جلسة 11 من نوفمبر سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن الغزيري، محمد رضوان، محمد السعدني نواب رئيس المحكمة وعادل عمارة.----------------
(119)
الطعن رقم 47778 لسنة 75 القضائية
القصد الجنائي في جريمة التزوير والاشتراط فيه. موضوعي. تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عنه. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بانتفاء القصد الجنائي في جريمة اشتراك في تزوير محررات رسمية.
(2) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي أطمأنت إليها من سائر الأدلة.
(3) استدلالات. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة الأخذ بتحريات رجال المباحث باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(4) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب" "الإعفاء من العقوبة". عقوبة "الإعفاء منها". مسئولية جنائية. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نص المادة 210 عقوبات. مفاده؟
مثال لتسبيب سائغ لإطراح دفاع الطاعن باستحقاقه للإعفاء من العقاب عن جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية.
(5) تزوير "أوراق رسمية". تقليد. عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن". ارتباط.
نعي الطاعن على الحكم بشأن جناية التزوير في أوراق رسمية. غير مجد. ما دام قد عاقبه بعقوبة تدخل في نطاق المقرر لهذه الجناية وجناية تقليد أختام لجهات حكومية وأعمل نص المادة 32 عقوبات للارتباط.
(6) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد.
----------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم الأول المحكوم عليه غيابياً حرر للمدعى بالحق المدني ..... ثلاث شيكات بغير رصيد وصدر في حقه بشأنها أحكام بالحبس في القضايا أرقام ....., ...., .... لسنة ..... جنح مستأنف .... وتفادياً لتبعات تلك الأحكام فقد اتفق والطاعن مع آخر مجهول على تزوير التوكيل رقم .... لسنة .... رسمي عام والمنسوب صدوره لمكتب توثيق .... وأمداه بالبيانات اللازمة. فقام ذلك المجهول باصطناعه على غرار الصحيح منه وأثبت فيه أنه صادر من ..... المدعى بالحق المدني للطاعن بصفته محامياً ومهره بتوقيعات وأختام نسبها زوراً للعاملين بتلك الجهة ولأختامها. ثم قام الطاعن باستخدام هذا التوكيل بأن أقر بموجبه أمام الضابط المختص في قسم شرطة .... في المحاضر أرقام ....., ....., ..... أحوال القسم في يوم ..... و....., ..... أحوال القسم في يوم ..... بتصالح المدعى بالحق المدني المار ذكره مع المتهم الأول خلافاً للحقيقة ثم قام الأخير بالاحتجاج بتلك المحاضر أمام محكمة جنح مستأنف ..... في الاستئناف رقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... مدعياً تصالحه. فقضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح وساق الحكم على ثبوت الواقعة بهذه الصورة في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر أدلة مستمدة من أقوال المدعى بالحق المدني ..... والذي شهد بأنه لم يصدر توكيلاً للطاعن ولم يتصالح مع المحكوم عليه الأول في القضايا المتداولة بينهما, ومن أقوال ..... رئيس مكتب توثيق شهر عقاري ..... التي شهدت بأن التوكيل رقم ..... لسنة ..... رسمي عام ..... موضوع الاتهام مزور وغير صحيح وأن الأختام والتوقيعات الممهورة به مقلدة. ومن أقوال ..... أمين سر محكمة جنح مستأنف ..... من أن المتهم الأول حضر بالجلسة وقرر بتصالحه مع المدعى بالحق المدني في الدعوى رقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... مستنداً في ذلك إلى المحضر رقم ..... أحوال قسم شرطة ..... بتاريخ ..... والمحرر بمعرفة الطاعن, ومن أقوال كل من النقيب ..... والملازم أول ..... واللذان شهدا بأن تحرياتهما السرية دلت على أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر اتفقا مع آخر مجهول على تزوير التوكيل سالف الذكر واستعمله بأن أقر بموجبه خلافاً للحقيقة أمام الضابط المختص بقسم شرطة ..... في المحاضر المار بيانها بتصالح المدعى بالحق المدني مع الأخير. ومما ثبت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي أثبت أن الأختام الممهور بها التوكيل رقم ..... لسنة ..... رسمي عام ..... مقلدة وغير صحيحة. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير والاشتراك فيه هو من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه, وكان ما ساقه الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلة ثبوتها على نحو ما سلف يتوافر به في حق الطاعن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في التزوير التي دانه بها ويستقيم به إطراح ما أثاره من دفاع أمام المحكمة من انتفاء علمه بالتزوير. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل.2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعن للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة وللتدليل على نفي علمه بالتزوير فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً.
3- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة كما هو الحال في الحكم المطعون فيه ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له.
4- من المقرر أن مفاد نص المادة 210 من قانون العقوبات أن المشرع اشترط لإعفاء المتهم من العقاب عن أي من جرائم التزوير الواردة بالمواد من 206 وحتى المادة 209 من ذات القانون أن يكون قد بادر بإخبار الحكومة بها قبل تمامها وقبل البحث عنه أو أن يخبر عن غيره من الجناة أو يسهل للسلطات القبض عليهم, باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة, فإذا لم يكن للإبلاغ أو الإخبار فائدة ولم يتحقق صدقه, بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يُجزى عنها بالإعفاء وهي ضبط الواقعة قبل تمامها أو تمكن السلطات من القبض على الجناة, وإذ كان الثابت من الأوراق أن الأقوال التي أدلى بها الطاعن في هذا الشأن والتي جاءت بعد ضبط المحرر المزور لم تتعد مجرد قول مرسل عار عن دليله بأن شخصاً سماه - هو والد المحكوم عليه الآخر - سلمه التوكيل موضوع الاتهام بحالته, وقد وردت هذه الأقوال من الطاعن في نطاق نفي علمه بتزوير ذلك التوكيل, وهو دفاع على ما سلف قد اطرحه الحكم وما دامت لم تسهم أقواله هذه في تحقق غرض الشارع بضبط أحد ممن يكون قد ساهم في اقتراف الجريمة فإنه لا يتحقق بها موجب الإعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة لتخلف المقابل المبرر له.
5- لما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لأي من جنايتي تقليد أختام لجهات حكومية, وكذا التزوير في أوراق رسمية, وأنه أعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات للارتباط وقضى عليه بعقوبة مبررة لتهمة التزوير في أوراق رسمية, ومن ثم يكون الحكم قد جاء صحيحاً, ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول.
6- من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة, وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه الطاعن من خطئه في الإسناد في بيان عدد الشيكات التي أقام بها المدعى بالحق المدني دعاوى جنائية قبل المحكوم عليه الآخر بقالة أنهما اثنان بدلاً من ثلاث - على نحو ما أشار إليه بأسباب طعنه - وعلى فرض وجوده لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للحادث فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضت بمحاكمته غيابياً بأنهما: المتهمان الأول والثاني: أـ وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو التوكيل رقم ..... لسنة ...... رسمي عام ..... والمنسوب صدوره لمكتب توثيق ..... بأن اتفقا معه على تزويره وساعداه بأن أمداه بالبيانات اللازم إدراجها به فقام المجهول باصطناعه على غرار الصحيح منه ووقع عليه بإمضاءات عزاها زوراً للموظفين المختصين بالجهة سالفة البيان وبصم عليه بأختام مقلدة فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. ب -بصفتهما سالفة البيان قلدا بواسطة الغير أختام إحدى المصالح الحكومية وهو الخاتم الكودي لمكتب توثيق ..... واستعملاه بأن بصما به التوكيل المزور موضوع التهمة سالفة البيان مع عملهما بأمر تقليده. 2- المتهم: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسنى النية وهم ..... أمين شرطة بقسم شرطة ..... و..... ملازم أول شرطة بقسم شرطة ..... في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي المحاضر أرقام ..... أحوال في .....، ..... أحوال في .....، ..... أحوال في ....، ..... أحوال في......، ..... أحوال في ..... وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن مثل أمام سالفي الذكر بموجب التوكيل الزور موضوع التهمة الأولى وأثبت تخالصه عن المجني عليه وأدلى على خلاف الحقيقة بأن موكله قد تصالح مع المتهم الأول في الدعاوى سالفة البيان فوقعت الجريمة بناء على تلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. 3- المتهمان: استعملا المحرر المزور موضوع التهمة الأولى فيما زور من أجله مع علمهما بتزويره وذلك بأن احتج به الثاني في حضوره لتحرير محاضر جمع الاستدلالات المزورة سالفة البيان في إثبات وكالته عن المجني عليه ..... واستعملها الأول بأن احتج بها أمام محكمة جنح مستأنف ..... و...... في إثبات تخالصه مع المجني عليه في الدعاوى سالفة البيان. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه ..... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً غيابياً للأول وحضورياً للثاني وعملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 206/ 3، 4، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين رقمي 17، 32 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة الأول غيابياً بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة الثاني حضورياً بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه. ثالثاً: ألزمت المتهمين بالمصاريف الجنائية وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محرر رسمي وتقليد خاتم لإحدى الجهات الحكومية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أنه دفع بانتفاء القصد الجنائي في حقه وعدم علمه بتزوير المحرر محل الاتهام وأن والد المتهم الآخر هو الذي سلمه إياه بحالته دون أن يعلم حقيقة تزويره ودلل على ذلك بأنه أبلغ الشرطة فور اكتشافه الواقعة وبما قدمه من مستندات تؤيد دفاعه. إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يعن بتحقيقه ولم يدلل على توافر العلم لديه، واستند في ذلك إلى تحريات الشرطة رغم عدم صلاحيتها، وعاقبه دون أن يعمل في حقه الإعفاء المقرر بمقتضى نص المادة 210 من قانون العقوبات لإبلاغه عن الفاعل الحقيقي، وأخيراً فإن المحكمة أوردت في أسبابها أن المتهم الآخر حرر للمدعى بالحق المدني ثلاث شيكات بغير رصيد خلافاً للثابت من الأوراق من أنه حرر له شيكين فقط أقام بهما ثلاث قضايا. ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم الأول المحكوم عليه غيابياً حرر للمدعى بالحق المدني ..... ثلاث شيكات بغير رصيد وصدر في حقه بشأنها أحكام بالحبس في القضايا أرقام ...., ....., ..... لسنة ..... جنح مستأنف .... وتفادياً لتبعات تلك الأحكام فقد اتفق والطاعن مع آخر مجهول على تزوير التوكيل رقم .... لسنة .... رسمي عام والمنسوب صدوره لمكتب توثيق ..... وأمداه بالبيانات اللازمة. فقام ذلك المجهول باصطناعه على غرار الصحيح منه وأثبت فيه أنه صادر من ..... المدعى بالحق المدني للطاعن بصفته محامياً ومهره بتوقيعات وأختام نسبها زوراً للعاملين بتلك الجهة ولأختامها. ثم قام الطاعن باستخدام هذا التوكيل بأن أقر بموجبه أمام الضابط المختص في قسم شرطة .... في المحاضر أرقام ....., ....., ..... أحوال القسم في يوم ..... و....., ..... أحوال القسم في يوم ..... بتصالح المدعى بالحق المدني المار ذكره مع المتهم الأول خلافاً للحقيقة ثم قام الأخير بالاحتجاج بتلك المحاضر أمام محكمة جنح مستأنف ..... في الاستئناف رقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... مدعياً تصالحه. فقضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح وساق الحكم على ثبوت الواقعة بهذه الصورة في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر أدلة مستمدة من أقوال المدعى بالحق المدني ..... والذي شهد بأنه لم يصدر توكيلاً للطاعن ولم يتصالح مع المحكوم عليه الأول في القضايا المتداولة بينهما, ومن أقوال ..... رئيس مكتب توثيق شهر عقاري ..... التي شهدت بأن التوكيل رقم ..... لسنة ..... رسمي عام ..... موضوع الاتهام مزور وغير صحيح وأن الأختام والتوقيعات الممهورة به مقلدة. ومن أقوال ..... أمين سر محكمة جنح مستأنف ..... من أن المتهم الأول حضر بالجلسة وقرر بتصالحه مع المدعى بالحق المدني في الدعوى رقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... مستنداً في ذلك إلى المحضر رقم ..... أحوال قسم شرطة ..... بتاريخ ..... والمحرر بمعرفة الطاعن, ومن أقوال كل من النقيب ..... والملازم أول ..... واللذان شهدا بأن تحرياتهما السرية دلت على أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر اتفقا مع آخر مجهول على تزوير التوكيل سالف الذكر واستعمله بأن أقر بموجبه خلافاً للحقيقة أمام الضابط المختص بقسم شرطة ..... في المحاضر المار بيانها بتصالح المدعى بالحق المدني مع الأخير. ومما ثبت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي أثبت أن الأختام الممهور بها التوكيل رقم ..... لسنة ..... رسمي عام ..... مقلدة وغير صحيحة. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير والاشتراك فيه هو من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه, وكان ما ساقه الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلة ثبوتها على نحو ما سلف يتوافر به في حق الطاعن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في التزوير التي دانه بها ويستقيم به إطراح ما أثاره من دفاع أمام المحكمة من انتفاء علمه بالتزوير. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعن للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة وللتدليل على نفي علمه بالتزوير فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ـ كما هو الحال في الحكم المطعون فيه ـ ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة 210 من قانون العقوبات أن المشرع اشترط لإعفاء المتهم من العقاب عن أي من جرائم التزوير الواردة بالمواد من 206 وحتى المادة 209 من ذات القانون أن يكون قد بادر بإخبار الحكومة بها قبل تمامها وقبل البحث عنه أو أن يخبر عن غيره من الجناة أو يسهل للسلطات القبض عليهم, باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة, فإذا لم يكن للإبلاغ أو الإخبار فائدة ولم يتحقق صدقه, بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يُجزى عنها بالإعفاء وهي ضبط الواقعة قبل تمامها أو تمكن السلطات من القبض على الجناة, وإذ كان الثابت من الأوراق أن الأقوال التي أدلى بها الطاعن في هذا الشأن والتي جاءت بعد ضبط المحرر المزور لم تتعد مجرد قول مرسل عار عن دليله بأن شخصاً سماه هو والد المحكوم عليه الآخر سلمه التوكيل موضوع الاتهام بحالته, وقد وردت هذه الأقوال من الطاعن في نطاق نفي علمه بتزوير ذلك التوكيل, وهو دفاع على ما سلف قد اطرحه الحكم وما دامت لم تسهم أقواله هذه في تحقق غرض الشارع بضبط أحد ممن يكون قد ساهم في اقتراف الجريمة فإنه لا يتحقق بها موجب الإعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة لتخلف المقابل المبرر له، هذا إلى أنه لما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لأي من جنايتي تقليد أختام لجهات حكومية, وكذا التزوير في أوراق رسمية, وأنه أعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات للارتباط وقضى عليه بعقوبة مبررة لتهمة التزوير في أوراق رسمية, ومن ثم يكون الحكم قد جاء صحيحاً, ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة, وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه الطاعن من خطئه في الإسناد في بيان عدد الشيكات التي أقام بها المدعى بالحق المدني دعاوى جنائية قبل المحكوم عليه الآخر بقالة أنهما اثنان بدلاً من ثلاث - على نحو ما أشار إليه بأسباب طعنه - وعلى فرض وجوده لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للحادث فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق