برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة
المستشارين: مختار مصطفى رضوان, ومحمد صبري, ومحمد محمد محفوظ, ومحمد عبد المنعم
حمزاوي.
------------
- 1 إجراءات " إجراءات المحاكمة". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
إزعاج المحكمة الخصوم بملاحظات تنم عن وجه الرأي الذي استقام لها وان
كان غير مقبول إلا أن ذلك لا ينهض سببا للطعن علي حكمها . علة ذلك .
إنه وإن كان من غير المقبول أن تزعج المحكمة الخصوم بملاحظات قد تنم
عن وجه الرأي الذي استقام لها بشأن تقدير الوقائع المطروحة لديها، إلا أن ذلك لا
ينهض سبباً للطعن على حكمها. إذ من المخاطرة القول بأن إبداء مثل تلك الملاحظات
يفيد قيام رأي ثابت مستقر في نفس المحكمة ليس عنه محيص، بل من المحتمل أن تكون تلك
الملاحظات ليست منبعثة إلا من مجرد شبهات قامت في ذهن المحكمة فأرادت أن تتحقق منها
وتمكن الخصوم من درئها قبل أن يستقر رأيها فيها على وجه نهائي معين.
- 2 حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير
المعيب".
لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى . لها في
سبيل ذلك الأخذ بما تطمئن اليه من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو
المحاكمة واطراح ما عداها مما لا تطمئن إليه . عدم التزامها ببيان الأسباب .
من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحرية في تكوين عقيدتها من أي عنصر من
عناصر الدعوى ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود في أي
مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وأن تطرح ما عداها مما لا تطمئن إليه دون أن
تكون ملزمة ببيان الأسباب.
- 3 حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير
المعيب".
لمحكمة الموضوع استخلاص حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة من
جماع الأدلة المطروحة عليها.
لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة
التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 21/9/1960 بدائرة مركز
البدرشين محافظة الجيزة: قتل عمداً ...... بأن انهال عليه ضرباً بحجر على
رأسه كما طعنه بآلة حادة (مطواة) عدة طعنات في جسمه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به
الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه
الجناية جناية أخرى هي أنه في نفس الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل
........... عمداً بأن طعنه عدة طعنات بآلة حادة في جسمه قاصداً من ذلك قتله فأحدث
به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة
المتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى
محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و234 /1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة
بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً بتاريخ 21 من مايو سنة 1962 عملاً
بالمادتين 234 /1-2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة
خمس عشرة سنة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو القصور والفساد في الاستدلال,
ذلك أن الحكم استدل على توافر نية القتل لدى الطاعن باستعمال آلة قاتلة (مطواة)
أصاب بها المجني عليهما عدة إصابات جسيمة في حين أنه لم تكن لديه تلك النية ذلك أن
الثابت من التحقيقات أنه لم يذهب إلى منزل المجني عليهما باختياره بل كان سائرا في
الطريق فدعاه المجني عليهما لدخول منزلهما لشرب الشاي ثم حدثت بينهما مشادة إثر
مطالبتهما له بإخلاء الأرض التي يضع يده عليها والتي اشتراها المجني عليه الثاني
ثم غادر الطاعن منزلهما وإذ سار في طريقه جرى القتيل خلفه للإمساك به فوقع الحادث
وبهذا تكون الواقعة قد حصلت إثر مشاحنة لا يبين من ظروفها أن الطاعن كان ينتوي قتل
المجني عليه الأول أو الشروع في قتل المجني عليه الثاني.
وحيث إن الحكم حصل واقعة الدعوى فيما يجمل أنه بينما كان الطاعن مارا
أمام منزل المجني عليهما دعاه ثانيهما لتناول الشاي معهما وأثناء حديثهم طلب منه
المجني عليه الأخير إخلاء الأرض الزراعية التي يضع يده عليها نظرا لأنه قد اشتراها
فرفض ثم قامت بينهما مشادة وأخرج الطاعن من جيبه سكينا أخذ يطعن بها المجني عليه
الثاني قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة
لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه المذكور بالعلاج وإذ تدخل بينهما
المجني عليه الأول عندئذ انهال عليه الطاعن ضربا بالسكين إلى أن سقطت منه على
الأرض فأمسك بحجر وقذفه على رأسه قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير
الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى اعترافه
وأقوال شهود الحادث وتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي. ولما كان الحكم إذ عرض
إلى نية القتل قال "إن المحكمة تستخلص نية القتل لدى المتهم (الطاعن) من
استعماله آلة قاتلة( مطواة) أصاب بها المجني عليهما جملة إصابات فأحدث بالقتيل ضمن
ما أحدث جرحا طعنيا بالتجويف الصدري. وطعن المجني عليه الآخر. فأحدث به بين ما
أحدث أيضا جرحا قطعيا طوله 10سم بالرقبة من الخلف. هذا فضلا عما ثبت من إلقائه
حجرا على رأس القتيل نتج عنه كسر منخسف بالعظم الجبهي. الأمر الذي يدل بجلاء على
أن المتهم قصد بأفعاله إزهاق روح المجني عليهما. وإن كانت وفاة المجني عليه الثاني
لم تحدث فإن ذلك كان بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعافه بالعلاج". وكان يبين
من ذلك أن الحكم قد استدل على نية القتل باستعمال الطاعن تلك الآلة القاتلة
وبتعمده إصابة المجني عليهما في مقتل إصابات جسيمة واستخلص من ذلك أنه قصد إزهاق
روحهما وهو استخلاص سليم لا عيب فيه. متى كان ذلك, فإن الحكم يكون قد خلا من القصور.
ولا يقدح في ذلك ما قاله الطاعن من أن الحادث وقع بصورة أخرى إثر المشادة التي
حصلت بينه وبين المجني عليهما ومغادرته المنزل وعدو المجني عليه الأول خلفه
للإمساك به. ذلك أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها
إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها, ولما كان ما
استخلصه الحكم عن صورة الواقعة له مأخذ صحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في
هذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو القصور في التسبيب. ذلك أن الحكم استدل
على اقتراف الطاعن لجريمة القتل المسندة إليه بما قالته الطفلة
..................... ابنة المجني عليه الثاني من أن الطاعن طعن عمها القتيل
بالمطواة أولا فلما سقطت منه على الأرض تناول حجرا قذفه على رأسه فأصابه في حين أن
لهذه الشاهدة روايتين قررت في إحداهما أن الطعن بالمطواة كان سابقا للضرب بالحجر وقالت
في الأخرى عكس ذلك ولكن الحكم لم يبين علة أخذه بالرواية التي أخذ بها وإطراحه
للأخرى. ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحرية في تكوين عقيدتها من أي عنصر
من عناصر الدعوى ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود في أي
مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وأن تطرح ما عداها مما لا تطمئن إليه دون أن
تكون ملزمة ببيان الأسباب وكان الحكم قد اطمئن إلى ما نقله من أقوال تلك الشاهدة
مما له سند من الأوراق. لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون غير
سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع ذلك أن
دفاع الطاعن قام على أنه كان في حالة دفاع إثر الاعتداء عليه وقد أيدت المحكمة
رأيها في الدعوى قبل أن تسمع هذا الدفاع وأطرحته بسؤاله عما إذا كان دفاعه عن نفسه
يقتضي أن يحدث بالمجني عليهما كل تلك الإصابات التي لحقت بهما.
وحيث إنه وإن كان ليس من المقبول أن تزعج المحكمة الخصوم الذين أمامها
بملاحظات قد تنم عن وجه الرأي الذي استقام لها بشأن تقدير الوقائع المطروحة لديها,
إلا أن ذلك لا ينهض أن يكون سببا للطعن على حكمها, إذ من المخاطرة القول بأن إبداء
مثل تلك الملاحظات يفيد قيام رأي ثابت مستقر في نفس المحكمة ليس عنه محيص. بل من
المحتمل أن تكون تلك الملاحظات ليست منبعثة إلا من مجرد شبهات قامت في ذهن المحكمة
فأرادت أن تتحقق منها وتمكن الخصوم من درئها قبل أن يستقر رأيها فيها على وجه
نهائي معين. لما كان ذلك, فإن هذا النعي يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو بطلان في الإجراءات لأن الشاهد
........... لم يحلف اليمين ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن
هذا الشاهد سئل بعد حلف اليمين فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في شأن ذلك.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق