الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

الطعن 2012 لسنة 33 ق جلسة 10 / 2 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 27 ص 131

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان, ومحمد صبري, ومحمد محمد محفوظ, ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
------------
- 1  إجراءات " إجراءات المحاكمة". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
إزعاج المحكمة الخصوم بملاحظات تنم عن وجه الرأي الذي استقام لها وان كان غير مقبول إلا أن ذلك لا ينهض سببا للطعن علي حكمها . علة ذلك .
إنه وإن كان من غير المقبول أن تزعج المحكمة الخصوم بملاحظات قد تنم عن وجه الرأي الذي استقام لها بشأن تقدير الوقائع المطروحة لديها، إلا أن ذلك لا ينهض سبباً للطعن على حكمها. إذ من المخاطرة القول بأن إبداء مثل تلك الملاحظات يفيد قيام رأي ثابت مستقر في نفس المحكمة ليس عنه محيص، بل من المحتمل أن تكون تلك الملاحظات ليست منبعثة إلا من مجرد شبهات قامت في ذهن المحكمة فأرادت أن تتحقق منها وتمكن الخصوم من درئها قبل أن يستقر رأيها فيها على وجه نهائي معين.
- 2  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى . لها في سبيل ذلك الأخذ بما تطمئن اليه من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة واطراح ما عداها مما لا تطمئن إليه . عدم التزامها ببيان الأسباب .
من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحرية في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وأن تطرح ما عداها مما لا تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب.
- 3  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
لمحكمة الموضوع استخلاص حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها.
لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 21/9/1960 بدائرة مركز البدرشين محافظة الجيزة: قتل عمداً ...... بأن انهال عليه ضرباً بحجر على رأسه كما طعنه بآلة حادة (مطواة) عدة طعنات في جسمه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أنه في نفس الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل ........... عمداً بأن طعنه عدة طعنات بآلة حادة في جسمه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و234 /1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً بتاريخ 21 من مايو سنة 1962 عملاً بالمادتين 234 /1-2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو القصور والفساد في الاستدلال, ذلك أن الحكم استدل على توافر نية القتل لدى الطاعن باستعمال آلة قاتلة (مطواة) أصاب بها المجني عليهما عدة إصابات جسيمة في حين أنه لم تكن لديه تلك النية ذلك أن الثابت من التحقيقات أنه لم يذهب إلى منزل المجني عليهما باختياره بل كان سائرا في الطريق فدعاه المجني عليهما لدخول منزلهما لشرب الشاي ثم حدثت بينهما مشادة إثر مطالبتهما له بإخلاء الأرض التي يضع يده عليها والتي اشتراها المجني عليه الثاني ثم غادر الطاعن منزلهما وإذ سار في طريقه جرى القتيل خلفه للإمساك به فوقع الحادث وبهذا تكون الواقعة قد حصلت إثر مشاحنة لا يبين من ظروفها أن الطاعن كان ينتوي قتل المجني عليه الأول أو الشروع في قتل المجني عليه الثاني
وحيث إن الحكم حصل واقعة الدعوى فيما يجمل أنه بينما كان الطاعن مارا أمام منزل المجني عليهما دعاه ثانيهما لتناول الشاي معهما وأثناء حديثهم طلب منه المجني عليه الأخير إخلاء الأرض الزراعية التي يضع يده عليها نظرا لأنه قد اشتراها فرفض ثم قامت بينهما مشادة وأخرج الطاعن من جيبه سكينا أخذ يطعن بها المجني عليه الثاني قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه المذكور بالعلاج وإذ تدخل بينهما المجني عليه الأول عندئذ انهال عليه الطاعن ضربا بالسكين إلى أن سقطت منه على الأرض فأمسك بحجر وقذفه على رأسه قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى اعترافه وأقوال شهود الحادث وتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي. ولما كان الحكم إذ عرض إلى نية القتل قال "إن المحكمة تستخلص نية القتل لدى المتهم (الطاعن) من استعماله آلة قاتلة( مطواة) أصاب بها المجني عليهما جملة إصابات فأحدث بالقتيل ضمن ما أحدث جرحا طعنيا بالتجويف الصدري. وطعن المجني عليه الآخر. فأحدث به بين ما أحدث أيضا جرحا قطعيا طوله 10سم بالرقبة من الخلف. هذا فضلا عما ثبت من إلقائه حجرا على رأس القتيل نتج عنه كسر منخسف بالعظم الجبهي. الأمر الذي يدل بجلاء على أن المتهم قصد بأفعاله إزهاق روح المجني عليهما. وإن كانت وفاة المجني عليه الثاني لم تحدث فإن ذلك كان بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعافه بالعلاج". وكان يبين من ذلك أن الحكم قد استدل على نية القتل باستعمال الطاعن تلك الآلة القاتلة وبتعمده إصابة المجني عليهما في مقتل إصابات جسيمة واستخلص من ذلك أنه قصد إزهاق روحهما وهو استخلاص سليم لا عيب فيه. متى كان ذلك, فإن الحكم يكون قد خلا من القصور. ولا يقدح في ذلك ما قاله الطاعن من أن الحادث وقع بصورة أخرى إثر المشادة التي حصلت بينه وبين المجني عليهما ومغادرته المنزل وعدو المجني عليه الأول خلفه للإمساك به. ذلك أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها, ولما كان ما استخلصه الحكم عن صورة الواقعة له مأخذ صحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون في غير محله
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو القصور في التسبيب. ذلك أن الحكم استدل على اقتراف الطاعن لجريمة القتل المسندة إليه بما قالته الطفلة ..................... ابنة المجني عليه الثاني من أن الطاعن طعن عمها القتيل بالمطواة أولا فلما سقطت منه على الأرض تناول حجرا قذفه على رأسه فأصابه في حين أن لهذه الشاهدة روايتين قررت في إحداهما أن الطعن بالمطواة كان سابقا للضرب بالحجر وقالت في الأخرى عكس ذلك ولكن الحكم لم يبين علة أخذه بالرواية التي أخذ بها وإطراحه للأخرى. ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحرية في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وأن تطرح ما عداها مما لا تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب وكان الحكم قد اطمئن إلى ما نقله من أقوال تلك الشاهدة مما له سند من الأوراق. لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون غير سديد
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع ذلك أن دفاع الطاعن قام على أنه كان في حالة دفاع إثر الاعتداء عليه وقد أيدت المحكمة رأيها في الدعوى قبل أن تسمع هذا الدفاع وأطرحته بسؤاله عما إذا كان دفاعه عن نفسه يقتضي أن يحدث بالمجني عليهما كل تلك الإصابات التي لحقت بهما
وحيث إنه وإن كان ليس من المقبول أن تزعج المحكمة الخصوم الذين أمامها بملاحظات قد تنم عن وجه الرأي الذي استقام لها بشأن تقدير الوقائع المطروحة لديها, إلا أن ذلك لا ينهض أن يكون سببا للطعن على حكمها, إذ من المخاطرة القول بأن إبداء مثل تلك الملاحظات يفيد قيام رأي ثابت مستقر في نفس المحكمة ليس عنه محيص. بل من المحتمل أن تكون تلك الملاحظات ليست منبعثة إلا من مجرد شبهات قامت في ذهن المحكمة فأرادت أن تتحقق منها وتمكن الخصوم من درئها قبل أن يستقر رأيها فيها على وجه نهائي معين. لما كان ذلك, فإن هذا النعي يكون في غير محله
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو بطلان في الإجراءات لأن الشاهد ........... لم يحلف اليمين ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن هذا الشاهد سئل بعد حلف اليمين فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في شأن ذلك
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 1999 لسنة 33 ق جلسة 10 / 2 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 26 ص 126

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان, ومحمد صبري, ومحمد محمد محفوظ, ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
-------------
- 1  إثبات " خبرة". حكم "تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
على المحكمة متى واجهت مسألة فنية بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها . لها أن تستند في حكمها إلى الحقائق الثابتة علميا ليس لها الاقتصار فى تفنيد تلك المسألة على الاستناد إلى ما قد يختلف الرأي فيه ـ مثال .
من المقرر أنه على المحكمة متى واجهت مسألة فنية بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها. وأنه وإن كان لها أن تستند في حكمها إلى الحقائق الثابتة علمياً. إلا أنه لا يحق لها أن تقتصر في تفنيد تلك المسألة على الاستناد إلى ما قد يختلف الرأي فيه، وإذ هي قد أرجعت خطأ الطاعن الأول في قيادة السيارة إلى هذه المسائل الفنية التي تصدت لها دون تحقيقها فإن حكمها يكون معيباً.
- 2  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
الأدلة في المواد الجنائية : متساندة يكمل بعضها بعضاً سقوط أحدها أو استبعاده . وجوب إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الإدانة علة ذلك .
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدهما أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الإدانة.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول بأنه في يوم 2/4/1956 بدائرة قسم الجمرك: أولاً: تسبب في قتل ........... بغير قصد ولا تعمد بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته اللوائح بأن قاد سيارة نقل غير مستكملة شروط الأمن والمتانة المنصوص عليها في القانون الخاص بالمرور وقرار وزير الداخلية دون أن ينبه المارين بالطريق فصدم المجني عليه السائر أمامه وأصابه مما أدى إلى وفاته: ثانياً: قاد سيارة نقل مخالفاً شروط المتانة والأمن من حيث حمولتها بأن حملها أكثر من الحمولة المقررة بالرخصة: ثالثاً. قاد السيارة دون أن يكون بها وسيلتان متصلتان يمكن معهما التحكم في سير السيارة وفي إيقافها بطريقة فعالة وسريعة ومأمونة. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات والمواد 84/2و88 من القانون 449 لسنة 1955- والمادتين 22 و27 من قرار وزير الداخلية. وقد ادعى والد المجني عليه بحق مدني قبل المتهم والطاعن الثاني عن نفسه وبصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية بمبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة الجمرك الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1960 عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للتهمة الأولى وبمواد الاتهام للتهمتين الثانية والثالثة ببراءة المتهم من التهمة الأولى المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها بالمصاريف المدنية ثانياً: تغريم المتهم 200ج عن التهمة الثانية بلا مصروفات: ثالثا: تغريم المتهم 100ج عن التهمة الثالثة. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 27 مارس سنة 1961 عملاً بمواد الاتهام: أولاً: بقبول الاستئنافين شكلا - ثانياً:- وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وإلزامه والمسئول بالحق المدني متضامنين بأداء مبلغ خمسمائة جنيه للمدعي المدني والمصاريف المدنية. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه انطوى على قصور في التسبيب, ذلك أن الحاضر عن الطاعن الأول "المتهم" دفع بانتفاء ركن الخطأ استناداً إلى عدم إمكان ربط الفرامل على مسافة الخمسة أمتار التي كانت تفصله عن المجني عليه وقت عبوره الطريق. وطلب مناقشة المهندس الفني في ذلك ولكن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وردت عليه بما لا يبرر إطراحه - وبنت عقيدتها على مسائل فينة تصدت لها دون أن يكون لها أصل في الأوراق مما كان يتعين معه أن تستعين عليها برأي ذوي الخبرة. كذلك فقد خلا الحكم من بيان أساس التعويض المقضي به في الدعوى المدنية, واسم المسئول عن الحقوق المدنية ومدى مساءلته عن التعويض المحكوم به. وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات ومدونات الحكم أن الطاعن الأول نفى وقوع خطأ منه وقرر أنه لم يشاهد المجني عليه وكان مما قاله الحكم رداً على ذلك وفي التدليل على خطئه. "أنه مما لا شك فيه أن حمولة السيارة الزائدة لها دخل كبير في وقوع الحادث. ذلك أنه من المقرر علماً أن قوة اندفاع السيارة تتمثل في سرعتها مضروبة في ثقلها والحمولة الزائدة التي تزيد من ثقل السيارة تزيد في قوة اندفاعها, وبذلك يزيد العبء الواقع على فرامل السيارة في هذه الحالة حين محاولة إيقافها. فإذا كانت فرامل القدم الباكم ضعيفة التأثير من ناحية أخرى كانت الحمولة الزائدة عاملاً على زيادة ضغط تأثير الفرامل مما كان سبباً مباشراً لوقوع الحادث ولا تلتفت المحكمة لما أثاره الدفاع من أن فرامل الباكم يحدث أن يزول أثرها فجأة بانفجار خرطوم الزيت نتيجة الضغط المفاجئ وأخذ رأي المهندس الفني في هذا الموضوع أمام محكمة أول درجة, فإن ذلك بحث فني لا يتصل بهذه الدعوى. والثابت من تقرير المهندس الفني أن فرامل الباكم تأثيرها ضعيف وهذا قاطع في أنه لا يوجد ثمة انفجار بخراطيم الباكم إذ من المقرر علماً أن فرامل الباكم تعمل بضغط الزيت الذي من شأنه أن يضغط على "أتياش" العجلات لإيقافها فإذا كان تأثير فرامل الباكم ضعيفاً فهذا معناه أن عملية ضغط الزيت سليمة تماماً وأن "الأتياش" التي تضغط على العجلات والتي من شأنها أن تتآكل من الاستعمال. هي وحدها التي تقوم بعملها على الوجه الأكمل, وهذا عمل من طبيعته ألا يحدث فجأة وإنما حدوثه يكون تدريجياً وعلى السائق المتيقظ أن يلاحظه قبل أن يصل إلى الحالة التي تجعل قيادة السيارة بها غير مأمونة إذ لا يتصور علماً أن يكون هناك ضغط ما للزيت إذا ما كان هناك ثمة تسرب بانفجار الخراطيم. فالضغط إما أن يكون تاماً في حالة سلامة الخراطيم وإما ألا يكون هناك ضغط كلية في حالة تسرب الزيت - ولا يكون هناك أمر وسط ولا يكون ضغط تأثير الفرامل الباكم إلا بسلامة جهاز الضغط وتآكل "الأتياش" التي تعمل على إيقاف العجلات وهذا أمر يلحق الخطأ بجانب المتهم". ولما كان الطاعن الأول أبدى دفاعه على النحو الوارد بمحضر الجلسة والحكم ونازع في وقوع أي خطأ من جانبه, وقد تعرضت المحكمة في ردها على ما أثاره لآراء علمية لم تكشف عن مصدرها وتعرضت لمسائل فنية قد يختلف الرأي فيها. وكان من المقرر أنه على المحكمة متى واجهت مسألة فنية بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها. وأنه وإن كان لها أن تستند في حكمها إلى الحقائق الثابتة علمياً إلا أنه لا يحق لها أن تقتصر في تفنيد تلك المسألة على الاستناد إلى ما قد يختلف الرأي فيه وإذ هي قد أرجعت خطأ الطاعن الأول إلى هذه المسائل الفنية التي تصدت لها دون تحقيقها فإن حكمها يكون معيباً. ولا يغني عن ذلك ما ذكرته من أوجه الخطأ الأخرى التي أسندتها للطاعن. فإن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الإدانة. لما كان ذلك, وكان الحكم من جهة أخرى إذ قضى بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني التعويض المحكوم به قد خلا من بيان اسم المسئول عن الحقوق المدنية وعلاقته بالدعوى الجنائية وأساس مسئوليته مدنياً وهي من الأمور الجوهرية التي كان يتعين على المحكمة ذكرها في الحكم الذي خلا أيضاً من الأسباب التي بنى عليها قضاءه في الدعوى المدنية. متى كان ذلك, فإنه يكون مشوباً بالقصور
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

الطعن 1719 لسنة 33 ق جلسة 18 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 75 ص 384

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس, وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان, ومحمد صبري, ومحمد محمد محفوظ, وبطرس زغلول.
--------------
- 1  إجراءات " إجراءات المحاكمة". إعلان . دعوى جنائية " نظرها"
متي صح إعلان الدعوي بداءة فعلي أطرافها تتبع سيرها من جلسة إلى أخري طالما كانت متلاحقة حتي يصدر الحكم فيها إعادة الدعوي إلى المرافعة بعد حجزها للحكم وجوب دعوي الخصوم للاتصال بها إما بإعلانها قانونا أو ثبوت حضورهم وقت النطق بالقرار.
إنه وإن كان الأصل - متى صح الإعلان بداءة - أن يتتبع أطراف الدعوى سيرها من جلسة إلى أخرى - طالما كانت متلاحقة - حتى يصدر الحكم فيها، إلا أنه جهة أخرى إذا بدا للمحكمة بعد حجز الدعوى للحكم أن تعيدها إلى المرافعة استئنافاً للسير فيها تحتم دعوة الخصوم للاتصال بالدعوى، ولا تتم هذه الدعوة إلا بإعلانهم على الوجه المنصوص عليه في القانون أو ثبوت حضورهم وقت النطق بالقرار.
- 2  إعلان " إعلان أوراق المحضرين".
الإعلان لا يثبت إلا بورقة من أوراق المحضرين مثبتة لحصوله عدم جواز الاستدلال عليه بأي دليل آخر مستمد من غير ورقة الإعلان ذاتها مهما بلغت قوة هذا الدليل.
الإعلان لا يثبت إلا بورقة من أوراق المحضرين مثبتة لحصوله، لأنه متى رسم القانون شكلاً خاصاً لإجراء من إجراءات الدعاوى كان هذا الشكل وحده هو الدليل القانوني على حصول هذا الإجراء، فلا يجوز الاستدلال عليه بأي دليل آخر مستمد من غير ورقة الإعلان ذاتها مهما بلغت قوة هذا الدليل.
- 3  حكم " تسبيب الحكم . بيانات التسبيب".
عدم إفصاح الحكم المطعون فيه عن أخذه بأسباب الحكم المستأنف أنشاؤه لنفسه أسبابا جديدة إغفاله الإشارة إلى النص الذي حكم بموجبه بطلانه إشارته في ديباجته إلى المواد إلى طلبت النيابة العامة تطبيقها لا يعصمه من هذا البطلان ما دام لم يفصح عن أخذه بهذه المواد .
إذا كان الحكم المطعون فيه لم يفصح عن أخذه بأسباب الحكم المستأنف بل أنشأ لنفسه أسباباً جديدة وقد أغفل الإشارة إلى النص الذي حكم بموجبه فإنه يكون باطلاً ولا يعصمه من عيب هذا البطلان أنه أشار في ديباجته إلى المواد التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ما دام لم يفصح عن أخذه بهذه المواد في حق الطاعن.
- 4  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
علي المحكمة ألا تبني حكمها إلا علي الوقائع الثابتة في الدعوي ليس لها أن تقيم قضاءها علي أمور لا سند لها من التحقيقات .
يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات.
- 5  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
الأدلة في المواد الجنائية: متساندة. يكمل بعضها بعضا. منها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي. سقوط أحدها أو استبعاده. أثره. تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض الآخر فتتكون عقيدة القاضي منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.
- 6  نقض "ما لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض".
الطعن بطريق النقض عدم قبوله في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزا المادة 32 من القانون 57 لسنة 1959مثال.
تنص المادة 32 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أنه "لا يقبل الطعن بطريق النقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزاً". ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه صدر حضورياً اعتبارياً وكان قابلاً للمعارضة فيه بالشروط المبينة بالمادة 241 من قانون الإجراءات الجنائية. فإن الطعن المقدم من الطاعنة عن هذا الحكم يكون غير جائز قانوناً ويتعين القضاء بذلك.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول وآخر بأنهما في يوم 7/5/1959 بدائرة مركز دمنهور: أولا ً- تسببا بغير قصد ولا تعمد في قتل .... وإصابة ...... و...... بأن كان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم إتباعهما اللوائح بأن قاد أولهما سيارة بكيفية ينجم عنها الخطر- ولم يهدئ من سيرها عند مفترق الطريق فاصطدم بسيارة المتهم الثاني الذي كان يقودها على يسار الطريق ولم يهدئ بدوره من سرعتها حين وصل إلى مفترق الطرق فأصيب المجني عليهم بالإصابات الموضحة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياة أولهم. وثانياً- قادا سيارتين بكيفية ينجم عنها الخطر بأن لم يهدئا من سير السيارتين عند اتجاههما عند مفترق الطرق. وثالثاً - المتهم الثاني أيضاً لم يلتزم الجانب الأيمن للطريق أثناء قيادته السيارة. وطلبت عقابهما بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات وبالمواد 72/1و81 و88 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وبالمادتين 2 و4 من قرار وزارة الداخلية الصادر في 19/12/1955. وقد ادعت السيدة/ ...... والسيد/ ..... والسيد/ ...... والدكتور ..... بحق مدني قبل المتهمين والشركة ...... والسيد/ ...... وشركة ...... - بصفتهم مسئولين عن الحقوق المدنية بمبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة دمنهور الجزئية دفع الحاضر عن شركة ...... بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر دعوى الضمان. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 31 يناير سنة 1961 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات: أولاً- بتغريم المتهم الأول مائة جنيه وحبس المتهم الثاني سنة مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ. وثانياً- بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى الموجهة إلى شركة ........ وثالثاً - برفض الدعوى المدنية ضد شركة ...... ورابعاً- بإلزام المتهمين والمسئول عن الحقوق المدنية ....... متضامنين بدفع مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض للمدعين بالحق المدني ونصف مصروفات الدعوى المدنية. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهمين والمسئول المدني -.....- والمدعين بالحقوق المدنية
ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 27 فبراير سنة 1962 حضورياً اعتبارياً للشركة ........ وحضورياً للباقين: أولاً- بقبول استئناف المتهم الأول شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. وثانياً - بقبول استئناف المتهم الثاني والمسئول بالحق المدني شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم الثاني بلا مصاريف جنائية ورفض الدعوى المدنية وإلزام المدعين بالحق المدني المصروفات المدنية بالنسبة لهذا الشق ومبلغ 500 قرش أتعاب محاماة عن الدرجتين. وثالثاً - بقبول استئناف المدعين بالحق المدني شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الشركة ....... بصفتها مسئولة بالحق المدني أن تؤدي للمدعين بالحق المدني متضامنة مع المتهم الأول عشرة آلاف جنيه تعويضاً والمصروفات المدنية المناسبة عن الدرجتين ومبلغ 500 قرش أتعاباً للمحاماة ورفضت ما عدا ذلك، فعارضت الشركة ..... في هذا الحكم، وقضي في معارضتها بتاريخ 26 يونيه 1961 بعدم قبول المعارضة لرفعها عن حكم غير قابل لها. فطعن الطاعن الأول في الحكم الصادر بتاريخ 27 فبراير سنة 1962 بطريق النقض كما طعنت الشركة ........ (الطاعنة الثانية) في الحكم ذاته وفي الحكم الصادر في 26 يونيه سنة 1962.

---------------
المحكمة
أولا - عن الطعن المقدم من الطاعنة الثانية "المسئولة عن الحقوق المدنية" - عن الحكم الصادر في 27/2/1962
من حيث إنه لما كان يبين من الحكم المؤرخ 27/2/1962 أنه قد صدر حضوريا اعتباريا بالنسبة إلى الطاعنة الثانية - المسئولة عن الحقوق المدنية - وكان قابلا للمعارضة فيه بالشروط المبينة بالمادة 241 من قانون الإجراءات الجنائية وقت أن بادرت الطاعنة إلى الطعن فيه بطريق النقض. وكانت المادة 32 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه: "لا يقبل الطعن بطريق النقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزا" , فإن الطعن المقدم من الطاعنة عن هذا الحكم يكون غير جائز قانونا ويتعين القضاء بذلك ومصادرة الكفالة المسددة عنه وإلزامها المصاريف المدنية وإبقاء الفصل في الإلزام بمقابل أتعاب المحاماة إلى حين بحث الطعن المقدم من هذه الطاعنة عن الحكم الصادر بتاريخ 26/6/1962
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول عن الحكم الصادر بجلسة 27/2/1962 والطعن المقدم من الطاعنة الثانية عن الحكم الصادر بجلسة 26/6/1962 قد استوفيا الشكل المقرر في القانون
ثانيا - عن الطعن المقدم من الطاعن الأول "........" عن الحكم الصادر في 27/2/1962
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل والإصابة الخطأ قد انطوى على بطلان, كما أخطأ في الإسناد وأخل بحقه في الدفاع. وفي ذلك يقول إن دفاعه قام أساسا على أن سائق السيارة النقل - المتهم الثاني معه في الدعوى - عندما انحرف بها إلى اليمين استعرض الطريق واستغرق العرض كله بطول السيارة وأنه (أي الطاعن) اضطر إلى الانحراف بسيارته إلى أقصى اليمين ليتجنب الاصطدام به وأنه ما كان في استطاعته أن يستمر في هذا الانحراف لوجود منخفض بجوار الطريق يؤدي إلى المزارع مما أدى إلى اصطدام مقدم سيارته بمؤخر السيارة النقل. وقد طلب في دفاعه معاينة مكان الحادث تحقيقا لذلك ولكن المحكمة رفضت هذا الدفاع الجوهري دون أن تحققه قولا منها بأن المعاينة التي أجراها نائب المأمور والنيابة أثبتت عدم وجود هذا المنخفض وهو رد خاطئ لأن كلتيهما لم تشر إلى وجود المنخفض أو عدم وجوده. كما جاء الحكم باطلا إذ لم يشر إلى نص القانون الذي عاقب الطاعن على موجبه ولا يعصمه من هذا البطلان أن يكون قد ذكر المواد التي طلبت النيابة تطبيقها ما دام لم يقل إن هذه المواد التي أخذت بها المحكمة وعاقبت الطاعن بمقتضاها
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا للطعن أن الطاعن الأول دفع في المذكرة المقدمة منه لمحكمة ثاني درجة بجلسة 27/2/1962 المصرح له بتقديمها والتي لم يسبقها استيفاء دفاعه شفهيا بأنه لم يقع خطأ من جانبه وقرر أنه كان يسير سيرا عاديا ولم يكن في مكنته أن يتفادى وقوع الحادث لأنه إذا انحرف إلى اليمين أكثر مما انحرف لأدى ذلك إلى أن تسقط سيارته في المزارع المنخفضة المتاخمة للطريق الزراعي على يمين الطريق, ثم استطرد إلى تفنيد ما قاله الحكم المستأنف في رفض هذا الدفاع من أن معاينة نائب المأمور والنيابة أثبتا عدم وجود منخفض في مكان الحادث, وقرر أن ما يقصده هو وجود هذا المنخفض في المزارع إلى جوار الطريق, وطلب من المحكمة معاينة مكان الحادث لتتبين هذه الحقيقة. كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ عرض إلى هذا الدفاع رفضه تأسيسا على أن "هذا القول قد نفته معاينة النيابة التي لم يأت بها ما يدل على وجود أي منخفض بالطريق" ثم قال في موضع آخر إن معاينة النيابة قد جاءت نافية هذا الزعم وأثبتت أن الطريق كان ممهدا في الجزء الذي كان يسير فيه المتهم "الطاعن الأول" لما كان ذلك, وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات. وكانت المحكمة قد استندت في إدانة الطاعن وفي إطراح دفاعه إلى أن المعاينة التي أجريت في الدعوى تكذبه وأنها جاءت نافية إلى وجود أي منخفض في الطريق مع ما هو ثابت من أن الطاعن عول في نفي وقوع أي خطأ منه على أن المنخفض الذي يقصده يوجد بالمزارع على يمين الطريق وليس في الطريق ذاته, وقد خلصت المحكمة إلى مساءلته عن الحادث على أساس ما استقر في يقينها من أن انحراف الطاعن بسيارته إلى ناحية سيارة النقل في أثناء سيرها واصطدامه بمؤخرتها لم يكن له ما يبرره سوى عامل السرعة وعدم الانتباه. وكان يبين من المعاينة أنها لا تتضمن ولا تقيد ما أوردته المحكمة في الحكم. وكان دفاع الطاعن يعد طلبا - جوهريا - في خصوص الدعوى المطروحة - لتعلقه بواقعة لها أثرها في الدعوى وقد ينبني على تحقيقها أن يتغير وجه الرأي فيها لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض الآخر فتتكون عقيدة القاضي منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم - لما كان ذلك, فإن المحكمة تكون قد استندت إلى ما لا أصل له في الأوراق وأخلت بحق الدفاع, ولما كان الحكم المطعون فيه فوق ما تقدم وعلى ما يبين من مدوناته, لم يفصح عن أخذه بأسباب الحكم المستأنف بل أنشأ لنفسه أسبابا جديدة, وقد أغفل الإشارة إلى النص الذي حكم بموجبه, فإنه يكون باطلا ولا يعصمه من عيب هذا البطلان أنه أشار في ديباجته إلى المواد التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ما دام لم يفصح عن أخذه بهذه المواد في حق الطاعن - لما كان ما تقدم, فإن الحكم يكون معيبا ويتعين لذلك نقضه والإحالة مع إلزام المطعون ضدهم المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة
ثالثا - عن الطعن المقدم من الطاعنة الثانية (الشركة المسئولة عن الحقوق المدنية) عن الحكم الصادر ضدها بجلسة 26/6/1962
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول المعارضة المقدمة من الطاعنة في الحكم الاستئنافي الصادر بجلسة 27 من فبراير سنة 1962 والمعتبر حضوريا, قد أخطأ في القانون ذلك بأن الثابت في الأوراق أن المحكمة بعد أن حجزت القضية للحكم لجلسة 2/1/1962 أعادتها للمرافعة نظرا لتغير الهيئة, وكلفت النيابة بإعلان الخصوم, ولكنها لم تقم بإعلان الطاعنة, وإذ صدر الحكم في غيبة الطاعنة, فقد كان من حقها أن تعارض فيه, ولكن المحكمة رفضت قبول معارضتها وافترضت أنها أعلنت للجلسة التي أعيدت الدعوى للمرافعة فيها على الرغم من تسليمها بأن الأوراق خلت من ورقة الإعلان, وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المعارضة الاستئنافية أن الحاضر عن الطاعنة تمسك بأنها لم تعلن للحضور بجلسة المرافعة التي صدر فيها الحكم المعارض فيه وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول المعارضة المرفوعة من الطاعنة في قوله بأن "الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الشركة المعارضة أعلنت للحضور لجلسة 7 من أكتوبر سنة 1961. وبهذه الجلسة حضر وكيلها وظل يباشر الدعوى وترافع فيها بجلسة 21/11/1961 وبهذه الجلسة حجزت الدعوى للحكم لجلسة 2/1/1962 وفيها لم تحضر الشركة وأعيدت القضية للمرافعة لجلسة 6/2/1962 حيث حضر جميع الخصوم عدا الشركة وبهذه الجلسة حددت المحكمة للنطق بالحكم جلسة 27/2/1962 بالهيئة الجديدة, وبالجلسة الأخيرة صدر الحكم واعتبر حضوريا للشركة المعارضة. ولما كان تأجيل الدعوى لجلسات متلاحقة فلم يكن بلازم إعلان الشركة من جديد. وحيث إنه من جهة أخرى فإنه على الرغم من أن الشركة تنكر أنها أعلنت بالجلسة التي حددت في 6/2/1962 فإن الثابت من رول الجلسة أن المحكمة أثبتت ورود الإعلانات جميعها أما وقد اختفى إعلان الشركة من أوراق الدعوى فلا يسع المحكمة إلا أن تعتبر الشركة معلنة طبقا للثابت من رول الجلسة" - لما كان ذلك, وكان يبين من الأوراق أن محكمة ثاني درجة حجزت القضية للحكم لجلسة 2/1/1962 ثم أعادتها للمرافعة لجلسة 6/2/1962 نظرا لتغير الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى, وكلفت النيابة العامة بإعلان الخصوم. وفي الجلسة الأخيرة نظرت المحكمة الدعوى في غيبة الطاعنة, ثم قررت حجز القضية للحكم بالجلسة 27/2/1962 حيث قضت حضوريا اعتباريا بإلزامها التعويض المحكوم به, وكان الثابت أن الطاعنة قد عارضت في هذا الحكم, وبينت للمحكمة أنها لم تعلن بالجلسة التي أعيدت إليها الدعوى للمرافعة, وقد خلت القضية من ورقة إعلان الشركة كما هو ظاهر من مدونات الحكم - لما كان ما تقدم, فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول معارضة الطاعنة تأسيسا على أن القانون لا يوجب إعلانها بتلك الجلسة, وأن إعلانها ثابت من التأشير في الرول بإعلان الخصوم, يكون قد خالف القانون, ذلك بأنه وإن كان الأصل - متى صح الإعلان بداءة - أن يتتبع أطراف الدعوى سيرها من جلسة إلى أخرى - طالما كانت متلاحقة - حتى يصدر الحكم فيها, إلا أنه من جهة أخرى إذا بدا للمحكمة بعد حجز الدعوى للحكم أن تعيدها إلى المرافعة استئنافا للسير فيها تحتم دعوة الخصوم للاتصال بالدعوى, ولا تتم هذه الدعوى إلا بإعلانهم على الوجه المنصوص عليه في القانون أو ثبوت حضورهم وقت النطق بالقرار - لما كان ذلك, وكان الإعلان لا يثبت إلا بورقة من أوراق المحضرين مثبتة لحصوله لأنه متى رسم القانون شكلا خاصا لإجراء من إجراءات الدعاوى كان هذا الشكل وحده هو الدليل القانوني على حصول هذا الإجراء, فلا يجوز الاستدلال عليه بأي دليل آخر مستمد من غير ورقة الإعلان ذاتها مهما بلغت قوة هذا الدليل - لما كان ما تقدم, وكان الحكم المطعون فيه قد سلم بأن أوراق الدعوى قد خلت من ورقة الإعلان المثبتة لحصوله وهو ما يظاهر دعوى الطاعنة بأنها لم تعلن بالجلسة التي أعيدت إليها القضية للمرافعة, فإنها تكون قد أثبتت قيام العذر الذي منعها من الحضور ولم تستطع تقديمه قبل الحكم, وتكون المعارضة المقدمة منها مقبولة شكلا إعمالا للمادة 241 من قانون الإجراءات الجنائية ويتعين القضاء بذلك وإعادة القضية إلى محكمة ثاني درجة للفصل في موضوعها. لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة وإلزام المطعون ضدهم المصاريف المدنية وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.



الطعن 1718 لسنة 33 ق جلسة 3 / 2 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 23 ص 110

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: توفيق أحمد الخشن, وأديب نصر, وحسين صفوت السركي, ومحمد عبد الوهاب خليل.
--------------
- 1  استئناف " سلطة المحكمة الاستئنافية". خطأ . محكمة استئنافية . دعوى مدنية .
للمحكمة الاستئنافية وهى تفصل فى الاستئناف المرفوع من المدعى بالحق المدني فيما يتعلق بحقوقه المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى وتناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة وما دام المدعى بالحق المدني قد استمر في دعواه المدنية المؤسسة على ذات الواقعة لا يؤثر فى ذلك : كون الحكم الصادر فى الدعوى الجنائية قد أصبح نهائيا وحائزا قوة الشيء المحكوم فيه .علة ذلك.
إذ خول القانون المدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف حكم محكمة أول درجة فيما يتعلق بحقوقه المدنية قد قصد إلى تخويل المحكمة الاستئنافية وهي تفصل في هذا الاستئناف أن تتعرض لواقعة الدعوى وتناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة, مما مقتضاه أن تتصدى لتلك الواقعة وتفصل فيها من حيث توافر الخطأ والضرر ورابطة السببية بينهما في حق المتهم "المستأنف عليه" ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة, وما دامت المدعية بالحقوق المدنية قد استمرت في السير في دعواها المدنية المؤسسة على ذات الواقعة. ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً قوة الشيء المحكوم فيه, إذ أنه لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها لأن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع يختلف في كل منهما عنه في الأخرى مما لا يمكن القول معه بضرورة التلازم بينهما عند الفصل في الدعوى المدنية استئنافيا, إنما يشترط قيام هذا التلازم عند بدء اتصال القضاء الجنائي بهما.
- 2  محكمة الموضوع" سلطتها فى تقدير الخطأ ". مسئولية جنائية . مسئولية مدنية .
خطأ المضرور لا يرفع مسئولية المسئول وإنما يخففها إلا اذا تبين من ظروف الحادث أن خطأ المضرور هو العامل الأول في إحداث الضرر الذي أصابه وأنه بلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ المسئول تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا موضوعي.
الأصل أن خطأ المضرور لا يرفع مسئولية المسئول وإنما يخففها إن كان ثمة خطأ مشترك بمعناه الصحيح. ولا يعفي المسئول استثناء من هذا الأصل - إلا إذا تبين من ظروف الحادث أن خطأ المضرور هو العامل الأول في إحداث الضرر الذي أصابه وأنه بلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ المسئول.
- 3  محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الخطأ ".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أم مدنياً . موضوعي .
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أم مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى, ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض. ولما كان الحكم قد دلل في منطق سائغ على أن الحادث وقع نتيجة قيادة الطاعن للقاطرة بسرعة لا تحتملها الظروف التي وقع فيها ودون إطلاق جهاز التنبيه لتنبيه المجني عليه فإنه يكون قد أثبت توافر ركن الخطأ في حقه وأستظهر رابطة السببية بين الخطأ والحادث.
- 4  إثبات " شهود".  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء علي قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات مرجعه إلي محكمة الموضوع .
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات, كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في 6 يونيه سنة 1957 بدائرة قسم السويس: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل ............ وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن سار بالقطار الذي كان يعبر شريط السكة الحديد وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات مع تطبيق أقصى العقوبة. وقد ادعت ......... بحق مدني قدره 3000 جنيه قبل المتهم والمسئولين عن الحقوق المدنية "وزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية" متضامنين. وفي أثناء نظر الدعوى دفع الحاضر عن الحكومة بعدم قبول الدعوى الجنائية. ومحكمة السويس الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 27 فبراير سنة 1958 عملاً بمادة الاتهام. أولاً- برفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية وقبولها. وثانيا ً- بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة عشر جنيهاً لوقف التنفيذ. ثالثاً- بإلزام المتهم بالتضامن مع المسئولين عن الحقوق المدنية بدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه للمدعية بالحق المدني بصفتها والمصاريف المدنية وعشرة جنيهات أتعابا للمحاماة بلا مصاريف جنائية. أستأنف المحكوم عليه والمسئولان عن الحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة السويس الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1959 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لعدم تحريكها بالطريق القانوني وبلا مصاريف جنائية. ثم قامت النيابة العامة بتحريك الدعوى الجنائية حسبما يقضي القانون وقدمت المتهم المحكمة جنح السويس الجزئية لمعاقبته طبقاً للوصف والقيد سالفي الذكر. ولدى نظر الدعوى أمام تلك المحكمة عدلت المدعية بالحق المدني التعويض الذي تطالب به إلى مبلغ 6000 جنيه. كما دفع الحاضر عن الحكومة بعدم قبول الدعوى المدنية من المدعية بالحقوق المدنية لرفعها من غير ذي صفة. ثم قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 7/5/1960- أولاً : بعدم قبول الدفع المبدى من الحاضر عن المسئول عن الحقوق المدنية بعدم قبول الدعوى وقبولها. ثانياً : ببراءة المتهم مما نسب إليه. وبلا مصروفات. ثالثاً: برفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بالمصاريف وبلا مصروفات. استأنفت النيابة والمدعية بالحقوق المدنية الحكم المذكور. ومحكمة السويس الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 6/5/1961 أولاً: بعدم قبول استئناف النيابة شكلاً لرفعه بعد الميعاد القانوني. ثانياً: بقبول استئناف المدعية بالحق المدني شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بالإلغاء فيما قضى به في الدعوى المدنية وبإلزام المتهم والمسئولين بالحق المدني بصفتهما بأن يؤديا متضامنين للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم ......... مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف المدنية المناسبة عن الدرجتين ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون حين قضى بمساءلة الطاعن في الدعوى المدنية في الوقت الذي قضى فيه بعدم مساءلته في الدعوى الجنائية. ذلك أن الخطأ في ذاته هو أساس المساءلة في الدعويين فمتى نفى الحكم الخطأ عن المتهم في الدعوى الجنائية وقضى له بالبراءة فإنه يكون قد نفى الأساس الذي أقيمت عليه الدعوى المدنية بالتعويض لوحدة الخطأ في كل من الدعويين ولما هو مقرر قانوناً من حجية الحكم الجنائي على الدعوى المدنية
وحيث إنه بعد أن قضت محكمة أول درجة ببراءة المتهم (الطاعن) مما نسب إليه وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعتها بمصاريفها. استأنفت النيابة والمدعية بالحق المدني ذلك الحكم, ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً.أولاً: بعدم قبول استئناف النيابة شكلاً لرفعه بعد الميعاد. ثانياً: بقبول استئناف المدعية بالحق المدني شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية وبإلزام المتهم والمسئولين بالحق المدني بصفتهما بأن يؤديا متضامنين للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم ......... مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. وقد حصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن كان يقود قاطرة للسكة الحديد في المنطقة الجمركية بالسويس حيث كان الزحام شديداً بمناسبة موسم الحج وكان المجني عليه يعبر شريط السكة الحديد فصدمته القاطرة التي كانت قادمة من خلفه بسرعة ودون استعمال آلة التنبيه فأصيب بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. واستند الحكم في قضائه بالتعويض إلى أقوال كل من رجلي الشرطة .......... و......... وإلى أقوال باقي الشهود والمعاينة والتقرير الطبي. لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين مردوداً بأن القانون إذ خول المدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف حكم محكمة أول درجة فيما يتعلق بحقوقه المدنية قد قصد إلى تخويل المحكمة الاستئنافية وهي تفصل في هذا الاستئناف أن تتعرض لواقعة الدعوى وتناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة مما مقتضاه أن تتصدى لتلك الواقعة وتفصل فيها من حيث توافر الخطأ والضرر ورابطة السببية بينهما في حق المتهم المستأنف عليه ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة وما دامت المدعية بالحقوق المدنية قد استمرت في السير في دعواها المدنية المؤسسة على ذات الواقعة. لما كان ذلك, وكان لا يؤثر في ذلك الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً حائزاً قوة الشيء المحكوم فيه إذ أنه لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها لأن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع يختلف في كل منهما عنه في الأخرى مما لا يمكن القول معه بضرورة التلازم بينهما عند الفصل في الدعوى المدنية استئنافياً. إنما يشترط قيام هذا التلازم عند بدء اتصال القضاء الجنائي بهما. لما كان ما تقدم, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من الخطأ في تطبيق القانون لا يكون سديداً
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه خطأ آخر في تطبيق القانون حين اعتبر الطاعن مسئولاً عن التعويض المطالب به بالرغم من انتفاء رابطة السببية بين الخطأ والحادث. هذا إلى أن المجني عليه نفسه قد تسبب في وقوع الحادث بخطئه الذي يتمثل في اجتيازه شريط السكة الحديد مخالفاً بذلك القرار الوزاري رقم 14 الصادر بتاريخ 4 من مارس سنة 1926 والقانون رقم 277 سنة 1956 في شأن النظام الخاص بالسكك الحديدية
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن في هذا الوجه وفنده بقوله: "وحيث إنه إزاء ما ثبت من أقوال شهود الحادث أن المجني عليه كان قد أخذ ذلك الاتجاه وأنه عند عبوره شريط السكة الحديد كان القطار قادماً من خلفه مما يفيد أنه سلكه من ناحية يمين القطار إلى ناحية يساره بانحراف إلى الأمام في اتجاه القطار وهو ما عبر عنه الشاهد الأول العسكري .......... بأنه كان يسير في اتجاه القطار بين القضيبين الأول والثاني. إذا ما ثبت ذلك وكان الثابت من أقوال هؤلاء الشهود أن المتهم لم يطلق آلة التنبيه وأن سرعة القطار لم تكن تتفق ووجوده في مثل مكان الحادث فإن الحادث يكون قد وقع بخطأ المتهم وذلك الخطأ يتمثل في أنه وإن كان معلوماً أنه لا يجوز لأحد اجتياز قضبان السكة الحديد وأن على من يفعل أن يتحقق من خلو الطريق إلا أن الأخذ بذلك على إطلاقه لا يتفق وأن الحادث قد وقع في المنطقة الجمركية وهي منطقة في مثل الوقت الذي وقع فيه الحادث وفي موسم الحج لا تخلو من الناس بل تزدحم بهم وهو ما قال به المتهم نفسه وزعم أنه كان سبباً دعاه إلى إطلاق آلة التنبيه وإن كان قد كذبه في أنه فعل ذلك كل من سئل من شهود الحادث عدا مستخدمي السكة الحديد. وهي أيضاً منطقة مع ازدحامها لا يحد القضبان فيها سور أو سياج بل لا يحدد المكان الذي جاء في المعاينة التي أجرتها المحكمة أن القضبان تتجمع فيه فتصير شريطين اثنين ويعبرهما الطريق المرصوف في الناحية الشرقية إلى جهة الباب رقم (5) المعد لخروج الناس وهو المكان الذي عبر عنه عامل المناورة ....... بأنه مزلقان - ذلك المكان الذي لا يحدده حسب الثابت من المعاينة التي أجرتها المحكمة سلاسل ولا إشارة للتحذير من القطارات وهو فضلاً عن ذلك ليس في وسط الدائرة الجمركية ليسهل على المارة سلوكه بل إنه قريب من الأبواب الخارجية حيث تتجمع القضبان فتصير اثنين فقط وأنه إذا كان ذلك فإنه يكون على المتهم أن يتوقع أن يعبر القضبان أحد ممن يتكاثرون في الدائرة الجمركية في مثل الوقت الذي وقع فيه الحادث بل عليه أن يلتفت إلى الأمام فيرى أن المجني عليه يسير بين خطي السكة الحديد الأول والثاني والمسافة بينهما حوالي مترين وربع وعلى الأخص أن المكان أمامه منبسط لا يستره عن عينيه ما يحول بينه وأن يرى مكان وجود المجني عليه فينبهه وأنه لو فعل على بعد كاف لابتعد المجني عليه حتى عن القضبان ولما وقع الحادث الذي ترتب عليه أن أصيب المجني عليه بالإصابات التي أبانت عنها المستشفى والتي توفى بسببها فور وصوله إليها". لما كان ذلك, وكان الأصل أن خطأ المضرور لا يرفع مسئولية المسئول وإنما يخففها إن كان ثمة خطأ مشترك بمعناه الصحيح. ولا يعفي المسئول استثناء من هذا الأصل إلا إذا تبين من ظروف الحادث أن خطأ المضرور هو العامل الأول في إحداث الضرر الذي أصابه وأنه بلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ المسئول. وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم, وكان الحكم قد دلل في منطق سائغ على أن الحادث وقع نتيجة قيادة الطاعن للقاطرة بسرعة لا تحتملها الظروف التي وقع فيها ودون إطلاق جهاز التنبيه لتنبيه المجني عليه فإنه يكون قد أثبت توافر ركن الخطأ في حقه واستظهر رابطة السببية بين الخطأ والحادث. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو القصور في التسبيب, ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمسئولية الطاعن عن التعويض قد أغفل دليلاً هاماً من الأدلة التي أسس عليها الحكم الابتدائي قضاءه ببراءة الطاعن ومحصله أن الحادث لو كان قد وقع وفقاً لتصوير شهود الإثبات من أن القاطرة دهمت المجني عليه بينما كان يسير في وسط الشريط لأضحى جسمه حطاماً فور وقوع الحادث. لكن الثابت أنه لم يصب إلا بكسر بالفخذ الأيمن وهرس بالقدم اليسرى مما يقطع بأنه كان يعبر الشريط من الجهة اليسرى بالنسبة لخط سير القاطرة فصدمته عندما حاول الرجوع أدراجه وهو ما يؤيد صدق شهادة الوقاد ويكذب أقوال شهود الإثبات
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الوجه مردود بما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات. كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقديره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لمسئولية الطاعن المدنية وأورد الأدلة التي استخلص منها ثبوت هذه المسئولية في حقه وكانت تلك الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من القصور في البيان لا يكون له محل
وحيث إنه لما تقدم كله يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة.

الطعن 1714 لسنة 33 ق جلسة 23 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 101 ص 506

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس, وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان, ومحمد صبري, ومحمد محمد محفوظ, ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
- 1  جريمة " أركانها". سرقة. قصد جنائي
القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية امتلاكه. تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة إلا إذا كانت هذه النية محل شك مثال.
القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية امتلاكه. وأنه وإن كان تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة, إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن بجريمة السرقة على حيازته للسيارة المسروقة, وكان الدفاع عن الطاعن قد نازع في قيام نية السرقة وأوضح أن الطاعن استعار هذه السيارة من صديقه المتهم الثاني فإنه كان يقتضي من المحكمة في هذه الصورة التي تختلط فيها نية السرقة بغيرها - أن تعنى باستجلاء هذه النية بإيراد الدليل عليها كما هي معرفة به في القانون, أما وهي لم تفعل, فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في البيان, ولا يغير من الأمر ما أضافه الحكم المطعون فيه من قرائن على نفي حسن نية الطاعن في حيازة السيارة طالما أن المحكمة لم تعن بالتدليل على قيام القصد الجنائي للسرقة. ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في ليلة 22/6/1962 بدائرة قسم مصر الجديدة: سرقا السيارة المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لـ ............ حالة كون المتهم الثاني عائداً وسبق الحكم عليه بعقوبتين مقيدتين للحرية أخرها في 8/3/1959 بالحبس سنتين مع الشغل. وطلبت عقابهما بالمادتين 49/2، 317/2-4 من قانون العقوبات. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت بتاريخ أول أبريل سنة 1962 حضورياً بالنسبة إلى المتهم الأول وغيابياً بالنسبة إلى المتهم الثاني عملاً بمادة الاتهام بالنسبة إلى المتهم الأول بمعاقبته بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ - وببراءة المتهم الثاني. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم, كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 22/5/1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
-------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة سرقة سيارة قد شابه قصور في البيان وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه استند في ثبوت التهمة قبل الطاعن إلى ضبط السيارة المسروقة في حيازته واعترافه بذلك، في حين أن اعتراف الطاعن بحيازة السيارة لا ينهض بذاته دليلا على توافر ركني الاختلاس ونية التملك كما هي معرفة به في القانون طالما أن الطاعن دفع حيازته لها بأنها كانت على سبيل الاستعارة من المتهم الثاني في الدعوى الذي فر هارباً إلى الكويت بعد ضبط الواقعة بيومين ونفى اختلاسه لها أو علمه بسرقتها مما كان يقتضي من المحكمة أن تعنى باستجلاء هذه النية وإيراد الدليل على قيامها، أما القرائن التي ساقها الحكم المطعون فيه لنفي حسن نية الطاعن في حيازة السيارة بأن اتخذ من حملها نمرة خاصة بمديرية التحرير ومن كون لوحتها المعدنية مصنوعة من الصفيح العادي ومن استمرار استعمال الطاعن لها في أعماله الخاصة دون أن يستريب في أمرها، واتخاذه منها دليلاً على توافر جريمة السرقة، فإنها قرائن لا تؤدي إلى ما استخلصه الحكم فيها، إذ أن مجرد حمل السيارة لنمرة خاصة بمديرية التحرير لا يعني أنها مسروقة لأن جميع موظفي هذه المديرية يحصلون على مثلها أما كونها مصنوعة من الصفيح فإنه لا يثير أي ريبة فيها بدليل أن مفتش المرور عندما قام بفحصها لم يساوره أي شك فيها، الأمر الذي يصم استدلال الحكم بالفساد فضلاً عن القصور في البيان مما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن النقيب .................. والكونستابل الممتاز .................. من قوة مراقبة السيارات بإدارة المرور ضبطا الميكانيكي ................ يقود السيارة رقم 1493 مديرية التحرير بدون أمر تشغيل ودون أن يكون حاصلاً لرخصة قيادة فاقتاداه إلى قسم شرطة حلوان حيث قرر الأخير بأنه تسلم هذه السيارة من الطاعن لإصلاحها وأقر الطاعن عند سؤاله بمحضر ضبط الواقعة أنه يحوز هذه السيارة وأنه استعارها من صديقه ..................... - المتهم الثاني - الذي يعمل مهندساً زراعياً بمديرية التحرير وأنه سبق أن استعارها منه مرات كان أولها منذ ستة شهور تقريباً وتبين من التحريات أن السيارة ليست مملوكة لمديرية التحرير وأنها للمجني عليه الذي يعمل بشركة ......... وكانت تحمل رقم 11442 ملاكي القاهرة وسرقت من أمام منزله بشارع الأهرام بدائرة قسم شرطة مصر الجديدة وضبط لها محضر وحفظ مؤقتاً لعدم معرفة الفاعل وأن الطاعن والمتهم الثاني من لصوص السيارات المعروفين وأن الأخير غادر البلاد إلى الكويت، وأن النمر المعدنية التي كانت بالسيارة عند ضبطها مزيفة وأن صفيحة الشاسيه التي كانت أصلاً بالسيارة قد نزعت كما محيت أرقام الموتور بمبرد وخلص الحكم إلى إدانة الطاعن وحده عن تهمة السرقة وبراءة المتهم الثاني بقوله "ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن التهمة ثابتة قبل المتهم الأول - الطاعن - من ضبط السيارة المسروقة في حيازته واعترافه بذلك ولا تعول المحكمة على ما ذهب إليه من أنه قد تسلمها من المتهم الثاني ذلك الذي لم يقم أي دليل من الأوراق على أنه السارق أو الشريك في السرقة، وقد عمد المتهم الأول إلى تزييف بعض معالم السيارة إمعاناً في التضليل الأمر الذي يتعين معه أخذه بمادة الاتهام وإبراء ساحة المتهم الثاني عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية" وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله "وحيث إنه بالإضافة إلى ما ساقه الحكم المستأنف من أسباب تعتد بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً لها فإن ما أثاره المتهم - الطاعن - على لسان محاميه من حسن نيته في حيازته للسيارة مردود بأنه من غير السائغ المقبول عقلاً أن يحوز السيارة رغم علمه بأنها تحمل رقم 1193 مديرية التحرير ورغم سبق ضبطه بمعرفة الرائد ................. مفتش مديرية القليوبية وتحريره محضر عدم حمله أمر تشغيل ويستمر حائزاً لها لاستعمالها في أعماله الخاصة من ذلك التاريخ متحملاً تكاليفها وتكاليف إصلاحها دون أن يستريب في أمرها أو يحاول الحصول على أمر تشغيلها ممن يزعم أنه استعارها منه وأنه يعمل في مديرية التحرير بل كان يتعين عليه في الأقل القليل أن يبادر بتسليمها له أو تسليمها للقائمين على الأمر في مديرية التحرير حتى يثبت حسن نيته، ولا تعول المحكمة على ما أثاره المتهم من أنه استلم السيارة يوم 26/1/1962 أي قبل ضبطها بيومين فقط، هذا إلى أن وجود فاتورة التشحيم الرقيمة 96549 التي تحمل اسم ....... وتحمل رقم السيارة المسروقة الحقيقي وكذا دفتر أذونات بنزين صادر من شركة ..... لصالح شركة ........ صاحبة السيارة المسروقة وكون اللوحات المعدنية مصنوعة من الصفيح العادي والأرقام على غير العادة وواضحة بمجرد النظر العادي، كل ذلك ينفي حسن النية لدى المتهم ويدلل على مقارفته الإثم الذي عوقب عليه" لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية امتلاكه. وأنه وإن كان تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة، إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن بجريمة السرقة على حيازته للسيارة المسروقة، وكان الدفاع عن الطاعن قد نازع في قيام نية السرقة وأوضح أن الطاعن استعار هذه السيارة من صديقه المتهم الثاني الذي يعمل مهندساً زراعياً بمديرية التحرير فإنه كان يقتضي من المحكمة في هذه الصورة التي تختلط فيها نية السرقة بغيرها - أن تعنى باستجلاء هذه النية بإيراد الدليل عليها كما هي معرفة به في القانون، أما وهي لم تفعل، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في البيان، ولا يغير من الأمر ما أضافه الحكم المطعون فيه من قرائن على نفي حسن نية الطاعن في حيازة السيارة، طالما أن المحكمة لم تعن بالتدليل على قيام القصد الجنائي للسرقة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة إلى بحث الوجه الثاني من أوجه الطعن.