الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2018

الطعن 1226 لسنة 53 ق جلسة 25 / 2 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 72 ص 313

برياسة السيد المستشار/ سيد عبد الباقي سيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنصف هاشم، أحمد إبراهيم شلبي نائبي رئيس المحكمة، محمد جمال الدين شلقاني وصلاح محمود عويس.
-----------
- 1  حكم " تسبيب الحكم. التسبيب الكافي". خبرة " مسائل متنوعة". محكمة الموضوع " مدى التزام محكمة الموضوع بقواعد الاثبات".
ذكر الخبير في تقريره أن البصمة لا تصلح للمضاهاة لأنها مطموسة لا يحول دون تحقيق صحتها بقواعد الاثبات الاخرى.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ذكر الخبير في تقريره أن البصمة لا تصلح للمضاهاة لأنها مطموسة لا يحول دون تحقيق صحتها بقواعد الإثبات الأخرى .
- 2  إثبات " البينة ". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب الكافي". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الأدلة".
تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن اليه وجدان قاضى الموضوع شرطه ألا تخرج بها عما يؤدى اليه مدلولها.
تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضى الموضوع و لا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بها عما يؤدى إليه مدلولها .
- 3  إثبات "الإثبات بالبينة ". حكم " عيوب الدليل .مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ". محكمة الموضوع " مدى التزام محكمة الموضوع بقواعد الاثبات".
الاثبات بشهادة الشهود م 71 اثبات ابتناؤه على ركنين : تعلق الوقائع المراد اثباتها بالدعوى وكونها منتجه فيها . مؤدى ذلك استخلاص المحكمة من أقوال الشهود الذين سمعتم دليلا على ثبوت أو نفى واقعة لم يتناولها منطوق حكم التحقيق تمسك الخصم ببطلانه مؤداه اعتبار هذا الاستخلاص مخالفا للقانون علة ذلك.
يدل النص في المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن الإثبات بشهادة الشهود يقوم على ركنين ، تعلق الوقائع المراد إثباتها بالدعوى ، و كونها منتجة فيها ، و مقتضى هذا أن تكون تلك الوقائع مبينة بالدقة و الضبط لينحصر فيها التحقيق و ليعلم كل طرف ما هو مكلف بإثباته أو بنفيه ، فإذا استخلصت المحكمة من أقوال الشهود الذين سمعتهم دليلاً على ثبوت أو نفى واقعة لم يتناولها منطوق حكم التحقيق و تمسك الخصم ببطلان هذا الدليل ، فإن استخلاصها هذا يكون مخالفاً للقانون إذ أنها انتزعت من التحقيق دليلاً على خصم لم تمكنه من إثبات عكسه ، لما كان ذلك و كان البين من منطوق حكم التحقيق الذى أصدرته محكمة الدرجة الأولى ... أنه قضى بالإحالة إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم صحة توقيع المورث بالبصمة على عقد البيع موضوع النزاع و مع ذلك انتهى الحكم الابتدائي الذى أيده الحكم المطعون فيه إلى عدم صحة دفاع الطاعنة بصورية عقد البيع بصدوره في مرض الموت اعتماداً على هذا التحقيق رغم تمسك الطاعنة بعدم صلاحيته في هذا الخصوص و طلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعها فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون .
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 1021 سنة 1980 مدني دمنهور الابتدائية ضد الطاعنة وآخر بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15/5/1978، وقالوا بياناً لها إن مورث الطاعنة المرحوم ..... باع لهم بموجب هذا العقد الحصص العقارية الموضحة بها لقاء ثمن مقداره 1200 جنيه. دفعت الطاعنة بجهالتها لتوقيع المورث بالبصمة المنسوبة إليه على ذلك العقد. وبعد أن قدم الخبير الذي ندبته المحكمة لإجراء المضاهاة تقريره حكمت بتاريخ 29/6/1981 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي صحة هذه البصمة، وبعد سماع شاهدي المطعون عليهم حكمت بتاريخ 1/1/1982 برفض الدفع بالجهالة وبصحة توقيع البائع على عقد البيع وتحديد جلسة لنظر الموضوع فدفعت الطاعنة بصورية عقد البيع بصدوره من المورث البائع في مرض الموت. وبتاريخ 29/3/1983 حكمت برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية (مأمورية دمنهور) بالاستئناف رقم 325 سنة 38ق مدني، وبتاريخ 28/2/1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة. 
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالوجه الأول من كل منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك تقول إنه انتهى إلى صحة توقيع المورث ببصمة إبهامه على عقد البيع موضوع النزاع استناداً إلى أقوال شاهدي المطعون عليهم رغم أنها أقوال مشكوك في صحتها، وأطرح ما انتهى إليه الخبير في تقريره من أن البصمة المنسوبة إلى المورث على عقد البيع خالية من أية علامات مميزة مما مؤداه أنها ليست بصمة أصلا وكان يتعين من ثم الأخذ بهذا التقرير وإطراح أقوال الشهود مخالف الحكم المطعون فيه القانون. 
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ذكر الخبير في تقريره أن البصمة لا تصلح للمضاهاة لأنها مطموسة لا يحول دون تحقيق صحتها بقواعد الإثبات الأخرى. وإن تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد خلصت في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها إلى صحة توقيع المورث بالبصمة على عقد البيع موضوع النزاع استناداً إلى أقوال شاهدي المطعون عليهم التي اطمأنت المحكمة إليها بأن المورث وقع بها على هذا العقد، ولم تعول على تقرير الخبير الذي انتهى إلى أن تلك البصمة لا تتوافر فيها العلامات المميزة الكافية لإجراء المضاهاة وأقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، فإن النعي لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلا موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون هذا النعي غير مقبول. 
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بباقي سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة أول درجة بصورية عقد البيع موضوع النزاع بصدوره في مرض الموت وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع غير أن تلك المحكمة رفضت هذا الطلب على سند من القول بأن التحقيق الذي أجرته كاف لبيان جدية عقد البيع وعدم صدوره في مرض الموت في حين أن المحكمة قد حكمت بهذا التحقيق لإثبات ونفي صحة توقيع المورث بالبصمة على عقد البيع ولم تضمنه تحقيق صورية هذا العقد أو صدوره في مرض الموت، وإذ أيدت محكمة الاستئناف محكمة أول درجة في قضائها برفض هذا الدفاع اعتماداً على التحقيق المشار إليه رغم أنها جددت أمامها التمسك بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لعدم صلاحية التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة لإثبات ونفي صحة التوقيع بالبصمة دليلا على ثبوت أو نفي صورة عقد البيع أو صدوره في مرض الموت، ومن ثم يكون الدليل المستمد منه باطلا وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون. 
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه يجب أن يبين في منطوق الحكم الذي يأمر بالإثبات بشهادة الشهود كل واقعة من الوقائع المأمور بإثباتها وإلا كان باطلا يدل – وعلى ما جاء بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات الملغي رقم 77 لسنة 1949 بصدد المادة 191 منه المطابقة لها في الحكم على أن الإثبات بشهادة الشهود يقوم على ركنين، تعلق الوقائع المراد إثباتها بالدعوى، وكونها منتجة فيها، ومقتضى هذا أن تكون تلك الوقائع مبينة بالدقة والضبط لينحصر فيها التحقيق وليعلم كل طرف ما هو مكلف بإثباته أو بنفيه، فإذا استخلصت المحكمة من أقوال الشهود الذين سمعتهم دليلاً على ثبوت أو نفي واقعة لم يتناولها منطوق حكم التحقيق وتمسك الخصم ببطلان هذا الدليل، فإن استخلاصها هذا يكون مخالفا للقانون إذ أنها انتزعت من التحقيق دليلاً على خصم لم تمكنه من إثبات عكسه، إذ كان ذلك وكان البين من منطوق حكم التحقيق الذي أصدرته محكمة الدرجة الأولى بتاريخ 29/6/1981 أنه قضى بالإحالة إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم صحة توقيع المورث بالبصمة على عقد البيع موضوع النزاع ومع ذلك انتهى الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه إلى عدم صحة دفاع الطاعنة بصورية عقد البيع بصدوره في مرض الموت اعتماداً على هذا التحقيق رغم تمسك الطاعنة بعدم صلاحيته في هذا الخصوص وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعها فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الاثنين، 5 نوفمبر 2018

الطعن 1514 لسنة 52 ق جلسة 23 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 63 ص 277


برئاسة السيد المستشار محمد عبد الرحيم حسب الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد الرشيد نوفل، سعيد صقر، عبد المنعم بركة ومحمد فؤاد بدر.
--------------
عمل. اختصاص "اختصاص ولائي". مؤسسات عامة "العاملون بالمؤسسات العامة".
العاملون بالمؤسسات العامة قبل إلغائها موظفون عموميون علة ذلك . تحديد الجهة القضائية المختصة بدعواهم رهين بوقت نشوء الحق. اختصاص القضاء الإداري بحقوق العاملين بالمؤسسات العامة التي تنشأ قبل إلغائها.
مؤدى المادة السادسة من القانون رقم 32 سنة 1966 بإصدار قانون المؤسسات العامة و شركات القطاع العام و الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 1546 لسنة 1967 بإنشاء المؤسسة العامة للمضارب ، و المادة الثانية و الثالثة و الخامسة منه ، و المادة الثانية من القانون رقم 111 سنة 1975 المتعلقة بشركات القطاع العام المعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 أن المؤسسة العامة للمضارب تعتبر منذ إنشائها بالقرار الجمهوري رقم 1546 سنة 1967 و حتى تاريخ إلغائها بالقانون رقم 111 سنة 1975 من المؤسسات العامة زاولت الدولة عن طريقها فرعاً من نشاطها العام بأساليب القانون العام بقسط من حقوق السلطة العامة بالقدر اللازم لتحقيق أغراضها ، فتقوم العلاقة بينها و بين العاملين بها على أسس لائحية تنظيمية باعتبارهم من الموظفين العموميين ، لما كان ذلك و كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد عمل لدى المؤسسة متقدمة الذكر منذ 1968/5/15 حتى 1975/12/31 فتثبت له أثناء هذه الفترة صفة الموظف العام و تربطه بالمؤسسة علاقة لائحية مما يستلزم اختصاص جهة القضاء الإداري بالفصل فيما ينشأ بينهما من منازعات تتعلق بمرتبه خلال المدة سالفة البيان و لذلك بالتطبيق لما نصت عليه المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، و كان النزاع الماثل يدور حول أحقية المطعون ضده لمكافأة عن فترتين أولهما من 1969/1/7 إلى 1975/12/7 وهي تندرج كاملة في نطاق فترة مزاولة المؤسسة نشاطها لأنه لم يعد لها وجود بعد 1975/12/31 طبقاً لأحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 فيختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في المنازعة المتعلقة بها و الفترة الثانية تبدأ من 1975/12/31 و يوافق ابتداؤها اليوم الأخير من حياة المؤسسة فتكون مطالبة المطعون ضده بهذا المتوسط عن حق يدعى نشأته في وقت لما تنقض بعد الشخصية المعنوية للمؤسسة و العلاقة الوظيفية اللائحية التي تربطه بها مما يجعل جهة القضاء الإداري صاحبة ولاية بالفصل في هذا الشق من المنازعة أيضاً لأن العبرة في تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى هي وقت نشوء الحق المدعى به في المكافأة مثار النزاع . لما كان ذلك و إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون .
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 991 لسنة 1977 عمال كلي جنوب القاهرة طالبا الحكم بإلزام الطاعن الثاني – رئيس لجنة تصفية مؤسسة المضارب – أن يؤدي له مكافأة تدريب قدرها 720 جنيها عن المدة من 7/1/1969 إلى 7/12/1975 ومائتي جنيه عن المدة من 31/12/1975 إلى 1/5/1977 وما يستجد بواقع 10 جنيهات شهريا، واعتبار هذه المكافأة جزءا من أجره. وقال بيانا لدعواه أنه بتاريخ 15/5/1968 التحق بالعمل لدى مؤسسة المطاحن بوظيفة أخصائي تدريب بالفئة السابعة ويستحق مكافأة تدريب شهرية مقدارها عشرة جنيهات، وإذ أنكرت المؤسسة أحقيته للمكافأة عن مدة تجنيده واتبعتها لجنة تصفيتها بالامتناع عن إضافة متوسط المكافأة المذكورة إلى أجره ابتداء من 31/12/1975 فقد أقام دعواه بطلباته السابقة. قضت المحكمة بتاريخ 31/3/1982 بإلزام الطاعن الثاني أن يؤدي للمطعون ضده شهريا عشرة جنيهات اعتبارا من 1/3/1970 حتى 7/12/1974 ومبلغ 2 جنيه و742 مليما شهريا عن المدة من 31/12/1975 إلى 1/5/1977 وما يستجد من فروق متوسط المكافأة واعتباره جزءا لا يتجزأ من أجره. استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1019 لسنة 98 قضائية. ودفعا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وبتاريخ 31/3/1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
وحيث إن الطعن أقيم على سببين. ينعي الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، حال أن المستفاد من أحكام القانون رقم 32 لسنة 1966 والقرار الجمهوري رقم 1546 لسنة 1967 بإنشاء المؤسسة العامة للمضارب أن هذه المؤسسة من أشخاص القانون العام فيعتبر العاملون فيها ومنهم المطعون ضده الذي عين بها في 15/5/1968 من الموظفين العموميين ومن ثم تنعقد ولاية نظر النزاع لجهة القضاء الإداري دون غيره، ولا يغير من ذلك إلغاء المؤسسة تطبيقاً لأحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 وتحويلها إلى شركة.
وحيث ان هذا النعي في محله ذلك ان مؤدى المادة السادسة من القانون رقم 32 سنة 1966 بإصدار قانون المؤسسات العامة و شركات القطاع العام و الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 1546 لسنة 1967 بإنشاء المؤسسة العامة للمضارب ، و المادة الثانية و الثالثة و الخامسة منه ، و المادة الثانية من القانون رقم 111 سنة 1975 المتعلقة بشركات القطاع العام المعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 أن المؤسسة العامة للمضارب تعتبر منذ إنشائها بالقرار الجمهوري رقم 1546 سنة 1967 و حتى تاريخ إلغائها بالقانون رقم 111 سنة 1975 من المؤسسات العامة زاولت الدولة عن طريقها فرعاً من نشاطها العام بأساليب القانون العام بقسط من حقوق السلطة العامة بالقدر اللازم لتحقيق أغراضها ، فتقوم العلاقة بينها و بين العاملين بها على أسس لائحية تنظيمية باعتبارهم من الموظفين العموميين ، لما كان ذلك و كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد عمل لدى المؤسسة متقدمة الذكر منذ 1968/5/15 حتى 1975/12/31 فتثبت له أثناء هذه الفترة صفة الموظف العام و تربطه بالمؤسسة علاقة لائحية مما يستلزم اختصاص جهة القضاء الإداري بالفصل فيما ينشأ بينهما من منازعات تتعلق بمرتبه خلال المدة سالفة البيان و لذلك بالتطبيق لما نصت عليه المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، و كان النزاع الماثل يدور حول أحقية المطعون ضده لمكافأة عن فترتين أولهما من 1969/1/7 إلى 1975/12/7 وهي تندرج كاملة في نطاق فترة مزاولة المؤسسة نشاطها لأنه لم يعد لها وجود بعد 1975/12/31 طبقاً لأحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 فيختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في المنازعة المتعلقة بها و الفترة الثانية تبدأ من 1975/12/31 و يوافق ابتداؤها اليوم الأخير من حياة المؤسسة فتكون مطالبة المطعون ضده بهذا المتوسط عن حق يدعى نشأته في وقت لما تنقض بعد الشخصية المعنوية للمؤسسة و العلاقة الوظيفية اللائحية التي تربطه بها مما يجعل جهة القضاء الإداري صاحبة ولاية بالفصل في هذا الشق من المنازعة أيضاً لأن العبرة في تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى هي وقت نشوء الحق المدعى به في المكافأة مثار النزاع . لما كان ذلك و إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون .

الأحد، 4 نوفمبر 2018

قرارات اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي عمل قضائي له حجيته

القضية رقم 18 لسنة 32 ق "تنازع" جلسة 15 / 1 / 2013
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الثلاثاء، الخامس عشر من يناير2013 م، الموافق الثالث من ربيع أول 1434 هـ .
برئاسة السيد المستشار /ماهر البحيري        رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عدلي محمود منصور والدكتور/ حنفي على جبالي ومحمد عبدالعزيز الشناويوماهر سامى يوسف والسيد عبدالمنعم حشيش والدكتور/ عادل عمر شريف  نواب رئيس المحكمة  
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد عماد النجار رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع             أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 18 لسنة 32 قضائية "تنازع".
المقامة من
السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
ضد
السيدة / شيرين زايد محمد كامل جلال
الإجراءات
  بتاريخ العاشر من يونيو سنة 2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 5514 لسنة 2001 مدنى محكمة الجيزة الابتدائية، وفى الموضوع بعدم الاعتداد بهذا الحكم، والاعتداد بقرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 736 لسنة 1963.
   وقدمت المدعى عليها مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى ، وفى الموضوع برفضها.
   وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
   بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الواقعات– حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن والد المدعى عليها بصفته ولياً طبيعياً عليها، كان قد أقام الاعتراض رقم 736 لسنة 1963 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بصفته خاضعاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي ، طالباً الاعتداد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 14/7/1961 الصادر منه بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصر المدعى عليها، والمتضمن بيعه لها مساحة 50 فداناً مبينة الحدود والمعالم بالعقد، واستبعاد المساحة المبيعة من الأراضي المستولى عليها بمعرفة المدعى عليه باعتبارها تزيد على الحد الأقصى للملكية الجائز الاحتفاظ به، و بتاريخ 10/12/1964، قضت تلك اللجنة بعدم الاعتداد بهذا العقد، وبرفض الاعتراض، وبتاريخ 29/9/1965 قرر مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الموافقة على هذا القرار، ومن جهة أخرى أقامت المدعى عليها الدعوى رقم 5514 لسنة 2001 أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد المدعى وآخرين بطلب الحكم بإلزام هم بتسليمها الأعيان موضوع العقد ذاته، فقضت تلك المحكمة بالطلبات، طعن المدعى في هذا الحكم بالاستئناف رقم 42986 لسنة 124 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة مأمورية شمال الجيزة ، فقضت بجلسة 11/2/2009 باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. وإذ ارتأى المدعى أن هناك تناقضاً بين ما قضت به اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 736 لسنة 1963 بعدم الاعتداد بهذا العقد والاستيلاء على المساحة المبيعة باعتبارها زائدة على حد الملكية التي يجوز الاحتفاظ بها للخاضع- البائع للمدعية ، والذى صار نهائياً بموافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 29/9/1965 على قرار تلك اللجنة ، وبين الحكم الصادر في الدعوى رقم 5514 لسنة 2001 مدنى الجيزة الابتدائية بالاعتداد بالعقد ذاته، وتسليم المساحة الواردة به للمدعى عليها، والذى أصبح نهائياً بالحكم باعتبار استئنافه كأن لم يكن، وهو ما يتعذر معه تنفيذ الحكمين معاً، فقد أقام الدعوى الماثلة للحكم له بطلباته المبينة آنفاً.
وحيث إنه عن طلب المدعى عليها الحكم بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن كلاً من قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الحد الأول للتناقض، والحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية - الحد الآخر لهذا التناقض، قد تم تنفيذهما، فهو دفع غير سديد، ذلك أن النص في المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن "تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي : أولاً...... ثانياً..... ثالثاً: الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادراً أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي ، والآخر من جهة قضائية أخرى منها"..... مفاده أن المشرع حرص على قيام رقابة مهيمنة تحسم الخلاف حول تنفيذ الأحكام القضائية المتناقضة الصادرة في موضوع واحد من جهتين- أو أكثر- من الجهات القضائية أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ، إذا كان تنفيذها معاً متعذراً، إعلاء منه لمبدأ الدولة القانونية ، ذلك أن الحق في التقاضي - بوصفه حقاً دستورياً أصيلاً-، لا تكتمل مقوماته إذا لم توفر الدولة للخصومة في نهاية مطافها حلاً منصفاً يمثل الترضية القضائية التي يقتضيها رد العدوان على الحقوق المدعى بها، ولا كذلك إذا تعذر تنفيذ حكم قضائي صادر من جهة قضائية مختصة ولائياً بالفصل في النزاع، إذا تناقض مع حكم آخر صادر من جهة قضائية أخرى غير مختصة ولائياً بالفصل في النزاع ذاته، ولذا فقد عهد المشرع إلى المحكمة الدستورية العليا – حال اتصالها بالمنازعة - لفض هذا التناقض الناجم عن تغول إحدى الجهات القضائية على غيرها، بما نص عليه في البند ثالثاً من المادة (25) من قانون المحكمة المشار إليه بعاليه وإذ كان هذا النص- فضلاً عما تقدم، قد جاء مطلقاً، ولم يشترط لقبول دعوى فض التناقض، ألا يكون أحد الحكمين- أو كلاهما- قد تم تنفيذه سواء قبل رفع هذه الدعوى أو بعد رفعها، فلا يجوز تخصيص هذا النص بغير مخصص، لما هو مقرر من بقاء المطلق على إطلاقه، بل إن تنفيذ أحد الحكمين الصادر من جهة قضائية غير مختصة ولائياً، أياً ما كان توقيت هذا التنفيذ، لا يعدو أن يكون عقبة مادية تحول دون تنفيذ الحكم الآخر الصادر من الجهة القضائية صاحبة الولاية الأصيلة بالفصل في النزاع، ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إنه من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند ثالثاً من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، المبين آنفاً، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء أو من هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تصادما بحيث يتعذر- عقلا ومنطقاً- تنفيذهما معاً، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى وأحقها- تبعاً لذلك- بالتنفيذ.
وحيث إن النص في المادة (13) مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي بعد تعديلها بالقانون رقم 381 لسنة 1956 على أن " وتشكل لجنة قضائية أو أكثر من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل وتكون له الرئاسة ومن عضو من مجلس الدولة ومندوب عن اللجنة العليا للإصلاح الزراعي ومندوب عن الشهر العقاري وآخر عن مصلحة المساحة ، وتكون مهمتها في حالة المنازعة تحقيق الإجراءات والديون العقارية ، وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها". وتختص هذه اللجنة دون غيرها- عند المنازعة - بما يأتي : 1- تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء طبقاً للإقرارات المقدمة من الملاك وفقاً لأحكام هذا القانون لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه منها "وقد أحالت الفقرة الرابعة من تلك المادة إلى اللائحة التنفيذية في بيان الإجراءات التي تتبع في رفع المنازعة أمام اللجنة ، وكيفية الفصل فيها، بما مؤداه- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي هي جهة قضائية مستقلة عن جهتي القضاء العادي والإداري أنشأها المشرع وخصها بالفصل – دون سواها- فيما ينشأ عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي من منازعات متعلقة بملكية الأراضي المستولى عليها وقرارات الاستيلاء الصادرة بشأنها وما يتصل بتوزيعها على المنتفعين بأحكامه، وذلك باتباع إجراءات قضائية لها سمات إجراءات التقاضي وضماناته وتؤدى إلى سرعة البت في هذه المنازعة حسما لأمرها على النحو الذى يهدف إليه قانون الإصلاح الزراعي ، كما أن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إذ يباشر في صدد اعتماده قرارات اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي ، ما اختص به بنص صريح في القانون، فإن ما يتولاه في هذا الشأن يتداخل مع عمل اللجنة وهو عمل قضائي على ما سلف بيانه، فتلحق لزوماً الصفة القضائية ، ما يصدره من قرارات.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، وكان النزاع الموضوعي الذى طرح على اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بالاعتراض رقم 736 لسنة 1963 المقام من الخاضع- والد المدعى عليها بصفته ولياً طبيعياً عليها- قد حسم بصدور قرار تلك اللجنة بعدم الاعتداد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 14/7/1961 الصادر من الخاضع لابنته وقد تأيد هذا القضاء بالقرار الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 29/9/1965، في حين أن الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 5514 لسنة 2001، قضى بالاعتداد بالعقد ذاته وإلزام المدعى - وآخر- بتسليم المساحة ذاتها إلى المدعى عليها، وصار هذا الحكم نهائياً بالقضاء باعتبار استئنافه رقم 42986 لسنة 124 القاهرة "مأمورية شمال الجيزة " كأن لم يكن، ومن ثم يكون القرار والحكم سالفا الذكر قد تعامدا على محل واحد، وكانا حاسمين لموضوع الخصومة ، فضلاً عن تناقضهما بما يتعذر معه تنفيذهما معاً.
وحيث إن القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 736 لسنة 1963- المشار إليه فيما تقدم- قد صدر في حدود ولاية تلك اللجنة وفقاً لما جاء بنص المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي المنوه عنه فيما سلف دون افتئات على جهة القضاء العادي ، ومن ثم يتعين الاعتداد به دون غيره.
وحيث إنه من المقرر أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين - أو كلاهما- فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ تهيأ النزاع للفصل في موضوعه، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب صار غير ذي محل.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بالاعتداد بالقرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 10/12/1964 في الاعتراض رقم 736 لسنة 1963.

الخميس، 1 نوفمبر 2018

القانون 4 لسنة 1996 أصلح للمتهم هدم التجريم المبني على التدابير الاستثنائية للعلائق الإيجارية

القضية رقم  48 لسنة 17 ق "دستورية " جلسة 22 / 2 / 1997
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 22 فبراير سنة 1997 الموافق 14 شوال سنة 1417 هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر            رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: نهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر                  أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم  48 لسنة 17 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيد/ بدرى عبد اللاه خليل
ضد
1- السيد/ رئيس الجمهورية
2- السيد/ رئيس مجلس الوزراء
3- السيد/ وزير العدل
4- السيد/ وزير الإسكان
5- السيد/ النائب العام
الإجراءات
بتاريخ 24 يوليو سنة 1995، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبا الحكم بعدم دستورية المادتين 26 و77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وكذل كالمادتين 6 و 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن النيابة العامة ، قدمت المدعى للمحاكمة الجنائية في القضية رقم 255 لسنة 1992 جنح أمن دولة ، متهمة إياه بأنه -وبصفته مؤجراً- تقاضى من المستأجر مقدم إيجار يجاوز أجرة سنتين، وطلبت النيابة عقابه بمواد الاتهام المنصوص عليها بالقانونين رقمى 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر و136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وقد قضت محكمة أمن الدولة (طوارئ) حضوريا بحبس المتهم سنة مع الشغل، فاستأنف هذا الحكم في القضية رقم 7204 لسنة 1993 س الجيزة وفيها دفع الحاضر عن المتهم بمذكرة قدمها بجلسة 7/6/1995 بعدم دستورية المادتين 26 و77 من القانون رقم 49 لسنة 1977، والمادتين 6 و 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليهما • وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد أجلت نظر الدعوى إلى جلسة 26/7/1995، وصرحت للمدعى برفع دعواه الدستورية ، فأقامها
وحيث إن المدعى   يطلب الحكم بعدم دستورية المواد الآتية •   أولا: القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر مادة 26: لايجوز للمؤجر، مالكا كان أو مستأجرا بالذات أو بالوساطة ، اقتضاء أى مقابل أو أتعاب بسبب تحرير العقد أو أى مبلغ إضافى خارج نطاق عقد الإيجار زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد
كما لايجوز بأية صورة من الصور للمؤجر أن يتقاضى أى مقدم إيجار
مادة 77: يعاقب كل من يخالف حكم المادة 26 من هذا القانون، سواء كان مؤجراً أو مستأجراً أو وسيطا بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة تعادل مثلى المبلغ الذى تقاضاه بالمخالفة لأحكام هذه المادة • ويعفى من العقوبة كل من المستأجر والوسيط إذا أبلغ أو بادر بالاعتراف بالجريمة وفى جميع الأحوال يجب الحكم على المخالف بأن يرد إلى صاحب الشأن ما تقاضاه على خلاف أحكام المادة المشار إليها ثانيا: القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر مادة 6 :يجوز لمالك  المبنى المنشأ اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون، أن يتقاضى من المستأجر مقدم إيجار لا يجاوز أجرة سنتين، وذلك بالشروط الآتية :-
1.     أن تكون الأعمال الأساسية للبناء قد تمت ولم يتبق إلا مرحلة التشطيب
2.  أن يتم الاتفاق كتابة على مقدار مقدم الإيجار وكيفية خصمه من الأجرة المستحقة في مدة لا تجاوز ضعف المدة المدفوع عنها المقدم وموعد إتمام البناء وتسليم الوحدة صالحة للاستعمال.
ويصدر قرار من الوزير المختص بالإسكان بتنظيم تقاضى مقدم الإيجار، والحد الأقصى لمقدار المقدم بالنسبة لكل مستوى من مستويات البناء
ولا يسرى حكم الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على مقدم الإيجار الذى يتقاضاه المالك وفقا لأحكام هذه المادة مادة 23 : يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في قانون العقوبات، المالك الذى يتقاضى بأية صورة من الصور، بذاته أو بالوساطة أكثر من مقدم عن ذات الوحدة أو يؤجرها لأكثر من مستأجر، أو يبيعها لغير من تعاقد معه على شرائها، ويبطل كل تصرف بالبيع لا حق لهذا التاريخ، ولو كان مسجلا
ويعاقب بذات العقوبة المالك الذى يتخلف دون مقتض عن تسليم الوحدة في الموعد المحدد، فضلا عن إلزامه بأن يؤدى إلى الطرف الآخر مثلى مقدار المقدم، وذلك دون إخلال بالتعاقد، وبحق المستأجر في استكمال الأعمال الناقصة وفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ويكون ممثل الشخص الاعتبارى   مسئولا عما يقع منه من مخالفات لأحكام هذه المادة
وحيث إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها   النظرية  وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة ، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين : أولهما : أن يقيم المدعى - وفى حدود الصفة التى اختصم بها النص المطعون   فيه - الدليل على أن ضررا واقعيا - اقتصاديا أو غيره - قد لحق به، سواء أكان مهدداً بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلا • ويتعين دوما أن يكون  الضرر المدعى به مباشرا، من فصلا عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلا بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنا تصوره ومواجهته بالترضية القضائية ، تسوية لآثاره  ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائدا إلى النص المطعون فيه، وليس ضررا متوهما أو منتحلا أو مجهلا، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلا على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ، ذلك أن إبطال النص التشريعى في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل في الدعوى الدستورية ، عما كان عليه قبلها
وحيث إنه متى كان ماتقدم، وكان الثابت من الأوراق  أن المبنى الذى قام المدعى بتأجير إحدى وحداته، قد أنشئ عام 1988، فإن القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، هو الذى يحكم تقاضى المؤجر مقدم إيجار يزيد على أجرة سنتين، وذلك عملا بالفقرة الأولى من المادة 6 من هذا القانون التى تخول مالك المبنى المنشأ اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون، أن يتقاضى من المستأجر مقدم إيجار لا يجاوز أجرة سنتين بالشروط التى بينتها
وإذ كانت الفقرة الثانية من هذه المادة تنص على أن تقاضى مقدم إيجار وفقا لحكمها لا يخضع لحكم الفقرة الثانية من المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر؛ وكانت هذه الفقرة هى التى حظر المشرع بموجبها على المؤجر أن يتقاضى بأية صورة   أى مقدم إيجار؛ وكان ذلك مؤداه أن العقوبة التى تضمنتها المادة 77 من هذا القانون في شأن من يخالفون حكم المادة 26 منه، لا مجال لتطبيقها - اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه - إلا بالنسبة إلى من يتقاضون مقدم إيجار يزيد على أجرة سنتين، فإن نطاق الدعوى الدستورية   ينحصر في الطعن بعدم  دستورية الفقرة الأولى من المادة 6 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بعد ربطها بالعقوبة على مخالفتها التى قررتها المادة 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليها
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون عليها - محددة نطاقا، على النحو المتقدم -مخالفتها لأحكام المواد 2 و34 و40 من الدستور، وذلك من عدة أوجه أولها: أن التعامل في الأموال إما أن يكون حلالا أو حراما، ولا يجوز بالتالى فرض قيود على تداول الأموال دون نص شرعى ولا يعدو حظر تقاضى المؤجر مقدم إيجار لا يزيد عن أجرة سنتين، أن يكون  تسعيرا منهيا عنه، وإخلالا بحرية التعامل، وهى الأصل، وإغراء لكل مستأجر بأن يدعى زورا حصول المؤجر على مقدم إيجار بالمخالفة للقانون ثانيها: أن القوانين المنظمة للعلائق الإيجارية ، لايجوز تطبيقها إلا بقدر الضرورة التى أحاطتها وليس أدل على انتفائها من أن الفكر الاشتراكى ألهم هذه القوانين فجورها، ثم فقد مكانه الأعلى بعد أن صار العرض والطلب قاعدة التعامل في إطار سوق مفتوحة تحكمها آلياتها  ثالثها: أن النصوص المطعون عليها تنحاز إلى جانب المستأجر، ولا تقيم وزنا لحقوق المؤجر قبله، والموسرون يستطيعون من خلال مبانى الإسكان الفاخر التى يقيمونها، أن يملكوها لآخرين بالكامل ويتخلصون بذلك من مسئوليتها ولا كذلك المؤجرون المحدودون دخلاً، إذ عليهم إذا أنشأوا عقارا، أن يقنعوا بتمليك ثلث وحداته، مع تأجير باقيها، بما ينطوى عليه ذلك من توقيع العقوبة التى تضمنها النص المطعون فيه عند تقاضيهم مقدم إيجار يزيد على أجرة سنتين، وفى ذلك إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون
ومن حيث إن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، غدا أصلا ثابتا كضمان ضد التحكم، فلا يؤثم القاضى أفعالا ينتقيها، ولا يقرر عقوباتها وفق اختياره، إشباعا لنزوة أو انفلاتا عن الحق والعدل وصار التأثيم بالتالى -وبعد زاول السلطة المنفردة - عائدا إلى المشرع، إذ يقرر للجرائم التى يحدثها، عقوباتها التى تناسبها، فلا يكون سريان النصوص القانونية التى تنظمها رجعيا، بل مباشرا لتحكم الأفعال التى تقع بعد العمل بالقانون التى يجرمها Nullum crimen, Nulla poena, Sine lege ويفسر هذا المبدا بأن القيم الجوهرية التى يصدر القانون الجنائى لحمايتها، لا يمكن بلورتها إلا من خلال السلطة التشريعية التى انتخبها المواطنون لتمثيلهم، وأن تعبيرها عن إرادتهم يقتضيها أن تكون بيدها سلطة التقرير في شأن  تحديد الأفعال التى يجوز تأثيمها وعقوباتها، لضمان مشروعيتها ومن ثم كان إعمال هذا المبدأ لازما لتمكين المواطنين من الاتصال بتلك القيم التى يقوم عليها بنيان مجتمعهم، بما يوحد بينهم ويكفل تماسكهم اجتماعيا Cohésion sociale ، فلايزدرونها، وإلا كان إيقاع الجزاء الجنائى عليهم لازما لردعهم
وحيث إن استقرار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في مفاهيم الدول المتحضرة ، دعا إلى توكيده بينها ومن ثم وجد صداه في عديد من المواثيق الدولية ، من بينها الفقرة الأخيرة من المادة 11 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والفقرة الأولى من المادة 15 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ، والمادة 7 من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان  وتردد هذا المبدأ كذلك في دساتير عديدة ، يندرج تحتها ما تنص عليه المادة 66 من دستور جمهورية مصر العربية من أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون الذى ينص عليها، وما تقرره كذلك المادة 187 من هذا الدستور التى تقضى بأن الأصل في أحكام القوانين هو سريانها اعتبارا من تاريخ العمل بها، ولا أثر لها فيما وقع قبلها إلا بنص خاص  تقره أغلبية أعضاء السلطة التشريعية في مجموعهم
وحيث إن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وإن اتخذ من ضمان الحرية الشخصية بنيانا لإقراره وتوكيده، إلا أن هذه الحرية ذاتها هى التى تقيد من محتواه، فلايكون إنفاذ هذا المبدأ لازما إلا بالقدر وفى الحدود التى تكفل صونها In Favorem• ولايجوز بالتالى إعمال نصوص عقابية يسئ تطبيقها إلى مركز قائم لمتهم، ولا تفسيرها بما يخرجها عن معناها أو مقاصدها، ولامد نطاق التجريم -وبطريق القياس- إلى أفعال لم يؤثمها المشرع، بل يتعين دوما -وكلما كان مضمونها يحتمل أكثر من تفسير- أن يرجح القاضى من بينها ما يكون أكثر ضمانا للحرية الشخصية في إطار علاقة منطقية La ratio Legis  يقيمها بين هذه النصوص وإرادة المشرع، سواء في ذلك تلك التى أعلنها، أو التى يمكن افتراضها عقلا
وحيث إن  النطاق الحقيقى لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، إنما يتحدد على ضوء ضمانتين تكفلان الأغراض التى توخاها: أولاهما: أن تصاغ النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكا أو شراكا يلقيها المشرع متصيدا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها• وهى بعد ضمانة غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيا لها، بل اتساقا معها ونزولا عليها ثانيتهما: ومفترضها أن  المرحلة الزمنية التى تقع بين دخول القانون الجنائى   حيز التنفيذ وإلغاء هذا القانون، إنما تمثل الفترة التى كان يحيا خلالها، فلا يطبق على أفعال أتاها جناتها قبل نفاذه، بل يتعين أن يكون هذا القانون سابقا عليها La loi préalable• فلا يكون رجعيا، على أن يكون مفهوما أن القوانين الجنائية وإن كان سريانها على وقائع اكتمل تكوينها قبل نفاذها، غير جائز أصلا، إلا أن إطلاق هذه القاعدة يُفقدها معناها، ذلك أن الحرية الشخصية وإن كان يهددها القانون الجنائى الأسوأ، إلا أن هذا القانون يرعاها ويحميها إذا كان أكثر رفقا بالمتهم، سواء من خلال إنهاء تجريم أفعال أثمها قانون جنائى سابق، أو عن طريق تعديل تكييفها أو بنيان بعض العناصر التى تقوم عليها، بما يمحو عقوباتها كلية أو يجعلها أقل بأسا، وبمراعاة أن غلو العقوبة أو هوانها إنما يتحدد على ضوء مركز المتهم في مجال تطبيقها بالنسبة إليه
وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن إنكار الأثر الرجعى للقوانين الجزائية ، يفترض أن يكون تطبيقها في شأن المتهم مسيئا إليه، فإن كانت أكثر فائدة لمركزه القانونى في مواجهة سلطة الاتهام، فإن رجعيتها تكون أمراً محتوما• ومن ثم نكون أمام قاعدتين تجريان معا   وتتكاملان: أولاهما: أن مجال سريان القانون الجنائى ينحصر أصلا في الأفعال اللاحقة لنفاذه، فلا يكون رجعيا كلما كان أشد وقعا على المتهم• وثانيتهما: سريان القانون اللا حق على وقائع كان يؤثمها قانون سابق، كلما كان القانون الجديد أكثر يسراً  وتكامل هاتين القاعدتين مؤداه، أن ثانيتهما لا تعتبر استثناء من أولاهما، ولا هى قيد عليها، بل فرع منها ونتيجة حتمية لها • وكلتاهما معا تعتبران امتدادا لازما لقاعدة شرعية الجرائم والعقوبات Le prolongementnécessaire، ولهما معا القيمة الدستورية ذاتها
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القانون الجنائى ، وإن اتفق مع غيره من القوانين في تنظيم علائق الأفراد بمجتمعهم وفيما بين بعضهم البعض، إلا أن هذا القانون يفارقها في اتخاذه العقوبة أداة لتقويم الأفعال التى يأتونها أو يدعونها بما يناقض أوامره أو نواهيه• وهو بذلك يتغيا أن يحدد -ومن منظور اجتماعى - ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، وأن يسيطر عليها بوسائل يكون قبولها اجتماعيا ممكنا، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لايكون مبررا، إلا إذا كان مفيدا من وجهة اجتماعية ، فإذا كان مجاوزا تلك الحدود التى لا يكون معها ضروريا، غدا مخالفا للدستور
وحيث إن هذا القضاء -وباعتباره معيارا للشرعية الدستورية للنصوص العقابية - مردد كذلك فيما بين الأمم المتحضرة ، ومن بينها فرنسا التى أقر مجلسها الدستورى مبدأين في هذا الشأن•  أولهما: أنه كلما نص القانون الجديد على عقوبة أقل قسوة من تلك التى قررها القديم ، تعين أن تعامل النصوص القانونية التى تتغيا الحد من آثار تطبيق القانون الجديد في شأن الجرائم التى تم ارتكابها قبل نفاذه، والتى لم يصدر فيها بعد حكم حائز لقوة الأمر المقضى ، باعتبارها متضمنة إخلالا بالقاعدة التى صاغتها المادة 8 من إعلان 1789 في شأن حقوق الإنسان والمواطن، والتى لا يجوز للمشرع على ضوئها أن يقرر للأفعال التى يؤثمها، غير عقوباتها التى   تضبطها الضرورة بوضوح ، فلا تجاوز متطلباتها La loi ne doit établir que des peines strictement et évidemment nécessaires ذلك أن عدم تطبيق القانون الجديد على الجرائم التى ارتكبها جناتها في ظل القانون القديم، مؤداه أن ينطق القاضى بالعقوبات التي قررها هذا القانون، والتى لم يعد لها - في تقدير السلطة التشريعية التى أنشأتها - من ضرورة  (DC, 19 et 20  janvier 1891, cons. 75, Rec . p .   127- 80 - 10)  ثانيهما: أن  تأثيم المشرع لأفعال بذواتها، لا ينفصل عن عقوباتها التى يجب أن يكون فرضها مرتبطا بمشروعيتها، وبضرورتها، وبامتناع رجعية النصوص العقابية التى قررتها  كلما كان مضمونها أكثر قسوة ، ودون ما إخلال بحقوق الدفاع التى تقارنها  ولا تتعلق هذه الضوابط جميعها بالعقوبات التى توقعها السلطة القضائية فقط، ولكنها تمتد لكل جزاء يتمحض عقابا، ولو كان المشرع قد عهد بالنطق به إلى جهة غير قضائية ْUne peine ne peut etre infligée qu"  a la condition que soient respectés le principe de légalité des délits et des peines, le principe de nécessité des peines, le princpe de non -rétroactivité de la loi pénale d"incrimination plus sévere ainsi que le respect du principe des droits de la défense . Ces exigences concernent non seulement les peines prononcées par les juridictions répressives mais aussi toute sanction ayant le caractére d"une punition meme si le législateur a Laissé Le soin de La prononcer a une autorité de nature non judiciaire .  (DC , 17 Janvier 1989, cons. 35 a 42 , p . 18 842 - 88)
وحيث إن قضاء هذه المحكمة في شأن كل قانون أصلح للمتهم يصدر بعد وقوع الفعل - وقبل الفصل فيه نهائيا - مؤداه أن سريان القانون اللاحق في شأن  الأفعال  التى أثمها قانون سابق، وإن اتخذ من نص المادة 5 من قانون العقوبات موطئا وسندا، إلا أن صون الحرية الشخصية التى كفلها الدستور بنص المادة 41 من الدستور، هى التى تقيم هذه القاعدة وترسيها بما يحول بين المشرع وتعديلها أو العدول عنها • ذلك أن ما يعتبر قانونا أصلح للمتهم، وإن كان لا يندرج تحت القوانين التفسيرية التى تندمج أحكامها في القانون المفسر، وترتد إلى تاريخ نفاذه باعتبارها جزءا منه يبلور إرادة المشرع التى قصد إليها ابتداء عند إقراره لهذا  القانون،إلا أن كل قانون جديد يمحو التجريم عن الأفعال التى أثمها القانون القديم ، إنما ينشئ للمتهم مركزا قانونيا جديدا، ويقوض - من خلال رد هذه الأفعال إلى دائرة المشروعية - مركزا سابقا • ومن ثم يحل القانون الجديد - وقد صار أكثر رفقا بالمتهم وأعون على صون الحرية الشخصية التى اعتبرها الدستور حقا طبيعيا لا يمس  - محل القانون القديم، فلا يتزاحمان أو يتداخلان، بل ينحى ألحقهما أسبقهما وغدا لازما بالتالى - وفى مجال إعمال القوانين الجنائية الموضوعية Les lois pénales de fond  الأكثر رفقا بالمتهم - توكيد أن صون الحرية الشخصية من جهه، وضرورة الدفاع عن مصالح الجماعة والتحوط لنظامها العام من جهة أخرى ، مصلحتان متوازيتان، فلاتتهادمان • وصار أمرا مقضيا - وكلما صدر قانون جديد يعيد الأوضاع إلى حالها قبل التجريم -  أن ترد لأصحابها تلك الحرية التى كان القانون القديم ينال منها، وأن يرتد هذا القانون على عقبيه، إعلاء للقيم التى انحاز إليها القانون الجديد، وعلى تقدير أن صونها لا يخل بالنظام العام باعتباره مفهوما مرنا متطورا على ضوء مقاييس  العقل الجمعى التى لا ينفصل القانون الأصلح عنها، بل يوافقها ويعمل على ضوئها، فلايكون إنفاذه منذ صدوره  إلا تثبيتا للنظام العام بما يحول دون انفراط عقده، بعد أن صار هذا القانون أكفل لحقوق المخاطبين بالقانون القديم وأصون لحرياتهم
وحيث إن  القوانين الجزائية التى نقارنها ببعض تحديدا لأصلحها للمتهم، تفترض اتفاقها جميعا مع الدستور، وتزاحمها على محل واحد، وتفاوتها فيما بينها في عقوباتها، فلا نغلب من صور الجزاء التى تتعامد على المحل الواحد، إلا تلك التي تكون في محتواها أو شرائطها أو مبلغها  Le contenu, Les modalités et Le quantum des penies  أقل بأسا من غيرها، وأهون أثرا
وحيث إن البين من القوانين التى نظم بها المشرع العلائق الإيجارية - وبقدر اتصال أحكامها بالنزاع الراهن - أن المشرع انتقل بحق المؤجر في تقاضى مقدم الأجرة ، من الحظر الكامل، إلى الحظر المقيد، إلى إطلاق هذا الحق من كل قيد ضمانا لأن يكون حقا مكتملا لا مبتسرا فقد حال المشرع بالفقرة الثانية من المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، دون أن يتقاضى المؤجر - تحت أية صورة من الصور - مقدم إيجار على أى نحو • واقترن هذا الحظر الكامل بنص المادة 77 من هذا القانون التى تقضى بمعاقبة كل من أخل بحكم المادة 26 منه - سواء أكان مؤجرا أو مستأجرا أو وسيطا - بالحبس  مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة تعادل مثلى المبلغ الذى تقاضاه بالمخالفة لأحكام هذه المادة ، متوخيا بذلك ألا يفاضل المؤجر بين المتزاحمين على وحدة يملكها، على ضوء أكثرهم قدرة لدفع مقدم أجرتها
ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 136 لسنة 1981 منظما بعض الأحكام الخاصة للعلائق الإيجارية ، وكافلا بالفقرة الأولى من مادته السادسة ، حق المؤجر في أن يتقاضى - بالشروط التى حددتها هذه الفقرة - مقدم إيجار لا يزيد على أجرة سنتين  وصار هذا الحظر المحدود مُقَيدا بالتالى من حكم الفقرة الثانية من المادة 26 من القانون  السابق، ومانعا من تطبيقها في شأن مقدم الإيجار الذى يتقاضاه المؤجر وفقا لأحكام القانون اللاحق
وتلا هذين القانونين، صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 في 30 من يناير 1996، الذى أعاد المشرع بمقتضاه إلى حرية التعاقد صورا بذاتها من العلائق الإيجارية ، هى تلك التى نظمتها مادته الأولى بنصها على ألا تسري أحكام القانونين رقمى 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، و 136 لسنة 1981 ببعض الأحكام الخاصة ببيع وتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلهما، على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها، ولا على الأماكن التى انتهت عقود تأجيرها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهى بعده لأى سبب، دون أن يكون لأحد حق البقاء   فيها
وحيث إن قضاء هذه المحكمة في شأن العلائق الإيجارية ، قد جرى على أن  التدابير الاستثنائية التى تقارنها، لا تعتبر حلا دائما ونهائيا لمشكلاتها، فلا يتحول المشرع عنها، بل عليه أن يعيد النظر فيها على ضوء ما ينبغى أن يقوم في شأنها من توازن بين حقوق كل من  المؤجر والمستأجر، فلا يختل التضامن بينهما اجتماعيا، ولا يكون صراعهما بديلا عن التعاون بينهما، بل تتوافق مصالحهما اقتصاديا، وعلى تقدير أن الأصل في عقود القانون الخاص هو انبناؤها على علائق تتكافأ بشأنها مصالح أطرافها، فلا يميل ميزانها في اتجاه مناقض لطبيعتها، إلا بقدر الضرورة التى يتعين أن تخلى مكانها -عند فواتها- لحرية التعاقد
وحيث إن الشروط التى فرضها المشرع على اقتضاء مقدم الإيجار - مع تفاوتها في درجتها على النحو المتقدم، ثم التحلل منها - مردها إلى الضرورة التى عاصرتها • وبقدر حدتها ثم تراخيها ثم زوالها، أقر المشرع من النصوص القانونية ما يناسبها، ويكون ملتئما مع مدارجها
وحيث إن القانون رقم 136 لسنة 1981، وإن شرط لتطبيق العقوبة التى كان القانون رقم 49 لسنة 1977 قد فرضها في شأن تقاضي المؤجر لمقدم إيجار، أن يكون الحصول عليه بما يجاوز أجرة سنتين ، إلا أن القانون اللاحق - وهو القانون رقم 4 لسنة 1996 - أعاد من جديد تنظيم هذا الموضوع في شأن الأماكن التى حددتها مادته الأولى ، مقررا سريان قواعد القانون المدني -دون غيرها- في شأن تأجيرها واستغلالها، وملغيا كل قاعدة على   خلافها، مؤكدا بذلك استئثار أصحابها بها، لتخرج هذه الأماكن بذلك من نطاق التدابير الاستثنائية التى درج المشرع على فرضها في مجال العلائق الإيجارية ، فلا يكون تأجيرها إلا وفق الشروط التى تتطابق بشأنها إرادة مؤجريها مع من يتقدمون لطلبها، ولو كان من بينها تقاضى المؤجر مقدم إيجار أيا كانت المدة التى يمتد إليها • وهو ما يعني أن الضرورة الاجتماعية التى انطلق منها الجزاء المقرر بالقانون القديم وتولد عنها، قد أسقطتها فلسفة جديدة تبنتها الجماعة في واحد من أطوار تقدمها، قوامها حرية التعاقد، فلا يكون الجزاء الجنائى - وقد لابس القيود التى فرضها القانون القديم على هذه الحرية - إلا منهدما بعد العمل بالقانون الجديد
وحيث إن القول بأن لكل من قوانين إيجار الأماكن الصادرة قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996، مجال ينحصر فيه تطبيقها، وأنها جميعا تعتبر من قبيل التنظيم الخاص لموضوعها ، فلا يقيدها هذا القانون باعتباره تشريعا عاما
مردود أولا : بأن القانون اللاحق تغيا أن يعيد العلائق الإيجارية إلى الأصل فيها، فلا تحكمها إلا حرية التعاقد التى يلازمها بالضرورة أن يكون المتعاقدان على شروطهما التى يناقضها أن يكون الاتفاق على تعجيل الأجرة - وهو جائز قانونا في شأن الأماكن التى ينظمها القانون الجديد - سببا لتجريم اقتضائها والأفعال التى أثمها القانون السابق بالشروط التى فرضها، هى ذاتها التي أطلق القانون الجديد الحق فيها، فلايكون امتداده إليها إلا ضمانا لصون الحرية الشخصية التى منحها الدستور الرعاية الأوفى والأشمل توكيدا لقيمتها بل إن هذا القانون - وباعتباره أصلح للمتهم - يعتبر متمتعا بالقوة ذاتها التى كفلها الدستور لهذه الحرية ، فلايكون القانون السابق حائلا دون جريانها، بل منجرفا بها
ومردود ثانيا : بأن التجريم المقرر بالقانون السابق، ارتبط بتدابير استثنائية قدر المشرع ضرورة اتخاذها خلال الفترة التى ظل فيها هذا القانون نافذا • فإذا دل القانون اللاحق على انتفاء الضرورة الاجتماعية التى لا يكون الجزاء الجنائى مبررا مع فواتها، فإن هذا القانون يكون أكثر ضمانا للحرية الشخصية التى كفل الدستور صونها
ومردود ثالثا : بأن تأثيم المشرع لأفعال بعينها، قد يكون مشروطا بوقوعها في مكان معين، كتجريم الأفعال التي يأتيها شخص داخل النطاق المكانى لمحمية طبيعية إضرارا بخصائصها أو بمواردها وقد يؤثم المشرع أفعالا بذواتها، جاعلا من ارتكابها في مكان محدد، ظرفا مشددا لعقوبتها، كالسرقة في مكان مسكون أو معد للسكنى أو ملحقاتهما أو في محل للعبادة عدوانا على حرمتها ولا كذلك جريمة تقاضى المؤجر لمقدم إيجار يزيد على أجرة سنتين التى نص عليها القانون السابق، ذلك أن وقوعها في الأماكن التى أخضعها هذا القانون لحكمه، ليس شرطا لاكتمال أركانها، ولا ظرفا لازما لتغليظ عقوبتها، ولكنها تتحقق اتصالا بواقعة تأجيرها وبمناسبتها، ولمجرد أن المكان المؤجر لم يكن - عند العمل بالقانون الجديد - خاليا
ومردود رابعا : بأن من غير المتصور أن يظل قائما، التجريم المقرر بالقانون السابق في شأن تقاضى مقدم الأجرة لأكثر من سنتين، إذا كانت الأماكن التى يشملها هذا القانون مؤجرة قبل نفاذ القانون الجديد، فإذا خلا مكان منها وقت سريان هذا القانون، تحرر المؤجر جنائيا من كل قيد يتعلق بالمدة التى يقتضى عنها مقدم الأجرة •وليس مفهوما أن يكون للفعل الواحد معنيان مختلفان، ولا أن تحتفظ الجريمة التى أنشاها القانون القديم بذاتيتها، وبوطأة عقوبتها، بعد أن جرد القانون الجديد  الفعل  الذى يكونها من الآثام التى احتضنها
ومردود خامسا : بأن القانون الجديد صرح بإلغاء كل قانون يتضمن أحكاما تناقض تلك التى أتى بها، بما مؤداه اطراح النصوص المخالفة للقانون الجديد - في شأن يتعلق بالتجريم - سواء تضمنها تنظيم عام أو خاص• ذلك أن القوانين لا تتنازع إلا بقدر تعارضها، ولكنها تتوافق من خلال وسائل متعددة يتصدرها -فى المجال الجنائى - القانون الأصلح، فلا يكون نسيجها إلا واحدا• والجريمة التي أنشأها القانون السابق هى ذاتها التى هدمها القانون الجديد ووجودها وانعدامها متصادمان، فلا يستقيم اجتماعهما
ومردود سادسا:-  بأن إعمال الأثر الرجعى للقانون الأصلح - يعتبر انحيازا من القاضى لضمانة جوهرية للحرية الشخصية ، تبلورها السياسة العقابية الجديدة للسلطة التشريعية التى تتحدد على ضوء فهمها للحقائق المتغيرة للضرورة الاجتماعية • وهى بعد ضرورة ينبغى أن يحمل عليها كل جزاء جنائي ، وإلا فقد علة وجوده 
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الواقعة محل الاتهام الجنائي لم تعد معاقبا عليها، فقد تعين الحكم بانتفاء مصلحة المدعى في الدعوى الماثلة ، بعد أن غض المشرع بصره عن بعض التدابير الاستثنائية للعلائق الإيجارية التي انبنى التجريم  عليها، وخرج من صلبها
وحيث إن قضاء هذه المحكمة باعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 أصلح للمتهم، قد انبنى على التطبيق المباشر للقواعد الدستورية التى تناولتها على النحو المتقدم، فإن حكمها باعتبار هذا القانون كذلك، يكون متمتعا بالحجية المطلقة التى أسبغها المشرع على أحكامها الصادرة في المسائل الدستورية، وملزما بالتالي الناس كافة وكل سلطة في الدولة ، بما في ذلك جهات القضاء على اختلافها
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة