الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 يناير 2025

الطعن 176 لسنة 27 ق جلسة 19 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 72 ص 428

جلسة 19 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي ومحمود مجدي أبو النعاس - المستشارين.

-----------------

(72)

الطعن رقم 176 لسنة 27 القضائية

( أ ) حكم محلي - المجالس الشعبية المحلية - اختصاصاتها.
القانونان رقما 52 لسنة 1975 و43 لسنة 1979 - لا تختص المجالس الشعبية المحلية بإصدار قرارات إدارية في المسائل التنفيذية وإنما ينحصر اختصاصها بصفة عامة في الرقابة والإشراف - تطبيق.
(ب) تراخيص - ترخيص مباني - سلطة الإدارة في منحه.
اختصاص الجهة المختصة بشئون التنظيم في منح تراخيص إنشاء المباني أو إقامة الأعمال المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 أو تعديلها هو اختصاص مقيد ومخصص الأهداف – الهدف الذي تغياه المشرع من اشتراط الحصول على ترخيص هو التحقق من مطابقة هذه المباني والأعمال للأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية والإنشائية وذلك في ضوء المستندات والرسومات - إذا ما ثبت لجهة الإدارة مطابقة ذلك لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له وجب عليها إصدار الترخيص المطلوب بعد مراجعته واعتماد أصول الرسومات وصورها وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص - الأثر المترتب على ذلك: لا يجوز لجهة الإدارة رفض منح الترخيص لأسباب أخرى لا يدخل تقديرها في مجال اختصاصها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 11 من يناير سنة 1981 أودع الأستاذ محمد عصفور المحامي - بصفته وكيلاً عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 176 لسنة 27 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 11 من يونيه سنة 1980 في الدعوى رقم 665 لسنة 32 ق والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبرفض طلب التعويض المؤقت وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الصادر من المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية في 31/ 5/ 1978 بتأييد قرار رئيس حي شرق الإسكندرية برفض الترخيص للطاعن بإنشاء فندق سياحي في عقاره الكائن بطريق جمال عبد الناصر برشدي رقم 412 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم عدا الثالث متضامنين بأن يؤدوا للطاعن مبلغ ألف جنيه مصري على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 6/ 12/ 1982 وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بالمحاضر، وبجلسة 7/ 3/ 1983 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 23/ 4/ 1983، ونظرت المحكمة الطعن على الوجه المدون بمحاضر الجلسات، وحجز للحكم بجلسة 11/ 6/ 1983، ثم أعيد الطعن للمرافعة لجلسة 8/ 10/ 1983 لمناقشة الطرفين في بعض نقاط الطعن، وتدوول الطعن بالجلسات كما هو مبين بالمحاضر، وحجز للحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم التالي، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن، فلما كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 11/ 6/ 1980، فتقدم الطاعن بتاريخ 3/ 8/ 1980 بطلب لمعافاته من رسوم الطعن قيد برقم 191 لسنة 26 معافاة عليا، وإذ تقرر رفض الطلب بتاريخ 13/ 11/ 1980 أقام الطعن الماثل بتاريخ 11/ 1/ 1981 أي في الميعاد المقرر قانوناً، مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية فهو لذلك مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام دعواه رقم 665 لسنة 32 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 27/ 7/ 1978، طالباً في ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر من المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية في 31/ 5/ 1978 بتأييد قرار رئيس حي شرق الإسكندرية برفض الترخيص للمدعي في إنشاء فندق سياحي في عقاره الكائن بطريق جمال عبد الناصر رقم 412 بحي رشدي، وإلزام المدعى عليهم عدا الثالث متضامنين بأن يؤدوا للمدعي مبلغ (ألف جنيه) على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات.
وقال بياناً لدعواه أنه كان قد حصل على الترخيص رقم 1566 لسنة 1961 لإقامة عقار في الموقع الكائن برقم 412 بطريق جمال عبد الناصر بحي رشدي، وعاقته ظروف شخصية عن إتمام التشطيب، ولما كان موقع العقار فريداً وكان تشطيبه في الحدود التي توقف عندها فاخراً، فقد انهالت عليه العروض المغرية إلا أنه أعرض عنها إلى أن لاحت له فرصة استكمال المبنى وتخصيصه لمشروع يتلاءم مع ما تستهدفه الدولة من تشجيع السياحة وذلك في مستهل عام 1977، ومن ثم تقدم في 2/ 5/ 1977 إلى وزارة السياحة التي أصدرت موافقتها على المشروع، واشترطت تطابق المواصفات الهندسية والإنشائية مع قرارات وزارة الإسكان وعلى ذلك تقدم في 17/ 5/ 1977 بالرسومات الهندسية المتضمنة التعديلات الإنشائية اللازمة لطبيعة الاستغلال الفندقي السياحي، وقد وافق مراقب عام حي شرق على التعديلات بعد أن تبين مطابقتها للمواصفات. إلا أن رئيس الحي اعترض على المشروع لأسباب لا تمت إلى المصلحة العامة، فتظلم المدعي إلى المجلس المحلي بصفته الجهة الرقابية التي ناط بها قانون الحكم المحلي الإشراف على الأجهزة التنفيذية، الذي قرر تشكيل لجنة لبحثه، ووضعت اللجنة تقريراً انتهت فيه إلى أن طلب تخصيص العقار الذي لم يتم تشطيبه إلى فندق سياحي قد تكامل بصدور موافقات السياحة والتنظيم وأن قرار رئيس الحي برفض الموافقة على المشروع لا سند له من القانون كما أن المشروع يحقق منافع جمة وأساسية لمحافظة الإسكندرية التي تفتقر إلى مثله. إلا أن المجلس المحلي وعلى الرغم من ذلك اقترع إلى جانب رئيس الحي.
وأضاف المدعي قائلاً أن قرار رئيس الحي معدوم ومشوب بعيب اغتصاب السلطة، وعلى ذلك يكون قرار المجلس المحلي المطعون فيه قد أيد قراراً معدوماً. ومرجع الانعدام أن المشرع بالنسبة للمحال العامة المراد تخصيصها لإحدى المنشآت السياحية ميز بين مبدأ جعل مكان ما محلاً عاماً مستخدماً لغرض سياحي وبين موافقة هذا المكان للاشتراطات التنظيمية الهندسية التي تتطلبها جهة الإسكان فجعل المشرع اعتبار المحل منشأة سياحية من اختصاص وزارة السياحة وحدها، ولم يجعل ذلك للأحياء أو مجالس المدن، ولم يسند إلى الأحياء ومجالس المدن سوى الاشتراطات والمواصفات الهندسية المحضة.
ومن ثم فإن السماح بالمنشأة السياحية لم يعد من اختصاص رئيس الحي طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 1 لسنة 1973، وبالتالي يكون قرار رئيس الحي برفض الموافقة على المشروع قد صدر معدوماً. هذا فضلاً عن صدوره مخالفاً للقانون رقم 106 لسنة 1976 إذ أن هذا القانون أجاز تغيير الغرض الذي من أجله أنشئ المبنى وفق ما توضح في ترخيص إنشائه.
يستوي في ذلك أن يكون التعديل قبل بدء الإنشاء أو بعده. والمدعي لم يطلب أكثر من تغيير الغرض، وتقدم بالرسوم والتعديلات المطلوبة مدعمة بموافقة السياحة يضاف إلى ما تقدم أن قرار رئيس الحي ليس له سبب صحيح بل إنه مشوب بعيب الانحراف في استعمال السلطة ذلك أنه استهدف إلحاق العنت والعسف بالمدعي لأن جهة السياحة، وافقت على المشروع بعد دراسته واستيفاء جميع الشروط الفنية المطلوبة في التعديلات، وبهذه المثابة يكون القرار المطعون فيه بتأييد قرار رئيس الحي قد صدر بدوره مخالفاً للقانون الأمر الذي يحق معه للمدعي طلب إلغائه مع تعويضه عما أصابه من ضرر مادي وأدبي عن رفض منحه ترخيص إنشاء الفندق، وهو تعويض يقدره المدعي مؤقتاً بمبلغ (ألف جنيه) مع حفظ حقه في التعويض الكامل.
وعقبت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة جاء بها أن المدعي حصل على الترخيص رقم 1566 لسنة 1961 لإنشاء وتشييد عمارة سكنية بناء على رسومات هندسية وإنشائية تقدم بها مع طلب الترخيص، وفور حصوله على الترخيص وصرف حصة مواد البناء المقررة بدأ في أعمال البناء وأنهى نحو 90% من تشطيب العمارة منذ أكثر من أربع سنوات ثم عمد بعد ذلك إلى وقف العمل وعدم إنهاء الوحدات السكينة، وتقدم بعض المواطنين إلى محافظة الإسكندرية إلى رئيس حي شرق بشكاوى مفادها أنهم تقدموا إلى المدعي طالبين استئجار وحدات سكنية فيه إلا أنهم لم يحظوا حتى بمجرد مقابلته وطلبوا من المحافظ إعمالاً للسلطة المخولة له في القانون رقم 49 لسنة 1977 تأجير وحدات المبنى واقتضاء الأجرة.
وأضافت جهة الإدارة أنه يبين مع واقع التحقيقات التي أجرتها نيابة الأموال العامة في الجناية رقم 23 لسنة 1976 أمن دولة عليا أن المدعي قد حصل على مواد بناء بمناسبة بناء العقار تزيد عن القدر المقرر قانوناً ومن ثم أحيل مع آخرين إلى محكمة أمن الدولة العليا لمحاكمتهم ولا زالت الدعوى منظورة. واستطردت جهة الإدارة أنه في 17/ 5/ 1977 تقدم المدعي بطلب تحويل العقار إلى فندق سياحي فاخر وأرفق بطلبه الرسومات الهندسية للمشروع، ونظراً لتعارض هذا الطلب مع نص المادتين 4، 11 من القانون رقم 106 لسنة 1976 اللتين لا تجيزان إقامة بناء أو تعديله إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة في شئون التنظيم فضلاً في وجوب إتمام التنفيذ طبقاً للرسومات والبيانات التي منح على أساسها الترخيص وعدم جواز إدخال أي تعديل إلا بناء على ترخيص من هذه الجهة، وإعمالاً للسلطات المخولة للحي بمقتضى هاتين المادتين، فقد تقرر رفض طلب المدعي استناداً إلى أنه حصل على مواد البناء اللازمة للتشييد والتشطيب مدعمة بقصد إقامة عمارة سكنية بناء على رسومات محددة، وقام بأعمال البناء والتشطيب وفقاً لها حتى شارف على الانتهاء منها ثم تعمد التوقف عن إنهائها. ولما شعر بقرب صدور القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي عالج حالات التلاعب وتعمد عدم إنهاء إعداد المباني للسكن تقدم بطلبه لتحويل المبنى إلى فندق، الأمر الذي يتعارض معه الغرض الذي تقرر من أجله صرف مواد البناء المدعمة، ولما عرض قرار رئيس الحي بعدم الموافقة على طلب المدعي على وكيل وزارة الإسكان بالمحافظة أيد ذلك القرار. وقد تظلم المدعي من قرار رئيس الحي إلى المحافظ الذي أحال التظلم إلى المستشار القانوني للمحافظة فانتهى إلى عدم أحقيته في طلبه. وأفاد السكرتير العام المساعد للمحافظة في 20/ 8/ 1977 أن المحافظ وافق على ما انتهى إليه كل من رئيس الحي ووكيل وزارة الإسكان وبعد ذلك تقدم المدعي بشكوى إلى المجلس المحلي للمحافظة بشأن القرار الصادر من رئيس الحي برفض طلبه، فقرر المجلس في 28/ 6/ 1978 تأييد قرار رئيس الحي والتوصية بحصر المباني التي تقاعس ملاكها عن تشطيبها واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإعدادها للسكن، وحظر إصدار تراخيص بتحويل أي مبنى أنشئ للأغراض السكنية إلى أي عرض آخر أياً كانت الظروف والمبررات.
واستطردت جهة الإدارة قائلة أنه كان يتعين على المدعي اختصام قرار رئيس الحي خلال المدة القانونية إلا أن الثابت أنه تقدم بتظلم إلى المحافظ في 16/ 6/ 1977 من قرار رئيس الحي برفض طلبه، ولم يقم دعواه إلا بتاريخ 27/ 7/ 1978، ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد، ولا يغير من ذلك تقدمه بشكوى تالية إلى المجلس المحلي للمحافظة.
كذلك فقد دافعت جهة الإدارة عن قرارها - في مذكرة أخرى - فقالت أن حي شرق الإسكندرية عندما قدم له طلب تعديل الترخيص - وازن بين أي الاستغلالين للعقار أجدى في تحقيق الصالح العام، وأعمل سلطته التقديرية المنوطة به قانوناً ورجح استغلال المبنى كعمارة سكنية بدلاً من الفندق السياحي، وهو ترجيح له وجاهته لما يشعر به الجميع من أزمة الإسكان الخانقة ولا يعترض على هذه السلطة التقديرية المخولة لحي شرق الإسكندرية بأن المادة الثانية من القانون رقم 1 لسنة 1973 قد قصرت الاختصاص بالموافقة على إنشاء أو إقامة المنشآت السياحية أو إدارتها على وزارة السياحة دون غيرها، وأن ما أبقته تلك المادة من اختصاصات لجهات الإدارة الأخرى إنما يقف عند تحديد الشروط والمواصفات الهندسية والإنشائية للمبنى، بما يجعل تدخل حي شرق فيما يجاوز هذه الشروط والمواصفات الهندسية والإنشائية بمثابة غصب للسلطة يهبط به إلى درجة الانعدام - ولا وجه للتحدي بذلك لأن المطروح في النزاع ليس إنشاء أو إقامة أو إدارة أو حتى الترخيص بإدارة فندق أو ملهى وإنما الأمر يتعلق بتعديل عقار من عمارة سكنية إلى فندق سياحي.
وخلصت المحكمة إلى أن القرار المطعون فيه صدر من جهة الإدارة في نطاق سلطتها التقديرية الكاملة التي كفلها المشرع لها في قوانين الإدارة المحلية المتعاقبة، وقد باشرتها بهدف تحقيق المصلحة العامة في نطاق محاولة السيطرة على أزمة الإسكان وقد صار هذا القرار بمثابة قاعدة عامة بتوجيه من المجلس المحلي حيث يمتنع حالياً تحويل أي عمارة سكنية إلى فندق سياحي بما يجعل ركن السبب قائماً في القرار المطعون فيه.
وبجلسة 11 من يونيه سنة 1980 حكمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبرفض طلب التعويض المؤقت، وألزمت المدعي بالمصروفات.
وأقامت قضاءها على أساس أن المدعي قد تظلم من قرار رئيس حي شرق الإسكندرية برفض الموافقة على تعديل الترخيص رقم 1566 لسنة 1961 إلى محافظة الإسكندرية بتاريخ 16/ 1/ 1977، وهو التظلم الأول الذي يعتد به في مقام سريان مواعيد رفع دعوى الإلغاء، ولم يتلق رداً على تظلمه خلال الستين يوماً التالية حتى 15/ 8/ 1977 – الأمر الذي يعتبر بمثابة قرار حكمي برفض تظلمه ومن ثم كان يتعين عليه أن يرفع دعواه خلال الستين يوماً التالية في ميعاد غايته 14/ 10/ 1977 بيد أنه لم يرفع هذه الدعوى إلا في 27/ 7/ 1978 ومن ثم تكون مرفوعة بعد الميعاد.
أما بالنسبة إلى طلب التعويض المؤقت فإنه لما كان الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن مبنى عدم إجابة المدعي إلى طلبه بشأن تعديل الترخيص هو أن هذا الترخيص منح له لإقامة عمارة سكنية وأنه حصل على مواد البناء المدعمة لتشييد البناء للسكن، ومن ثم فإنه إعمالاً لنص المادتين 1، 4 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء اللتين لا تجيزان إقامة بناء أو تعديله إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة المختصة بشئون التنظيم فضلاً عن وجوب إتمام التنفيذ طبقاً للرسومات والبيانات التي منح على أساسها الترخيص، فإن القرار الصادر برفض طلب تعديل الترخيص بعد أن تم تشييد البناء وفقاً لأسس ورسومات روعيت عند إصدار الترخيص رقم 1566 لسنة 1961 يكون موافقاً للقانون، مما لا وجه معه للمطالبة بالتعويض عنه.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على الأسباب التالية:
1 - أن الطاعن أقام دعواه طعناً على قرار المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية في خلال المواعيد القانونية وهو قرار إداري نهائي بمعنى النهائية التي يقصدها قانون مجلس الدولة. ذلك أن المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية يعتبر حسب نصوص المواد الأولى والثانية والثالثة من قانون نظام الحكم المحلي رقم 52 لسنة 1975 وحدة مستقلة من وحدات الحكم المحلي أي من وحدات السلطة التنفيذية. والمادة 132/ 1 من القانون المذكور تنص على أن "تصدر قرارات المجالس المحلية نافذة في حدود الاختصاصات المقررة لها في هذا القانون ولائحته التنفيذية". ومن ثم فإن ما يصدر عن المجلس المحلي هو قرار إداري بمعنى الكلمة.
2 - استقرت أحكام محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا على أن قرينة الرفض الضمني للتظلم المستفادة من فوات ميعاد الستين يوماً على تقديمه دون أن ترد الإدارة عليه، تمتنع إذا ما كانت الإدارة لم تهمل التظلم وإنما اتخذت مسلكاً إيجابياً ينبئ عن أنها كانت في سبيل استجابته وأن فوات الستين يوماً يرجع إلى بطء الإجراءات. وفي هذه الحالة يحسب الميعاد من التاريخ الذي تكشف فيه الإدارة عن عدم الاستجابة للتظلم. ولما كان الواضح من المستندات وإقرار جهة الإدارة أنها أجرت بحث التظلم بحثاً جدياً ثم عرض الموضوع برمته على مجلس محلي محافظة الإسكندرية الذي شكل لجنة مشتركة لبحث الموضوع انتهت إلى عدم صواب تصرف جهة الإدارة ولكن المجلس انتهى إلى الموافقة على تصرف جهة الإدارة. فبادر الطاعن فور صدور قرار المجلس المحلي للمحافظة برفض التظلم بإقامة الدعوى أمام المحكمة، فمن ثم تكون الدعوى مقامة في الميعاد.
3 - إن قرار رئيس حي شرق الإسكندرية قرار معدوم لأنه لا يملك قانوناً إصداره، إذ ينطوي على غصب لاختصاص وزارة السياحة التي أناط إليها القانون رقم 1 لسنة 1973 اختصاص الترخيص بإنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية أو استغلالها أو إدارتها. ولم يفت المشرع في هذا القانون أن المنشأة السياحية تشترك مع غيرها من المنشآت في خصوص المواصفات المعمارية أو الهندسية أو الصحية أو التنظيمية، لذا فقد استبقى للإدارة المحلية أمر المواصفات الهندسية والإنشائية.. والثابت من الأوراق والذي لا خلاف عليه أن وزارة السياحة قد وافقت ابتداء وفي جميع المراحل على مشروع الطاعن بإقامة فندق سياحي في العقار محل النزاع. كذلك فإن المشروع مستوف لمقوماته المتعلقة بالمواصفات الهندسية والإنشائية.
4 - بين من استقراء نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء أن السلطة المعطاة للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم في إصدار تراخيص البناء أو تعديل هذه التراخيص هي لمراقبة أن تتم هذه المباني في حدود الاستثمارات المخصصة للبناء في القطاع الخاص، والتحقق من مطابقة هذه المباني لأحكام هذا القانون وأنها متفقة مع الأصول الفنية والمواصفات القياسية في شأن أسس تصميم وتنفيذ الأعمال الإنشائية وأعمال البناء، فإذا ما ثبت لجهة الإدارة المختصة بشئون التنظيم أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له قامت بإصدار الترخيص بعد مراجعته واعتماد أصول الرسومات وصورها. وسلطة جهة الإدارة في هذا الصدد سلطة مقيدة باعتبارات فنية معينة أوردتها نصوص القانون ولائحته التنفيذية، فإذا ما ثبت لها مطابقة الأعمال المطلوب الترخيص بها لهذه الاعتبارات الفنية تعين عليها إصدار الترخيص المطلوب، وليس لها في هذا الصدد أن ترفض الترخيص بمقولة أنها ترى عدم تحويل البناء إلى فندق للمساهمة في حل أزمة الإسكان خاصة وأن من خطة الدولة أيضاً التوسع في الفنادق السياحية لحل أزمة الفنادق. وقد سبق أن وافقت وزارة السياحة على تحويل المبنى إلى فندق سياحي، كما وافق مراقب عام حي شرق على التعديلات بعد ثبوت مطابقتها للمواصفات والشروط الهندسية. هذا ولا يوجد في القانون ما يمنع المالك من تحويل عقاره من منزل سكني إلى فندق إذا ما اتبع الإجراءات والمواصفات اللازمة وليس للإدارة أن ترفض الترخيص له بذلك ما دام العقار خالياً لم تتعلق به حقوق لآخرين.
5 - قام رئيس حي شرق بالموافقة على عدة حالات بتغيير الترخيص بمباني سكنية إلى منشآت فندقية في تواريخ سابقة ولاحقة على تاريخ رفض طلب الطاعن، الأمر الذي يدلل على إساءة استعمال السلطة وأن رفض تعديل الترخيص كان بقصد التشفي والانتقام من الطاعن.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وكذا قانون نظام الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 52 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية أن رئيس الحي هو الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وإصدار تراخيص البناء والهدم وسائر الأعمال المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه وذلك في نطاق دائرة الحي. وقرار رئيس الحي في هذا الشأن هو قرار إداري نهائي ونافذ غير خاضع لتصديق سلطة إدارية أعلى.
ومن ثم فإن قرار رئيس حي شرق الإسكندرية الصادر في 31/ 5/ 1977 برفض طلب الطاعن تعديل الترخيص الصادر له سنة 1961 بإنشاء مبنى لعمارة سكنية إلى مبنى لاستغلاله كفندق - هو القرار الإداري الذي يتعين مخاصمته بدعوى الإلغاء تطبيقاً لحكم البند خامساً من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن القرار المشار إليه ولئن كان لا يندرج ضمن القرارات الإدارية الواجب التظلم منها قبل رفع دعوى إلغائها وفقاً لحكم المادة 12 من قانون مجلس الدولة السالف الذكر، إلا أنه إذا ما قدم تظلم من هذا القرار فإنه - طبقاً للقواعد العامة - يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء.
ومن حيث إن القانون رقم 106 لسنة 1976 قد رسم طريقاً خاصاً للتظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وفقاً لأحكامه إذ نصت المادة 15 من القانون على أنه "لذوي الشأن التظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وفقاً لأحكام هذا القانون، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطارهم بهذه القرارات.
وتختص بنظر هذه التظلمات لجنة تسمى لجنة التظلمات تشكل بمقر المجلس المحلي للمدينة أو الحي أو القرية من:
قاضي يندبه رئيس المحكمة الابتدائية بدائرة المحافظة - (رئيساً).
اثنين من أعضاء المجلس المحلي يختارهما المجلس لمدة سنتين قابلة للتجديد مدة أخرى مماثلة.
اثنين من المهندسين..........
ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من المحافظ المختص........
وعلى اللجنة أن تبت في التظلمات المقدمة إليها خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمها.
وتبين اللائحة التنفيذية القواعد والإجراءات التي تسير عليها اللجنة......".
وتنص المادة 19 على أنه لذوي الشأن وللجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم حق الاعتراض على القرارات التي تصدرها لجان التظلمات المنصوص عليها في المادة (15) وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانها بها أو من تاريخ انقضاء الميعاد المقرر للبت في التظلم بحسب الأحوال، وإلا أصبحت نهائية..... الخ.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يطرق هذا السبيل الخاص للتظلم من قرار رئيس حي شرق الإسكندرية المطعون فيه.
وأياً ما كان الرأي بشأن مدى أثر هذا التظلم الخاص للتظلم من القرارات الإدارية الصادرة طبقاً للقانون رقم 106 لسنة 1976، على التظلم العام المقرر في شأن التظلمات - عامة - من القرارات الإدارية والذي نصت عليه المادتان 12، 24 من قانون مجلس الدولة، وصدر ببيان إجراءاته وطريقة الفصل فيه، قرار رئيس مجلس الدولة رقم 72 لسنة 1973 ومع التسليم جدلاً بأن التظلم الذي قدمه الطاعن إلى محافظ الإسكندرية بتاريخ 16/ 6/ 1977 متظلماً من القرار المطعون فيه، يعتد به في مجال قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء - بغض النظر عن أن المشرع قد سن طريقاً خاصاً للتظلم من القرارات الإدارية الصادرة طبقاً لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 - فإن القدر المتيقن في الدعوى الماثلة أن الطاعن تظلم لمحافظ الإسكندرية بتاريخ 16/ 6/ 1977 وأنه بتاريخ 18/ 8/ 1977 قرر المحافظ رفض التظلم ومع ذلك لم يبادر المدعي بإقامة دعواه خلال ستين يوماً من تاريخ رفض التظلم وإنما تراخى في ذلك حتى 27/ 7/ 1978 حيث أقام دعواه.
ومن حيث إنه غير صحيح ما ذهب إليه الطاعن من أن تظلمه إلى المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية بتاريخ 25/ 1/ 1978، وبحث المجلس للتظلم واستمرار البحث حتى 31/ 5/ 1978 (تاريخ تأييد المجلس لقرار رئيس الحي) يعتبر من قبيل البحث الجدي والمسلك الإيجابي في بحث التظلم الذي يترتب عليه مد ميعاد رفع الدعوى - ذلك أنه فضلاً عن أن التظلم المقدم إلى رئيس المجلس المحلي هو تظلم مقدم إلى جهة غير مختصة بالتظلم الإداري من قرار رئيس حي شرق الإسكندرية - في تطبيق أحكام قانون مجلس الدولة – كما وأنه يعتبر تظلماً ثانياً لا يعتد به في قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء - فضلاً عن ذلك فإن هذا التظلم قد قدم بعد فوات ميعاد تقديم التظلمات بل وبعد فوات ميعاد رفع الدعوى، ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا التظلم في صدد بحث شكل الدعوى.
ومن حيث إنه لا وجه أيضاً لما ذهب إليه الطاعن من أنه أقام دعواه طعناً على قرار المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية الصادر بجلسة 31/ 5/ 1978 بتأييد قرار رئيس حي شرق الإسكندرية المشار إليه، وأن قرار المجلس في هذا الصدد يعتبر قراراً إدارياً نهائياً في مفهوم أحكام قانون مجلس الدولة - لا وجه لذلك لأن المجالس المحلية - عامة - طبقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 (شأن المجالس الشعبية المحلية طبقاً للقانون رقم 43 لسنة 1979) لا تختص بإصدار قرارات إدارية في المسائل التنفيذية، وإنما ينحصر اختصاصها بصفة عامة - حسبما أوضحته المادة 8 من القانون رقم 52 لسنة 1975 في الرقابة والإشراف على مختلف المرافق والأعمال ذات الطابع المحلي في نطاق المحافظة وكذا الإشراف على تنفيذ الخطط الخاصة بالتنمية المحلية ومتابعتها. ولا محاجة بنص المادة 132/ 1 التي تنص على أن قرارات المجالس المحلية نافذة في حدود الاختصاصات المقررة لها في هذا القانون ولائحته التنفيذية - ذلك أن المقصود بهذا النص هو أن قرارات المجالس المحلية في حدود اختصاصها العام - وهو الإشراف والرقابة - تصدر نافذة أي بغير حاجة إلى تصديق أو اعتماد سلطة أخرى. دون أن يعني ذلك أن لهذه المجالس إصدار قرارات إدارية في المسائل التنفيذية المنوطة بالسلطات التنفيذية للحكم المحلي.
ومن حيث إنه لا صحة أيضاً لما ذهب إليه الطاعن من أن قرار رئيس حي شرق برفض تعديل الترخيص الممنوح له، يعتبر من قبيل القرارات السلبية بالامتناع والتي يجوز الطعن فيها بالإلغاء دون تقيد بميعاد الستين يوماً المقررة لرفع الدعوى - لا صحة لهذا الزعم بحسبان أن الثابت من الأوراق أن رئيس حي شرق الإسكندرية لم يمتنع عن إصدار قرار في شأن طلب الطاعن تعديل الترخيص، وإنما أصدر قراراً صريحاً برفض التعديل وذلك بتاريخ 31/ 5/ 1977 وبعد حوالي أربعة عشر يوماً من تاريخ الطلب.
ومن حيث إنه لا صحة أيضاً لما يؤسس عليه الطاعن طعنه من انعدام قرار رئيس حي شرق الإسكندرية توصلاً للقول بجواز الطعن عليه في أي وقت، ذلك أنه ولئن كانت الأسباب التي بنى عليها رئيس الحي قراره برفض تعديل الترخيص على ما سيأتي تفصيله في معرض بحث طلب التعويض - بعضها غير صحيح، والبعض الأخير لا يدخل تقديرها في اختصاصه الذي حدده القانون رقم 106 لسنة 1976 في التثبت من مطابقة الأعمال المطلوب الترخيص فيها لأحكام هذا القانون وللأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية الإنشائية ومراعاة خطوط التنظيم المعتمدة أو الجاري تخطيطها فضلاً عن مقتضيات الأمن والقواعد الصحية (المواد من 4 - 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976). بحيث لا يجوز له أن يتعداها إلى تقدير مدى احتياج الحي لإنشاء فندق أو غير ذلك من اعتبارات، أسندها القانون رقم 1 لسنة 1973 إلى وزارة السياحة، إذ نصت المادة الثانية من هذا القانون على أنه لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية أو استغلالها أو إداراتها إلا بترخيص من وزارة السياحة وتؤول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في قانون المحال العامة وقانون الملاهي بالنسبة لتلك المنشآت.
واستبقت هذه المادة لوزير الإسكان والتشييد الاختصاص في تحديد الشروط والمواصفات الهندسية والإنشائية التي يجب توافرها في المنشآت الفندقية بعد موافقة وزير السياحة - ولئن كان ذلك كله إلا أن تجاوز رئيس حي شرق الإسكندرية بقراره المطعون فيه حدود اختصاصه المحدد له بالقانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديه على اختصاص وزارة السياحة لا يعدو أن يكون من قبيل تجاوز الاختصاص الذي يترتب عليه عدم مشروعية القرار لا انعدامه وذلك بحسبان أن القرار رغم عيوبه - لا يزال قائماً في مجال اختصاص الوظيفة الإدارية، سيما وأن المشرع قد خول في اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي (رقم 52/ 1975) للوحدات المحلية اختصاصات عديدة في شئون السياحة أشارت إليها المادة (20) من هذه اللائحة ومن بينها إبداء الرأي فيما يتعلق بمنح التراخيص الخاصة بإنشاء وإقامة المنشآت الفندقية والسياحية واستغلالها وإدارتها وتحديد المناطق السياحية.
ومفاد ذلك أن القرار المطعون فيه وإن شابه عيب مجاوزة الاختصاص - مما يبطله - إلا أنه لا يرقى إلى انعدام الاختصاص الذي يردى بالقرار إلى هاوية الانعدام.
ومن حيث إنه متى استبان كان ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق والقانون فيما قضى به من عدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد، ويغدو الطعن عليه في هذا الشق من قضائه حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض المؤقت، فإنه لما كانت القاعدة العامة أن التعويض عن القرارات الإدارية غير المشروعة يتطلب توافر أركان ثلاثة هي الخطأ والضرر وقيام رابطة السببية بينهما.
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ فإن البادي من مطالعة الأوراق أن قرار رئيس حي شرق برفض طلب الطاعن تعديل الترخيص الممنوح له عام 1961 بإنشاء عمارة سكنية إلى إنشاء فندق، قد استند إلى السببين التالين: -
1 - أن الطاعن قد تحصل على مواد البناء اللازمة للتشييد والتشطيب مدعمة بقصد إقامة عمارة سكنية بناء على رسومات محددة تقدم بها مرفقة بأوراق الترخيص، وقام بأعمال المباني والتشطيب حتى شارف على الانتهاء منها، ولكنه عندما شعر بقرب صدور قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر رقم 49 لسنة 1977 تعمد التوقف عن إنهاء البناء وتقدم بطلب تحويل المبنى إلى فندق سياحي مما سيتعارض مع الغرض الذي تقرر من أجله صرف مواد البناء المدعمة. وقد أجرى تحقيق مع الطاعن وآخرين بمعرفة نيابة الأموال العامة في الجناية رقم 23 لسنة 1976 أمن دولة عليا واتهم فيها الطاعن بأنه حصل على مواد بناء بمناسبة العقار تزيد عن المقرر قانوناً وأحيل مع آخرين لمحكمة أمن الدولة العليا لمحاكمتهم.
2 - أن الموافقة على طلب التعديل يستدعي إجراء تعديلات في المبنى وفي التشطيب، مما يستلزم صرف مواد بناء جديدة، ويعتبر ذلك إسرافاً وإهداراً للمال العام واستعمالاً له في غير موضعه.
ثم أضافت جهة الإدارة في معرض دفاعها في الدعوى مبررات أخرى لقرارها المطعون فيه، تخلص في أن حي شرق عندما قدم له طلب تعديل الترخيص، وازن بين أي من الاستغلالين للعقار أجدى في تحقيق الصالح العام، وأعمل سلطته التقديرية المنوطة به قانوناً ورجح استغلال المبنى كعمارة سكنية بدلاً من فندق سياحي، وهو ترجيح له وجاهته لما يشعر به الجميع من أزمة إسكان خانقة.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية تنص على أنه "لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية واستغلالها أو إدارتها إلا بترخيص من وزارة السياحة طبقاً للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير السياحة.
وتؤول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 317 لسنة 1956 في شأن المحال العامة والقانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي بالنسبة إلى تلك المنشآت. ومع ذلك تحديد الشروط والمواصفات الهندسية والإنشائية التي يجب توافرها في المنشآت المذكورة بقرار من وزير الإسكان والتشييد بعد موافقة وزير السياحة".
ومن حيث إنه باستقراء نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، يبين أن المادة 4 من القانون تنص على أن "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيهما أو هدمها أو تغطية واجهات المباني القائمة بالبياض أو خلافه، إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بالمجلس المحلي أو إخطارها بذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.....
ولا يجوز الترخيص بالمباني أو الأعمال المشار إليها بالفقرة الأولى إلا إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التي تحددها اللائحة التنفيذية.... الخ".
وتنص المادة (5) على أن "يقدم طلب الحصول على الترخيص إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم مرفقاً به البيانات والمستندات والموافقات والرسومات المعمارية والإنشائية والتنفيذية التي تحددها اللائحة التنفيذية.....الخ".
وتنص المادة (6) من القانون على أن "تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه...
وإذا ثبت للجهة المذكورة أن الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة لأحكام هذا القانون ولائحته والقرارات المنفذة له، قامت بإصدار الترخيص بعد مراجعة واعتماد أصول الرسومات وصورها.
أما إذا رأت تلك الجهة وجوب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصحيحات في الرسومات، أعلنت الطالب بذلك بكتاب موصى عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب. ويتم البت في هذه الحالة في طلب الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء البيانات أو المستندات أو الموافقات المطلوبة أو تقديم الرسومات المعدلة.
وتنص المادة 7 من القانون على أن "يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص انقضاء المدة المحددة للبت فيه، دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات اللازمة أو إدخال تعديلات أو تصحيحات على الرسومات....".
ولا يجوز الموافقة صراحة أو ضمناً على طلبات الترخيص في التعلية إلا إذا كان الهيكل الإنشائي للمبنى وأساساته تسمح باحتمال الأعمال المطلوب الترخيص فيها، ويجب الالتزام في هذا الشأن بالرسومات الإنشائية السابق تقديمها مع الترخيص الأول ولو كانت قواعد الارتفاع تسمح بالتعلية المطلوبة.
كما يجوز للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم عدم الموافقة على طلبات الترخيص إذا كانت الأعمال المطلوب الترخيص فيها تقع في المناطق أو الشوارع التي يصدر قرار من المجلس المحلي المختص بإعادة تخططيها، وذلك حتى يتم التخطيط في موعد لا يتجاوز سنة من تاريخ نشر قرار إعادة التخطيط في الوقائع المصرية....".
وتنص المادة 11 من القانون على أنه "يجب أن يتم تنفيذ البناء أو الأعمال وفقاً للأصول الفنية وطبقاً للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها، وأن تكون مواد البناء المستخدمة مطابقة للمواصفات المصرية المقررة.
ولا يجوز إدخال أي تعديل أو تغيير جوهري في الرسومات المعتمدة، إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم.
أما التعديلات البسيطة التي تقتضيها ظروف التنفيذ فيكتفي في شأنها بإثبات الجهة المذكورة لها على أصول الرسومات المعتمدة وصورها، وذلك كله وفقاً للأحكام والإجراءات التي تبينها اللائحة التنفيذية.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن اختصاص الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم (وهي حي شرق الإسكندرية في النزاع المعروض) في منح تراخيص إنشاء المباني أو إقامة الأعمال المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 أو تعديلها هو اختصاص مقيد ومخصص الأهداف. ذلك أن المشرع قد أبان بوضوح أن الهدف الذي تغياه من اشتراط الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم قبل القيام بإنشاء المباني أو الأعمال المشار إليها، هو التحقق من مطابقة هذه المباني والأعمال للأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية والإنشائية ومراعاة خطوط التنظيم المعتمدة أو الجاري تخطيطها فضلاً عن مقتضيات الأمن والقواعد الصحية وذلك في ضوء المستندات والرسومات والبيانات التي يقدمها ذوو الشأن.
فإذا ما ثبت للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له، وجب عليها إصدار الترخيص المطلوب بعد مراجعة واعتماد أصول الرسومات وصورها وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص أما إذا رأت تلك الجهة لزوم استيفاء بعض البيانات أو الرسومات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصحيحات في الرسومات، فقد أوجب عليها المشرع إعلان الطالب بذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص، كما أوجب عليها إتمام البت في هذه الحالة في طلب الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء البيانات أو المستندات أو الرسومات المعدلة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد من تقييد سلطة جهة الإدارة في منح التراخيص بالأهداف والضوابط والمدد المنوه عنها، إنما جاوز المشرع ذلك إلى اعتبار أنه بمجرد انقضاء المدد المحددة للبت في طلب الترخيص دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو إدخال تعديلات على الرسومات، يعتبر ذلك بمثابة موافقة على طلب الترخيص وكل ذلك يقطع بأن سلطة جهة الإدارة المختصة بشئون التنظيم في إصدار التراخيص المشار إليها هي سلطة مقيدة ومخصصة الأهداف، فلا يجوز لها متى كانت الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة للأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية والإنشائية ولأحكام القانون ولائحته، أن ترفض منح الترخيص لأسباب أخرى لا يدخل تقديرها في مجال اختصاصها.
ومن حيث إن ما يحكم طلب الترخيص المبتدأ من القواعد والأصول السابقة، يسري أيضاً على طلب تعديل الترخيص لاتحاد العلة في الحالتين.
وإذا كانت الفقرة الأولى من المادة 11 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليها قد أوجبت إتمام تنفيذ البناء أو الأعمال وفقاً للأصول الفنية وطبقاً للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها - إلا أن الفقرة الثانية من هذه المادة أردفت ذلك بحكم مفاده جواز إدخال أي تعديلات أو تغييرات في الرسومات المعتمدة بشرط الحصول على ترخيص في ذلك من ذات الجهة المختصة بمنح الترخيص.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم فإن رئيس حي شرق الإسكندرية يتحدد اختصاصه في شأن الطلب المقدم من الطاعن بتعديل الترخيص الممنوح له عام 1961 بإنشاء عمارة سكنية إلى إنشاء فندق، في بحث الرسومات والمواصفات المعدلة التي قدمها الطاعن مرفقة بطلبه، للتحقق من مطابقتها للأصول الفنية والهندسة والمواصفات العامة المطلوبة للتعديلات المراد إدخالها على المبنى ورسوماته لاستغلاله كفندق، بحيث لا يكون له رفض تعديل الترخيص إلا إذا ثبت له عدم مطابقة هذه الرسومات والمستندات للأصول والمواصفات المطلوبة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن رئيس حي شرق لم يدع شيئاً من ذلك ولم يسند قراره إلى أي من الاعتبارات المشار إليها. بل إن الثابت أن المهندس مراقب عام الحي قد أشر - بعد معاينة مهندس الحي - أنه لا يمانع هندسياً أو فنياً على التعديل.
كذلك فإن وزارة السياحة (مديرية السياحة بالإسكندرية) أبدت موافقتها من حيث المبدأ على تحويل المبنى إلى فندق سياحي لموقعه الممتاز واحتياج المنطقة إلى فنادق، وأرسلت بموافقتها كتابها رقم 1857 بتاريخ 7/ 5/ 1977 إلى الحي.
ومفاد ذلك أن رئيس حي شرق الإسكندرية في قراره برفض تعديل الترخيص للطاعن للأسباب التي ساقها كمبررات للرفض، قد جاوز اختصاصه المحدد له في القانون رقم 106 لسنة 1976.
يضاف إلى ذلك أنه قد ثبت عدم صحة تلك الأسباب، ذلك أنه بتاريخ 23 من يناير سنة 1983 حكمت محكمة جنايات الإسكندرية وأمن الدولة العليا في القضية رقم 1174 لسنة 1977 سيدي جابر التي اتهم فيها الطاعن وآخرون - بحصوله دون وجه حق على حصص من مواد البناء ومستلزماته بتقديم بيانات غير صحيحة، بالبراءة استناداً إلى ما جاء بتقرير لجنة الخبراء التي ندبتها المحكمة بجلسة 19/ 5/ 1979 من أساتذة كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية - لفحص تراخيص البناء لتحديد مواد البناء من أسمنت وحديد وأخشاب التي تم صرفها لكل ترخيص وبيان الكميات التي صرفت زيادة عن المعدلات المقررة بمنشورات وزارة الإسكان - من أن الطاعن لم يصرف له على الإطلاق حديد تسليح أو أسمنت، بينما صرفت له كمية من الأخشاب قدرها 67.24 م3 في حين أن الحصة المستحقة له من الخشب قدرها 182.85 م3 أي أنه صرف حصة تقل على المستحق له بمقدار 115.61 م3.
هذا وقد أصبح حكم البراءة نهائياً وباتاً حسبما يبين من الشهادة الصادرة من رئيس القلم الجنائي بنيابة الإسكندرية المؤرخة 9/ 1/ 1984 المرفقة بأوراق الطعن.
كذلك فلا مقنع فيما ذكره رئيس حي شرق الإسكندرية في معرض تبريره لقراره المطعون فيه من أن التعديلات في المبنى لتحويله إلى فندق يتطلب هدماً لحوائط وتشطيبات ويحتاج ذلك إلى صرف مواد بناء مما يعتبر إسرافاً وتبديداً للمال العام - لا مقنع في ذلك لأن الطاعن وشأنه في توفير ما تتطلبه التعديلات من مواد بناء على نفقته الخاصة، وهو الغارم في ذلك ولا علاقة لهذا الأمر بالمال العام.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم، فقد كشفت الأوراق أن رئيس حي شرق الإسكندرية وافق بموجب كتابه المؤرخ 26/ 8/ 1978 على إقامة فندق بالعقار الكائن بشارع ملك حفني بالمندرة رغم أن العقار أقيم كعمارة سكنية...
وكذلك العقار الكائن بشارع فاطمة اليوسف رقم 21 سبورتنج قسم سيدي جابر حيث وافق رئيس الحي بكتابه رقم 2330 المؤرخ 5/ 12/ 1978 على الترخيص له باستغلاله كفندق رغم أنه أقيم أيضاً كعمارة سكنية. وكل ذلك إنما يلقي ظلالاً كثيفة على القرار المطعون فيه توحي بأنه فضلاً عما اعتوره من عيبي تجاوز الاختصاص وعدم صحة الأسباب التي قام عليها، فإنه معيب أيضاً بعيب إساءة استعمال السلطة لعدم معاملة الطاعن على قدم المساواة مع حالات مماثلة وافق فيها رئيس الحي على تحويل عمارات سكنية إلى فنادق.
ومن حيث إنه عن ركن الضرر الذي ترتب على القرار المطعون فيه فإن يتمثل في فوات الفرصة على الطاعن في استغلال ملكه استغلالاً تجارياً كفندق سياحي وما قد يدره هذا الاستغلال عليه من أرباح تفوق - في الغالب - ما قد يحصله من إيجارات باستغلال المبنى كعمارة سكنية ومن المقرر قانوناً أن التعويض عن تفويت الفرصة هو تعويض عن ضرر محقق الوقوع.
ومن حيث إن رابطة السببية قائمة - ولا شك - بين خطأ جهة الإدارة في قرارها المشار إليه، والضرر الذي أصاب الطاعن، ومن ثم تتحقق مسئولية جهة الإدارة عن تعويض الطاعن عن الضرر الذي يصيبه نتيجة قرارها غير المشروع.
ومن حيث إنه متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب التعويض المؤقت استناداً إلى ما ذهب إليه من مشروعية القرار المشار إليه فمن ثم يتعين إلغاء الحكم فيما قضى به في هذا الطلب وبأحقية الطاعن في تعويض مؤقت مقداره (ألف جنيه) مع تأييد الحكم فيما قضى به من عدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
ومن حيث إنه متى كان الطاعن قد خسر شقاً من دعواه، فمن ثم يتعين إلزام طرفي الدعوى بالمصاريف مناصفة بينهما عملاً بحكم المادتين 184، 186 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض المؤقت، وبأحقية الطاعن في تعويض مؤقت مقداره (ألف جنيه) وبرفض الطعن فيما عدا ذلك. وألزمت كلاً من طرفي الدعوى بالمصروفات مناصفة بينهما.

الطعن 31 لسنة 19 ق جلسة 3 / 5 / 1952 مكتب فني 3 ج 3 رجال قضاء ق 8 ص 778

جلسة 3 مايو سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وإبراهيم خليل بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك وإسماعيل مجدي بك وعبد العزيز سليمان بك وأحمد العمروسي بك وباسيلي موسى بك المستشارين.
-----------------
(8)
القضية رقم 31 سنة 19 قضائية
أقدمية. ترقية. 
معاون للنيابة عين بقرار صدر سنة 1948 ثم رقي إلى مساعد للنيابة بقرار لاحق في سنة 1949. طعنه في مرسوم صدر سنة 1949 بترقية بعض زملائه إلى وكلاء النيابة من الدرجة الثالثة. تقريره أن هذا المرسوم قد تخطاه بترقية من يلونه في الأقدمية. تأسيس أقدميته على أنه سبق تعيينه معاوناً للنيابة بقرار صدر سنة 1945 ثم بقرار أخر صدر في سنة 1946. نفي وزارة العدل صدور قرار بتعيينه في سنة 1945 وعدم تقديمه ما يثبت صدور هذا القرار اعترافه بأن قرار سنة 1946 لم يعلن إليه ولم ينفذ. عدم تمسكه في سنة 1948 وجوب تعيينه مساعد للنيابة وبأن قرار سنة 1946 ما زال قائماً وعدم طعنه في قرار سنة 1948 الذي عينه معاوناً للنيابة. استقرار أقدميته على أساس تعيينه معاوناً للنيابة سنة 1948. عدم ادعائه بأن أحداً قد تخطاه على أساس الوضع الذي استقرت عليه أقدميته. الطعن على غير أساس.
--------------------
لما كانت وزارة العدل قد نفت صدور قرار في 14 من أكتوبر سنة 1945 بتعيين الطالب معاوناً للنيابة، وهو لم يقدم ما يؤيد قوله في هذا الخصوص وكان القرار الوزاري الصادر بتعيينه معاوناً للنيابة في 13 من سبتمبر سنة 1946 لم يبلغ إليه ولم ينفذ بإقراره، وكان هو لم يتمسك عند تعيينه معاوناً للنيابة في 25 مارس سنة 1948 بوجوب أن يكون تعيينه في درجة مساعد نيابة، على اعتبار أنه كان معاوناً للنيابة منذ 13 من سبتمبر سنة 1946 وأن قرار تعيينه السابق لا يزال قائماً وواجب النفاذ، ولم يسلك سبيلاً للطعن في القرار الصادر بتعيينه معاونا للنيابة في 25 من مارس سنة 1948، إذ كان الطعن فيه جائزاً أمام مجلس الدولة وفقاً للمادة 35 من القانون رقم 112 لسنة 1946 الذي كان سارياً وقت صدور هذا القرار - لما كان ذلك وكان من جهة أخرى قد صدر مرسوم في 20 من سبتمبر سنة 1948 رقي بمقتضاه بعض مساعدي النيابة إلى وكلاء بها من الدرجة الثالثة ممن كانوا يلونه في الأقدمية وفقاً للقرار الصادر في 13 من سبتمبر سنة 1946 وكان الطالب قد فوت ميعاد الطعن أيضاً في هذا المرسوم بعد نشره فإن أقدميته تكون قد استقرت بين أعضاء النيابة العامة بتعيينه معاوناً للنيابة في 25 مارس سنة 1948 ثم بترقيته مساعداً لها في 25 من مارس سنة 1949. ولما كان المرسوم المطعون فيه قد صدر في 27 من نوفمبر سنة 1940 على أساس هذا الوضع ولم يدع الطالب أن أحداً قد تخطاه بالترقية في هذا المرسوم بحسب الأقدمية التي تقررت له وفقاً للقرار الصادر في 25 من مارس سنة 1948 فإن الطعن في هذا المرسوم يكون على غير أساس.
---------------
الوقائع
في يوم 21 من ديسمبر سنة 1949 طعن الأستاذ..... مساعد نيابة - في المرسوم الصادر في 29 من نوفمبر سنة 1949 والمنشور بعدد الوقائع الرسمية رقم 150 لسنة 121 الصادر في أول ديسمبر سنة 1949، وذلك بتقرير طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء المرسوم السابق الذكر من حيث إغفاله ترقيته إلى وظيفة وكيل للنائب العام من الدرجة الثالثة مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 26 من ديسمبر سنة 1949 أعلن المدعى عليهما بتقرير الطعن، وفي 3 من يناير سنة 1950 أودع الطالب أصل ورقة إعلان المدعى عليهما بتقرير الطعن ومذكرة شارحة وحافظة بمستنداته، وفي 30 من يناير سنة 1950 أودعت وزارة العدل مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطلب وإلزام الطالب بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة كما أودعت حافظة بمستنداتها، وفي 8 من فبراير سنة 1950 أودع الطالب مذكرة بملاحظاته على الرد، وفي 29 من نوفمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أصلياً بعدم قبول الطعن واحتياطياً في حالة قبوله برفضه موضوعاً مع إلزام الطالب بالمصروفات. وبجلسة 5 من إبريل سنة 1952 المحددة لنظر هذا الطلب سمعت المرافعة كالمبين بمحضر الجلسة، والمحكمة قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
-----------------
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطلب شكلاً، استناداً إلى أن تعيين الطالب معاوناً للنيابة بالقرار الوزاري الصادر في 13 من سبتمبر سنة 1946 لا يعتبر قائماً منذ ذلك التاريخ ما دام أن الطالب لم يحلف اليمين، ولم يباشر أعمال الوظيفة التي عين فيها، وأنه مع قوله بأن القرار لم يبلغ إليه فلم يتمكن من حلف اليمين، فإن هذا التصرف الذي ينسبه الطالب إلى جهة الإدارة يدل على أنها سحبت قرارها بعد صدوره، وهو لم يتظلم من ذلك في خلال ستين يوماً من تاريخ عمله بسحب القرار وفقاً للمادة 35 من القانون رقم 112 لسنة 1946 بإنشاء مجلس الدولة الذي كان يحكم الحالة وقتئذ. وبذلك يكون قرار وزير العدل المشار إليه غير قائم قانوناً. ولما كان الطعن على المرسوم الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1949 لعدم تضمنه ترقية الطالب وكيلاً للنائب العام من الدرجة الثالثة هو في حقيقته طعن على سحب القرار الإداري قدم بعد فوات ميعاده. فإن الطعن فيه لا يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن الطعن منصب على المرسوم الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1949 فيما تضمنه من عدم ترقيته الطالب إلى درجة وكيل النائب العام من الدرجة الثالثة. وهو بهذا الاعتبار قد روعي فيه ميعاد الطعن وفقاً لنص المادة 428 مرافعات، ومن ثم يتعين رفض الدفع السالف الذكر.
ومن حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الطلب - كما يبين من الأوراق. تتحصل في أن الطالب خرج في كلية الحقوق من جامعة فؤاد الأول في دور مايو سنة 1944 بدرجة جيد جداً، وفي 13 من سبتمبر سنة 1946 صدر قرار من وزير العدل بتعيينه معاوناً للنيابة، ولكن هذا القرار لم ينفذ، وفي 25 من مارس سنة 1948 صدر قرار آخر بتعيينه في هذه الوظيفة، ثم رقي إلى درجة مساعد للنيابة في 25 من مارس سنة 1949، وفي 27 من نوفمبر سنة 1949 صدر مرسوم بترقية بعض مساعدي النيابة إلى درجة وكلاء من الدرجة الثالثة بها. فطعن الطالب في هذا المرسوم لإغفاله ترقيته.
ومن حيث إن الطلب بني على سبب واحد، حاصله أنه في 14 من أكتوبر سنة 1945 صدر قرار وزاري بتعيين الطالب مع آخرين معاوناً للنيابة العامة، إلا أن هذا القرار لم يبلغ إلى النائب العام لتنفيذه، وفي 13 من سبتمبر سنة 1946 صدر قرار آخر بتعيينه في هذه الوظيفة، وبقي هذا القرار كسابقه دون أن يبلغ إليه، ثم عين معاوناً للنيابة للمرة الثالثة في 25 من مارس سنة 1948 ثم رقي إلى درجة مساعد للنيابة في 25 من مارس سنة 1949 وقد ترتب على هذه الإجراءات أن تجاهلت وزارة العدل أقدميته التي اكتسبها قانوناً بمجرد تعيينه في 14 من أكتوبر سنة 1945، فصدر مرسوم 27 من نوفمبر سنة 1949 مغفلاً ترقيته إلى درجة وكيل للنائب العام من الدرجة الثالثة، في حين أن أقدميته كان يجب أن تحتسب قانوناً من تاريخ صدور القرار الأول بتعيينه معاوناً للنيابة، وأن المرسوم إذ أغفل ذلك يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن وزارة العدل ردت بأن الطالب لم يقدم دليلاً على أنه عين معاوناً للنيابة في 14 من أكتوبر سنة 1945، وإنه وإن كان قد صدر في 13 من سبتمبر سنة 1946 قرار بتعيينه معاوناً للنيابة، إلا أن هذا القرار لا ينتج أثره وفقاً للمادة 79 من قانون استقلال القضاء إلا بالتنفيذ وذلك بحلف اليمين المبينة بالمادة 15 من هذا القانون، وإن هذا الإجراء لم يتم بسبب تخلف الطالب عن حلفها، وأنه قدم في أول أكتوبر سنة 1947 تظلماً اعترف فيه ضمناً بأن تخلفه يرجع إلى ظروف خاصة به. وفضلاً عن ذلك فإن قانون استقلال القضاء لا يلزم الوزارة بإتباع قاعدة الأقدمية عند الترقية من درجة مساعد النيابة إلى وكيل للنائب العام من الدرجة الثالثة. ومن ثم يكون الطعن على غير أساس من الواقع ولا من القانون.
ومن حيث إن ما أسس عليه الطالب طعنه مردود بأن وزارة نفت صدور قرار في 14 من أكتوبر سنة 1945 بتعيينه معاوناً للنيابة، وهو ما لم يقدم ما يؤيد قوله في هذا الخصوص. ولما كان القرار الصادر في 13 من سبتمبر سنة 1946 لم يبلغ إليه ولم ينفذ بإقراره، وكان هو لم يتمسك عند تعيينه معاوناً للنيابة في 25 من مارس سنة 1948 بوجوب أن يكون تعيينه في درجة مساعد نيابة، على اعتبار أنه كان معاوناً للنيابة منذ 13 من سبتمبر سنة 1946 وأن قرار تعيينه السابق لا يزال قائماً وواجب النفاذ، ولم يسلك سبيلاً للطعن في القرار الصادر بتعيينه معاوناً للنيابة في 25 من مارس سنة 1948، إذ كان الطعن فيه جائزاً أمام مجلس الدولة وفق للمادة 35 من القانون رقم 112 لسنة 1946 الذي كان سارياً وقت صدور هذا القرار، لما كان ذلك وكان من جهة أخرى قد صدر مرسوم في 20 من سبتمبر سنة 1948 رقي بمقتضاه بعض مساعدي النيابة إلى وكلاء بها من الدرجة الثالثة ممن كانوا يلونه في الأقدمية وفقاً للقرار الصادر في 13 من سبتمبر سنة 1946، وكان الطالب قد فوت الطعن أيضاً في هذا المرسوم بعد نشره، لما كان ذلك فإن أقدميته تكون قد استقرت بين أعضاء النيابة العامة بتعيينه معاوناً للنيابة في 25 من مارس سنة 1948، ثم بترقيته مساعداً لها في 25 من مارس سنة 1949. ولما كان المرسوم المطعون فيه قد صدر في 27 من نوفمبر سنة 1949 على أساس هذا الوضع ولم يدع الطالب أن أحداً قد تخطاه بالترقية في هذا المرسوم بحسب الأقدمية التي تقررت له وفقاً للقرار الصادر في 25 من مارس سنة 1949. فإن الطعن في هذا المرسوم يكون على غير أساس متعيناً رفضه

الطلب 24 لسنة 43 ق جلسة 15 / 4 / 1976 مكتب فني 27 ج 1 رجال قضاء ق 20 ص 79

جلسة 15 من إبريل 1976
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني، عبد العال السيد، عثمان الزيني.
----------------
(20)
الطلب رقم 24 لسنة 43 ق "رجال القضاء"
أقدمية.
القضاء في طلب سابق بتحديد الأقدمية بعدم قبوله شكلاً لتقديمه بعد الميعاد. أثره. استقرار أقدمية الطالب بين زملائه الذين عين معهم في درجة وكيل نيابة. الطعن في قرار ترقية تال دون الادعاء بأن أحداً من زملائه قد تخطاه فيها. وجوب القضاء برفضه.
-----------------
إذا كان يبين من ملف الطلب رقم 11 لسنة 39 ق أن الطالب كان قد طلب الحكم بتحديد أقدميته في درجة وكيل نيابة اعتباراً من 9/ 4/ 1966 واحتياطياً بتحديد أقدميته اعتباراً من 1/ 1/ 1967 وقد حكم في 13/ 12/ 1973 بعدم قبول هذا الطلب شكلاً لتقديمه بعد الميعاد. فإن أقدميته تكون قد استقرت بين زملائه الذين عين معهم في درجة وكيل نيابة، وإذ صدر القرار المطعون فيه على أساس هذا الوضع، ولم يدع الطالب أن أحداً قد تخطاه بالترقية حسب أقدميته التي استقرت من قبل فإن الطعن في هذا القرار يكون على غير أساس.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الأستاذ.... وكيل النائب العام تقدم لقلم كتاب هذه المحكمة في 7/ 6/ 1973 بطلب قيد برقم 24 سنة 43 ق رجال القضاء للحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 641 الصادر في 13/ 5/ 1973 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل نيابة فئة ممتازة أو ما يعادلها وترقيته إلى هذه الوظيفة اعتباراً من تاريخ صدوره، وقال بياناً لطلبه أنه عين وكيلاً للنائب العام وفي 5/ 3/ 1969 تسلم العمل ووقع بالعلم على مذكرة رئيس التفتيش القضائي بالنيابة العامة بتحديد أقدميته بين وكلاء النيابة بأن يكون تالياً للأستاذ..... - المعين في 11/ 10/ 1967 وسابقاً على الأستاذ...... المعين في 8/ 12/ 1968 - تأسيساً على أنه أمضى في وظيفته السابقة فترة تزيد على ثلاث سنوات اعتباراً من 9/ 4/ 1966 ويتقاضى مرتباً يدخل في حدود درجة وكيل النيابة اعتباراً من 1/ 1/ 1968 إلا أن مرتبه عدل بعد تحديد أقدميته بإضافة ثلثي العلاوة الدورية للعاملين بالقطاع العام بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 131 لسنة 1969 فأصبح مرتبه 49.125 بدلاً من 29.125 اعتباراً من 1/ 1/ 1967 مما يجعله يدخل في حدود درجة وكيل النيابة من هذا التاريخ ولو أن هذا التعديل لم يتم إلا في 25/ 2/ 1969 أي بعد صدور قرار تعيينه، فتقدم بالطلب رقم 11 سنة 39 ق رجال القضاء للحكم باعتبار أقدميته بدرجة وكيل نيابة من 9/ 4/ 1966 واحتياطياً اعتبار أقدميته في تلك الدرجة اعتباراً من 1/ 1/ 1967، ولما كان القرار الجمهوري رقم 641 سنة 1963 صدر متخطياً الطالب في الترقية إلى درجة وكيل نيابة من الفئة الممتازة أو ما يعادلها بعد تسوية حالته على النحو السالف الذكر، فإن هذا القرار يكون قد صدر مخالفاً للقانون ويحق له طلب إلغائه - وقد ضم ملف الطلب رقم 11 سنة 39 ق رجال القضاء - وطلبت الحكومة رفض الطلب، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطلب كذلك.
وحيث إنه لما كان يبين من ملف الطلب رقم 11 لسنة 39 ق أن الطالب قد طلب الحكم بتحديد أقدميته في درجة وكيل نيابة اعتباراً من 9/ 4/ 1966 واحتياطياً بتحديد أقدميته اعتباراً من 1/ 1/ 1967 وقد حكم في 13/ 12/ 1973 بعدم قبول هذا الطلب شكلاً لتقديمه بعد الميعاد، فإن أقدميته تكون قد استقرت بين زملائه الذين عين معهم في درجة وكيل نيابة، وإذ صدر القرار المطعون فيه على أساس هذا الوضع، ولم يدع الطالب أن أحداً قد تخطاه بالترقية حسب أقدميته التي استقرت من قبل فإن الطعن في هذا القرار يكون على غير أساس.

الطعن 1042 لسنة 28 ق جلسة 13 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 71 ص 417

جلسة 13 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف ومحمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي ومحمد يسري زين العابدين والدكتور محمد عبد السلام مخلص - المستشارين.

---------------

(71)

الطعن رقم 1042 لسنة 28 القضائية

(أ) دعوى - الحكم في الدعوى - الطعن في الأحكام.
حكم - الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في أحكام المحكمة الإدارية لا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا - يستثنى من هذه القاعدة حالتان يجوز فيهما لرئيس هيئة مفوضي الدولة وحده الطعن وهما:
أ - إذا صدر الحكم مخالفاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا.
ب - إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني جديد - تطبيق.
(ب) عمد ومشايخ - انتخابات - المراحل التي تمر بها 

- تحديد مفهوم المرشح الوحيد أن مفهوم المرشح الواحد طبقاً للمادة 75 من قانون العمد والمشايخ الصادر بالقانون رقم 59 لسنة 1964 يتحدد بكشف المرشحين النهائي فإذا لم يتضمن سوى اسم مرشح واحد فإنه يصبح كذلك وتحال الأوراق إلى لجنة العمد أما إذا تضمن أكثر من اسم فلا مفر من إجراء الانتخاب لاختيار أحدهم - تطبيق.
(جـ) عمد ومشايخ - انتخاب العمدة - مراحله 

- تحديد مفهوم المرشح الوحيد قانون العمد والمشايخ الصادر بالقانون رقم 59 لسنة 1964 - مراحل عملية انتخاب العمدة - مرحلة الترشيح ومرحلة الانتخاب - إذا لم يقبل الترشيح غير مرشح واحد فإن ذلك مؤداه أنه ليس في جمهور الناخبين الصلاحية للترشيح لوظيفة العمدة وأن إرادتهم قد تلاقت على اختيار هذا المرشح دون سواه - لا حاجة لولوج عملية الانتخاب - أساس ذلك: عملية الانتخاب تقتضي وجود أكثر من مرشح - كشف المرشحين النهائي هو العنصر الفاصل في تحديد مفهوم المرشح الوحيد فإذا لم يتضمن الكشف سوى اسم مرشح واحد فإنه يصبح كذلك وتحال الأوراق للجنة العمد والمشايخ لتقرير تعيينه - إذا تضمن الكشف أكثر من اسم فلا مفر من إجراء الانتخاب لاختيار أحدهم - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 18 من مايو سنة 1982 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1042 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) بجلسة 31 من مارس سنة 1982 في الطعنين رقم 883 ورقم 929 لسنة 13 ق. س المقام أولهما من وزير الداخلية ضد أبو الفضل خاطر خليفة وثانيهما من عمر مختار محمود عبد الرحمن ضد أبو الفضل خاطر خليفة ووزير الداخلية والذي قضى:
أولاً: بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة وإلزامه مصروفات التدخل.
ثانياً: بقبول الطعن رقم 833 لسنة 13 ق. س شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي - وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبتعيين أبو الفضل خاطر خليفة عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا محافظة سوهاج باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من فبراير سنة 1984 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحدد لنظره أمامها جلسة أول إبريل سنة 1983، وبعد تداول الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وسماع ما رأت المحكمة لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - على ما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 6 من يونيه سنة 1978 أقام أبو الفضل خاطر خليفة الدعوى رقم 141 لسنة 35 القضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ضد وزير الداخلية طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية السلبي بعدم تعيينه عمدة لناحية الجبيرات بطهطا محافظة سوهاج وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال شرحاً للدعوى أنه خلت وظيفة عمدية ناحية الجبيرات مركز طهطا محافظة سوهاج فتقدم هو وأبو حنيف حسن أحمد لشغل هذه الوظيفة وأسفرت عملية الانتخاب عن فوز أبو حنيف حسن أحمد، فقدم المدعي طعناً في عملية الانتخاب وأثناء نظر الطعن وقبل الفصل فيه توفى المرشح الفائز في الانتخاب مما حدا بوزارة الداخلية إلى استطلاع رأي إدارة الفتوى لوزارة الداخلية التي ارتأت حفظ الطعن المقدم من المدعي والنظر في تعيينه عمدة للناحية المذكورة على أساس أنه مرشح وحيد ولا مجال لإعادة فتح باب الترشيح من جديد لأن ذلك يتطلب أن تكون العمدية قد تم التعيين فيها ثم خلت لأي سبب من الأسباب، وأشار المدعي إلى أنه كان يتعين على وزارة الداخلية أن تستجيب لأعمال هذه الفتوى إلا أنها وقفت موقفاً سلبياً ولم تصدر القرار الذي كان القانون يحتم عليها إصداره. ونظراً لأنه تظلم من القرار السلبي في 8 من مايو سنة 1978 إلا أن الجهة الإدارية لم تحرك ساكناً الأمر الذي يشكل مخالفة للقانون وينزل به أضراراً مادية وأدبية يتعذر تداركها، ولهذا أقام دعواه للحكم بما سلف بيانه.
وبموجب عريضة معلنة إلى وزارة الداخلية في 19 من نوفمبر سنة 1978 أضاف المدعي طلباً جديداً هو الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير الداخلية في 31 من مايو سنة 1978 بفتح باب الترشيح للعمدية المذكورة وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار.
وبجلسة 23 من سبتمبر سنة 1979 حكمت المحكمة:
أولاً: برفض الدفع المبدى من الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بعد تعديل المدعي طلباته وباختصاصها.
ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم وبقبولها.
ثالثاً: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 31 من يوليو سنة 1978 وإلزام المدعي مصروفات هذا الشق ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
رابعاً: بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 وتعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه مصروفات هذا الشق ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1979 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الداخلية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) تقريراً بالطعن في الحكم سالف الذكر قيد بجدولها برقم 15 لسنة 12 ق. س طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه والقضاء أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية محلياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية لمدينة أسيوط واحتياطياً: برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأثناء نظر الطعن وبموجب عريضة معلنة في 14 من فبراير سنة 1980 تدخل كل من أحمد ناصر عبد الرحمن وعمر مختار محمود عبد الرحمن تدخلاً انضمامياً إلى جانب وزارة الداخلية.
وبجلسة 5 من مارس سنة 1980 قرر الحاضر عن طالبي التدخل ترك الخصومة بالنسبة لتدخل أحمد ناصر عبد الرحمن والاستمرار فيها بالنسبة لتدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن.
وبجلسة 9 من إبريل سنة 1980 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع:
أولاً: بإثبات ترك الخصومة بالنسبة لطالب التدخل أحمد ناصر عبد الرحمن وإلزامه مصروفات التدخل.
ثانياً: بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة وإلزامه مصروفات التدخل.
ثالثاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط وأبقت الفصل في المصروفات.
ووردت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط حيث قيدت بجدولها برقم 229 لسنة 7 القضائية، وأثناء نظرها بجلسة 7 من فبراير سنة 1981 طلب الأستاذ مهاب كامل المحامي بصفته وكيلاً عن عمر مختار محمود عبد الرحمن بقبوله خصماً منضماً في الدعوى إلى جانب وزارة الداخلية.
وبجلسة 30 من يونيه سنة 1981 أصدرت المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط حكمها ويقضي:
أولاً: بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة وإلزامه مصروفات التدخل.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 وتعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات مركز طهطا باعتباره المرشح الوحيد مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 29 من يوليو سنة 1978 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الداخلية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط سالف الذكر قيد برقم 883 لسنة 13 ق. س طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه وبرفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
كما أنه بتاريخ 20 من أغسطس سنة 1978 أودع الأستاذ سامي عازر جبران المحامي بصفته وكيلاً عن عمر مختار عبد الرحمن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمدينة أسيوط سالف الذكر قيد برقم 929 لسنة 13 ق. س طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول تدخله تدخلاً انضمامياً بجانب الجهة الإدارية وبرفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وبجلسة 9 من ديسمبر سنة 1981 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 929 لسنة 13 ق. س إلى الطعن رقم 883 لسنة 13 ق. س ليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 31 من مارس سنة 1982 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل ويقضي:
أولاً: بعدم قبول تدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لانتفاء شرط المصلحة وإلزامه مصروفات التدخل.
ثانياً: بقبول الطعن رقم 833 لسنة 13 ق. س شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي، وشيدت قضاءها بالنسبة للأمر الأول عن أنه ليس للمتدخل مصلحة شخصية مباشرة من وراء تدخله إذ أن اسمه لم يكن مدرجاً بكشف الناخبين، وقد قصر المشرع الطعن في هذا الكشف على من كان اسمه مقيداً به فحسب - كما أقامت قضاءها بالنسبة للأمر الثاني على أنه باستعراض نصوص القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد والمشايخ يبين أن عملية اختيار وتعيين العمدة تبدأ أولاً بصدور قرار بخلو الوظيفة ثم فتح باب الترشيح لها وعرض القرار في الأماكن التي تحدد به، وثم تقديم طلبات الترشيح خلال مدة معينة بعدها يقفل باب الترشيح ويتحقق مدير الأمن من توافر شروط الترشيح في كل مرشح ثم تدرج أسماء المرشحين الذين توافرت فيهم تلك الشروط بكشف المرشحين - ويجوز الطعن في هذا الكشف ممن تقدم للترشيح سواء برفض قيد اسمه أو لحذف من قيد بدون وجه حق، وتفصل في هذه الطعون لجنة خاصة تكون قراراتها نهائية ويخطر بها ذوو الشأن وبعد ذلك يصبح كشف المرشحين نهائياً ثم تبدأ مرحلة ثانية هي اختيار العمدة ويتم ذلك في إحدى صورتين إما ألا يقبل للترشيح سوى مرشح واحد وعندئذ تحال الأوراق إلى لجنة العمد والمشايخ لتقرير تعيينه حيث تكون إرادة الناخبين قد اتضحت في ألا منافس لهذا المرشح، وإما أن يتقدم لشغل وظيفة العمدة أكثر من مرشح، وفي هذه الحالة يعبر جمهور الناخبين عن رأيهم بطريق إيجابي في اختيار أحد المرشحين، ففي كلتا الحالتين يكون رأي الناخبين محل اعتبار المشرع وأنه بإجراء الانتخاب لم يصبح هناك مرشحون إذ جعل الانتخاب من المرشحين الذين كانوا يشغلون مركزاً قانونياً واحداً فريقين الأول يضم الفائز في الانتخاب والثاني يضم كل من أخفق فيها، وأنه بإتمام عملية الانتخاب لم يعد ثمة مجال للقول بوجود مرشح واحد فمجال هذا الفرض يكون قبل إجراء الانتخاب فقط.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطا في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن تحديد مفهوم المرشح الوحيد الوارد في المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد والمشايخ قد أثار جدلاً إذ اعتنق رأي الأسانيد والحجج التي استند إليها الحكم المطعون فيه بينما ذهب رأي آخر إلى أنه يجب على الجهة الإدارية بمجرد وفاة المرشح الفائز في الانتخاب الامتناع عن السير في إجراءات تعيينه وإعادة الإجراءات من آخر إجراء صحيح وهو صيرورة كشف المرشحين نهائياً بعد استبعاد اسم المرشح المتوفى من الكشف وعلى ذلك فإنه بالنسبة للحالة المعروضة يصبح أبو الفضل خليفة (المدعي) هو المرشح الوحيد المقبول للترشيح لوظيفة العمدية الأمر الذي كان يتعين معه إحالة الأوراق إلى لجنة العمد والمشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى اتباع إجراءات جديدة بالنسبة إليه إذ أن واقعة الوفاة يترتب عليها بحكم اللزوم انقضاء المركز القانوني للمتوفى أياً ما كان وصفه مرشحاً أم منتخباً واستكمال باقي الإجراءات بعد استبعاد اسمه، أما القول بأن إرادة جمهور الناخبين كانت محل اعتبار المشرع في كل من مرحلتي الترشيح والاختيار لوظيفة العمدة، وأنه في حالة وجود مرشح واحد فإن الإرادة الشعبية لجمهور الناخبين تكون قد أجمعت على ألا منافس لهذا المرشح فإنه مسايرة مع هذا المنطق فإن إرادة جمهور الناخبين أيضاً كانت محل اعتبار في حالة إقفال باب الترشيح على مرشحين اثنين ذلك أن إرادة جمهور الناخبين تكون قد ارتأت أنه لا يصلح لشغل منصب العمدية سوى واحد منهما وأن إجراء الانتخاب لا يكون القصد منه سوى ترجيح أحدهما على الآخر، فإذا استحال استكمال باقي إجراءات التعيين بالنسبة لأحدهما فإن الآخر يضحى مرشحاً وحيداً جائزاً لثقة جمهور الناخبين.
وقدم المدعي مذكرة بدفاعه لجلسة 21 من أكتوبر سنة 1984 أوضح فيها أن الحكم المطعون فيه لم يفصل في الطلب الأصلي له إذ كان قد قدم مذكرة بجلسة 10 من فبراير سنة 1982 أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) في الطعن رقم 883 لسنة 13 ق. س طلب فيها الحكم بصفة أصلية باعتبار الخصومة في الدعوى منتهية بعد إذ استجابت وزارة الداخلية إلى طلباته وأصدرت قراراً بتعيينه عمدة لمدة خمس سنوات، وبصفة احتياطية برفض الدعوى، وقد أغفلت المحكمة الطلب الأصلي وفصلت في موضوع الطلب الاحتياطي مما يجعل حكمها معيباً مخالفاً للقانون كما أشار المدعي بالنسبة إلى الطلب الاحتياطي إلى أن وفاة المرشح الفائز في الانتخاب قبل صدور قرار تعيينه من شأنه انقضاء المركز القانوني للمتوفى ويتعين استكمال الإجراءات من آخر إجراء تم صحيحاً وهو صيرورة كشف المرشحين نهائياً وباستبعاد اسم المرشح المتوفى يصبح المدعي هو المرشح الوحيد، وطلب المدعي في ختام مذكرته الحكم:
أولاً: برفض طلب التدخل المقدم من عمر مختار محمود عبد الرحمن.
ثانياً: بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبصفة أصلية باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى وبصفة احتياطية بإلغاء القرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 وتعيين المدعي عمدة لناحية الجبيرات واعتباره مرشحاً وحيداً مع ما يترتب على ذلك من آثار.
كما قدم عمر مختار محمود عبد الرحمن مذكرة لجلسة 16 من ديسمبر سنة 1984 أبان فيها أنه وإن كان يشترط لقبول التدخل أن يكون للمتدخل مصلحة شخصية يستهدف حمايتها حسبما يتطلب قانون المرافعات إلا أن هذا النظر لا يتفق مع مفهوم دعوى الإلغاء في فقه القضاء الإداري بحسبان أن رافعها يستند إلى قرار إداري من حالة قانونية أنشأت له مصلحة مادية أو أدبية في طلب إلغائه.... كما أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الفصل في الطلب الأصلي للمدعي - حسبما يقرر - فإن تدارك ذلك يكون عن طريق الالتجاء إلى المحكمة التي أصدرت الحكم ثم أضاف أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه هو التفسير السليم لحكم القانون وطلب في ختام مذكرته الحكم:
أولاً: بقبول تدخله في الدعوى.
ثانياً: بعدم قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتأييد الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه.
ومن حيث إن المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة قررت أصلاً عاماً مؤداه أن الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في أحكام المحاكم الإدارية لا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا، غير أن المشرع خرج على هذا الأصل وأجاز لرئيس هيئة مفوضي الدولة وحده دون غيره الطعن في تلك الأحكام خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم، ولكنه - في ذات الوقت - لم يجعل هذا الحق مطلقاً من كل قيد بل حصره عند تحقق إحدى حالتين دون سواهما أولاهما إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا وثانيهما إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره.
ومن حيث إنه تبعاً لذلك وإذ جاء بتقرير الطعن الماثل المقام من رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (بهيئة استئنافية) أن الفصل في المنازعة المطروحة يتطلب إرساء مبدأ قانوني من هذه المحكمة يسترشد به القضاء الإداري في شأن تحديد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد والمشايخ رقم 59 لسنة 1964. وإزاء ذلك يقتصر الحال على النظر في تقرير هذا المبدأ دون التعرض لما أثير بعد إقامة الطعن أمام المحكمة من أمور طرحت سواء من جانب طالب التدخل عمر مختار محمود عبد الرحمن لقبوله خصماً منضماً إلى جانب الجهة الإدارية ورفض الطعن أو من جانب المدعي أبو الفضل خاطر خليفة للحكم له بصفة أصلية باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى وبصفة احتياطية بإلغاء القرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1978 وتعيين المدعي عمدة للناحية المذكورة مع ما يترتب على ذلك من آثار إذ تخرج هذه الأمور عن نطاق الطعن الماثل ومداه التزاما بالمادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه ولا يجوز الاحتماء بهذا الطعن لإثارتها من جانب المدعي أو طالب التدخل على حد سواء.... كما لا يجوز القول بأن الطعن المقام من رئيس هيئة مفوضي الدولة أمام هذه المحكمة يفتح المجال لها لبحث كل ما قد يثأر من منازعات يطرحها ذوو الشأن، ذلك أن المحكمة ما اتصلت بالمنازعة إلا بناء على هذا الطعن للنظر في تقرير مبدأ قانوني يحدد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد والمشايخ رقم 59 لسنة 1964 ومن ثم أضحى لزاماً الالتزام بهذا الوجه من الطعن وهو ما يندرج تحت إحدى الحالتين اللتين حددتها المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 عندما خولت رئيس هيئة المفوضين الحق في الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافية، وبحسبان أن هذا الحق هو استثناء من أصل عام تقرر لمصلحة القانون وحده فلزم التقيد بحدوده ونطاقه دون ما توسع أو قياس.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فإنه بالنسبة إلى تحديد مفهوم المرشح الوحيد في ضوء أحكام قانون العمد والمشايخ رقم 59 لسنة 1964 - وهو القانون الذي يحكم وقائع المنازعة - فإنه بين من استقراء نصوصه أن المشرع نظم المراحل التي تتم فيها عملية انتخاب العمدة. وحدد لكل مرحلة مجالها ورسم الإجراءات الخاصة بها والحد الذي تنتهي عنده، فبعد خلو وظيفة العمدة يصدر مدير الأمن قراراً بفتح باب الترشيح، ويعرض هذا القرار لمدة عشرة أيام في الأماكن التي يحددها، ولكل من تتوافر فيه شروط الترشيح أن يتقدم بطلب لترشيح نفسه خلال الأيام العشرة التالية لانتهاء مدة العرض، ثم يتحقق مدير الأمن من توافر الشروط في المرشحين خلال الأيام العشرة التالية لانتهاء مدة الترشيح وإخطار من لم تقبل أوراق ترشيحه (المادة 4 من القانون). ثم يعرض كشف المرشحين الذين قبلت أوراق ترشيحهم لمدة الأيام العشرة التالية لمدة البت في طلبات الترشيح، ويجوز الطعن في هذا الكشف لمن رفض طلب ترشيحه أو من كان اسمه مقيداً به ويطلب حذف اسم من قيد اسمه بغير وجه حق (المادة 5 من القانون) وتفصل في هذه الطلبات لجنة مشكلة وفقاً للمادة 6 من القانون وتكون قراراتها نهائيا ويخطر بها ذوو الشأن. وعند ذلك تنتهي المرحلة الأولى ويصبح كشف المرشحين نهائياً. ثم تبدأ مرحلة أخرى وهي اختيار العمدة فإذا لم يقبل للترشيح لوظيفة العمدة غير شخص واحد فتحال الأوراق على لجنة العمد والمشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى اتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه (المادة 7/ 3 من القانون) أما إذا تضمن كشف المرشحين النهائي أكثر من مرشح فيصدر مدير الأمن قراراً بدعوة الناخبين المقيدة أسماؤهم بجداول انتخاب القرية لانتخاب العمدة من بين المرشحين المقبولين ويتم الانتخاب بالاقتراع السري (المادة 7/ 1 و2 من القانون)، وبعد أن يبدي الناخبون رأيهم في انتخاب العمدة أمام اللجان المشكلة لهذا الغرض وعلى الوجه المتطلب يتم فرز أصوات الناخبين وتحديد المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة (المواد 8 و9 و10 من القانون) ثم يعرض محضر لجنة الانتخاب على لجنة العمد والمشايخ لتقرير تعيين المرشح الفائز (المادة 10 فقرة أخيرة من القانون) ثم رفع قرار اللجنة إلى وزير الداخلية لاعتماده بعد التحقق من سلامة الإجراءات ومطابقتها للقانون أو أن يعيد الأوراق إلى اللجنة مشفوعة بملاحظاته لتصحيح الإجراء (المادة 12 من القانون).
ومن حيث إنه يتضح من هذه الإجراءات أن الأساس في تعيين العمدة هو الرجوع إلى مجموع الناخبين في القرية لإشراكهم في اختيار من يرعى أمورهم ويقوم على صون الأمن وإقرار النظام فيها، وهذا السبيل يتم سواء عند مرحلة الترشيح للعمدية واحتواء الكشف النهائي للمرشحين على مرشح واحد، أو عند مرحلة الانتخاب واحتواء الكشف على أكثر من مرشح، فعند المرحلة الأولى التي لم يقبل للترشيح فيها غير مرشح واحد، فإن مؤدى ذلك أنه ليس في جمهور الناخبين الصالحين للترشيح لوظيفة العمدة من يرغب في منافسة هذا المرشح مما يعني أن إرادة هؤلاء الناخبين قد تلاقت وأجمعت على اختيار هذا المرشح دون سواه ودون ما حاجة إلى الولوج إلى عملية الانتخاب التي تستلزم بطبيعة الحال وجود أكثر من مرشح، وفي هذا الصدد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 المشار إليه على أنه "وفي جميع الأحوال إذا لم يقبل للترشيح لوظيفة العمدة غير شخص واحد فتحال الأوراق على لجنة العمد والمشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى اتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه) - أما عند المرحلة الثانية فإن كشف المرشحين وقد احتوى أكثر من مرشح فلا مندوحة من الرجوع إلى جمهور الناخبين كي يبدوا رأيهم في اختيار من يرونه أصلح المرشحين لوظيفة العمدة، وعلى ذلك يكون رأي الناخبين هو الأساس والجوهر عند تعيين العمدة مما لا يجوز معه أن يفرض عليهم أو على غالبيتهم من لم يختارونه لما في ذلك من مجافاة للنظام الذي يقوم عليه أساساً اختيار العمدة وهو الرجوع إلى أهالي القرية ذاتها لاختيار ممثلهم.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن كشف المرشحين النهائي يصبح هو العنصر الفاصل في تحديد مفهوم المرشح الوحيد فإذا لم يتضمن ذلك الكشف سوى اسم مرشح واحد فإنه يصبح كذلك وتحال الأوراق على لجنة العمد والمشايخ لتقرير تعيينه بلا حاجة إلى اتباع إجراءات الانتخاب بالنسبة إليه، إما إذا تضمن الكشف اسم أكثر من مرشح فلا مفر من إجراء الانتخاب لاختيار أحدهم، فإجراء الانتخاب إذن هو الحد الفاصل بين القول بوجود مرشح واحد أو أكثر بحيث إذا تمت عملية الانتخاب فليس بسائغ القول بعد ذلك بوجود مرشح واحد لان مجال ذلك يكون قبل إجراء عملية الانتخاب لا بعدها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق في الحالة المعروضة أن كشف المرشحين لعمدية ناحية الجبيرات مركز طهطا كان قد تضمن اسمين هما المدعي (أبو الفضل خاطر خليفة) ومنافسه (أبو حنيف حسن أحمد) كمرشحين لهذه العمدية، وقد توفى الأخير بعد إجراء عملية الانتخاب وحصوله على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة التي أعطيت في الانتخاب وقبل أن تفصل لجنة العمد والمشايخ في الطعن المقدم من المدعي في عملية الانتخاب، فإنه ليس من شأن واقعة الوفاة بعد أن أجري الانتخاب فعلاً وعبر جمهور الناخبين عن إرادتهم في اختيار عمدتهم أن تغير الجهة الإدارية من مكنون كشف المرشحين النهائي وتحوله من كشف يضم اسمي مرشحين إلى كشف يضم اسم مرشح واحد إذ أن مفهوم المرشح الواحد في ضوء حكم المادة 7 من القانون رقم 59 لسنة 1964 سالف الذكر لا يكون إلا قبل بدء عملية الانتخاب وإبداء الناخبين رأيهم في انتخاب العمدة.
ومن حيث إنه تأسيساً على ذلك وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صادف القانون في صحيحه مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 628 لسنة 28 ق جلسة 13 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 70 ص 412

جلسة 13 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف ومحمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وأحمد إبراهيم عبد العزيز - المستشارين.

----------------

(70)

الطعن رقم 628 لسنة 28 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - الترقية بالاختيار - ضوابط الترقية - مدى اتفاقها مع أحكام القانون.
للجهة الإدارية إضافة ضوابط للترقية بالاختيار بما لا يتعارض مع أحكام القانون - إضافة ضابط مقتضاه ضرورة قبول العامل للقيام بالوظيفة المرقى إليها وأن يكون منتدباً لها - مخالفة ذلك لأحكام القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17 من مارس سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 628 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 28 من يناير سنة 1982 في الدعوى رقم 1752 لسنة 34 القضائية المقامة من ليلى حماية بطرس والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعية في الدرجة الأولى إلى 11/ 2/ 1980 تاريخ صدور القرار رقم 155 لسنة 1980 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه من غير ذي صفة وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات، واحتياطياً برفض الطعن وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 23 من يناير سنة 1984 حيث دفع الحاضر عن المطعون ضدها بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه من غير ذي صفة. وبجلسة 9 من إبريل سنة 1984 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدها مصروفات هذا الطلب، وقررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث عين لنظره أمامها جلسة 17 من يونيه سنة 1984 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه من غير ذي صفة، فالثابت من المستندات التي أودعتها إدارة قضايا الحكومة ملف الطعن عند نظره أمام دائرة فحص الطعون أن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات طلب منها بكتابه رقم 672 المؤرخ 7/ 3/ 1982 مباشرة إجراءات الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة - دائرة الترقيات - بجلسة 28/ 1/ 1982 في الدعوى رقم 1752 لسنة 34 القضائية أمام المحكمة الإدارية العليا. ومن ثم يكون هذا الدفع من جانب المطعون ضدها على غير أساس خليقاً بالرفض. وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتخلص - حسبما يستفاد من الأوراق - في أنه بتاريخ 31/ 5/ 1980 أقامت السيدة ليلى حماية بطرس الدعوى رقم 1752 لسنة 34 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد الهيئة العامة للتأمين والمعاشات طالبة الحكم بإلغاء القرار رقم 155 الصادر في 11/ 2/ 1980 وذلك فيما تضمنه من تخطيها في الترقية إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مدير إدارة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وقالت شرحاً لدعواها أنها أقدم من بعض المرقين وتقارير كفايتها بدرجة ممتاز وقد ندبت لشغل الوظيفة المرقى إليها من سنة 1974 "وظيفة مراقب الصرف الدوري" وعند التسكين ندبت لوظيفة مدير إدارة الصرف.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأنها أخذت بنظام اللامركزية بإنشاء مناطق تأمينية بالمحافظات واستقر رأي لجنة شئون العاملين على وضع ضوابط إضافية عند الترقية بالاختيار لوظائف مديري مناطق هو: ألا تقل مدة الندب لشغل وظيفة مدير منطقة عن سنتين وأن يكون قد قبل العمل مديراً للمنطقة طبقاً للإعلان الصادر من الهيئة بشان شغل وظائف مديري المناطق المنشأة حديثاً بطريق الندب وأن يكون قد صدر قرار بندبه للعمل في هذه المنطقة ولم تتم ترقية المدعية لعدم توافر الشروط والمعايير الموضوعة بمعرفة لجنة شئون العاملين.
وبجلسة 28/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعية في الدرجة الأولى إلى 11/ 2/ 1980 تاريخ صدور القرار رقم 155 لسنة 1980 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأسست المحكمة قضاءها على أن الندب لشغل وظيفة معينة لا يكسب العامل أي حق في هذه الوظيفة كما وأن الندب بطبيعته إجراء مؤقت ليست له صفة الاستمرار والدوام، فمن ثم لا يجوز الاستناد في التفضيل عند الترقية بالاختيار إلى ندب العامل لشغل الوظيفة ويكون هذا الضابط الذي وضعته الجهة الإدارية وأعملته لتفضيل من تمت ترقيتهم على المدعية لا يستند إلى أساس سليم من القانون ويتعين طرحه وعدم الأخذ به وتكون المدعية وهي تتساوى مع المطعون في ترقيتهم في مضمار الكفاية وتفضلهم بأقدميتها في الدرجة المرقى منها أحق منهم بالترقية - ولما كان الثابت أن المدعية تمت ترقيتها فعلاً بالقرار رقم 961 في 2/ 11/ 1980 فمن ثم تقتصر مصلحتها على إرجاع أقدميتها في هذه الدرجة إلى تاريخ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الترقية بالاختيار ليس مردها الكفاية والأقدمية فقط، بل هناك ضوابط أخرى نص عليها القانون بالإضافة إلى الشروط المشار إليها وترك لجهة الإدارة سلطة وضع تلك الضوابط ومن ثم تكون الضوابط التي وضعتها جهة الإدارة قد استمدت من القانون مباشرة ويؤدي عدم التقيد بها إلى مخالفة أحكام القانون.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه ولئن كان للجهة الإدارية إضافة ضوابط للترقية بالاختيار بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحدة، إلا أنه لا يجوز أن تتعارض هذه الضوابط قانوناً مع أحكام الترقية بالاختيار المنصوص عليها قانوناً في هذه المادة بحيث تهدر قاعدة الترقية بالاختيار التي تتضمنها وهي الكفاية بمراعاة الأقدمية فضوابط الاختيار تقتضي دائماً التزام حدود ما أوضحه القانون وإلا أصبحت مانعاً من موانع الترقية وهو أمر غير جائز إلا بنص في القانون. وإذ كان الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة أضافت شروطاً للترقية بالاختيار لوظائف مديري المناطق مقتضاها ضرورة أن يكون العامل قد قبل القيام بأعمال مدير المنطقة طبقاً لإعلان أصدرته وأن يكون منتدباً لمدة ما لهذه المناطق، فمن ثم يكون ما اشترطته الجهة الإدارية مخالفاً للقانون لأنه يخل بقاعدة الترقية بالاختيار التي نص عليها إذ يسمح بترقية الأحدث وتخطي الأقدم دون أن يكون المرقى أكثر كفاءة أو امتيازاً، فضلاً عن أن شروط قبول تولي الوظيفة للترقية إليها يجعل العلاقة بين العامل والجهة الإدارية علاقة تعاقدية يكون لإرادة العامل دور فيها مع ما في ذلك من تعارض ومخالفة للمبدأ المقرر والمستقر من أن العلاقة بينهما هي علاقة لائحية. ومن ناحية أخرى فإن ما ابتدعته الجهة الإدارية يحول في نفس الوقت دون نقل العامل إلى جهات أخرى وهو ما يتعارض مع مقتضيات المصلحة العامة وحسن سير المرافق العامة بانتظام وإطراد مما يصم القرار المطعون فيه "القرار رقم 155 الصادر في 11/ 2/ 1980" بالبطلان ويتعين تبعاً لذلك إلغاء هذا القرار إلغاء كلياً ليعود الأمر من جديد لجهة الإدارة لتصدر قرارها على الوجه الصحيح قانوناً وفي ضوء القاعدة الأصولية التي تحكم الترقية بالاختيار وفقاً لما نص عليه القانون "حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 13/ 5/ 1984 في الطعن رقم 1708 لسنة 28 القضائية".
ومن حيث إنه وقد قضت المحكمة في حكمها المشار إليه بإلغاء القرار رقم 155 الصادر في 11/ 2/ 1980 - القرار موضوع الطعن الماثل - إلغاء كلياً، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبإلغاء القرار رقم 155 لسنة 1980 المطعون فيه إلغاء كلياً وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار رقم 155 لسنة 1980 الصادر من الهيئة العامة للتأمين والمعاشات في 11 من فبراير سنة 1980 إلغاء كلياً وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.

الطعن 523 لسنة 28 ق جلسة 13 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 69 ص 407

جلسة 13 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف ومحمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي ومحمد يسري زين العابدين عبد الله وصلاح الدين أبو المعاطي نصير- المستشارين.

--------------

(69)

الطعن رقم 523 لسنة 28 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تسوية حالة - مفهوم الزميل في نطاق المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1975.
الزميل في مفهوم المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1975 بتصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام يستلزم الاتحاد في المجموعة الوظيفية وتاريخ الحصول على المؤهل العالي وتاريخ التعيين - اختلاف تاريخ التعيين يستتبع عدم توافر شرط الزمالة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28 من فبراير سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزراء التجارة والمالية والاقتصاد والتعاون الاقتصادي بصفتهم قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 523 لسنة 28 القضائية عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 4 من يناير سنة 1981 في الدعوى رقم 1553 لسنة 26 القضائية المقامة من السيد إبراهيم يونس حسن الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في تسوية حالته أسوة بزميله عبد القادر أحمد البارودي العامل بوزارة التجارة، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعى عليه الأول بصفته المصروفات.
وطلبت إدارة قضايا الحكومة في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضده وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بصفاتهم المصروفات. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 14 من مايو سنة 1984، وبجلسة 11 من يونيه سنة 1984 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرته بجلسة 4 من نوفمبر سنة 1984 وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن السيد/ إبراهيم يونس حسن أقام الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 1974 حيث قيدت بجدولها تحت رقم 1553 لسنة 28 القضائية طالباً الحكم بأحقيته في تسوية حالته ومنحه المراكز القانونية أسوة بزميله محمود أبو الوفا صقر أصلياً ورياض محمود العدوي احتياطياً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات. وقال شرحاً لدعواه أنه عين في عام 1945 وحصل أثناء الخدمة على بكالوريوس التجارة عام 1954 ووضع في الدرجة السادسة الفنية (قديم) المقررة لمؤهله من 26 من يوليه سنة 1958، وأرجعت أقديمته فيها إلى 10 من يونيه سنة 1954 تاريخ حصوله على المؤهل تطبيقاً للقانون رقم 35 لسنة 1967، وذكر أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ارتأت أحقية العاملين الذين سويت حالتهم بالتطبيق للقانون رقم 35 لسنة 1967 في المطالبة بترقياتهم إلى الدرجات الأعلى التي رقي إليها زملاؤهم بالأقدمية المطلقة والذين يتحدون معهم في الكفاية وفي أقدمية بداية التعيين، وبتاريخ 19 من يونيه سنة 1978 صحح شكل الدعوى معلناً وزير التجارة والمالية والاقتصاد، وعدل طلباته إلى طلب الحكم بتسوية حالته طبقاً للمادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1975 بتصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام وتدرجه في الدرجات بدءاً من تاريخ أقدميته في الدرجة السادسة (قديم) بتاريخ 10 من يونيه سنة 1954 وتعديل أقدميته في الدرجات التالية لها حتى الفئة الثانية العالية التي حصل عليها في 29 من ديسمبر سنة 1976 ومنحه المراكز القانونية وما يترتب عليها من آثار على النحو الآتي:
أصلياً: أسوة بزميله السيد عبد القادر أحمد البارودي والذي يليه في تاريخ أقدميته في الدرجة السادسة (قديم) واحتياطياً: أسوة بزميله محمود أبو الوفا صقر الذي يليه في تاريخ الأقدمية في الدرجة السادسة، وعقبت جهة الإدارة على الدعوى بإيداع بيان حالة المدعي الوظيفية وحاصلها أنه عين بمصلحة المساحة بالكادر الكتابي في الفترة من 18 من سبتمبر سنة 1945 حتى 2 من أغسطس سنة 1958 وحصل أثناء الخدمة على بكالوريوس التجارة عام 1954 وعين بوزارة التجارة في الدرجة السادسة الفنية العالية (ق 210 لسنة 1951) المقررة لمؤهله من 9 من يوليه سنة 1958 وأرجعت أقدميته فيها إلى 10 من يونيه سنة 1954 تاريخ حصوله على المؤهل تطبيقاً للقانون رقم 35 لسنة 1967 دون أن يترتب على ذلك تدرج حالته ورقي إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية (ق 210 لسنة 1951) في 31 من يوليه سنة 1961 وإلى الدرجة الخامسة الفنية العالية (ق 46 لسنة 1964) من 27 من أغسطس سنة 1964 وإلى الدرجة الرابعة الفنية العالية من 31 من ديسمبر سنة 1968 وإلى الدرجة الثالثة الفنية من 31 من ديسمبر سنة 1971. كما ادعت بيان حالة السيد محمود أبو الوفا صقر الذي يطلب المدعي المساواة به احتياطياً حيث عين بالكادر الإداري بالفئة السادسة (ق 210 لسنة 1951) في 12 من ديسمبر سنة 1954 ورقي إلى الفئة الخامسة (ق 210 لسنة 1951) من 30 من نوفمبر سنة 1957 وإلى الفئة الرابعة (ق 210 لسنة 1951) من 28 من يونيه سنة 1961 وإلى الفئة الثالثة (ق 46 لسنة 1964) من 31 من ديسمبر سنة 1968، أما حالة السيد عبد القادر أحمد البارودي الذي يطالب المدعي بأحقيته في المساواة به أصلياً، فقد حصل على شهادة البكالوريا في سنة 1935 وعين في السكك الحديدية بعقد مؤقت لمدة سنة في الدرجة الثامنة. ورقي إلى الدرجة السابعة في أول مايو سنة 1946، وحصل على ليسانس الحقوق في مايو سنة 1954، ثم رقي إلى الدرجة السادسة الشخصية اعتباراً من 19 من مايو سنة 1953 ثم عين بالديوان العام لوزارة التجارة في الدرجة السادسة الفنية من أول فبراير سنة 1956 ورقي إلى الدرجة الخامسة الفنية (ق 210 لسنة 1951) اعتباراً من 30 من أبريل سنة 1959، ثم صدر له القرار رقم 443 لسنة 1962 في 22 من أبريل سنة 1962 باعتباره في الدرجة السادسة الفنية العالية (ق 210 لسنة 1951) من 4 من يوليه سنة 1954 تاريخ انتهاء امتحان ليسانس الحقوق دور مايو سنة 1954، وذلك بدلاً من أول فبراير سنة 1956 واعتباره في الدرجة الخامسة (ق 210 لسنة 1951) من 30 من إبريل سنة 1959 ثم أرجعت أقدميته في الخامسة مرة أخرى إلى 16 من فبراير سنة 1958 بالقرار رقم 710 لسنة 1962 ثم رقي إلي الدرجة الرابعة من 15 من أغسطس سنة 1961 (ق 210 لسنة 1951) ثم نقل إلى الدرجة الخامسة (ق 46 لسنة 1946) ثم رقي إلى الدرجة الرابعة الفنية (ق 46 لسنة 1964) من 5 من يونيه سنة 1965 ثم رقي إلى الدرجة الثالثة الفنية العالية (ق 46 لسنة 1964) من 31 من ديسمبر سنة 1970 بالرسوب الوظيفي. وبجلسة 4 من يناير سنة 1982 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في تسوية حالته أسوة بالزميل عبد القادر أحمد البارودي العامل بوزارة التجارة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليه الأول بصفته المصروفات. وأسست قضاءها على أن مدلول الزميل في مفهوم المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1975 هو الذي يتحد مع العامل في المجموعة الوظيفية وفي تاريخ التعيين، ومن ثم فليس بلازم ذلك المؤهل كما لا وجه لاشتراط الاتحاد في تاريخ الحصول على المؤهل، وأن المدعي ممن يسري عليهم القانون رقم 35 لسنة 1967 وموجود بالخدمة بذات الجهة الإدارية في 31 من ديسمبر سنة 1974 وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 1975، ومن ثم فإن أحكام المادة 14 من هذا القانون تسري في شأنه إذا ما استوفى شروط تطبيقها، وطالما أن الثابت أن السيد عبد القادر أحمد البارودي يعمل بذات الجهة التي يعمل بها المدعي، وحصل كل منهما على مؤهل عال في سنة 1954 وعينا في ذات المجموعة الوظيفية بل إن السيد عبد القادر يعد الزميل الأحدث، ومن ثم يحق للمدعي أن تسوى حالته بزميله المشار إليه.
ومن حيث إن الطعن يتأسس على أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، إذ أن المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1975 تستلزم الاتحاد في المجموعة الوظيفية وفي تاريخ التعيين وفي سنة التخرج وفي المؤهل، والزميل السيد عبد القادر من الحاصلين على ليسانس الحقوق في حين أن المدعي من الحاصلين على بكالوريوس التجارة، ومن ثم لا يكون المقارن به زميلاً.
ومن حيث إن المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1975 بتصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام تقضي بأن تسوى حالة العاملين الذين يسري في شأنهم القانون رقم 35 لسنة 1967 بشأن تسوية حالات بعض العاملين بالدولة اعتباراً من تاريخ دخولهم الخدمة أو حصولهم على المؤهل أيهما أقرب على أساس تدرج مرتباتهم وعلاواتهم وترقياتهم كزملائهم المعينين في التاريخ المذكور. وإذا لم يكن للعامل زميل في ذات الوحدة الإدارية التي يعمل بها تسوى حالته طبقاً للأحكام السابقة بالنسبة لزميله في الجهة التي كان يعمل بها قبل الجهة الأخيرة وإذا لم يوجد تسوى حالته بالنسبة لزميله في الجهة التي يحددها الوزير المختص بالتنمية الإدارية.
ومن حيث إن كلاً من السيدين إبراهيم يونس حسن وعبد القادر أحمد البارودي قد عينا بوزارة التجارة، وأنهما في مجموعة وظيفية واحدة، واتحد تاريخ حصولهما على المؤهل العالي إلا أن تاريخ التعيين في وزارة التجارة في الدرجة السادسة الفنية العالية قد اختلف، فقد عين المطعون ضده السيد إبراهيم يونس في هذه الدرجة في 9 من يوليه سنة 1958 في حين أن السيد عبد القادر أحمد البارودي عين بها في أول فبراير سنة 1956، ومن ثم لا يتوافر شرط الزمالة بينهما وبالتالي لا يجوز المساواة بينهما تطبيقاً لنص المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1975 المشار إليه سابقاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين من ثم الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.

الطعن 432 لسنة 41 ق جلسة 10 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 303 ص 1618

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود عباس العمراوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، مصطفى الفقي، ومحمد البنداري العشري، أحمد سيف الدين سابق.

--------------

(303)
الطعن رقم 432 لسنة 41 القضائية

(1) دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع "تكييف الدعوى".
لمحكمة الموضوع حق فهم الدعوى على حقيقتها وإعطائها الوصف القانوني الصحيح. عدم تقيدها في ذلك بتكييف الخصوم.
(2) قضاة "نقل أحد أعضاء الهيئة". حكم.
نقل القاضي للعمل بدائرة أخرى في ذات المحكمة. لا تزول به ولايته. جواز اشتراكه في المداولة في الأحكام الصادرة في الدعاوى التي سمع فيها المرافعة بالدائرة السابقة.
(3) تقادم "التقادم المسقط". دفع غير المستحق. دعوى.
سقوط الحق في استرداد ما دفع بغير وجه حق. مدته. انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في الاسترداد أو بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم الوفاء بالالتزام أيهما أقصر. م 187 مدني.
(4) دفع غير المستحق. عقد "الإكراه".
رد ما دفع بغير وجه حق. لا محل له إذا كان الموفى يعلم أنه غير ملزم بالوفاء. الإكراه المبطل للوفاء المسوغ للرد. شرطه. تنفيذ حكم قبل إلغائه. عمل مشروع لا يتضمن إكراهاً على الوفاء.

----------------
1 - لما كان تكييف الخصوم للدعوى لا يقيد المحكمة ولا يمنعها من فهم الدعوى على حقيقتها وإعطائها التكييف الصحيح، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن النزاع في الدعوى الحالية من المنازعات المدنية فلا يسري في شأنه حكم المادتين 88 و187 من قانون المرافعات ولا الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 التي توجب تدخل النيابة العامة في دعاوى الأحوال الشخصية - التي لا تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية - مما كانت تختص بها المحاكم الشرعية وأصبح الاختصاص بنظرها للمحاكم العادية عملاً بالقانون رقم 462 لسنة 1955 الصادر بإلغاء المحاكم الشرعية، فإن النعي على الحكم المطعون فيه يكون في غير محله.
2 - إذ كان نقل أحد المستشارين للعمل بدائرة أخرى في ذات محكمة الاستئناف لا يترتب عليه زوال ولايته ولا يحول دون اشتراكه في المداولة في الأحكام الصادرة في الدعاوى التي سمع فيها المرافعة بالدائرة السابقة التي كان يجلس عضواً في هيئتها، وكان الثابت بالأوراق أن المستشار...... كان عضواً بالهيئة التي سمعت المرافعة وحجزت الدعوى للنطق بالحكم وأن السيد المستشار اشترك في المداولة ووقع على مسودة الحكم ولم يتمكن من حضور جلسة النطق به لنقله للعمل بدائرة أخرى بذات المحكمة، فإن النعي على الحكم بالبطلان يكون في غير محله.
3 - النص في المادة 187 من القانون المدني على أن "تسقط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد، وتسقط الدعوى كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق" مقتضاه أن الحق في الاسترداد يسقط بالتقادم بانقضاء أقصر المدتين إما بانقضاء ثلاث سنوات تسري من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في الاسترداد أو بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم قيام الالتزام أي من يوم الوفاء به.
4 - النص في المادة 181 من القانون المدني على أنه: "1 - كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له وجب عليه رده 2- على أنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون ناقص الأهلية أو يكون قد أكره على هذا الوفاء" يدل على أنه لا محل للرد إذا كان الدفع عن بصيرة وترو أي عن علم الدافع بأنه غير ملزم بما دفعه، وأن الإكراه الذي عناه المشرع بهذا النص المبطل للوفاء الذي حصل بناء عليه والمسوغ للرد هو ذات الإكراه الذي يجيز إبطال العقد والمنصوص عليه في المادة 117 من القانون المدني، وشرط تحققه أن يكون الإكراه قد بعث الرهبة في نفس المكره بغير وجه حق باعتبار أن الأعمال المشروعة قانوناً لا يمكن أن يترتب عليها إبطال ما ينتج عنها، لما كان ذلك، وكان تنفيذ حكم صادر بالنفقة على المحكوم عليه - وقبل إلغاء هذا الحكم - هو عمل مشروع قانوناً فإن الوفاء تنفيذاً له لا يتضمن إكراهاً على هذا الوفاء لأنه تم بوجه حق، كما أن وفاء المطعون ضده الأول للطاعنة بما أقره لها طواعية واختياراً من نفقة دون صدور حكم يلزمه بها وفي تاريخ لاحق على الحكم النهائي ببطلان عقد زواجه منها وعلمه بأنه غير ملزم بما أقره ودفعه لها، فإن هذا الوفاء لا يتضمن إكراهاً وقام به وهو يعلم أنه غير ملزم بدفعه فلا يسوغ له استرداده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول رفع الدعوى رقم 460 لسنة 1960 مدني كلي إسكندرية على الطاعنة طالباً الحكم بإلزامها في مواجهة المطعون ضده الثاني بأن تدفع له مبلغ 405 جنيهات والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وبطلان الحجوز التنفيذية الموقعة تحت يد المطعون ضده الثاني، وقال شرحاً لها أنه بتاريخ 26/ 10/ 1954 قضت محكمة العطارين الشرعية في الدعوى رقم 974 لسنة 1953 بفرض نفقة زوجية للطاعنة مقدارها 13 جنيهاً شهرياً ابتداء من 1/ 1/ 1952 وقد تأيد هذا الحكم في الاستئناف رقم 197 سنة 1954 الإسكندرية، وتنفيذاً لهذا الحكم أوقعت الطاعنة حجوزاً تنفيذية على مرتب المطعون ضده الأول لدى المطعون ضده الثاني وقبضت مبالغ مجموعها 405 جنيهات. استصدر المطعون ضده الأول حكماً من المجلس الملي لطائفة الروم الكاثوليك بتاريخ 28/ 1/ 1955 قضى ببطلان عقد زواجه من الطاعنة واعتباره كأن لم يكن بسبب القرابة الروحية وتأيد هذا الحكم من المحكمة الاستئنافية العليا لبطريركية الروم الكاثوليك بتاريخ 24/ 3/ 1955 ومن ثم فقد أضحى حكم النفقة الصادر للطاعنة من المحكمة الشرعية معدوم الأثر لصدوره من محكمة لا ولاية لها ويكون ما قبضته نفاذاً لذلك الحكم وقدره 405 جنيهات بغير حق ويحق له استرداده عملاً بالمادة 181 من القانون المدني كما تكون الحجوز الموقعة منها تحت يد المطعون ضده الثاني وفاء للنفقة المستحقة ابتداء من 4 مارس سنة 1955 تنفيذاً لحكم النفقة المشار إليه لا سند لها، ولهذا فقد أقام المطعون ضده الأول الدعوى بطلباته السابقة ودفعت الطاعنة بسقوط حق المطعون ضده الأول في استرداد هذا المبلغ بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني وطلبت رفض الدعوى، وبتاريخ 30 يناير 1964 قضت المحكمة بإلغاء الحجوز التنفيذية الموقعة على مرتب المطعون ضده الأول تحت يد المطعون ضده الثاني نفاذاً لحكم النفقة رقم 974 لسنة 1963 العطارين الشرعية واستئنافه وذلك بالنسبة للنفقة المستحقة للطاعنة اعتباراً من 24 مارس سنة 1955 وبرفض الدعوى بالنسبة لطلب رد مبلغ 405 جنيهات، فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 207 سنة 20 ق الإسكندرية طالباً إلغاءه، وبتاريخ 17 يناير سنة 1965 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، فطعن المطعون ضده الأول في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 182 سنة 35 ق وبتاريخ 20 مارس سنة 1969 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف إسكندرية تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ اعتد بالحكم الشرعي الصادر للطاعنة بالنفقة على الرغم من صدوره من محكمة لا ولاية لها لاتحاد الطرفين في الملة فهما ينتميان إلى طائفة الروم الكاثوليك، وبعد تعجيل الدعوى عادت الطاعنة وتمسكت بسقوط حق المطعون ضده الأول في استرداد ما قبضته من نفقة بالتقادم الثلاثي طبقاً لنص المادة 187/ 1 من القانون المدني، وبتاريخ 25 إبريل سنة 1971 قضت محكمة استئناف إسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة في مواجهة المطعون ضده الثاني بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 405 جنيهات والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 23/ 2/ 1960. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول البطلان من وجهين، وفي بيان الوجه الأول تقول أن هذه الدعوى وإن كان موضوعها إلزامها برد ما قبضته من نفقة بغير وجه حق إلا أن النزاع دار حول مسألة أولية هي مدى أحقية المطعون ضده الأول في استرداد ما دفعه من نفقة وهي مسألة تتعلق بصميم الأحوال الشخصية التي أوجبت المادتان 88، 178 من قانون المرافعات والفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 تدخل النيابة العامة فيها وفيما لا تختص به المحاكم الجزئية وإلا كان الحكم باطلاً، وعلى الرغم من ذلك فإن النيابة العامة لم تتدخل في هذه الدعوى فجاء حكمها باطلاً، وحاصل الوجه الثاني أن أحد مستشاري الهيئة الاستئنافية التي سمعت المرافعة ووقع على مسودة الحكم المطعون فيه قد زالت عنه ولاية الفصل في الدعوى لنقله إلى دائرة أخرى من دوائر المحكمة التي يعمل بها فلم يحضر جلسة النطق بالحكم وهذا النقل لا يعتبر من الموانع القهرية التي يجيز أن يحل محله غيره عند النطق بهذا الحكم بل كان يتعين إعادة نظر الدعوى من جديد أمام الدائرة بتشكيلها الجديد.
وحيث إن هذا النعي في الوجه الأول منه مردود، ذلك بأن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الأول رفع الدعوى يطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 405 جنيهات وفوائده القانونية وبطلان الحجوز التنفيذية الموقعة تحت يد المطعون ضده الثاني استناداً إلى أنه أوفاها هذا المبلغ نفاذاً لحكم نفقة زوجية صدر لصالحها من محكمة لا ولاية لها بنظر النزاع فيحق له استرداد ما دفعه بغير وجه حق عملاً بالمادة 181 من القانون المدني ودار النزاع بين الطرفين حول سقوط أو عدم سقوط حقه بالتقادم الثلاثي وفق المادة/ 187 من القانون المدني دون إثارة أي مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، لما كان ذلك وكان تكييف الخصوم للدعوى لا يقيد المحكمة ولا يمنعها من فهم الدعوى على حقيقتها وإعطائها التكييف الصحيح، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن النزاع في الدعوى الحالية من المنازعات المدنية فلا يسري في شأنه حكم المادتين 88، 187 من قانون المرافعات ولا الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 التي توجب تدخل النيابة العامة في دعاوى الأحوال الشخصية - التي لا تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية مما كانت تختص بها المحاكم الشرعية وأصبح الاختصاص بنظرها للمحاكم العادية عملاً بالقانون رقم 462 لسنة 1955 الصادر بإلغاء المحاكم الشرعية، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون في غير محله، والنعي بالوجه الثاني منه مردود بأن نقل أحد المستشارين للعمل بدائرة أخرى في ذات محكمة الاستئناف لا يترتب عليه زوال ولايته ولا يحول دون اشتراكه في المداولة في الأحكام الصادرة في الدعاوى التي سمع فيها المرافعة بالدائرة السابقة التي كان يجلس عضواً في هيئتها، ولما كان الثابت بالأوراق أن المستشار...... كان عضواً بالهيئة التي سمعت المرافعة بجلسة 21 يناير 1971 وحجزت الدعوى للنطق بالحكم وأن السيد المستشار اشترك في المداولة ووقع على مسودة الحكم ولم يتمكن من حضور جلسة النطق به لنقله للعمل بدائرة أخرى بذات المحكمة، فإن النعي على الحكم بالبطلان يكون في غير محله.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسبب الثاني بأوجهه الثلاثة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها دفعت بسقوط حق المطعون ضده الأول في استرداد ما قبضته من نفقة بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187/ 1 من القانون المدني تأسيساً على أنه رغم القضاء نهائياً في 24 مارس سنة 1955 ببطلان عقد زواجها فإن المطعون ضده الأول لم يرفع دعواه باسترداد ما دفعه من نفقة بغير حق إلا في 23 من مارس سنة 1960 أي بعد انقضاء ما يزيد على ثلاث سنوات، ولكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع وألزمها برد النفقة بمقولة أنها قبضتها جبراً عن المطعون ضده الأول نفاذاً لحجوز تنفيذية فلا يسقط الحق في استردادها إلا بانقضاء خمسة عشر سنة، في حين أن المادة 187/ 1 من القانون المدني لم تفرق في التقادم الثلاثي المنصوص عليه فيها بين الوفاء الاختياري والإجباري، كما أنه بعد صدور الحكم النهائي بتاريخ 24 مارس سنة 1955 ببطلان عقد زواجها قام المطعون ضده طواعية واختياراً بتحرير إقرار مؤرخ 28 سبتمبر سنة 1955 اعترف فيه بمديونيته للطاعنة بمبلغ 156 ج قيمة نفقتها عن سنة 1951 وهي سنة سابقة على صدور الحكم الشرعي بالنفقة ولم ترفع دعوى بشأنها وقبل خصمه من راتبه على أقساط شهرية، ولما كانت المادة 181 من القانون المدني تمنع رد ما دفع بغير حق إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامها برد ما قبضته من نفقة عن هذا المبلغ يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن النص في المادة 187 من القانون على أن "تسقط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد، وتسقط الدعوى كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق" مقتضاه أن الحق في الاسترداد يسقط بالتقادم بانقضاء أقصر المدتين: إما بانقضاء ثلاث سنوات تسري من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في الاسترداد أو بانقضاء خمسة عشرة سنة من يوم قيام الالتزام أي من يوم الوفاء به، والنص في المادة 187 منه على أن "(1) كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاًً له وجب عليه رده. (2) على أنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون ناقص الأهلية أو يكون قد أكره على هذا الوفاء" يدل على أنه لا محل للرد إذا كان الدافع عن بصيرة وترو أي عن علم الدافع بأنه غير ملزم بما دفعه، وأن الإكراه الذي عناه المشرع بهذا النص المبطل للوفاء الذي حصل بناء عليه والمسوغ للرد هو ذات الإكراه الذي يجيز إبطال العقد والمنصوص عليه في المادة 117 من القانون المدني، وشرط تحققه أن يكون الإكراه قد بعث الرهبة في نفس المكره بغير وجه حق باعتبار أن الأعمال المشروعة قانوناً لا يمكن أن يترتب عليها إبطال ما ينتج عنها. وإذا كان تنفيذ حكم صادر بالنفقة على المحكوم عليه - وقبل إلغاء هذا الحكم - هو عمل مشروع قانوناً فإن الوفاء تنفيذاً له لا يتضمن إكراهاً على هذا الوفاء لأنه تم بوجه حق، كما أن وفاء المطعون ضده الأول للطاعنة بما أقره لها طواعية واختياراً للنفقة عن سنة 1951 دون صدور حكم يلزمه بها وفي تاريخ لاحق على الحكم النهائي ببطلان عقد زواجه منها وعلمه بأنه غير ملزم بما أقره ودفعه لها، فإن هذا الوفاء لا يتضمن إكراهاً وقام به وهو يعلم أنه غير ملزم بدفعه فلا يسوغ له استرداده. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه برفض دفع الطاعنة بسقوط حق المطعون ضده الأول بمضي ثلاث سنوات على وفائه دون إكراه على قوله: "إن الدفع بالسقوط غير سديد وترفضه هذه المحكمة ذلك لأن الأداء تم نفاذاً لحجوز تنفيذية باطلة وتم الوفاء دون ما خيار من المستأنف (المطعون ضده الأول) كأثر لهذه الحجوز فتلزم المستأنف عليها الأولى (الطاعنة) رد ما استلمته من المستأنف بموجب هذه الحجوز الباطلة ولا يرد على حقه سقوط بعد إذ يمتد السقوط إلى مدة خمس عشرة سنة فإنه يكون أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
ولما كان الطعن للمرة الثانية وكان الموضوع صالحاً للفصل فيه وكان المطعون ضده قد استصدر حكماً نهائياً ببطلان عقد زواجه من الطاعنة في 24 مارس سنة 1955 ومنه بدأ علمه بحقه في استرداد ما دفعه من نفقة، وكانت دعواه الحالية بالاسترداد لم ترفع إلا في 23 فبراير سنة 1960، فإن المبالغ التي أوفاها حتى يوم 23 مارس سنة 1958 ومجموعها 52 ج على ما يبين من الأوراق يكون حقه في استردادها قد سقط بانقضاء ثلاث سنوات، ولما كان المطعون ضده الأول قد حرر للطاعنة إقراراً على نفسه بدين نفقتها عن سنة 1951 وقدره 156 ج والذي لم يشمله حكم النفقة، وكان هذا الإقرار مؤرخ 28 سبتمبر سنة 1955 أي بعد أن قضي لصالحه نهائياً ببطلان عقد زواجه في 24 مارس 1955 وبما يدل على علمه بأنه غير ملزم بما دفعه فإنه لا يكون له حق طلب استرداده عملاً بالمادة 181/ 2 من القانون المدني. لما كان ما تقدم فإن الحكم المستأنف يكون قد أصاب فيما انتهى إليه من رفض طلب المطعون ضده الأول استرداد ما أوفاه للطاعنة من نفقة مما يتعين معه تأييده.

الطعن 552 لسنة 27 ق جلسة 13 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 68 ص 402

جلسة 13 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف ومحمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وأحمد إبراهيم عبد العزيز - المستشارين.

------------------

(68)

الطعن رقم 552 لسنة 27 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تسوية حالة - (الاتحاد العام لرعاية الأحداث).
القانون رقم 35 لسنة 1967 بشأن تسوية حالات بعض العاملين المدنيين بالدولة - مناط الإفادة من أحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 أن يكون العامل حاصلاً على مؤهل دراسي وعين في درجة أو فئة أدنى من الدرجة المقررة لمؤهله أو على اعتماد الأجور والمكافآت الشاملة بإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة الأولى منه وأن تكون مدة الخدمة متصلة - متى ثبت أن العامل كان في الفترة من تاريخ حصوله على الليسانس وحتى تاريخ تعيينه في وزارة الحكم المحلي لم يكن معيناً بإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة الأولى وإنما كان معيناً في الاتحاد العام لرعاية الأحداث فلا يستفيد من أحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 - أساس ذلك - الاتحاد العام لرعاية الأحداث هو من الجهات الخاصة المنشأة طبقاً لقانون الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 19 من مارس سنة 1981 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 552 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2 من فبراير سنة 1981 في الدعوى رقم 1784 لسنة 30 القضائية المقامة من محمد عبد الفتاح محمود ضد وزير الطيران المدني ومحافظ الفيوم والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها.
وحدد لنظر الدعوى أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 10 من يناير سنة 1983 وبجلسة 14 من مارس سنة 1983 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث عين لنظره أمامها جلسة 8 من مايو سنة 1983 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل - حسبما يستفاد من الأوراق - في أنه بتاريخ 22/ 4/ 1975 أقام السيد محمد عبد الفتاح محمود الدعوى رقم 106 لسنة 22 القضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ضد وزير الطيران المدني ومحافظ الفيوم طالباً الحكم برد أقدميته في درجة بدء التعيين إلى 18/ 6/ 1960 وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه أنه عين بتاريخ 2/ 3/ 1959 كاتباً بالاتحاد العام لرعاية الأحداث ثم سكرتيراً لمؤسسة بيت الطفل بمصر القديمة بمكافأة شاملة ثم حصل على ليسانس الآداب في يونيه سنة 1960 وعين بالقرار الجمهوري رقم 425 لسنة 1962 بوزارة الحكم المحلي وتسلم عمله بمحافظة سوهاج في 1/ 3/ 1962 ونقل إلى محافظة الفيوم في 7/ 8/ 1962 ثم نقل إلى وزارة الطيران المدني في 12/ 12/ 1972 وطالب بتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 غير أن جهة الإدارة لم تستجب لطلبه.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي لا يستفيد من أحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 لأنه كان معيناً بالاتحاد العام لرعاية الأحداث في الفترة من 2/ 3/ 1959 حتى 28/ 2/ 1962 وهذا الاتحاد أنشئ بالقانون رقم 193 لسنة 1954 طبقاً لقانون الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية.
وأضافت أنها حسبت مدة خدمته السابقة بالاتحاد ضمن مدة خدمته الكلية طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 باعتباره من المنشآت التي آلت ملكيتها إلى الدولة.
وبجلسة 27/ 6/ 1976 حكمت المحكمة الإدارة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدولها برقم 1784 لسنة 30 القضائية وبجلسة 2/ 2/ 1981 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعي المصروفات.
وأسست المحكمة قضاءها على أن قرار إعفاء المدعي من الرسوم صدر في 25/ 2/ 1975 وأقام دعواه في 22/ 4/ 1975 أي بعد 30/ 9/ 1974 فمن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 58 لسنة 1971.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي تقدم بطلب إعفائه من رسوم الدعوى بتاريخ 30/ 9/ 1974 وتقرر قبوله بتاريخ 25/ 2/ 1975 فمن ثم تكون دعواه قد رفعت في الميعاد لأن طلب الإعفاء من الرسوم القضائية يقطع الميعاد المنصوص عليه من المادة 87 من القانون المشار إليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي تقدم بطلب إعفائه من الرسوم بتاريخ 30/ 9/ 1974 وأجيب إلى طلبه بتاريخ 25/ 2/ 1975 وأقام دعواه بتاريخ 22/ 4/ 1975، فمن ثم فإن دعواه تعتبر مرفوعة قبل اكتمال مدة الثلاث سنوات المنصوص عليها في المادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 58 لسنة 1971 بحسبان أن تقديم طلب الإعفاء من رسوم الدعوى يقطع مواعيد الطعن ومنها الميعاد المنصوص عليه في المادة 87 من القانون المشار إليه وتبعاً لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تأويله عندما قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المذكور مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن المادة (1) من القانون رقم 35 لسنة 1967 بشأن تسوية حالات بعض العاملين بالدولة تنص على أن تسري أحكام هذا القانون على العاملين المدنيين بوزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة.
وتنص المادة (2) على أنه استثناء من أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة يوضع العاملون الحاصلون عن مؤهلات دراسية المعينون في درجات أو فئات أدنى من الدرجات المقررة لمؤهلاتهم وفقاً لمرسوم 6 من أغسطس سنة 1950.... وكذلك العاملون المعينون على اعتماد الأجور والمكافآت الشاملة في الدرجات المقررة لمؤهلاتهم وفقاً لهذا المرسوم أو في الفئات المعادلة لها بالهيئات العامة...... وتنص المادة (4) على أن تعتبر أقدمية هؤلاء العاملين من تاريخ دخولهم الخدمة أو من تاريخ حصولهم على هذه المؤهلات أيهما أقرب.... ويسري هذا الحكم على العاملين الذين سبق حصولهم على الدرجات والفئات المقررة لمؤهلاتهم. ويدخل في حساب الأقدمية مدد الخدمة التي قضيت بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها من تاريخ ضمها للقطاع العام بشرط أن تكون مدة الخدمة متصلة.
ومن حيث إن مؤدى النصوص المتقدمة أن مناط الإفادة من أحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 أن يكون العامل حاصلاً على مؤهل دراسي وعين في درجة أو فئة أدنى من الدرجة المقررة لمؤهله أو على اعتماد الأجور والمكافآت الشاملة بإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة الأولى وهي وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة أو بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها من تاريخ ضمها للقطاع العام بشرط أن تكون مدة الخدمة متصلة.
ومن حيث إن المدعي في الفترة من تاريخ حصوله على ليسانس الآداب وحتى تاريخ تعيينه في وزارة الحكم المحلي لم يكن معيناً بإحدى هذه الجهات وإنما كان معيناً في الاتحاد العام لرعاية الأحداث وهو من الجهات الخاصة المنشأة طبقاً لقانون الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية ومن ثم فإنه يخرج من عداد المستفيدين من أحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 وتبعاً لذلك يكون طلبه إرجاع أقدميته في وزارة الحكم المحلي إلى تاريخ حصوله على ليسانس الآداب طبقاً لأحكام هذا القانون لا سند له خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 305 لسنة 41 ق جلسة 10 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 302 ص 1614

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود عباس العمراوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، ومصطفى الفقي، ومحمد البنداري العشري، وأحمد سيف الدين سابق.

----------------

(302)
الطعن رقم 305 لسنة 41 القضائية

تقسيم. بيع. نظام عام. بطلان.
حظر التصرف في الأراضي المقسمة قبل صدور قرار بالموافقة على التقسيم. جزاء مخالفته. البطلان المطلق. التصرف فيها بعد صدور قرار بالموافقة على التقسيم وقبل إيداع صورة منه ومن قائمة شروط التقسيم بالشهر العقاري. جزاؤه. البطلان النسبي.

-----------------
مؤدى نص المادتين التاسعة والعاشرة من القانون 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء المعدل بالقانون رقم 222 لسنة 1953 يدل على أنه يترتب على مجرد صدور القرار بالموافقة على التقسيم إلحاق الطرق وغيرها من المرافق العامة التي عددتها المادة التاسعة بأملاك الدولة العامة، وأن جواز التصرفات - البيع والتأجير والتحكيم - التي عناها الشارع مرهون بشروط ثلاثة أولها - صدور القرار بالموافقة على التقسيم وثانيها - إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها منه وثالثها - إيداع قائمة الشروط، لما كان ذلك، وكانت المادة العاشرة لم تنص على الجزاء المترتب على مخالفة أي شرط من الشروط الثلاثة التي عددتها فإنه يتعين للوقوف على نوع هذا الجزاء بيان مدى تعلق كل شرط منها بالنظام العام، وإذ كان مقتضى حظر التصرف قبل صدور القرار بالموافقة على التقسيم هو حظر عام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أخذاً بما أوضحته المذكرة الإيضاحية ودعت إليه الاعتبارات التي أفصحت عنها وكلها اعتبارات تتعلق بالصالح العام - مقتضاه ترتيب البطلان المطلق وإن لم يصرح به لما فيه من مصادرة بإلحاق الطرق وغيرها من المرافق العامة بأملاك الدولة العامة وهو ما يمس التخطيط العمراني أما حظر التصرفات التي تتم بعد صدور القرار بالموافقة على التقسيم - وقد تحقق بصدوره الصالح العام بإلحاق المرافق العامة بأملاك الدولة العامة - وقبل إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها منه من قائمة الشروط فهو حظر لا يتعلق بالصالح العام الذي تحقق وإنما هو حظر قصد به حماية المصالح الخاصة للأغيار ممن له حق أو تلقى حقاً على العقار المتصرف فيه حتى يكون على بينة قبل إقدامه على إبرام التصرف ومقتضاه أن يكون التصرف قابلاً للبطلان لمصلحة من شرع الحظر لمصلحته إذا ما تمسك به وليس منهم بائع العقار(2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 2357 سنة 1969 مدني كلي القاهرة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 22/ 7/ 1960 الصادر من المطعون ضده عن بيعه له قطعة أرض فضاء ظهر من كشف التحديد أن مساحتها 307 م و98 س مقابل ثمن قدره 585 ج و200 م والتزم البائع بمصاريف المرافق ومقدارها 222 ج و192 م وفي حالة سداد الطاعن لها يخصمها من الثمن وأضاف الطاعن أنه رغم سداده مصاريف المرافق وباقي الثمن إلا أن المطعون ضده لم يقدم مستندات الملكية لإعداد العقد النهائي وتسجيله فرفع الدعوى بالطلبات السابقة، وبتاريخ 26/ 10/ 1969 قضت له المحكمة بالطلبات. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1998 سنة 86 ق محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى لعدم سداد كامل الثمن ثم عاد وطلب بمذكرته أصلياً الحكم برفض الدعوى لبطلان البيع بطلاناً مطلقاً لمخالفته لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 المعدل بالقانون 222 لسنة 1953 وبتاريخ 25/ 1/ 1971 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى تأسيساً على أن العقد محل التداعي باطل بطلاناً مطلقاً عملاً بالمادة العاشرة من القانون المذكور لإبرامه قبل شهر قرار التقسيم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث من أسباب الطعن أنه اشترط لصحة التصرف في الأرض المقسمة أن يتم بعد شهر القرار الوزاري الصادر بالتقسيم في حين أن المادة العاشرة من القانون رقم 52 لسنة 1940 لا توجب شهر قرار التقسيم، وإنما إيداع صورته وصورة من الشروط الخاصة والعامة قلم الرهن. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم لم يذكر الأسانيد القانونية التي اعتمد عليها في استلزام شهر قرار التقسيم مما يعيبه بالخطأ في تفسير القانون وتأويله فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن النص في المادة التاسعة من القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء المعدل بالقانون رقم 222 لسنة 1953 على أن "تثبت الموافقة على التقسيم بقرار من وزير الشئون البلدية والقروية ينشر في الجريدة الرسمية ويترتب على صدور هذا القرار إلحاق الطرق والميادين والحدائق والمتنزهات العامة بأملاك الدولة العامة" والنص في المادة العاشرة على أن "يحظر بيع الأراضي المقسمة أو تأجيرها أو تحكيرها قبل صدور القرار المشار إليه في المادة السابقة وقبل إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها من هذا القرار ومن قائمة الشروط المشار إليها في المادة السابقة..." يدل على أنه يترتب على مجرد صدور القرارات بالموافقة على التقسيم إلحاق الطرق وغيرها من المرافق العامة والتي عددتها المادة التاسعة بأملاك الدولة العامة، وأن جواز التصرفات التي عناها الشارع مرهون بشروط ثلاثة أولهما صدور القرار بالموافقة على التقسيم (وثانيها) إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها منه (وثالثها) إيداع قائمة الشروط، لما كان ذلك، وكانت المادة العاشرة لم تنص على الجزاء المترتب على مخالفة أي شرط من الشروط الثلاثة التي عددتها فإنه يتعين للوقوف على نوع هذا الجزاء بيان مدى تعلق كل شرط منها بالنظام العام، وإذ كان مقتضى حظر التصرف قبل صدور القرار بالموافقة على التقسيم هو حظر عام - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أخذاً بما أوضحته المذكرة الإيضاحية ودعت إليه الاعتبارات التي أفصحت عنها وكلها اعتبارات تتعلق بالصالح العام، مقتضاه ترتيب البطلان المطلق وإن لم يصرح به لما فيه من مصادرة بإلحاق الطرق وغيرها من المرافق العامة بأملاك الدولة العامة وهو ما يمس التخطيط العمراني، أما حظر التصرفات التي تتم بعد صدور القرار بالموافقة على التقسيم - وقد تحقق بصدوره الصالح العام بإلحاق المرافق العامة بأملاك الدولة العامة - وقبل إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها منه ومن قائمة الشروط فهو حظر لا يتعلق بالصالح العام الذي تحقق وإنما هو حظر قصد به حماية المصالح الخاصة للأغيار ممن له حق أو تلقى حقاً على العقار المتصرف فيه حتى يكون على بينة قبل إقدامه على إبرام التصرف ومقتضاه أن يكون التصرف قابلاً للبطلان لمصلحة من شرع الحظر لمصلحته إذا ما تمسك به وليس منهم بائع العقار، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن "العقد موضوع الدعوى وقد أبرم قبل شهر قرار التقسيم بمكتب الشهر العقاري يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً" بعد أن كان قد سلم أنه أبرم بعد صدور قرار التقسيم رقم 1226 سنة 1955 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وهو ما يتسع له سبب الطعن فيتعين نقضه والإحالة إذ حجبه هذا الخطأ عن بحث موضوع الدعوى.


(1) نقض 19/ 3/ 1964 مجموعة المكتب الفني السنة 15. ص. 365. نقض 25/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23. ص. 1020.
(2) ذات المبدأ تقرر بالحكم الصادر بنفس الجلسة في الطعن رقم 306 لسنة 41 ق.