الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 يناير 2025

الطعنان 2556 ، 3022 لسنة 29 ق جلسة 12 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 66 ص 384

جلسة 12 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

-----------------

(66)

الطعنان رقما 2556 و3022 لسنة 29 القضائية

(أ) تأميم - تعريفه - لجان التقييم - قراراتها.
التأميم يترتب عليه نقل ملكية المشروعات إلى الدولة - هذا الأثر يترتب بقوة القانون ومهمة لجان التقييم تحديد أسعار الأسهم أو تقويم رؤوس أمول المنشأة وتقدير أصولها وخصومها توصلاً لتقدير قيمة التعويض - إذا جاوز عمل اللجان هذا النطاق بأن تناول مالاً لا يدخل في نطاق التأميم أو استبعد مالاً يدخل في هذا النطاق وقع قرارها معدوم الأثر - تطبيق.
(ب) تأميم - تأميم منشأة فردية - تحديد نطاق المنشأة المؤممة.
تأميم منشأة مورث المدعين بالقانون رقم 72 لسنة 1963 استهدف المشروع الصناعي الذي يتولى استخلاص الزيوت العطرية وتقطير النباتات الطبية - يتعين تحديد العناصر الداخلة في مكونات أصولها على هذا الأساس - مقتضى ذلك: لا يمتد التأميم إلى الأرض الزراعية المتنازع عليها - أساس ذلك:
استغلال الأرض الزراعية في الزراعة على أي وجه من الوجوه ولو كان متعلقاً بزراعة نباتات تستخلص منها الزيوت العطرية عن طريق منشأة العطور المؤممة يتمخض نشاطاً زراعياً قائماً بذاته له طبيعته المتميزة عن طبيعة المشروع الصناعي الخاص بإنتاج العطور الذي انصب عليه التأميم - تطبيق.


إجراءات الطاعن

في يوم الخميس الموافق 23 من يونيه سنة 1983 أودع الأستاذ/ مصطفى أحمد خفاجي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة القاهرة للخلاصات الغذائية والعطرية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2556 لسنة 29 القضائية ضد:
1 - السيدة/ نائلة عبد الله لملوم عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القاصرات عزة وعلا وهند.
2 - السيد/ محمد عبد الرحمن لملوم.
3 - السيد/ علي عبد الرحمن لملوم.
4 - السيدة/ نعمات عبد الرحمن لملوم.
5 - السيدة/ جليلة عبد الرحمن لملوم.
6 - السيدة/ لوزة عبد الرحمن لملوم.
7 - السيدة/ سعاد عبد الرحمن لملوم.
8 - السيدة/ ثريا عبد الرحمن لملوم.
9 - السيدة/ زينب عبد الرحمن لملوم.
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 7 من يونيه سنة 1983 في الدعوى رقم 494 لسنة 34 القضائية المقامة من المدعية أصلاً عن نفسها وبصفتها ضد رئيس الجمهورية ووزير الصناعة ووزير الخزانة والشركة الطاعنة الذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقييم مساحة اثنتين وخمسين فداناً أرض زراعية بالقطعة رقم 2، 3 بحوض محمد بك السعدي بزمام ناحية الصفانية بمغاغة ضمن منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت الشركة الطاعنة للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثالثاً: بقبول الدفوع السابق إبداؤها والموضحة بهذا التقرير.
رابعاً: في الموضوع من باب الاحتياط برفض الدعوى ومن قبيل الاحتياط الكلي إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزامهم بالمصاريف عن الدرجتين.
وفي يوم الأحد الموافق 31 من يوليه سنة 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن:
1 - السيد/ رئيس الجمهورية.
2 - السيد/ وزير الصناعة.
3 - السيد/ وزير الخزانة.
قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3022 لسنة 29 القضائية ضد المطعون ضدهم في الطعن المتقدم وفي ذات الحكم المطعون فيه.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء هذا الحكم والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها موضوعاً مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وأعلن كلا الطعنين قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة عليهما حيث انتهى رأيها في الطعن رقم 2556/ 29 القضائية إلى الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام الشركة الطاعنة مصروفات هذا الطلب وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتصويب الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء قرار لجنة التقسيم بإخضاع الأرض الزراعية ومساحتها 52 فداناً ضمن منشأة لملوم للعطور بمغاغة إلى 10 س - ط 49 ف ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات. كما ارتأت بالنسبة إلى الطعن رقم 3022 لسنة 29 القضائية الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام الحكومة مصروفات هذا الطلب وبقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتصويب الحكم المطعون فيه على نحو ما ذكر بالنسبة إلى طعن الشركة.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 17 من أكتوبر سنة 1983 ثم قررت الدائرة ضم الطعن رقم 3023 لسنة 29 القضائية إلى الطعن رقم 2556 لسنة 29 القضائية وأحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظرهما بجلسة 7 من إبريل سنة 1984 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19 من مايو سنة 1984 التي تقرر فيها مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة 23 من يونيه سنة 1984 وفيها تقرر إعادة الطعنين إلى المرافعة بجلسة 27 من أكتوبر سنة 1984 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 8 من ديسمبر سنة 1984 إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن كلا الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بتاريخ 17/ 12/ 1979 أقامت نائلة عبد الله لملوم عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القصر الدعوى رقم 494 لسنة 34 القضائية ضد رئيس الجمهورية ووزير الصناعة ووزير الخزانة ورئيس مجلس إدارة شركة القاهرة للخلاصات الغذائية والعطرية طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار لجنة تقييم منشأة لملوم عبد الرحمن فيما تضمنه من إدخال الأراضي الزراعية المبينة مساحتها وحدودها ومعالمها في هذا القرار في نطاق تقييم المنشأة وكذلك المزروعات ومباني المزرعة وقيمتها في هذا القرار وبإلزام المدعى عليهم بتسليم هذه الأرضي الزراعية والعقارات والأموال إلى المدعين مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وجاء في بيان الدعوى أن المرحوم لملوم عبد الرحمن لملوم كان يمتلك مصنعاً لتقطير الزيوت العطرية بناحية الرحمانية بمغاغة كما كان يمتلك أيضاً أرضاً زراعية كائنة بناحية صفانية نركز العدوة وبمقتضى القرار الجمهوري رقم 138 لسنة 1961 فرضت الحراسة عليه وعلى عائلته، وبتاريخ 8/ 8/ 1963 صدر القانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وورد في الجدول الملحق به منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة. واستناداً إلى نص المادة الثالثة من القانون المذكور صدر قرار وزير الصناعة رقم 899 لسنة 1963 بتاريخ 19/ 8/ 1963 بتشكيل لجنة لتقييم المنشأة المذكورة وباشرت اللجنة مهمتها وورد في تقريرها تحت البند أولاً: بالنسبة لمساحة الأطيان الزراعية المخصصة للمنشأة وحدودها وتحقيق ملكيتها، أنه تم استلام الأرض الزراعية التابعة للمنشأة والمزروعة بالعطور بناء على محضر التسليم المؤرخ 13/ 8/ 1963 وهي عبارة عن قطعتين مساحتها 52 فداناً بناحية الصفانية مركز العدوة ملك صاحب المنشأة والثانية مساحتها 43 فداناً بناحية الرحمانية مركز مغاغة وهي مؤجرة من الإصلاح الزراعي، وبذلك يكون قرار اللجنة فيما تضمنه من إدخال مساحة 52 فداناً الكائنة بناحية الصفانية مركز العدوة في أصول المنشأة وفي نطاق التقييم قراراً منعدماً، لأن اللجنة بقرارها المطعون فيه تكون قد أدخلت ضمن أصول المنشأة المؤممة ما لا يدخل بطبيعته في هذه الأصول وهو ما ينطوي على اعتداء على ملكية الأفراد وضمها إلى ملكية الدولة بغير سند من الدستور أو القانون.
وعقبت الشركة المدعى عليها بأن دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لنهائية قرارات التقييم وعدم قابليتها للطعن بأي وجه من أوجه الطعن طبقاً للمادة 3 من القانون رقم 72 لسنة 1963 كما دفعت بعدم قبول الدعوى لأن الدعية لا تمثل جميع ورثة لملوم عبد الرحمن لملوم الوارد ذكرهم في الإعلام الشرعي المثبت لوفاته ولأن الدعوى رفعت بعد الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء فضلاً عن أن الشركة المدعى عليها قد تملكت الأرض المتنازع عليها بالتقادم الطويل فليس أقوى من وضع اليد المستند إلى قانون التأميم وحسن النية. وبالنسبة إلى موضوع الدعوى فقد طلبت الشركة الحكم برفضها لأنه فضلاً عن أن المدعيات قد تقاضين التعويض المقرر قانوناً عن التأميم وشمل التعويض عن الأرض الزراعية موضوع المنازعة وبالتالي يسقط الحق في المطالبة بها أو التعويض عنها فقد ثبت للجنة التقييم أن مساحة قدرها 10 س - ط 49 ف مزروعة بالنباتات العطرية ومملوكة للسيد/ لملوم عبد الرحمن لملوم وأنها تدخل ضمن أصول المنشأة المؤممة باعتبارها من العناصر التي تغذي المنشأة والمخصصة لخدمتها. وإذ انصب التأميم على المنشأة وليس على المصنع وكان لفظ المنشأة أعم وأشمل فهو يضم المصنع وملحقاته التي تتصل به اتصالاً مباشراً وهو ما دلت عليه المغايرة التي وردت في الجدول الملحق بالقانون رقم 72 لسنة 1963 بين ألفاظ الشركة والمنشأة والمصنع ومن ثم فإن قرار لجنة التقييم المطعون فيه يكون قد صدر صحيحاً ولا وجه للطعن عليه.
وبجلسة 7 من يونيه سنة 1983 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه الذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقييم مساحة اثنين وخمسين فداناً أرضاً زراعية بالقطعة رقم 2، 3 بحوض محمد بك السعدي بزمام ناحية الصفانية بمغاغة ضمن منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت قضاءها في الدفع بعدم الاختصاص على أنه وقد استند المدعون في طلب الإلغاء على أن لجنة التقييم قد تعدت اختصاصها وأدخلت ضمن عناصر المنشأة المؤممة عناصر لا يشملها التأميم ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر هذه المنازعة وهي منازعة إدارية للمحكمة.
وبالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فقد استظهر الحكم المطعون فيه تعلقه بالموضوع وفي هذا الصدد ذهب إلى أن مقطع النزاع ينحصر في تفسير المقصود بمنشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور وما إذا كانت الأرض الزراعية المنزرعة بنباتات عطرية تدخل ضمن هذه المنشأة فيكون قرار لجنة التقييم صادراً في حدود اختصاصها أم أن هذه الأرض لا تدخل في هذا النطاق وبالتالي يكون قرار اللجنة منعدماً لمخالفته أحكام قانون التأميم. وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى أن العنصر الأساسي لتلك المنشأة هو المصنع القائم على تصنيع العطور دون الأرض الزراعية محل المنازعة لأنها ولئن كانت تمد المصنع بنبات العطر الذي يقوم على تصنيعه إلى أنها ليست عنصراً أساسياً من عناصر المنشأة ولا تدور معها وجوداً وعدماً إذ ليس من المستحيل على المصنع أن يعمل بدونها فكما أنه من الممكن عملاً أن يقيم الشخص مصنعاً للعطور دون أن يخصص له من أملاكه أرضاً تمده بنبات العطر فمن الممكن كذلك أن يقوم مالك الأرض الزراعية بزراعتها عطراً دون أن يملك مصنعاً يتولى تصنيع هذا المحصول وعلى ذلك فإنه وإن كان التلازم قائماً بين المصنع والمادة الخام التي يتولى تصنيعها إلا أن هذا التلازم غير قائم بين المصنع والأرض الزراعية مصدر إنتاج تلك المادة الخام كما أن العرف التشريعي جرى على أن الأرض الزراعية لا يرد عليها التأميم كقاعدة عامة وإنما يرد عليها تحديد الملكية طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي. وبذلك فإن قرار لجنة التقييم إذ أدخل الأراضي الزراعية محل المنازعة ضمن نطاق منشأة مورث المدعين المؤممة يكون قد وقع منعدماً لا تلحقه حصانة مهما استطال عليه الزمن....
ومن حيث إن طعن الشركة رقم 2556 لسنة 29 القضائية يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون سواء بالنسبة إلى الدفوع التي قضى برفضها أو بالنسبة لما قضى به في الموضوع وعلى ذلك عاودت الشركة الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بناء على حكم المادة 3 من القانون رقم 72 لسنة 1963 والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة لعدم تدخل باقي ورثة لملوم عبد الرحمن لملوم في الدعوى طبقاً للمادة 126 من قانون المرافعات.
والدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد والدفع بكسب ملكية الأرض محل النزاع بالتقادم الطويل استناداً إلى قانون التأميم وحسن النية وقال الطعن أن المحكمة لم ترد على الدفع بعدم قبول الدعوى المتعلق بالصفة والدفع بالتقادم، وفي الموضوع ذهب الطعن إلى أن المقصود بتأميم منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة طبقاً للقانون رقم 72 لسنة 1963 هو تأميم مصنع العطور والأرض الزراعية التي تمد المصنع بنبات العطر الذي يقوم على تصنيعه ولو أراد المشرع أن يقتصر التأميم على المصنع فقط كما ذهب خطأ الحكم المطعون فيه لنص على ذلك مثل ما فعل بالنسبة لمصانع أخرى وردت الإشارة إليها في الجدول الملحق بالقانون المذكور، ولا وجه للافتراضات التي قام عليها الحكم المطعون فيه عن مدى الارتباط بين الأرض والمصنع لأن العبرة بالواقع الذي أثبته تقرير لجنة تقييم المنشأة المذكورة فقد جاء في هذا التقرير أن المساحة تحت الحراسة هي 10 س - ط 49 ف بحوض محمد بك السعدي نمرة 3 وهذه المساحة منزرعة بالعطر وفرضت عليها الحراسة وثابتة بحساب المنشأة طرف إدارة الحراسة الزراعية بمغاغة وهي ملك السيد لملوم عبد الرحمن الخاضع للحراسة وهذه المساحة هي التي تغذي المصنع والمخصصة لخدمته والمنزرعة بالعطر مع المساحة السابقة المؤجرة من الإصلاح الزراعي.
وحيث إن هذه المساحة 10 س - ط 49 ف في ملك الخاضع صاحب المنشأة محل التأميم وهي التي تغذي المصنع والمخصصة لخدمته (عقار بالتخصيص) فتدخل هذه المساحة في أصول المنشأة.... ويضيف الطعن أن هذا التخصيص والارتباط والتلازم بين الأرض المنزرعة بنباتات العطر والمصنع هو الأساس الذي استندت إليه لجنة التقييم في اعتبار المساحة المذكورة من أصول المنشأة ولا شك أنه أساس سليم قائم على سند من قانون التأميم الذي أمم المنشأة لا المصنع، كما يتضح مما تقدم أن المحكمة المطعون في حكمها قد أخطأت في بيان المساحة وكان يتعين عليها الرجوع في ذلك إلى تقرير لجنة التقييم.
ومن حيث إن مبنى طعن الحكومة رقم 3022 لسنة 29 القضائية مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك استناداً إلى نص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وبمقتضاها انصب التأميم على منشأة لملوم للعطور بمغاغة وليس فقط على مصنع العطور، بما يقتضيه ذلك من تأميم المصنع وملحقاته والأرض الزراعية المخصصة أصلاً لخدمته والمنزرعة بالنباتات العطرية التي تمد المصنع بهذا الحصول، ولما كان قرار لجنة التقييم المطعون فيه قد صدر في هذا النطاق الذي حدده المشرع فإن الدعوى المقامة بطلب إلغائه تكون خليقة بالرفض فضلاً عن عدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى طعن الشركة وفيما يتعلق بأسبابه المستندة إلى الدفوع المبداة في الدعوى، فقد سبق أن قضت المحكمة الدستورية العليا بجلستها المنعقدة في 30 من إبريل سنة 1983 بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن. وبناء على هذا القضاء يضحى الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر المنازعة الماثلة المستندة إلى النص المقضى بعدم دستوريته لا أساس له. كما أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة ومبناه أن باقي ورثة المرحوم لملوم عبد الرحمن لملوم لم يطلبوا التدخل في الدعوى طبقاً للمادة 126 من قانون المرافعات - هذا الدفع - غير سديد، فقد أقيمت الدعوى مثار الطعن ابتداء من السيدة نائلة عبد الله لملوم عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القصر من المرحوم لملوم عبد الرحمن لملوم صاحب المنشأة الصادر بشأنها القرار المطعون فيه، وهو ما يكفي في حد ذاته لتوفر الصفة المشترطة لقبول الدعوى سواء تدخل فيها أو لم يتدخل باقي ورثة صاحب المنشأة المذكورة، هذا إلى أن الخصومة في دعوى الإلغاء خصومة عينية والحكم الذي يصدر بإلغاء القرار يكون حجة على الكافة، ومع ذلك فقد ثبت من وقائع الحكم المطعون فيه المستمدة من محضر جلسة يوم 12/ 4/ 1983 أن الأستاذ فتحي رجب المحامي قرر في هذه الجلسة وفي حضور ممثلي الخصوم أنه يحضر عن المدعية (أصلاً) عن نفسها وبصفتها وعن أشقاء وشقيقات المرحوم لملوم عبد الرحمن لملوم وهم جميع ورثته على ما هو ثابت من صورة الإعلام الشرعي التي قدمها، ومن ثم فلا تثريب على إجراءات تدخل باقي الورثة المذكورين على هذا النحو، فقد أجازت المادة 126 من قانون المرافعات التدخل في الدعوى بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها.
وبالنسبة لوجه الطعن المبني على الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد والآخر المستند إلى كسب ملكية الأرض المتنازع عليها بالتقادم الطويل بناء على قانون التأميم وحسن النية فكلاهما لا جدوى في إثارته وذلك لأنه منذ العمل بأحكام القانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت المنشور في الجريدة الرسمية في 8 من أغسطس 1963 وحتى تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في 30 من إبريل سنة 1983 سالف البيان، كانت قرارات لجان التقويم محصنة من الطعن بأي وجه من أوجه الطعن بناء على نص المادة الثالثة من القانون المذكور.
ومن ثم لا يبدأ سريان ميعاد رفع الدعوى المقامة بطلب إلغاء أي من هذه القرارات إلا من تاريخ زوال المانع التشريعي من الطعن فيها بمقتضى الحكم القاضي بعدم دستوريته، وبذلك لا تكون الدعوى المقامة من المطعون ضدهم بتاريخ 17/ 12/ 1979 بعد الميعاد. كما أنه عملاً بنص المادة 382 من القانون المدني "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه...." وليس أقوى من المانع التشريعي المقضي بعدم دستورية سالف الذكر في ترتيب هذا الأثر بالنسبة إلى المطعون ضدهم، وعلى ذلك يتعين إطراح الدفوع المشار إليها جميعاً.
ومن حيث إنه عما يثيره طعن الشركة عن قضاء الحكم المطعون فيه في الموضوع فإن الخلاف بين الحكم والطعن ينحصر فيما إذا كان تأميم منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة بمقتضى القانون رقم 72 لسنة 1963 يتجاوز مصنع العطور إلى الأرض الزراعية المتنازع عليها أم يتحدد نطاق التأميم بهذا المصنع دون الأرض المذكورة.
ومن حيث إن القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت نص في مادته الأولى على أن "تؤمم الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرافق لهذا القانون وتؤول ملكيتها إلى الدولة...." ونص في مادته الثانية على أن "تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المشار إليها إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشر سنة...." ونص في مادته الثالثة على أن "يحدد سعر كل سند بسعر السهم حسب آخر إقفال لبورصة الأوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون، فإذا لم تكن الأسهم متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، فيتولى تحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الصناعة.... كما تتولى هذه اللجان تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات المساهمة".
ومفاد ذلك أن التأميم يرتب نقل ملكية المشروعات الخاصة من ملكية الشركات أو الأفراد إلى ملكية الدولة لكي تتولى السيطرة عليها كأداة من أدوات الإنتاج وتوجهها لصالح الجماعة، ويترتب هذا الأثر بقوة القانون، ولا تعدو مهمة لجان التقييم سوى تحديد أسعار أسهم بعض الشركات التي تتخذ شكل الشركات المساهمة وتقويم رؤوس أموال المنشأة التي لم تتخذ هذا الشكل لتقدير أصولها وخصومها توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذي قد يستحق قانوناً لأصحابها مقابل تأميمها، فإن جاوز عمل هذه اللجان هذا النطاق بأن تناول مالاً لا يدخل في نطاق التأميم أو استبعد مالاً يدخل في هذا النطاق وقع قرارها بذلك معدوم الأثر.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن أن منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور المؤممة تقع بناحية الرحمانية مركز مغاغة وهي من المنشآت الفردية وليس لديها ميزانية وحسابات ختامية ولا تتبع أي نظام محاسبي يوضح أصولها وخصومها وقد تحدد نشاطها في استخلاص الزيوت العطرية وتقطير النباتات الطبية على النحو الذي أوضحه التقرير المقدم من عضو لجنة تقييم المنشأة المكلف من قبل رئيسها بحصر أصولها وخصومها، وتضمن قرار اللجنة الصادر في 17 من إبريل سنة 1964 بياناً عن الأصول الثابتة للمنشأة فأدخل مساحة قدرها 10 س - ط 49 ف بحوض محمد بك السعدي نمرة 3 بناحية صفانية مركز العدوة ضمن الأصول وفي تقرير ذلك قالت اللجنة أن هذه المساحة ملك الخاضع صاحب المنشأة محل التأميم وهي التي تغذي المصنع والمخصصة لخدمته (عقار بالتخصيص) وفي ذلك أخذت اللجنة بما ورد بكتاب مراقبة الإصلاح الزراعي بمغاغة رقم 100 في 26/ 1/ 1964 المشار إليه في تقرير عضو اللجنة سالف البيان وقد تضمن تحديد المساحة على هذا الوجه وبأنها هي المنزرعة بالعطر وثابتة بحساب المنشأة طرف إدارة الحراسة الزراعية بمغاغة وهي التي تغذي المصنع والمخصصة لخدمته.
ومن حيث إنه متى كان ذلك هو الثابت في شأن منشأة مورث المدعين فإن تأميمها بمقتضى القانون رقم 72 لسنة 1963 المشار إليه يكون قد استهدف المشروع الصناعي الذي يتولى استخلاص الزيوت العطرية وتقطير النباتات الطبية الخاص بهذه المنشأة بما يتعين معه تحديد العناصر الداخلة في مكونات أصولها على هذا الأساس باعتبارها عناصر مشروع خاص للعطور تقوم عليه هذه المنشأة على نحو ما وردت الإشارة إليه في الجدول الملحق بالقانون المذكور.
ومن حيث إنه من مقتضى ما تقدم ألا يمتد التأميم بمقتضى القانون رقم 72 لسنة 1963 إلى الأرض الزراعية المتنازع عليها، ذلك أن استغلالها في الزراعة على أي وجه من الوجوه ولو كان متعلقاً بزراعة نباتات تستخلص منها الزيوت العطرية عن طريق منشأة العطور المؤممة يتمخض نشاطاً زراعياً قائماً بذاته، له طبيعته المتميزة عن طبيعة المشروع الصناعي الخاص بإنتاج العطور الذي انصب عليه التأميم.
ومن حيث إنه لا ينهض سنداً للقول بغير ذلك ما ساقه طعن الشركة من أسباب مؤداها أن هذه الأرض هي التي تغذي المصنع بالنباتات العطرية ومخصصة لهذا الغرض وثابتة بحساب المنشأة طرف إدارة الحراسة الزراعية بمغاغة على نحو ما أشار قرار تقييم المنشأة - ومن ثم تدخل في مكونات أصولها وإلا ما كان قد نص على تأميم المنشأة ونص على تأميم المصنع وحده لا حجة في هذا الاستناد لأن التأميم أداة استثنائية لنقل ملكية المشروعات الخاصة من ملكية الأفراد أو الشركات إلى ملكية الدولة على ما سلف البيان، وهو بهذه المثابة يرد على مشروع قائم بكيانه القانوني ويتحدد نطاقه بهذا الكيان وقت التأميم، ولما كان الثابت أن منشأة العطور موضوع الدعوى مثار الطعن منشأة فردية لا تتمتع بذمة مالية مستقلة عن ذمة صاحبها وتقوم على مشروع صناعي محدد النشاط في استخلاص الزيوت العطرية وتقطير النباتات الطبية، فإن تحديد عناصر أصولها المؤممة يكون في نطاق كيان هذا المشروع ولا يتناول ما يخص العناصر التي تتعلق بنشاط آخر لصاحبها كالنشاط الزراعي الذي يباشره على أرضه، ذلك أن استعانة صاحب هذه المنشأة بأرضه الزراعية في زراعة نباتات تصلح لإنتاج الزيوت العطرية وتخصيص نتاج أرضه كله أو بعضه في تسيير مصنعه لا ينفي احتفاظ هذه الأرض بكيانها القائم بذاته وقابليتها لوجوه الاستغلال المختلفة، وليس من شأن توجيه محصول هذه الأرض من النباتات المذكورة لأغراض المصنع ولأي مدة من الزمن أن يحملها بأي عبء أو التزام قانوني لم يثبت تخصصيه للمنشأة بقطع اليقين فيما لو تصرف مالك المصنع للغير في مصنعه وبالتالي فإن انتقال ملكية المصنع إلى الدولة بمقتضى قانون التأميم لا يكسب الدولة قانوناً أي حق من الحقوق على هذه الأرض التي تظل عالقة بذمة صاحبها ملكاً خالصاً بمنأى عن التأميم.
يضاف إلى ما تقدم أن الأرض الزراعية المتنازع عليها كائنة في موقع يختلف عن الموقع الكائن به المصنع على ما هو ثابت من الأوراق، وأنه لا يوجد أي دليل على إلحاق الأرض المذكورة بالمصنع وأن ما ذكرته لجنة التقييم من أن الأرض ثابتة بحساب المنشأة طرف إدارة الحراسة الزراعية بمغاغة قد نفاه التقرير الذي اعتمدته اللجنة المتضمن أن المنشأة لم تتبع أي نظام محاسبي ولم تمسك أي نوع من الدفاتر لإثبات نشاطها وأن المنشأة كانت تحت الحراسة منذ بداية عام 1961 حتى تاريخ التأميم وهو 11/ 8/ 1963 ولم يمسك السيد مندوب الحراسة أي نوع من الدفاتر اللهم إلا كشوف تفريغ مستندات الصرف التي قام بصرفها وكذلك كشوف الموقف المالي التي تبين مصروفات وإيرادات المنشأة ورصيدها من النقدية... ومن ذلك كله يتبين أن لجنة تقييم المنشأة المذكورة قد أخطأت حين اعتبرت الأرض الزراعية المتنازع عليها ضمن أصول المنشأة المؤممة وكان الخطأ الأكبر في اعتبارها تلك الأرض عقاراً بالتخصيص وهو وصف لا يرد قانوناً إلا على المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله، وهو ما أدى إلى سحب أثر التأميم إلى ما يجاوز نطاقه الذي حدده المشرع على الوجه المتقدم فانطوى بذلك قرار اللجنة على مساس بالملكية الخاصة على خلاف أحكام الدستور والقانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الطعن لعدم قيامه على سند من القانون.
ومن حيث إنه لما كان طعن الحكومة لم يأت بجديد ينال من قضاء الحكم المطعون فيه فإنه يكون بدوره مردوداً بذات الأسباب المتقدم بيانها بالنسبة إلى طعن الشركة وهو ما يقتضي الحكم برفض هذا الطعن.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقييم مساحة الأرض المتنازع عليها ضمن منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة بيد أنه وقد أشار هذا الحكم في منطوقه إلى أن هذه المساحة هي 52 فداناً بينما الثابت أن صحة المساحة المذكورة 10 س - ط 49 ف فإن ذلك يقتضى تصحيح الخطأ المادي الذي شاب الحكم من هذا الوجه والقضاء برفض الطعنين وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت كلاً من الطاعنين مصروفات طعنه.

الطعن 88 لسنة 41 ق جلسة 9 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 300 ص 1600

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكري، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

---------------

(300)
الطعن رقم 88 لسنة 41 القضائية

(1) إفلاس. أعمال تجارية. محكمة الموضوع "مسائل الواقع". بطلان. نقض.
علم المتصرف إليه باختلال إشغال المتصرف. م 228 من قانون التجارة من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع. لا معقب عليه من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً.
(2) بطلان "بطلان التصرفات". حكم "التناقض". صورية. إفلاس.
الصورية المطلقة في العقود. اختلافها عن عدم نفاذ التصرف الصادر من المدين قبل إشهار إفلاسه المنصوص عليه في المادة 228 من قانون التجارة. رفض الدفع بصورية العقد والقضاء بعدم نفاذ هذا التصرف في حق الدائن. لا تناقض.

-----------------
1 - العلم باختلال أشغال المدين هو من مسائل الواقع التي يستخلصها قاضي الموضوع من الأدلة والقرائن القائمة في الدعوى بلا معقب عليه من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً.
2 - إذا كانت الصورية المطلقة تتناول وجود العقد ذاته فلا يكون له وجود في الحقيقة، وهي مغايرة للبطلان المنصوص عليه في المادة 228 من قانون التجارة لأن البطلان في هذه الحالة لا يستند إلى عيب في التصرف إذ يبقى صحيحاً بين عاقديه ومنتجاً لكل آثاره غير أنه لا يحتج به على جماعة الدائنين، فيصبح غير نافذ في حقهم. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أنه لم يجد فيما ساقه المطعون عليه الأول من قرائن ما يكفي لإثبات صورية عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى الطاعن صورية مطلقة، ثم استخلص الحكم من أقوال شاهد المطعون عليه الأول ومن القرائن التي أشار إليها أن الطاعن كان يعلم باختلال أشغال المطعون عليها الثانية وقت صدور التصرف ورتب على ذلك قضاءه بعدم نفاذ التصرف في حق الدائنين عملاً بحكم المادة 228 من قانون التجارة وهو ما لا يتعارض مع ما قرره من عدم توافر الدليل على صورية العقد، إذ التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله، لما كان ذلك، فإن النعي - على الحكم بتناقض أسبابه - يكون في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام ضد المطعون عليها الثانية الدعوى رقم 469 سنة 1962 المنصورة الابتدائية طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 15/ 1/ 1962 المتضمن بيعها له المنزل المبين بصحيفة الدعوى والعقد بثمن قدره 5000 ج، وإذ أشهر إفلاس المطعون عليها الثانية فقد حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة ووجه الطاعن طلباته إلى المطعون عليه الأول بصفته وكيلاً لدائني التفليسة، ودفع الأخير بصورية العقد وببطلانه لوقوعه في فترة الريبة، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول صورية العقد، غير أنه لم يشهد أحداً. وبتاريخ 23/ 6/ 1966 حكمت المحكمة للطاعن بطلباته، استأنف المطعون عليه الأول بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 316 سنة 18 ق مدني المنصورة، وبتاريخ 6/ 3/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول أن العقد المؤرخ 15/ 1/ 1962 صوري صورية مطلقة، ولم ينفذ هذا الحكم ثم أحالت الدعوى إلى التحقيق في 10/ 3/ 1970 ليثبت المطعون عليه الأول أن الطاعن كان يعلم حين صدور العقد المذكور باختلال أشغال المطعون عليها الثانية واضطراب أعمالها، وبعد أن سمعت المحكمة شهادة شاهد المطعون عليه الأول حكمت بتاريخ 10/ 1/ 1971 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم نفاذ العقد موضوع الدعوى لجماعة الدائنين. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك أن الحكم أقام قضاءه بعلم الطاعن باختلال أشغال المطعون عليها الثانية وتوقفها عن الدفع على صلة القرابة بينهما ووجود محليهما في شارع واحد، في حين أن الطاعن أنكر هذه الصلة وقرر أن مجرد وجود المحال في نفس الشارع ليس بدليل على هذا العلم كما أن الحكم اعتبر الطاعن عالماً بحالة المطعون عليها الثانية لأن التصرف المطعون فيه تم بعد تاريخ التوقف عن الدفع ببضعة أشهر مما مقتضاه أن الحكم افترض أن الطاعن يطلع على دفتر البروتستات بالمحكمة وهو أمر مستبعد، واستند الحكم إلى التواطؤ والإسراع بعدم بيان حدود العقار واختلاف الثمن الوارد في العقد عن صحيفة الدعوى وإلى أقوال شاهد المطعون عليها الأول مع إنها مجرد استنتاجات، هذا إلى أن المطعون عليها الثانية سيدة محجبة لا يعلم الطاعن من أمرها شيئاً ولم يقدم دليل على أنها كانت تدير شركة البشبيشي أو أن ثمة بروتستات وجهت إليها، وكلها قرائن لا تصلح أساساً لقضاء الحكم مما يشوبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان العلم باختلال أشغال المدين هو من مسائل الواقع التي يستخلصها قاضي الموضوع من الأدلة والقرائن القائمة في الدعوى بلا معقب عليه من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت علم الطاعن باختلال أشغال المطعون عليها الثانية وقت إبرام عقد البيع موضوع الدعوى على قوله "أنه يبين من مطالعة دعوى الإفلاس المنضمة رقم 3 سنة 1962 المنصورة والتي رفعت في 24/ 1/ 1962 وصدر الحكم فيها لجلسة 8/ 5/ 1962 بإشهار إفلاس شركة...... و...... و..... و...... والمستأنف عليها الثانية - المطعون عليها الثانية - محمد أحمد البشبيشي بوصفهما الشريكين المتضامنين في الشركة وتحديد يوم 26/ 3/ 1961 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع، أن المحكمة كانت قد قررت بجلسة 10/ 4/ 1962 تحديد يوم 24/ 4/ 1962 ميعاداً للنطق بالحكم قبل مده إلى يوم 8/ 5/ 1962 وكان الثابت من مطالعة صحيفة دعوى صحة العقد أن المستأنف عليه الأول - الطاعن - كان قد قدم لقلم الكتاب في يوم 23/ 4/ 1992 السابق مباشرة على اليوم المحدد أصلاً للنطق بالحكم صحبة تلك الدعوى لتقدير الرسم المستحق عليها. وكان الثابت أيضاً من حافظة مستندات المستأنف عليه الأول أنه كان قد قدم في نفس يوم 23/ 4/ 1962 طلباً للمساحة لتحديد العقار المبيع تمهيداً لإجراء الشهر، وكان الثابت من جهة أخرى أن بيانات صحيفة الدعوى فيما يتعلق بالثمن اختلفت في دعوى صحة العقد عنها في صلب العقد...... وكان الثابت بصدد العقد أن حدود ومعالم العقار المبيع وهو منزل واحد مقام على قطعة أرض فضاء مساحتها 568 متراً قد ذكرت بذيل العقد، في حين أنه لم يرد ذكر لهذه الحدود أو المعالم بأي جزء من أجزاء العقد، فإن المحكمة تستخلص من ذلك أنه عندما تبينت المستأنف عليها الثانية أن الحكم بإشهار إفلاسها أصبح وشيك الصدور بعد أن قررت المحكمة في جلسة 10/ 4/ 1962 تحديد جلسة 24/ 4/ 1962 للنطق بالحكم، اتفقت مع المستأنف عليه الأول على أن تبيعه العقار بقصد الانتفاع بثمنه وحتى لا يدخل العقار في أموال التفليسة، وبادرا إلى تحرير العقد وتقديم صحيفة الدعوى بصحته لقلم الكتاب في يوم 23/ 4/ 1962 وجعلا له تاريخاً غير حقيقي هو 15/ 1/ 1962، ونسيا وهماً في عجلة من أمرهما أن يبينا حدود العقار المبيع، ومؤدى كل ذلك أنه كان يعلم وقت التصرف باختلال أشغال البائعة اختلالاً خطيراً - وليس عارضاً - أدى إلى رفع دعوى الإفلاس عليها لقعودها عن سداد ديونها التجارية وتحديد يوم 24/ 4/ 1962 للنطق بالحكم فيها، ومحاولة المستأنف عليها الثانية بالاتفاق مع المستأنف عليه الأول تفادي دخول المنزل في أموال التفليسة، ومما يؤكد ذلك صلة القرابة بين طرفي العقد،... كما وأن الثابت من صحيفة دعوى الإفلاس أن مركز شركة..... ومحل تجارة المستأنف عليه الأول يقعان في شارع واحد، فإذا أضيف إلى ذلك أن طبيعة المعاملات التجارية والسوق التجاري من شأنها إظهار ما يصيب أشغال التاجر من اختلال بحيث يكون الجهل به أمراً بعيد الاحتمال، لاسيما إذا استطالت المدة بين تاريخ التوقف عن الدفع المحدد له يوم 26/ 3/ 1961 تاريخ تحرير البروتستو الأول وبين تاريخ التصرف الذي وقع بعد ذلك بعدة شهور...... وقد جاءت شهادة شاهد المستأنف - المطعون عليه الأول - مؤيدة لعلم المستأنف عليه الأول باختلال أشغال المستأنف عليها الثانية وقت التصرف"، مما مفاده أن المحكمة - في حدود سلطتها الموضوعية - استخلصت علم الطاعن باختلال أشغال المطعون عليها الثانية وقت صدور التصرف المطعون فيه، من شهادة شاهد المطعون عليه الأول ومن جملة قرائن متساندة وكافية من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، لما كان ذلك فإن النعي عليه بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه تناقض أسبابه ذلك أن المطعون عليه الأول عجز عن إثبات صورية العقد فاستبعدها الحكم غير أنه عاد واتخذ من القرائن الخاصة بالصورية دليلاً على العلم باختلال أشغال المطعون عليها الثانية وهو ما يشوبه بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الصورية المطلقة تتناول وجود العقد ذاته فلا يكون له وجود في الحقيقة، وهي مغايرة للبطلان المنصوص عليه في المادة 228 من قانون التجارة لأن البطلان في هذه الحالة لا يستند إلى عيب في التصرف إذ يبقى صحيحاً بين عاقديه ومنتجاً لكل آثاره غير أنه لا يحتج به على جماعة الدائنين فيصبح غير نافذ في حقهم، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أنه لم يجد فيما ساقه المطعون عليه الأول من قرائن ما يكفي لإثبات صورية عقد البيع المؤرخ 15/ 1/ 1961 الصادر من المطعون عليها الثانية إلى الطاعن صورية مطلقة ثم استخلص الحكم - وعلى ما سلف البيان - من أقوال شاهد المطعون عليه الأول ومن القرائن التي أشار إليها أن الطاعن كان يعلم باختلال أشغال المطعون عليها الثانية وقت صدور التصرف ورتب على ذلك قضاءه بعدم نفاذ التصرف في حق الدائنين عملاً بحكم المادة 228 من قانون التجارة، وهو ما لا يتعارض مع ما قرره من عدم توافر الدليل على صورية العقد، إذ التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله، لما كان ذلك، فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعنان 862 ، 872 لسنة 29 ق جلسة 12 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 65 ص 372

جلسة 12 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

----------------

(65)

الطعنان رقما 862/ 872 لسنة 29 القضائية

منشآت فندقية وسياحية - الترخيص بها - شروطه - شرط عدم الحكم على طالب الترخيص بجريمة مخلة بالأمانة والشرف.
القانون رقم 1 لسنة 1973 بشأن المنشآت الفندقية والسياحية - قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 بشأن شروط وإجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية تحظر المادة 37 منه منح الترخيص إلى الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جنائية أو في جريمة مخلة بالأمانة أو بالشرف ولم يرد إليهم اعتبارهم - الجرائم المخلة بالأمانة أو الشرف هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار نوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة - مثال لما لا يعتبر من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخمس 17 من فبراير سنة 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير السياحة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 862 لسنة 29 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1982 في الدعوى رقم 5072 لسنة 36 قضائية المقامة من منير رءوف حنا وجلاديس وديع داغر ضد وزير السياحة والقاضي:
أولاً: بقبول تدخل محمد رفعت أمين سليمان وعزيزة عمر حسن خلوصي خصمين منضمين للمدعى عليه.
ثانياً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم ورفض طلب وقف تنفيذ القرار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفي يوم الأحد 20 من فبراير سنة 1983 أودع الأستاذ غبريال إبراهيم غبريال المحامي والوكيل عن محمد رفعت سليمان وعزيزة عمر حسن خلوصي قلم كتاب المحكمة تقرير طعن في ذات الحكم قيد تحت رقم 872 لسنة 29 قضائية وطلب للأسباب الواردة في التقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه (أولاً) بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما الثاني والثالثة – رءوف منير حنا، وجلاديس وديع داغر - مصروفات هذا الطلب (ثانياً) إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب المدعيين وقف تنفيذ القرار مع إلزامهما بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعنين ارتأت فيه الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في شقه الخاص بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والقضاء برفض هذا الطلب مع إلزام المدعيين بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/ 3/ 1984 وفيها قررت ضم الطعن رقم 872 لسنة 29 قضائية إلى الطعن رقم 862 لسنة 29 قضائية تم قررت بجلسة 16/ 4/ 1984 إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظرهما بجلسة 5/ 5/ 1984 وبعد أن تدوول نظر الطعنين بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر قررت بجلسة 8/ 12/ 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن منير رءوف حنا، وجلاديس وديع داغر أقاما الدعوى رقم 5075 لسنة 36 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد وزير الزراعة طالبين الحكم:
أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وكيل أول وزارة السياحة لشئون الرقابة السياحية رقم 77 لسنة 1982 بإلغاء التراخيص الممنوحة لفندق كايرو أن.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار مع إلزام المطعون ضده في جميع الأحوال المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعيان، شرحاً لدعواهما، أنه بتاريخ 6/ 7/ 1982 نشر بالوقائع المصرية قرار وكيل أول وزارة السياحة لشئون الرقابة السياحية رقم 77 لسنة 1982 متضمناً إلغاء التراخيص الممنوحة لفندق كايرو أن الكائن 26 شارع سوريا بالمهندسين - محافظة الجيزة ومنحه مهلة قدرها عشرون يوماً لإنهاء كافة الالتزامات الخاصة به. وقد جاء هذا القرار باطلاً من عدة وجوه حيث صدر ممن لا يملك إصداره ودون أسباب تبرره ودون أن يسبقه إجراء تحقيق أو مواجهة معهما باعتبارهما صاحبي الفندق. بالإضافة إلى أن استغلالهما للفندق خلا من أية شائبة تسوغ إصدار القرار أو تدخل ضمن الأسباب التي تخول ذلك والواردة على سبيل الحصر في القانون رقم 1 لسنة 1973 بشأن المنشآت الفندقية والسياحية ولائحته التنفيذية. وأضاف المدعيان أن البادي أن القرار صدر مشوباً بإساءة استعمال السلطة ولأغراض بعيدة عن الصالح العام وبإيعاز من أصحاب العقار الذين يسلكون كل السبل للتخلص منهما.
وأثناء نظر طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه أمام محكمة القضاء الإداري طلب محمد رفعت أمين سليمان وعزيزة عمر حسن خلوصي مؤجراً مبنى الفندق قبول تدخلهما خصمين منضمين إلى المدعى عليه في طلب الحكم برفض الدعوى بشقيها. كما قدم كل من المدعيين وطالبي التدخل مستنداته ومذكرات بدفاعه. وقدمت إدارة قضايا الحكومة ملف تراخيص الفندق ورد الجهة الإدارية على الدعوى. ويجمل ما جاء في هذا الرد والأوراق المرفقة له في أن السيدة عزيزة عمر خلوصي والسيد محمد رفعت أمين مالكي مبنى فندق كايرو أن تقدما بعدة شكاوى إلى وزارة السياحة ضد كل من السيدة....... والسيد...... مستغلي الفندق يطالبان فيها بإلغاء الترخيص الصادر لهما عن الفندق وذلك تأسيساً على ما شاب صدوره من تزوير في واقعة وجهة ميلاد السيد...... حيث قرر أنه لبناني الجنسية ومن مواليد لبنان في حين أنه مصري الجنسية ومولود بالإسكندرية، وكذا صدور حكم نهائي ضده في جريمة إصدار شيك بدون رصيد، وهي جريمة مخلة بالشرف، كما أنه ارتكب جريمة سرقة تيار كهربائي وأجرى تعديلات في الفندق على خلاف الرسومات المعتمدة وبنى أسقفاً وحوائط دون ترخيص وباع بعض الأجهزة المعفاة من الجمارك والواردة باسم الفندق. وأنه ببحث الموضوع بمعرفة الإدارة العامة للشئون القانونية بالوزارة اتضح أنه بتاريخ 2/ 8/ 1978 وافقت لجنة التراخيص على منح السيدة........ - مصرية الجنسية - ترخيص منشأة فندقية، وصدر هذا الترخيص برقم 609 في 17/ 11/ 1979 باسم السيدة المذكورة ثم أضيفت إلى خانة المرخص إليه اسم السيد......... ودون في خانة الجنسية أن السيدة...... مصرية وأن السيد....... لبناني. وكان من بين المستندات التي تقدم بها المذكور للحصول على الترخيص صورة جواز سفره اللبناني رقم 175296 المتضمن أنه من مواليد بيروت سنة 1947. وخطاب من القنصلية اللبنانية بالقاهرة مؤرخ 13/ 11/ 1979 يفيد أن جواز سفره صادر من بيروت وأنه حسن السير والسلوك ومقيد في سجلات البعثة تحت رقم 19284. وأضاف الرد أنه بفحص ملف الترخيص وجدت به صحيفة الحالة الجنائية الخاصة بالسيد...... والمؤرخة 21/ 10/ 1981 مثبت بها أنه من مواليد الإسكندرية في 1/ 12/ 1947 ويحمل بطاقة عائلية رقم 13357 العجوزة، وصورة ضوئية من شهادة ميلاده مثبت بها أنه من مواليد 1/ 9/ 1947 قسم كرموز ثان بالإسكندرية، وصورة بطاقة عائلية رقم 13357 العجوزة باسم المذكور، وصورة من الترخيص رقم 767 المؤرخ 29/ 12/ 1981 بمنشأة سياحية دون عليها عبارة "حصل على موافقة لجنة التراخيص جلسة 2/ 8/ 1978 وبدل الترخيص رقم 609 الصادر من وزارة السياحة بتاريخ 17/ 11/ 1979 حيث قدم تحقيق الشخصية رقم 13357 الصادر من مكتب سجل مدني العجوزة بتاريخ 4/ 10/ 1981 وقدم صحيفة الحالة الجنائية رقم 7269 الصادر في 21/ 10/ 1981" وهذه البيانات كما جاء بالرد - لم يرد فيها ذكر لجنسية المستغل أو محل ميلاده قرين الخانة المخصصة لذلك، وهي تغاير ما دون في الترخيص الأول (رقم 609) الذي تم التأشير عليه بما يفيد استخراج الترخيص رقم 767 "لتغير الجنسية الخاصة بالسيد...... وانتهت نتيجة الفحص - حسبما ورد بمذكرة الإدارة العامة للشئون القانونية المؤرخة 23/ 5/ 1982 إلى ثبوت ارتكاب السيد....... المخالفات الآتية:
( أ ) جريمة إعطاء شيك بدون رصيد، وهي مخلة بالشرف والأمانة.
(ب) مخالفة شروط الترخيص بتغيير الرسومات الهندسية التي صدر ترخيص الفندق بناء عليها وإدانته في هذه الجريمة بالحكم الصادر من محكمة جنح العجوزة في القضية رقم 5575 لسنة 1980 بتاريخ 29/ 3/ 1982 بتغريمه ألف جنيه وإزالة هذه المنشآت المخالفة.
(جـ) ارتكاب الغش والتدليس حيث قدم مستندات تفيد أنه لبناني الجنسية وتبين فيما بعد وعقب تقديم الشكاوى ضده أنه مصري الجنسية ومولود بمصر. وما كان يجوز تصوير هذا التزوير على أنه تغيير في الجنسية كما ذهبت الإدارة العامة للتراخيص.
وارتأت المذكرة في ضوء ذلك إلغاء التراخيص الممنوحة للفندق إعمالاً لأحكام المواد 1، 23، 37، 45 من قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 بشروط وإجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية والتي تقضي بعدم جواز منح الترخيص للمحكوم عليهم في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، وبإلغاء الرخصة في حالة إجراء أي تعديل في المنشأة المرخص بها دون الحصول على موافقة إدارة التراخيص، وبوجوب تقديم صورة من البطاقة العائلية وصحيفة الحالة الجنائية وشهادة من إدارة التجنيد بكيفية معاملة طالب الترخيص من ناحية الخدمة العسكرية إذا كان يتراوح سنه بين 21، 35 سنة واستناداً إلى ما تضمنته هذه المذكرة صدر قرار وكيل أول وزارة السياحة لشئون الرقابة السياحية رقم 77 لسنة 1982 المطعون فيه بإلغاء التراخيص الممنوحة للفندق آنف الذكر.
وبجلسة 23/ 12/ 1982 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها فيه في الشق المستعجل من الدعوى والذي قضى:
أولاً: بقبول تدخل محمد رفعت أمين سليمان وعزيزة عمر حسن خلوصي خصمين منضمين للمدعى عليه.
ثانياً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأقامت المحكمة قضاءها في خصوصية الحكم بوقف التنفيذ على أساس توافر ركني الاستعجال والجدية ذلك أنه بالنسبة إلى الركن الأول فإن ثمة أضراراً يتعذر تداركها تترتب على تنفيذ القرار وتتمثل في وقف نشاط الفندق أثناء الموسم السياحي وتعطيل العاملين به والإخلال بالعقود والالتزامات التي أبرمها الفندق كمنشأة سياحية - أما بالنسبة إلى ركن الجدية – ومناطه أن يكون طلب وقف التنفيذ قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية - فإن الثابت من الأوراق أن القرار صدر لمخالفة السيد...... لأحكام المادتين 37، 45 من القرار الوزاري رقم 181 لسنة 1973 التي تنص أولاهما على عدم جواز إعطاء تراخيص المنشآت الفندقية والسياحية للأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جناية أو جريمة مخلة بالأمانة والشرف ما لم يرد إليهم اعتبارهم وبإلغاء التراخيص الممنوحة وفقاً لأحكام القرار إذا حكم على المرخص له بإحدى العقوبات أو الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة. وتقضي الثانية بإلغاء التراخيص في حالة إجراء أي تعديل في المنشأة المرخص بها دون الحصول على موافقة الإدارة العامة للرخص. واستطرد الحكم أن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه قام على أساس ارتكاب المدعي لواقعتين محددتين تمثلان المخالفة لأحكام المادتين المذكورتين وهما ارتكاب جريمة إعطاء شيك بدون رصيد وإجراء تعديل في الفندق دون الحصول على الموافقة اللازمة. وبخصوص الواقعة الأولى فقد حكم على المذكور من محكمة جنح العجوزة في القضية رقم 4062 لسنة 1980 بالحبس شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وإلزامه بدفع مبلغ 51 جنيهاً للمدعي بالحق المدني لإصداره شيكاً بدون رصيد، وإذ استأنف المدعي هذا الحكم بالقضية الاستئنافية رقم 1632 لسنة 1981 حكم حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات "لقيام المحكوم ضده بالسداد" وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، وأضاف الحكم أن الثابت من الأوراق أن هذا الشيك كان صادراً لأصحاب العقار (طالبي التدخل) وبينهما وبين المدعي خلافات ومنازعات وصلت إلى ساحة القضاء، وأن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد لا تعتبر في جميع الأحوال مخلة بالشرف، والثابت أن هذا الشيك صدر بناء على معاملات تجارية مما يخفف من وقع الجريمة، وفضلاً عن أن الحكمة أمرت بوقف تنفيذ العقوبة، وهذا الوقف وإن كان لا يؤثر في ثبوت الجريمة إلا أن المحكمة راعت ظروف المدعي وقيامه بالسداد ومن ثم أمرت بوقف تنفيذه وبالتالي فإن الجريمة في ضوء تلك الظروف لا تعتبر في حد ذاتها مخلة بالشرف أو الأمانة مما يستدعي إلغاء الترخيص خاصة وأنه - أي الترخيص - صادر للمذكور وزوجته معاً وليس له بمفرده. وفيما يتعلق بالواقعة الثانية أورد الحكم أنه صدر حكم من محكمة جنح العجوزة في الجنحة رقم 5575 لسنة 1980 بتاريخ 29/ 3/ 1982 ضد المدعي...... قضى حضورياً بتغريمه مبلغ ألف جنيه وتصحيح الأعمال المخالفة وضعف رسم الترخيص وذلك لأنه أقام مبان دون ترخيص بالمخالفة للرسم الهندسي المرفق بعقد الإيجار وذلك لثبوت التهم في حقه من واقع محضر الضبط في 11/ 11/ 1980، كما أنه ثبت صدور قرار من حي شمال الجيزة برقم 38 لسنة 81 بإزالة جميع الأعمال المستجدة بالعقار 26 شارع سوريا، واستطرد الحكم أن الثابت من الأوراق أن هذه الأعمال المخالفة لرسم الترخيص تتعلق ببعض المنشآت بمداخل الفندق وليس في الفندق ذاته، وأنه نظراً لظروف السياحة والعمل على تشجيعها كان يمكن التحقق من إزالة هذه المخالفات أو الأمر بإزالتها دون الوصول إلى حد إلغاء التراخيص بعد أن تكبد الفندق آلاف الجنيهات من تجهيز ودعاية وإجراءات ترخيص ورسوم زيادة من السياح ومن ثم فإن إلغاء الترخيص في ظل هذه الظروف جميعها يسبغ القرار المطعون فيه بعدم المشروعية إذ كان يكفي في هذا الشأن أن تقوم الجهة الإدارية بإلزام المدعي بتنفيذ الحكم الجنائي فيما قضى به من تصحيح الأعمال المخالفة أو تنفيذ القرار الإداري الصادر بالإزالة.
ومن حيث إن الطعنين في الحكم المشار إليه يقومان على أنه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حيث خرج على المبادئ الأساسية التي تحكم التراخيص بصفة عامة وتراخيص المنشآت الفندقية والسياحية بصفة خاصة إذ من المبادئ المسلمة أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة إنما هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه، وهو تصرف مؤقت بطبيعته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك. فالترخيص في قضاء المحكمة الإدارية العليا لا يكسب صاحبه أي حق يمتنع معه على الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه تطبيقاً لسلطتها التقديرية وفقاً لموجبات المصلحة العامة. وإذا كان الأمر على هذا النحو بالنسبة للتراخيص عموماً فإن الجهة الإدارية المختصة لا بد وأن تتمتع بسلطات تقديرية أوسع وأرحب بالنسبة لتراخيص المنشآت الفندقية والسياحية ليتسنى لها اتخاذ كل ما يلزم للحفاظ على أرواح وأموال رواد ونزلاء تلك الفنادق والمنشآت من المصريين والأجانب وتوقي ما قد يشوب سمعة مصر في الخارج إذا ما وقع السائحون فريسة لاستغلال أصحاب ومديري المنشآت والفنادق المذكورة. وإذا كان قانون المنشآت الفندقية والسياحية رقم 1 لسنة 1973 والقرار الوزاري المنفذ له قد أشار إلى حالات إلغاء تراخيص تلك المنشآت فإن ذلك لا ينال من سلطة الجهة الإدارية التقديرية المقررة لها في سحب التراخيص وإلغائها كلما تطلب ذلك دواعي المصلحة العامة. وفي ضوء ذلك كله صدر القرار المطعون فيه بإلغاء تراخيص الفندق موضوع النزاع بعد أن ثبت إدانة المطعون ضده الأول في جريمة إصدار شيك بدون رصيد وفي جريمة سرقة تيار كهربائي، وهو ما يوجب إلغاء الترخيص بالتطبيق لنص الفقرة الأولى من المادة 37 من القرار الوزاري رقم 181 لسنة 1973 وكذا ثبوت قيام المطعون ضدهما بإجراء تعديلات في مباني الفندق بالمخالفة للرسومات المعتمدة في هذا الشأن بل وعلى نحو يهدد مباني الفندق وأرواح وأموال نزلائه وباقي مستأجري وحدات العقار الكائن به، وهو ما يكفي بدوره سبباً لإلغاء الترخيص وفقاً لأحكام المادة 45 من القرار الوزاري المشار إليه. يضاف إلى ما تقدم أنه ثبت من الأوراق أن المطعون ضدهما تلاعبا في البيانات المتعلقة بجنسيتهما ومكان ميلادهما كما دخلا في منازعات مستمرة ودائمة مع ملاك العقار وصل أمرها إلى القضاء مما يفقدهما حسن السمعة وطيب الخصال وهي من الصفات الحميدة المطلوبة في كل من يقوم باستغلال فندق سياحي وإدارته.
ومن حيث إن من المسلم أن الفصل في طلب وقف تنفيذ القرار الإداري إنما يتم بحسب ظاهر الأوراق ودون التغلغل في الموضوع، وأنه يجب للقضاء به، فضلاً عن الاستعجال، توافر ركن الجدية بأن يكون الطلب قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يرجح معها الحكم بإلغاء القرار.
ومن حيث إن البادي من استقراء القرار المطعون فيه والصادر بإلغاء التراخيص الممنوحة لفندق كايرو أن أنه صدر استناداً إلى الأسباب المنوه عنها بمذكرة الإدارة العامة للشئون القانونية بوزارة السياحة المؤرخة 23/ 5/ 1982 التي أشار إليها القرار في ديباجته. ويبين من الاطلاع على تلك المذكرة أن تلك الأسباب تجمل في واقعتين محددتين انتهت إلى ثبوتها في حق المدعي الأول...... وهما ارتكاب جريمة إعطاء شيك بدون رصيد، وإجراء تعديل في المنشأة المرخص بها دون الحصول على موافقة إدارة التراخيص أما واقعة سرقة التيار الكهربائي فلم تكن محل اعتبار في إصدار القرار حيث لم تشر المذكرة إلى ثبوتها في حق المدعي المذكور وإنما ورد ذكرها في معرض بيان ما جاء بالشكاوى المقدمة من المتدخلين دون أن تتطرق المذكرة إليها بالبحث، بل إن واقع الحال أن تلك الجريمة لم يفصل القضاء فيها إلا بالحكم الصادر من محكمة جنح العجوزة في 9/ 11/ 1982، أي في تاريخ لاحق على إعداد المذكرة وصدور القرار المطعون فيه، ومن هنا كان من الطبيعي ألا تتطرق إليها المذكرة طالما أن الأمر في شأنها لم يكن قد تعدى دائرة الاتهام ولم يصدر فيه حكم قضائي بعد. وكذلك الحال بالنسبة إلى ما أثير بخصوص جنسية المدعي المذكور فلم تكن هذه الواقعة بدورها محل اعتبار في إصدار القرار، بل إن مذكرة الإدارة العامة للشئون القانونية، التي بني عليها القرار، أوردت صراحة أن القرار الوزاري رقم 181 لسنة 1973 بشروط وإجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية لم يرتب جزاء على مثل تلك الواقعة.
ومن حيث إن المادة 2 من القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية تنص على أنه لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشأة الفندقية والسياحية أو استغلالها أو إدارتها إلا بترخيص من وزارة السياحة طبقاً للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير السياحة. وتؤول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة والقانون رقم 372 لسنة 1956في شأن الملاهي بالنسبة إلى تلك المنشآت.... وقد أصدر وزير السياحة تنفيذاً لذلك القرار رقم 181 لسنة 1973 بشأن شروط وإجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية. وقضت المادة الأولى من هذا القرار بأن يقدم طلب الترخيص لإنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية إلي إدارة تراخيص هذه المنشآت على النموذج المعد لذلك.. ونصت المادة 21 على أنه لا يجوز إجراء أي تعديل في المنشأة المرخص بها إلا بعد موافقة إدارة التراخيص. وقضت المادة 37 بأنه لا يجوز إعطاء التراخيص المشار إليها في هذا القرار إلى الأشخاص الآتي بيانهم:
1 - المحكوم عليهم بعقوبة جنائية أو في جريمة مخلة بالأمانة أو الشرف ولم يرد إليهم اعتبارهم.... وتلغى التراخيص الممنوحة وفقاً لأحكام هذا القرار إذ حكم على المرخص له بإحدى العقوبات في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة. وقضت المادة 45 بأن تلغى رخصة المنشأة الفندقية أو السياحية في الأحوال الآتية..
2 - في حالة مخالفة أحكام المادة 21 من هذا القرار.
ومن حيث إن مفاد ذلك إلغاء ترخيص المنشأة الفندقية أو السياحة في حالة صدور حكم على المرخص له بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالأمانة أو الشرف.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى جريمة إعطاء شيك بدون رصيد التي أدين فيها المدعي الأول فإن الثابت من الأوراق أن محكمة العجوزة أصدرت حكمها في القضية رقم 1462 لسنة 1980 بجلسة 25/ 11/ 1980 والتي ادعت فيها السيدة...... مالكة العقار - بالحق المدني بحبس المتهم - المدعي الأول....... شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وإلزامه بدفع 51 جنيهاً للمدعية بالحق المدني على سبيل التعويض. وأشار الحكم إلى أن المتهم حرر شيكاً ثم أصدر أمره إلى البنك المسحوب عليه بعدم صرف قيمته. ولما استأنف المحكوم ضده هذا الحكم أصدرت محكمة الجيزة الابتدائية (الجنح المستأنفة) حكمها بجلسة 2/ 12/ 1981 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات وأشارت إلى قيام المستأنف بسداد قيمة الشيك.
ومن حيث إن البادي من ذلك أن المدعي الأول لم يحكم عليه بعقوبة جناية ومن ثم فإنه يتعين أن تكون الجريمة التي أدين فيها من قبيل الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة حتى يترتب عليها إلغاء ترخيص الفندق عملاً بحكم المادة 37 من القرار الوزاري آنف الذكر.
ومن حيث إن الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة لم تحدد في قانون العقوبات أو أي قانون سواه تحديداً جامعاً مانعاً، كما أنه من المتعذر وضع معيار مانع في هذا الشأن. على أنه يمكن تعريف هذه الجرائم - حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - بأنها هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق - وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار نوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة.
ومن حيث إن أعمال هذا التعريف على واقعات الجريمة التي أدين فيها المدعي الأول يخلص إلى عدم اعتبارهم مخلة بالشرف أو الأمانة في ضوء الظروف والملابسات التي أحاطت بها... ذلك أن البادي من الأوراق أن المدعي الأول حرر لصالح السيدة..... مالكة مبنى الفندق - أحد عشر شيكاً كلاً منها بمبلغ 500 جنيه كمقدم إيجار للفندق. غير أن البنك العقاري المصري أوقع حجز ما للمدين لدى الغير تحت يده على ما يكون مستحقاً لمالكة العقار لديه وطلب البنك من المدعي الأول المحجوز لديه - موافاته بقيمة الشيك رقم 34074 تنفيذاً للحجز مشيراً في طلبه إلى نص المادة 46 من قانون الحجز الإداري التي تقضي بأن "لا يعتد بالمبالغ المؤداة للمالك أو الحائز فيما زاد في الأراضي الزراعية على إيجار سنة وفي العقارات على ثلاثة أشهر...". وبناء على ذلك قام المدعي الأول بسداد قيمة الشيك - 500 جنيه - إلى البنك الحاجز (العقاري المصري) وأخطر البنك المسحوب عليه الشيك بالامتناع عن صرف قيمته إلى المحرر لصالحها. وعندما أبلغت المذكورة النيابة العامة ضده وقدم إلى المحاكمة الجنائية بتهمة إصدار شيك بدون رصيد (إخطار البنك بعدم صرف القيمة) وصدر الحكم ضده بالحبس شهراً قام بسداد قيمته ومن ثم أمرت المحكمة الاستئنافية بوقف تنفيذ العقوبة وواضح من ذلك أن المدعي الأول لم يصدر أمره إلى البنك المسحوب عليه بعدم صرف قيمة الشيك إلا تحت مظنة أن الحجز الموقع تحت يده من البنك العقاري المصري يستوجب منه سداد تلك القيمة إلى هذا البنك مما يعتبر في ذات الوقت وفاء منه بقيمة الشيك إلى المحرر لصالحها. وفي ظل هذه الظروف والملابسات لا وجه لاعتبار الجريمة التي أدين فيها مخلة بالشرف أو الأمانة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الواقعة الثانية التي بني عليها القرار المطعون فيه والتي تتمثل في قيام المدعي الأول بإجراء تعديلات في الفندق دون الحصول على موافقة إدارة التراخيص فإن البادي من ظاهرة الأوراق أن ما نسب إلى المدعي الأول في هذا الصدد لا يتعلق بإجراء تعديلات في الفندق بالمخالفة للرسومات التي صدر الترخيص على أساسها وإنما نسب إله بعد عدة شكاوى قدمها ملاك المبنى أنه قام بإنشاء غرفة بالحديقة الغربية للعمارة التي يشغل الفندق جزءاً منها كما أنشأ غرفة وبعض منشآت بممرات العمارة وضع فيها بعض الأجهزة. وقد أبدى المدعي الأول في التحقيقات أنه استأجر الفندق من مالكي العقار وبه تلك المنشآت، وأياً كان وجه الحق في هذا القول فإن ظاهر الأوراق يستفاد منه أن إقامة هذا المنشآت وإن كانت مخالفة لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976 الذي يستوجب الحصول على ترخيص من الجهة الإدارة المختصة بشئون التنظيم قبل إنشاء أية مبان - إلا أنها لا تنطوي على مخالفة لرسومات الفندق ذاته تبرر إلغاء الترخيص وفقاً للمادة 45 من القرار الوزاري رقم 118 لسنة 1973 وآية ذلك أن مالك العقار السيد/........ قدم إلى المحاكمة الجنائية وصدر الحكم ضده بجلسة 22/ 6/ 1981 من محكمة جنح العجوزة بتغريمه عشرين جنيهاً والإزالة لقيامه بالمنشآت المشار إليها دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة بالمخالفة للقانون رقم 106 لسنة 1976 وقد خلت أوراق الدعوى من دليل يؤكد خطورة تلك المنشآت والأجهزة. ذلك أنه ولئن كانت إدارة الدفاع المدني والحريق بمدرية أمن الجيزة قد ارتأت خطورة في وجود اسطوانات للغاز وغلاية أسفل مسقط النور فإن مكتب الأمن الصناعي لم ير في ذلك أية خطورة وأوضح أن ما اعتبر غلاية لا يعدو أن يكون سخاناً كهربائياً (مرفق 102 من ملف الترخيص) كما ارتأت ذلك أيضاً مصلحة الرقابة الصناعية (مرفق 103 من الملف) وقد عادت إدارة الدفاع المدني والحريق فأوضحت بمذكرتها المؤرخة 21/ 1/ 1981 (مرفق 106 من الملف) أن الجهاز عبارة عن سخان وليس غلاية وأن اعتراضها ينصب على موقعه فحسب، ومن ثم انتهى الأمر بنقله إلى مكان آخر.
ومن حيث إنه يخلص من جماع ما تقدم أن القرار المطعون فيه غير قائم بحسب الظاهر على سبب صحيح وبالتالي يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه دون أن يحاج في هذا الصدد بأن الترخيص بطبيعته تصرف مؤقت يقبل الإلغاء في أي وقت، ذلك أن إلغاء الترخيص، شأن أي قرار إداري آخر - يجب أن يكون قائماً على سبب يبرره. وترتيباً على ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذ القرار، وقد أصاب وجه الحق والقانون مما يتعين معه الحكم برفض الطعنين وإلزام كل من الطاعنين بمصروفات طعنه عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.

الطعن 275 لسنة 41 ق جلسة 8 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 298 ص 1586

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وجميل الزيني، وسعد العيسوي.

-----------------

(298)
الطعن رقم 275 لسنة 41 القضائية

(1) تقادم "التقادم الخمسي". حكم "ما يعد قصوراً". ملكية.
تملك العقار بالتقادم الخمسي. شرطه. تمسك الطاعنين بتملكهم أرض النزاع بالتقادم الخمسي. إغفال الحكم الرد على هذا الدفاع الجوهري. قصور.
(2) تقادم "وقف التقادم". تجزئة "أحوال التجزئة". ملكية.
وقف التقادم لمصلحة ناقص الأهلية. سبب شخصي لا يتعداه إلى غيره من كاملي الأهلية طالما أن محل الالتزام قابل للانقسام. المطالبة بتثبيت ملكية أرض على الشيوع. طلب قابل للتجزئة.
(3) ملكية "التصاق". حكم "ما يعد قصوراً".
طلب إزالة المنشآت على عين النزاع. القضاء فيه يكون استناداً إلى قواعد الالتصاق. إغفال الحكم بحث دفاع الباني بأنه كان حسن النية. قصور.

--------------------
1 - لما كان الطاعنون قد تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بتملكهم أرض النزاع بالتقادم الخمسي استناداً إلى حيازتهم لها مدة تزيد على خمس سنوات مقترنة بحسن النية ومستندة إلى السبب الصحيح وهو عقد البيع الصادر لمورثيهما، وإذ كانت المادة 76 من التقنين المدني السابق المقابلة للمادة 969 من التقنين الحالي قد نصت على أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن النية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح والسبب الصحيح هو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً، وقد التفت الحكم المطعون فيه عن عقد الطاعنين المؤرخ 23/ 9/ 1936 والمسجل لكونه صادراً من غير مالك، فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري الذي لو حقق لجاز أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى يجعله مشوباً بالقصور.
2 - لما كان وقف التقادم لمصلحة ناقص الأهلية هو سبب شخصي متعلق به فلا يتعداه إلى غيره من كاملي الأهلية الذين يسري التقادم في حقهم ما دام أن محل الالتزام قابل للانقسام، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم أن من بين الورثة المطعون ضدهم من كان قاصراً ومنهم من كان بالغاً رشيداً، وكان موضوع الدعوى تثبيت ملكيتهم لقطعة أرض على الشيوع فإن الطلب بطبيعته قابل للانقسام والتجزئة، ومن ثم فإن التقادم المكسب الطويل لا يقف إلا بالنسبة للقاصر منهم ويستمر سارياً بالنسبة للبالغ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحجب نفسه عن تحقيق دفاع الطاعنين بتملكهم أرض النزاع بوضع يدهم عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية بمقولة أن التقادم يقف بالنسبة لجميعهم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه اعتبر القضاء بالإزالة نتيجة مترتبة على القضاء بثبوت الملكية مع أن القضاء به يكون طبقاً لقواعد الالتصاق المنصوص عليها في المادة 65 من التقنين المدني السابق المقابلة للمادتين 924، 925 من التقنين الحالي والتي تفرق بين إقامة المنشآت على أرض الغير دون رضاء صاحبها وبين إقامتها على أرض يعتقد من أقامها بحسن نية أن له الحق في ذلك ففي الحالة الأولى يكون لصاحب الأرض طلب الإزالة على نفقة من أقامها وفي الحالة الثانية لا يحق له طلب الإزالة ولكن يخير بين دفع قيمة المواد وأجرة العمل أو دفع قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب المنشآت، لما كان ذلك. وكان الطاعنون قد برروا إقامتهم المباني والمنشآت على الأرض بسبق شراء مورثيهم لها بعقد مسجل وهو ما ينطوي على التحدي بحسن نيتهم وقت تشييدها فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل بحث حسن أو سوء نية الطاعنين يكون مشوباً بالقصور فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثي المطعون عليهم أقاما الدعوى رقم 13 سنة 1946 مدني كلي الإسكندرية على مورثي الطاعنين بطلب تثبيت ملكيتهما لقطعة الأرض الموضحة مساحة وتحديداً بالصحيفة. وإزالة ما عليها وتسليمها إليهما خالية، استناداً إلى عقد بيع مؤرخ 7/ 6/ 1945 ومسجل في 19/ 1/ 1907 وأن الملكية آلت للبائع لهما - بموجب عقد بيع مؤرخ في أكتوبر سنة 1905، ومسجل دفع مورثا الطاعنين الدعوى بتملكهما الأرض بموجب عقد بيع مؤرخ 11/ 4/ 1925، ومسجل فضلاً عن اكتسابهما ملكيتها بوضع اليد عليها المدة الطويلة، وبعد أن ندبت محكمة أول درجة خبيراً في الدعوى قضت بتاريخ 20/ 6/ 1960 بتثبيت ملكية المطعون عليهم لجزء من الأرض وإزالة ما عليها من مبان، واستأنف كل من الطاعنين والمطعون عليهم الحكم بالاستئنافين 561، 568 سنة 16 ق وبعد أن ندبت محكمة استئناف الإسكندرية خبيراً ثانياً في الدعوى قضت بتاريخ 16/ 1/ 1971 بتعديل الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليهم لكل الأرض المرفوع بها الدعوى وإزالة ما عليها من مبان ومنشآت وتسليمها لهم خالية، وطعن الطاعنون في الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين نعوا في السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيانه قالوا أن الحكم أغفل الرد على تمسكهم بامتلاك الأرض بالتقادم الخمسي بسبب حيازتهم العين حيازة مقترنة بحسن النية مدة تزيد على خمس سنوات ومستندة إلى سبب صحيح هو عقد البيع الصادر لمورثيهم بتاريخ 23/ 9/ 1936 والمسجل تحت رقم 3659 وهو دفاع جوهري لو حظى بتحقيق المحكمة لتغير لديها وجه الرأي في الدعوى ولكنها التفتت عنه فشاب حكمها قصور يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بتملكهم أرض النزاع بالتقادم الخمسي المكسب استناداً إلى حيازتهم لها مدة تزيد على خمس سنوات مقترنة بحسن النية ومستندة إلى السبب الصحيح وهو عقد البيع الصادر لمورثيهما..... بتاريخ 23/ 9/ 1936 والمسجل برقم 3659 وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه للمطعون عليهم بملكية ما طلبوه على "الأخذ بتقريري الخبير المنتدب لبنائهما على أسباب سائغة من كل الوجوه دون ما نظر لاعتراض المستأنفين (الطاعنين) لأنها اعتراضات غير جدية" وإذ كانت المادة 76 من التقنين المدني السابق المقابلة للمادة 969 من التقنين الحالي قد نصت على أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن النية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح، والسبب الصحيح هو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً وقد التفت الحكم المطعون فيه عن عقد الطاعنين المؤرخ 23/ 9/ 1936 والمسجل لكونه صادراً من غير مالك وكان الطاعنون قد تمسكوا في جميع مراحل النزاع بوضع يدهم على العين من قبل رفع الدعوى مدة تزيد على الخمس سنوات اللازمة لكسب ملكية العقار بالتقادم القصير فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري الذي لو حقق لجاز أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى يجعله مشوباً بالقصور الذي يوجب نقضه.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول الطاعنون أن من بين ما تمسكوا به علاوة على ما سبق تملك العقار بالتقادم الطويل وقد عرض له حكم محكمة أول درجة المؤيد في هذا الخصوص بالحكم المطعون فيه وانتهى من عرضه إلى إطراحه بمقولة أن معظم ورثة المرحوم..... وهو أحد المدعيين في الدعوى - كانوا ناقصي الأهلية لقصرهم بعد وفاته فيقف التقادم لصالحهم وأن مدته لم تكتمل بعد زوال سبب الوقف مع أن وقف التقادم لا يستفيد منه إلا من قام به سبب من أسبابه وهو القاصر أو من في حكمه، أما البالغ الرشيد فيستمر التقادم سارياً في حقه وقد سلم الحكم بأن من بين ورثة المتوفى من كان بالغاً تكتمل مدة التقادم الطويل بالنسبة له ولكن الحكم سحب أثر الوقف عليه فأخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الطاعنين - وقد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بتملك العقار موضوع النزاع بالتقادم الطويل - فقد خلت أسباب الحكم المطعون فيه من الرد عليه وتناوله الحكم الابتدائي بقوله "وحيث إن مدة وضع يد المدعى عليهما الثاني والثالثة وإن بدأت منذ سنة 1930 كما هو ظاهر من تقدير الخبير بإقامتهما كشكاً خشبياً عليها ثم قيامهما ببناء مبان حديثة يرجع عهدها إلى سنة 1946 وهي السنة التي رفعت الدعوى خلالها أو في سنة 1949 أثناء نظر هذه الدعوى إلا أن الثابت من مستندات المدعين أن المرحوم....... توفى سنة 1949 وأن الدعوى رفعت باسم ورثته وقد كان معظمهم قاصراً ولم تبلغ الأخيرة منهم سن الرشد إلا في 13/ 11/ 1937 كالثابت من شهادات الميلاد الرسمية المقدمة منهم فلا يسري التقادم في حقهم إلا منذ بلوغهم سن الرشد عملاً بنص المادة 382/ 2 من القانون المدني، والمدة الباقية بعد انتهاء السبب الواقف للتقادم ورفع الدعوى يقل عن خمسة عشر عاماً اللازمة لاكتسابهما الملكية بالتقادم عملاً بنص المادة 968 مدني لأن صحيفة الدعوى أعلنت كما سلف بتاريخ 31/ 10/ 1946 وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح لأنه بغض النظر عن خطئه في إسناد وقف التقادم بسبب نقص الأهلية لنص المادة 382 من التقنين المدني الحالي في حين أن الدعوى وقد رفعت في سنة 1946 فإن الإسناد الصحيح يكون لنص المادة 85 من التقنين المدني القديم فإن وقف التقادم لمصلحة ناقص الأهلية هو سبب شخصي متعلق به فلا يتعداه إلى غيره من كاملي الأهلية الذين يسري التقادم في حقهم ما دام أن محل الالتزام قابل للانقسام وإذ كان الثابت من مدونات الحكم على نحو ما سلف أن من بين ورثة المرحوم...... من كان قاصراً ومنهم من كان بالغاً رشيداً وكان موضوع الدعوى تثبيت ملكيتهم لقطعة أرض على الشيوع فإن الطلب بطبيعته قابل للانقسام والتجزئة ومن ثم فإن التقادم المكسب الطويل لا يقف إلا بالنسبة للقاصر منهم ويستمر سارياً بالنسبة للبالغ وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحجب نفسه عن تحقيق دفاع الطاعنين بتملكهم الأرض موضوع النزاع بوضع يدهم عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية بمقولة أن التقادم يقف بالنسبة لجميعهم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن مبنى السبب الرابع من أسباب الطعن القصور والخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول الطاعنون أن من بين طلبات المطعون عليهم إزالة المباني والمنشآت التي أقامها مورثاهما على الأرض موضوع التداعي وقد استجاب الحكم المطعون فيه لهذا الطلب بناء على ما انتهى إليه من ثبوت ملكية الأرض للمطعون عليها بمقتضى عقد البيع المقدم منهم مع أن ثبوت الملكية لا يخول للمالك حقاً مطلقاً في إزالة ما أقامه الغير عليها وإنما يخضع الحكم في ذلك لأحكام الالتصاق التي تفرق في الحكم بين الباني بحسن نية أو بسوء نية وإذ لم يعرض الحكم لذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي بدوره صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه بني قضاءه بالإزالة على قوله "إن الاستئناف رقم 561 سنة 16 ق مدني الإسكندرية - المرفوع من المطعون عليهم - يكون في محله ويتعين لذلك تعديل الحكم المستأنف والقضاء بتثبيته ملكية المستأنفين فيه لكامل قطعة الأرض الموضحة بصحيفة افتتاح الدعوى الابتدائية وإزالة ما عليها من مبان ومنشآت عملاً بنص المادة 924/ 1 من القانون المدني" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتبر القضاء بالإزالة نتيجة مترتبة على القضاء بثبوت الملكية مع أن القضاء به يكون طبقاً لقواعد الالتصاق المنصوص عليها في المادة 65 من التقنين المدني السابق المقابلة للمادتين 924 و925 من التقنين الحالي والتي تفرق بين إقامة المنشآت على أرض الغير دون رضاء صاحبها وبين إقامتها على أرض يعتقد من أقامها بحسن نية أن له الحق في ذلك ففي الحالة الأولى يكون لصاحب الأرض طلب الإزالة على نفقة من أقامها وفي الحالة الثانية لا يحق له طلب الإزالة ولكن يخير بين دفع قيمة المواد وأجرة العمل أو دفع قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب المنشآت، لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد برروا إقامتهم المباني والمنشآت على الأرض بسبق شراء مورثيهم لها على نحو ما سلف وهو ما ينطوي على التحدي بحسن نيتهم وقت تشييدها فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل بحث حسن أو سوء نية الطاعنين يكون مشوباً بالقصور فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث السبب الثاني من أسباب الطعن.

الطعن 137 لسنة 41 ق جلسة 8 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 297 ص 1580

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وسعد العيسوي، ومحمود حسين.

---------------

(297)
الطعن رقم 137 لسنة 41 القضائية

(1) شركات. "شركات التضامن". ملكية. حجز.
شركة التضامن. استقلال شخصيتها عن أشخاص الشركاء فيها. أثر ذلك. خروج حصة الشريك فيها عن ملكه ودخولها في ملكيتها. عدم جواز الحجز على أموالها من دائن الشريك.
(2) بطلان "بطلان التصرفات". دعوى "الدعوى البوليصية". محكمة الموضوع.
القرينة القانونية الواردة بالمادة 238/ 1 مدني. استخلاص علم المتصرف إليه أن التصرف سبب إعسار للمدين. مما تستقل به محكمة الموضوع.
(3) حوالة. دعوى "الدعوى البوليصية".
استيفاء الحوالة لشروط نفاذها في حق المدين أو في حق الغير. لا يمنع من الطعن عليها بالدعوى البوليصية. علة ذلك. اختلاف موضوع ونطاق كل من الدعويين.

------------------
1 - لما كانت شركة التضامن لها شخصية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها ومن مقتضى هذه الشخصية أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء، وأن تكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح، ولا يجوز لدائنيه أن يحجزوا على شيء من أموال الشركة حتى ولو كان مدينهم هو الذي قدمه إليها كحصة في رأسمالها. وإذ كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الرابع لم يقدم ما يدل على أن الشركة المعقودة بينه وبين الطاعن قد حققت أرباحاً ومكان هذه الأرباح كما لم يرشد عن أي مال ظاهر يعادل دين الشركة الدائنة المملوكة للمطعون ضدهما الأول والثاني فإن ما يثيره الطاعن في سبب النعي حول عدم توافر شروط الإعسار لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقيل أمام هذه المحكمة.
2 - مفاد نص المادة 238/ 1 من القانون المدني أن المشرع أقام قرينة قانونية على علم المتصرف إليه بغش المدين إذا كان يعلم أن التصرف يسبب إعسار المدين أو يزيد في إعساره واستخلاص توفر هذا العلم من ظروف الدعوى هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
3 - استيفاء الحوالة لشروط نفاذها في حق المدين أو في حق الغير بقبولها من المدين أو إعلانه بها طبقاً للمادة 305 من القانون المدني لا يمنع من الطعن عليها بالدعوى البوليصية المنصوص عليها في المادتين 237 و238 من القانون المدني متى توافرت شروطها وذلك لاختلاف موضوع ونطاق كل من الدعويين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الحديثة للتجارة التي يديرها المطعون ضدهما الأول والثاني أقامت الدعوى رقم 79 سنة 1968 تجاري كلي القاهرة تطلب الحكم في مواجهة المطعون ضده الثالث بصفته بإبطال التنازل الصادر من المطعون ضده الرابع إلى الطاعن عن المبالغ المستحقة له لدى الإدارة الهندسية لصيانة المباني التي يمثلها المطعون ضده الثالث واعتباره كأن لم يكن. وعدم نفاذه في حقها وأسست دعواها على أنها تداين المطعون ضده الرابع في مبلغ 1777 جنيهاً و950 مليماً بموجب أوامر الأداء رقم 1374، 1470، 1732 لسنة 1967 تجاري جزئي القاهرة وأمر الأداء رقم 307 لسنة 1967 تجاري كلي القاهرة. وإنها بتاريخ 28/ 10/ 1967، 22/ 11/ 1967، 18/ 12/ 1967، 6/ 6/ 1968 أوقعت حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد الإدارة الهندسية لصيانة المباني التي يمثلها المطعون ضده الثالث، على المبالغ المستحقة للمطعون ضده الرابع تحت يدها وفاء للمبلغ السالف بيانه، غير أن المطعون ضده الرابع بعد أن توقف عن الدفع وبعد أن بدأت الشركة في توقيع الحجوز سالفة الذكر تواطأ مع شريكه الطاعن وحرر له في 10/ 9/ 1967 إقراراً تنازل بمقتضاه الأول للثاني عن جميع المبالغ المستحقة له لدى الإدارة الهندسية لصيانة المباني وذلك تهرباً من الوفاء بديونها. ولما كان هذا التصرف قد أضر بحقوقها لما ترتب عليه من إعسار مدينها وكان الغش والتواطؤ متوافرين لدى كل منهما لأن الأول شريك الثاني ويعلم علم اليقين بمديونيته لها وبالحجوز التي أوقعتها وقد انعقدت إرادتهما معاً على التخلص من هذه الحجوز بإتمام هذا التنازل، لذلك فإنه يحق لها إعمالاً للمادتين 237 و238 من القانون المدني إقامة دعواها بطلباتها السالفة. وبتاريخ 8/ 5/ 1969 قضت محكمة القاهرة الابتدائية ببطلان عقد التنازل المؤرخ 17/ 9/ 1969 المبرم بين المدعى عليه الأول - المطعون ضده الرابع - وبين المدعى عليه الثاني - الطاعن - والمتضمن تنازل الأول للثاني عن كافة مستحقاته قبل المدعى عليه الثالث بصفته - المطعون ضده الثالث - استأنف الطاعن والمطعون ضده الرابع هذا الحكم بالاستئناف رقم 437 لسنة 86 ق، ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 11/ 12/ 1970 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه ببطلان عقد الحوالة موضوع الدعوى إلى أن التصرف الذي تضمنه هذا العقد كان مفقراً للمطعون ضده الرابع في حين أن هذا التصرف يعتبر عاملاً إيجابياً في زيادة حقوقه إذ تكونت شركة بينه وبين الطاعن بعقد مسجل في 5 أغسطس سنة 1967 للمطعون ضده الرابع فيها حقوق تعادل النصف في رأس المال والأرباح وأنه يحق للشركة الدائنة التي يمثلها المطعون ضدهما الأول والثاني استيفاء حقهما في الأرباح التي حققتها هذه الشركة والتي أشار إليها الطاعن في صحيفة الاستئناف وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون إذ قضى ببطلان التصرف رغم تخلف شرط جوهري هو شرط الإعسار.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الشق على ما أورده من أنه يبين "أن المستأنف الثاني (المطعون ضده الرابع) قد تجرد من جميع أمواله الظاهرة بعقد الحوالة المطعون عليه وعقد شركة التضامن القائم بينه وبين المستأنف الأول (الطاعن) فالمقصود إذن بعقد الشركة هو تهريب أموال المدين وإنقاص الضمان العام للدائنين وليس زيادة هذا الضمان إذ المعروف أن للشركة ذمة مالية منفصلة عن الشركاء ولا يستطيع الدائن الشخصي للشريك أن ينفذ على أموال الشركة طالما كانت هذه الشركة قائمة ولم تجر تصفيتها بعد ولا يرد على ذلك بأن الدائن الشخصي للشريك يستطيع التنفيذ على حصة ذلك الشريك في أرباح الشركة إذ لم يقدم المستأنف الثاني (المطعون ضده الرابع) ما يدل على أن الشركة المعقودة بينه وبين المستأنف الأول (الطاعن) قد حققت أرباحاً بالفعل ومكان هذه الأرباح حتى يمكن للدائن التنفيذ عليها. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المستأنف الثاني المدين (المطعون ضده الرابع) لم يرشد حتى الآن عن أي مال يساوي دين الشركة المستأنف عليها الأولى حتى يمكن اعتباره غير معسر نتيجة التصرف المطعون عليه"، وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون أو الثابت في الأوراق ذلك أن لشركة التضامن شخصية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها ومن مقتضى هذه الشخصية أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء وأن تكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح، ولا يجوز لدائنيه أن يحجزوا على شيء من أموال الشركة حتى ولو كان مدينهم هو الذي قدمه إليها كحصة في رأسمالها. وإذ كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الرابع لم يقدم ما يدل على أن الشركة المعقودة بينه وبين الطاعن قد حققت أرباحاً ومكان هذه الأرباح كما أنه لم يرشد عن أي مال ظاهر يعادل دين الشركة الدائنة المملوكة للمطعون ضده الأول والثاني فإن ما يثيره الطاعن في سبب النعي حول عدم توافر شروط الإعسار لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه فيما يتصل بشرط الغش على أن الطاعن وقد صدر إليه التنازل بصفته الشخصية وليس بصفته مديراً للشركة فإن هذا يدل على علمه بنية الغش التي صاحبت إبرام هذا العقد وهو ما ينطوي على الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أنه ليس في أوراق الدعوى أي دليل أو قرينة على أن الطاعن كان يعلم بمديونية المطعون ضده الرابع أو إعساره فضلاً عن أن الثابت من عقد الشركة المعقودة بينه وبين المطعون ضده الرابع أن المبالغ موضوع النزاع قد دخلت حصة في رأس مال الشركة ولم تكن محالة للطاعن بصفته الشخصية.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مفاد نص المادة 238/ 1 من القانون المدني أن المشرع أقام قرينة قانونية على علم المتصرف إليه بغش المدين إذا كان يعلم أن التصرف يسبب إعسار المدين أو يزيد في إعساره واستخلاص توافر هذا العلم من ظروف الدعوى هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له، أنهما قد انتهيا - في استخلاص سائغ - إلى أن الطاعن كان يعلم وقت صدور التصرف بإعسار المدين" وأن هذا العلم مستفاد من كونهما شريكين في عمل واحد وأنه لا مراء في أن كلاً منهما على علم بالمركز المالي للآخر وأنهما قد لجآ إلى إبرام عقد الحوالة وعقد الشركة الذي تجرد به المدين من أمواله الظاهرة لتهريب هذه الأموال وإنقاص الضمان العام للدائنين وأنه ليس أدل على ذلك من أن الثابت من نصوص عقد الحوالة أنه قد صدر للمستأنف عليه الأول (الطاعن) بصفته الشخصية وليس بصفته مديراً للشركة....." لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن بهذا السبب يكون في غير محله ولا يؤثر على ذلك ما استطرد إليه الحكم المطعون فيه تزيداً من "..... أن التصرف يعتبر غير نافذ في حق الشركة الدائنة حتى ولو كان الطاعن حسن النية فرضاً لتخلف العوض في التصرف المذكور...".
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن الحجوز الموقعة تحت يد المطعون ضده الثالث قد تمت بعد الحوالة التي تعتبر نافذة في حق الغير بقبولها من المدين طبقاً للمادة 305 من القانون المدني فإنه يمتنع عليه بعد ذلك القول بأن هذه الحوالة باطلة وغير نافذة في حق الشركة الدائنة ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان هذه الحوالة قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن استيفاء الحوالة لشروط نفاذها في حق المدين أو في حق الغير بقبولها من المدين أو إعلانه بها طبقاً للمادة 305 من القانون المدني لا يمنع من الطعن عليها بالدعوى البوليصية المنصوص عليها في المادتين 237، 238 من القانون المدني متى توافرت شروطها وذلك لاختلاف موضوع ونطاق كل من الدعويين وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى أن نفاذ الحوالة في حق الغير أو عدم نفاذها بالتطبيق لنص المادة 305 من القانون المدني لا أثر له على الدعوى المطروحة على المحكمة وهي دعوى عدم نفاذ التصرف بالتطبيق للمادتين 237، 238 من القانون المدني لأنه يخرج عن نطاقها، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.

الطعن 476 لسنة 27 ق جلسة 12 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 64 ص 366

جلسة 12 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج وعادل محمود فرغلي - المستشارين.

---------------

(64)

الطعن رقم 476 لسنة 27 القضائية

عاملون بالقطاع العام - انتهاء الخدمة - الفصل.
المادة 53 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 - تشكيل اللجنة الثلاثية التي تنظر أمر العامل المراد فصله قبل إصدار قرار نهائي بذلك - المشرع لم يتطلب أن يكون ممثل العمال في اللجنة الثلاثية عضواً باللجنة النقابية بل اكتفى بحضور ممثل تختاره اللجنة النقابية - اختيار اللجنة النقابية ممثلاً للعمال من غير أعضائها لحضور اللجنة الثلاثية صحيح ولا يصم قرار اللجنة الثلاثية بالبطلان - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 8 من مارس سنة 1981 أودع الأستاذ/ محمد عبد الخالق مدكور المحامي نائباً عن الأستاذ زاهر فرج المحامي الوكيل عن السيد/ ......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 476 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للصناعة بجلسة 31 من يناير سنة 1981 في الدعوى رقم 113 لسنة 25 القضائية المرفوعة من السيد/ ........ ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفضها مع إلزام المدعي عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن، إلغاء الحكم المطعون فيه وبطلان قرار الفصل الصادر من اللجنة الثلاثية بتاريخ 5 من يوليو سنة 1977 وما ترتب عليه من آثار وإعادته إلى عمله.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين في الأوراق قدم السيد/ مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 15 من فبراير سنة 1984 وبجلسة 16 من مايو سنة 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة ثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 6 من يونيو سنة 1984، وبجلسة 16 من أكتوبر سنة 1984 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة، وحددت لنظره أمامها جلسة أول ديسمبر سنة 1984، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يخلص من الأوراق، في أن المدعي السيد/ ......... أقام الدعوى رقم 113 لسنة 25 القضائية ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الداخلية والخارجية والعدل والطيران المدني في الأول من إبريل سنة 1979 طالباً الحكم ببطلان قرار فصله وإعادته إلى العمل مع إلزام الشركة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال بياناً لدعواه أن الشركة المدعى عليها أسندت إليه اتهاماً زائفاً قيدت عنه الجناية رقم 2429 لسنة 1976 جنح النزهة، وهو اتهام انتهت النيابة العامة إلى الاكتفاء بمجازاة المدعي عنه إدارياً. وبدلاً من أن تحيله الشركة إلى المحاكمة التأديبية، إذ بها تصدر قراراً بفصله، وكان من ضمن ما استندت إليه قرار من اللجنة الثلاثية لم تتوافر فيه الشروط التي أوردها القانون إذ حضر مندوب عن اللجنة النقابية للعمال في وقت كان فيه معدوم الصفة إذ استقال من اللجان النقابية بتاريخ سابق على انعقاد تلك اللجنة وخلص المدعي إلى أن قرار فصله من الخدمة وقد بني على قرار باطل، قد وقع باطلاً، وبجلسة الأول من يوليو سنة 1979 قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة مع إبقاء الفصل في المصروفات وقد قيدت الدعوى بجدول المحكمة الأخيرة تحت رقم 94 لسنة 13 القضائية وبجلسة 31 من يناير سنة 1981 قضت المحكمة التأديبية بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفضه مع إلزام المدعي عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبنت قضاءها على ما استظهرته من أوراق التحقيق من أنه قد تم ضبط المدعي وزميل له بمعرفة رجال الشرطة وهما يعبثان في أحد الطرود الخاصة بالعملاء وعند تفتيش الدولاب الخاص به في المطار وجدت به أشياء مختلسة من الطرد الذي كان يعبث به، الأمر الذي يكشف عن انحراف المدعي على نحو يؤثر تأثيراً سيئاً على الوظيفة التي كان يشغلها بالشركة المدعى عليها، وهو بارتضائه لنفسه هذا الموقف الشائن يكون قد خرج على مقتضيات تلك الوظيفة ففقد بذلك الصلاحية للبقاء فيها ووجب تنحيته عنها.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفاً لأحكام القانون ومجحفاً بحقوق الطاعن، ذلك أن ما انتهت إليه النيابة من قرار بحفظ المحضر المحرر ضد الطاعن إن دل على شيء إنما يدل على عدم جدية الاتهام المنسوب إلى الطاعن، كما أن مجازاته بالفصل من الخدمة لا يتناسب مع الفعل المنسوب إليه وأضاف الطاعن أن قرار الفصل قد صدر بناء على إجراءات باطلة بطلاناً مطلقاً ومن ثم يكون قراراً معدوماً إذ أن اللجنة الثلاثية التي عرض عليها أمر الطاعن، وأصدرت قرارها في 2 من يوليو سنة 1977 لم تكن مشكلة تشكيلاً قانونياً سليماً بعد أن زالت صفة أحد أعضائها وهو السيد محفوظ صادق الحصري مندوب اللجنة النقابية لعمال شركة مصر للطيران فقد استقال بتاريخ 24 من مايو سنة 1977.
ومن حيث إن القرار رقم 142 لسنة 1977 الصادر من رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران بمجازاة السيد/ ......... بالفصل من الخدمة اعتباراً من 4 من أغسطس سنة 1977 قد بني على أنه في يوم 25 من أكتوبر سنة 1976 تم ضبطه هو والسيد/ ........ أثناء قيام الثاني بالعبث ببعض الطرود الخاصة بالعملاء الموجودة على أرض المهبط وقيام الأول بمراقبة الطريق وبتفتيش الدولاب الخاص بهما بواسطة شرطة مباحث ميناء القاهرة الجوي تبين وجود بعض الأشياء الخاصة بهذه الطرود وهي عبارة عن ثلاث فانلات وتسعة سراويل.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى التحقيقات التي استخلصت منها الشركة الموقف الموجب لمساءلة المدعي يبين أنه بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1976 أبلغ الشرطي فاروق أحمد عبد الحافظ من قوة شرطة ميناء القاهرة الجوي السيد ضابط مباحث الميناء أنه أثناء مروره بمنطقة حراسته بأرض المهبط عند الموقع رقم 13 وبرفقته الشرطي إبراهيم إبراهيم عبد المنعم شاهد أحد عمال الصيانة يقوم بفتح أحد الطرود الملقاة بأرض المهبط أمام الموقع المشار إليه الذي يبعد عن مبنى الصيانة بحوالي عشرة أمتار كما شاهد شخصاً آخر من عمال الصيانة يقوم بمراقبة الطريق ليتمكن زميله من فتح الطرد بأسرع بإبلاغ الشرطي السري فرغلي ثابت فرغلي من قوة البحث الجنائي والمعين بأرض المهبط حيث قام الجميع بمراقبة المذكورين ولاحظوا أن أحدهما قام بفتح أحد الطرود واستخراج بعض محتوياته وهي عبارة عن بعض الفانلات وتوجه بها حيث ينتظره زميله أمام حجرة الصيانة ودخلا حجرة الصيانة فقاموا بمفاجأتهما داخل الحجرة وشاهدوا كلاً من....... و....... في حالة ارتباك شديد فوقف كل من الشرطي السري فرغلي ثابت والشرطي النظامي إبراهيم إبراهيم عبد المنعم على باب الحجرة لمنعهما من الخروج فانتقل ضابط المباحث على الفور لمكان البلاغ حيث وجد كلاً من........ ويعمل سائقاً بالشركة و........ "والمدعي" يعمل مساعداً فنياً بها داخل حجرة الصيانة وقد طلب الضابط من المدعي فتح الدولاب الخاص به وبتفتيشه عثر على ثلاث فانلات وتسعة سراويل من القطن وكانت جديدة وداخل أكياس من النايلون وعلى كل منها علامة "تريكونا صناعة مصرية" من إنتاج شركة النصر للملابس والمنسوجات ومخصصة للتصدير واستكمالاً للبحث قام الضابط بمعاينة الطرود التي أرشد عنها الشرطي فاروق عبد الحافظ أمام الموقع رقم 13 وكان عددها أربعة طرود كل طرد منها عبارة عن صندوق من الكرتون مقاس 90 سم × 90 سم × 90 سم وقد كتب على كل منها "شركة النصر للملابس والمنسوجات والتريكو - تريكونا ج. م. ع وقد لاحظ وجود طردين مفتوحين من أحد الأجناب بفتحة طولها 20 سم تقريباً تسمح بدخول قبضه اليد - الطرد الأول به فانلات قطنية بيضاء، والثاني به سراويل قطنية بيضاء كذلك من ذات النوع المضبوط، كما لاحظ الضابط أيضاً وجود نقص في كل طرد من هذين الطردين في مقابل الفتحة.
وبسؤال المدعي قرر أن الدولاب الذي وجدت به المضبوطات يشاركه في استعماله زميله السيد/ ...........
وبسؤال السيد/ ........ قرر أنه يشترك بالفعل في استعمال الدولاب المذكور إلا أن المدعي يحتفظ بالمفتاح الخاص به وأضاف أنه أخذ منه المفتاح في الليلة السابقة على الحادث وقام بفتح الدولاب في حضور كل من المدعي والسيد....... حيث استبدل ملابسه ولم يضع شيئاً في الدولاب وأعطى المدعي المفتاح بعد ذلك.
وبسؤال السيد/ ........ أيد السيد/ ........ في أقواله.
ومن حيث إنه بإحالة المدعي إلى النيابة العامة للتحقيق معه فيما نسب إليه قيدت الواقعة جنحة برقم 2429 لسنة 1976 جنح النزهة وقررت النيابة إحالة الموضوع إلى الجهة الإدارية لمجازاة المتهم إدارياً وقالت في أسباب قرارها أنه ولئن كانت الواقعة ثابتة قبل المتهم بما شهد به الشرطيان و........ وتشكل الجناية المنصوص عليها في المواد 113/ 1، 118 مكرراً، 119، 119 مكرراً من قانون العقوبات إلا أنه نظراً لضبط المسروقات فإن الجزاء الإداري قد يكون مناسباً.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكانت الواقعة التي نسبت إلى المدعي وثبتت في حقه تنطوي على إخلال خطير بواجبات الوظيفة وخروج على مقتضى الأمانة التي يجب أن يتحلى بها العامل في أدائه لعمله فإن القرار الصادر من الشركة المدعى عليها بفصله من الخدمة يكون قد قام على استخلاص سائغ من أصول ووقائع تؤدي في الواقع والقانون إلى هذه النتيجة، وقد جاءت العقوبة في حدود القواعد القانونية بما لا مطعن عليها ولا انحراف يعيبها بمراعاة أن ما اقترفه المدعي يزعزع الثقة في أمانته ونزاهته وبهذه المثابة تنعدم الثقة والاعتبار فيه.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهب إليه المدعي سواء في صحيفة دعواه أمام المحكمة التأديبية أم في تقرير طعنه من النعي على القرار المطعون عليه بالبطلان بمقولة أن ممثل اللجنة النقابية في اللجنة الثلاثية وهو السيد محفوظ صادق المصري قد زايلته صفته النقابية قبل انعقاد تلك اللجنة حيث كان قد استقال من اللجنة النقابية ولا صحة لذلك وذلك أنه مع التسليم باستقالة السيد المذكور على الرغم من أن المدعي لم يقدم دليلاً على ذلك فإن المادة 53 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام - والذي صدر في ظله القرار المطعون عليه - بعد أن أوجبت عرض أمر العامل المراد فصله على لجنة ثلاثية قبل إصدار قرار نهائي بذلك، قضت بأن يكون تشكيل تلك اللجنة على النحو التالي:
( أ ) مدير مديرية العمل المختص أو من بنبيه - رئيسياً.
(جـ) ممثل للمؤسسة أو الوحدة الاقتصادية حسب الأحوال.
(ب) ممثل العمل تختاره اللجنة النقابية - أعضاء.
الأمر الذي يستفاد منه أن المشرع لم يتطلب أن يكون ممثل العمال في اللجنة الثلاثية عضواً باللجنة النقابية بل اكتفى بحضور ممثل تختاره اللجنة النقابية وبهذه المثابة يجوز للجنة النقابية أن تختار ممثلاً للعمال من غير أعضائها لحضور اللجنة المذكورة.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كما تقدم فإن القرار المطعون فيه قد صدر سليماً متفقاً وأحكام القانون بما لا وجه للنعي عليه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب الحق والصواب في قضائه والتزام جانب الفهم الصحيح للقانون، ومن ثم يكون الطعن عليه على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

الطعن 54 لسنة 41 ق جلسة 8 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 296 ص 1576

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار: أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وعبد اللطيف المراغي، وسعد العيسوي.

-----------------

(296)
الطعن رقم 54 لسنة 41 القضائية

رسوم. تقادم. "قطع التقادم". إثبات.
توجيه طلب من الممول إلى المصلحة المختصة برد ما دفع منه بغير وجه من أسباب قطع التقادم. علم الوصول هو دليل إثبات الراسل عند الإنكار يغني عنه أي ورقة تصدر من المصلحة تدل على وصول كتاب المطالبة إليها.

----------------------
مفاد ما ورد بالمادة الثالثة من القانون 646 سنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم يعد سبباً جديداً من أسباب قطع التقادم يضاف إلى الأسباب العامة الواردة في المادتين 383، 384 من التقنين المدني، وأنه وإن كان قد ورد في عجز المادة الثالثة سالفة الذكر أن طلب الممول رد ما دفع منه بغير حق ينبغي - لكي يكون إجراء قاطعاً للتقادم - أن يرسل إلى الجهة المختصة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول فإن مقصود الشارع من اشتراك الموصى عليه هو ضمان وصول الطلب إلى الجهة المعنية وإما علم الوصول فهو دليل إثبات الراسل عند الإنكار وينبني على ذلك أن كل ورقة تصدر من الجهة المعنية وتدل على إرسال وصول كتاب المطالبة إليها تتحقق به الغاية من علم الوصول ويكون فيه الغناء عنه مما تعتبر معه المطالبة في هذه الصورة تنبيهاً في حكم القانون 646 سنة 1953 وقاطعة للتقادم (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 539 سنة 1967 تجاري كلي القاهرة بطلب إلزامه بمبلغ 3060 جنيهاً وقال في بيان طلبه أنه أدى هذا المبلغ لإدارة الاستيراد التابعة للمطعون ضده رسماً على إذن حصل عليه باستيراد فاصوليا من السودان وبعد أن تعاقد على الصفقة استحال على الجهة المتعاقد معها تنفيذ الالتزام بالتوريد لقلة المحصول وارتفاع أسعاره فبات من حقه استرداد ما دفعه، غير أن الإدارة التابعة للمطعون ضده رفضت الرد على الرغم من تقديمه إليها مما يدل على أن عدم تنفيذ إذن الاستيراد كان بسبب خارج عن إرادته ولا يد له فيه وأنه قاضى الشركة المصدرة بالتعويض وقضي برفض دعواه لما ثبت من أن تنفيذ العقد كان مستحيلاً عليها، دفع المطعون ضده بسقوط الحق في استرداد الرسم لمضي أكثر من ثلاث سنوات من يوم سداده إلى تاريخ رفع الدعوى، وبتاريخ 25/ 12/ 1968 قضت محكمة أول درجة بقبول الدفع وبسقوط حق الطاعن في المطالبة بالتقادم وبرفض الدعوى، واستأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 69 سنة 86 ق طالباً إلغاءه والحكم بطلباته وبتاريخ 17/ 11/ 1970 قضت محكمة استئناف القاهرة بالتأييد وطعن الطاعن في الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بانقطاع التقادم بالطلبات العديدة المقدمة منه لمصلحة الاستيراد وآخرها الطلب المؤرخ 6/ 2/ 1965 بشأن مطالبته باسترداد الرسم الذي بات مدفوعاً منه بغير حق وهذه المطالبة قاطعة للتقادم وفق ما تقضي به المادة الثالثة من القانون رقم 646 سنة 1953 فخالفها الحكم المطعون فيه على الرغم من أن هذه المطالبة تعتبر تنبيهاً بقطع التقادم ليبدأ تقادم جديد لم تكتمل مدته قبل رفع الدعوى في 5/ 8/ 1967.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك بأن المادة الثالثة من القانون رقم 646 سنة 1953 تقضي "بأن يعتبر تنبيهاً قاطعاً للتقادم أوراد الضرائب والرسوم وإعلانات المطالبة والإخطارات إذا سلم أحدها إلى الممول أو من ينوب عنه قانوناً أو أرسل إليه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، ويعتبر كذلك طلب رد ما دفع بغير وجه حق إذا أرسله الممول إلى الجهة المختصة بكتاب موصى عليه مع علم الوصول" ومفاد ذلك أن ما ورد بهذه المادة يعد سبباً جديداً من أسباب قطع التقادم يضاف إلى الأسباب العامة الواردة في التقنين المدني في المادتين 383، 384 وهي المطالبة القضائية والتنبيه والحجز، والطلب الذي يتقدم به الدائن في التفليسة أو في التوزيع والإقرار بالدين، وأنه وإن كان قد ورد في عجز المادة الثالثة سالفة الذكر أن طلب الممول رد ما دفع منه بغير حق ينبغي - لكي يكون إجراء قاطعاً للتقادم - أن يرسل إلى الجهة المختصة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول فإن مقصود الشارع من اشتراط الكتاب الموصى عليه هو ضمان وصول الطلب إلى الجهة المعنية وأما علم الوصول فهو دليل إثبات الراسل عند الإنكار وينبني على ذلك أن كل ورقة تصدر من الجهة المعنية وتدل على وصول كتاب المطالبة إليها تتحقق به الغاية من علم الوصول ويكون فيه الغناء عنه مما تعتبر معه المطالبة في هذه الصورة تنبيهاً في حكم القانون 646 سنة 1953 وقاطعة للتقادم، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الطاعن تقدم بطلب إلى إدارة الاستيراد لاسترداد المبلغ المدفوع منه وقدره 3060 جنيهاً قيمة رسم إذن الاستيراد الذي لم ينفذ وذلك استناداً إلى قرار وزير الاقتصاد رقم 357 سنة 1958 الذي يعطي لمن صدر له الإذن الحق في استرداد رسمه في حالات معينة وأن من ضمن المستندات التي قدمها للمحكمة الخطاب الوارد له من الإدارة العامة للاستيراد الذي تطالبه فيه بأن يوافيها بصورة واضحة من الحكم (أي الحكم القاضي برفض مطالبته للشركة المصدرة بالتعويض) الذي سبق أن أرسله لها حتى يتسنى لها الاطلاع عليه والبت في الموضوع" فإن ذلك يدل على سبق تقديم الطاعن طلباً كتابياً لإدارة الاستيراد لاسترداد الرسم منه، ووصول هذا الطلب إليها وإذ رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعن بانقطاع التقادم باستعراض حالات الانقطاع المنصوص عليها في المادتين 383، 384 من التقنين المدني وانتهى منها إلى أن الطلب الذي تقدم به الطاعن لإدارة الاستيراد لا ينقطع به التقادم إلا إذا صدر من المدين - أي إدارة الاستيراد - اعترافاً بالدين وهو ما لم تكشف عنه الأوراق والتفت عن تطبيق حكم المادة الثالثة من القانون رقم 646 سنة 1953 سالف الذكر والتي استحدثت سبباً من أسباب انقطاع التقادم يضاف إلى الأسباب المنصوص عليها في القانون المدني وفق ما سلف، وكان لم يمضي بين تقديم الطلب في 1/ 2/ 1965 ورفع الدعوى في 5/ 8/ 1967 أكثر من ثلاث سنوات، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض جلسة 22/ 1/ 1970 مجموعة المكتب الفني. السنة 21 ص 190.

الطعن 408 لسنة 40 ق جلسة 8 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 295 ص 1572

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وعبد اللطيف المراغي، وجميل الزيني.

-------------------

(295)
الطعن رقم 408 لسنة 40 القضائية

(1) تزوير. حكم. استئناف.
النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه بالتزوير. وجوب أن يتم قبل صدور الحكم الفاصل في الادعاء بالتزوير. علة ذلك. عدم قبول استئناف ذلك الحكم لمجرد القضاء بإلغائه وإنهاء الإجراءات.
(2) بيع "البيع بالمزاد". التزام "سبب الالتزام". إثبات "الإثبات بالبينة". نظام عام.
الاتفاق على التخلي عن الاشتراك في المزايدة في البيوع الاختيارية. لا مخالفة فيه للنظام العام.. رفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات ذلك الاتفاق استناداً إلى مخالفته للنظام العام. خطأ.

-----------------
1 - مفاد نص المادة 57 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 289 من قانون المرافعات السابق أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يترتب عليه من إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير ينبغي أن يتم قبل أن تنتهي هذه الإجراءات بصدور الحكم الفاصل في الادعاء بالتزوير، أما بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإنهاء إجراءات قد انتهت بالفعل، وإذن فمتى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم ينزل عن التمسك بالمحرر المطعون عليه إلا بعد صدور الحكم الابتدائي برد وبطلان ذلك المحرر، فليس له أن ينعى على المحكمة الابتدائية عدم قضائها بإنهاء الإجراءات كما ليس له أن يستأنف ذلك الحكم لمجرد القضاء بإلغائه وإنهاء الإجراءات - استناداً إلى نزوله عن الورقة المطعون عليها - بعد صدوره.
2 - ليس في القانون ما يمنع من الاتفاق على أن يتخلى أي شخص بإرادته واختياره عن الاشتراك في المزايدة في بيع اختياري طالما أن حرية التزايد متاحة لغيره من الراغبين في الاشتراك في المزاد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض إجابة الطاعن إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات اتفاقه مع المطعون ضده على عدم التقدم لمزاد بيع الأرز موضوع الدعوى على أن يبيعه المطعون ضده كمية من الأرز التي يرسو مزادها عليه استنادا إلى أن هذا الاتفاق مخالف للنظام العام لأنه يحد من حرية المزايدة مما يجعل إثباته بالبينة غير جائز قانوناً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 764 سنة 1965 تجاري كلي طنطا طلب فيها القضاء بصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 29/ 6/ 1965 وتسليم الطاعن الأرز موضوع العقد، وأسس دعواه على أنه بموجب عقد تاريخه 29/ 6/ 1965 اتفق المطعون ضده على أن يبيعه هذا الأخير 3823 أردباً من الأرز الشعير بثمن قدره 6919 ج و630 م وذلك بعد أن رسا مزاد بيع هذه الكمية من وزارة الزراعة على المطعون ضده، ولكن المطعون ضده امتنع عن تسليمه الأرز المبيع وشرع في تهريبه رغم أنه تسلم منه مبلغ 993 ج كعربون للصفقة. طعن المطعون ضده بالتزوير في عقد الاتفاق المقدم من الطاعن والمؤرخ 29/ 6/ 1965، ومحكمة طنطا الابتدائية قضت في 17/ 11/ 1966 في موضوع الإدعاء بالتزوير برد وبطلان هذا العقد، وحددت لنظر الموضوع جلسة 22/ 12/ 1966، وفيها نزل الطاعن عن التمسك بالعقد موضوع الطعن، وبعد أن أحيلت الدعوى لمحكمة دمياط الابتدائية للاختصاص وقيدت برقم 6 سنة 1968 تجاري كلي دمياط، قضت تلك المحكمة في 19/ 1/ 1969 برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 20 سنة 21 تجاري ق ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 14/ 3/ 1970 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه قرر بعد صدور حكم محكمة الدرجة الأولى برد وبطلان العقد المؤرخ 29/ 6/ 1965 بنزوله عن التمسك بهذا العقد، وقد أشار إلى ذلك الحكم الابتدائي الصادر برفض الدعوى، كما أكد الطاعن أمام محكمة الاستئناف نزوله عن التمسك بهذا العقد وطلب صراحة إلغاء الحكم الابتدائي القاضي برد وبطلان هذا العقد وإنهاء إجراءات التزوير إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في موضوع الدعوى دون أن ينهي إجراءات التزوير مخالفاً بذلك نص المادة 57 من قانون الإثبات التي توجب إنهاء إجراءات الإدعاء بالتزوير متى نزل المدعى عليه بالتزوير عن التمسك بالمحرر المطعون عليه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 57 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 289 من قانون المرافعات السابق على أن "للمدعى عليه بالتزوير إنهاء إجراءات الإدعاء في أية حالة كانت عليها بنزوله عن التمسك بالمحرر المطعون فيه"، فإن مفاد هذا النص أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يترتب عليه من إنهاء الإجراءات ينبغي أن يتم قبل أن تنتهي هذه الإجراءات بصدور الحكم الفاصل في الإدعاء بالتزوير، أما بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإنهاء إجراءات قد انتهت بالفعل فمتى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم ينزل عن التمسك بالمحرر المطعون عليه إلا بعد صدور الحكم الابتدائي برد وبطلان ذلك المحرر، فليس له أن ينعى على المحكمة الابتدائية عدم قضائها بإنهاء الإجراءات، كما ليس له أن يستأنف ذلك الحكم لمجرد القضاء بإنهاء الإجراءات استناداً إلى نزوله عن الورقة المطعون عليها بعد صدوره، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه طلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات الاتفاق الذي تم بينه وبين المطعون ضده على ألا يزايد أحدهما على الآخر في مزاد بيع الأرز الذي أجرته وزارة الزراعة على أن يشتري الطاعن كمية الأرز التي يرسو مزادها على المطعون ضده، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الاستجابة إلى هذا الطلب بمقولة أن هذا الاتفاق يخالف النظام العام لأنه يعطل حرية المزايدة، وهو من الحكم خطأ في القانون لأن هذا الاتفاق ليس من شأنه أن يحد من حرية المزايدين العديدين الذين اشتركوا في المزاد وتزايدوا على الصفقة.
وحيث إن هذا النعي في محله، إذ ليس في القانون ما يمنع من الاتفاق على أن يتخلى أي شخص بإرادته واختياره عن الاشتراك في المزايدة في بيع اختياري طالما أن حرية التزايد متاحة لغيره من الراغبين في الاشتراك في المزاد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض إجابة الطاعن إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات اتفاقه مع المطعون ضده على عدم التقدم لمزاد بيع الأرز موضوع الدعوى على أن يبيعه المطعون ضده كمية الأرز التي يرسو مزادها عليه استناداً إلى أن هذا الاتفاق مخالف للنظام العام لأنه يحد من حرية المزايدة مما يجعل إثباته بالبينة غير جائز قانوناً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 519 لسنة 26 ق جلسة 12 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 63 ص 358

جلسة 12 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد وجمال السيد دحروج وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

---------------

(63)

الطعن رقم 519 لسنة 26 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - المخالفات التأديبية.
المادة 74 من القانونين رقمي 58 لسنة 1971 و47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - إذا انقطع العامل عن عمله فلا يستحق أجراً عن مدة انقطاعه - أساس ذلك: قاعدة الأجر مقابل العمل - لا يعتبر الحرمان من الأجر عقوبة تأديبية وبالتالي يجوز الجمع بينه وبين مساءلته تأديبياً - أساس ذلك: الحرمان من الأجر سببه عدم أداء العمل والمساءلة التأديبية سببها إخلاله بسير المرفق - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة – المخالفات التأديبية.
المادة 74 من القانونين رقمي 58 لسنة 1971 و47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - المشرع أجاز للسلطة المختصة أن تصرف للعامل أجره عن مدة الانقطاع على أن تحسب هذه المدة من إجازاته - للجهة الإدارية أن تحدد أيام العمل في الأسبوع ومواقيته وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة - الأثر المترتب على ذلك: يتعين على العامل أن يؤدي الواجبات المنوطة به في هذه الأيام وخلال المواقيت المحددة - إذا انقطع العامل عن العمل خلال هذه الأيام أو تلك المواقيت فإنه لا يستحق أجراً عن فترة انقطاعه سواء كانت هذه المدة أياماً أو ساعات ويجوز حساب هذه المدد من إجازاته - الأثر المترتب على ذلك: إذا وضعت الجهة الإدارية قواعد تنظيمية عامة مؤداها حساب فترات التأخير عن مواعيد العمل المحددة أو الانصراف قبل انتهاء هذه المواعيد خصماً من الإجازات المستحقة للموظف فإن هذه القواعد تجد سندها من نصوص القانون ولا يعتبر تطبيق هذه القواعد جزاءات تأديبية تحول دون المساءلة التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24 من فبراير سنة 1980 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الصحة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 519 لسنة 26 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للصحة والإسكان بجلسة 26 من ديسمبر سنة 1979 في الدعوى رقم 8 لسنة 12 القضائية المرفوعة من...... ضد وزير الصحة والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من أغسطس سنة 1977 بمجازاة الطاعن بخصم أربعة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الصحة بمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وطلب الطاعن للأسباب التي بينها في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه في شقه محل الطعن، ورفض دعوى المطعون ضده.
وبعد أن أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن الأصلي رقم 8 لسنة 12 قضائية.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من مايو سنة 1984 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 24 من أكتوبر سنة 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1977 أقام السيد........ الدعوى رقم 8 لسنة 12 القضائية ضد وزير الصحة أمام المحكمة الإدارية للصحة والإسكان طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر بمجازاته بخصم أربعة أيام من راتبه قي قضية النيابة الإدارية رقم 9 لسنة 1977.
وشرح دعواه بأنه صدر قرار الإدارة العامة لتخطيط البرامج والمشروعات بوزارة الصحة متضمناً بمجازاته بالخصم من راتبه لمدة أربعة أيام في قضية النيابة الإدارية رقم 9 لسنة 1977، وقد شاب التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية قصور متعمد ذلك أن طرف الخصومة الآخر في هذه القضية وهو الدكتور......... مدير عام الإدارة العامة لتخطيط البرامج والمشروعات قد سبه بحضور المهندس مدير إدارة متابعة المشروعات السيد......... وباقي موظفي وموظفات الإدارة كما أن الدكتور........ قدم مذكر إلى السيد وكيل أول الوزارة ضمنها وصفه فيها بأنه "بلطجي ويفرض البلطجة على زملائه بالإدارة" وترتب على ذلك أن نقله وكيل أول الوزارة من إدارة التخطيط إلى إدارة السكرتارية، وكذلك قام الدكتور......... بإصدار أمر شفوي بمنعه من التوقيع بدفتر الحضور والانصراف دون أن يكون هناك قار بنقله حتى إذا انقضت خمسة عشر يوماً على عدم توقيعه أصدرت الجهة الإدارية قراراً بفصله.
وقد ردت وزارة الصحة على الدعوى المشار إليها بمذكرة تضمنت أن القرار المطعون فيه صدر مستنداً إلى الأسباب الآتية:
1 - أنه دأب من أول يوليه سنة 1976 حتى 2 من أكتوبر سنة 1976 تاريخ نقله إلى إدارة السكرتارية على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية لمدة ساعة والانصراف قبل هذا الميعاد بساعة.
2 - نزع بالقوة دفتر الحضور والانصراف من السيد......... الموظف بإدارة التخطيط في حين أنه نقل إلى إدارة السكرتارية.
3 - لم يتحر الدقة في شكواه ضد السيد الدكتور........ بأن ضمنها ألفاظاً غير لائقة.
وبجلسة 26 من ديسمبر سنة 1979 أصدرت المحكمة حكمها القاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من أغسطس سنة 1977 بمجازاة الطاعن بخصم أربعة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الصحة بمبلغ خمسة جنيهات أتعاب المحاماة.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة للمخالفة الأولى وهي أن العامل المذكور داوم اعتباراً من أول يوليه سنة 1976 حتى 2 من أكتوبر سنة 1976 على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية لمدة ساعة والانصراف مبكراً لمدة ساعة، فالثابت من الأوراق أن الوزارة أصدرت في 18 من نوفمبر سنة 1976 القرار رقم 11 لسنة 76 متضمناً خصم أربعة أيام من الإجازات الاعتيادية للعامل المذكور عن هذه التأخيرات وهذا القرار صدر مخالفاً للقانون لأن خصم جزء من الإجازات المستحقة للعامل يعتبر عقوبة تأديبية غير مشروعة لخروجها عن حدود الجزاءات التي عددها المشرع على سبيل الحصر، وعلى مقتضى ذلك فإن الوزارة وقد عاقبت العامل المذكور بتلك العقوبة غير المشروعة، فإنه لا يجوز لها أن تحاسبه مرة أخرى عن هذه المخالفات بإدخالها كأحد أسباب القرار المطعون فيه لما في ذلك من توقيع عقوبتين عن الفعل الواحد وهو ما لا يجوز قانوناً.
وبالنسبة للمخالفة الثانية وهي ما نسب إلى العامل المذكور من أنه نزع دفتر الحضور والانصراف من السيد........ والتوقيع فيه بالقوة يوم 2 من أكتوبر سنة 1976، فإن الثابت من التحقيق الذي أجري في هذا الشأن أن السيد........ قرر أن العامل المذكور نقل من إدارة التخطيط إلى إدارة السكرتارية اعتباراً من 23 سبتمبر سنة 1979 وقد أشر مدير إدارة التخطيط بإخلاء طرفه وشطب اسمه من دفتر الحضور والانصراف، وقد حضر العامل المذكور يوم 2 من أكتوبر سنة 1976 وطلب التوقيع فأخبره بنقله إلى إدارة السكرتارية فرفض تنفيذ النقل وشد الدفتر ووقع فيه، ولما كان العامل المذكور لم يخطر بقرار نقله وبالتالي فهو يعد من عداد العاملين بالإدارة المنقول منها وله حق التوقيع بدفتر الحضور بها ويكون منعه من ذلك دون أن يخطر بالقرار الصادر بنقله هو المخالف للقانون والقواعد السليمة في حسن سير العمل.
وبالنسبة للمخالفة الثالثة وهي تجاوز العامل المذكور حق الشكوى بأن ضمن شكواه قيام الدكتور........ بالتعدي عليه وتوجيه ألفاظ غير لائقة إليه، فإنه بالاطلاع على الشكوى المقدمة من العامل المذكور المؤرخة 23 من سبتمبر سنة 1976 يبين أن الطاعن لم يتجاوز فيها حدود ومقتضيات الشكوى إلى التطاول على رؤسائه أو المساس بهم بل كل ما ورد في تلك الشكوى أن العامل المذكور يشكو من أن الدكتور...... وجه إليه ألفاظاً نابية وقبيحة أوردها في هذه الشكوى، ولم يتعد ذلك إلى المساس بالدكتور المذكور أو التطاول عليه, ولم يثبت من التحقيق الذي أجري في هذا الشأن عدم صحة ما ذكره العامل المذكور.
وخلصت المحكمة التأديبية في حكمها المطعون فيه أنه وقد تبين أن المخالفة الأولى المنسوبة للعامل المذكور، سبق أن جوزي عنها مما لا يجوز معه إعادة مجازاته، كذلك ثبت لديها عدم ثبوت المخالفتين الثانية والثالثة في حق العامل المذكور، ومن ثم فإن القرار الصادر بخصم أربعة أيام من راتبه يكون قد صدر فاقداً لركن السبب وجاء باطلاً ومخالفاً للقانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون للأسباب الآتية:
بالنسبة للمخالفة الأولى، فإن ما ذهب إليه الحكم من أن خصم أربعة أيام من إجارة العامل المذكور يعتبر عقوبة تأديبية مقنعة تخالف صحيح حكم القانون ذلك أن العامل لا يستحق أجراً عن فترات انقطاعه طبقاً لقاعدة الأجر مقابل العمل ومن ثم إذا أمكن حساب فترات الانقطاع طبقاً للقاعدة التي تضعها الجهة الإدارية فإن العامل لا يستحق أجراً عن هذه الفترات وإذ أجاز قانون العاملين احتساب فترة الانقطاع من الإجازات المستحقة للعامل فإن خصم أربعة أيام من الإجازات المستحقة للعامل المذكور لا يعتبر عقوبة مقنعة كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه ولا يخل بحق الجهة الإدارية في مساءلته إدارياً.
وبالنسبة للمخالفة الثانية فلقد أخطأ الحكم المطعون فيه، إذ ذهب إلى عدم صحة هذه المخالفة لعدم علم العامل المذكور بقرار النقل، فالثابت أن الموظف المختص أخطره بهذا القرار ومن ثم كان يتعين عليه أن يتوجه إلى الإدارة المنقول إليها ويوقع بدفاترها دون أن يسلك هذا الطريق غير السوي.
وبالنسبة للمخالفة الثالثة فقد بينت من التحقيقات تجاوز العامل المذكور حق الشكوى إذ الثابت أن المذكور نسب إلى الدكتور/ ........ أنه وجه إليه ألفاظاً نابية ثبت عدم صدورها من المشكو في حقه، وقد قصد العامل المذكور بإيراد الألفاظ النابية ونسبتها لرئيسه الإساءة إليه والحط من قدره مما يعد تجاوزاً لحق الشكوى.
وانتهى الطاعن في تقرير الطعن إلى أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى إلغاء قرار الجزاء رغم قيامه على أسباب تبرره يكون قد خالف القانون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق والتحقيقات أنه نسبت إلى العامل المذكور مخالفات ثلاث الأولى هي أنه دأب اعتباراً من أول يوليه سنة 1976 حتى 2 من أكتوبر سنة 1976 على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية لمدة ساعة والانصراف مبكراً مدة ساعة، ولقد أصدرت الوزارة القرار رقم 11 لسنة 1976، في 18 من نوفمبر سنة 1976 بخصم أربعة أيام من الإجازات الاعتيادية المستحقة له، وارتكنت الوزارة في القرار الصادر في 31 من أغسطس سنة 1977 (المطعون عليه) إلى هذه المخالفة كسبب من أسباب هذا القرار.
ومن حيث إن المادة 74 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "إذا انقطع العامل من عمله يحرم من أجره عن مدة غيابه وذلك مع عدم الإخلال بالمسئولية التأديبية.
ويجوز للسلطة المختصة أن تقرر حساب مدة الانقطاع من إجازاته ومنحه أجره إذا كان له رصيد منها يسمح بذلك".
وقد أورد القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون العاملين المدنيين بالدولة والمعمول به اعتباراً من أول يوليه سنة 1978 الحكم المشار إليه في المادة 74 منه.
ومن حيث إن مفاد ذلك النص أن القاعدة هي أن الأجر مقابل العمل، وإذ لم يؤد العامل عملاً خلال مدة انقطاعه فإنه من الطبيعي ألا يستحق أجراً، وإلا كان ذلك إثراء له بلا سبب على حساب الدولة، وهو ما لا يجوز، وترتيباً على ذلك فلا يعتبر حرمانه من الأجر عقوبة تأديبية وبالتالي يجوز الجمع بينه وبين مساءلته تأديبياً فحرمانه من الأجر سببه عدم أدائه عملاً لانقطاعه عن العمل ومساءلته تأديبياً سببها إخلاله بسير العمل بالمرافق. وإذ كانت هذه هي القاعدة إلا أن المشرع أجاز أن يصرف للعامل أجره عن مدة الانقطاع على أن تحتسب هذه المدة من إجازاته.
ومن حيث إنه متى كان للجهة الإدارية أن تحدد أيام العمل في الأسبوع ومواقيته وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة فإنه يتعين على العامل أن يؤدي الواجبات المنوطة به في هذه الأيام وخلال المواقيت المحددة فإن انقطع عن العمل خلال هذه الأيام أو تلك المواقيت فإنه لا يستحق أجراً عن فترة انقطاعه سواء كانت هذه المدة أياماً أو ساعات ويجوز أن تحتسب هذه المدد من إجازاته وترتيباً على ذلك فإذا ما وضعت الجهة الإدارية قواعد تنظيمية عامة مؤداها حساب فترات التأخير عن مواعيد العمل المحددة أو الانصراف قبل انتهاء هذه المواعيد - من الإجازات المستحقة للموظف فإن هذه القواعد تجد سندها من نصوص القانون سالف الإشارة إليها ولا يعتبر تطبيق هذه القواعد جزاءات تأديبية تحول دون المساءلة التأديبية.
ومن حيث إنه لما تقدم فإذا كانت إحدى المخالفات المنسوبة إلى العامل المذكور أنه داوم خلال فترة معينة على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية والانصراف مبكراً فإن خصم أربعة أيام من إجازاته طبقاً للقواعد التي وضعتها الوزارة في هذا الشأن لا يعتبر عقوبة تأديبية تمنع من مساءلته تأديبياً.
ومن حيث إنه بالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة إلى العامل المذكور (المطعون ضده) وهي أنه نزع دفتر الحضور والانصراف من السيد......... والتوقيع فيه بالقوة يوم 2 من أكتوبر سنة 1976 فلا مراء أن في هذا التصرف خروج عما يجب أن يتحلى به الموظف العام من سلوك سوي فلا يجوز له أن يؤدي واجباً عليه أو ينال حقاً له باتباع أساليب تأباها أصول التعامل في المجتمع ولا يجديه نفعاً أن يبرر فعله أن منع من التوقيع على دفتر الحضور قبل أن يخطر بقرار نقله إذ كان يتعين عليه أن يلجأ لرئيسه ليتكشف أسباب منعه ومن حقه التظلم والطعن على هذه الأسباب بالأساليب التي حددها القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للمخالفة الثالثة وهي أن العامل المذكور (المطعون ضده) قدم شكوى ضمنها قيام الدكتور........ بالتعدي عليه بألفاظ غير لائقة أوردها في الشكوى فإنه من المسلم به أن حق الشكوى والتظلم كحق التقاضي يكفله القانون للكافة ويحميه الدستور على أنه من الحريات المتصلة بمصالح الأفراد ومن ثم فلكل فرد أن يتقدم للسلطات العامة بشكوى يتظلم فيها من أمر يهمه كدفع حيف وقع عليه - من تصرف جائر ابتغاء رد هذا الجور كل ذلك في إطار ألا يتخذ الموظف من حق الشكوى المكفول لكافة المواطنين ذريعة للتطاول على رؤسائه أو زملائه بما لا يليق بغية التشهير والتجريح والحط من قدر المشكو في حقه أو يضمن الموظف شكواه ألفاظاً بذيئة تنم عن سوء الخلق.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الشكوى التي قدمها العامل المذكور إلى وكيل أول وزارة الصحة في 22 من سبتمبر سنة 1976 أي سنة 1977 يبين أنها تضمن أن الدكتور......... قد وجه إليه في حوش الوزارة وأمام العاملين ألفاظاً وصفها بأنها وقحة وبذيئة وردد الألفاظ التي ادعى أنها وجهت إليه، كما ردد العامل المذكور هذه الشكوى في كتاب وجهه إلى وزير الصحة في 28/ 2/ 1977 تضمن هذه الألفاظ وتفسيراً لها على لسانه بعبارات يعف القلم عن ترديدها ولما كان الثابت من الأوراق أن العامل المذكور رفض الإدلاء بأقواله في هذا الشأن أمام إدارة التحقيقات بالوزارة طالباً إحالة التحقيق إلى النيابة الإدارية، فلما أحيل إليها رفض مرة ثانية الإدلاء بأقواله طالباً إحالة التحقيق إلى المستشار المدير العام للنيابة الإدارية، ولما كان الثابت أن أحداً ممن سمعت النيابة الإدارية أقواله لم يؤيد ما نسبه العامل المذكور إلى الدكتور...... فضلاً عن أن العبارات التي أوردها العامل المذكور في شكواه تفسيراً للعبارات التي ادعى أن الدكتور........ قذفه بها - هذه العبارات تعتبر في حد ذاتها بذاءة يجب أن ينأى عن النطق بها أو كتابتها موظف يتحلى بالخلق السوي الكريم.
ومن حيث إنه لما تقدم تكون جميع المخالفات التي نسبت إلى العامل المذكور ثابتة في حقه ومن ثم يكون القرار الصادر من الوزارة في 31 من أغسطس سنة 1977 بخصم أربعة أيام من راتبه قد قام على سببه ويكون الطعن عليه على غير سند من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بخلاف ما تقدم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ومن ثم يتعين إلغاؤه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى المقامة من العامل المذكور أمام المحكمة التأديبية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.