الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 يناير 2025

الطعن 1309 لسنة 29 ق جلسة 2 / 2 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 82 ص 518

جلسة 2 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

----------------

(82)

الطعن رقم 1309 لسنة 29 القضائية

أراضي - أراضي بور - سلطة التصرف فيها.
المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1984 بنقل ملكية بعض الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة إلى المحافظات وصندوق أراضي الاستصلاح - مفاد هذا النص والدافع إلى إصداره أن بعض المحافظات تجاوزت حدود اختصاصها وتصرفت في بعض أملاك الدولة الخاصة التي تدخل في اختصاص جهات أخرى ويهدف إلى تصحيح الأوضاع وإضفاء الشرعية على التصرفات التي تمت حتى 9/ 10/ 1982 وذلك بإعطاء المحافظات الحق في ملكية الأراضي التي تم التصرف فيها حتى تزول العقبة التي كانت تقف أمام المتصرف إليهم من عدم ملكية المحافظات لهذه الأراضي - أثر ذلك - تعتبر الأرض التي تم التصرف فيها مملوكة لمحافظة الجيزة في تاريخ التصرف وتصبح اعتباراً من هذا التاريخ من الأراضي الداخلة في نطاق اختصاص المحافظة التي يتولى المحافظ بالنسبة لها السلطات والاختصاصات المقررة للوزراء طبقاً لنص المادة 27 من قانون نظام الحكم المحلي ويكون له السلطة المقررة لوزير الإصلاح الزراعي بالمادة 51 من القانون رقم 100 لسنة 1964 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 2/ 4/ 1983 أودع الأستاذ محمد يوسف المحامي نيابة عن الأستاذ إسماعيل أحمد نصار المحامي بصفته وكيلاً عن كل من محمد فريد عبد المحيي عبد المعز، مديحة صلاح الدين حسن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1309 لسنة 29 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8/ 2/ 1983 في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهما الأول والثاني والدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق المقامة من المطعون ضده الثالث ضد الطاعنين والمطعون ضدهما الأول والثاني ووزير الداخلية، والقاضي أولاً: بقبول تدخل محسن محمد حسين التونسي خصماً منضماً للحكومة في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق، ثانياً: - برفض الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق وإلزام المدعيين المصروفات، ثالثاً: - بانتهاء الخصومة في الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق وإلزام رافعها المصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة في تقرير طعنهما - الحكم أولاً: - بقبول الطعن شكلاً، ثانياً: - بصفة مستعجلة بإيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثالثاً: - في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع إلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم أولاً: - برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعنين مصروفاته، ثانياً: - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16/ 4/ 1984، وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 16/ 7/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 10/ 11/ 1984 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن وبجلسة 29/ 12/ 1984 قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم التالي، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 30/ 12/ 1980 أقام محمد فريد عبد المحيي عبد المعز، ومديحة صلاح الدين حسن الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد محافظ الجيزة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، طالبين الحكم فيها بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ الجيزة في 14/ 9/ 1980 بتسليم ثلاثمائة فدان إلى محسن محمد حسين التونسي، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار، وإلزام محافظ الجيزة المصروفات.
وقام المدعيان - شرحاً لدعواهما - أنهما منذ سنة 1977 يضعان اليد على أرض مساحتها أربعون فداناً من أرض الحكومة الصحراوية خارج الزمام بناحية المنصورية مركز إمبابة، أتما استصلاحها وزراعتها بعد القيام بأعمال التسوية ونقل الطمي وإنشاء بئر مسلح للمياه ودق مواسير لري الأرض ارتوازيا، وكلفهما ذلك أموالاً كثيرة بالإضافة إلى الجهد المضني، وفي 8/ 10/ 1978 تقدما بطلب إلى نائب مدير الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لشئون الملكية للموافقة على بيع تلك المساحة لهما طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 وقامت الهيئة بحصر المساحة المستصلحة بمعرفتهما وقدرت إيجاراً عن قطعتين منها بحوض كوريل 61، الأولى أربعة أفدنة باسم المدعي الأول، والقطعة الثانية 22 س 20 ط 2 ف باسم زوجته المدعية الثانية، بواقع ثمانية وعشرين جنيهاً سنوياً للفدان، وصرحت لهما بسداد الإيجار المستحق، وقاما فعلاً بسداده إلى خزينة جمعية المنصورية للإصلاح الزراعي لحساب مأمورية تفتيش أملاك الجيزة بموجب إيصالات رسمية، وبتاريخ 18/ 3/ 1980 صدر كتاب تفتيش أملاك الجيزة التابع لمديرية الإصلاح الزراعي إلى مدير بنك التنمية والائتمان الزراعي بمحافظة الجيزة يفيد الموافقة على بيع مساحة 20 س 22 ط 6 ف إلى المدعيين وهي المساحة التي سددا عنها الإيجار.
واستطرد المدعيان قائلين أنه في مساء يوم 22/ 9/ 1980 فوجئا بتعدي محسن حسين التونسي ورجاله المسلحين على أرضهما، حيث قاموا باقتلاع وتكسير الأشجار والمزروعات ونزع ماكينة مياه الري، ومنع العاملين في الأرض من مباشرة أعمالهم، وقد تحرر عن هذا التعدي المحضر رقم 81 أحوال مركز إمبابة في 22/ 9/ 1980 كما قام المدعيان بإبلاغ النيابة العامة، وقدما شكاوى لمحافظ الجيزة والهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وعلى أثر ذلك أجرى مراقب البيع بالإدارة العامة لأملاك الدولة معاينة في 2/ 10/ 1980 أثبت فيها الحالة والإتلافات التي حدثت، وأرفق بمحضر المعاينة رسماً كروكياً أوضح فيه المساحات المستصلحة والمنزرعة بواسطة المدعيين.
وقد تبين للمدعيين من أقوال محسن التونسي في محضر الشرطة أنه كان قد تقدم بطلب في 14/ 9/ 1980 إلى محافظ الجيزة لتخصيص ثلاثمائة فدان بزمان المنصورية لإقامة مشروع لإنتاج البيض وتربية الدواجن، فوافق المحافظ في ذات اليوم على تسليمه المساحة المطلوبة، التي يدخل ضمنها أرض المدعيين، غير أن المحافظ أصدر بعد ذلك قراره رقم 288 لسنة 1980 بتشكيل لجنة تنعقد في 5/ 10/ 1980 لدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع المذكور، وفي 30/ 10/ 1980 أصدرت محافظة الجيزة كتاباً إلى مدير عام الإصلاح الزراعي بالجيزة برقم 1659 بإيقاف تسليم المساحة المشار إليها إلى محسن التونسي إلى حين عرض الموضوع على المحافظ وفي 13/ 12/ 1980 وجه المدعيان إنذاراً إلى محافظ الجيزة يتظلمان فيه من قراره الصادر في 14/ 9/ 1980 وأوضحا في هذا الإنذار أسانيدهما وحقوقهما في الأرض التي استصلحاها والأضرار التي لحقت وستلحق بهما من جراء تسليم الأرض لمحسن التونسي، إلا أنهما لم يتلقيا رداً.
ونعى المدعيان على قرار محافظ الجيزة المشار إليه أنه لا يحقق مصلحة عامة، لصدوره دون دراسة جادة ومتأنية ودون الاعتداد بحقوق الآخرين، ولم يكن منزها عن الغرض، وأنه غير قائم على أسباب تبرره من حيث الواقع أو القانون، مما يفقده مقوماته الأساسية كقرار إداري، وأنه ترتب عليه إلحاق أضرار بالغة بالمدعيين وأن من شأن استمرار تنفيذه زيادة تلك الأضرار، الأمر الذي يتوافر معه مناط الاستعجال لوقف تنفيذه وانتهى المدعيان إلى الطلبات السابق بيانها.
وقدم المدعيان أربع حوافظ تضمنت مستنداتهما في الدعوى.
وبجلسة 19/ 5/ 1981 أودع الحاضر عن الحكومة حافظة مستندات، تضمنت مذكرة برد جهة الإدارة على الدعوى، بدأتها بدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، استناداً إلى أن المدعيين ذكرا في صحيفة الدعوى أن محسن التونسي تعدى على الأرض في 22/ 9/ 1980 وكان سنده في ذلك القرار الصادر من المحافظة، ومن ثم يكون المدعيان قد علما علماً يقينياً بالقرار اعتباراً من ذلك التاريخ، وكان يتعين عليهما الطعن على القرار في موعد غايته 22/ 11/ 1980، في حين أنهما لم يقيما هذه الدعوى إلا في عام 1981.
وأما عن موضوع الدعوى فإن الإشغالات التي تمت بمعرفة المدعيين لا تعطيهما أي حق قانوني لعدم وجود أي صورة من صور التعاقد بينهما وبين الأملاك، وأن المدعيين قاما بحصر الأرض خفية، وحصر الأرض خفية لا يمثل أي ارتباط بينهما وبين الجهة المالكة لأنه لا يعدو أن يكون تحصيلاً عن إشغال ومن حق الدولة إزالته في أي وقت، وأن قطعة الأرض المشار إليها مملوكة للدولة ملكية خاصة، وقد تم تخصيصها لمشروع من مشروعات الأمن الغذائي وهو من مشروعات المنفعة العامة، وأنه لما كانت يد المدعيين هي يد غاصب لا سند لها من القانون، فإن دعواهما تكون غير قائمة على أساس جديرة بالرفض.
وبجلسة 30/ 6/ 1981 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الإدارة مصاريف هذا الطلب وقالت المحكمة فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، أنه من المقرر لكي يؤخذ ذو الشأن بعلمه في حساب ميعاد الطعن أن يكون علماً يقينياً يقوم مقام نشر القرار أو إعلانه به، الأمر الذي لا يتوافر في هذه الدعوى، ذلك أن الأقوال الواردة على لسان محسن التونسي في محضر التحقيق معه المحرر في 22/ 9/ 1980 لا يمكن التعويل عليها وإنزالها منزلة نشر القرار أو إعلان المدعيين به، ولا يستفاد منها علم المدعيين بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً، يضاف إلى ذلك أن القرار المطعون فيه لم يكن وقت صدوره قراراً نهائياً إذ مر بمراحل متعددة منذ الموافقة المبدئية التي وردت في أقوال محسن التونسي تغيرت فيها معالمه كالثابت من موافقة المجلس الشعبي لمحافظة الجيزة بجلسة 29/ 11/ 1980 على أن تكون المساحة المخصصة لمشروع التونسي مائتي فدان، الأمر الذي لا يسوغ معه استخلاص علم المدعيين بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً في 22/ 9/ 1980 كما جاء بمذكرة جهة الإدارة - ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد غير سديد متعين الرفض. وفيما يتعلق بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قالت المحكمة أن الثابت من وقائع الدعوى أن المدعيين كانا يضعان اليد على مساحة من الأرض ثم حصر جزء منها خفية عليهما وسدداً الإيجار المستحق عن هذه المساحة عن سنتي 1978، 1979، ثم تقدما بطلب لشراء هذه الأرض وشرعت الإدارة في اتخاذ إجراءات البيع، إلا أن محافظ الجيزة أصدر قراره المطعون فيه بتسليم مساحة من الأرض بناحية المنصورية إلى محسن التونسي لإقامة المشروع المشار إليه عليها، وتداخلت في هذه المساحة الأرض وضع يد المدعيين مما أدى إلى إزالة وضع يدهما عن هذه الأرض تنفيذاً لقرار المحافظ بالتخصيص، وقالت المحكمة أن مباشرة المحافظ لسلطات الوزير المقررة بمقتضى القوانين واللوائح طبقاً لنص المادة (27) من قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 ومنها السلطات الاستثنائية المقررة لوزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي بتأجير العقارات أو التصرف فيها لتنفيذ مشروعات تفيد في تنمية الاقتصاد القومي وفقاً للمادة (51) من القانون رقم 100 لسنة 1964 يقتصر على المرافق التي نقلت اختصاصاتها إلى وحدات الحكم المحلي، وأنه وفقاً للمادة (11) من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي فإن الأراضي خارج الزمام لا تدخل في اختصاص المحافظات، ولما كانت الأرض المذكورة تقع خارج الزمام، لذلك يكون محافظ الجيزة - حسبما يدل عليه ظاهر الأوراق - قد تجاوز حدود سلطته بإصداره القرار المطعون فيه بما يجعله راجح الإلغاء عند نظر الموضوع، ومن ثم يتوافر لطلب وقف تنفيذه ركن الجدية، كما أن ركن الاستعجال متوافر لما يترتب على الاستيلاء على الأرض التي يضع المدعيان اليد عليها من نتائج لا سبيل إلى تداركها لو تراخى الأمر إلى حين صدور حكم بالإلغاء، تتمثل في انهيار كل ما شقي المدعيان من أجله بالجهد والمال. وأحيلت الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وتقديم تقرير بالرأي القانوني في الطلب الموضوعي بإلغاء القرار المطعون فيه - فأودعت الهيئة تقريراً انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به من تسليم الأرض وضع يد المدعيين إلى محسن حسين التونسي، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبجلسة 2/ 11/ 1981 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة 22/ 12/ 1981، ثم أعيدت الدعوى إلى المرافعة لجلسة 19/ 1/ 1982، حيث تقدم محسن التونسي بطلب لقبوله خصماً متدخلاً في الدعوى باعتبار أن مصلحته قائمة في ذلك بعد أن صدر حكم وقف التنفيذ في غيبته ودون علمه، وأودع حافظة مستندات ومذكرة قال فيها أن له مصلحة في طلب التدخل باعتباره حائزاً للأرض موضوع النزاع وأقام عليها مشروعاً عالمياً لإنتاج البيض وتربية الدواجن وتسمين العجول وتصنيع منتجات الألبان، وأنه تسلم الأرض ووضع يده عليها من الحكومة ممثلة في جميع جهاتها، وبالتالي يكون وضع يده عليها منذ استلامها في 18/ 9/ 1980 قائماً على سند صحيح من القانون، في حين أن المدعيين يفتقران إلى السند القانوني لحيازتهما، وأضاف أن القرار المطعون فيه وموضوعه تسليمه ثلاثمائة فدان قد ألغي واستبدل به قرار آخر بمساحة مائتي فدان فقط، واختتم مذكرته طالباً الحكم بقبول تدخله خصماً في الدعوى وبرفض الدعوى وإلزام رافعيها المصروفات.
وقدم المدعيان مذكرة دفعا فيها بعدم قبول طلب التدخل في الدعوى بعد إقفال باب المرافعة فيها لمخالفة ذلك لنص المادة 126 من قانون المرافعات، كما أن تدخل محسن التونسي يفتقد الأساس القانوني، إذ أن المصلحة لا تقوم على الغش أو مخالفة القانون، بالإضافة إلى أنه لم تنشأ للمذكور أية حقوق أو مراكز قانونية مستقرة على تلك الأرض، وطلب المدعيان الحكم بعدم قبول طلب التدخل، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام جهة الإدارة والمتدخل المصروفات.
وبجلسة 26/ 1/ 1981 قدم الخصم المتدخل مذكرة رد فيها على الدفع بعدم قبول تدخله، قائلاً أن إعادة الدعوى للمرافعة مسألة من إطلاقات المحكمة حتى ولو كان ذلك بعد إقفال باب المرافعة، وليس ثمة جزاء على مخالفة المادة 126 من قانون المرافعات، وأنه صاحب مصلحة في التدخل.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة قالت فيها أن القرار المطعون فيه صدر من مختص، وأن المدعيين ليست لهما مصلحة في الدعوى لأنهما معتديان على أملاك الدولة وليست حيازتهما هادئة، وطلبت الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعيين المصروفات.
وكان محسن التونسي قد أقام الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها قلم الكتاب في 2/ 9/ 1981، طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الطلب المستعجل في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق مع إلزام المستشكل ضدهما الأول والثانية المصروفات. وقال - شرحاً لدعواه - أن المستشكل ضدهما الأول والثانية أقاما الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق طالبين فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ الجيزة في 14/ 9/ 1980 بتسليم المستشكل ثلاثمائة فدان وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، وقد حكمت المحكمة بجلسة 30/ 6/ 1980 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ولما كان هذا الحكم يمس حقوق المستشكل باعتباره حائزاً للأرض وواضع اليد عليها ولم يمثل في الدعوى سالفة الذكر، فإنه يستشكل في تنفيذ الحكم للأسباب الآتية:
1 - أن قرار محافظ الجيزة بتسليم المستشكل ثلاثمائة فدان قد ألغي واستبدل به قرار آخر أعطى بموجبه مائتي فدان فقط، ومن ثم يكون الحكم المستشكل في تنفيذه قد قضى بوقف تنفيذ قرار ملغي، ويضحي تنفيذه قائماً على غير محل.
2 - أن الأرض المعطاة للمستشكل خصصت له عن طريق الإصلاح الزراعي ومساحتها مائتا فدان، وقامت لجنة من الجهات المختصة بتسليمه الأرض كما هو ثابت بالمستندات والوثائق الرسمية الصادرة من الحكومة ولو كانت قد أتيحت له الفرصة للتدخل في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق لكان قد تقدم مستنداته فيها.
3 - أن المستشكل ضدهما أقاما الدعوى رقم 4 لسنة 1980 مدني جزئي إمبابة اختصما فيها المستشكل ومحافظ الجيزة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وقضت تلك المحكمة بندب خبير متخصص تكون مهمته الاطلاع على الأوراق والمستندات وما عسى أن يقدمه الخصوم من أوراق ومستندات والانتقال إلى أرض النزاع ومعاينتها على الطبيعة، وقد أغفل المستشكل ضدهما أمر تلك الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري إمعانا منهما في إخفاء الحقائق عن المحكمة.
وعقب المستشكل ضدهما على الإشكال المشار إليه بمذكرة طلبا فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وإلزام المستشكل المصروفات.
كما قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الإشكال وبإحالته إلى قاضي التنفيذ المختص، واحتياطياً برفض الإشكال وإلزام المستشكل المصروفات، وعقب المستشكل على ذلك بمذكرة طلب فيها رفض الدفع بعدم الاختصاص بنظر الإشكال والحكم بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه وبجلسة 23/ 2/ 1982 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق إلى الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق ليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 29/ 6/ 1982 قدمت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حافظة أرفقت بها كتاب إدارة الأملاك بمنطقة إمبابة المؤرخ في 20/ 6/ 1982 جاء فيه أن الأرض موضوع الدعوى تدخل في حدود الكيلو مترين الاثنين التاليين لحد الزمام وهي ملك الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة، كما أرفقت رسماً كروكياً بموقع الأرض بالنسبة لحد الزمام.
وبجلسة 8/ 2/ 1983 حكمت المحكمة أولاً: - بقبول تدخل محسن محمد حسين التونسي خصماً منضماً للحكومة في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق ثانياً: - برفض الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق وإلزام المدعيين المصروفات، ثالثاً: - بانتهاء الخصومة في الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق وإلزام رافعها المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أنه بالنسبة إلى تدخل محسن حسين التونسي في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق فإنه قدم طلباً بذلك أثناء الفترة التي كانت الدعوى فيها محجوزة للحكم، وإذ وجدت المحكمة أن مصلحته قائمة في هذا الطلب فقد قررت إعادة الدعوى للمرافعة، ومن ثم فقد زال المانع من قبوله طبقاً لحكم المادة 126 من قانون المرافعات، التي تقضي بعدم قبول التدخل بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى.
وبالنسبة إلى موضوع الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق فقد استعرضت المحكمة الإجراءات التي اتخذت في شأن تخصيص الأرض محل النزاع لإقامة مشروع محسن حسين التونسي، بدءاً من تقدمه بطلب التخصيص إلى محافظة الجيزة حتى موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة على ذلك بجلسة 29/ 11/ 1980 وفقاً لما هو ثابت بالأوراق، وخلصت المحكمة إلى أن القرار الصادر من محافظة الجيزة في هذا الشأن هو قرار بتخصيص مساحة مائتي فدان أرض بور كائنة بزمام ناحية أبو رواس والمنصورية مركز إمبابة، لإقامة مشروع من مشروعات الأمن الغذائي عليها، يتولى تنفيذه وتمويله محسن التونسي طبقاً للشروط التي تضمنها هذا القرار، ومن بينها قبول الثمن أو مقابل الإيجار حسب تقرير اللجنة العليا لتثمين الأراضي من تاريخ التسليم، والبدء في التنفيذ في موعد أقصاه ستة شهور من تاريخ تسليم الموقع من الجهة المالكة استلاماً قانونياً، وعدم القيام بأية أعمال أو إشغالات بالموقع إلا بعد استلام الأرض من الجهة المالكة قانوناً، ومعنى ذلك أن القرار المطعون فيه ليس قراراً بالتصرف في الأرض التي تقرر تخصيصها أو بتأجيرها إلى الخصم المتدخل، لكن لا يعدو أن يكون مجرد عمل من أعمال الإدارة المؤقتة الذي قد ينتهي إما بالبيع أو بالتأجير من الجهة المالكة وهي الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أو بغير ذلك من أعمال التصرفات أو الإدارة، وباعتبار أن الأرض المشار إليها هي أحد عناصر مشروع الأمن الغذائي الذي وافق المجلس الشعبي المحلي للمحافظة على إقامته طبقاً لقانون الإدارة المحلية.
وفيما يتعلق بما قام عليه دفاع المدعيين من أن القرار المطعون فيه صدر من جهة غير ذات اختصاص بإصداره وأن الاختصاص في ذلك معقود للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، قالت المحكمة أنه لما كانت الأرض موضوع النزاع من الأراضي البور الواقعة في منطقة الكيلو مترين المتضامين لحد الزمام وهي ملك الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة - كما يبين من كتاب إدارة الأملاك بمنطقة إمبابة المؤرخ 20/ 6/ 1982 - التي ينعقد الاختصاص بالتصرف فيها إلى وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعي طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، ولم يتضمن القرار المطعون فيه أي نوع من أنواع التصرف في هذه الأرض، لكنه في حقيقته وحسب تكييفه القانوني الصحيح يعد عملاً من أعمال الإدارة الخاصة بإنشاء المشروعات الإنتاجية التي تقرها المحافظة بما لها من سلطة بمقتضى قانون نظام الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية مستهدفة بموجبه الترخيص بإنشاء مشروع من مشروعات الأمن الغذائي يقام على قطعة الأرض المشار إليها، وهو غرض مشروع ومطلوب بنص صريح في اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي، ومن ثم يكون هذا القرار صادراً من مختص، ولم يتجاوز به مصدره الصلاحيات المقررة له قانوناً.
وفيما يختص بما جاء بأوجه الطعن الأخرى التي ساقها المدعيان، من أن القرار المطعون فيه قد أجحف بحقوقهما الثابتة على الأرض التي يحوزانها والتي أنفقا في سبيل استصلاحها واستزراعها المال والجهد الكثيرين قالت المحكمة أن الثابت من الاطلاع على الأوراق أنه لا يوجد أي نوع من أنواع التعاقد بينهما وبين الجهة المالكة "الإصلاح الزراعي" كما لا يوجد مصدر ري ثابت بالأرض حيازتهما حيث قاما بحفر بئر لم تستخرج منها المياه، وكانا يستعملان في ريها مصدر مياه متنقل، وأن إدارة الأملاك كانت تقوم بحصر الأرض عليهما خفية وأن الكتاب الموجه إلى بنك التنمية والائتمان الزراعي والتعاوني بمحافظة الجيزة لا يستفاد منه قيام أي نوع من أنواع التعاقد بين المدعيين والجهة الإدارية المختصة، وكل ما ينطق به ذلك الكتاب أنه جاري عمل إجراءات البيع، ولكن شيئاً من ذلك لم يتم بعد إذ تبين للجهة الإدارية أن إجراءات البيع والممارسة غير منطبقة عليهما نظراً لعدم وجود مصدر ري ثابت للأرض، والمستفاد من ذلك كله أن المدعيين لم يكونا في مركز قانوني ذاتي مسه القرار المطعون فيه، ولا تعدو حيازتهما أن تكون مجرد عمل مادي، وهي عارضة بلا سند صحيح من القانون، ولا ترقى إلى مرتبة الحق الذي يتمتع بحماية القانون.
وانتهى الحكم - مما تقدم جميعاً - إلى أن القرار المطعون فيه يكون صحيحاً ولا مطعن عليه، وتكون الدعوى قائمة على غير أساس من الواقع والقانون خليفة بالرفض.
أما بالنسبة إلى الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق التي أقامها محسن التونسي طالباً الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الطلب المستعجل من الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق القاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فقد قالت المحكمة أن طلبات المدعي في تلك الدعوى أصبحت غير ذات موضوع بعد إذ سقط الحكم المستشكل فيه وهو حكم وقتي بطبيعته وتتوقف حجيته على الحكم الصادر في الموضوع كأثر حتمي يترتب على صدور الحكم برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على أن هذا الحكم أخطأ في تطبيق القانون للأسباب الآتية:
( أ ) قبول تدخل محسن التونسي خصماً في الدعوى بعد إقفال باب المرافعة فيها وحجزها للحكم يخالف نص المادتين 126، 127 من قانون المرافعات.
(ب) ما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه من أن قرار محافظ الجيزة لا يعدو أن يكون عملاً من أعمال الإدارة المؤقتة ولا ينطوي على أي نوع من التصرف، يخالف ما استقرت عليه آراء الشراح وأحكام القضاء الإداري ذلك أن القرار المذكور استهدف تحقيق أثر قانوني هو تخصيص مساحة الأرض الواردة به للمتدخل محسن التونسي - بما فيها المساحة وضع يد الطاعنين - فهو عمل من أعمال التصرف لا الإدارة، جاوز به المحافظ حدود اختصاصه، ووصل هذا التجاوز إلى حد الاعتداء المادي على حيازة الطاعنين.
(جـ) حصل الحكم المطعون فيه من الأوراق على ما يخالف الثابت فيها، فقد جاء فيه أنه لا يوجد مصدر ري ثابت بالأرض حيازة الطاعنين، وهذا يخالف ما هو ثابت بمحضر شرطة مركز إمبابة بتاريخ 24/ 3/ 1981 المتضمن تمكين الطاعنين من مساحة الأربعين فداناً تنفيذاً لقرار المحامي العام الأول لاستئناف القاهرة، والمرفق بحافظة المستندات المقدمة من الطاعنين بجلسة 27/ 8/ 1982، وكذلك محضر المعاينة المحرر بتاريخ 24/ 3/ 1981 بمعرفة مراقب البيع بالإدارة العامة لأملاك الدولة المرفق بمحضر الشرطة المشار إليه المتضمن وجود بئر مياه وأرض محروثة مستصلحة، كما ثبت ذلك في المحضر المحرر عن واقعة إتلاف المتدخل للمزروعات والمواسير البلاستيك التي توصل المياه من البئر إلى المغروسات، وأيضاً ما أشار إليه تقرير الخبير في الدعوى رقم 4 لسنة 1981 المرفق بحافظة المستندات المقدمة بجلسة 23/ 11/ 1982، والثابت من تلك المستندات جميعاً أن الطاعنين يحوزان مساحة الأربعين فداناً منذ عام 1978 حيازة هادئة مستقرة، وأنهما قاما باستصلاحها وإقامة بئر مياه وأحواض لتخزين المياه وماكينة ري ومواسير بلاستيك لتوصيل المياه إلى المغروسات وأن حقهما في شراء تلك الأرض يستند إلى نصوص القانون رقم 100 لسنة 1964.
يستند الحكم في أسبابه إلى أنه لا يوجد أي نوع من أنواع التعاقد بين الطاعنين وبين الجهة المالكة (الإصلاح الزراعي) وهذا يخالف ما هو ثابت بالمحضر رقم 4665 إداري مركز إمبابة والمستندات المقدمة في الدعوى والتي أشار إليها حكم المحكمة في الشق المستعجل، وإيصالات سداد الإيجار، ومحضر المعاينة المحرر بمعرفة مراقب البيع بالإدارة العامة لأملاك الدولة في 2/ 10/ 1980، وما أورده تقرير إدارة الري بالشئون القانونية للهيئة العامة للإصلاح الزراعي من أن الطاعنين قاما باستصلاح وزراعة مساحة أربعين فداناً من أراضي وأملاك الدولة الخاصة، وحقهما في تملك تلك المساحة طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1964 الذي لا يتطلب أي نوع من التعاقد وإنما يشترط استصلاح الأراضي الصحراوية البور حتى ينشأ حق من أصلح الأراضي في شرائها، وهذا الحق أقرته الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بموافقتها على بيع مساحة من الأرض للطاعنين بكتابها المرسل إلى مدير بنك التنمية بالجيزة والعبرة طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1964 ليست بما إذا كان هناك تعاقد بين من قام باستصلاح الأراضي الصحراوية وبين مالكها، وإنما بما إذا كان للطاعنين حق الاحتفاظ بالأراضي التي استصلحاها من عدمه طبقاً لأحكام ذلك القانون.
(هـ) لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى استناداً إلى عدم وجود مصدر ري ثابت وكذلك عدم وجود أي نوع من التعاقد مع الجهة المالكة، فإنه بذلك ينفي شرط مصلحة الطاعنين في الدعوى، مع أن المحكمة سبق أن قررت في حكمها الصادر بجلسة 30/ 6/ 1981 في الشق المستعجل أن للمدعين مصلحة في اختصام القرار المطعون فيه، ومن ثم يكون الحكم برفض الدعوى فيه إهدار لحجية الحكم السابق الذي لم يطعن عليه من جانب جهة الإدارة وهي الخصم الأصلي في الدعوى.
ومن حيث إن المطعون ضده محسن التونسي قدم مذكرة بدفاعه، أشار فيها إلى أن الجهة الإدارية كانت قد دفعت أمام محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، باعتبار أن الدعوى رفعت في 30/ 12/ 1980 في حين أن القرار المطعون فيه صدر في 15/ 9/ 1980 وعلم به الطاعنان فور صدوره ولم تتناول المحكمة هذا الدفع في حيثيات حكمها، ويضيف المطعون ضده إلى هذا الدفع أن الطاعنين اختصما قرار محافظ الجيزة الصادر في 15/ 9/ 1980 بتخصيص ثلاثمائة فدان للمشروع المشار إليه وأن هذا القرار كان قراراً مبدئياً أوقف تنفيذه بعد صدوره ثم ألغي بصدور قرار المحافظ في سبتمبر سنة 1981 بتخصيص مائتي فدان فقط للمشروع بناء على الدراسة التي أجرتها الجهات المختصة بالمحافظة وانتهت بإقرار المجلس الشعبي، وكان الواجب على الطاعنين أن يختصما هذا القرار الأخير الذي استمد المطعون ضده حقه منه باعتباره القرار المؤثر في الدعوى، وقد تأكد علمهما بهذا القرار في 19/ 1/ 1982 تاريخ تقدم المطعون ضده كخصم متدخل في الدعوى بمذكرة أشار فيها صراحة إلى أن القرار الأول قد ألغي واستبدل به القرار الأخير، وإذ كان الأمر كذلك فإن الدعوى تكون غير مقبولة شكلاً لعدم اختصام القرار النهائي الصادر من المحافظ في سبتمبر سنة 1981 في الميعاد القانوني.
كما تناول المطعون ضده المذكور - في مذكرته - الرد على أوجه الطعن التي استند إليها الطاعنان في تقرير طعنهما على النحو الآتي: -
1- فيما يتعلق بقبول طلب تدخل المطعون ضده بعد حجز الدعوى للحكم فإن المحكمة لم تقبل هذا الطلب إلا بعد أن أعادت الدعوى للمرافعة، وليس ثمة قيد في قانون المرافعات على حق المحكمة في إعادة الدعوى للمرافعة إذ يدخل ذلك في مطلق سلطتها التقديرية ولم يرتب القانون أي جزاء على إعادة الدعوى للمرافعة ليتمكن طالب التدخل من ممارسة حقه المشروع.
2- فيما يختص بتكييف قرار محافظ الجيزة بتخصيص مساحة من الأرض لإقامة مشروع المطعون ضده عليها، وهل هو عمل من أعمال الإدارة المؤقتة أم أنه من أعمال التصرف، فإن القرار في الحالين قرار صحيح له ما يسانده من أحكام القانون، فإذا اعتبر هذا القرار عملاً من أعمال الإدارة الخاصة بإنشاء المشروعات الإنتاجية التي تقرها المحافظة بما لها من سلطة بمقتضى قانون نظام الحكم المحلي ولائحته التنفيذية مستهدفه بموجبه الترخيص بإنشاء مشروع من مشروعات الأمن الغذائي يقام على قطعة الأرض التي خصصت له، فإن هذا القرار يكون صادراً من مختص ولم يتجاوز به مصدره الصلاحيات المقررة له قانوناً، وقد أيد الحكم المطعون فيه هذا النظر وهو بذلك يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه. وإذا اعتبر القرار المشار إليه من أعمال التصرف فإن المحافظ يختص أيضاً بإصداره، وذلك أن الأرض المخصصة للمشروع تقع في نطاق الكيلو مترين المتاضمين للزمام وبالتالي فإنها لا تدخل في نطاق الأراضي الصحراوية طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 والقانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية ومن ثم فإن التصرف في هذه الأرض يختص به المحافظ طبقاً لنص المادتين 27، 28 من قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 والمادة 51 من القانون رقم 100 لسنة 1964. وبفرض أن قرار المحافظ سالف الذكر يعتبر من أعمال التصرف التي لا يختص بها المحافظ طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1964 فإن القانون رقم 19 لسنة 1984 قد أضفى عليه الشرعية، حيث نصت المادة الأولى من هذا القانون على أن تعتبر الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي أو الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التي تصرفت فيها المحافظات (صندوق أراضي الاستصلاح حتى 9/ 10/ 1982 مملوكة لتلك المحافظات أو الصندوق في تاريخ التصرف فيها، وإذ يدخل القرار المطعون فيه في نطاق مجال هذا القانون فإنه - بفرض تكييفه بأنه عمل من أعمال التصرف - يكون قد اكتسب شرعية من هذا القانون ولا يكون ثمة وجه للقول ببطلانه لصدوره من غير مختص.
3 - بالنسبة إلى باقي أوجه الطعن فإن الطاعنين يحاولان فيها إضفاء الشرعية على اغتصابهما للأرض المملوكة للدولة، مدعيان أن لهما حقاً على هذه الأرض يحول دون إدخالها في المساحة المخصصة لإقامة مشروع الأمن الغذائي، وقد أصاب الحكم المطعون فيه الحق فيما انتهى إليه من أن حيازة الطاعنين لا تعدو أن تكون مجرد عمل مادي وغصب بلا سند صحيح من القانون يضاف إلى ذلك أن الأراضي التي تزرع خفية وتحصر على هذا الأساس هي الأراضي المتناثرة التي لا يمكن توزيعها مجمعة ولا إتباع دورة زراعية منتظمة بها ولذا فإن أقصى مساحة يمكن التصرف فيها بطريق الممارسة من هذه الأراضي لا تجاوز خمسة أفدنة لكل مشتر طبقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 100 لسنة 1964 والثابت أن المساحة التي تم حصرها خفية باسم الطاعنين في سنة 1978 وسنة 1979 كانت 21 س 22 ط 6 ف وفي سنة 1980 كانت ثلاثة أفدنة وفي سنة 1981 لم تحصر باسميهما أية مساحة، ومن ثم فإن تجاوز الطاعنين في وضع يدهما على المساحات المتناثرة التي حصرت خفية إلى مساحة أربعين فداناً يعتبر تعدياً منهما يتعين إزالته بالطرق الإدارية طبقاً لنص المادة 170 من القانون المدني كما أن حصر المساحة المشار إليها خفية باسم الطاعنين لا يخولهما أي حق قبل جهة الإدارة إذ المقصود بهذا الحصر أن يؤديا مقابل انتفاع عن الأرض المحصورة خفية، فإذا ما خصصت جهة الإدارة المساحة لمشروع الأمن الغذائي تكون قد اتخذت القرار الذي يتفق والصالح العام ولا يمس في ذات الوقت حقوق الآخرين حيث لا حق لمغتصب.
وانتهى المطعون ضده محسن التونسي إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وقدم المطعون ضده المذكور حافظة مستندات تضمنت صورة ضوئية من صحيفة الدعوى رقم 3166 لسنة 1984 مدني كلي الجيزة المقامة ضده من الطاعنين، واستشهد بها المطعون ضده في أن الطاعنين قد اتجها إلى طلب التعويض المدني دون التعرض لقرار المحافظة بشأن تخصيص الأرض موضوع النزاع لإقامة المشروع المشار إليه. وقدم الطاعنان مذكرة قالا فيها أن أرض النزاع من الأراضي المسماة في القانون رقم 100 لسنة 1964 بالأراضي الصحراوية، وهي الأراضي الواقعة في المناطق المعتبرة خارج الزمام بعد مسافة الكيلو مترين وأن المحافظ لم يتصرف في شأنها بالبيع لمحسن التونسي وإنما قام بتأجيرها إليه بمقتضى قراره المطعون فيه، وأنه يبين من نص المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1984 ومذكرته الإيضاحية أن المشرع عنى به فقط التصرفات بالبيع التي صدرت من المحافظين خطأ أو على خلاف القوانين لأراضي الدولة الخارج أمرها عن نطاق اختصاص المحافظين فقد رأى المشرع أن يسبغ على هذه البيوت صفة الشرعية، وهو لم يعن بتصحيح تصرفات من تلك التي أخطأ المحافظون في شأنها سوى التصرفات بالبيع دون التأجير، ومن ثم فإن القانون رقم 19 لسنة 1984 لم يأت بجديد في شأن واقعة الدعوى وأسانيدها. أما فيما يتعلق بما ورد في صحيفة الدعوى رقم 3166 لسنة 1984 ببيان عناصر التعويض من المطالبة بقيمة الأرض موضوع النزاع، فليس المقصود منه تقاضي ثمن الأرض بيعاً وشراء، وأنه على الرغم من ذلك فإن الطاعنين يقران بتنازلهما عن الخصومة بالنسبة إلى الشق الخاص بإدخال قيمة الأرض ضمن عناصر التعويض المطالب به بالدعوى المشار إليها. وفيما يختص بالشق المستعجل في الطعن الخاص بطلب الحكم بوقف التنفيذ، فإنه بالإضافة إلى توافر ركن الجدية فإن ركن الاستعجال متوافر أيضاً ذلك أن التعدي والعدوان في ذاتهما يمثلان خطراً ليس فقط على الفرد وإنما أيضاً على المجتمع الذي يأباه ويقف دونه. وانتهى الطاعنان - في مذكرتهما - إلى التصميم على طلباتهما.
وعقب المطعون ضده محسن التونسي بمذكرة ختامية تناول فيها الرد على ما أبداه الطاعنان من عدم سريان القانون رقم 19 لسنة 1984 على واقعة النزاع تأسيساً على أن هذا القانون لا يخضع إلا للبيوع التي أبرمها المحافظون دون غيرها من أعمال التصرف الأخرى، فقال أن هذا الادعاء لا سند له من القانون، إذ أن نص المادة الأولى من القانون المذكور يشمل جميع أعمال التصرف بغير تخصيص، والقاعدة أنه لا يجوز تخصيص النص بغير مخصص، ومن جهة أخرى فإن الطاعنين أسبغا بغير حق على التصرف الصادر للمطعون ضده أنه تأجير، في حين أنه تخصيص يتضمن وعدا بالبيع، وإذ طلب المطعون ضده شراء الأرض المخصصة فإن الوعد بالبيع ينقلب إلى بيع ويأخذ كافة أحكامه، وبالتالي يدخل في نطاق القانون رقم 19 لسنة 1984 وانتهى إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وقدم الطاعنان حافظة مستندات تضمنت صورة رسمية من محضر جلسة محكمة مركز إمبابة الجزئية في 29/ 5/ 1984 الخاص بالدعوى رقم 4 لسنة 1981 المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضده المذكور، والثابت به أن الطاعنين قررا ترك الخصومة بالنسبة إلى التعويض عن مساحة الأرض.
كما قدم المطعون ضده محسن التونسي حافظة تضمنت بعض المستندات التي يستدل بها على أن إجراءات بيع الأرض المخصصة لمشروعه قد بدء في تنفيذها وأنه لولا الاختلاف على تقدير سعر الفدان لكانت هذه الإجراءات قد انتهت.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق شكلاً لرفعها بعد الميعاد، الذي سبق أن أبدته جهة الإدارة أمام محكمة القضاء الإداري، والذي ورد في مذكرة المطعون ضده محسن التونسي - رداً على الطعن - أن المحكمة لم تتناوله في حيثيات حكمها، فإن الحكم الصادر من المحكمة بجلسة 30/ 6/ 1981 في الشق المستعجل من هذه الدعوى والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، تناول في حيثياته الرد على الدفع المشار إليه، وانتهى إلى أن هذا الدفع غير سديد متعين الرفض، أما بالنسبة إلى ما أضافه المطعون ضده المذكور من أن الطاعنين اختصما قرار محافظ الجيزة الصادر في 15/ 9/ 1980 بتخصيص ثلاثمائة فدان، وأن هذا القرار ألغى بصدور قرار آخر من المحافظ في سبتمبر سنة 1981 بتخصيص مائتي فدان فقط، وأنه كان يتعين على الطاعنين اختصام هذا القرار الأخير خلال الميعاد القانوني، ومن ثم تكون دعواهما غير مقبولة شكلاً، فإن الثابت من الأوراق أن محسن التونسي كان قد تقدم بطلب إلى محافظ الجيزة في 14/ 9/ 1980 لتخصيص مساحة ثلاثمائة فدان لإقامة المشروع المشار إليه عليها، فوافق المحافظ على هذا الطلب، وبناء على ذلك صدر كتاب من محافظة الجيزة في 15/ 9/ 1980 بالموافقة على تخصيص المساحة المطلوبة وتسليمها لمحسن التونسي، وتم تسليمها إليه بموجب محضر تسليم محرر في 18/ 9/ 1980، ثم صدر قرار من المحافظ برقم 288 لسنة 1980 بتشكيل لجنة فنية لدراسة المشروع وتحديد المساحة المناسبة لإقامته، وانعقدت اللجنة في 5/ 10/ 1980 وانتهت إلى التوصية بأن المساحة المناسبة هي مائة وخمسون فداناً بالإضافة إلى خمسين فداناً كحرم لحماية المشروع، وفي 30/ 10/ 1980 قررت المحافظة إيقاف تسليم الأرض لمحسن التونسي حتى يبت نهائياً في شأن تحديد المساحة المناسبة للمشروع، وفي 16/ 11/ 1980 اجتمعت لجنة برئاسة محافظ الجيزة لفحص ودراسة المشروع وانتهت إلى الموافقة على تخصيص المساحة التي أوصت بها اللجنة الفنية المذكورة، ووافق على ذلك المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الجيزة في 29/ 11/ 1980 وفي 30/ 12/ 1980 أخطرت المحافظة محسن التونسي بالموافقة وبأن محضر التسليم المؤقت المؤرخ في 18/ 9/ 1980 يعتبر محضراً للتسليم على ألا يتجاوز المساحة المخصصة لإقامة المشروع والمعتمدة أخيراً "وهي مساحة مائتي فدان". ويتضح مما تقدم أن القرار المطعون فيه لم يلغ ولم يستبدل به قرار آخر منذ صدوره في 15/ 9/ 1980 وإنما تم تنفيذه فعلاً بتسليم محسن التونسي المساحة التي صدر هذا القرار بتخصيصها - بما فيها المساحة موضوع النزاع - بمحضر محرر في 18/ 9/ 1980، أما الإجراءات التي اتخذتها المحافظة بعد ذلك وانتهت بموافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة فقد اقتصر أثرها - في النهاية - على تعديل المساحة التي تمت الموافقة على تخصيصها بالقرار المطعون فيه من ثلاثمائة فدان إلى مائتي فدان واعتبر محضر التسليم الذي تم في 18/ 9/ 1980 - استناداً إلى القرار المطعون فيه محضراً للتسليم بالنسبة إلى المساحة المعدلة ولا يتبين من الأوراق أن ثمة قراراً آخر صدر من محافظ الجيزة في سبتمبر سنة 1981 ألغى قراره الأول المطعون فيه وحل محله، للقول بأن هذا القرار الأخير هو الذي كان يتعين الطعن فيه خلال الميعاد القانوني وعلى ذلك فإن الطعن يكون موجهاً توجيهاً سليماً إلى قرار ما زال قائماً لم يلغ ولم يستبدل به قرار آخر، بغض النظر عن تعديل المساحة التي قضى القرار المطعون فيه بتخصيصها من ثلاثمائة فدان إلى مائتي فدان بناء على الدراسات التي تمت في هذا الشأن، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم اختصام القرار المقول بصدوره من المحافظ في سبتمبر سنة 1981 في الميعاد القانوني، غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون، متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما يختص بقبول طلب تدخل محسن التونسي خصماً في الدعوى بعد إقفال باب المرافعة فيها وحجزها للحكم بالمخالفة لنص المادة 126 من قانون المرافعات، فإن الثابت أن المحكمة لم تقبل هذا الطلب إلا بعد أن قررت فتح باب المرافعة في الدعوى من جديد، بناء على ما استبان لها من تحقق مصلحة طالب التدخل وهي مسألة تخضع لمطلق تقدير المحكمة إذ ليس ثمة ما يحول قانوناً دون فتح باب المرافعة في أي وقت قبل إصدار الحكم متى تبين للمحكمة - تبعاً لسلطتها التقديرية - أن هناك ما يبرر ذلك تحقيقاً لوجه العدالة، وبإعادة فتح باب المرافعة في الدعوى يزول المانع من قبول طلب التدخل، ويكون للمحكمة في هذه الحالة أن تقبل طلب التدخل دون أن تكون ثمة مخالفة لنص المادة 126 من قانون المرافعات، ومن ثم فإن ما ينعيانه الطاعنان على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص - لا سند له من القانون.
ومن حيث إنه عن موضوع المناعة، فإنه يبين من الأوراق أنه بناء على طلب مقدم من محسن التونسي إلى محافظ الجيزة في 14/ 9/ 1980 لتخصيص مساحة ثلاثمائة فدان بناحية المنصورية مركز إمبابة لإقامة مشروع مزرعة آلية لإنتاج البيض وتربية الدواجن - باعتباره من مشروعات الأمن الغذائي التي تفيد في تنمية الاقتصاد القومي أصدر محافظ الجيزة قراره المطعون فيه في 15/ 9/ 1980 بالموافقة على تخصيص المساحة المطلوبة وتسليمها لمحسن التونسي لإقامة مشروعه عليها - وتم تسليمه تلك المساحة بموجب محضر تسليم في 18/ 9/ 1980 - وأعقبت ذلك عدة إجراءات اتخذتها المحافظة في سبيل تحديد المساحة المناسبة للمشروع، انتهت بموافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة في 29/ 11/ 1980 على التخصيص مع تعديل المساحة المخصصة من ثلاثمائة فدان إلى مائتي فدان، وأخطرت المحافظة محسن التونسي في 30/ 12/ 1980 بالموافقة على ذلك مع اعتبار محضر التسليم المحرر في 18/ 9/ 1980 محضراً للتسليم بالنسبة إلى المساحة المعدلة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الأرض محل النزاع من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، وتعتبر من الأراضي البور الواقعة في نطاق الكيلو مترين المتاخمين لحد الزمان، التي تخضع لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، وطبقاً لأحكام هذا القانون فإن الأراضي المشار إليها تتبع الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ولا تدخل في نطاق اختصاص وحدات الحكم المحلي وفقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية، ومن ثم ينعقد الاختصاص بالتصرف فيها للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، كما أنه طبقاً لنص المادة 51 من القانون رقم 100 لسنة 1964 فإن التصرف في الأراضي المذكورة دون التقيد بأحكام هذا القانون - سواء بالنسبة إلى الشروط الواجب توافرها فيمن يتم التصرف إليه - بقصد تنفيذ مشروعات تفيد في تنمية الاقتصاد القومي - مما ينطبق في شأن مساحة الأرض المخصصة لتنفيذ مشروع مزرعة التونسي - يدخل أصلاً في اختصاص وزير الإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي.
ومن حيث إنه صدر القانون رقم 19 لسنة 1984 بنقل ملكية بعض الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة إلى المحافظات وصندوق أراضي الاستصلاح، ونص في مادته الأولى على أن "تعتبر الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي أو الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التي تصرفت فيها المحافظات أو صندوق أراضي الاستصلاح حتى 9/ 10/ 1982 مملوكة لتلك المحافظات أو الصندوق في تاريخ التصرف فيها". ويبين من استقرار مضبطة جلسة مجلس الشعب التي تمت فيها الموافقة على هذا القانون "الجلسة الثالثة والثلاثون في 27/ 2/ 1984" أن الدافع إلى إصدار هذا القانون هو أن بعض المحافظات تجاوزت حدود اختصاصها وتصرفت في بعض أملاك الدولة الخاصة التي تدخل في اختصاص جهات أخرى، وكانت هذه التجاوزات نتيجة تضارب الاختصاصات وتداخلها بين الأجهزة التنفيذية والمحافظات في شأن ملكية الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، ويهدف هذا القانون إلى تصحيح الأوضاع وإضفاء الشرعية على التصرفات التي تمت في 9/ 10/ 1982 وذلك بإعطاء المحافظات الحق في ملكية الأراضي التي تم التصرف فيها حتى تزول العقبة التي كانت تقف أمام المتصرف لهم من عدم ملكية المحافظات لهذه الأراضي.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه الصادر من محافظة الجيزة في 15/ 9/ 1980 استهدف تخصيص مساحة من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة وتسليمها لمحسن التونسي لتنفيذ المشروع المشار إليه عليها. بناء على الطلب الذي تقدم به المذكور وتم تنفيذ هذا القرار بتسليم تلك المساحة من الأرض إلى محسن التونسي بموجب محضر محرر في 18/ 9/ 1980 وتحددت هذه المساحة بصفة نهائية - بعد تعديلها - وفقاً لقرار المجلس الشعبي المحلي للمحافظة في 29/ 11/ 1980 وتقرر في 30/ 12/ 1980 اعتبار محضر التسليم الأول محضراً لتسليم المساحة المعدلة. ويتضح من ذلك أن ما تم في هذا الخصوص يعتبر - في مجال تطبيق أحكام القانون رقم 19 لسنة 1984 - تصرفا في الأرض المشار إليها، مما تلحقه أحكام هذا القانون، ومن ثم تعتبر الأرض - التي تم التصرف فيها على النحو سالف الذكر مملوكة لمحافظة الجيزة في تاريخ التصرف وتصبح اعتباراً من ذلك التاريخ من الأراضي الداخلة في نطاق اختصاص المحافظة التي يتولى المحافظ بالنسبة إليها السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح طبقاً لنص المادة 27 من قانون نظام الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، ويكون للمحافظ بمقتضى هذا النص السلطة المقررة لوزير الإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي بموجب نص المادة 51 من القانون رقم 100 لسنة 1964 فيما يختص بالتصرف في الأرض المشار إليها بقصد تنفيذ مشروع من المشروعات التي تفيد في تنمية الاقتصاد القومي، دون التقيد بأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 الأمر الذي يضفي المشروعية على قرار المحافظ المطعون فيه من تاريخ صدوره، باعتبار أنه صدر ممن أصبح يختص قانوناً بإصداره في وقت صدوره، ومن ثم يصبح الطعن عليه في هذا الخصوص غير قائم على أساس من القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بمساحة الأرض التي كان الطاعنان يضعان يدهما عليها - والتي دخلت في المساحة التي تم تخصيصها لمشروع مزرعة التونسي وسلمت إليه على الوجه السابق إيضاحه - فإن الثابت من الأوراق أنه لا يوجد أي نوع من أنواع التعاقد بين الطاعنين وبين الجهة المالكة في ذلك الوقت، وأن الأمر في هذا الخصوص لا يعدو قيام تفتيش الأملاك بمديرية الإصلاح الزراعي بالجيزة بحصر مساحة 20 س 22 ط 6 ف من الأراضي المشار إليها خفية باسم الطاعنين، وتحصيل مقابل إشغال منهما عن هذه المساحة، دون أن تكون ثمة علاقة تعاقدية أو أي نوع من الارتباط بين الطاعنين والجهة المالكة، ولا تعتبر المبالغ التي أداها الطاعنان مقابل إشغال المساحة المحصورة باسمهما خفية إيجاراً بمفهومه القانوني، ومن ثم فإن حصر المساحة المشار إليها خفية باسم الطاعنين على الوجه السابق - لا يكسبهما حقاً قبل الجهة المالكة يجعلهما في مركز قانوني جدير بالحماية. ولا يحتج في هذا الخصوص بالطلب المقدم من الطاعنين لنائب مدير الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لشئون الملكية والحيازة والأملاك في 8/ 10/ 1978 لاتخاذ ما يلزم نحو بيع المساحة التي يضعان يدهما عليها والمؤشر عليه بالإحالة إلى الأملاك للبحث والعلنية والعرض بالنتيجة، كما لا يحتج بكتاب تفتيش أملاك الجيزة الموجه إلى بنك التنمية والائتمان الزراعي بمحافظة الجيزة في 8/ 3/ 1980 بشأن إحاطة البنك بما هو محصور خفية من أملاك الدولة الخاصة باسم الطاعنين سنة 1979 وأنه جاري عمل إجراءات بيع هذه الأرض لهما، إذ الواقع أن شيئاً من ذلك لم يتم. كما لا يسوغ الاستناد في هذا الخصوص إلى القرارات الصادرة من النيابة العامة بتمكين الطاعنين من وضع يدهما على الأرض محل النزاع، إذ أن هذه القرارات بطبيعتها قرارات مؤقتة لا تتناول أصل الحق المتنازع عليه، وإنما تصدرها النيابة بحسب الظاهر من الأوراق المعروضة عليها بقصد الحفاظ على الأمن والعمل على استتبابه، حتى يفصل القضاء المختص في أصل الحق المتنازع عليه.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الطاعنين لم يكونا في مركز قانوني ذاتي مسه القرار المطعون فيه ولا تعدو حيازتهما للأرض محل النزاع أن تكون مجرد عمل مادي عارض، ولا ترقى إلى مرتبة الحق الذي يحميه القانون ومن ثم يكون القرار المطعون فيه - سليماً ولا مطعن عليه في هذا الخصوص أيضاً وبالتالي يكون طلب إلغائه غير قائم على أساس من القانون حقيقياً بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بقبول تدخل محسن التونسي خصماً منضماً للحكومة في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق وبرفض هذه الدعوى، ومنتهياً في ذلك إلى ذات النتيجة التي انتهت إليها هذه المحكمة، فإنه، بحمله على الأسباب التي استندت إليها هذه المحكمة فيما انتهت إليه - يكون الطعن عليه غير قائم على أساس من القانون، ويتعين لذلك رفض هذا الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.

الطعن 1557 لسنة 27 ق جلسة 2 / 2 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 81 ص 514

جلسة 2 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

------------------

(81)

الطعن رقم 1557 لسنة 27 القضائية

عاملون مدينون بالدولة - تأديب - الدعوى التأديبية.
المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - صدور قرار الجهة الإدارية في شهر مارس سنة 1977 بتوقيع جزاء على عامل بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه لاقترافه مخالفة مالية - طلب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إحالة العامل للمحاكمة التأديبية - ولئن كانت الدعوى التأديبية قد اتصلت بالمحكمة التأديبية اعتباراً من إيداع الأوراق وتقرير الاتهام في شهر ديسمبر سنة 1977 بعد صدور قرار الجهة الإدارية بتوقيع الجزاء على المخالف إلا أن تصدي المحكمة التأديبية في هذه الحالة للمخالفات المنسوبة للمتهم يكون قائماً على أساس سليم من القانون - صدور حكم المحكمة التأديبية بمجازاة المخالف بخصم شهرين من راتبه - قرار الجهة الإدارية بتوقيع الجزاء في شهر مارس سنة 1977 أصبح غير منتج لآثاره القانونية ولا يحول دون تصدي المحكمة التأديبية لموضوع المخالفة وإصدار حكمها بمجازاة المتهم وتوقيع العقوبة المناسبة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 3/ 6/ 1981 أودع السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1557 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 6/ 4/ 1981 في الدعوى رقم 66 لسنة 5 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد...... والذي قضى بمجازاة المتهم بخصم شهرين من راتبه، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعون فيه وبعدم جواز محاكمة العامل المحال.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على الوجه المبين بالأوراق، أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 14/ 11/ 1984 وبجلسة 28/ 11/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره أمامها بجلسة 29/ 12/ 1984، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 22/ 12/ 1977 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 66 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة التأديبية بأسيوط ضد...... مساعد معمل وحدة علوان الصحية لأنه خلال المدة من 17/ 10/ 1970 وحتى فبراير 1976 بوحدة علوان الصحية خالف الأحكام المقررة وخرج على مقتضى الواجب الوظيفي مما ترتب عليه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
1- استولى بدون وجه حق على مبلغ 278.840 جنيه من المبالغ المسلمة إليه بسبب وظيفته حال كونه من مأموري التحصيل والأمناء على الودائع على النحو المفصل بالأوراق.
2- ارتكب تزويراً في أوراق رسمية هي إيصالات الإيداع الخاصة ببنك مصر فرع أسيوط أرقام 31145 و311789، 213750، 444451، 137764، 314116، بإحدى الطرق المبينة بالقانون وذلك بأن حصل على أصل وصورة هذه الإيصالات من المختص بالإيداع بالبنك ولم يقم بتوريد قيمتها فعلاً ووضع خاتم الوحدة عهدته بقصد الإيهام بتوريدها وجملتها 261.060 جنيه على النحو المفصل بالأوراق.
3 - أهمل في المحافظة على الأصناف المخزونة عهدته مما ترتب عليه عجز مقداره 34.381 جنيه على النحو المفصل بالأوراق.
وأنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفة المالية المنصوص عليها في المواد 53/ 1، 55/ 3، 4 و59/ 1 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادتين 53/ 3، 4، 55/ 1 من نظام العاملين المدنيين الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 وطلبت النيابة الإدارية محاكمته بالمواد سالفة الذكر والمادتين 57، 58 من القانون رقم 58 لسنة 1971 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1982 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 6/ 4/ 1981 قضت المحكمة بمجازاة المتهم بالخصم شهرين من مرتبه وأقامت قضاءها على ثبوت الاتهام ضده وأن تصرف الجهة الإدارية بمجازاة المتهم حسبما أشار كتاب جهة الإدارة في هذا الشأن قد صدر بعد أن اتصلت الدعوى التأديبية بولاية المحكمة، ويعتبر معدوم الأثر قانوناً ويتعين عدم الاعتداد به.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق أحكام القانون وتأويلها، ذلك أن سلب ولاية الجهة الإدارية في توقيع الجزاء منوط باتصال الدعوى التأديبية بالمحكمة التأديبية اعتباراً من تاريخ رفع الدعوى التأديبية أما قبل اتخاذ هذا الإجراء فإن الجهة الإدارية تظل مالكة لزمام التصرف في شأن المخالفات المنسوبة للعامل واتخاذ ما تراه مناسباً من قرارات تصدرها ولا يحول دون ذلك مباشرة النيابة الإدارية للتحقيق الإداري. وأضاف بأن الثابت من الحكم الطعين أن الجهة الإدارية أوقعت جزاء تأديبياً على العامل المخالف بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه بالقرار رقم 148 الصادر في 5/ 3/ 1977 أي قبل اتصال الدعوى التأديبية بالمحكمة الحاصل في 22/ 12/ 1977.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن طبيبة وحدة علوان أبلغت بوجود تلاعب بحصيلة صندوق تحسين الخدمة بالوحدة عهده.... مساعد المعمل، وتولى التفتيش الإداري بمديرية الشئون الصحية بأسيوط فحص أعمال المشكو عن المدة من 17/ 10/ 1970 حتى 30/ 9/ 1973 وأسفر الفحص عن وجود عجز بأموال الصندوق وأجرى تحقيق إداري تقرر على أثره وقف المشكو عن العمل اعتباراً من 28/ 3/ 1974 وحتى 28/ 6/ 1974 وأخطرت النيابة العامة بالواقعة وأمرت بتشكيل لجنة لفحص أعمال المذكور خلال الفترة من 17/ 10/ 1970 وحتى نهاية شهر فبراير عام 1976 وقدمت اللجنة تقريرها وانتهت النيابة العامة من التحقيق وخلصت إلى ثبوت ارتكاب الجاني لجريمتي التزوير والاختلاس وأنه نظراً لمبادرته بسداد جزء من المبالغ المختلسة وقبول جهة الإدارة تقسيط الباقي فقد رأت النيابة العامة في الجناية رقم 1216 لسنة 1976 الاكتفاء بمجازاته إدارياً، وعرضت الأوراق على مدير عام الصحة بأسيوط الذي أصدر قراره رقم 148 في 5/ 3/ 1977 بمجازاة المخالف بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه وأخطر الجهاز المركزي للمحاسبات لصفة المخالفة بالواقعة بهذا القرار في 15/ 3/ 1977، وتولت الإدارة المركزية للمخالفات المالية فحص الأوراق حيث تلاحظ لها أنه رغم سبق مجازاة المخالف في 6/ 1/ 1971 بخصم عشرة أيام من راتبه لوجود عجز بأموال صندوق تحسين الخدمة والسلعة عهدته فإن الجزاء لم يردعه بل تمادى في سلوكه المنحرف إلى حد ارتكاب جريمتي الاختلاس والتزوير وأن الجزاء الموقع عليه بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه لا يتلاءم مع خطوة الجرم بما يستوجب إحالته إلى المحاكمة التأديبية، وأحيلت الأوراق إلى النيابة الإدارية التي أجرت تحقيقاً انتهت فيه إلى إحالة المخالف إلى المحاكمة التأديبية حيث صدر الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية تنص على أنه "يخطر رئيس ديوان المحاسبات بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحكمة التأديبية وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية". والثابت على نحو ما تقدم أنه طبقاًَ للنص المذكور فقد أحيل المتهم إلى المحاكمة التأديبية بعد أن طلب الجهاز المركزي للمحاسبات عند إخطاره طبقاً للقانون ولكون المخالفة مالية، بالجزاء الموقع من جهة الإدارة بالقرار رقم 148 الصادر في 5/ 3/ 1977، إحالة المخالف إلى المحكمة التأديبية والتي أصدرت حكمها المطعون فيه بمجازاته بخصم شهرين من راتبه، فإنه ولئن كانت الدعوى التأديبية قد اتصلت بالمحكمة التأديبية اعتباراً من تاريخ إيداع الأوراق وتقرير الاتهام في 22/ 12/ 1977 بعد صدور قرار الجهة الإدارية بتوقيع الجزاء على المخالف في 5/ 3/ 1977، إلا أن تصدي المحكمة في هذه الحالة للمخالفات المنسوبة للمتهم والفصل فيها يكون قائماً على أساس سليم من القانون في ضوء نص المادة 130 من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه والتي خول المشرع بموجبها لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الحق في الاعتراض على الجزاء الموقع على المخالف في المخالفات المالية وطلب إحالته إلى المحاكمة التأديبية، الأمر الذي يصبح معه قرار الجهة الإدارية بتوقيع الجزاء غير منتج لآثاره القانونية ولا يحول دون تصدي المحكمة لموضوع المخالفة وإصدار حكمها بمجازاة المتهم من عدمه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر سليماً فيما انتهى إليه من نتيجة، ويكون الطعن والحال كذلك غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

الطعن 654 لسنة 27 ق جلسة 2 / 2 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 80 ص 507

جلسة 2 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وعادل محمود فرغلي – المستشارين.

----------------

(80)

الطعن رقم 654 لسنة 27 القضائية

جامعات - أعضاء هيئة التدريس بالجامعة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الضمنية.
المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات - يشترط للإبقاء على العلاقة الوظيفية لعضو هيئة التدريس المنقطع عن العمل بغير إذن أن يعود إلى عمله خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ الانقطاع وإلا اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه - العودة التي عناها المشرع هي عودة عضو هيئة التدريس إلى مباشرة عمله بطريقة فعلية والرجوع عن حالة الانقطاع التي تشكل مخالفة تأديبية في حقه - عودة عضو هيئة التدريس واستلامه العمل ثم انقطاعه بقصد الحيلولة دون أعمال الآثار القانونية المترتبة على الانقطاع - الطاعن لم يستهدف من استلامه العمل العودة إلى مباشرة عمله والاستمرار في أداء واجباته الوظيفية على الوجه الذي عناه الشارع من إيراد نص المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 وإنما يعتبر إجراء شكلياً يتفادى به من أعمال حكم القانون ويكتسب به أجلاً جديداً يبدأ مرة أخرى من تاريخ انقطاعه التالي لاستلامه الصوري للعمل - تجريد استلامه العمل من كل أثر قانوني واعتبار انقطاعه عن العمل مستمراً اعتباراً من تاريخ أول انقطاع بعد انتهاء الإعارة حتى تاريخ صدور قرار إنهاء الخدمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 28 من مارس سنة 1981 أودع الأستاذ حامد عبد الحميد عكاز المحامي نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 654/ 27 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) بجلسة 25/ 2/ 1981 في الدعوى رقم 455 لسنة 33 ق المقامة من الطاعن ضد كل من شيخ الجامع الأزهر ووزير الأوقاف ورئيس مجلس إدارة جامعة الأزهر وعميد كلية الشريعة والقانون والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بعريضة طعنه الحكم له بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم بكامل أجزائه والحكم مجدداً:
أولاً: بإلغاء القرار رقم 25 الصادر من المطعون ضدهم بتاريخ 4/ 4/ 1979 وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم بأن يدفعوا للطاعن تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبعد أن تم إعلان الطعن إلى ذوي الشأن على الوجه المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار رقم 25 الصادر في 4/ 4/ 1979 بإنهاء خدمة الطاعن والحكم له بالتعويض وفق ما يستظهره من قدم عناصره.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 11/ 7/ 1984 حيث نظرته الدائرة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت بجلسة 2/ 10/ 1984 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 15/ 12/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه قبل النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يتضح من الأوراق في أنه بتاريخ 10/ 6/ 1979 أقام الطاعن الدعوى رقم 1455 لسنة 33 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة الجزاءات" طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 25 الصادر في 4/ 4/ 1979 بإنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا له تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه كان يعمل أستاذاً مساعداً بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وفي 1/ 11/ 1974 أعير إلى المملكة العربية السعودية لمدة أربع سنوات تنتهي في 31/ 10/ 1978 وقد عاد إلى عمله وتسلمه في 4/ 11/ 78 ثم استأذن في العودة إلى السعودية لإحضار أمتعته وبعد عودته فوجئ بأن الجامعة أصدرت في حقه القرار رقم 25 الصادر في 4/ 4/ 1979 بإنهاء خدمته اعتباراً من 31/ 10/ 1978 فتقدم بطلب إلى السيد عميد الكلية في 16/ 5/ 1979 لعودته إلى عمله غير أن طلبه قد رفض وأضاف المدعي أن انقطاعه عن العمل وعودته إلى السعودية كان بسبب إحضار أمتعته وسيارته وعاد إلى العمل قبل مضي ستة أشهر من غيبته ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة للمادة 117 من قانون الجامعات منطوياً على جزاء تأديبي مقنع مما يتعين معه إلغاؤه وأنه قد ناله ضرر جسيم من صدور ذلك القرار المعيب يقدره بما يوازي عشرة آلاف جنيه.
وبجلسة 25/ 2/ 1981 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها القاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن ما تغياه المشرع من نص المادة 117 من قانون تنظيم الجامعات هو اعتبار عضو هيئة التدريس مستقيلاً إذا انقطع عن العمل أكثر من ستة أشهر فإذا عاد في غضون هذه المدة وقام بمباشرة عمله فلا يعتبر كذلك أما استلام عضو هيئة التدريس للعمل ثم انقطاعه مرة أخرى بغير ترخيص فلا يسوغ له الإفادة من النص المذكور وإلا اتخذ من النص باباً للانقطاع لمدد تقطع بعدم مجاوزة الستة أشهر والاستمرار في الخدمة دون أداء الأعمال المنوطة بعضو هيئة التدريس وهو ما لم يقصد إليه الشارع ومن ثم فقد يتعين على المدعى استلام العمل في 1/ 9/ 1978 عقب انتهاء إعارته في 31/ 8/ 1978 غير أنه تسلم العمل في 4/ 11/ 1978 ولم يباشر عمله ثم انقطع مرة أخرى إلى أن تقدم في 16/ 5/ 1979 بطلب لاستلام العمل فإن مجرد استلامه العمل يوم 4/ 11/ 1978 والانقطاع عقب ذلك مباشرة يستتبع اعتبار مدة الانقطاع متصلة ويكون قد انقطع عن العمل أكثر من ستة أشهر من تاريخ انتهاء الإعارة حتى تاريخ إنهاء خدمته في 4/ 4/ 1979 من مجلس الجامعات ويكون قرار الجامعة والحال هذه قد صدر متفقاً وأحكام القانون ولا يعتبر من ذلك سابقة استلام المدعي للعمل في 4/ 11/ 1978 ذلك أن عدم مباشرته لأعمال وظيفته منذ هذا التاريخ والانقطاع عن العمل حتى طلب استلامه في 16/ 5/ 1979 يدل على عمد الطاعن بسوء قصد إلى مجرد قطع المدة وهو ما لا يتفق وحكم المادة 117 من قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الأمر الذي يستوجب اعتبار مدة الانقطاع متصلة ويجعل القرار الصادر بإنهاء الخدمة سليماً لا يسوغ التعويض عنه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم قد تجاوز حقه في تفسير النص إلى تعيين قواعد لا يتسع لها النص إذ لم يشترط أن تكون العودة إلى العمل التي تلغي قرينة الاستقالة هي لمباشرة العمل على نحو معين وليس ثمة ما يمنع من تكرار استعمال تلك الرخصة لأن المطلق يؤخذ على إطلاقه بغير قيد.
ثانياً: أخطأ الحكم إذ اعتبر الطاعن قد عمد بسوء قصد إلى مجرد قطع المدة لأن الأصل في الإنسان حسن النية ولا يرمى بسوء النية إلا إذا قام الدليل على ذلك.
ثالثاً: ذهب الحكم الطعين إلى أن ملف خدمة الطاعن ليس فيه ما يدل على مباشرته مهام منصبه بعد عودته من السعودية مع أن ملف خدمته لم يعد لبيان ما قام به عضو هيئة التدريس من أعمال.
رابعاً: أن مدة إعارة الطاعن هي أربع سنوات كاملة تنتهي في 1/ 11/ 1978 وليس كما انتهى الحكم في 31/ 8/ 1978 ومن ثم فإن قرار إنهاء خدمته اعتباراً من 4/ 4/ 79 يكون قد صدر قبل انقضاء الستة أشهر التي ذكرتها المادة 117 من قانون المرافعات سالف الذكر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بناء على كتاب جامعة الملك عبد العزيز وافق مجلس جامعة الأزهر على إعارة الدكتور...... المدرس بقسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر للتدريس بجامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية خلال العام الجامعي 76/ 1977 المنتهي في 31/ 8/ 1977 وصدر بذلك قرار من وزير الأوقاف وشئون الأزهر وتجددت هذه الإعارة لمدة أربعة أعوام جامعية كانت آخرها بمقتضى القرار الوزاري رقم 233 لسنة 1977 الصادر في 9 أغسطس سنة 1978 بتجديد إعارة الطاعن للتدريس بجامعة الملك عبد العزيز خلال العام الجامعي 77/ 1978 إلا أنه لم يتسلم عمله بعد انتهاء العام الجامعي المشار إليه وظل منقطعاً عن العمل حتى وقع إقراراً في 4/ 11/ 1978 بأنه تسلم العمل بكلية الشريعة والقانون إلا أنه لم يباشر عمله في الكلية المذكورة مما حدا برئيس قسم الفقه المقارن التابع له الطاعن إلى أن يرسل له في 26/ 11/ 1978 إخطاراً مكتوباً على منزله بالقاهرة لحضور اجتماع مجلس الكلية كما أرسل إليه عميد الكلية في ذات التاريخ إخطاراً آخر لضرورة حضوره امتحانات الدراسات العليا وينبهه فيه إلى أن الامتحانات قد بدأت بالفعل يوم السبت 25/ 11/ 1978 إلا أن مندوب شئون العاملين الذي قام بتوصيل الإخطارين قد عاد بهما مؤكداً أنه وجد منزل الطاعن مغلقاً ولم يستدل عليه إلا من صاحب الصيدلية المجاورة الذي أفاد بأن الطاعن قد سافر إلى السعودية وبتاريخ 29/ 11/ 1978 رفعت الكلية مذكرة إلى الجامعة بحالة الطاعن تفيد أنه تسلم عمله في 4/ 11/ 1978 وكان المفروض أن يحضر إلى الكلية لمباشرة عمله والاشتراك في الامتحانات التي بدأت بعد إجازة عيد الأضحى مباشرة غير أن سيادته لم يعد منذ هذا التاريخ مما حدا بها إلى إخطاره أكثر من مرة على منزلة حتى تأكد لها أنه قد سافر إلى مكة المكرمة وأن هذا السفر قد تم دون علم الكلية ودون موافقتها وبتاريخ 24/ 4/ 1979 صدر القرار الطعين بإنهاء خدمة الطاعن لانقطاعه عن العمل أكثر من ستة أشهر بغير إذن وبتاريخ 17/ 5/ 1979 حضر الطاعن وقدم التماساً إلى عميد الكلية بإعادته إلى العمل وذكر في التماسه أنه قد سبق أن تقدم بطلب إلى مجلس الكلية لتجديد إعارته ورفع هذا الطلب إلى مجلس الجامعة للنظر في استثنائه من النسب المئوية المقررة للإعارة على مستوى الأقسام الشرعية الثلاثة، وبناء على ذلك فقد سافر في أوائل الشهر التاسع الميلادي إلى مقر إعارته بالسعودية إلا أنه علم وهو في إجازة بالقاهرة إن الإعارة لم يتم تجديدها فتسلم عمله في 4/ 11/ 1978 ثم تقدم بطلب إجازة لمدة شهرين حتى يتمكن من العودة إلى مقر إعارته وتصفية متعلقاته، ولما كانت تأشيرة دخوله قد أوشكت على الانتهاء سافر إلى السعودية خشية ضياع حاجياته..".
ومن حيث إنه يبين من استعراض الوقائع على النحو السالف بيانه أن الطاعن عندما تقدم بطلبه الأول لاستلام عمله في 4/ 11/ 1978 لم يكن ذلك عن رغبة جادة ونية صادقة في مباشرة عمله والانتظام فيه وإنما كان يستهدف من وراء ذلك مجرد الإيهام بالرضوخ إلى قرار الجامعة بعدم تجديد الإعارة والانصياع إلى رغبتها في عودته إلى العمل وإنهاء انقطاعه عن العمل الذي بدأ من اليوم التالي لانتهاء إعارته الأخيرة في 31/ 8/ 1978 بقصد الحيلولة دون إعمال الآثار القانونية المترتبة على هذا الانقطاع وآية ذلك ما أقر به في التماسه من أنه لم يتسلم عمله في 4/ 11/ 1978 إلا عندما فشلت مساعي التجديد بالقاهرة وهو في إجازة من عمله بجامعة الملك عبد العزيز التي سافر إليها للعام الخامس دون أن تصدر له أية موافقة على تجديد الإعارة وكان طبيعياً أن يسافر إلى السعودية قبل انتهاء إجازته الممنوحة له من جامعة الملك عبد العزيز فتقدم بطلب إلى جامعة الأزهر ملتمساً منحه إجازة وهو عاقد العزم على السفر لاستكمال إعارته في عامها الخامس سواء وافقت الجامعة على هذه الإجازة من عدمه وسافر بالفعل إلى المملكة العربية السعودية ولم يعد إلى مصر إلا في 17/ 5/ 1979 بعد انتهاء الدراسة بجامعة الملك عبد العزيز ولو كان صحيحاً ما ادعاه الطاعن من أن طلبه الإجازة الذي قدمه أثر تسلمه العمل قد تم بقصد إحضار منقولاته وسيارته التي تركها في فناء الجامعة لما اقتضى الأمر أن يظل بالسعودية أكثر من ستة أشهر تالية على تاريخ استلامه العمل الأمر الذي يكشف بجلاء عن أنه لم يكن صادق العزم في العودة إلى عمله بالجامعة بل كان حريصاً على تنفيذ تعهداته قبل جامعة الملك عبد العزيز للعام الجامعي 78/ 1979 ضارباً صفحاً برفض جامعة الأزهر تجديد إعارته ورغبتها في مباشرة عمله بها وإن كان ما كان يستهدفه من تسلمه العمل في 4/ 11/ 1978 أو تقديمه طلب الإجازة في اليوم التالي وإن صح ما يدعيه هو قطع المواعيد وإسقاط القيود والإجراءات التي اتخذت حياله لإنهاء خدمته إذ لم يعد إلى عمله في الأجل المضروب له وكل أولئك آية على أن الطاعن لم يستهدف من استلامه العمل في اليوم المشار إليه العودة إلى مباشرة عمله والاستمرار في أداء واجباته الوظيفية على الوجه الذي عناه الشارع من إيراد نص المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه وإنما أراد له أن يكون إجراء شكلياً يتفادى به إعمال حكم القانون ويكتسب به أجلاً جديداً يبدأ مرة أخرى من تاريخ انقطاعه التالي لاستلامه الصوري للعمل الأمر الذي يتعين معه أن يرد عليه قصده وتجريده إقراره باستلام العمل في يوم 4/ 11/ 1978 من كل أثر قانوني قصد به إعمال حكم القانون على غير ما ابتغاه الشارع واعتبار انقطاعه عن العمل الذي بدأ من اليوم التالي لإنهاء إعارته في 31/ 8/ 1978 مستمراً حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه ما دام الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يقم بالعمل فعلاً حتى التاريخ المذكور وإذا كانت المادة 117 من القانون 49 لسنة 1972 الواجبة التطبيق في حق الطاعن بمقتضى حكم المادة 184 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر قد أوجبت للإبقاء على العلاقة الوظيفية لعضو هيئة التدريس المنقطع عن العمل بغير إذن أن يعود إلى عمله خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ الانقطاع وإلا اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه فكانت العودة التي عناها الشارع هي عودة عضو هيئة التدريس إلى مباشرة عمله بطريقة فعلية حتى يتحقق بها مفهوم العودة والرجوع عن حالة الانقطاع التي تشكل بذاتها مخالفة تأديبية تسوغ المؤاخذة فلا تثريب على الجامعة إن هي لم تعتد باستلام الطاعن الصوري الواقع في 4/ 11/ 1978 واعتبرت خدمته منتهية اعتباراً من تاريخ انقطاعه عن العمل في 1/ 9/ 1978.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من اعتبار مدة الانقطاع متصلة ولو داخلها يوم استلم فيه الطاعن العمل ما دامت عيون الأوراق تنطبق بأنه لم يباشر عمله بالفعل ولم يقصد الرجوع إليه ولا يقدح في ذلك ما قدمه الطاعن من مستندات لتغطية صورية تصرفه كدفعة التأمينات أو استلامه لجدول المحاضرات ما دام قد استقر في وجدان المحكمة أن الطاعن لم يستهدف بمسلكه سوى إثبات واقعة غير حقيقية وإلباسها ثوب الحقيقة وكان استخلاصها هذا من أصول ثابتة في عيون الأوراق تؤكد سوء نية الطاعن وعدم رغبته في العودة إلى عمله إلا بعد تحقيق مآربه الخاصة في تجديد إعارته لعام خامس على خلاف إرادة الجهة الإدارية وإصراره على عدم العودة إلى عمله حتى بعد مرور الستة أشهر على انقطاعه إلا بعد انتهاء العام الجامعي الخامس إذ لم يقدم التماسه بالعودة إلى عمله إلا في 17/ 5/ 1979 بعد انتهاء الدراسة في جامعة الملك عبد العزيز التي أقر في التماسه أنه بدأ العمل بها رغم عدم موافقة جامعة الأزهر على ذلك.
ولا حجية فيما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بتجاوزه لسلطته في التفسير بما لا يتسع له النص لا حجة في ذلك إذ فضلاً عن أن عبارة النص توجب تفسير عبارة "عاد إلى عمله" بمعنى الرجوع إليه رداً إلى حظيرة القانون بعد انقطاع غير مشروع ولا يتأتى ذلك إلا بعد العودة الفعلية لمباشرة العامل المنقطع لعمله فإن الحكمة من إيراد هذا النص قد قصد بها إعطاء عضو هيئة التدريس مهلة معقولة لتدبير أموره قبل أن يفاجأ بإنهاء خدمته ولم يقصد الشارع من هذا النص أن تكون عقدة الرابطة الوظيفية في يد عضو هيئة التدريس يكفيه للإبقاء عليها أن يتوجه إلى مقر عمله كل ستة أشهر ذلك أن النصوص القانونية ليست غاية في ذاتها وإنما هي وسيلة لتحقيق الصالح العام وهي حكمة عامة ينبغي أن يتوخاها الشارع عند سن التشريع ويتبعها القاضي عند التأويل والتطبيق فيما يعرض له من أقضية.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن من أن إعارته كانت لأربع سنوات تنتهي في 1/ 11/ 1978 وأن قرار إنهاء خدمته في 4/ 4/ 1979 يكون قد صدر قبل مضي ستة أشهر على انتهاء الخدمة لا وجه لذلك ما دام الثابت من الأوراق أن مدة إعارة الطاعن هي أربعة أعوام كانت آخرها طبقاً للقرار الوزاري رقم 233/ 1977 الصادر بتجديد إعارته للعام الدراسي 77/ 1978 الذي ينتهي في 31/ 8/ 1978.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن ما ساقه الطاعن نعياً على الحكم الطعين من أسباب لا يقوم على سند سليم من الواقع أو القانون مما يجعل طعنه حرياً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 940 لسنة 26 ق جلسة 29 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 79 ص 495

جلسة 29 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة نصحي بولس فارس وعبد الرؤوف محمد محيي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار - المستشارين.

-----------------

(79)

الطعن رقم 940 لسنة 26 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - ندب.
الأصل أن الندب من وظيفة إلى أخرى أمر تترخص في ممارسته جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية وبمراعاة أن الندب مؤقت بطبيعته - يتعين على جهة الإدارة عند أعمال سلطتها التقديرية ألا تسيء استعمال هذه السلطة - تكرار ندب العامل لوظائف متعددة بعضها أدنى من وظيفته والأخرى مغايرة لها دون إعادته إلى عمله الأصلي يؤدي إلى عدم كفالة استقرار العامل نسبياً في وظيفة بذاتها - قيام حالة واقعية تستخلص من جماع تصرفات جهة الإدارة وتفيد في قيام قرينة إساءة استعمال جهة الإدارة سلطتها في الندب - توافر ركن الخطأ - متى ثبت توافر أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية يحكم بالتعويض المناسب - عدم سقوط الحق في طلب التعويض إلا بمضي المدة الطويلة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 5/ 5/ 1980 أودعت الأستاذة ليلى أحمد إبراهيم المحامية عن الهيئة العامة للكتاب تقرير طعن برقم 940 لسنة 26 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلستها المنعقدة في 9/ 3/ 1980 في الدعوى رقم 294 لسنة 29 ق المقامة من السيد عبد الهادي محمد مسعود الإبياري والذي قضى بإلزام الهيئة العامة للكتاب بأن تدفع للمدعي مبلغ ألف جنيه وألزمتها المصروفات.
وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بعريضة الطعن الحكم أولاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثانياً: إلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي يوم الأحد الموافق 24/ 8/ 1980 أودع الأستاذ حسن شرارة. المحامي نائباً عن الأستاذ إبراهيم الزيادي المحامي الوكيل عن السيد عبد الهادي محمد مسعود الإبياري تقريراً بالطعن في ذات الحكم قيد برقم 1670 لسنة 26 ق وطلب في ختام تقريره للأسباب التي ذكرها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بأن تدفع المدعى عليها له مبلغ اثنين وعشرين ألف جنيه والمصروفات والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية.
وقد أعلن كل من الطعنين إلى المطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعنين انتهت فيه إلى طلب الحكم. أولاً في الطعن رقم 940 لسنة 26 ق برفض طلب وقف التنفيذ، وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام جهة الإدارة بأن تدفع التعويض المناسب الذي تقدره المحكمة عن الأضرار الأدبية عن قرارات الندب غير المشروع ورفض ما عدا ذلك من طلبات مع إلزام الطرفين بالمصاريف مناصفة.
ثانياً: بالنسبة للطعن رقم 1670 لسنة 26 ق بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ونظر الطعنان بجلسات دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 26/ 10/ 1983 قررت الدائرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة 14/ 12/ 1983، وبهذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/ 12/ 1983 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 7/ 3/ 1984.
وبعد إذ أحيل الطعن إلى هذه الدائرة (الثالثة) تداول بجلساتها على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 18/ 4/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 8/ 5/ 1984.
وتداول نظر الطعن أمام المحكمة وبجلسة 13/ 11/ 1984 قررت المحكمة حجز الطعنين للحكم بجلسة 25/ 12/ 1984، وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 22/ 1/ 1985 لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 940 لسنة 26 ق، فثابت من الأوراق أنه بعد إذ صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 9/ 3/ 1980، أودعت الطاعنة تقرير الطعن في 5/ 5/ 1980 لذلك يكون الطعن قد أقيم في الميعاد، وإذ كان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 1670 لسنة 26 ق فثابت أن الطاعن قد تقدم في 3/ 4/ 1980 وفي خلال الميعاد بطلب لإعفائه من رسوم الطعن رفض في 25/ 6/ 1980 فأقام طعنه في 24/ 8/ 1980 لذلك فإنه يكون قد راعى المواعيد، وإذ كان الطعن قد استوفى باقي أوضاعه الشكلية، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن السيد/ عبد الهادي محمد مسعود الإبياري كان قد أقام بتاريخ 7/ 12/ 1974 الدعوى رقم 294 لسنة 29 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا له مبلغ 22 ألف جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية وما فاته من كسب نتيجة تصرفات وقرارات المطعون ضدهما من إلزامهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعوه أنه كان قد عين بوزارة التربية والتعليم ثم حصل على ليسانس الآداب في مايو سنة 1946، ثم نقل إلى الهيئة المدعى عليها وتدرج في وظائفها إلى أن حصل على الدرجة الثالثة الفنية العالية في 10/ 5/ 1958. وفي مارس سنة 1962 أجريت حركة ترقيات أرجئت فيها الترقية إلى الدرجة الثانية دون مبرر قانوني، فتظلم من ذلك وبناء على فتوى صادرة من مجلس الدولة تمت ترقيته إلى الدرجة الثانية في 28/ 7/ 1962. وفي مارس سنة 1964 أجرت الإدارة حركة ترقيات أرجأت فيها الهيئة النظر في الترقية إلى الدرجة الأولى فتظلم من ذلك إلا أن الإدارة انتهت إلى تخطيه في الترقية بقرارها الصادر في 22/ 2/ 1965 دون إخطاره باتجاه نيتها إلى تخطيه قبل اتخاذ قرارها، وقد تلي ذلك صدور عدة قرارات أضرت به بدأت بصدور القرار التنظيمي رقم 65 بتاريخ 14/ 6/ 1966 والذي صاحبه ندبه إلى وظيفة رئيس أو مراقب أو مدير للشئون العامة، وهذا ما ألحق به الأضرار المادية والأدبية لأن الوظائف التي ندب إليها وظائف إدارية لا فنية، وما قصدت الإدارة بقراراتها الصادرة في هذا الشأن إلا الحط من قيمته وهذا ما يتضمن توقيع جزاءات مقنعة، وقد ترتب على ذلك إن ساءت حالته الصحية فأصيب بانزلاق غضروفي أثر على أعصابه مما كان له أثره على إنتاجه في مجال التأليف وحرمه من مزايا مادية. وقال الطاعن أنه أقام الدعوى ابتداء بطلب الحكم له بتعويض مقداره ألفين من الجنيهات، إلا أنه نظراً لفداحة ما أصابه من أضرار عدل طلباته إلى 22 ألف جنيه بعد أن حصل على قرار بإعفائه من الرسوم بالقرار رقم 135 لسنة 25 ق، وأنه يطالب بهذا التعويض عن تصرفات الإدارة الآتية:
1 - التقارير السرية التي وضعت عنه اعتبارا من سنة 1952.
2 - القرار رقم 45 لسنة 1960 بندبه للعمل بقسم التراث بالإدارة العامة للثقافة.
3 - القرار رقم 35 بتاريخ 2/ 4/ 1963 بتكليفه بالإشراف على الشئون العامة بصفة مؤقتة.
4 - القرار رقم 107 بتاريخ 11/ 11/ 1964 بندبه رئيساً لقسم الشئون العامة.
5 - القرار رقم 120 بتاريخ 9/ 7/ 1966 بندب السيد/ محمود الأعصر وكيلاً للإدارة العامة للشئون المالية بالإضافة لعمله وكيلاً للإدارة العامة للخدمة المكتبية.
6 - القرار الصادر بندبه إلى غير وظيفة بالإدارة العامة للتنظيم والإدارة.
7 - القرار الصادر بندبه إلى الإدارة العامة للثقافة الجماهيرية في وظيفة هابطة.
8 - القرار الصادر بندبه إلى الإدارة العامة الثقافة الجماهيرية مع ندبه إلى وظيفة محلية هي مدير قصر الثقافة في بني سويف.
9 - القرار الصادر بعدم اعتبار الدعوة الموجهة إليه للسفر إلى بغداد مهمة ثقافية.
10 - الامتناع عن منحه إجازة اعتيادية للتوجه في دعوى إلى بغداد.
11 - القرار رقم 265 في 21/ 12/ 1966 بشغل الدرجة الثانية بموظف من وزارة التعليم العالي.
12 - منعه من السفر إلى أسبانيا للتدريس.
13 - القرار رقم 25 في 21/ 1/ 1963 بترقية السيد/ علي محمود كحيل إلى الدرجة الثانية وهو القرار الذي ألغاه الحكم الصادر في الدعوى رقم 117 لسنة 21 ق لصالح الطاعن.
14 - القرار الصادر في ديسمبر سنة 1968 بترقية السيد/ محمود الأعصر إلى الدرجة الثانية.
15 - القرار رقم 188 الصادر بسلخ معرض المخطوطات من قسم الشئون العامة بقصد الإقلال من شأنه.
16 - القرار الصادر بإرجاء النظر في ترقيته إلى الدرجة الأولى القديمة (الثانية في 46/ 1964).
17 - القرار الصادر بتخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية (ق 46/ 1964) الصادر في 22/ 2/ 1965.
18 - القرار رقم 65 بتاريخ 14/ 6/ 1966 بترتيب الوظائف وشغلها.
19 - جريمة القذف المنسوبة إلى السيد/ ....... وغيره.
20 - القرار رقم 116 الصادر في 6/ 7/ 1966 بتعيين السيد/ علي محمود كحيل مراقباً عاماً للخدمة المكتبية بينما الدرجة التي يشغلها سعادته أقل من درجة الطاعن الذي كانت مخصصة له الوظيفة.
21 - القرار رقم 62 الصادر في 3/ 7/ 1963.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، واحتياطياً الحكم برفضها مع إلزام الطاعن في أي من الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ثم قدمت مذكرة أخرى طلبت في ختامها أولاً: الحكم بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لزوال صفة المدعى عليه الأول، واحتياطياً الحكم بإخراج وزارة الثقافة من الدعوى بلا مصاريف. ثانياً: أصلياً: الحكم بسقوط دعوى المطالبة بالتعويض بالتقادم الخمسي. واحتياطياً: رفض الدعوى مع إلزام الطاعن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ثم تقدم المدعي بعدة مذكرات لم تضف جديداً للوارد في عريضة دعواه وانتهى فيها إلى طلب الحكم بذات الطلبات السابقة.
وبجلسة 9/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بإلزام الهيئة المدعى عليها بأن تدفع للمدعي ألف جنيه وإلزامها المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، فإن هذا الدفع في غير محله ذلك أن المدعي يطالب بالتعويض عن قرارات يدخل طلب إلغائها في اختصاص مجلس الدولة ومن ثم فإنه يختص بالنظر في طلب التعويض عنها، وبالنسبة لاختصام وزير الثقافة فقد انتهت المحكمة إلى أن مناط الخصومة في الدعوى هي العلاقة الوظيفية بين المدعي والهيئة المصرية العامة للكتاب، وإذ كانت الهيئة المذكورة هيئة عامة لها شخصية اعتبارية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها، فمن ثم تكون هذه الهيئة هي الخصم الحقيقي في الدعوى ولا شأن لوزارة الثقافة بها إذ لم ينسب المدعي للوزارة المذكورة أي خطأ.
وانتهت المحكمة في خصوص طلب التعويض عن قرارات تقدير كفاية المدعي السابقة إلى عدم أحقيته في التعويض عن التقرير الدوري عن سنة 1963 وذلك لأنه كان قد سبق أن طعن على هذا التقرير بالدعوى رقم 1160 لسنة 13 ق وقضى فيها بسلامة هذا التقرير.
وبالنسبة لتقريري سنة 64، 1965 فقد انتهت المحكمة إلى أحقية المدعي في التعويض عنهما، واستندت في ذلك إلى حكم صادر في شأن طلب إلغاء التقرير الدوري المقدم عن المدعي عن عام 1966 حيث انتهى هذا الحكم إلى بطلان تشكيل لجنة شئون العاملين في الفترة من سنة 1964 حتى سنة 1967. وبالنسبة لتقريري سنة 66، 1967 فقد رفضت المحكمة التعويض عنهما لأن المدعي كان قد حكم له في الدعوى رقم 1488 لسنة 23 ق بإلغاء هذين التقريرين مع ما ترتب على ذلك من تخطيه في الترقية. وبالنسبة لطلب التعويض عن إرجاء النظر في ترقية المدعي فقد ذهبت المحكمة إلى أن اختيار وقت إجراء الترقية مما تستقل به الإدارة وتترخص فيه بحسب تقديرها، فإن المدعي قد سبق أن أقام الدعوى رقم 1499 لسنة 18 ق طعناً على إرجاء ترقيته إلى الدرجة الأولى القديمة، وقد قضى فيها بعدم الاختصاص لعدم وجود قرار إداري يجوز الطعن فيه. وفيما يتعلق بندبه إلى قسم أحياء التراث، فقد رأت المحكمة بتعويض المدعي عنه لأنه قد صدر ندبه من وظيفة أعلى هي وظيفة رئيس قسم الإرشاد بالهيئة إلى القسم المذكور دون إسناد رئاسته إليه، وبالنسبة لطلب التعويض عن باقي قرارات الندب فقد انتهت المحكمة إلى رفض التعويض عنها حيث لم يحدد المدعي وجه الخطأ في هذه القرارات.
وبالنسبة لقرارات إسناد الإشراف على بعض الإدارات للمدعي فقد رأت المحكمة عدم تعويضه عنها باعتبار أن الإشراف يحمل معنى الرئاسة. وعن طلب التعويض عن القرار رقم 22 لسنة 1965 الذي تخطى المدعي في الترقية إلى الفئة الثانية، فقد انتهت المحكمة إلى رفضه لأنه كان قد سبق أن أقام الدعوى رقم 3362 لسنة 19 ق بطلب إلغاء هذا القرار إلا أنه قضى فيها بجلسة 23/ 2/ 1967 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وبالنسبة لطلب التعويض عن القرار الصادر في 29/ 12/ 1968 بترقية السيدين محمود مصطفى الأعصر وزكي ريحان إلى الدرجة الثانية ورفضت المحكمة طلب التعويض عنه وذلك لأنه كان قد سبق أن أقام الدعوى رقم 1488 لسنة 23 بطلب إلغائه وقد حكم فيها لمصلحته وبالنسبة لطلب التعويض عن القرار رقم 62 الصادر في 3/ 7/ 1963 فإن المدعي لم يوضح مضمون هذا القرار وما ينعيه عليه وعن طلب التعويض عن القرار رقم 120 لسنة 1966 الصادر بندب السيد محمود مصطفى الأعصر وكيلاً للإدارة العامة للشئون المالية والإدارية بالإضافة إلى عمله وكيلاً للإدارة العامة للخدمة المكتبية فثابت أن هذا القرار قد ألغي بالقرار رقم 262 لسنة 1966 استناداً إلى قواعد تنفيذ الميزانية وكتاب الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة فضلاً عن أن المدعي لم يبين وجه الضرر الذي لحق به نتيجة هذا القرار وفيما يتعلق بطلب التعويض عن عدم اعتبار الدعوى التي وجهت إلى المدعي للسفر إلى بغداد مهمة ثقافية ثم الامتناع عن منحه إجازة اعتيادية للتوجه في دعوة أخرى إلى بغداد وكذلك عدم الموافقة على سفره إلى أسبانيا للتدريس فقد رفضت المحكمة التعويض عنهما لأن المدعي لم يقدم أي مستندات مؤيده في هذا الشأن وعن طلب التعويض عن القرار رقم 65 الصادر في 21/ 12/ 1966 لشغل الدرجة الثانية بأحد موظفي وزارة التعليم العالي فلم يحدد المدعي وجه الخطأ الذي ارتكبته الإدارة بإصدارها لهذا القرار وعن طلبه التعويض عن القرار رقم 188 لسنة 1968 فقد رفضت المحكمة طلبه لأن هذا القرار من قبيل القرارات التنظيمية العامة.
وعن الدفع الذي أبدته الجهة الإدارية بسقوط حق المدعي في التعويض بالتقادم الخمسي فقد انتهت المحكمة إلى رفضه تأسيساً على أن التعويض في الحالة الراهنة لا يتقادم إلا بمضي المدة الطويلة.
ومن حيث إن المدعى عليها قد طعنت على هذا الحكم بالطعن رقم 940 لسنة 26 ق واستندت في ذلك إلى:
1 - أن الحكم المطعون فيه وقد قضى بتعويض المطعون ضده عما حاق به من ضرر أدبي من جراء تقرير كفايته عن عام 1964، فإنه بذلك يكون قد خالف حكماً نهائياً حاز لقوة الشيء المقضي، ذلك أن المحكمة قد استندت فيما انتهت إليه إلى تشكيل لجنة شئون العاملين واستندت في ذلك إلى حكم صدر لمصلحة الطاعن في الدعوى رقم 1488 لسنة 23 ق التي كان قد أقامها طعناً في التقرير الدوري المقدم عنه عن سنتي 1966، 1967، وأن هذا الحكم قد طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعنين رقمي 1024 لسنة 18 ق، 471 لسنة 19 ق، وقد حكمت المحكمة العليا بإلغاء هذا الحكم وبرفض دعوى الطاعن.
2 - أن الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب حين قضى بتعويض الطاعن عن قرار ندبه للعمل مؤقتاً بقسم إحياء التراث. إذ المسلم أن تقرير هذا الندب كان لمصلحة العمل.
3 - أن حق المدعي في التعويض قد سقط بالتقادم الخمسي.
ومن حيث إن الطاعن كذلك قد طعن على هذا الحكم (الطعن رقم 1670 لسنة 26 ق) واستند في ذلك إلى:
1 - أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه قد شابه القصور في تحصيل الوقائع، وناقض بغير حق تقارير المفوضين وأحكاماً صدرت لمصلحة الطاعن منها الحكم الصادر في الدعوى رقم 1022 لسنة 23 ق الذي قضى ببطلان التقارير التي قدمت عن كفايته عن الأعوام 69، 70، 71، 72، 73، 74، 75 ولم يطعن في هذا الحكم، إلا أن المحكمة قد أغفلت تعويضه عن هذه التقارير. هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد الاستدلال والمقارنة فأغفل أن الجهة الإدارية في قراراتها ومقارناتها قد ناقضت قواعد المنطق والقياس الصحيح حيث هو حصل على الدرجة الثالثة في 28/ 7/ 1962 وحصل عليها السيد/ محمود الأعصر في 27/ 12/ 1966 إلا أن الإدارة مع ذلك قد رقت هذا الأخير إلى الدرجة الثانية بتخطيه الطاعن، كذلك أغفل الحكم المطعون فيه أن جهة الإدارة قد خالفت قانون ربط الميزانية ونسبت إليه وظائف مخالفة لما نص عليه هذا القانون. هذا علاوة على أن الجهة الإدارية لم ترد أقدميته في الدرجة الثانية (قديمة) الثالثة (جديدة) إلى التاريخ السليم حيث هي كانت قد أجرت حركة ترقيات أرجأت فيها فقط ترقيته دون باقي الدرجات.
2 - أن الحكم المطعون فيه قد شابه خلل جوهري بإخراجه وزارة الثقافة من الدعوى إذ أنها تشارك المدعى عليها الثانية في المسئولية.
3 - أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحقوقه بعدم تعويضه عما أصابه من أضرار مادية، ولم يعوضه سوى عن تقارير دورية بذاتها حددها وقصر التعويض عليها دون باقي التقارير.
ومن حيث إنه بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ومن إخراج لوزارة الثقافة من الدعوى، فإنه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه، ذلك أن معظم طلبات المدعي تتعلق بطلب التعويض عن قرارات مما يدخل في اختصاص القضاء الإداري طلب إلغائها ومن ثم فإنه يدخل في اختصاصه كذلك طلب التعويض عنها، وبالتالي فلا شبهة في اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. وعن إخراج وزارة الثقافة من الدعوى فإن الطاعن إنما يعمل في الهيئة المطعون ضدها ويطالب بالتعويض عن قرارات اتخذتها الهيئة، وإذ كانت هذه الهيئة تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة ويمثلها رئيسها أمام القضاء الإداري وأمام الغير، لذلك فلا شأن لوزارة الثقافة بهذه الدعوى.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن التعويض عن التقارير الدورية التي وضعت عنه منذ سنة 1952، فثابت من استعراض الطاعن لحالته الوظيفية منذ دخوله الخدمة أنه قد ذكر أن أمره قد سار على نحو طبيعي حتى سنة 1962 وإلى أن حل دوره للترقية إلى الدرجة الثانية، وأنه لم يطعن على أي تصرف سابق على هذا التاريخ لذلك يتضح أنه لم يكن هناك محل أو لزوم لمناقشة التقارير الدورية السابقة على سنة 1963. على هذا الوجه وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يتعرض للتقارير السابقة على سنة 1963 حيث لم يشر الطاعن من قريب أو بعيد لهذه التقارير التي لم تنتج أثراً مانعاً من ترقية أو استحقاق علاوة لبيان الفترة التي وضعت عنها، لذلك يتضح أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في عدم تعرضه لهذه التقارير.
وعن التقارير الدورية التي قدمت عن الطاعن عن السنوات من 63 حتى 67 فثابت أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 1488 لسنة 23 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) وانتهى في تحديد طلباته إلى:
1 - طلب إلغاء القرار الصادر بترقية السيدين محمود مصطفى الأعصر، وزكى ريحان للدرجة الثانية التخصصية فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة.
2 - إلغاء التقارير الدورية المقدمة عنه عن الأعوام 63، 64، 65، 66، 1976.
3 - الحكم له بتعويض مؤقت مقداره قرش واحد عن كل قرار من القرارات المطعون فيها.
وبجلسة 20/ 1/ 1977 حكمت محكمة القضاء الإداري:
أولاً: بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للطعن على قرارات تقدير الكفاية عن السنوات من 63، 64، 65 لسابقة الفصل فيها.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب الطعن على قراري الكفاية عن سنتي 66، 1967 وقبول الطعن على قرار الترقية المطعون عليه.
ثالثاً: بعدم الاعتداد بقراري كفاية المدعي عن سنتي 1966، 1967.
رابعاً: بإلغاء القرار رقم 437 الصادر في 29/ 12/ 1968 فيما تضمنه من تخطي المدعي (الطاعن) في الترقية إلى الدرجة الثانية التخصصية مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفضت المحكمة ما عدا ذلك من طلبات تتعلق بالتعويض عن القرارات المطعون فيها.
وقد طعن كل من الهيئة، والسيد عبد الهادي محمد مسعود في هذا الحكم وقيد طعن الأول برقم 309 لسنة 23 ق عليا وقيد طعن الثاني برقم 662 لسنة 23 ق عليا، وبجلسة 9/ 2/ 1981 حكمت دائرة فحص الطعون (الدائرة الثانية) برفض الطعنين.
ومن حيث إن الذي يبين مما تقدم أنه قد سبق أن قضت محكمة القضاء الإداري في طلب التعويض عن قرارات تقدير الكفاية عن الأعوام من 1963 إلى 1967، وحكمت كذلك في طلب التعويض عن القرار الصادر بالترقية إلى الدرجة الثانية التخصصية فيما تضمنه من تخط للطاعن، فانتهت إلى الرفض وأيدت المحكمة الإدارية العليا هذا الحكم. لذلك، وإذ كان الطاعن قد عاد وكرر طلب التعويض عن هذه القرارات، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز نظر دعواه في هذا الشأن.
ومن حيث إنه عن باقي التقارير الدورية التي قدمت عن الطاعن عن السنوات اللاحقة لسنة 1967، فقد ذكر الطاعن أنه قد طعن على جميع هذه القرارات وحصل على أحكام بإلغائها وأن هذه الأحكام قد صارت نهائية بعدم الطعن عليها.
وعلى هذا الوجه، ومتى كان أمر هذه القرارات على نحو ما ذكر الطاعن، فإنه لا يسوغ له طلب التعويض عنها حيث في إلغائها خير تعويض له لما يترتب على الإلغاء من عدم ترتيبها لأي أثر ماس بمركز الطاعن الوظيفي سواء من الناحية الأدبية أو المادية في مجال الترقية أو منح العلاوة أو في خصوص أي شأن آخر.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض عن إرجاء ترقية الطاعن إلى الدرجة الثانية (قديم) الثالثة (جديد) من مارس سنة 1962 إلى يوليو سنة 1962، فإن المسلم أن اختيار وقت إجراء الترقية مما تترخص فيه جهة الإدارة بسلطة تقديرية لا معقب عليها إلا في حدود عيب الانحراف بالسلطة وإذ لم يتوافر الدليل على قيام هذا العيب، فمن ثم فإنه ولا وجه للقول بخطأ الإدارة في هذا الخصوص وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بذلك فإنه يكون ولا مطعن عليه.
وعن طلب التعويض عن القرار الصادر بتخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة التالية، فقد سبق أن أشرنا إلى أن ثمة حكم قد صدر بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخط للطاعن، ورفض هذا الحكم طلب التعويض عنه لما انتهى إليه من أن في الإلغاء خير تعويض، وإزاء ذلك فقد انتهت إلى عدم جواز نظر هذا الطلب لسابقة الفصل فيه بحكم نهائي أيدته المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض عن عدم اعتبار الدعوة الموجهة للطاعن للسفر إلى العراق مهمة ثقافية، ثم الامتناع عن منحه إجازة اعتيادية للتوجه في دعوة أخرى، وعدم الموافقة على سفره إلى اسبانيا للتدريس، فإن المحكمة تؤيد ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض التعويض عن ذلك للأسباب التي استند إليها والتي تحصل في عدم إقامة الدليل على أن الجهة الإدارية قد انحرفت بسلطتها في تقريرها عدم الاستجابة لطلب الطاعن.
وعن طلب الطاعن التعويض عن جريمة القذف، فلا اختصاص للمحكمة بنظر مثل هذا الطلب حيث الأمر بالنسبة لمثل ذلك لا يتعلق بطلب تعويض عن مسألة مما تختص محاكم مجلس الدولة بنظرها.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن التعويض عما أصدرته المطعون ضدها من قرارات تنظيمية عامة تناولت بالتنظيم وحدات وإدارات الدار، فإن المحكمة تؤيد ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض التعويض عن ذلك حيث لم تتعرض هذه القواعد للمراكز الذاتية للعاملين بالدار.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن تعويضه عن القرارات الصادرة بندبه إلى بعض الوظائف، وهي القرار رقم 45 لسنة 1980 بندبه للإدارة العامة للثقافة لقسم التراث، ثم ندبه رئيساً لقسم الشئون العامة وندبه إلى الإدارة العامة للثقافة الجماهيرية ثم ندبه مديراً لقصر الثقافة ببني سويف وندبه إلى غير وظيفة بالإدارة العامة للتنظيم والإدارة، فإن المحكمة تؤيد ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أحقية الطاعن في التعويض عن قرار ندبه من رئاسة قسم الإرشاد إلى قسم التراث دون رئاسة وذلك للأسباب التي أشار إليها هذا الحكم من أن هذا الندب قد تضمن تنزيلاً للطاعن ألحق به ضرراً أدبياً يستحق التعويض عنه.
وعن طلب التعويض عن باقي قرارات الندب، فإنه ولئن كان المسلم أن الندب من وظيفة إلى أخرى مما تترخص في ممارسته الجهة الإدارية بسلطة تقديرية، وأنه وبمراعاة أن الندب مؤقت بطبيعته فإن المحكمة ترى في تكرار ندب الطاعن تارة إلى وظيفة أخرى كما في ندبه لقسم التراث، وتارة إلى وظائف أخرى مغايرة دون إعادته إلى عمله الأصلي، ترى في كل ذلك مما ترتب عليه من عدم كفالة استقرار الطاعن نسبياً في وظيفة بذاتها، ما يكشف عن حالة واقعية جديدة تستخلص من جماع هذه التصرفات تفيد في قيام قرينة على أن الإدارة قد أساءت استعمال سلطتها في الندب وهذا ما يشكل خطأ في جانبها أصاب الطاعن ولا شك بضرر لما كان لهذا الوضع من أثر سيئ على حالته النفسية والصحية مما كان له أثره على إنتاجه الأدبي. والمحكمة تقدر للطاعن تعويضاً عن ذلك مبلغ ألف جنيه.
ومن حيث إنه عن الدفع بسقوط حق الطاعن في التعويض بالتقادم الخسمي، فإن المحكمة تؤيد ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض لهذا الدفع لما استندت إليه المحكمة من أن التعويض المطالب به لا يسقط إلا بمضي المدة الطويلة وهي لم تكتمل.
ومن حيث إنه لما تقدم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية الطاعن في مبلغ ألف جنيه، وهذا ما يتفق مع النتيجة التي انتهت إليها هذه المحكمة وإن اختلفت الأسباب التي استندت إليها عن الأسباب التي قام عليها الحكم المطعون فيه في خصوص تحديد مجال توافر الخطأ في جانب الإدارة، لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد جاء سليماً فيما انتهى إليه من نتيجة محمولة على الأسباب الواردة بهذا الحكم، وبالتالي فإنه يتعين الحكم برفض كلا الطعنين وإلزام كل طرف بمصروفات طعنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.

الاثنين، 6 يناير 2025

الطعن 3011 لسنة 91 ق جلسة 28 / 2 / 2022 مكتب فني 73 ق 19 ص 176

جلسة 28 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / ربيع لبنة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الوكيل ، علي نور الدين الناطوري ، أيمن الصاوي وهشام أنور نواب رئيس المحكمة .
----------------
(19)
الطعن رقم 3011 لسنة 91 القضائية
(1) غرامة . احتكار . قانون " تفسيره " . عقوبة " تطبيقها " .
الغرامة المنصوص عليها في المادة 22 من القانون 3 لسنة 2005 المستبدلة بالقرار بقانون 56 لسنة 2014 . عقوبة مقررة لفعل يشكل جريمة تنظرها المحاكم الجنائية بناءً على طلب النيابة العامة التي تحصلها دون تدخل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية . نسبيتها لا تغير من طبيعتها الأصلية كعقوبة .
(2) محكمة استئنافية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . غرامة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
شرط إجماع قضاة المحكمة الاستئنافية . قصره على الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة والعقوبة . تطبيق القانون . لا يرد عليه خلاف ولا يحتاج إلى إجماع .
النعي بخطأ محكمة الاستئناف في تطبيق القانون بإلزامها الشخص الاعتباري بالتضامن مع المستأنف في الغرامة المحكوم بها تصحيحاً لخطأ حكم أول درجة . غير مقبول . أساس ذلك ؟
(3) غرامة . نقد . عقوبة " تطبيقها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تحدد الغرامة في الأحكام بالعملة المصرية ولو كان محل الجريمة نقداً أجنبياً وفقاً لسعره وقت وقوعها . ندب المحكمة خبيراً لحسابها . غير لازم . متى وضحت الواقعة لديها . التزام الحكم هذا النظر . صحيح . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
(4) مسئولية جنائية . أشخاص اعتبارية . تضامن .
المسئولية الجنائية للشخص الاعتباري . قاصرة على المسئول عن الإدارة الفعلية له .
مسئولية الشخص الاعتباري عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية على أحد العاملين باسمه أو لصالحه . تضامنية بغرض تيسير الإجراءات في خصوص جرائم اقتصادية معينة تستلزم طبيعتها الخاصة اتخاذها . أساس ذلك ؟
(5) أشخاص اعتبارية . تضامن . عقوبة " توقيعها " . مسئولية جنائية . غرامة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
ممثل الشخص المعنوي الذي يُسأل جنائياً . هو مرتكب الجريمة شخصياً .
مبدأ شخصية العقوبة . مقتضاه ؟
مسئولية الشخص الاعتباري لا تتأثر بما يطرأ على شخصية ممثله من تغيير في تضامنه بالوفاء بالغرامة المحكوم بها على أحد العاملين لديه .
مثال .
(6) اتفاقيات دولية . حصانة .
الاتحاد الإفريقي لكرة القدم . منظمة دولية غير حكومية ليس لها صفة التمثيل الدبلوماسي لبلد أجنبي . عدم تمتع القائمين على إدارة أنشطته بالحصانة الدبلوماسية . النعي بخلاف ذلك . ظاهر البطلان . مؤدى وأساس وأثر ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت المادة 22 من القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والمستبدلة بالقرار بقانون رقم 56 لسنة 2014 تنص على أنه : ( مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر يعاقب بالعقوبات الآتية ) ونصت في فقرتها الثانية على أن : ( كل من خالف المادتين " 7 ، 8 " من هذا القانون بغرامة لا تقل عن واحد في المائة من إجمالي إيرادات المنتج محل المخالفة ولا تجاوز عشرة في المائة من إجمالي الإيرادات المشار إليه ، وذلك خلال فترة المخالفة ، وفي حالة تعذر حساب إجمالي الإيرادات المشار إليها تكون العقوبة الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة مليون جنيه ) ، ويبين من هذا النص في صريح لفظه ومفهوم دلالته أن الغرامة المنصوص عليها في القانون جزاء أصلي ، وهو عقوبة ، ومقرر لفعل يعتبر في القانون جريمة تنظر فيها المحاكم الجنائية دون غيرها بناءً على طلب النيابة العامة وحدها ، وهي التي تقوم بتحصيلها وفقاً للقواعد الخاصة بتحصيل المبالغ المستحقة لخزانة الدولة ، ودون تدخل من جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ولا تغير نسبيتها من طبيعتها الأصلية كعقوبة حسبما قصد إليه المشرع وبينه ، فإن أخطأت المحكمة بعدم الحكم بها كان للنيابة العامة وحدها سلطة الطعن في الحكم .
2- من المقرر أن اشتراط إجماع القضاة مقصور على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة ، أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف ، والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع ، بل لا يتصور أن يكون الإجماع إلا لتمكين القانون وإجراء أحكامه لا أن يكون ذريعة إلى تجاوز حدوده . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 25 من القانون رقم 3 لسنة 2005 – المار بيانه – أنه : ( يُعاقب المسئول على الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري المخالف بذات العقوبات المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون ، إذا ثبُت علمه بها وكان إخلاله بالواجبات التي تفرضها عليه تلك الإدارة قد أسهم في وقوع الجريمة ، ويكون الشخص الاعتباري مسئولاً بالتضامن عن الوفاء بما يُحكم به من عقوبات مالية وتعويضات إذا كانت المخالفة قد ارتكبت من أحد العاملين به باسم الشخص الاعتباري أو لصالحه ) . لما كان ذلك ، فإن الحكم الاستئنافي المطعون فيه إذ قضى بإلزام الشخص الاعتباري – الاتحاد الإفريقي لكرة القدم – الطاعن – بالتضامن في الوفاء بالغرامة المحكوم بها على المسـتأنف – العامل باسمه - يكون قد أعمل حكم القانون ، وصحح خطأ قانونياً وقع فيه الحكم المستأنف ، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في غير محله .
3- لما كان المشرع في الفقرة الثانية من المادة 22 – سالفة البيان – قد بين أساس تعيين مقدار عقوبة الغرامة وأنها لا تقل عن واحد في المائة ولا تجاوز عشرة في المائة من إجمالي إيرادات المنتج محل المخالفة ، والبالغ مقدارها في الدعوى المطروحة .... دولار أمريكي ، وكان إصدار الدولة للنقود هو مظهر من مظاهر استقلالها وسيادتها ، كما أن الأصل في الإلزام قضاءً بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة المصرية ، ومن ثم فقد نصت المادة 106 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد على أن : ( وحدة النقد في جمهورية مصر العربية هي الجنيه المصري ) ، ونصت المادة 108 منه على أن : ( يكون لأوراق النقد التي يصدرها البنك المركزي قوة إبراء غير محدودة ) ، ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 111 منه على أن : ( يكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراءً وبيعاً في مجال السلع والخدمات بالجنيه المصري وفقاً للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية ما لم ينص على خلاف ذلك ، في اتفاقية دولية أو أي قانون آخر ) ، وخلا القانون رقم 3 لسنة 2005 واتفاقية المقر – المار بيانهما – والمادة 42 من قرار رئيس الجمهورية رقم 101 لسنة 2004 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد من النص على خلاف ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 111 – سالفة البيان – كما جرى التعريف بعقوبة الغرامة وبيان حديها وإجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة بها في المادتين 22 ، 23 من قانون العقوبات، والمادتين 509 ، 511 من قانون الإجراءات الجنائية وفي سائر مواد هذين القانونين والقوانين العقابية الأخرى على أساس العملة المصرية المتداولة ، ومؤدى ذلك كله أنه يجب في كل حكم يصدر بعقوبة الغرامة أن يحدد مقدارها بالعملة المصرية ، وأنه إذا كان المال الذي وقعت عليه الجريمة من النقد الأجنبي المسموح بتداوله داخل البلاد ، فإنه يتعين تقدير قيمة الغرامة بقيمة ذلك النقد الأجنبي بالعملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن سعر بيع الدولار الأمريكي المعلن من البنك المركزي المصري يوم .... من .... لسنة .... تاريخ وقوع الجريمة – .... جنيهات و .... قرشاً ، ومن ثم فإن إجمالي الإيرادات محل المخالفة ، تقدر بمبلغ .... جنيه مصري ، فإن الحكم المطعون فيه ، إذ ألزم الطاعن بالتضامن عن الوفاء بالغرامة المقضي بها على المستأنف والبالغ مقدارها .... جنيه مصري وبنسبة مئوية .... من إجمالي الإيرادات يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ، ولا على المحكمة إن هي لم تندب خبيراً لحساب الغرامة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ، ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء .
4- من المقرر أن الفقرة الأولى من المادة 25 من القانون رقم 3 لسنة 2005 - سالف البيان – قصرت المسئولية الجنائية على المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري ، وهو الذي تُرفع عليه وحده – دون غيره – الدعوى الجنائية دون الشخص الاعتباري والذي اقتصرت مسئوليته التبعية غير المباشرة على مجرد مسئولية تضامنية في الوفاء بما يُحكم به من عقوبات مالية على أحد العاملين باسمه أو لصالحه ، وعلى ما يبين من صراحة نص الفقرة الثانية من المادة 25 ومناقشات أعضاء مجلس الشعب عليها وتعليق رئيسه عليها ، ومن ثم فإن حضوره بجلسات المحاكمة الاستئنافية لا يعدو أن يكون في حقيقته انضماماً إلى العامل باسمه أو لصالحه ليدفع عنه الاتهام ، وأن تضامنه في هذا المقام مجرد تحقيق يسر في الإجراءات في خصوص أنواع معينة من الجرائم الاقتصادية تستلزم طبيعتها الخاصة اتخاذها ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أنقص مبلغ الغرامة المقضي بها على المستأنف من مبلغ .... جنيه إلى .... جنيه ، فإن ما يثيره الطاعن في صدد ما تقدم جميعه يكون على غير أساس .
5- لما كان ما يُثيره الطاعن من زوال صفة المستأنف أمام محكمة أول درجة ، وعدم رفع النيابة العامة الدعوى الجنائية على المسئول الحالي عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري – الاتحاد الإفريقي لكرة القدم – مردوداً بما هو مقرر أن ممثل الشخص المعنوي الذي يُسأل جنائياً هو مرتكب الجريمة شخصياً دون غيره ، كما أنه من المقرر أن القضاء بالعقوبة يحكمه مبدأ أساس لا يرد عليه استثناء هو مبدأ شخصية العقوبة ، ومقتضاه ألا يُحكم بالعقوبة – أياً كان نوعها بما في ذلك الغرامة – إلا على من ارتكب الجريمة أو شارك فيها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وفوق ذلك ، فإنه لما كان الشخص الاعتباري – الاتحاد الإفريقي لكرة القدم – هو المقصود بذاته في التضامن في الوفاء بالغرامة المحكوم بها على أحد العاملين لديه المستأنف – فلا تتأثر هذه المسئولية بما يطرأ على شخصية ممثله من تغيير ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون بعيداً عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم الاستئنافي المطعون فيه أنه انتهي إلى قبول استئناف النيابة العامة ،والقضاء بإلزام الشخص الاعتباري بالتضامن مع المستأنف في الوفاء بالغرامة المحكوم بها على الأخير ، تأسيساً على أنه أحد العاملين باسم ذلك الشخص ، وبما يكفي لتوافر الصورة الأولى من صورتي المسئولية التضامنية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 25 المار ذكرها ، والتي لا تشترط توافر صورتي هذه المسئولية معاً ، ومن ثم فإن هذه الصورة وحدها تكفي لتوافر المسئولية التضامنية في حق الطاعن وإقامة الحكم المطعون فيه ، كما أن ما يثيره الطاعن من تناقض الحكم لا يعدو أن يكون تزيداً لا يعيبه طالما أنه غير مؤثر في النتيجة التي انتهى إليها فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون عقيماً .
6- لما كان الثابت من اتفاق المقر بين حكومة جمهورية مصر العربية والاتحاد الإفريقي لكرة القدم والموقع في القاهرة بتاريخ 7 من نوفمبر لسنة 2007 والمصدق عليه من مجلس الشعب بتاريخ 4 من مايو لسنة 2008 والصادر به القرار الجمهوري رقم 34 لسنة 2008 أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم منظمة دولية غير حكومية وليس لها صفة التمثيل الدبلوماسي لبلد أجنبي ، فإن مؤدى ذلك أن الذي يحكم مركز الطاعن في الخصوصية مثار البحث هو اتفاق المقر دون غيره والذي نص عجز البند الثاني من المادة الأولى منه على أنه : ( لا يجوز ممارسة أي إجراء من إجراءات الحجز التنفيذي أو القانوني دون حكم قضائي نهائي ) ، ونص البند الأول من المادة الثانية منه على أن : ( يلتزم الاتحاد بممارسة جميع أنشطته في حدود القوانين المصرية المعمول بها والالتزام بأحكامها ) ، وبما مؤداه عدم تمتع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم والقائمين على إدارة أنشطته بالحصانة الدبلوماسية ، الأمر الذي يضحى معه قيام رجال حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بممارسة اختصاصهم ومباشرة التحقيقات من النيابة العامة والمحاكمة جميعها إجراءات لا شائبة فيها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفعاً قانونياً ظاهر البطلان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... ( المطعون ضده ) 2- .... ( .... الجنسية ) بأنهما :
- الأول بصفته رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ( الكاف ) والثاني بصفته السكرتير العام للاتحاد سالف الذكر وحال كون الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في وضع مسيطر للاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكافة الوسائل الإعلامية للبطولات التي يمتلكها الاتحاد وهي :
1- التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الإفريقية ( منتخبات وطنية ) .
2- نهائيات كأس الأمم الإفريقية ( منتخبات وطنية ) .
3- نهائيات كأس الأمم الإفريقية للمحلين ( منتخبات وطنية ) .
4- نهائيات كأس الأمم الإفريقية للناشئين تحت سن ٢٣ سنة ( منتخبات وطنية ) .
5- نهائيات كأس الأمم الإفريقية للناشئين تحت سن ۲۰ سنة ( منتخبات وطنية ) .
6- بطولة إفريقيا للأندية أبطال الدوري ( أندية ) .
7- بطولة كأس الاتحاد الإفريقي ( أندية ) .
8- كأس السوبر الإفريقي ( أندية ) .
داخل جمهورية مصر العربية قاما بالآتي :
(أ) ارتكبا فعلاً من شأنه أن يؤدي إلى منع كلي لعمليات التوزيع للاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكافة الوسائل الإعلامية للبطولات سالفة البيان لفتره محدودة كافية لحدوث منع حرية المنافسة بين الأشخاص المتنافسة ، بأن باع حق الاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكافة الوسائل للبطولات سالفة الذكر إلى شركة .... بطريق الإسناد المباشر ودون طرح هذه الحقوق في مزايدة علنية وذلك لمدة اثنتي عشرة سنة تبدأ من عام ۲۰۱۷ وحتى عام 2028 بما أدى إلى منع الشركات المنافسة للشركة المتعاقد معها ومن بينها الشركة .... للخدمات إعلانات الأقاليم ( .... ) كلياً من عمليات الإنتاج والتوزيع للاستغلال التجاري للحقوق سالفة الذكر في الفترة من عام ٢٠١٧ إلى عام ۲۰۲۸ ومنع حرية المنافسة بين الشركة المتعاقد معها والشركات المتنافسة معها على النحو المبين بالتحقيقات .
(ب) امتنعا عن التعاقد مع الشركة .... لخدمات إعلانات الأقاليم ( .... ) على حق الاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكافة الوسائل الإعلامية للبطولات سالفة البيان دون مبرر مشروع على الرغم من تقدمها بعرض جدي ويزيد عن القيمة المالية المتعاقد عليها مع شركة .... بمبلغ مائتي مليون دولار أمريكي بما أدى إلى الحد من حريتها في الدخول لسوق المنافسة على حق الاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكافة الوسائل الإعلامية للبطولات سالفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات .
(ج) علقا إبرام التعاقد على بيع حق الاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر للبطولات سالفة البيان على شرط شرائها مجمعة وعلى كافة الوسائل الإعلامية وبجميع المناطق الجغرافية بأنحاء العالم على الرغم من عدم توافر التماثل بين البطولات سالفة البيان أو المناطق الجغرافية أو الوسائل الإعلامية المختلفة على النحو المبين التحقيقات .
(د) ميزا شركة .... في التعاقد معها على حق الاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة بالبث المباشر بكافة الوسائل الإعلامية للبطولات سالفة البيان دون مبرر موضوعي بأن تعاقدا معها على بيع الحقوق سالفة الذكر بطريق الإسناد المباشر لمدة اثنتي عشرة سنة وبسعر يقل عن العرض المقدم من الشركة .... الخدمات إعلانات الأقاليم ( .... ) بمبلغ .... دولار أمريكي ودون أخذ منافسها في الاعتبار متجاهلين طرح الحقوق سالفة الذكر في مزايدة علنية وشفافة يراعى فيها حرية المنافسة بين الأشخاص المعنية بالحقوق سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات .
وطلبت عقابهما بالمواد ۱ ، 2 / أ ، ب ، 3 ، 4 ، 8 فقرة 1 بنود أ ، ب ، د ، هــ ، 19 ، 21/1 ، 22 فقرة 1 بند ثانياً ، 24 ، 25 من القانون رقم 3 لسنة 2005 والمعدل بالقانونين رقمي 190 لسنة 2008 ، 56 لسنة 2014 ، والمواد 1 ، 2 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 10 ، 13 فقرة 1 بنود أ ، ب ، د ، ه ، 31 ، 32 ، 33 ، 34 ، 35 ، 38 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1316 لسنة ٢٠٠٥ المعدلة بقراري رئيس مجلس الوزراء رقمي ٢٩٧٥ لسنة 2010 ، 2509 لسنه 2016 .
وبتاريخ .... ادعى مدنياً الممثل القانوني للشركة .... لخدمات إعلانات الأقاليم ( .... ) بموجب صحيفة أُودعت قلم الكتاب بالمحكمة الابتدائية قبل المتهمين بإلزامهما متضامنين بأداء مبلغ وقدره أربعون ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وبتاريخ .... ادعى مدنياً الممثل القانوني ( .... لكرة القدم ) ، بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الابتدائية ومعلنة قانونًا للمتهم الأول طلب بإلزامه بأداء مبلغ وقدره .... جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابت .... من جراء أفعال المتهم الأول غير المشروعة مع إلزامهما بالمصروفات ، ومقابل أتعاب المحاماة .
ومحكمة جنح .... الاقتصادية قضت .... حضورياً بتوكيل للمتهم الأول وغيابياً للمتهم الثاني عملاً بالمواد ۱ ، 2/أ ، ب ، 3 ، 4 ، 8 فقرة 1 بنود أ ، ب ، د ، ه ، 19 ، 21 /1 ، 22 فقرة 1 بند ثانياً ، 24 ، 25 من القانون رقم 3 لسنة 2005 والمعدل بالقانوني رقمي 190 لسنة 2008 ، 56 لسنة 2014 ، والمواد 1 ، 2 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 10 ، 13 فقرة 1 بنود أ ، ب ، د ، ه ، 31 ، 32 ، 33 ، 34 ، 35 ، 38 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1316 لسنة ٢٠٠٥ والمعدلة بقراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 2975 لسنة 2010 ، 2509 لسنة 2016 ، والمواد 304 /2 ، 309 ، 313 إجراءات جنائية ، بتغريم كل متهم مبلغ خمسمائة مليون جنيه ونشر الحكم في الجريدة الرسمية وفي جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقتهما الخاصة وألزمتهما المصاريف الجنائية ، وإحالة الدعويين المدنيتين إلى المحكمة المدنية المخصصة وأبقت الفصل في مصاريفهما .
فاستأنف المحكوم عليه الأول والنيابة العامة .... إلخ .
ومحكمة .... الاقتصادية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتوكيل ، أولاً : بقبول الاستئنافين شكلاً ، ثانياً : وفي موضوعهما بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بتغريم المتهم المستأنف مبلغ مائتي مليون جنيه ونشر الحكم في الجريدة الرسمية وجريدتي الأهرام والأخبار على نفقته الخاصة وألزمت رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بصفته بالتضامن بالمحكوم به من الغرامة المقضي بها والتأييد فيما عدا ذلك وألزمت المتهم المستأنف بالمصاريف الجنائية .
فطعن الممثل القانوني والسكرتير العام للاتحاد الإفريقي لكرة القدم والمسئول بالتضامن مع المحكوم عليه الأول عن أداء العقوبة المالية في هذا الحكم بطريق النقض.
ومحكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح قررت - منعقدة في غرفة مشورة - بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن.
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن - بصفته - .... لـلاتحاد الإفريقي لكرة القدم ، وممثله القانوني ، ينعى على الحكم المطعون فيه ، أنه إذ ألزم ذلك الاتحاد بالتضامن عن الوفاء بعقوبة الغرامة المقضي بها على المحكوم عليه بجرائم المنع الكلي للاستغلال التجاري لحقوق البث المباشر لبطولاته ، والامتناع عن التعاقد مع شركة على استغلال تلك الحقوق دون مبرر مشروع ، وتمييز شركة أخرى بمنحها لها ، وتعليق إبرام التعاقد على تلك الحقوق على شرط شرائها مجمعة وعلى كافة وسائل الاعلام ، وبجميع المناطق الجغرافية ، رغم عدم التماثل بينها ، قد أخطأ في تطبيق القانون ، وشابه البطلان ، والتناقض في التسبيب ، ذلك بأن الحكم الاستئنافي ألزمه بالتضامن عن الوفاء بعقوبة الغرامة المقضي بها على المحكوم عليه ، رغم عدم إلزامه به من محكمة أول درجة ، ودون أن ينص على أنه صدر بإجماع آراء قضاة المحكمة خلافاً لما تقضي به المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية ، ولم تبين المحكمة أساس تعيين مقدار الغرامة ، ولم تُندب خبير لحسابها ، ولم تعلن النيابة العامة الطاعن باستئنافها على الرغم من زوال صفة ممثل .... – المحكوم عليه – أمام محكمة أول درجة ، ولم تُرفع الدعوى الجنائية على المسئول الحالي للإدارة الفعلية للشخص الاعتباري ، هذا إلى أن الحكم الاستئنافي بعد أن نفى مسئولية اللجنة التنفيذية والتي يمثلها الطاعن ، عاد وألزمه بالتضامن في الوفاء بعقوبة الغرامة ، ومع أنه أيد حكم محكمة أول درجة الذي نفى التضامن عن الطاعن ورد الحكم على دفاعه بتمتع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بالحصانة الدبلوماسية طبقاً للفقرة الثانية من المادة الأولى من اتفاق المقر الصادر به القرار بقانون رقم 34 لسنة 2008 بما لا يصلح رداً ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المتهمين بوصف أنهما في يوم .... من .... لسنة .... بدائرة .... و.... : الأول بصفته رئيس .... لكرة القدم ، والثاني بصفته السكرتير العام له ، وإزاء سيطرة ذلك .... على الاستغلال التجاري لحقوق البث المباشر بكافة وسائل الإعلام لبطولاته : أ- ارتكبا فعلاً من شأنه أن يؤدي إلى منع كلي لتوزيع الاستغلال التجاري لحقوق البث المباشر بكافة وسائل الإعلام لبطولاته لفترة محدودة كافية لمنع حرية المنافسة بين المتنافسين ، بأن باعا حق الاستغلال التجاري لحقوق البث المباشر بكافة وسائل الإعلام لبطولاته إلى شركة .... بطريق الإسناد المباشر ، لمدة اثنتي عشرة سنة من عام 2017 إلى عام 2028 ، ودون طرحها في مزايدة علنية مما أدى إلى منع الشركات المتنافسة من استغلال هذه الحقوق في غضون تلك الفترة ، ومن بينها الشركة .... لخدمات إعلانات الأقاليم ( .... ) ومنع حرية المنافسة بين الشركة المتعاقد معها والشركات المتنافسة معها ، ب- امتنعا عن التعاقد مع الشركة .... – سالفة البيان - على حق الاستغلال لتلك الحقوق دون مبرر مشروع ، رغم تقدمها بعرض جدي ويزيد عن عرض الشركة المتعاقد معها بمبلغ مائتي مليون دولار أمريكي مما أدى إلى الحد من حريتها في الدخول لسوق المنافسة على تلك الحقوق ، ج- علقا إبرام التعاقد على بيع حق استغلال تلك الحقوق على شرط شرائها مجمعة وعلى كافة الوسائل الإعلامية وبجميع المناطق الجغرافية بأنحاء العالم على الرغم من عدم توافر التماثل بينها ، د- ميزا شركة .... في التعاقد معها على حق الاستغلال التجاري لتلك الحقوق دون مبرر موضوعي ، وبسعر يقل عن عرض الشركة .... ، ودون طرحها في مزايدة علنية – على نحو ما سلف بيانه .
وطلبت عقابهما بالمواد 1 ، 2/ 1 ، ب ، 3 ، 4 ، 8 من فقرة 1 بنود أ ، ب ، د ، ه ، 19 ، 21 /1 ، 22 فقرة 1 بند ثانياً ، 24 ، 25 من القانون رقم 3 لسنة 2005 المعدل ، والمواد 1 ، 2 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 10 ، 13 فقرة 1 بنود 1 ، ب ، د ، ه ، 31 ، 32 ، 33 ، 34 ، 35 ، 38 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقراري رئيس الوزراء رقمي 2975 لسنة 2010 ، 2509 لسنة 2016 .
ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بالنسبة للمحكوم عليه الأول – .... – وغيابياً للمحكوم عليه الثاني ، بتغريم كل منهما مبلغ خمسمائة مليون جنيه ، ونشر الحكم في الجريدة الرسمية ، وفي جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقتهما الخاصة ، وألزمتهما المصاريف الجنائية، وإحالة الدعويين المدنيتين إلى المحكمة المدنية المختصة .
فاستأنف المحكوم عليه الأول ، كما استأنفت النيابة العامة الحكم المذكور للخطأ في تطبيق القانون ، وقضت المحكمة الاستئنافية حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً ، وتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المستأنف مبلغ مائتي مليون جنيه ، ونشر الحكم في الجريدة الرسمية وجريدتي الأهرام والأخبار على نفقته الخاصة ، وألزمت رئيس .... لكرة القدم بصفته بالتضامن بالمحكوم به من الغرامة المقضي بها ، والتأييد فيما عدا ذلك ، وألزمت المستأنف بالمصاريف الجنائية ، ودون أن تنص على أن الحكم صدر بإجماع آراء قضاة المحكمة . لما كان ذلك ، وكانت المادة 22 من القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والمستبدلة بالقرار بقانون رقم 56 لسنة 2014 تنص على أن : ( مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر يعاقب بالعقوبات الآتية ) ، ونصت في فقرتها الثانية على أن : ( كل من خالف المادتين " 7 ، 8 " من هذا القانون بغرامة لا تقل عن واحد في المائة من إجمالي إيرادات المنتج محل المخالفة ولا تجاوز عشرة في المائة من إجمالي الإيرادات المشار إليه ، وذلك خلال فترة المخالفة ، وفي حالة تعذر حساب إجمالي الإيرادات المشار إليها تكون العقوبة الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة مليون جنيه ) ، ويبين من هذا النص في صريح لفظه ومفهوم دلالته أن الغرامة المنصوص عليها في القانون جزاء أصلي ، وهو عقوبة ، ومقرر لفعل يعتبر في القانون جريمة تنظر فيها المحاكم الجنائية دون غيرها بناءً على طلب النيابة العامة وحدها ، وهي التي تقوم بتحصيلها وفقاً للقواعد الخاصة بتحصيل المبالغ المستحقة لخزانة الدولة ، ودون تدخل من جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ولا تغير نسبيتهما من طبيعتها الأصلية كعقوبة حسبما قصد إليه المشرع وبينه ، فإن أخطأت المحكمة بعدم الحكم بها كان للنيابة العامة وحدها سلطة الطعن في الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن اشتراط إجماع القضاة مقصور على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة ، أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف ، والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع ، بل لا يتصور أن يكون الإجماع إلا لتمكين القانون وإجراء أحكامه لا أن يكون ذريعة إلى تجاوز حدوده . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 25 من القانون رقم 3 لسنة 2005 – المار بيانه – أنه : ( يُعاقب المسئول على الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري المخالف بذات العقوبات المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون ، إذا ثبُت علمه بها وكان إخلاله بالواجبات التي تفرضها عليه تلك الإدارة قد أسهم في وقوع الجريمة ، ويكون الشخص الاعتباري مسئولاً بالتضامن عن الوفاء بما يُحكم به من عقوبات مالية وتعويضات إذا كانت المخالفة قد ارتكبت من أحد العاملين به باسم الشخص الاعتباري أو لصالحه ) . لما كان ذلك ، فإن الحكم الاستئنافي المطعون فيه إذ قضى بإلزام الشخص الاعتباري – الاتحاد الإفريقي لكرة القدم - ( الطاعن ) بالتضامن في الوفاء بالغرامة المحكوم بها على المسـتأنف – العامل باسمه – يكون قد أعمل حكم القانون ، وصحح خطأ قانونياً وقع فيه الحكم المستأنف ، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان المشرع في الفقرة الثانية من المادة 22 – سالفة البيان – قد بين أساس تعيين مقدار عقوبة الغرامة وأنها لا تقل عن واحد في المائة ولا تجاوز عشرة في المائة من إجمالي إيرادات المنتج محل المخالفة ، والبالغ مقدارها في الدعوى المطروحة مليار دولار أمريكي ، وكان إصدار الدولة للنقود هو مظهر من مظاهر استقلالها وسيادتها ، كما أن الأصل في الإلزام قضاءً بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة المصرية ، ومن ثم فقد نصت المادة 106 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد على أن : ( وحدة النقد في جمهورية مصر العربية هي الجنيه المصري ) ، ونصت المادة 108 منه على أن : ( يكون لأوراق النقد التي يصدرها البنك المركزي قوة إبراء غير محدودة ) ، ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 111 منه على أن : ( يكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراءً وبيعاً في مجال السلع والخدمات بالجنيه المصري وفقاً للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية ما لم ينص على خلاف ذلك ، في اتفاقية دولية أو أي قانون آخر ) ، وخلا القانون رقم 3 لسنة 2005 واتفاقية المقر – المار بيانهما – والمادة 42 من قرار رئيس الجمهورية رقم 101 لسنة 2004 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد من النص على خلاف ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 111 – سالفة البيان – كما جرى التعريف بعقوبة الغرامة وبيان حديها وإجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة بها في المادتين 22 ، 23 من قانون العقوبات ، والمادتين 509 ، 511 من قانون الإجراءات الجنائية وفي سائر مواد هذين القانونين والقوانين العقابية الأخرى على أساس العملة المصرية المتداولة ، ومؤدى ذلك كله أنه يجب في كل حكم يصدر بعقوبة الغرامة أن يحدد مقدارها بالعملة المصرية ، وأنه إذا كان المال الذي وقعت عليه الجريمة من النقد الأجنبي المسموح بتداوله داخل البلاد ، فإنه يتعين تقدير قيمة الغرامة بقيمة ذلك النقد الأجنبي بالعملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن سعر بيع الدولار الأمريكي المعلن من البنك المركزي المصري يوم .... من .... لسنة .... تاريخ وقوع الجريمة .... جنيهات و.... قرشاً ، ومن ثم فإن إجمالي الإيرادات محل المخالفة ، تقدر بمبلغ .... جنيه مصري ، فإن الحكم المطعون فيه ، إذ ألزم الطاعن بالتضامن عن الوفاء بالغرامة المقضي بها على المستأنف والبالغ مقدارها مائتي مليون جنيه مصري وبنسبة مئوية .... من إجمالي الإيرادات يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ، ولا على المحكمة إن هي لم تندب خبيراً لحساب الغرامة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ، ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية بتاريخ .... حضور وكيل الشخص الاعتباري – المحامي موقع مذكرة أسباب الطعن – الاتحاد الإفريقي لكرة القدم – الطاعن - ومن ثم تحقق علمه اليقيني باستئناف النيابة العامة ، فإنه يكون عليه بلا حاجة إلى إعلان أن يتّبع سير الجلسات من جلسة إلى أُخرى ما دامت متلاحقة – كما هو الحال في هذه الدعوى – هذا إلى أن الفقرة الأولى من المادة 25 من القانون رقم 3 لسنة 2005- سالف البيان – قصُرت المسئولية الجنائية على المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري ، وهو الذي تُرفع عليه وحده – دون غيره – الدعوى الجنائية ، دون الشخص الاعتباري والذي اقتصرت مسئوليته التبعية غير المباشرة على مجرد مسئولية تضامنية في الوفاء بما يُحكم به من عقوبات مالية على أحد العاملين باسمه أو لصالحه ، وعلى ما يبين من صراحة نص الفقرة الثانية من المادة 25 ، ومناقشات أعضاء مجلس الشعب عليها ، وتعليق رئيسه عليها ، ومن ثم فإن حضوره بجلسات المحاكمة الاستئنافية لا يعدو أن يكون في حقيقته انضماماً إلى العامل باسمه أو لصالحه ليدفع عنه الاتهام ، وأن تضامنه في هذا المقام مجرد تحقيق يسر في الإجراءات في خصوص أنواع معينة من الجرائم الاقتصادية تستلزم طبيعتها الخاصة اتخاذها ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أنقص مبلغ الغرامة المقضي بها على المستأنف من مبلغ خمسمائة مليون جنيه ، إلى مائتي مليون جنيه ، فإن ما يثيره الطاعن في صدد ما تقدم جميعه يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان ما يُثيره الطاعن من زوال صفة المستأنف أمام محكمة أول درجة ، وعدم رفع النيابة العامة الدعوى الجنائية على المسئول الحالي عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري – الاتحاد الإفريقي لكرة القدم – مردوداً بما هو - من مقرر أن ممثل الشخص المعنوي الذي يُسأل جنائياً هو مرتكب الجريمة شخصياً - دون غيره ، كما أنه من المقرر أن القضاء بالعقوبة يحكمه مبدأ أساس لا يرد عليه استثناء هو مبدأ شخصية العقوبة ، ومقتضاه ألا يُحكم بالعقوبة أياً كان نوعها - بما في ذلك الغرامة – إلا على من ارتكب الجريمة أو شارك فيها– كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وفوق ذلك فإنه لما كان الشخص الاعتباري – الاتحاد الإفريقي لكرة القدم – هو المقصود بذاته في التضامن في الوفاء بالغرامة المحكوم بها على أحد العاملين لديه المستأنف – فلا تتأثر هذه المسئولية بما يطرأ على شخصية ممثله من تغيير ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون بعيداً عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم الاستئنافي المطعون فيه أنه انتهي إلى قبول استئناف النيابة العامة ، والقضاء بإلزام الشخص الاعتباري بالتضامن مع المستأنف في الوفاء بالغرامة المحكوم بها على الأخير ، تأسيساً على أنه أحد العاملين باسم ذلك الشخص ، وبما يكفي لتوافر الصورة الأولى من صورتي المسئولية التضامنية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 25 المار ذكرها ، والتي لا تشترط توافر صورتي هذه المسئولية معاً ، ومن ثم فإن هذه الصورة وحدها تكفي لتوافر المسئولية التضامنية في حق الطاعن وإقامة الحكم المطعون فيه ، كما أن ما يثيره الطاعن من تناقض الحكم لا يعدو أن يكون تزيداً لا يعيبه طالما أنه غير مؤثر في النتيجة التي انتهى إليها فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون عقيماً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من اتفاق المقر بين حكومة جمهورية مصر العربية والاتحاد الإفريقي لكرة القدم والموقع في القاهرة بتاريخ 7 من نوفمبر لسنة 2007 ، والمصدق عليه من مجلس الشعب بتاريخ 4 من مايو لسنة 2008 والصادر به القرار الجمهوري رقم 34 لسنة 2008 أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم منظمة دولية غير حكومية وليس لها صفة التمثيل الدبلوماسي لبلد أجنبي ، فإن مؤدى ذلك أن الذي يحكم مركز الطاعن في الخصوصية مثار البحث هو اتفاق المقر دون غيره ، والذي نص عجز الفقرة الثانية من المادة الأولى منه على أنه : ( لا يجوز ممارسة أي إجراء من إجراءات الحجز التنفيذي أو القانوني دون حكم قضائي نهائي ) ، ونصت الفقرة الأولى من المادة الثانية منه على أن : ( أن يلتزم الاتحاد بممارسة جميع أنشطته في حدود القوانين المصرية المعمول بها والالتزام بأحكامها ) ، وبما مؤداه عدم تمتع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم والقائمين على إدارة أنشطته بالحصانة الدبلوماسية ، الأمر الذي يضحى معه قيام رجال حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بممارسة اختصاصهم ، ومباشرة التحقيقات من النيابة العامة ، والمحاكمة جميعها إجراءات لا شائبة فيها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفعاً قانونياً ظاهر البطلان . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ، متعيناً رفضه مع مصادرة الكفالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 15199 لسنة 89 ق جلسة 8 / 3 / 2022 مكتب فني 73 ق 23 ص 216

جلسة 8 من مارس سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / مجدي تركي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد أحمد خليفة وسامح صبري نائبي رئيس المحكمة ومحمد سعيد البنا وهشام سكر .
-----------------
(23)
الطعن رقم 15199 لسنة 89 القضائية
نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
اعتذار الطاعن في التقرير بالطعن وإيداع الأسباب بعد الميعاد بسفره للخارج . غير مقبول . متى ثبت علمه اليقيني بالحكم بحضور وكيله الخاص الجلسة التي صدر فيها . أساس وأثر ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه صدر حضورياً من محكمة جنايات .... بتاريخ .... بيد أن المحكوم عليه لم يقرر بالطعن فيه بطريق النقض وإيداع الأسباب إلا بتاريخ .... بعد الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 معتذراً بسفره للخارج ، ولا يجديه ما يتعلل به من عدم علمه بصدور الحكم المطعون فيه على النحو الذي ذهب إليه بأسباب طعنه ، إذ إنه - بفرض صحة ما يدعيه – فإنه لا يماري في ثبوت علمه اليقيني بالحكم المطعون فيه من حضور وكيله الخاص أمام محكمة الجنايات بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن - وآخرين سبق الحكم عليهم – بأنهم :
- سرقوا وآخر مجهول الدراجة البخارية ( توك توك ) والمملوك للمجني عليه / .... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على قائدها المجني عليه /.... بأن قام المتهمان الأول والثاني باستدراجه وإيهامه برغبتهما الوصول إلى إحدى القرى حال تعقب المتهمين الثالث والرابع لهما واستوقفوه عنوة وقاموا بجذبه من الدراجة قيادته ببث الرعب في نفسه وتمكنوا بهذه الوسيلة من شل مقاومته والاستيلاء على الدراجة البخارية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315/ ثانياً من قانون العقوبات ، والمادتين 2 ، 116 مكرراً من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وإلزامه بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً من محكمة جنايات .... بتاريخ .... بيد أن المحكوم عليه لم يقرر بالطعن فيه بطريق النقض وإيداع الأسباب إلا بتاريخ .... بعد الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 معتذراً بسفره للخارج ، ولا يجديه ما يتعلل به من عدم علمه بصدور الحكم المطعون فيه على النحو الذي ذهب إليه بأسباب طعنه ، إذ إنه- بفرض صحة ما يدعيه – فإنه لا يماري في ثبوت علمه اليقيني بالحكم المطعون فيه من حضور وكيله الخاص أمام محكمة الجنايات بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 578 لسنة 28 ق جلسة 27 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 78 ص 490

جلسة 27 من يناير سنة 1985

برئاسة السيدة الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف ومحمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي ومحمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير - المستشارين.

---------------

(78)

الطعن رقم 578 لسنة 28 القضائية

اختصاص - اختصاص المحاكم التأديبية.
قوام الدعوى التأديبية هو النظر في مؤاخذة العامل تأديبياً عن المخالفة التأديبية التي نسبت إليه والتي تتمثل في إخلاله بواجبات وظيفته أو الخروج عن مقتضياتها - التزام العامل بجبر الضرر الذي لحق بجهة الإدارة مناطه توافر أركان المسئولية التقصيرية في حقه إذا كان الفعل المكون للذنب الإداري يمكن أن يشكل ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية فإن ذلك لا يؤدي إلى القول بأن إلزام العامل بجبر الضرر مرتبط بالدعوى التأديبية أو متفرع عنها - أساس ذلك: استقلال كل من النظامين عن الآخر سواء من حيث القواعد القانونية التي تحكمه أو الغرض الذي يسعي إلى تحقيقه - مثال: صدور قرار بمجازاة العامل بخصم خمسة أيام وتحميله بقيمة التلفيات - الطعن في قرار التحميل أمام المحكمة الإدارية دون قرار الجزاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 8 من مارس سنة 1982 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 578 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 10 من يناير سنة 1982 في الطعن رقم 24 لسنة 2 القضائية والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26 من ديسمبر سنة 1983 وبجلسة 23 من يناير سنة 1984 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث عين لنظره أمامها جلسة 18 من مارس سنة 1984 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 16 من ديسمبر سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص - حسبما يستفاد من الأوراق - في أنه بتاريخ 25/ 5/ 1975 أقام الدكتور أبو السعود محمد محمد البدري الدعوى رقم 238 لسنة 3 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالمنصورة ضد المؤسسة المصرية العامة لاستزراع وتنمية الأرضي التي حلت محلها الشركة المصرية الزراعية العامة - طالباً الحكم ببطلان القرار الصادر من المؤسسة برقم 391 بتاريخ 8/ 12/ 1974 فيما تضمنه من تحميله بقيمة عدد أربعة ماشية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المؤسسة المصروفات.
وقال شارحاً لدعواه إنه كان يعمل طبيباً بيطرياً بقطاع صان الحجر شرقية التابع للمؤسسة وقد أصدرت المؤسسة القرار رقم 391 بتاريخ 8/ 12/ 1974 بمجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه وتحميله بقيمة أربعة ماشية فتظلم من هذا القرار ورفض تظلمه وأضاف أن هذا القرار جاء مخالفاً لحكم القانون. وبجلسة 8/ 10/ 1979 حكمت المحكمة بعدم أحقية المدعى عليها في إجراء خصم قيمة الحيوانات المشار إليها وبأحقية المدعي في استرداد ما خصم من مرتبه في هذا الشأن وإلزام المدعى عليها المصروفات وأسست قضاءها على أن مسلك المدعي باعتباره طبيباً بيطرياً كان مسلكاً عادياً ولا يتضمن خطأ ما في رعايته للحيوانات سالفة الذكر، إذ أنه - أي سلوك المدعي - لا يتنافى مع الأصول الثابتة في مهنته وهو ما قررته الجهة الفنية الممثلة في مدير الطب البيطري بقطاع صان الحجر (محل عمل المدعي) وكذا مدير المنطقة البيطرية بالشرقية حيث لم تنسب هذه الجهة الفنية للمدعي أي خطأ مهني يستوجب مساءلته عن قيمة الحالات الأربع ومن ثم يكون القرار الصادر بتحميل المدعي بقيمة الحيوانات المذكورة غير قائم على سند من القانون وبتاريخ 6/ 12/ 1979 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 24 لسنة 2 القضائية طلبت فيه - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها.
وبجلسة 10/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وأسست المحكمة قضاءها على أن المدعي قصر منازعته على الشق الثاني من القرار الخاص بتحميله بقيمة الماشية وخصمها من مرتبه ومن ثم فلا ارتباط بين هذه المنازعة وبين طلب أصلي مطروح على المحكمة التأديبية بإلغاء الجزاء التأديبي الموقع على المدعي. واستطردت المحكمة قائلة أنه لا يغير من الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة بنظر هذه المنازعة أن المدعي قد نقل بعد رفع الدعوى أثر إلغاء المؤسسة المدعى عليها مصدرة القرار إلى الشركة المصرية الزراعية العامة تبعاً لنقل قطاع صان الحجر - الذي كان يعمل به المدعي - إلى هذه الشركة لأن العبرة في تكييف المنازعة هي بطبيعة ووصف القرار المتنازع فيه في تاريخ صدوره وقد صدر القرار المشار إليه من المؤسسة المصرية العامة لاستزراع وتنمية الأراضي وهي من أشخاص القانون العام وأقيمت الدعوى ابتداء على هذه المؤسسة - قبل إلغائها - وكان المدعي في ذلك التاريخ يعتبر موظفاً عمومياً. ومن ثم يصدق على هذه المنازعة أنها منازعة في مرتب مستحق لموظف عمومي مما يدخل في عموم المنازعات المنصوص عليها في البند ثانياً من المادة 10 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن اختصاص المحاكم التأديبية لا يقتصر فقط على طلبات إلغاء القرارات الصادرة بالجزاء وإنما يمتد ليشمل كافة الطلبات المرتبطة بالجزاءات التأديبية والمتفرعة عنها تأسيساً على أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع. ولا يشترط في هذا الارتباط أن يكون طلب إلغاء قرار الجزاء مطروحاً أمام المحكمة التأديبية وإنما يكفي أن يكون الطلب مرتبطاً أصلاً بمسألة تأديبية حتى ولو لم يكن هناك طلب أصلي بإلغاء الجزاء التأديبي فالارتباط هنا بالمسألة التأديبية في ذاتها باعتبار أن المحاكم التأديبية هي صاحبة الولاية العامة في كافة المسائل التأديبية وغيرها من الطلبات المرتبطة بها. والثابت أن تحميل المدعي بقيمة الحيوانات إنما صدر في ذات قرار مجازاة المدعي بخصم خمسة أيام من راتبه في ضوء ما أسفر عنه التحقيق الذي أجرى معه.
ومن حيث إن المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:
..................
ثانياً: المنازعات الخاصة بالمرتبات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم.
......................
تاسعاً: الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية.
......................
ثاني عشر: الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون.
وتنص المادة 13 من على أن تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في المسائل المنصوص عليها في المادة 10 عدا ما تختص به المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية.
وتنص المادة 14 على أن تختص المحاكم الإدارية:
......................
2 - بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لمن ذكروا في البند السابق أو لورثتهم.
وتنص المادة 15 على أن تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي تقع من: .........
كما تختص هذه المحاكم بنظر الطعون المنصوص عليها في البندين تاسعاً وثالث عشر من المادة العاشرة.
ومن حيث إن مؤدى النصوص المتقدمة من المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم تدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية بحسب المستوى الوظيفي للمدعي وأن المحاكم التأديبية تختص بنظر الدعاوى التأديبية وطلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية.
ومن حيث إن قوام الدعوى التأديبية هو النظر في مؤاخذة العامل تأديبياً عن المخالفة التأديبية التي نسبت إليه والتي تتمثل في إخلاله بواجبات وظيفته أو الخروج على مقتضياتها. في حين أن إلزام العامل بجبر الضرر الذي لحق بجهة الإدارة مناطه توافر أركان المسئولية التقصيرية في حقه، وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر. وإذا كان الفعل المكون للذنب الإداري يمكن أن يشكل ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية إلا أن ذلك لا يؤدي إلى القول بأن إلزام العامل بجبر الضرر مرتبط بالدعوى التأديبية أو متفرع عنها لاستقلال كل من هذين النظامين عن الآخر سواء من حيث القواعد القانونية التي تحكمه أو الغرض الذي يسعى إلى تحقيقه.
كما أن اختصاص المحاكم التأديبية بنظر طلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية ليس من شأنه بسط اختصاص هذه المحاكم على ما عدا ذلك من الاختصاصات التي ورد النص على اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل فيها لمجرد أن المخالفة التي صدر بشأنها قرار السلطة التأديبية تكون ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية. ما دام أن النزاع طرح استقلالاً على المحكمة المختصة أصلاً بنظره ولم يطرح بمناسبة مباشرة المحكمة التأديبية للاختصاص المنوط بها قانوناً.
الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 6 من نوفمبر سنة 1983 في الطعن رقم 1140 لسنة 26 القضائية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار رقم 391 بتاريخ 8/ 12/ 1984 قضى بمجازاة المدعي بخصم خمسة أيام من راتبه وتحميله بقيمة أربع مواشي وأن المدعي قصر دعواه أمام المحكمة الإدارية على بطلان هذا القرار فيما تضمنه من تحميله بقيمة الماشية دون أن يضمن دعواه طلب إلغاء قرار مجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه، فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق وصدر متفقاً مع حكم القانون عندما قضى برفض الطعن في حكم المحكمة الإدارية. وتبعاً لذلك يكون الطعن في هذا الحكم على غير أساس متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.