---------------
1 - إن عقد التخارج من عقود المعاوضات،
يتصالح الورثة بمقتضاه على إخراج بعضهم من الميراث مقابل شيء معلوم، وهو نوعان عام
ويشمل كامل أعيان التركة، والثاني خاص يتعلق بمال معين، وأحد بدليه نصيب الوارث
المتخارج في التركة، والبدل الآخر المال المعلوم الذي يدفع له مقابل التخارج،
ويشترط توافر كافة أركان العقد اللازمة لانعقاده وشروط صحته، وأن يتوافر العلم
بعناصر التركة ومكوناتها لدى المتعاقدين لانتفاء الغبن والغلط، ويجب على محكمة
الموضوع استظهار توافر التعادل بين البدلين نصيب الوارث والمال المعلوم، وفى حالة
انتفاء هذا التعادل بسبب توافر عيب من عيوب الرضا، فإنه يتعين إعمال الأثر المترتب
على ذلك.
2 - إذ كان الثابت من الأوراق، وحصله الحكم
المطعون فيه أن الطاعنتين قد تمسكتا أمام محكمة الموضوع بدفاعهما الوارد بوجه
النعي، وقدمتا المستندات المؤيدة لذلك، وساقتا الدلائل المؤدية لما تستدلان به على
انتفاء اتجاه الطاعنة الأولى ووالدتها مورثتها ومورثة الطاعنة الثانية إلى إحداث
الآثار المترتبة على عقد التخارج، فضلا عن انتفاء التعادل بين ما التزمتا به في
العقد وما حصلتا عليه من فائدة من الطرف الآخر، لاختلال التعادل بين البدلين
المذكورين اختلالا فاحشا بما تكون معه الدعوى في تكييفها القانوني الصحيح في شق
منها بصورية عقد التخارج وآخر متعلق بطلب إبطال العقد للغبن، وهي مسألة جائزة قانونا
حتى إذا ما أخفقتا في إثبات الصورية تمسكتا بالغبن، فإنه كان يتعين على محكمة
الموضوع استظهار هذه الأمور وفقا لطلبات الطاعنتين، وما استندت إليه هذه الطلبات
إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى برمتها على ما ذهب إليه من أن الطاعنة
الأولى تخارجت من التركة مقابل مبلغ مالي متفق عليه في العقد، كما تخارجت مورثتها
من التركة مقابل مبلغ معين حال حياتها وأنهما أقرتا بالعقد باستلامهما المبالغ
المتفق عليها، وأن الطاعنتين لم تطعنا على العقد بثمة مطعن قانوني يعيب الإرادة،
ملتفتا عن دفاع الطاعنتين مع ما يقتضيه من البحث والتمحيص مع أنه جوهري من شأنه –
لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يعيبه (بالخطأ في تطبيق القانون)
ويوجب نقضه جزئيا في خصوص قضائه بشأن عقد التخارج المؤرخ 7/ 5/ 2003 وطلبات
الطاعنتين بشأنه.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعنين أقامتا الدعوى رقم ... لسنة 2005 مدني محكمة الإسكندرية
الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم ببطلان عقد التخارج المؤرخ 7/ 5/ 2003 وبعدم
الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم ..... لسنة 2003 مدني محكمة الإسكندرية
الابتدائية واحتياطيا إلزامهما بأداء مبلغ 10 آلاف جنيه للطاعنة الأولى، و17500
للطاعنة الثانية وما تستحقه والدتهم جميعا لورثتها، وقالتا بيانا لذلك إنه بتاريخ
27/ 3/ 2003 توفى إلى رحمة الله مورث الطاعنتين والمطعون ضدهم، وبتاريخ 21/ 7/
2004 توفيت إلى رحمة الله والدتهم عن ورثة شرعيين هم الخصوم، وقد كان يعمل في
تجارة البويات والحدايد وله عدد خمسة محلات تجارية مبينة بالأوراق وترك ورثة
شرعيين له الطاعنة الأولى وزوجته والدة الخصوم والمطعون ضدهم، وإذ تمكن المطعون
ضدهما الأول والثاني بطريق الغش والتدليس من تحرير عقد التخارج المؤرخ 7/ 5/ 2003
عن الفرعين الأساسيين من تجارة مورثهما ومورث باقي الخصوم مقابل مبلغ سبعة آلاف
وخمسمائة جنيه للطاعنة الأولى، ومبلغ اثنى عشر ألف وخمسمائة جنيه للمورثة سالفة
الذكر، في حين أن قيمتهما تقدر بأكثر من ذلك، ولم تعلم المتخارجتان من التركة
بحقيقة القيمة الاستثمارية لهذين الفرعين، وقد صدر حكم بصحة توقيعهما على عقد
التخارج في الدعوى سالفة البيان، وإذ كان التخارج جاء مبنيا على الغش والتدليس مع
اختلال التوازن بين التزاماتهما وما عاد عليهما من فائدة مما سبب لهما ضررا كبيرا
فيما لهما في تركة مورثهم، وبالمخالفة للقواعد الشرعية المنظمة لأحكام الإرث، ومن
ثم فقد كانت الدعوى، حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنتان الحكم
بالاستئناف رقم .... لسنة 63 ق الإسكندرية. وبتاريخ 22/ 1/ 2008 قضت المحكمة
بالتأييد. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت
فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة
لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق