الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 يناير 2025

الطعن 41 لسنة 23 ق جلسة 12 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 62 ص 352

جلسة 12 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

-----------------

(62)

الطعن رقم 41 لسنة 23 القضائية

صناعة - تنظيم الصناعة وتشجيعها - اختصاصات وزير الصناعة في هذا الشأن. ترخيص – طبيعته - أثره.
القانون رقم 21 لسنة 1958 بشأن تنظيم الصناعة وتشجيعها - قرار وزير الصناعة باعتماد توصيات اللجنة المشكلة لمعاينة مصانع الصابون التي تعمل على البارد - يدخل في حدود السلطة المخولة لوزير الصناعة بمقتضى المادة 15 من القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها - القرار يتضمن تعديلاً في مواصفات وخامات إنتاج الصابون وتنبيهاً إلى إلغاء التراخيص المتعلقة بالمصانع التي لا تستجيب لهذا التعديل - القرار يتضمن بذلك تعديلاً لشروط التراخيص - جواز ذلك - الترخيص الصادر من جهة الإدارة تصرف إداري لا يكسب صاحبه أي حق يمتنع معه على الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه طبقاً لسلطتها التقديرية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 28 من نوفمبر سنة 1976 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن كل من وزير الصناعة ووزير التموين ومدير عام المشروعات الغذائية، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 41 لسنة 23 القضائية ضد عبد العزيز آدم أحمد عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 29 من سبتمبر سنة 1976 في الدعوى رقم 217 لسنة 27 القضائية المقامة من المطعون ضده ضد الطاعنين الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار الصادر بمنح المدعي مهلة لتطوير مصنع الصابون المرخص له في إقامته غايتها صرف الخامات المقررة له في الجمعية المقررة لمصنعه لشهر أكتوبر سنة 1974 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت وزارة الصناعة بالمصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير طعنهم الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7 من يناير سنة 1980 وبجلسة الأول من ديسمبر سنة 1980 قدم الحاضر عن آدم أحمد عوض بصفته وارثاً للمطعون ضده صورة رسمية من قرار محكمة العطارين للأحوال الشخصية بتاريخ 27/ 8/ 1977 وتحقق وفاة المطعون ضده إلى رحمة الله بتاريخ 3/ 6/ 1977 وانحصار إرثه الشرعي في والده آدم أحمد عوض، وبجلسة 19 من أكتوبر سنة 1981 حكمت الدائرة بانقطاع سير الخصومة في الطعن، وبعد أن تم تصحيح شكل الطعن بتوجيهه ضد وارث المطعون ضده استأنف الطعن سيره أمام الدائرة إلى أن قررت بجلسة 7 من فبراير سنة 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 26 من مارس سنة 1983، فنظرته المحكمة على الوجه المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 24/ 9/ 1973 أقام عبد العزيز آدم أحمد الدعوى رقم 217 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ضد كل من وزير الصناعة ووزير التموين ومدير عام المشروعات الغذائية طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بتحديد مهلة حتى شهر أكتوبر سنة 1973 لتطوير مصنع الصابون المملوك له وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة بالمصروفات، واستند في ذلك إلى أن الهيئة العامة للتصنيع (المشروعات الغذائية) أخطرته بكتابها رقم 16395 المؤرخ في 15/ 7/ 1973 بأن وزير الصناعة وافق على صرف جميع الخامات المقررة له حتى حصة أكتوبر سنة 1973 كمهلة أخيرة لتطوير صناعة الصابون التي يقوم بها منفرداً أو مع آخرين طبقاً للشروط والمواصفات الواردة بكتاب الهيئة المشار إليه، وإذا كانت المادة 15 ( أ ) من القانون رقم 21 لسنة 1958 الخاص بتنظيم الصناعة وتشجيعها تعطي لوزير الصناعة سلطة اتخاذ قرارات ملزمة للمنشآت الصناعية فيما يتعلق بإيجاد وسائل موحدة تطبقها هذه المصانع في عملياتها الإنتاجية فإن وسائل التطوير التي ترى الهيئة العامة للتصنيع تطبيقها على مصنع المدعي تتجاوز نطاق هذا المصنع الصغير إلى تحديد قدراته مما يؤدي إلى إرهاق المدعي في تطبيق تلك الوسائل وإلى المساس بموجودات مصنعه الذي يلتزم طبقاً لترخيص إنشائه بإنتاج كميات معينة من الصابون حسب كمية الخامات المسلمة إليه وبمواصفات محددة سلفاً كما يخضع المصنع في إنتاجه لإشراف كل من مصلحة الرقابة الصناعية ومراقبة الغش التجاري بوزارة التموين ولم تثبت مخالفته لشروط ومواصفات صناعة الصابون ومتى كان الأمر كذلك فإن تحديد مهلة لتطوير المصنع حتى نهاية أكتوبر سنة 1973 ينطوي على تهديد مباشر للمدعي حيث يؤدي إلى أيلولة مصنعه الصغير إلى أصحاب المصانع الكبيرة مما يجعل القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون وهو ما ذهب إليه قسم التشريع بمجلس الدولة بكتابه رقم 83/ 1970 بمناسبة توليه أمر مراجعة مشروع القرار المطعون فيه بجلسته المنعقدة في 24/ 11/ 1970.
وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بأنه مراعاة لما تهدف إليه الدولة من جودة الإنتاج مسايرة لركب التطور الصناعي أصدر وزير الصناعة القرار رقم 206 في 6/ 3/ 1972 بتشكيل لجنة لمعاينة مصانع الصابون التي تعمل على البارد منذ عام 1965 وبتاريخ 25/ 7/ 1972 وافق الوزير على التوصيات التي انتهت إليها اللجنة ومن بينها عدم إمكان إنتاج صابون مطابق للمواصفات باستخدام التصبين على البارد ومنح مهلة مدتها سنة لأحد عشر مصنعاً للتطور بمقرراتها المحددة على أن يترك لها الخيار بين أن تعمل منفردة أو تتجمع مع غيرها وبعد فترة الانتقال تعتمد المصانع المتطورة وتلغى تراخيص المصانع التي لم تتطور. وقد قامت الهيئة بإخطار أصحاب المصانع التي تعمل على البارد ومن بينهم المدعي بتوصيات اللجنة لتطوير مصانعهم من الناحية الفنية محددة نهاية شهر أكتوبر سنة 1973 موعداً للتطوير ودون أن يقصد من ذلك إغلاق تلك المصانع أو يطلب منها الاندماج مع مصانع أخرى كبيرة أو التوقف عن العمل بل قصد تنظيم صناعة الصابون التي يستخدم فيها التصبين على البارد. وفيما يتعلق بالمهلة المشار إليها فقد صدر قرار من وزير الصناعة في 8/ 10/ 1973 بمدها سنة أخرى تنتهي في أكتوبر سنة 1974 الأمر الذي يجعل طلب المدعي إلغاء القرار المطعون فيه فاقداً لعنصر المنازعة وبالتالي تعتبر الخصومة منتهية.
وبجلسة 29 من سبتمبر سنة 1976 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بإلغاء القرار الصادر بمنح المدعي مهلة لتطوير مصنع الصابون المرخص له في إقامته غايتها صرف الخامات المقررة له حتى الحصة المقررة لمصنعه عن شهر أكتوبر سنة 1974 وما يترتب على ذلك من آثار وأقامت قضاءها على أن القرار الصادر بمد مهلة تطوير مصانع الصابون إلى أكتوبر سنة 1974، لا يعني الاستجابة إلى طلبات المدعي بالاستمرار في منحه الصحة المقررة لمصنعه طبقاً للكميات المحددة له، فقرار مد المهلة هو امتداد للقرار الأول ومكمل له وقد اختصمه المدعي أثناء تحضير الدعوى وفي مذكرة لاحقة، وعلى ذلك فلا سند من القانون لاعتبار الخصومة منتهية - وأنه ولئن كانت المادة 15 من القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها قد خولت وزير الصناعة سلطة إصدار قرارات ملزمة للمنشآت الصناعية في مجال إيجاد معايير موحدة تطبقها الصناعة في عملياتها الإنتاجية وتحديد مواصفات المنتجات والخامات المستعملة في الصناعة بقصد أن تكون السلع أو المواد أو المنتجات على مستوى من الجودة لتساير مثيلاتها في الدول الأخرى ولتكون أكثر ملاءمة لحاجة البلاد وجمهور المستهلكين، إلا أن هذه السلطة يحدها الغرض الذي شرعت من أجله ولا تتعدها إلى تحديد القدرات الإنتاجية للمصانع القائمة المرخص في إقامتها طبقاً للبيانات الواردة في طلب الترخيص ولما كان القرار الصادر بتحديد مهلة لتطوير مصنع الصابون المملوك للمدعي بالتطبيق للمادة 15 من القانون رقم 21 لسنة 1958 هو في حقيقته تحديد لقدرات هذا المصنع القائمة والمنتجة للصابون في حدود الترخيص السابق منحه للمدعي في إقامته فضلاً عن أن هذا القرار ينطوي على تجميع للوحدات المنتجة للصابون بقدرات معينة في وحدة واحدة الأمر الذي ينعكس أثره على كيان المنشأة ذاتها بما فيه من مساس بموجوداتها مما يمكن معه القول بانطوائه على إلغاء الترخيص الصادر بإقامتها في غير الحالات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون المشار إليه. ومن ثم يكون القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه استناداً إلى أن القرار مثار النزاع قد صدر في حدود السلطة المخولة لوزير الصناعة طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 21/ 1958 مستهدفاً تحقيق الغايات التي قصد إليها المشرع إلا وهي رفع مستوى الإنتاج وتطوير الصناعة، وممارسة الوزير لهذه السلطة غير مقيدة بأن تكون قراراته التي تصدر في هذا الشأن في حدود قدرات المنشآت الصناعية لأن هذه القدرات لا يجوز أن تقف حائلاً دون تحقيق المصلحة العامة وإذ خلا القرار المذكور من إساءة استعمال السلطة فإنه يكون قراراً صحيحاً بمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة 28 من فبراير سنة 1981 في الطعنين رقمي 39، 40 لسنة 23 القضائية، بأن قرار وزير الصناعة باعتماد توصيات اللجنة المشكلة بناء على قراره رقم 206/ 1972 لمعاينة مصانع الصابون التي تعمل على البارد منذ عام 1965 استناداً إلى نص المادة 15 من القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها، هو قرار مما يدخل في حدود السلطة المخولة لوزير الصناعة بمقتضى أحكام المادة المذكورة والتي تخوله قانوناً اتخاذ قرارات ملزمة للمنشآت الصناعية بإيجاد معايير موحدة تطبقها الصناعة في عملياتها الإنتاجية أو بتحديد مواصفات المنتجات والخامات المستخدمة في الصناعة، وأن تصوير هذا القرار تارة بأنه امتناع أو توقف عن صرف الخامات المقررة لمصنع المطعون ضده بعد انقضاء مهلة نهايتها شهر أكتوبر سنة 1974 وتارة أخرى بأنه ينطوي على تحديد للقدرات الإنتاجية لهذا المصنع القائمة والمنتجة للصابون في حدود الترخيص السابق قيام المصنع على مقتضاه مما ينعكس أثره على كيان المنشأة ذاتها بما فيه من مساس بموجوداتها الأمر الذي يتضمن إلغاء الترخيص الصادر بإقامتها في غير الحالات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 21 لسنة 1958 - هذا التصوير - لا وجه له تأسيساً على أن القرار سالف الذكر لا يعدو أن يكون تعديلاً في مواصفات وخامات إنتاج الصابون وتنبيهاً في ذات الوقت إلى إلغاء التراخيص المتعلقة بالمصانع التي لا تستجيب لهذا التعديل وأنه لم يقصد بهذا القرار سوى تحقيق اعتبارات المصلحة العامة على وجه يكفل تطوير صناعة الصابون في البلاد، ومن ثم فإن كل ما يمكن أن يقال في شأن هذا القرار أنه تعديل لشروط التراخيص الخاصة بتصنيع الصابون على البارد وأنه تم بمقتضى السلطة المقررة لوزير الصناعة طبقاً لنص المادة 15 من القانون رقم 21/ 1958 لأغراض تتعلق بالصالح العام وما يمليه من ضرورة النأي بصناعة الصابون عن مجال الجمود والتخلف ودفع عجلتها نحو النمو والتقدم، ومن المبادئ المسلمة أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه ولا يكسب صاحبه أي حق يمتنع معه على الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه طبقاً لسلطتها التقديرية ووفقاً لموجبات المصلحة العامة وبغير تعسف، وأنه لما كان القرار مثار النزاع - وهو ذات القرار التنازع فيه بمقتضى الدعوى والطعن الماثلين - قد صدر بناء على سلطة وزير الصناعة الثابتة له قانوناً على الوجه المبين فيما سبق وذلك لاعتبارات المصلحة العامة ودون شبهة إساءة استعمال السلطة فإنه يكون قراراً سليماً مطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه نزولاً على مقتضى ما قضت به هذه المحكمة على الوجه سالف البيان فإن الحكم المطعون فيه الآخذ بنظر مخالف يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه ورفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 471 لسنة 28 ق جلسة 6 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 61 ص 347

جلسة 6 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير والدكتور محمد عبد السلام مخلص وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين - المستشارين.

-------------------

(61)

الطعن رقم 471 لسنة 28 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - مدة خدمة سابقة.
يستمد العامل حقه في ضم مدة خدمته السابقة من أحكام القانون مباشرة - لا تسري مواعيد الطعن بالإلغاء على دعاوى ضم مدد الخدمة السابقة - القرارات الصادرة بضم مدد الخدمة السابقة بالمخالفة لحكم القانون يجوز سحبها في أي وقت دون التقيد بمواعيد الطعن بالإلغاء على القرارات الإدارية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24 من فبراير سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الإنتاج الحربي ووزير المالية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 471 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 4 من يناير سنة 1982 في الدعوى رقم 1263 لسنة 33 القضائية المقامة من رؤوف أحمد علي الهواري ضدهما والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين رقمي 279 و254 لسنة 1971 الصادرين من رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية ومدير مصنع 135 فيما تضمناه من سحب القرارين رقمي 51، 220 على التفصيل الوارد بالأسباب وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده مصروفات هذا الطلب وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرارين رقمي 279، 254 لسنة 1971 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص المطعون بهذه المحكمة جلسة 12 من مارس سنة 1984 وفي هذه الجلسة حكمت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده مصروفات هذا الطلب وقررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث عين لنظره أمامها جلسة 8 من إبريل سنة 1984 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 4 من نوفمبر سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 11/ 3/ 1972 أقام السيد رؤوف أحمد الهوراي الدعوى رقم 490 لسنة 20 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة الحربية ضد السيدين وزير الإنتاج الحربي ووزير المالية طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 279 لسنة 1971 الصادر من رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية والقرار رقم 254 الصادر في 30/ 12/ 1971 من مدير عام مصنع 135 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه عين مدرساً بالتعليم الصناعي بالدرجة السادسة من 30/ 8/ 1960 وظل يعمل بوزارة التربية والتعليم حتى 23/ 8/ 1963 إلى أن عين اعتباراً من 24/ 8/ 1963 بذات الدرجة بالمؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية وصناعة الطيران وضمت مدة خدمته السابقة، وأرجعت أقدميته فيها إلى 30/ 8/ 1960 بالقرار رقم 232 لسنة 1965 ثم سويت حالته بالقرارين رقمي 51 لسنة 1969، 220 لسنة 1970 بإرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 30/ 4/ 1964 بدلاً من 14/ 12/ 1965 ثم صدر قرار مدير عام المصنع 135 رقم 254 في 30/ 12/ 1971 بإلغاء القرارين المشار إليهما استناداً إلى قرار رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية وصناعة الطيران رقم 279 لسنة 1971 القاضي بسحب جميع التسويات وضم مدد الخدمة السابقة التي صدرت بعد 1/ 5/ 1969 وهو ما لا ينطبق على حالته.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن الهيئة العامة للطيران المندمجة في المؤسسة كانت تخضع لنظام فترة الاختبار المنصوص عليه في القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن بعده القانون رقم 46 لسنة 1964 وبناء عليه اعتبرت المصانع كل مدة خدمة سابقة سبباً للاستغناء عن فترة الاختبار بالمخالفة لحكم القانون لأنها أرجعت أقدمية بعض العاملين إلى تواريخ سابقة بمقولة أنهم كانوا مستوفين لشروط الترقية في هذا التاريخ لولا عائق فترة الاختيار وبناء عليه صدر القرار رقم 279 لسنة 1971 بسحب التسويات التي تمت بعد 1/ 5/ 1969 تاريخ اندماج العاملين بقطاع الطيران.
وبجلسة 24/ 3/ 1979 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدول هذه المحكمة برقم 1263 لسنة 33 القضائية. وبجلسة 4/ 1/ 1982 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين رقمي 279، 254 لسنة 1971 فيما تضمناه من سحب القرارين رقمي 51، 220 لسنة 1970 وما يترتب على ذلك من آثار.
وأسست المحكمة قضاءها على أن المدعي اكتسب مركزاً قانونياً ذاتياً بترقيته إلى السادسة التخصصية من 14/ 12/ 1965 والخامسة التخصصية من 31/ 12/ 1969 وعدل هذا المركز برد أقدميته فيهما إلى 30/ 4/ 1964، 30/ 12/ 1968 بالقرارين رقمي 51، 220 لسنة 1970 ومن ثم يكون تعديل أقدمية المدعي بالقرارين سالفي الذكر هو في حقيقة أمره ترقية إلى الدرجتين المشار إليهما من التاريخين اللذين ردت الأقدمية إليهما وأن اتخذا سبباً لهما عدم احتساب سنة الاختبار. والثابت أن القرارين المطعون فيهما واللذين تضمنا سحب القرارين رقمي 51، 220 لسنة 1970 قد صدرا بعد مضي ما يقرب من سنة أي بعد المدة المقررة لسحب القرارات الإدارية المعيبة ومن ثم فقد غدا القراران المشار إليهما حصينين من السحب أو الإلغاء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الدعوى ليست من دعاوى الإلغاء بل هي من دعاوى الاستحقاق لأن النزاع يتمثل في مدى أحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة طبقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 دون إسقاط سنة الاختبار. وتسوية حالة المدعي على النحو الذي تم لا يعدو أن يكون عملاً تنفيذياً للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 ويحق لجهة الإدارة سحب هذه التسوية وإعادة تسوية حالة المدعي من جديد على النحو الذي يتفق وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه بالرجوع لملف خدمة المدعي يبين أنه عين بمصنع 135 بعقد اعتباراً من 24/ 8/ 1963 وبتاريخ 27/ 1/ 1964 عين بالدرجة السادسة الفنية بالهيئة المصرية العامة للطيران. ثم أرجعت أقدميته فيها إلى 24/ 8/ 1963 بعد ضم مدة خدمته التي قضاها بعقد بمصنع 135، ثم أرجعت أقدميته في الدرجة السابعة (ق 46 لسنة 1964) إلى 30/ 8/ 1960 بعد ضم مدة خدمته بوزارة التربية والتعليم بالقرار رقم 232 لسنة 1965 ثم رقي إلى الدرجة السادسة اعتباراً من 14/ 12/ 1965 ورقي إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 31/ 12/ 1969 وبمقتضى القرارين رقم 51 لسنة 1970، ورقم 220 لسنة 1970 الصادرين من مدير عام مصنع 135 أرجعت أقديمته في الدرجة السادسة (ق 46 لسنة 1964) إلى 30/ 4/ 1964 وفي الدرجة الخامسة إلى 30/ 12/ 1968. وبناء على اعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات على هذه التسويات لمخالفتها لقواعد ضم مدد الخدمة السابقة المنصوص عليها في القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 ولمبدأ عدم جواز الترقية خلال سنة الاختبار، أصدر رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية وصناعات الطيران القرار رقم 279 لسنة 1971 بسحب جميع قرارات التسوية التي صدرت بعد 1/ 5/ 1969 للعاملين بقطاع الطيران بضم مدد الخدمة السابقة بالمخالفة لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 والاقتصار في ضم المدد على أدنى درجات التعيين دون التدرج في الدرجات التالية. وسحب جميع قرارات التسوية التي صدرت بعد 1/ 5/ 1969 بالمخالفة لمبدأ عدم جواز الترقية خلال سنة الاختبار. وتنفيذاً لهذا القرار أصدر مدير عام مصنع 135 القرار رقم 254 لسنة 1971 بسحب قراري التسوية رقمي 51 لسنة 1970، 220 لسنة 1970.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن العامل يستمد حقه في ضم مدة خدمته السابقة من أحكام القانون وبالتالي فلا تسري مواعيد الطعن بالإلغاء على دعاوى ضم مدد الخدمة السابقة، وبالمقابل فإن القرارات الصادرة بضم مدد الخدمة السابقة بالمخالفة لحكم القانون يجوز سحبها في أي وقت دون التقيد بمواعيد الطعن بالإلغاء على القرارات الإدارية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن أقدمية المدعي أرجعت في الدرجة السادسة إلى 30/ 4/ 1964 بدلاً من 14/ 12/ 1965 وفي الدرجة الخامسة إلى 30/ 12/ 1968 بدلاً من 31/ 12/ 1969 كأثر من آثار ضم مدة خدمته السابقة. وإذ ثبت مخالفة هذا الضم لقواعد احتساب مدد الخدمة السابقة فإن إعادة الأمور إلى وضعها الصحيح يقتضي زوال كافة الآثار التي ترتبت على هذه المخالفة دون التقيد في ذلك بميعاد معين، وذلك بإعادة تحديد أقدمية المدعي في الدرجتين السادسة والخامسة إلى تاريخ استحقاقه لهما قانوناً. وهو ما التزمت به الإدارة عندما أصدرت قراريها رقم 279 لسنة 1971 ورقم 254 لسنة 1971 بسحب جميع التسويات التي صدرت بعد 1/ 5/ 1969 بضم مدد الخدمة السابقة بالمخالفة لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 وتطبيقاً لمبدأ عدم جواز الترقية خلال سنة الاختبار. وتبعاً لذلك يكون القراران سالفا الذكر قد صدرا صحيحين ومتفقين مع أحكام القانون، ويكون طلب المدعي إلغاءهما لا أساس له متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بغير النظر السالف، فمن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة، بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.

السبت، 4 يناير 2025

الطعن 1262 لسنة 27 ق جلسة 6 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 60 ص 342

جلسة 6 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير والدكتور محمد عبد السلام مخلص وأحمد إبراهيم عبد العزيز - المستشارين.

-----------------

(60)

الطعن رقم 1262 لسنة 27 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام.
المادة 176 من قانون المرافعات - أسباب الحكم - يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي أقيم عليها - المشرع أوجب أن تتضمن أسباب الحكم الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استندت إليها المحكمة في إصدار حكمها في النزاع - المشرع رتب البطلان على القصور في أسباب الحكم الواقعية أو القانونية - لا يجوز للمحكمة أن تحيل إلى أسباب وردت في حكم آخر صادر عنها أو صادر عن محكمة أخرى في حكم آخر دون أن تبين ماهية الأسباب تفصيلاً أو إجمالاً - الإحالة إلى أسباب حكم آخر دون بيان هذه الأسباب مؤداه أن يكون الحكم المتضمن الإحالة خالياً من الأسباب أو مبنياً على أسباب يشوبها القصور - الأثر المترتب على ذلك - بطلان الحكم - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 5/ 1981 أودع الأستاذ حنا ناروز المحامي المنتدب عن السيد/ عبد الفتاح أحمد إبراهيم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1262 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 22/ 12/ 1980 في الدعوى رقم 579 لسنة 32 القضائية المقامة من عبد الفتاح أحمد إبراهيم ضد وزارة الدفاع والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقيته في تسوية حالته طبقاً للقوانين رقم 35 لسنة 1967 و83 لسنة 1973 و11 لسنة 1975 وقرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية رقم 2 لسنة 1976 بمقارنته بزميله الأحدث منه السيد/ محمد السيد سلامة ومنحه الدرجات وتدرج راتبه إلى أن يصل إلى 120 جنبهاً في 31/ 12/ 1974 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات والأتعاب.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي بالقانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه أولاً وبصفة أصلية بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن في الترقية إلى الفئة (684 - 1440 جنبهاً سنوياً) اعتباراً من 1/ 10/ 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع عدم صرف أية فروق مالية عن فترة سابقة على أول يوليو 1980 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الطاعن المصروفات.
ثانياً: وبصفة احتياطية ببطلان الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً مع إبقاء الفصل في المصروفات إلى أن يفصل في موضوع الدعوى.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 28/ 5/ 1984 وفيها قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 28/ 10/ 1984، وفيها استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحضرها ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن السيد/ عبد الفتاح أحمد محمد إبراهيم أقام الدعوى رقم 579 لسنة 32 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت قلم كتابها في 8/ 1/ 1978 وطلب فيها الحكم بأحقيته في تسوية حالته طبقاً للقوانين 35 لسنة 1967 و83 لسنة 1973 و11 لسنة 1975 بمقارنته بزميله الأحدث منه المهندس/ السيد محمد السيد سلامه ومنحه الدرجات وتدرج راتبه حتى يصل إلى 120 جنبهاً شهرياً في 31/ 12/ 1974 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه حصل على دبلوم الفنون التطبيقية نظام حديث سنة 1938 وعين بخدمة الحكومة في 21/ 9/ 1938 وسويت حالته بالقانون رقم 83 لسنة 1973 والقانون رقم 35 لسنة 1967 فمنح الدرجة الثالثة اعتباراً من 1/ 5/ 1969 وتدرج راتبه حتى وصل إلى 500 مليم و90 جنيه في 31/ 12/ 1974، وسويت حالته بالقانون رقم 11 لسنة 1975 فمنح الدرجة الثالثة اعتباراً من 1/ 10/ 1961 بنفس مرتبه 500 مليم و90 جنيه ومنح علاوة في 1/ 1/ 1975 وصل راتبه بها إلى 500 مليم و95 جنيه، وأضاف المدعي أن جهة الإدارة وقد أخطأت عند تطبيق القانون رقم 83 لسنة 1973 والقانون رقم 35 لسنة 1967 على حالته، إذ قارنته ببعض زملائه وكان من الواجب أن تقارنه بزميله المهندس/ السيد محمد السيد سلامة الذي عين ابتداء على الدرجة السادسة المخفضة براتب قدره 500 مليم و10 جنيه وتدرجت حالته الوظيفية بالدرجة السادسة في 8/ 12/ 1942 والخامسة 26/ 5/ 1949 والرابعة في 3/ 6/ 1953 والثالثة في 1/ 12/ 1956 والثانية في 22/ 7/ 1961 والثالثة (الجديدة) في 22/ 7/ 1961، والثانية في 25/ 4/ 1966 ووصل راتبه في 1/ 1/ 1972 (116 جنبهاً شهرياً) وفي 1/ 1/ 1976 (130) جنبهاً وبررت جهة الإدارة مسلكها بأن المهندس/ السيد محمد السيد سلامة نقل من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي قبل المدعي وهذا القول لا أساس له من الناحية القانونية لأنهما اجتمعا عند سريان القانون رقم 35 لسنة 1967 و83 لسنة 1973 بالكادر العالي وقد قصد القانون رقم 11 لسنة 1975 إلى رفع الظلم الذي وقع على بعض العاملين بحيث يتساوى العامل مع زميله الذي دخل معه الخدمة، إلا أن جهة الإدارة قامت بمقارنته بزميله الذي عين في الدرجة السابعة ابتداء بمرتب 10 جنيه وهو إجراء غير سليم لأن القانون رقم 83 لسنة 1973 وقرار وزير التنمية رقم 2 لسنة 1967 سعراً مؤهله بالدرجة السادسة بمرتب 500 مليم و10 جنيه وهو ما يتوافر في زميله المذكور يحق له أن يطالب بتسوية حالته أسوة به.
وردت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة أوضحت فيها أن المدعي لم يكن زميلاً للسيد السيد محمد السيد سلامة الذي يطالب مساواته به، إذ أن المذكور حاصل على دبلوم الهندسة التطبيقية سنة 1941 وعين بالدرجة السادسة اعتباراً من 8/ 12/ 1941 ونقل إلى المجموعة التخصصية اعتباراً من 30/ 6/ 1953 حيث كان المدعي بالمجموعة الفنية.
وبجلسة 22/ 12/ 1980 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً، ولم تتضمن مسودة الحكم الأسباب التي استندت إليها المحكمة في قضائها وأحالت إلى الأسباب الواردة في حكمها الصادر في الدعوى رقم 1894 لسنة 34 القضائية.
ويقوم الطاعن على أن الحكم المطعون فيه أخطأ وخالف القانون عندما قضى بعدم قبول تسوية حالة الطاعن بالتطبيق للقانون رقم 35 لسنة 1967، إذ لم يكن بإمكان الطاعن رفع دعوى المطالبة بتسوية حالته طبقاً لهذا القانون لأن مؤهل الطاعن (دبلوم الفنون والصناعات حديث) لم يسعر إلا بموجب قرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية رقم 2 لسنة 1976 وقد قرر لهذا الدبلوم الدرجة السادسة المخفضة بالقرار المشار إليه، وبذلك يتساوى مؤهل الطاعن ومؤهل الزميل فضلاً عن أن الطاعن أقدم في التخرج وفي الالتحاق بالخدمة، فقد حصل الطاعن على دبلوم الفنون والصناعات نظام حديث سنة 1938 وعين بخدمة الحكومة في 21/ 9/ 1938، بينما حصل السيد محمد السيد سلامة على دبلوم الهندسة التطبيقية سنة 1941 وعين في خدمة الحكومة في 8/ 12/ 1941.
ومن حيث إن قانون المرافعات أوجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها ورتب البطلان على صدور الحكم غير مشتمل على الأسباب التي أقيم عليها، كما أوجب القانون حفظ مسودة الحكم المشتملة على منطوقه وأسبابه بملف الدعوى أو الطعن، وأوجب أيضاً أن تتضمن أسباب الحكم الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استندت إليها المحكمة في إصدار حكمها في النزاع ورتب المشرع البطلان على القصور في أسباب الحكم الواقعية والقانونية، وعلى ذلك لا يجوز للمحكمة أن تحيل إلى أسباب وردت في حكم آخر صادر عنها أو صادر عن محكمة أخرى في حكم آخر دون أن تبين ماهية هذه الأسباب تفصيلاً أو إجمالاً، لأن الإحالة إلى الأسباب التي يتضمنها حكم آخر دون بيان هذه الأسباب في الحكم المتضمن الإحالة مؤداها أن يكون الحكم المتضمن الإحالة خالياً من الأسباب أو مبنياً على أسباب يشوبها القصور، ويشترط القانون أن يكون ملف الدعوى أو الطعن محتوياً على مسودة الحكم الصادر من المحكمة والمشتملة هي بذاتها على منطوق الحكم وأسبابه التي بني عليها دون ما إحالة إلى حكم صادر في دعوى أو طعن آخر، إذ الأصل المسلم به في فقه المرافعات أن يكون كل حكم مستوفياً في ذاته أسبابه بحيث لا تصلح الإحالة في تسبيب حكم على ورقة أخرى ولو كانت أسباب حكم صادر في نزاع ومودع في ملف ذلك النزاع الآخر. ومتى كان الثابت من الأوراق أن مسودة الحكم المطعون فيه لم تشتمل على الأسباب التي بني عليها وتضمنت الإحالة إلى أسباب الحكم الصادر في الدعوى رقم 1894 لسنة 31 القضائية، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد اشتمل في مسودته على الأسباب التي بني عليها، ومن ثم يكون باطلاً طبقاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات ويتعين الحكم بإلغائه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً، مع إبقاء الفصل في المصروفات للحكم الذي تنتهي به الخصومة طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه لما تقدم فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن، شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً، وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 743 لسنة 41 ق جلسة 4 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 291 ص 1554

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، وعز الدين الحسيني، وعبد العال السيد، ومحمدي الخولي.

-----------------

(291)
الطعن رقم 743 لسنة 41 القضائية

إعلان.
تسليم صورة صحيفة الاستئناف إلى إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة من محافظ الإسكندرية. لا حاجة لقيام المحضر بإخطار المعلن إليه بكتاب مسجل يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة. علة ذلك.

-------------------
إذ نص قانون المرافعات في المادة العاشرة على أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه، ويجوز تسليمها في الموطن المختار في الأحوال التي بينها القانون وفي المادة 13 بفقراتها العشر على أنه فيما يتعلق بالدولة والأشخاص العامة والشركات التجارية والشركات المدنية والجمعيات والمؤسسات الخاصة وسائر الأشخاص الاعتبارية والشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في مصر، وأفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم والمسجونين وبحارة السفن التجارية أو العاملين بها، والأشخاص الذين لهم موطن معلوم في الخارج، والأشخاص الذين ليس لهم موطن معلوم - يكون تسليم الإعلان حسب المبين في كل فقرة إلى الشخص أو الهيئة أو في المركز أو الجهة المنصوص عليها، فإنه بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون قد أخرج إعلان الأشخاص المذكورين في المادة 13 سواء أكانوا طبيعيين أو معنويين من حكم المادة العاشرة بحيث يصح الإعلان لكل منهم إذا سلمت صورته بالكيفية المنصوص عليها فيها بالنسبة إليه وبحيث يمتنع تطبيق ما يخالفها من القواعد العامة في الإعلان. وإذ كان يبين من الأوراق أن صحيفة الاستئناف قدمت لقلم كتاب المحكمة المختصة وأعلنت إلى محافظ الإسكندرية بصفته بتسليم صورتها إلى فرع إدارة قضايا الحكومة بالإسكندرية طبقاً لما تقضي به المادة 13 بتاريخ .. .. .... قبل انقضاء ثلاثة أشهر على تاريخ تقديم الصحيفة، فإن إعلانها يكون قد وقع صحيحاً دون حاجة لقيام المحضر بإخطار المعلن إليه بكتاب مسجل يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 483 سنة 1969 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليه (محافظ الإسكندرية بصفته) بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المبرم بينه وبين المدعى عليه والمؤرخ 31/ 3/ 1961 برسو مزاد بيع قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى... وبإلزامه بأن يرد له مقدم الثمن وقدره 152 ج. وفي 26/ 5/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والقضاء بطلباته الأولى وقيد الاستئناف برقم 928 سنة 26 ق مدني. دفع الحاضر عن المطعون عليه (المستأنف عليه) باعتبار الاستئناف كأن لم يكن تأسيساً على أن صحيفة الاستئناف وإن كانت قد أعلنت بتسليم صورتها للموظف المختص بإدارة قضايا الحكومة بالإسكندرية خلال ثلاثة أشهر إلا أن هذا الإعلان لا يعتبر إعلاناً صحيحاً لعدم قيام المحضر بتوجيه كتاب مسجل إلى المستأنف عليه يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة. وفي 15/ 11/ 1971 حكمت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وبعدم صحة إعلان المطعون عليه (المستأنف عليه) بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تقديمها إلى قلم الكتاب على أن المحضر قد اكتفى بتسليم صحيفة الاستئناف إلى إدارة قضايا الحكومة دون أن يوجه إلى شخص محافظ الإسكندرية المعلن إليه كتاباً مسجلاً يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة وهو خطأ ومخالفة للقانون ذلك أن إدارة قضايا الحكومة تعتبر طبقاً لنص المادة 13 من قانون المرافعات وكيلة قانونية عن الوزارة ورؤساء المصالح والمحافظين في استلام صحف الدعاوى والطعون والأحكام وأن الإعلان يقع صحيحاً بمجرد تسليمها صورة صحف الدعاوى دون حاجة لأي إجراء آخر.
وحيث إن هذا النص صحيح ذلك أن قانون المرافعات إذ نص في المادة العاشرة على أن تسليم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه ويجوز تسليمها في الموطن المختار في الأحوال التي بينها القانون وإذ نص في المادة 13 بفقراتها العشر على أنه فيما يتعلق بالدولة والأشخاص العامة والشركات التجارية والشركات المدنية والجمعيات والمؤسسات الخاصة وسائر الأشخاص الاعتبارية والشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في مصر وأفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم والمسجونين وبحارة السفن التجارية أو العاملين بها والأشخاص الذين لهم موطن معلوم في الخارج والأشخاص الذين ليس لهم موطن معلوم يكون تسليم الإعلان حسب المبين في كل فقرة إلى الشخص المبين أو الهيئة المبينة أو في المركز المعين أو في الجهة المعين فيها فإنه بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون قد أخرج إعلان الأشخاص المذكورين في المادة 13 سواء أكانوا طبيعيين أو معنويين من حكم المادة العاشرة بحيث يصح الإعلان لكل منهم إذا سلمت صورته بالكيفية المنصوص عليها فيها بالنسبة إليه وبحيث يمتنع تطبيق ما يخالفها من القواعد العامة في الإعلان. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن صحيفة الاستئناف قدمت لقلم كتاب المحكمة المختصة بتاريخ 8/ 9/ 1971 وأعلنت إلى محافظ الإسكندرية بصفته بتسليم صورتها إلى فرع إدارة قضايا الحكومة بالإسكندرية طبقاً لما تقضي به المادة 13 بتاريخ 10/ 6/ 1970 قبل انقضاء ثلاثة أشهر على تاريخ تقديم الصحيفة، فإن إعلانها يكون قد وقع صحيحاً دون حاجة لقيام المحضر بإخطار المعلن إليه بكتاب مسجل يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الطعن 1424 لسنة 30 ق جلسة 5 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 59 ص 338

جلسة 5 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

----------------

(59)

الطعن رقم 1424 لسنة 30 القضائية

اختصاص - توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا.
المادتان 183، 184 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 155 لسنة 1981.
مجلس تأديب الطلاب المشكل من عناصر غير قضائية لا يخرج عن كونه لجنة إدارية - مجلس التأديب الأعلى الذي استحدثه القانون رقم 155 لسنة 1981 وناط به استئناف قرارات مجلس تأديب الطلاب - طبيعة قراراته - هي قرارات إدارية وليست أحكاماً تأديبية - نتيجة ذلك - اختصاص محكمة القضاء الإداري بطلب إلغائها، وعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق الثالث من إبريل سنة 1984 أودع الأستاذ محمد حسن شريف المحامي بصفته وكيلاً عن السيد محمد مصطفى حسنين. قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدلها تحت رقم 1424 لسنة 30 القضائية ضد كل من: - رئيس جامعة عين شمس وعميد كلية التجارة جامعة عين شمس، في القرار الصاد من مجلس التأديب الاستئنافي لطلبة جامعة عين شمس بتاريخ 7/ 2/ 1984 القاضي بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد القرار الصادر من مجلس التأديب الابتدائي يوم 29/ 9/ 1983 لأسبابه.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة قي تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه فيما تضمنه من فصل الطاعن نهائياً من السنة الرابعة بكلية التجارة جامعة عين شمس وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والحكم مجدداً بإلغاء قرار فصل الطاعن نهائياً من السنة الرابعة بكلية التجارة بجامعة عين شمس وبراءته مما نسب إليه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات وأتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم.
أولاً: أصلياً - بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل فيه للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات.
ثانياً: - احتياطياً - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي بجامعة عين شمس فيما تضمنه من تأييد قرار مجلس تأديب طلاب كلية التجارة بالجامعة من فصل الطاعن فصلاً نهائياً من الكلية ومن الجامعات المصرية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7 من مايو 1984 ثم قررت الدائرة بجلسة 27 من أغسطس سنة 1984 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 27 من أكتوبر سنة 1984 حيث نظرته المحكمة على النحو المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة الأول من ديسمبر سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن السيد محمد مصطفى حسنين الطالب بالفرقة بالرابعة (انتساب) بكلية التجارة جامعة عين شمس أحيل إلى المحاكمة التأديبية أمام مجلس تأديب طلاب الجامعة لما نسب إليه من عدم تسليمه ورقة الإجابة الخاصة بمادة الإحصاء يوم 16/ 5/ 1983 وقد قرر مجلس التأديب بجلسته المنعقدة في 29 من سبتمبر سنة 1983 فصله نهائياً من الكلية وإبلاغ الجهة التابع لها بهذا القرار مع طلب تحريز جميع كراسات الإجابة الخاصة بالطالب للرجوع إليها عند اللزوم مع إبلاغ جامعات جمهورية مصر العربية بهذا القرار من إعلان القرار في لوحة إعلانات الكلية. وبناء على الطلب المقدم من الطالب المذكور إلى السيد رئيس جامعة عين شمس طعناً في هذا القرار فقد تم عرضه على مجلس التأديب الأعلى الذي قرر بجلسته المنعقدة في 7 من فبراير 1984 قبول طلب الاستئناف المقدم من الطالب شكلاً وفي الموضوع بتأييد القرار لأسبابه نظراً لأنه لم يتبين للمجلس الاستئنافي جديداً ينفي هذه الأسباب وهذا القرار هو مثار المنازعة الماثلة.
ومن حيث إن القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة حدد اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية في الأحوال المبينة في المادة 23 من القانون المذكر، وطبقاً للمادتين 183، 184 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات قبل تعديلهما بالقانون رقم 155 لسنة 1981 كان مجلس تأديب الطلاب يتولى تأديبهم عما يقع منهم من مخالفات لأحكام القوانين واللوائح والتقاليد الجامعية، وكان للطالب الذي أدانه المجلس حق التظلم من قراره بطلب يقدم إلى رئيس الجامعة الذي يعرض ما يقدم إليه من تظلمات على مجلس الجامعة للنظر فيها، وفي ظل هذه الأحكام درج قضاء هذه المحكمة على أن القرارات التأديبية التي يصدرها مجلس تأديب الطلاب تتساوى في المرتبة مع القرارات الصادرة من السلطات التأديبية الرئاسية ولا ترقى إلى مرتبة الأحكام التأديبية التي يطعن فيها رأساً أمام المحكمة الإدارية العليا طبقاً للمادة 23 من قانون مجلس الدولة، وينعقد الاختصاص بطلب إلغائها لمحكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طبقاً للمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة التي ناطت بهذه المحكمة الاختصاص بالفصل في الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية.
ومن حيث إن البين من مطالعة نصوص القانون رقم 155 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات - وهو الذي صدر في ظله القرار المطعون فيه أنه استبدل بنص المادة 183 من هذا القانون نصاً يقضي بتشكيل مجلس تأديب الطلاب برئاسة عميد الكلية أو المعهد الذي يتبعه الطالب وعضوية كل من وكيل الكلية أو المعهد المختص وأقدم أعضاء مجلس الكلية أو المعهد المختص. كما استبدل بنص المادة 184 من القانون المذكور نصاً يجري على أنه "لا يجوز الطعن في القرار الصادر من مجلس تأديب الطلاب إلا بطريق الاستئناف ويرفع الاستئناف بطلب كتابي يقدم من الطالب إلى رئيس الجامعة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار وعليه إبلاغ هذا الطلب إلى مجلس التأديب الأعلى خلال خمسة عشر يوماً. ويشكل مجلس التأديب الأعلى على الوجه التالي: -
- نائب رئيس الجامعة المختص رئيساً.
- عميد كلية الحقوق أو أحد الأساتذة بها.
- أستاذ من الكلية أو المعهد الذي يتبعه الطالب.
ويصدر باختيار الأساتذة الأعضاء قرار من رئيس الجامعة. وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل في الموضوع".
ومن حيث إن المستفاد من هذين النصين المعدلين أنه لم يترتب عليهما تغيير في الطبيعة الإدارية لقرارات تأديب الطلاب، ذلك أن السلطة التي خولها المشرع أمر تأديب الطلبة هي محض سلطة إدارية تتمثل في مجلس تأديب الطلاب المشكل من غير عناصر قضائية وبالتالي فهو لا يخرج عن كونه لجنة إدارية، كما أن مجلس التأديب الأعلى الذي استحدثه القانون رقم 155 لسنة 1981 المشار إليه وناط به استئناف النظر في قرارات مجلس تأديب الطلاب، لا يغاير في طبيعته القانونية الطبيعة الإدارية للمجلس الذي ينظر في قراراته، وممارسته مهمة التعقيب على هذه القرارات لا تجعل قراراته في صدد هذه المهمة أحكاماً تأديبية بل تعد بحسب التكييف السليم لها من القرارات الإدارية النهائية الصادرة من جهات إدارية ذات اختصاص قضائي مما ينعقد الاختصاص بالفصل في الطعون المقامة بطلب إلغائها لمحكمة القضاء الإداري عملاً بنص البند (ثامناً) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة، وهو ما يقتضي الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الدعوى الماثلة.
ومن حيث إن المادة 110 من قانون المرافعات قد أوجبت على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، ومن ثم يتعين القضاء بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر هذه الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات لمحكمة الموضوع.

فلهذه الأسباب

"حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري - (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) للفصل فيها وأبقت الفصل في المصروفات".

الطعن 1836 لسنة 27 ق جلسة 5 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 58 ص 329

جلسة 5 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

-----------------

(58)

الطعن رقم 1836 لسنة 27 القضائية

عاملون بالقطاع العام - انتهاء الخدمة - الاستقالة الحكمية.
المادة 100 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - المشرع حدد على سبيل الحصر الحالات التي تأخذ حكم الاستقالة الضمنية فافترض أنه بتوافر إحدى هذه الحالات الثلاث أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته استعاضة بذلك عن الاستقالة الصريحة - الأثر المترتب على ذلك: لا يجوز للشركة أن تبتدع أحوالاً أخرى وتوردها بلائحتها الداخلية وتفترض بتوافرها أن العامل مقدماً استقالته - إذا تضمنت اللائحة التنفيذية للشركة حكماً مؤداه أنه إذا رفض العامل بدون مبرر أداء العمل الموكول إليه فإنه يعتبر مستقيلاً وصدر قرار إنهاء خدمته استناداً إلى هذا الحكم فإنه يعتبر قرار باطلاً لمخالفته للقانون - أساس ذلك: حكم اللائحة الداخلية قد أضاف حالة رابعة للاستقالة الضمنية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 10 من يونيه سنة 1981 أودع الأستاذ مكرم حبيب المحامي نائباً عن الأستاذ نعيم حلمي المحامي الوكيل عن السيد....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1836 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 20 من إبريل سنة 1981 في الدعوى رقم 166 لسنة 22 القضائية المرفوعة من الطاعن ضد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات - البيبسي كولا - بصفته والذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها وبرفض الدفع بعدم قبوله شكلاً وبقبوله وبرفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون عليه مع التصدي لموضوع الدعوى وإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغ ثلاثة آلاف جنيه مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتقدير التعويض المناسب.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بهذه المحكمة جلسة 6/ 6/ 1984 فقررت إحالته لنظره أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 2/ 10/ 1984 والتي أحالته لنظره أمام هذه الدائرة بجلسة 17/ 11/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 25 من يونيه سنة 1979 أقام الطاعن الدعوى رقم 852 لسنة 1979 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد السيد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات (البيبسي كولا) بصفته طالباً الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع له مبلغاً قدره ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من جراء القرار الصادر باعتباره مستقيلاً من الخدمة اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1979.
وشرح الطاعن دعواه مبيناً أنه التحق بخدمة الشركة في أول يونيه سنة 1950 ثم تدرج بوظائفها إلى أن شغل وظيفة رئيس أقسام شئون العاملين بمصنع اللبان بالدرجة الثامنة، وفي 8 من مايو سنة 1979 نقل للعمل بوظيفة رئيس أقسام التعبئة بنفس درجته ومرتبه بمصنع مصطفى كامل وذلك بمقتضى القرار رقم 59 لسنة 1979 فقام بتنفيذه وتسلم العمل المنقول إليه على الرغم من أن هذا القرار قد صدر جافياً لمقتضيات العمل ومشوباً بالتعسف لصدوره دون عرض على لجنة شئون العاملين فتظلم من هذا القرار إلا أن الشركة لم تستجب لتظلمه.
واستطرد الطاعن قائلاً أن الشركة تمادت في تعسفها ذلك أنه عرض له عذر قهري اقتضى تغيبه عن العمل فأرسل برقية طالباً إجازة سنوية غير أن الشركة اعتبرته متغيباً بدون إذن بالرغم من أن رصيد إجازاته يبلغ 57 يوماً، وقررت مجازاته بخصم ربع يوم من أجره وبتاريخ 6 من يونيه سنة 1979 تقدم بطلب للحصول على إجازة لمدة ثلاثين يوماً من رصيد أجازته فتأشر عليه من رئيس مجلس الإدارة بالموافقة بعد انتهاء الإدارة القانونية من التحقيقات التي تقوم بها معه، وفي نفس هذا التاريخ أخطره مدير المصانع بنتيجة التحقيق الإداري رقم 6 لسنة 1979 الذي أجري في شأن ما نسب إليه من امتناعه عن العمل وتنفيذاً لقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 71 لسنة 1979 فقد تقرر اعتباره مستقيلاً من العمل اعتباراً من نهاية عمل يوم 6 من يونيه سنة 1979.
وانتهى الطاعن في عريضة دعواه سالفة الذكر إلى أن القرار المشار إليه يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته لحكم الفقرة الرابعة من المادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 والتي ناطت بمجلس إدارة الشركة الاختصاص في توقيع هذا الجزاء بالنسبة لشاغلي الدرجة الثانية فما فوق ومن ثم طلب الحكم بطلباته سالفة الذكر خاصة أنه سيبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 10 من ديسمبر سنة 1980.
وبجلسة 25 من مارس سنة 1980 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية بمجلس الدولة بالإسكندرية وقيدت الدعوى بسجل تلك المحكمة برقم 166 لسنة 22 القضائية.
وعين لنظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية الإسكندرية جلسة 26 من أكتوبر سنة 1980 وبهذه الجلسة حدد الطاعن طلباته في الطعن بأنها الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كتعويض عن الأضرار التي لحقته بسبب إنهاء خدمته اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1979.
وقد دفعت الشركة المطعون ضدها الدعوى فطلبت الحكم بعدم اختصاص المحكمة التأديبية ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن المحكمة التأديبية لا تختص بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات التأديبية التي توقع على العاملين بالقطاع العام واحتياطياً بعدم قبول الطعن شكلاً لأن الطاعن أقام طعنه بطلب التعويض قبل أن يتظلم من القرار رقم 71 لسنة 1979 باعتباره مستقيلاً من الخدمة أمام المحكمة التأديبية المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره به وفقاً للمادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام استناداً إلى القول بأن هذا القرار هو الذي بني عليه طلب التعويض في هذا الطعن ومن باب الاحتياط الكلي طلبت الشركة رفض الطعن.
وبجلسة 25 من إبريل سنة 1981 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبول وبرفضها موضوعاً.
واستندت المحكمة في قضائها إلى أنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطعن فإن هذا الدفع مردود عليه بأنه طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها والفصل فيها حتى ولو كانت غير مختصة ولائياً بنظرها.
وبالنسبة للدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم التظلم من القرار الصادر بنقل المدعي خلال المواعيد القانونية فإن هذا مردود عليه بأن طلب التعويض عن القرارات المرتبطة والمترتبة على الجزاءات التأديبية لا يسري في شأنها شروط الطعن بالإلغاء.
وبالنسبة لموضوع الدعوى فقد أسست المحكمة حكمها على أن القرار الصادر من رئيس مجلس إدارة الشركة رقم 71 لسنة 1979 باعتبار الطاعن مستقيلاً قد صدر مستنداً في ذلك إلى أنه رفض استلام عهدة المخازن عقب نقله بالقرار رقم 59 لسنة 1971 وهذا الرفض يعتبر امتناعاً عن العمل ومن ثم يكون مقدماً استقالته طبقاً للمادتين 80، 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام.
ولقد ذهبت المحكمة إلى أن الطاعن كان قد تقدم بطلب للشركة بتاريخ 6 من يونيه سنة 1979 للحصول على إجازة لمدة ثلاثين يوماً وأشر رئيس مجلس الإدارة على هذا الطلب "موافق بعد انتهاء الإدارة القانونية من التحقيقات التي تقوم بها معه" ولما كانت الإجراءات سالفة الذكر هي في حقيقة الأمر تطبيق لأحكام المواد 80، 81، 82 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه ومن ثم يعتبر القرار رقم 71 لسنة 1971 في التكييف القانوني الصحيح قراراً تأديبياً بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العامل المذكور، ولما كان هذا القرار قد صدر من رئيس مجلس الإدارة في حين أن القانون رقم 48 لسنة 1978 قد خص المحكمة التأديبية وحدها في المادة (84) منه بتوقيع عقوبة الفصل ومن ثم يكون رئيس مجلس إدارة الشركة بإصداره قرار إنهاء خدمة العامل المذكور قد اغتصب سلطة المحكمة التأديبية مما يترتب عليه انعدام القرار، ولما كان عيب عدم الاختصاص لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض عن القرار المشوب به ومن ثم فإن عيب عدم الاختصاص الذي شاب قرار رئيس مجلس الإدارة لا يعد عيباً مؤثراً في موضوع ذلك القرار إذ أنه قد صدر سليماً في مضمونه محمولاً على أسبابه المبررة له ومن ثم يتعين الحكم برفض طلبات العامل المذكور.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن القرار الصادر من رئيس مجلس الإدارة بإنهاء خدمة الطاعن قد صدر مخالفاً للقانون مفوتاً عليه كافة الضمانات الوجوبية التي كفلها المشرع للعامل مفصحاً عن تعسف الإدارة قبله مما يوجب الحكم بالتعويض الذي يراعى في تقديره مدة خدمته وحسن سيرته ومركزه الأدبي والاجتماعي وحرمانه من مورد رزقه.
ومن حيث إن المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالقطاع العام تنص على أنه "يعتبر العامل مقدما استقالته في الحالات الآتية:
1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين الواردتين في البندين (1)، (2) يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة سبعة أيام في الحالة الأولى وخمسة عشر يوماً في الحالة الثانية.
3 - إذا التحق بخدمة أية جهة أجنبية بغير ترخيص من حكومة جمهورية مصر العربية وفي هذه الحالة تعتبر خدمة العامل منتهية من تاريخ التحاقه بالجهة الأجنبية.
ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في الحالات الثلاث المتقدمة إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع عن العمل أو لالتحاقه بالخدمة في جهة أجنبية.
ومن حيث إنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه أنه بعد أن عدد حالات انتهاء الخدمة إجمالاً في المادة 96 منه، أفرد لكل حالة حكماً خاصاً، وبالنسبة للاستقالة نظمها في حكمين، الحكم الأول فصله في المادة 99 منه وهو حكم الاستقالة الصريحة ثم نظم حكم الاستقالة الضمنية في المادة (100) السالف الإشارة إليها فعدد على سبيل الحصر الحالات التي تأخذ حكم الاستقالة إذ افترض المشرع أنه بتوافر إحدى هذه الحالات الثلاث أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته استعاضة بذلك عن الاستقالة الصريحة ولم يكن هناك مفر من تقرير هذا الحكم إذ أن دوام نشاط منشآت القطاع العام وانتظامها أمر تجب له الرعاية وهذا يقتضي أن يكون من حق الإدارة إنهاء خدمة العامل إذا بدرت منه بوادر تدل على عزوفه عن العمل والحالات التي افترض المشرع أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته وهي كما سلف القول - حالات محددة على سبيل الحصر ومن ثم لا يجوز لإدارة هذه المنشآت أن تضيف إلى هذه الحالات حالات أخرى تفترض بتوافرها أن العامل يعتبر مقدماً استقالته فإن فعلت كان قرارها مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه بتاريخ 20 من مايو سنة 1979 قدم مدير مصنع مصطفى كامل التابع للشركة المطعون ضدها مذكرة إلى مدير المصانع أبدى فيها أنه صدر القرار رقم 59 لسنة 1978 بنقل السيد....... إلى وظيفة رئيس أقسام التعبئة بالمصنع اعتباراً من 12 مايو سنة 1979 إلا أن المذكور قد تغيب عن العمل لعدة أيام وعند حضوره رفض استلام العهدة الخاصة بمخازن التعبئة طبقاً لما هو متبع وطلب في مذكرته اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وقد باشرت الإدارة القانونية بالشركة التحقيق وانتهت في مذكرتها - بدون تاريخ - إلى الآتي:
أولاً: قيد الواقعة مخالفة إدارية بالمواد 78 (1، 8)، 80، 84، 85 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام ضد الطاعن لأنه في خلال المدة من 12 مايو سنة 1979 وحتى تاريخه بمصنع الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات بمصطفى كامل بالإسكندرية خرج على مقتضى واجب تأدية عمله بدقة وأمانة وواجب تنفيذ الأوامر الصادرة إليه بشأن العمل طبقاً للنظم المعمول بها بأن امتنع دون مبرر مشروع عن أداء ما أسند إليه من عمل يدخل في اختصاصات وظيفته الأصلية ورفض تنفيذ القرار الصادر بنقله بصورة إيجابية واستلام عهدة مخازن التعبئة بصفته الوظيفة الجديدة مما أدى إلى عرقلة العمل والإخلال بحسن سيره.
ثانياً: اعتبار العامل المذكور مستقيلاً من تاريخ اعتماد هذا القرار.
وقد تأشر على هذه المذكرة بتاريخ 6 من يونيه سنة 1979 بالموافقة.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الإدارة القانونية قد قيدت الواقعة التي نسبها مدير مصنع مصطفى كامل إلى الطاعن طبقاً لمواد قانون العاملين بالقطاع العام والتي عددت واجبات الوظيفة وخولت السلطات التأديبية توقيع إحدى العقوبات المنصوص عليها بالقانون ولم تكيف الواقعة على أنها انقطاع عن العمل بدون إذن يستوجب تطبيق المادة رقم 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 يؤكد ذلك أن الواقعة محل التحقيق هي بحسب ما تضمنته المذكرة المقدمة من مدير مصنع مصطفى كامل أن العامل المذكور رفض استلام العهدة الخاصة بمخازن التعبئة من يوم 12 من مايو سنة 1979 حتى تاريخ تقديم المذكرة في 20 من مايو سنة 1979 وهي دون مدة الانقطاع التي يعتبر معها العامل مقدماً استقالته فضلاً عما هو ثابت أن العامل المذكور قد حصل على إجازة يوم 12 من مايو سنة 1979 وانقطع عن عمله أيام 14، 15، 16، 17 من مايو سنة 1979 وتم مجازاته عن هذا الغياب بخصم ربع يوم من مرتبه ومن ثم فحقيقة المخالفة المنسوبة إليه أنه رفض استلام العهدة الخاصة بمخازن التعبئة وهذه الواقعة لا تعتبر قرينة ضمنية على الاستقالة طبقاً للمادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه فالانقطاع عن العمل بدون إذن المعول عليه لترتيب أحكام الاستقالة هو عدم تواجد العامل في مقر عمله خلال الساعات المحددة لذلك وهو أمر يختلف عن تواجد العامل في مقر عمله وعدم قيامه به على الوجه الأكمل أو الخروج على مقتضيات عمله، فالأول يفترض معه أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته ومن ثم يقتصر دور الجهة الإدارية على تسجيل واقعة الانقطاع وإنهاء خدمة العامل إن شاءت وبعد اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها وأما الأمر الثاني فهو مخالفة تأديبية تتيح للإدارة سلطة تقديرية في توقيع عقوبة من العقوبات التي عينها القانون دون إلزام عليها بتوقيع عقوبة معينة.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن المخالفة المنسوبة إلى العامل المذكور لا تعتبر انقطاعاً عن العمل في حكم المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 كذلك فلا حجة لما تذهب إليه الشركة المطعون ضدها من أن هذه المخالفة تؤدي إلى اعتبار العامل المذكور مستقيلاً طبقاً لنص المادة 46 من اللائحة الداخلية للشركة والتي تقضي بأن رفض العامل بدون مبرر أداء العمل الموكول إليه وبشرط ألا يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله يستوجب إثبات هذا الامتناع بمحضر واعتبار العامل مستقيلاً - لا حجة في ذلك لأن المادة 109 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه تقضي أنه على مجالس إدارة الشركات الداخلة في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون أن تصدر اللوائح والقرارات المنفذة له ولما كان من المسلم به أنه لا يجوز تضمين اللوائح التنفيذية أحكاماً تخالف أحكام القانون الصادرة تنفيذاً له ومن ثم فإذا كان القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه قد حدد حالات ثلاثة يفترض بتحقق إحداها أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته وأن هذه الحالات قد وردت في القانون على سبيل الحصر ومن ثم فإنه لا يجوز للائحة الداخلية للشركة أن تبتدع أحوالاً أخرى بتحققها يفترض أن العامل قدم استقالته ومن ثم إذا ما قضت اللائحة التنفيذية للشركة المطعون ضدها في المادة 46 منها أن رفض العامل بدون مبرر أداء العمل الموكول له يعتبر مستقيلاً فإن مؤدى ذلك أنها أضافت حالة رابعة للاستقالة الضمنية لم ينص عليها القانون رقم 48 لسنة 1978 في المادة 100 منه ومن ثم يكون القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها استناداً لنص المادة 46 من اللائحة المشار إليها قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه لما تقدم وكانت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن لا تعتبر انقطاعاً عن العمل بدون إذن في مفهوم المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 كما لا تؤدي إلى اعتباره مستقيلاً طبقاً لما تقضي به اللائحة الداخلية للشركة ومن ثم يكون القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها رقم 71 لسنة 1979 باعتباره مستقيلاً قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن أساس مسئولية الشركة المطعون ضدها عن القرارات الصادرة منها هو تحقق خطأ من جانبها بأن يكون القرار الذي أصدرته مخالفاً للقانون وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر من جرائه وتقوم علاقة السببية بين الخطأ وذلك الضرر.
ومن حيث إن خطأ الشركة المطعون ضدها ثابت قبلها على ما سلف إيضاحه بإصدار القرار رقم 71 لسنة 1979 باعتبار الطاعن مستقيلاً اعتباراً من 6 يونيه سنة 1979 وقد لحق بالطاعن أضرار مادية تتمثل في حرمانه من راتبه المدة من تاريخ نفاذ هذا القرار حتى تاريخ بلوغه السن القانونية لانتهاء خدمته في 10 من ديسمبر سنة 1980 فضلاً عن الأضرار الأدبية التي تلحق بكل من تنهى خدمته بالمخالفة لأحكام القانون.
ومن حيث إنه ولئن كان ما تقدم إلا أنه وقد تبين من الأوراق أن الطاعن قد ساهم بخطئه وهو الامتناع عن تسلم العهدة في دفع جهة الإدارة إلى إنهاء خدمته دون اتباع الإجراءات القانونية ومن ثم فإن الأضرار التي لحقته كانت وليدة خطأ مشترك منهما معاً ومن ثم يتعين أخذ ذلك في الاعتبار عند تقدير التعويض الذي يستحق للطاعن والذي تقدره المحكمة بمبلغ ألف جنيه.
لما كان ما تقدم وكان القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها رقم 71 لسنة 1979 باعتبار الطاعن مستقيلاً قد صدر مخالفاً للقانون وقد سبب هذا القرار ضرراً بالطاعن ساهم بفعله في تحققه ومن ثم يستوجب الأمر تعويض الطاعن عن هذا الضرر وبمراعاة خطئه بمبلغ ألف جنيه وحيث قضى الحكم المطعون فيه بغير ما تقدم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويقتضى الأمر إلغاءه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات (البيبسي كولا) بصفته بأن يؤدي إلى الطاعن مبلغ ألف جنيه.

الطعن 484 لسنة 26 ق جلسة 5 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 57 ص 320

جلسة 5 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وعادل محمود فرغلي - المستشارين.

----------------

(57)

الطعن رقم 484 لسنة 26 القضائية

(أ) اختصاص - ما يدخل في اختصاص القضاء الإداري.
بصدور القانون رقم 47 لسنة 1972 أصبح القضاء الإداري يختص بكافة المنازعات الإدارية ومن بينها القرارات الصادرة بنقل العاملين وندبهم من وحدة إدارية إلى وحدة إدارية أخرى - رقابة القضاء الإداري تجد حدها الطبيعي في التأكد مما إذا كانت هذه القرارات قد صدرت من الجهة المختصة في حدود السلطة المخولة لها ولا تحركها في إصدارها سوى حوافز الصالح العام وحسن التنظيم المرفقي المبرر لإعادة توزيع المرافق العامة أو ما إذا كانت الجهة الإدارية ترمي من وراء إصدارها إلى غمط حقوق أصحاب الشأن بإلحاقهم بوحدات إدارية للتنزيل من وظائفهم أو التهوين من مراكزهم أو استبعادهم من دائرة المتطلعين للترقية أو زعزعة الثقة في قدراتهم - إذا أساءت الإدارة سلطتها كان قرار النقل أو الندب معيباً بحسبانه وسيلة مستورة للأضرار بأصحاب الشأن وحرمانهم من المزايا المادية والأدبية - تطبيق.
(ب) قرار إداري - عيوبه - عيب إساءة استعمال السلطة.
شواهد الانحراف بالسلطة بحسبانه عيب قصدي يقوم بمصدر القرار - ينبغي أن توجه إلى ما شاب مسلكه في إصدار القرار المطعون فيه دون أن يجاوزه إلى تقويم سلوك مصدر القرار - أساس ذلك: لا يجوز مجاوزة القضاء الإداري حدود اختصاصه في الرقابة على القرارات الإدارية إلى التغول في اختصاص السلطة التنفيذية في أداء وظيفتها الدستورية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء 19/ 2/ 1980 أودع الأستاذ مصطفى خفاجي المحامي نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بسجلاتها تحت رقم 484 لسنة 26 ق وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/ 12/ 1979 والقاضي أولاً: برفض طلب المدعي بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزامه مصروفات الطلب ثانياً: بإثبات ترك المدعي للخصومة فيما يتعلق بطلب التعويض في ذلك في الدعوى رقم 1079 لسنة 33 ق المقامة من الطاعن..... ضد رئيس مجلس الوزراء، وطلب في ختام طعنه وللأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 654 لسنة 1978 الصادر من رئيس مجلس الوزراء فيما تضمنه من نقل الطاعن من وظيفة الأمين العام المساعد لمجلس الوزراء إلى أمانة شئون السودان مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وأتعاب المحاماة.
وبعد أن تم إعلان الطعن إلى أصحاب الشأن على الوجه المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانون انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة جلسة 2/ 11/ 1983 حيث نظرته الدائرة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية وبجلسة 1/ 2/ 1984 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - "الدائرة الثانية" - لنظره بجلسة 13/ 3/ 1984 وبجلسة 2/ 10/ 1984 قررت هذه الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة لنظره بجلسة 29/ 5/ 1984، وقد استمعت المحكمة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يتضح من الأوراق في أنه بتاريخ 12/ 8/ 1978 أقام الطاعن الدعوى رقم 6 لسنة 12 ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بتاريخ 12/ 8/ 1978 طلب في ختامها الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 654 لسنة 1978 الصادر في 19/ 7/ 1978 فيما تضمنه من نقله من وظيفة الأمين العام المساعد إلى وظيفة بالأمانة العامة لشئون السودان مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات وقال شرحاً لدعواه بأنه عين في وظيفة أمين عام مساعد لمجس الوزراء بدرجة وكيل وزارة في عام 1972، وبتاريخ 18/ 7/ 1977 رقي إلى وظيفة وكيل أول وزارة وكان حريصاً دائماً على القيام بواجبات وظيفته ومسئولياتها وما تستلزمه من أعباء وقد أدت يقظته الدائبة إلى صدور عدة قرارات تسيء إلى المدعي، فقد منعته الجهة الإدارية من ممارسة اختصاصات وظيفته فاضطر إلى رفع الدعوى رقم 822/ 31 ق طالباً إلغاء القرار السلبي بعدم تمكنيه من ممارسة اختصاصاته ثم لجأت إلى تنزيله في الوظيفة فأصدرت قراراً بترقية أحد مرؤوسيه إلى درجة أعلى في جهة أخرى على الورق ثم عادت وعينته في وظيفة بالمجلس، فاضطر المدعي إلى رفع الدعوى رقم 1033 لسنة 31 ق لإلغاء القرار الصادر بالتحايل على القانون إضراراً بوضعه الوظيفي، كما لجأت إلى محاولة أخرى لتنزيله في الوظيفة فنقلت أحد وكلاء وزارة الأوقاف بدرجته إلى المجلس وأصدر القضاء الإداري حكمه بإلغاء ترقية هذا الوكيل المنقول إلغاء مجرداً ثم عادت الإدارة إلى ترقية الوكيل المذكور بالمخالفة للقانون مما اضطره إلى رفع الدعوى رقم 88 لسنة 32 ق بطلبه إلغاء هذه الترقية وما زالت الدعاوى الثلاث المذكورة منظورة أمام القضاء الإداري، وكما تبين له بصفته الوظيفية بعض الجرائم التي تقع تحت طائلة القانون العام، تتلخص في اختلاس أموال عامة وفي تغيير الحقيقة بالكشط في سجل قيد قرارات رئيس مجلس الوزراء وإزالة قرارين بتحشير قرار باطل بمد خدمة السيد.... وكيل أول وزارة سابق بمجلس الوزراء لمدة عام آخر من تاريخ انتهاء خدمته في شهر ديسمبر سنة 1978، وذلك لصدوره بعد العمل بأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 الذي منع مد الخدمة وقد تم الكشط والتحشير ليكون الإصدار بتاريخ سابق على صدور القانون الجديد وقد عرض المدعي الأمر على الوزير المختص فلما لم يحرك ساكناً أبلغ النائب العام في 13/ 7/ 1978 وبتاريخ 18/ 7/ 1978 وافق كل من وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ووزير المالية على نقل المدعي بدرجته إلى أمانة شئون السودان للصالح العام بدعوى أن درجته تفيض عن حاجة مجلس الوزراء وبتاريخ 19/ 7/ 1978 صدر القرار المطعون فيه بنقل المدعي إلى الأمانة العامة لشئون السودان ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره مخالفاً للقانون، ومشوباً بإساءة استعماله السلطة لعدم استهدافه وجه الصالح العام.
وقد عقبت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى استناداً إلى أن الطاعن قد نقل نظراً إلى أن درجته تزيد على حاجة مجلس الوزراء حيث تضمنت ميزانية مجلس الوزراء أربع درجات وكيل أول وزارة وهي تزيد عن حاجة العمل الفعلي بالمجلس وقد نقل المدعي "الطاعن" إلى أمانة شئون السودان بدرجته المالية وإلى وظيفة من الفئة الممتازة وهي ذات الوظيفة التي كان يشغلها بالمجلس وقد صدر هذا القرار بالاتفاق بين وزير المالية ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء طبقاً للقانون مستهدفاً وجه الصالح العام وتحقيقاً لمصلحة العمل بالأمانة العامة لشئون السودان ولا ينطوي القرار على أي جزاء مقنع، وأن ما أثاره المدعي من أن القرار قد تضمن جزاء تأديبياً نظراً لأنه تقدم ببلاغ للنائب العام بوقائع معينة ضد موظف متغيب فإن ذلك ليس من شأنه أن يثير حفيظة الوزير المختص أو رئيس مجلس الوزراء ضده طالما أن البلاغ لم يتضمن إساءة إليه فضلاً عن أن المجلس لم يسبق له أن قام بالتحقيق في أية واقعة منسوبة إلى المدعي حتى يمكن القول أن القرار كان بمثابة قرار تأديبي كما أن المدعي قد استقال من عمله بالأمانة العامة لشئون السودان اعتباراً من 20/ 8/ 1978 وصدر قرار الوزير المختص بقبول استقالته الأمر الذي ينفي أية مصلحة له في الطعن في القرار المطعون فيه وبجلسة 17/ 3/ 1979 قضت المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وتنفيذاً للحكم المذكور أحليت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بجدولها تحت رقم 1079 لسنة 33 ق بعد أن أضاف المدعي "الطاعن" إليها طلباً جديداً متضمناً إلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والذي تنازل عنه في أول جلسة من جلسات المرافعة.
وبجلسة 27/ 12/ 1979 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه القاضي برفض طلب المدعي الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزامه مصروفات الطلب وإثبات ترك المدعي للخصومة فيما يتعلق بطلب التعويض، وأقامت قضاءها على أنه ليس للعامل حق مكتسب في أن يبقى في وظيفة معينة بجهة معينة بل يجوز للجهة الإدارية أن تنقله إلى أية جهة أو أية وظيفة وفقاً للضوابط الواردة في المادة 26 من قانون العاملين كما يجوز لها طبقاً للمادة 27 من القانون المذكور وبعد موافقة وزير المالية نقل العامل من وحدة إلى أخرى إذا كان زائداً عن حاجة العمل بالوحدة فإذا كانت الجهة الإدارية قد نقلت المدعي وهو وكيل أول وزارة - بوظيفته ودرجته إلى الأمانة العامة لشئون السودان نظراً لأن وظيفته تزيد عن حاجة العمل الفعلي بالأمانة العامة لمجلس الوزراء طبقاً للإجراءات والضوابط الواردة بالمادتين 26، 27 من قانون العاملين فإن القرار الطعين يكون قائماً على سببه الذي يبرره قانوناً ولا يقدح في صحة هذا القرار قول المدعي أنه صدر مشوباً بالانحراف وإساءة استعمال السلطة ذلك أن هذا العيب عيب قصدي يقوم بنفس مصدر القرار وليس في الأوراق دليل على قيام نوازع الانحراف برئيس مجلس الوزراء، كما لا يجدي المدعي قوله أنه أبلغ النائب العام عن بعض المخالفات التي اكتشفها بحكم وظيفته وذلك أن التحقيق في البلاغ لم يتم بعد، ولم يقل المدعي بأن هذا التحقيق قد أسفر عن إدانة أحد وهو بالقطع لا يمس رئيس الوزراء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد جاء مشوباً بالقصور في الأسباب والخطأ في فهم الواقع والتطبيق القانوني وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم الطعين قد انتهى إلى أن صدور القانون رقم 47 لسنة 1978 لا يؤثر على سلامة القرار أو صحته، مع أن القانون المذكور قد نص صراحة في المادة الثانية منه على إلغاء كل حكم ورد في القانون رقم 58 لسنة 1971 ومن ثم فإنه اعتباراً من 1/ 7/ 1978 تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 47 المشار إليه، ألغى كل حكم في القانون 58 لسنة 1971 المشار إليه، ومن ثم فإن استناد القرار المطعون فيه إلى القانون رقم 58 لسنة 1971 في 19/ 7/ 1978 قبل نشر القانون الجديد بيوم واحد يدل على التسرع الواضح في إصدار القرار بقصد الإضرار بالطاعن ومؤشر مبدئي على الانحراف بالسلطة وعدم تغيي الصالح العام.
ثانياً: أنه من غير المستساغ منطقاً أو قانوناً أن تدعي رئاسة مجلس الوزراء أن الطاعن زائد عن حاجة العمل بها، وفي نفس الوقت وقبل أيام تعد مذكرة بمد خدمة السيد...... وكيل أول وزارة برئاسة مجلس الوزراء الذي بلغ سن الستين في يوم 7/ 12/ 1978 وكان يكفي إلغاء درجة من انتهت خدمته، إلا أن المحكمة أغفلت المستندات الجوهرية التي قدمها المدعي بما يفيد وجود هذه المذكرة.
ثالثاً: أنه كان يتعين على المحكمة أن تستشف الانحراف بالسلطة من واقع السرعة الزائدة التي لازمت القرار المطعون فيه، وفي عدم تحديد وظيفة ينقل إليها، إذ تقرر نقل المدعي قبل أن تحدد الوظيفة المنقول إليها وبعد أن أعد عدد من الوزراء مذكرات وأصدره رئيس مجلس الوزراء في ساعات قليلة.
رابعاً: أن المحكمة قد أغفلت أوجه الدفاع الجوهرية للمدعي والبيانات الهامة التي قدمها دليلاً على الانحراف ومن بينها على سبيل المثال ما نصت عليه المادة 95 من القانون رقم 47 لسنة 1978 التي استحدثت الحظر الخاص بعدم جواز مد الخدمة بعد بلوغ السن القانونية وهو القانون الذي أصبح معمولاً به اعتباراً من 1/ 7/ 1978، ولما لم تكن خدمة السيد........ قد مدت بصدور القرار قبل هذا التاريخ فقد حشر القرار في سجل القرارات الخاصة بمجلس الوزراء وكان يتعين على المحكمة أن تطلب هذا السجل لتطلع عليه وتتأكد من صدق أقوال المدعي.
ومن حيث إنه ولئن كانت رقابة القضاء الإداري قد أضحت بصدور القانون رقم 47 لسنة 1972 مبسوطة على كافة المنازعات الإدارية ومن بينها القرارات الصادرة بنقل العاملين وندبهم من وحدة إدارية إلى وحدة إدارية أخرى، إلا أن هذه الرقابة لا تزال تجد حدها الطبيعي في التأكد مما إذا كانت هذه القرارات قد صدرت من الجهة المختصة في حدود السلطة المخولة لها لا تحركها في إصدارها سوى حوافز الصالح وحسن التنظيم المرفقي المبرر لإعادة توزيع عمال المرافق العامة أو ما إذا كانت الجهة الإدارية ترمي من وراء إصدارها إلى غمط حقوق أصحاب الشأن من العاملين بإلحاقهم بوحدات إدارية للتنزيل من وظائفهم أو التوهين من مراكزهم أو استبعادهم من دائرة المتطلعين للترقية أو زعزعة الثقة في قدرتهم على الاضطلاع بوظائفهم تجاه المجتمع وفي هذه الأحوال يكون قرار النقل أو الندب معيباً بحسبانه وسيلة مستورة للأضرار بأصحاب الشأن وحرمانهم من المزايا المادية أو الأدبية التي يحصلون عليها في وظائفهم وما يتمتعون به من ثقة لا يجوز النيل منها أما إذا تم النقل وفقاً لمقتضيات الصالح العام ومتطلبات العمل فإن للإدارة الحق في أن تجريه بما تتمتع به من سلطة تقديرية بغير معقب عليها في ذلك ما دامت قد تغيت عند إصدار القرار وجه الصالح العام ولم تتعسف في استعمال سلطتها أو تخالف القانون.
ومن حيث إن الثابت في خصوصية هذه المنازعة أن كلاً من وزير الدولة لشئون السودان ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء قد رفعا مذكرة في 18/ 7/ 1978 إلى السيد رئيس الوزراء ذكرا فيها أنه تحقيقاً لصالح العمل في الأمانة العامة لمجلس الوزراء والأمانة العامة لشئون السودان سبق أن وافق السيد رئيس الوزراء من حيث المبدأ على اتخاذ إجراءات نقل السيد........ وكيل أول الوزارة....... للمعاونة في أعمال الأمانة العامة لشئون السودان خاصة وأنه توجد بموازنة رئاسة مجلس الوزراء أربع فئات وكيل أول وهي تزيد عن حاجة العمل الفعلي بالمجلس كما أرسل السيد وزير الدولة لشئون التنمية الإدارية خطاباً إلى السيد وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء يفيد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة على هذا النقل كما أرسل السيد وزير المالية في ذات التاريخ خطاباً يفيد موافقته على نقل السيد...... إلى الأمانة العامة لشئون السودان تبعاً لنقل درجته طبقاً للمادة 14 من التأشيرات العامة المرافقة لقانون ربط الموازنة العامة للدولة واستناداً إلى هذه الإجراءات صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 654 لسنة 1978 المطعون فيه متضمناً نقل الطاعن بفئته المالية من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى وظيفة من الفئة الممتازة وكيل أول وزارة بالأمانة العامة لشئون السودان.
ومن حيث إنه يبين من الإجراءات والضمانات التي أحاطت بها الجهة الإدارية قرارها الطعين أن رئيس مجلس الوزراء لم يستهدف من قرار النقل الإضرار بحقوق الطاعن المشروعة وحيث تم النقل إلى وظيفة لا تقل عن درجة وظيفته، وروعيت في إصداره كافة الإجراءات والقيود الواردة في شأن النقل بقانون العاملين، للإفادة بخبراته في الأمانة العامة لشئون السودان بعد نقل وظيفته إلى ميزانية الأمانة المذكورة لزيادته عن حاجة مجلس الوزراء الأمر الذي يشكل السبب الصحيح للقرار المذكور وينفي عن مصدر القرار قصد الإضرار بالطاعن إذ لا يكفي لإثبات هذا القصد في حق مصدر القرار الادعاء بسرعة اتخاذ الإجراءات الخاصة بإصداره حتى يصدر قبل نشر القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة الذي فرض قيوداً جديدة على نقل العاملين من وحدة إدارية إلى وحدة إدارية أخرى، ما دامت الجهة الإدارية قد حرصت على اتباع كافة الإجراءات الواردة في القانون الجديد ومن بينها الحصول على موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الأمر الذي يجعل قرارها سواء طبقاً للقانون الملغي أو القانون المعمول به سليماً ومطابقاً للقانون وينفي عنها أي رغبة في الإفلات من أحكام القانون أو الإساءة للطاعن سيما وقد ثبت من الأوراق أن الإجراءات التي اتخذت لإصدار القرار قد تمت بعد موافقة سابقة من السيد رئيس الوزراء على نقل الطاعن تبعاً لنقل وظيفته إلى الأمانة العامة لشئون السودان، فما كانت السرعة في اتخاذ الإجراءات أو إصدار القرارات بذاتها سبباً في بطلانها أو مؤشراً يصم مصدرها بالانحراف أو إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن القرار المطعون فيه قد صدر سليماً مطابقاً للقانون قائماً على سببه الذي يبرره قانوناً وهو زيادة وظيفة الطاعن عن حاجة العمل بمجلس الوزراء فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من رفض الطلب المدعى بإلغائه ولا يكفي الطاعن للنعي عليه التحمل في أن رئيس الوزراء قد أصدر القرار المطعون فيه في الوقت الذي أصدر فيه قراراً آخر بمد مدة خدمة السيد...... وكيل أول الوزارة برئاسة مجلس الوزراء بعد بلوغه سن الستين وذلك أنه فضلاً عن أن هذا القرار لم يكن مطعوناً فيه أمام المحكمة فإن مد خدمة المذكور لا يتضمن تناقضاً مع القرار المطعون فيه لتعلقه بصميم اختصاص الإدارة في استيفاء العامل الذي يتوافر في حقه خبرات خاصة قد لا تتوافر في باقي العاملين وترى الإدارة أنها في حاجة إليها ما دامت لم تجد في خبرات الطاعن أو غيره من العاملين ما يعوضها عن هذه الخبرات التي أفصحت عن بعضها في المذكرة الإيضاحية المرافقة لقرار مد خدمته وهي على أية حال لا تنهض دليلاً على انحراف السلطة المختصة أو إساءتها لاستعمال سلطتها ذلك أن شواهد الانحراف بحسبانه عيب قصدي يقوم بمصدر القرار ينبغي أن توجه إلى ما شاب مسلكه في إصدار القرار المطعون فيه دون أن يجازوه إلى تقويم سلوكه في إصدار القرارات الإدارية وإلا يجاوز القضاء بذلك حدود اختصاصه في الرقابة على القرارات الإدارية ويغول على اختصاص السلطة التنفيذية في أداء وظائفها الدستورية.
ومن حيث إنه لا وجه لما نعاه الطاعن من أن الحكم الطعين قد أغفل تحقيق أوجه دفاعه الجوهرية وهي بينها الاطلاع على سجل قرارات رئيس مجلس الوزراء للتأكد من مدى صحة القرار الصادر بمد مدة خدمة السيد...... بعد بلوغه السن القانونية وذلك أن المحكمة غير ملزمة بتعقب دفاع الطاعن والمبادرة إلى تحقيق ما يشتهيه من طلبات ولو كانت غير منتجة في الدعوى وألا تكون قد تركت زمام المبادرة للخصوم يجروها معصوبة العينين إلى مستقر لها من مجهول بل إن للمحكمة أن توجه إجراءات الدعوى الإدارية على النحو الذي يكشف عن مقطع النزاع فيها ويجلو لها وجه الحق كاملاً بما يطمئن إليه وجدانها ويطرح عنه ما يتطرق إليه الشك فيها.
ومن ثم فإن المحكمة تكون قد أصابت في عدم الانصياع إلى طلبات المدعي في ضم سجلات لا جدوى من ورائها يفيد إلزامها بالبحث في سلامة قرار غير مطروح عليها وغير مؤثر في سلامة القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى سلامة القرار الصادر بنقل الطاعن إلى الأمانة العامة لشئون السودان قد صدر سليماً مطابقاً للقانون ويكون الطعن فيه غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.


يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا - الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر من القانون رقم 47 لسنة 1972 الصادر بجلسة 15/ 12/ 1985 والذي يقضي بعدم اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في قرارات النقل والندب.

الطعن 8 لسنة 40 ق جلسة 3 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 288 ص 1537

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي، وحسن مهران حسن، ومحمد الباجوري.

----------------

(288)
الطعن رقم 8 لسنة 40 القضائية

(1، 2) دعوى "المصلحة". نقض.
(1) المصلحة التي يقرها القانون. شرط لقبول الخصومة أمام القضاء. عدم خروج الطعن بالنقض على هذا الأصل. مثال بشأن عدم المنازعة في الطلبات.
(2) المصلحة في الطعن. مناطها.
(3) استئناف "نطاق الاستئناف". حكم "استنفاد الولاية".
حكم محكمة أول درجة في موضوع الدعوى. قضاء تستنفد به ولايتها. وجوب تصدي محكمة الاستئناف للنزاع. ليس في ذلك تفويت لإحدى درجات التقاضي.
(4) إيجار "التزامات المؤجر". تعويض. دعوى. "الطلبات في الدعوى".
طلب المستأجر تمكينه من الانتفاع بباقي العين المؤجرة. القضاء بإنقاص الأجرة كبديل للتعويض النقدي لما ينطوي عليه التنفيذ العيني من إرهاق. م 203/ 2 مدني لا يعد قضاء بما لم يطلبه الخصوم.
(5) حكم "الأسباب الزائدة". قوة الأمر المقضي. نقض.
لا تحوز حجية الشيء المقضي. انتفاء المصلحة في النعي عليها.

------------------
1 - إذ كان شرط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلبه مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون، وكان الطعن بالنقض لا يخرج على هذا الأصل، فإنه لا يكفي لقبوله مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو (1).
2 - مناط المصلحة في الطعن أن يكون الطاعن طرفاً في الحكم وألزمه الحكم بشيء ما، وإذ حكم على الطاعن بإنقاص الأجرة فقد توافرت مصلحته في الطعن.
3 - إذ كانت محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى، وكان من حق محكمة الاستئناف وهي تعرض للموضوع من جديد سلطة بحث الوقائع وإنزال الحكم الصحيح للقانون عليها، فإنه لا يجوز لها أن تعيد الدعوى لمحكمة أول درجة بل يتعين عليها أن تمضي في نظرها متصدية للنزاع مطبقة القاعدة القانونية التي تراها صحيحة على واقعة الدعوى دون أن يعد ذلك منها تفويتاً لدرجة من درجات التقاضي.
4 - متى كان البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن خلص إلى أن التغيير الذي أحدثه الطاعن بالطابق الثالث وهو جزء من العين المؤجرة يعد تغييراً جوهرياً في طبيعته وكيانه الأصلي، وأنه يعتبر بهذه المثابة تعرضاً مادياً من جانب المؤجر في معنى المادة 571/ 1 من القانون المدني، وأن ما طلبه المطعون عليه الأول - المستأجر - من تنفيذ عيني يتمثل في صحة عقد الإيجار المبرم بينه وبين الطاعن وتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة كجزاء على الإخلال بضمان المؤجر يقتضي إعادة الحال إلى أصله وينطوي على رهق للمؤجر ويلحق به خسارة جسيمة تزيد على الفائدة التي يجنبها المستأجر، فلم يحكم بالتنفيذ العيني واقتصر على أن يقضي للمستأجر بإنقاص الأجرة، فإن هذا الذي قرره الحكم هو حق للقاضي منصوص عليه صراحة في الفقرة الثانية من المادة 203 من القانون المدني التي تنص "على أنه إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز له أن يقتصر على دفع تعويض نقدي إذا كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً" ويكون القضاء بإنقاص الأجرة في هذا الصدد كبديل للتعويض النقدي المنصوص عليه في تلك المادة. لما كان ذلك، وكان التعويض المشار إليه فيها ليس التزاماً تخييرياً أو بدلياً بجانب التنفيذ العيني بل محلهما واحد هو عين ما التزم به المؤجر من تنفيذ عيني، فإن طلب المطعون عليه الأول التنفيذ العيني بتمكينه من شقة الطابق الثالث يفترض معه ضمناً طلبه التعويض حال تعذر التنفيذ، ولا يعد القضاء له في هذه الحالة بإنقاص الأجرة قضاء بما لم يطلبه الخصوم (2)".
5 - إذ كان ما قرره الحكم لا يعدو أن يكون تزيداً فيما لم يطلب منه القضاء به، فلا تحوز أسبابه حجية الشيء المقضي وتنتفي المصلحة في النعي عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم الدعوى رقم 321 لسنة 1966 مدني بندر سوهاج بطلب الحكم بنفاذ عقد الإيجار المؤرخ 29/ 11/ 1960 وتمكينه من الشقة الكائنة بالدور الثالث من المنزل المبين بالعريضة في مواجهة باقي المطعون عليهم، وقال شرحاً لها أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 29/ 11/ 1960 استأجر من الطاعن الدورين الثاني والثالث بالمنزل المشار إليه مقابل أجرة قدرها 2 ج و750 م، وأنه شغل فعلاً الدورين المؤجرين له، إلا أن الطاعن قام بهدم الدور الثالث وإعادة بنائه وإذ رفض الطاعن تمكينه من الشقة الكائنة بالدور الثالث فقد أقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان، وبتاريخ 23/ 2/ 1967 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة سوهاج الابتدائية قيدت بجدولها تحت رقم 157 لسنة 1967 وبتاريخ 1/ 11/ 1967 حكمت المحكمة بصحة عقد الإيجار سالف الذكر بالنسبة للشقة بالدور الأول العلوي المسمى بالثاني في العقد ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 269 سنة 42 ق أسيوط طالباً إلغاءه في شطره الثاني المتعلق برفض طلبه صحة ونفاذ العقد والتمكين بالنسبة للشقة بالدور الثالث من المنزل المبين بالعريضة وتمكينه منها، وبتاريخ 3/ 6/ 1968 حكمت محكمة الاستئناف بندب خبير لبيان ما إذا كان التغيير الذي أحدثه الطاعن بالطابق الثالث يعتبر تغييراً جوهرياً أدى إلى هدمه وإعادة بنائه أم أنه مجرد ترميمات لم تغير من طبيعته، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 8/ 11/ 1969 بتعديل الحكم المستأنف والقضاء بنفاذ عقد الإيجار المؤرخ 29/ 11/ 1960 بالنسبة للطابق العلوي الأول المسمى بالعقد بالدور الثاني وبإنقاص الأجرة المتفق عليها بالعقد المذكور إلى مبلغ 135 قرشاً شهرياً ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. دفع المطعون عليه الأول بعدم قبول الطعن، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم من الثاني إلى الأخير وبنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون عليهم من الثاني إلى الأخير أن هؤلاء ليسوا خصوماً للطاعن ولم ينازعوه في طلباته مما لا يجيز له اختصامهم أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أنه لما كان شرط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلبه مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأن المصلحة القائمة التي يقرها القانون، وكان الطعن بالنقض لا يخرج على هذا الأصل، فإنه لا يكفي لقبوله مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، ولما كان البين من وقائع الدعوى آنفة الذكر في خصوص موقف المطعون عليهم من الثاني إلى الأخير أنه لم تبد منهم منازعة للطاعن أمام محكمة الموضوع بل طلبوا رفض الدعوى لصالحه، كما لم يوجه هو - أو المطعون عليه الأول - إليهم طلبات ما، فإنه لا يكون للطاعن مصلحة في اختصامهم أمام محكمة النقض، مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهم، ولا يغير من ذلك أنهم يقيمون بذات المنزل وأن الطابق الثالث مؤجر إلى المطعون عليهما الثاني والثالث بعد إعادة بنائه، إذ لم يمس الحكم المطعون فيه مركزهم القانوني في هذا الشأن.
وحيث إن مبنى دفع المطعون عليه الأول بعدم قبول الطعن هو انعدام مصلحة الطاعن في الطعن على إنقاص الأجرة طالما أنها الأجرة القانونية.
وحيث إن الدفع مردود، ذلك أن مناط المصلحة في الطعن أن يكون الطاعن طرفاً في الحكم وألزمه الحكم بشيء ما، وإذ حكم على الطاعن بإنقاص الأجرة فقد توافرت مصلحته في الطعن.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالأسباب الأول والثاني والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بإنقاص الأجرة مع أن طلبات المطعون عليه الأول أمام محكمة الاستئناف كانت محددة بصحة ونفاذ عقد الإيجار والتمكين بالنسبة لشقة الطابق الثالث، وإذ رفض الحكم هذه الطلبات وقضى بإنقاص الأجرة مستهدياً في ذلك بالمادتين 203/ 2 و571/ 1 من القانون المدني فإنه يكون قد قضى بغير الطلبات، وفصل في أمر غير مطروح عليه، ولم يبد الخصوم دفاعهم بشأنه وهو أمر لا يملكه. وإذ كانت المادتان المشار إليهما لم تعرض لهما محكمة أول درجة فقد كان على محكمة الاستئناف أن تعيد القضية إليها وإلا فوتت على الطاعن درجة من درجات التقاضي، بالإضافة إلى أن الحكم رغم قضائه بإنقاص الأجرة على سبيل التعويض وفق المادة 203/ 2 سالفة الإشارة احتفظ للمطعون عليه الأول بالحق في المطالبة بالتعويض بدعوى على حدة، وبذلك خول له الحق في أن يتقاضى التعويض مرتين، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ما دامت محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى، وكان من حق محكمة الاستئناف وهي تعرض للموضوع من جديد سلطة بحث الوقائع وإنزال الحكم الصحيح للقانون عليها، فإنه لا يجوز لها أن تعيد الدعوى لمحكمة أول درجة بل يتعين عليها أن تمضي في نظرها متصدية للنزاع مطبقة القاعدة القانونية التي تراها صحيحة على واقعة الدعوى دون أن يعد ذلك منها تفويتاً لدرجة من درجات التقاضي. ولما كان البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن خلص إلى أن التغيير الذي أحدثه الطاعن بالطابق الثالث يعد تغييراً جوهرياً في طبيعته وكيانه الأصلي وأنه يعتبر بهذه المثابة تعرضاً مادياً من جانب المؤجر في معنى المادة 571/ 1 من القانون المدني، وأن ما طلبه المطعون عليه الأول من تنفيذ عيني يتمثل في صحة عقد الإيجار المبرم بينه وبين الطاعن وتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة كجزاء على الإخلال بضمان المؤجر، يقتضي إعادة الحال إلى أصله وينطوي على رهق للمؤجر ويلحق به خسارة جسيمة تزيد على الفائدة التي يجنيها المستأجر، فلم يحكم بالتنفيذ العيني واقتصر على أن يقضي للمستأجر بإنقاص الأجرة، فإن هذا الذي قرره الحكم هو حق للقاضي منصوص عليه صراحة في الفقرة الثانية من المادة 203 من القانون المدني التي تنص "على أنه إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز له أن يقتصر على دفع تعويض نقدي إذا كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً" ويكون القضاء بإنقاص الأجرة في هذا الصدد كبديل للتعويض النقدي المنصوص عليه في تلك المادة لما كان ذلك وكان التعويض المشار إليه فيها ليس التزاماً اختيارياً أو بدلياً بجانب التنفيذ العيني بل محلهما واحد هو عين ما التزم به المؤجر من تنفيذ عيني، فإن طلب المطعون عليه الأول التنفيذ العيني بتمكينه من شقة بالطابق الثالث يفترض معه ضمناً طلبه التعويض حال تعذر التنفيذ ولا يعد القضاء له في هذه الحالة بإنقاص الأجرة قضاء بما لم يطلبه الخصوم، لما كان ما تقدم وكان ما قرره الحكم بشأن أحقية المطعون عليه الأول - في رفع دعوى مبتدأة بالتعويض لا يعدو أن يكون تزيداً فيما لم يطلب منه القضاء به ولا تحوز أسبابه حجية الشيء المقضي وتنتفي المصلحة في الطعن عليها ويكون النعي بكافة وجوهه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إنقاص الأجرة استناداً إلى المقارنة بين الأجرة التي كانت مقدرة بعقد سابق مؤرخ 1/ 2/ 1958 وقت أن كان المطعون عليه الأول يستأجر الطابق الثاني وحده بالعقد موضوع التداعي المؤرخ 29/ 11/ 1960 الذي استأجر بموجبه الطابقين الثاني والثالث معاً، مع أن أول العقدين منصب على شقة واحدة فحسب بالطابق الثاني، في حين أن العقد محل النزاع خاص بالطابق الثاني بأكمله وهو مكون من شقتين لا شقة واحدة، ويكون إنقاص الحكم للأجرة بقدر الفرق بين الأجرة المحددة في العقدين دون مناقشة الطرفين إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه الأول يستأجر شقتين بالطابق الثاني وليس شقة واحدة، وكان مدار دفاعه في مرحلتي التقاضي يقوم على أساس أن كل طابق من طوابق المنزل الثلاث مكون من مسكن واحد وكان ما ورد بالعقد القديم من أن العين المؤجرة هي شقة بالدور الثاني لا يتنافى مع أنها الشقة الوحيدة فيه فإن نسبة الإخلال بحق الدفاع إلى الحكم تكون غير واردة.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


(1) نقض 16/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 933.
(2) قارن نقض 1/ 2/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 221.

الطعن 1172 لسنة 25 ق جلسة 5 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 56 ص 315

جلسة 5 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج وعادل محمود فرغلي - المستشارين.

-----------------

(56)

الطعن رقم 1172 لسنة 25 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الحكمية.
المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - انتهاء الخدمة للانقطاع لا يقع بقوة القانون بل يحكمه المبدأ الذي نصت عليه المادة 97 من ذات القانون والتي تقضي بأن خدمة العامل لا تنتهي إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة - القرينة القانونية على الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل دون تقديمه عذراً مقبولاً تعتبر مقررة لصالح الجهة الإدارية التي يتبعها العامل فإن شاءت أعملتها في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنها رغم توافر شروطها وتمضي في مساءلته تأديبياً للانقطاع بدون إذن - لا تثريب على الجهة الإدارية إذا لم تتخذ الإجراءات التأديبية ضد العامل المنقطع خلال الشهر التالي للانقطاع - أساس ذلك: ميعاد الشهر هو ميعاد تنظيمي - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 29 من يوليه سنة 1979 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1172 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 5 من يونيه سنة 1979 في الدعوى رقم 229 لسنة 5 القضائية المرفوعة من النيابة الإدارية ضد..... الذي قضى بعدم قبول الدعوى التأديبية بالنسبة للمخالفة الإدارية الخاصة بالانقطاع عن العمل ومجازاة العامل المذكور بغرامة قدرها سبعة جنيهات عن المخالفة المالية الخاصة، باستيلائه على مرتبة عن مدة الانقطاع.
وقد طلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه شقه الأول من عدم قبول الدعوى التأديبية بالنسبة للمخالفة الخاصة بالانقطاع عن العمل، مع إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط للفصل فيما نسب إلى المتهم مجدداً من هيئة أخرى.
وبعد أن أعلن تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط للفصل في المخالفة الخاصة بالانقطاع عن العمل وتوقيع عقوبة من العقوبات المنصوص عليها في القانون لمن هم في الخدمة عن المخالفة الثانية مجدداً من هيئة أخرى.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من مايو سنة 1984 فقررت إحالته لنظره أمام المحكمة الإدارية العليا بجلسة 9 من يونيه سنة 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1978 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 229 لسنة 5 القضائية ضد....... المدرس بدار المعلمين بأسوان ذلك أنه بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1977 وحتى 18 من فبراير سنة 1978 خالف الأحكام المقررة للإجازات وانقطع عن عمله بغير إذن وفي غير الأحوال المرخص له بها، كما خالف الأحكام المالية وقام بصرف راتبه عن المدة من 24 من سبتمبر سنة 1977، 30 من سبتمبر سنة 1977 بغير حق، وطلبت مجازاته تأديبياً بالمادتين 42، 52 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادتين 80 و82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 5 من يونيه سنة 1979 حكمت المحكمة أولاً: - بعدم قبول الدعوى التأديبية بالنسبة للمخالفة الإدارية للانقطاع عن العمل. ثانياً: - بمجازاة المتهم بغرامة مقدارها سبعة جنيهات عن المخالفة المالية الخاصة باستيلائه على مرتبه عن مدة الانقطاع، وقد استندت المحكمة في قضائها إلى أن المشرع أجاز للعامل أن يقدم استقالته صراحة أو ضمناً، ومن ثم فإن الانقطاع عن العمل المدة التي حددها المشرع يحمل معنى تقديم الاستقالة من العامل وعلى الجهة الإدارية أن تحدد موقفها من هذه الاستقالة إما بالقبول واعتبار خدمة العامل منتهية، وإما برفضها وذلك بإنذار العامل بضرورة العودة فوراً إلى العمل، فإذا لم يمتثل أو لم يقدم عذراً مقبولاً إحالته إلى التحقيق خلال الشهر التالي للانقطاع وذلك لمجازاته عن واقعة الانقطاع وللإعلان من جانبها عن تمسكها باستمرار الرابطة الوظيفية وأن قرينة الاستقالة المقررة لصالحه مرفوضة من جانبها. ولما كانت جهة الإدارة لم تحل العامل المذكور إلى التحقيق إلا بعد مرور شهر من تاريخ انقطاعه عن العمل ومن ثم تكون خدمته قد انتهت قانوناً في تاريخ سابق على محاكمته مما يتعين معه عدم قبول الدعوى بالنسبة للمخالفة الإدارية وبالنسبة للمخالفة الثانية وهي صرفه لمرتبه عن شهر سبتمبر بالكامل رغم انقطاعه من 24 من سبتمبر سنة 1977، فإن المخالفة ثابتة في حقه، ومن ثم يعاقب بإحدى العقوبات المنصوص عليها في المادة 88 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه بما يناسب المخالفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأوليه ذلك أن المستقر عليه أن قرينة الاستقالة الضمنية مقررة لصالح الإدارة فلها أن تعملها وتعتبر العامل المنقطع مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل، ولها أن تتمسك بالرابطة الوظيفية وتتخذ الإجراءات التأديبية ضده، ومن ثم فلا تعتبر خدمة العامل منتهية بالاستقالة إلا بقرار صريح من جهة الإدارة.
ومن حيث إن المادة 98 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية: -
1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن فترة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة تعتبر خدمته في هذه الحالة منتهية من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن خدمة العامل تنتهي بما يعتبر استقالة ضمنية إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية أو ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة إلا أن انتهاء الخدمة في هذه الحالة على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة لا يقع بقوة القانون بل يحكمه المبدأ الذي نصت عليه المادة (97) من القانون سالف الذكر التي تنص علي أن خدمة العامل لا تنتهي إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة، ومن ثم فإنه حرصاً على المصلحة العامة وحتى لا يتعطل سير العمل في المرافق العامة فإن القرينة القانونية على الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل المدد سالفة البيان دون تقديمه عذراً مقبولاً تعتبر مقررة لصالح الجهة الإدارية التي يتبعها العامل فإن شاءت أعملت هذه القرينة في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنها رغم توافر شروطها، ولها ألا تعمل أثرها وبالتالي لا تعتبر العامل مستقيلاً ومن ثم لا تعتبر خدمته منتهية وفي هذه الحالة تمضي في مساءلته تأديبياً لانقطاعه بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية أو ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة، ولا تثريب على الجهة الإدارية إذا لم تتخذ الإجراءات التأديبية ضد العامل المنقطع خلال المدة التي حددتها المادة (98) المشار إليها وهي الشهر التالي لانقطاعه عن العمل لأن هذا الميعاد إن هو إلا ميعاد تنظيمي على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة. ومؤدى ما تقدم أنه لإعمال هذا الأثر، ينبغي أن يصدر قرار إداري من الجهة الإدارية المختصة، بما لها من سلطة تقديرية.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية لم تصدر قبل اتخاذ الإجراءات التأديبية نحو العامل المحال للمحاكمة التأديبية قراراً إدارياً بإنهاء خدمته إعمالاً لقرينة الاستقالة الضمنية والمستفادة من انقطاعه عن العمل فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه، وقد قضى بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية على العامل المذكور تأسيساً على أن خدمته انتهت بقوة القانون، كذلك فإن الحكم عليه بعقوبة من العقوبات التي توقع على من انتهت خدمته لتقاضيه أجراً عن مدة انقطع فيها عن العمل بدون إذن يكون هذا الحكم بشقيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية لم تسمع أقوال العامل المذكور أو تحقق دفاعه فإن الدعوى بذلك تكون غير مهيأة للفصل في موضوعها ومن ثم يتعين إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل في موضوعه

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بمدينة المنصورة للفصل فيها.


(1) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1985 في الطعن رقم 395 لسنة 27 القضائية حيث قضت باعتبار العامل المنقطع عن عمله المدد المنصوص عليها في المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 مقدماً استقالته إذا لم تكن الإجراءات التأديبية قد اتخذت ضده خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل.