعين الإلغاء وخاصة وأن الثابت أن المجلس الطبي المذكور قد تثبت من صحة الشهادة الطبية التي استخرجها الطاعن من المستشفى الحكومي بأبي ظبي وفق أحكام المادة 17 من قرار وزير الصحة رقم 179 لسنة 1985 بشأن لائحة القومسيونات الطبية إذ قرر المجلس الطبي المذكور أن هذه الشهادة مستوفاة من الناحية الشكلية، وأن غاية الأمر أنه أرجأ البت في نتيجة الكشف الطبي الذي تم على الطاعن في هذه المستشفى لحين عودته إلى البلاد، ورغم ذلك فقد سارعت وزارة الداخلية في إصدارها القرار المطعون فيه دون أن تنفذ قرار المجلس الطبي المتضمن إرجاء البت في نتيجة الكشف الطبي الوارد بتلك الشهادة التي عرضت عليه لحين عودة الطاعن إلى البلاد، والأمر الذي يجعل رجوعها إلى المجلس الطبي حتمياً قبل إصدارها القرار المطعون فيه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا المذهب واستند إلى أن المدعي (الطاعن) إنما كان يتحايل على تأجيل انتهاء الخدمة بعد أن استبان لجهة الإدارة من تصرفاته والظروف المحيطة بانقطاعه عن العمل وضوح نيته في هجر الوظيفة، فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون حيث قرر المجلس الطبي صراحة أن الشهادة الطبية المقدمة من الطاعن إنها شهادة مستوفاة لما تطلبه القانون من الناحية الشكلية، مما ينفي عن الطاعن أي تحايل بقصد تأجيل إنهاء خدمته كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه كما أنه من غير الجائز قانوناً القول بأن الطاعن إنما كان يدعي المرض ما دامت الجهة الإدارية لم تتحقق من صحة ذلك بالرجوع إلى المجلس الطبي المختص الذي طلب منها أن يعرض عليه الطاعن عقب عودته إلى البلاد، ولا يكفي القول بأن الطاعن إنما كان يتمارض لأن المجلس الطبي قد أشار في قراره المشار إليه أن مرض الطاعن لم يكن يحول وعودته إلى البلاد دون أن الثابت من الشهادات الطبية المستخرجة من المستشفى الحكومي بأبي ظبي والمعتمدة من القنصلية المصرية بالسفارة المصرية هناك أن حالته كانت غير مستقرة ويحتاج إلى راحة منذ 7/ 11/ 1987 استمرت إلى ما بعد صدور القرار المطعون فيه على النحو سالف البيان. ومع ذلك فقد عاد الطاعن إلى البلاد قبل انتهاء الثلاثة أشهر الأخيرة التي أوصى بها الأطباء بالمستشفى المذكور اعتباراً من 7/ 6/ 1988.
ومن حيث إنه استناداً إلى كل ما تقدم، فإنه يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 617 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع عن العمل اعتباراً من 7/ 12/ 1987 وما يترتب على ذلك من آثار ولا يغني إلغاء القرار المطعون فيه عن حق الجهة الإدارية في عرض الطاعن على المجلس الطبي المختص للنظر في اعتماد مرضه من عدمه.
ومن حيث إنه عن المصروفات، فتلتزم بها الجهة الإدارية المطعون ضدها عن الدرجتين عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 617 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع عن العمل اعتباراً من 7/ 12/ 1987 وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق