الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 يونيو 2023

الطعن 222 لسنة 36 ق جلسة 25 / 2 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 36 ص 217

جلسة 25 من فبراير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، السيد عبد المنعم الصراف، محمد صدقي البشبيشي، علي عبد الرحمن.

-----------------

(36)
الطعن رقم 222 لسنة 36 القضائية

(أ) إثبات. "البينة". نقض. "أسباب الطعن". نظام عام.
قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة. لا تتعلق بالنظام العام. الدفع بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(ب) إثبات. "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
ترجيح شهادة شاهد على أخرى. من إطلاقات محكمة الموضوع.
(ج) خبرة. "بطلان التقرير". نقض. "أسباب الطعن".
التمسك ببطلان تقرير الخبير أمام أول درجة. عدم إثارة ذلك في الاستئناف، عدم جواز التحدي أمام النقض.
(د) تزوير. "الاطلاع على السند".
الأوراق المطعون فيها بالتزوير. تعد من أوراق الدعوى. لا يلزم إثبات ضمها والاطلاع عليها في محضر الجلسة.

--------------
1 - قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام، فعلى من يريد التمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة أن يتقدم بذلك لمحكمة الموضوع قبل البدء في سماع شهادة الشهود، فإذا سكت عن ذلك عد سكوته تنازلاً منه عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون. ولا يجوز له التحدي بالدفع لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - ترجيح شهادة شاهد على شهادة آخر هو من إطلاقات قاضي الموضوع، لا شأن فيه لغير ما يطمئن إليه وجدانه، وليس بملزم أن يبين أسباب هذا الترجيح ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه مدلولها.
3 - إنه وإن كان الطاعن قد أثار في دفاعه أمام محكمة أول درجة النعي على تقرير الخبير بالبطلان لأنه لم يخطره للحضور عند مباشرته مهمته ليقدم ما لديه من مستندات، ولأنه لم يحقق دفاعه، إلا أنه لم يتمسك بذلك أمام محكمة الاستئناف، مما يعتبر منه نزولاً عنه، فلا يجديه التحدي به أمام محكمة النقض.
4 - إنه وإن كانت الصور الرسمية من محاضر جلسات محكمة الاستئناف قد جاءت خلواً مما يشير إلى أن المحكمة قامت بفض المظروف والاطلاع على السندين المطعون فيهما بالتزوير، إلا أنه لما كانت الأوراق المطعون فيها بالتزوير لا تعدو أن تكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من أوراق القضية، فلا يعتبر الأمر بضمها والاطلاع عليها إجراء من إجراءات الدعوى التي يلزم إثباتها في محضر الجلسة أو في محضر آخر، ومن ثم فإن خلو محاضر جلسات محكمة الموضوع مما يفيد أمرها بفض المظروف وإطلاعها على ما به من أوراق مطعون عليها بالتزوير، لا ينهض دليلاً على أنها لم تقم بهذا الإجراء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بموجب سند مؤرخ 5/ 5/ 1957 استصدر السيد/ طلعت عبد الغني المصري (الطاعن) أمر الأداء رقم 240 سنة 1958 كلي المنصور بإلزام السيد/ جلال أحمد سماحة (المطعون عليه) بأن يؤدي له مبلغ خمسمائة جنيه وعارض المحكوم عليه في هذا الأمر طالباً إلغاءه مستنداً في ذلك إلى أن السند مزور وطعن فيه بالتزوير وأعلن شواهده للمعارض ضده.
وطلب الأخير رفض الادعاء بالتزوير واستدل على صحة السند بخطاب مؤرخ 15/ 6/ 1958 مرسل منه للمعارض يرجوه فيه إرسال مبلغ 150 جنيهاً من أصل مبلغ الـ 500 جنيه الذي بذمته وعلى ظهره عبارة تتضمن طلباً من المعارض (المطعون عليه) بإمهاله أياماً. وطعن المعارض في هذه العبارة بالتزوير. وفي 25/ 4/ 1959 قضت محكمة الدرجة الأولى بقبول شواهد التزوير وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المعارض بكافة الطرق القانونية أنه سلم المعارض ضده الورقة المطعون فيها بالتزوير على بياض مذيلة بتوقيعه ليثبت فيها البضائع التي يتسلمها من محطات السكة الحديد لإيداعها في المخازن، وأنه عمد إلى ملء البياض بما يفيد مديونية المعارض في المبلغ الصادر به أمر الأداء، وأشهد المعارض ثلاثة شهود ولم يشهد المعارض ضده أحداً. وفي 31/ 10/ 1959 أصدرت المحكمة حكماً استعرضت فيه أقوال الشهود ثم انتهت إلى ندب قسم أبحاث التزييف والتزوير للاطلاع على السند لبيان ما إذا كان به تحشير في كتابته، وهل وقع عليه مدعي التزوير قبل تحرير عبارات المديونية أم بعدها أم في وقت معاصر لها. كما قضت أيضاً بتاريخ 11/ 11/ 1961 بقبول شواهد تزوير الخطاب المؤرخ 15/ 6/ 1958 الذي قدمه المعارض ضده وبندب مدير مصلحة الطب الشرعي بالقاهرة لبيان ما إذا كانت ورقة الخطاب كاملة أم أنها قطعت من ورقة كاملة ولبيان ما إذا كانت العبارات المحررة بالقلم الكوبيا والصادرة من المعارض إلى المعارض ضده بالخطاب موضوع الفحص كتبت قبل العبارات المحررة بالمداد الصادرة من الأخير للأول أم حررت بعدها، ثم عادت وبتاريخ 15/ 6/ 1963 فحكمت أولاً - برفض الادعاء بالتزوير في خصوص السند موضوع الدعوى وبرد وبطلان الخطاب المؤرخ 15/ 6/ 1958 ثانياً - برفض المعارضة وتأييد أمر الأداء المعارض فيه. وأسست قضاءها برفض الادعاء بتزوير السند موضوع أمر الأداء على أن الطعن بالتزوير لا وجه له ولا يقوم على أساس لأنه لا يجوز إثبات عكس ما هو ثابت في ورقة موقعة على بياض إلا إذا كانت هناك كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة. واستأنف المعارض هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض الادعاء بتزوير السند والحكم بإلغاء أمر الأداء المعارض فيه وقيد هذا الاستئناف برقم 310 سنة 15 ق، كما استأنفه المعارض ضده طالباً إلغاءه فيما قضى به من رد وبطلان الخطاب المؤرخ 15/ 6/ 1958 والحكم برفض الادعاء بتزويره، وقيد هذا الاستئناف برقم 325 سنة 15 ق. وبتاريخ 7/ 12/ 1964 حكمت المحكمة قبل الفصل في موضوع الاستئناف رقم 310 سنة 15 ق بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف أن العادة جرت بينه وبين المستأنف عليه على أن يسلم للأخير أوراقاً ممضاة منه على بياض لغرض تسلم بضائع ولم تجر العادة بينهما على أن يوقع له على بياض لغرض تحرير سندات مديونية، وبعد أن سمعت المحكمة شاهداً لكل من الطرفين حكمت بتاريخ 6 مارس سنة 1966 في الاستئناف رقم 325 سنة 15 ق برفضه وبتأييد الحكم القاضي برد وبطلان الخطاب المؤرخ 5/ 6/ 1958. وفي الاستئناف رقم 310 سنة 15 ق بإلغاء الحكم المستأنف وبرد وبطلان السند المطعون فيه بالتزوير المؤرخ 5/ 5/ 1957 وبإلغاء أمر الأداء. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وصممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعن في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة قواعد الإثبات، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 7/ 12/ 1964 والذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه بكافة طرق الإثبات أن العادة جرت بينه وبين الطاعن على أن يسلم للأخير أوراقاً ممضاة على بياض لغرض تسلم بضائع لحساب المطعون عليه ولم تجر بينهما على تسليم أوراق موقعة على بياض بقصد تحرير سندات مديونية فخالف بذلك القانون. إذ أنه ألقى عبء الإثبات على من سلم الورقة مفترضاً أنه سلمها على بياض. كما أباح إثبات المانع بحكم العادة بالبينة، ومؤدى ذلك أنه أباح إثبات التخالص بالبينة. هذا مع أن الحكم قد قرر في أسبابه أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو ثابت بالكتابة إلا بكتابة وأن المستندات المقدمة في الدعوى لا تكفي للتدليل على وجود مانع من الحصول على هذه الكتابة، وما كان له أن يعود بعد ذلك ويجيز سماع الشهود على قيام هذا المانع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام فعلى من يريد التمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة أن يتقدم بذلك لمحكمة الموضوع قبل البدء في سماع شهادة الشهود. فإذا سكت عن ذلك عد سكوته تنازلاً منه عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون. وإذ كان الواقع أن محكمة الاستئناف قد حكمت قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن العادة جرت بينه وبين الطاعن على أن يسلم الأخير أوراقاً ممضاة على بياض لغرض تسلم بضائع لحساب المطعون عليه ولم تجر بينهما على تسليم أوراق موقعة على بياض بقصد تحرير سندات مديونية، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يبد أي اعتراض على هذا الحكم لا قبل سماع أقوال الشهود ولا بعد سماع أقوالهم بل سكت عن ذلك إلى أن أصدر الحكم في الدعوى، فإن هذا يعتبر منه تنازلاً عن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة ولا يجوز له التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إن المطعون عليه أشهد شاهداً واحداً أمام محكمة الاستئناف على ادعائه بأن الورقة المطعون فيها بالتزوير كان قد سلمها للطاعن موقعة على بياض ليملأها بما يفيد تسلمه بضائع من محطات السكة الحديد واكتفى الحكم المطعون فيه في الأخذ بأقوال الشاهد بقوله إنه يرجح أقواله ويطمئن وجدانه إليها وإنه لا ينال منها أن المطعون عليه لم يشهده أمام محكمة أول درجة أو أمام الجهة الإدارية، في حين أن الطاعن جرح أقوال الشاهد المذكور بأن الورقة المكتوبة بخط يده والتي قدمها الطاعن أمام محكمة الاستئناف وأودعها ملف الطعن برقم 4 حافظة رقم 8 تجهز على أقواله، وبأنه استند في أقواله إلى وقائع حدثت قبل صدور أمر الأداء وقبل المعارضة فيه ولو أنه كان صادقاً فيها لأشهده المطعون عليه أمام محكمة أول درجة، وبأن المطعون عليه سبق أن قدم شكوى ضد الطاعن أشهد فيه كثيرين بخصوص هذا النزاع ولم يشهد الشاهد المذكور، وبأن المطعون عليه بعد أن قرر في مذكرة قدمها لمحكمة أول درجة بأنه ليس لديه شهود إذ به يتقدم لمحكمة الاستئناف بهذا الشاهد الوحيد، كما أن الشاهد قرر أن مهمة الطاعن كانت بيع بضائع المطعون عليه للمحلات وهي مهمة لا تستوجب أن يسلم المطعون عليه للطاعن أوراقاً موقعة منه على بياض، وبأنه من غير المعقول أن يقرر الطاعن للشاهد أنه يتسلم من المطعون عليه أوراقاً موقعة على بياض، وأن الشاهد موتور من الطاعن لأنه سبق أن استصدر ضده أمر أداء. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ترجيح أقواله دون بحث المطاعن الموجهة إليها فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبن أنه بعد أن أورد مجمل أقوال شاهدي الإثبات والنفي رجح شهادة شاهد الإثبات مستنداً في ذلك إلى "أن المحكمة وهي سبيل تقدير ما انتهى إليه التحقيق الذي أمرت به ترى ترجيح ما شهد به شاهد المستأنف (المطعون عليه) لاطمئنانها إليه رغم محاولة المستأنف عليه (الطاعن) تجريح شهادته لأن عدم استدعاء المستأنف (المطعون عليه) لهذا لشأن ليؤدي شهادته أمام محكمة أول درجة أو أمام الجهة الإدارية لا يحول دون الأخذ بشهادته أمام هذه المحكمة طالما يطمئن إليها وجدانها وتطرح المحكمة شهادة أحمد الرفاعي علي شاهد المستأنف ضده (الطاعن) لما شاب أقواله من تناقض بخصوص بيان العلاقة التي تربط المستأنف ضده (الطاعن) بالمستأنف (المطعون عليه) فقد أنكر في بادئ الأمر وجود أية علاقة عمل بينهما ثم عاد وأكد أن المستأنف ضده (الطاعن) كان يعمل لدى المستأنف في السينما" - وإذ كان ترجيح شهادة شاهد على شهادة آخر هو من إطلاقات قاضي الموضوع لا شأن فيه لغير ما يطمئن إليه وجدانه، وأنه ليس بملزم أن يبين أسباب هذا الترجيح ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه مدلولها، فإن ما يتمسك به الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أقوال الشهود مما يستقل به قاضي الموضوع ولا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة، أما قول الطاعن بأنه قدم مستنداً أمام محكمة الاستئناف ثم أودعه ملف الطعن ولم ترد عليه محكمة الموضوع في حين أنه موقع عليه من الشاهد ويجهز على أقواله، فمردود بأنه يبين مطالعة هذا المستند أنه لا يعدو أن يكون ورقة سطر عليها الشاهد حسابات ولم يبين الطاعن صلة هذه الحسابات بالنزاع. إذ كان ذلك فإن إطراح الحكم لهذا المستند وعدم رده عليه لا يعيبه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون والثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أطرح أقوال شاهده قولاً منه أنه أنكر أولاً علاقة العمل بين الطاعن والمطعون عليه ثم عاد فأكدها، في حين أن هذا الشاهد - وهو شريك المطعون عليه - قرر أنه والمطعون عليه قد تسلما البضاعة وأن المطعون عليه لم يسلم الطاعن أية ورقة على بياض. وهو القول الذي أكده نظار محطات السكة الحديد عند سؤالهم بناء على طلب المطعون عليه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جاء في الرد على السبب الثاني من أن الشأن في التعويل على أقوال الشهود هو اطمئنان وجدان القاضي إلى هذه الأقوال.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب في خصوص اعتماده لتقرير الخبير، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة أول درجة قد ندبت بحكمها الصادر في 31/ 10/ 1959 قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بالدقهلية للاطلاع على السند المطعون فيه بالتزوير لبيان ما إذا كان به تحشير في كتابته وهل وقع المطعون ضده عليه قبل تحرير عبارات المديونية أم بعدها أم في وقت معاصر لها، وقد نعى الطاعن بمذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة على تقرير الخبير أنه لم يحقق دفاع الطرفين ولم يستدعهما لتقديم ما عسي أن يكون لديهما من مستندات. وأن مخالفة هذين الأمرين أو أحدهما تستوجب بطلان تقريره، كما أن الخبير بنى تقريره على استنتاجات كان يمكن دحضها لو أنه مكن الطاعن من إبداء ملاحظاته عليها، وعدد الطاعن هذه الاستنتاجات في تقرير الطعن وأوضح الرد على كل منها وخلص إلى أن تقرير الخبير لا يصلح أساساً لأن يقوم عليه الحكم لأنه لم يركن لأي دليل بل إلى قرائن يمكن أن يقول بها أي شخص ولا تصلح لإثبات التزوير المدعى به، وأنه لا يكفي لتصحيح ما اكتنف تقرير الخبير من عيب أن يقول الحكم إنه يطمئن إليه، إذ محل ذلك أن يكون صحيحاً في ذاته لا أن يكون باطلاً مهدراً لدفاع الطاعن مبنياً على استنتاجات لا تستند إلى أسس فنية، مما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه أن يطرحه أو يرد على دفاع الطاعن الذي ساقه تنفيذاً له وإلا كان قاصر التسبيب، ويضيف الطاعن أن الهيئة التي أصدرت الحكم لم تأمر بفض المظروف وبالتالي لم تطلع على السندين المطعون فيهما بالتزوير مما يعيب الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على تقرير الخبير بالبطلان لأن الخبير لم يخطره للحضور عند مباشرته مهمته ليقدم ما لديه من مستندات ولأنه لم يحقق دفاعه، فمردود بأنه وإن كان الطاعن قد أثار هذا الدفاع بمذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة إلا أنه لم يثره ولم يتمسك به أمام محكمة الاستئناف مما يعتبر منه نزولاً عنه فلا يجديه التحدي به أمام محكمة النقض. كما أن النعي على تقرير الخبير بأنه استند إلى استنتاجات وأنه كان في مكنة الطاعن دحضها لو مكنه من إبداء ملاحظاته عليه، فمردود بأن الطاعن لم يقدم ما يفيد أنه تمسك بذلك أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة. أما ما ينعاه الطاعن من أن محكمة الموضوع التي أصدرت الحكم المطعون فيه لم تأمر بفض المظروف ولم تطلع بالتالي على المحررين المطعون فيهما بالتزوير، فمردود بأنه وإن كان الطاعن قد قدم صورة رسمية من محاضر جلسات محكمة الاستئناف جاءت خلواً مما يشير إلى أن المحكمة المذكورة قامت بفض المظروف والاطلاع على السندين المطعون فيهما بالتزوير، إلا أنه لما كانت الأوراق المطعون فيها بالتزوير لا تعدو أن تكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من أوراق القضية فلا يعتبر الأمر بضمها والاطلاع عليها إجراء من إجراءات الدعوى التي يلزم إثباتها في محضر الجلسة أو في أي محضر آخر، ومن ثم فإن خلو محاضر جلسات محكمة الموضوع مما يفيد أمرها بفض المظروف واطلاعها على ما به من أوراق مطعون عليها بالتزوير لا ينهض دليلاً على أنها لم تقم بهذا الإجراء.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في خصوص ما قضي به الاستئناف رقم 325 سنة 15 ق، وفي بيان ذلك يقول إنه كان قد قرر في خصوص المستند موضوع هذا الاستئناف بأن الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 11/ 11/ 1961 قد استبعد تقرير الطبيب الشرعي لأنه بحث مستنداً لم يكلف ببحثه ثم انتهي إلى ندب مدير مصلحة الطب الشرعي لبيان (أ) ما إذا كانت ورقة الخطاب كاملة أم أنها قطعت من ورقة كاملة. (ب) ما إذا كانت العبارات المحررة بالقلم الكوبيا قد كتبت قبل العبارات المحررة بالمداد أم بعدها، وقد رد التقرير على السؤال الأول بأنه ليس هناك من الشواهد ما يثبت اقتطاع ورقة السند الحالي عن جزء مكتوب بأعلى العبارات بالكوبيا، أما السؤال الثاني فقد تجاهله التقرير وعلل ذلك بأن إجراءات المداد مضطربة في مواقع أخرى عدة ثم عقب على ذلك بعبارات غامضة لا يتسنى معها مراقبة صحة التقرير من الناحية الفنية، وقد تمسك الطاعن بذلك أمام محكمة الموضوع وبأن التقرير إذا استبعد في هذا الخصوص فلا أثر له لأنه منصب على خطاب قدمه الطاعن للتدليل على صحة السند الأصلي غير أن الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي الذي أيده في هذا الخصوص لم يرد على دفاعه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في خصوص قضائه برد وبطلان الخطاب المؤرخ 15/ 6/ 1958 يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إنه في خصوص الادعاء بالتزوير على الخطاب المؤرخ 15/ 6/ 1958 فإن الثابت من تقرير الخبير أن المعارض ضده (الطاعن) حرر على ظهر الورقة المطعون فيها بالمداد عبارات على غير الحقيقة ليؤكد بها واقعة المديونية. وحيث ثبت أن العبارات الموجهة من المعارض ضده (الطاعن) قد أثبت بعد كتابة العبارات المحررة بالكوبيا على الوجه الآخر من ورقة المستند وعلى نحو تخلص المحكمة فيه أنها زورت على المعارض (المطعون عليه) ومن ثم قد تحقق هذا التغيير وعلى هذا النحو فيكون الإدعاء بالتزوير في محلة ويتعين لذلك الحكم برد وبطلان هذا المستند" كما يبين من مطالعة أسباب الحكم المذكور أنه أورد ما انتهي إليه تقرير الخبير المؤرخ 23/ 3/ 1963 في خصوص الخطاب المؤرخ 15/ 6/ 1958 المطعون فيه بالتزوير من أن "كما أن المصلحة المذكورة (مصلحة الطب الشرعي) قدمت تقريرها 36 دوسيه المؤرخ 23/ 3/ 1963 والذي أجراه السيد مدير قسم أبحاث التزييف والتزوير انتهى في نتيجة إلى القول (أولا) أن ورقة المستند المرسل موضوع الطعن - الخطاب المؤرخ 15/ 6/ 1958 - عبارة عن جزء من فرخ ورق أبيض مسطر ذي الهامش وقد حررت على وجهيها العبارات موضوع التبادل بالقلم الكوبيا والأخرى بالمداد وليس هناك من الشواهد ما يثبت اقتطاع ورقة السند الحالي من جزء مكتوب بأعلى العبارات بالكوبيا والمذيلة "المخلص جلال" (ثانياً) أن العبارات المحررة بالمداد والموجهة من طلعت المصري (الطاعن) للسيد جلال سماحة (المطعون عليه) والمذيلة بتاريخ 15/ 6/ 1958 قد أثبتت بعد كتابة العبارات المحررة بالكوبيا على الوجه الآخر من ورقة المستند والموجهة من جلال إلى طلعت، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه أشار إلى ما نعاه الطاعن على تقرير الخبير ورد عليه بقوله "وبما أن ما أثارة المستأنف طلعت عبد الغني المصري (الطاعن) في استئنافه 325 سنة 15 ق ترديد لدفاعه الذي كان مطروحاً على محكمة أول درجة وتكفل الحكم المستأنف بالرد عليه مستنداً إلى ما جاء في تقرير الخبير من أن العبارات التي حررها المستأنف (الطاعن) ووقع عليها بتاريخ 15/ 6/ 1958 تالية للعبارات التي حررها المستأنف ضده (المطعون عليها) على الوجه الآخر من ذات الورقة. وقد أشار الخبير إلى الأدلة والقرائن التي تؤيد النتيجة التي انتهى إليها وهي أدلة مبنية على أسس عملية وفنية وفنيه تقرها هذه المحكمة وتأخذ بها. ومن ثم يكون هذا الاستئناف غير مؤسس ويتعين رفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رد وبطلان الخطاب المؤرخ 15/ 6/ 1958" ويبين من ذلك أن الخبير المنتدب لم يتجاهل ما كلفه به الحكم الصادر في 11/ 11/ 1961 من بحث الوقت الذي كتب به المداد المحررة به العبارات الصادرة من الطاعن للمطعون عليه بتاريخ 15/ 6/ 1958 وأن كلاً من الحكمين الابتدائي والإستئنافي عرضا لدفاع الطاعن المبين بهذا السبب وردا عليه ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق