جلسة 14 من أكتوبر سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن الغزيري، عادل أبو النجا، محمد السعدني نواب رئيس المحكمة ورفعت إبراهيم.--------------
(85)
الطعن رقم 58151 لسنة 75 القضائية
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
الاختلاس. تمامه؟
القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953. مناط توافره؟
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة اختلاس.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة فيما استند إليه الحكم منها.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بأقوال الشاهد. مفاده؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها به. كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والوقائع وترتيب النتائج على المقدمات.
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية.
(3) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المراد بالأمناء على الودائع؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على صفة الطاعن كأمين على الودائع في جريمة اختلاس.
(4) اختلاس أموال أميرية. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن بتخلف ظرف كونه أميناً على الودائع. غير مجد. ما دامت المحكمة قد عاقبته بالعقوبة المقررة لجريمة الاختلاس مجردة من هذا الظرف.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد استقلالاً على الدفاع الموضوعي. اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التي عولت عليها. مفاده: اطراحه.
مثال.
(6) اختلاس أموال أميرية. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عبارة الأموال أو الأوراق أو غيرها الواردة بالفقرة الأولى من المادة 112 عقوبات. مدلولها ؟
الاختلاس. تمامه؟
القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953. مناط توافره؟
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة اختلاس.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة فيما استند إليه الحكم منها.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بأقوال الشاهد. مفاده؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها به. كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والوقائع وترتيب النتائج على المقدمات.
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية.
(3) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المراد بالأمناء على الودائع؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على صفة الطاعن كأمين على الودائع في جريمة اختلاس.
(4) اختلاس أموال أميرية. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن بتخلف ظرف كونه أميناً على الودائع. غير مجد. ما دامت المحكمة قد عاقبته بالعقوبة المقررة لجريمة الاختلاس مجردة من هذا الظرف.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد استقلالاً على الدفاع الموضوعي. اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التي عولت عليها. مفاده: اطراحه.
مثال.
(6) اختلاس أموال أميرية. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عبارة الأموال أو الأوراق أو غيرها الواردة بالفقرة الأولى من المادة 112 عقوبات. مدلولها ؟
مثال.
(7) رد. غرامة. عقوبة "تطبيقها". محكمة النقض "سلطتها". نقض "عدم جواز مضاراة الطاعن بطعنه".
إغفال الحكم المطعون فيه معاقبة الطاعن بعقوبتي الغرامة والرد المنصوص عليهما في المادة 118 عقوبات. خطأ في تطبيق القانون. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. علة ذلك؟
(7) رد. غرامة. عقوبة "تطبيقها". محكمة النقض "سلطتها". نقض "عدم جواز مضاراة الطاعن بطعنه".
إغفال الحكم المطعون فيه معاقبة الطاعن بعقوبتي الغرامة والرد المنصوص عليهما في المادة 118 عقوبات. خطأ في تطبيق القانون. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. علة ذلك؟
---------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وهو أمين سر جلسة الجنح المستأنفة لدائرة قسمي ...., ..... ومن مقتضيات وظيفته إعداد القضايا المنظورة أمام الدائرة واستلام أوراقها ومستنداتها, فاستلم بتاريخ .... تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والشيك الخاصين بالجنحة رقم .... لسنة .... مستأنف ...., فاختلسهما لنفسه ولم يرفقهما بالجنحة المذكورة, وساق الحكم على ثبوت الواقعة قبل الطاعن على النحو السالف الذكر أدلة مستقاة من شهادة الشهود وإقرار المتهم. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها ثبوت وقوعها منه وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس وأورد مؤدى أدلة الثبوت التي عول عليه في إدانة الطاعن, في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإن ذلك حسبه بياناً لجناية الاختلاس كما هي مُعرفة به في القانون بركنيها المادي والمعنوي, لما هو مقرر من أن الاختلاس يتم بمجرد تصرف الموظف في المال أو الأوراق المعهود بها إليه تصرف المالك بنية إضاعته على الجهة التي يعمل بها, وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 أن يكون المتهم قد تصرف في المال أو الأوراق التي بعهدته على اعتبار أنها مملوكة له, كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة, بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -, ومع ذلك فقد أورد الحكم ما يفيد توافر هذا القصد في حق الطاعن بقوله: "..... إن نية الاختلاس متوافرة في حق الطاعن من ظروف وملابسات الدعوى, فالمتهم استأثر لنفسه بالشيك والتقرير المسلمين إليه وأدخلهما في حيازته إضرار منه بالمجني عليه الصادر لصالحه الشيك المختلس", فإن كافة ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور يكون في غير محله.2- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت متفقة فيما استند إليه الحكم منها, فإنه لا يضير الحكم إحالته في بيان أقوال أحد الشهود على ما أورده من أقوال شاهد لآخر طالما لا يماري الطاعن في اتفاق أقوالهما فيما استند إليه الحكم منها, وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات, مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها ومتى أخذت بأقوال الشاهد, دل ذلك على اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, كما أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه, كما أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها به بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والوقائع وترتيب النتائج على المقدمات, وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية أخرى, فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
3- لما كان الثابت من الحكم أن الطاعن وهو أمين سر دائرة الجنح المستأنفة التي يعمل بها, اختلس تقرير قسم التزييف والتزوير والشيك موضوع الجنحة المنوه عنها ولم يرفقهما بتلك الجنحة لعرضهما على المحكمة, وهما في حيازته حال كونه من الأمناء على الودائع وسلمت إليه بهذه الصفة, وكان من المقرر أنه يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوي الصفة العمومية أؤتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال, ولا يشترط أن تكون وظيفة الشخص حفظ الأمانات والودائع, وإنما يكفي أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه ممن تخولهم وظائفهم التكليف به أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابي أو إداري, وكان تسليم تقرير التزييف والتزوير والشيك المطعون عليه على الصورة التي أوردها الحكم واستظهرها من أقوال الشهود يتلازم معه أن يكون الطاعن أميناً عليها مادام أنه أؤتمن بسبب وظيفته على حفظها فإنه يكون قد دلل تدليلاً كافياً على أنه المسئول عن هذه المستندات موضوع الاختلاس بصفته أميناً عليها مما يوفر في حقه فضلاً عن عنصر التسليم بسبب الوظيفة صفته كأمين على الودائع, مما يحق معه عقابه عن جناية الاختلاس وبالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 من قانون العقوبات, فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على صفته كأمين على الودائع, لا يكون له محل.
4- لما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن - بعد تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات وهي السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات - تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الاختلاس مجردة من ظرف كون الطاعن أميناً على الودائع, فإنه لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذا الظرف.
5- لما كان ما يثيره الطاعن بأوجه الطعن من أن ما نسب إليه هو محض إهمال وأن آخرين يشاركونه العمل وكثرة القضايا الملقاة على عاتقه فضلاً عن مرور وقت طويل قبل سؤال النيابة له, فضلاً عن مرضه, ووجود خلافات بينه والشاهد الثالث - حسب الحافظة التي قدمها - كل هذا لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتعقبه فيه والرد عليه استقلالاً, وفي اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التي عولت عليها ما يدل على أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
6- من المقرر أن عبارة الأموال أو الأوراق أو غيرها التي وردت بالفقرة الأولى من المادة 112 من قانون العقوبات, صيغت بألفاظ عامة يدخل في مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية. لما كان ذلك، وكانت المستندات التي اختلسها الطاعن هي مما ينطبق عليه وصف الأوراق فضلاً عن القيمة المالية للشيك موضوع الاختلاس, فضلاً عن إمكان استعماله لها والانتفاع بها بدلالة إضاعة قيمتها على المجني عليه في قضية الشيك, مما يؤكد ما لهذه الأوراق من قيمة, فإن مجادلة الطاعن في هذا الخصوص تكون على غير أساس.
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء على الطاعن بعقوبتي الغرامة والرد المنصوص عليهما في المادة 118 من قانون العقوبات, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون, إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه فقط, فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالطاعن, وإذ إن المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده. هذه إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في هذا الوجه من الطعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عمومياً "أمين سر جلسة جنح ..... اختلس الأوراق والمستندات المبينة وصفاً بالتحقيقات والمودعة ملف الدعوى رقم .... لسنة .... جنح مستأنف .... والمسلمة إليه بسبب وظيفته حال كونه من الأمناء على الودائع. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1، 2 بند أ، 119/ أ، 119 مكرر/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات.فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس حال كونه من الأمناء على الودائع قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان والخطأ في تطبيق القانون، إذ خلا من بيان الواقعة المستوجبة العقوبة وأركان الجريمة التي دانه بها والأدلة التي أقام عليها قضاءه. وأحال في بيان شهادة الشاهدين الثاني والثالث على ما شهد به الشاهد الأول دون بيان مضمون شهادتهما. ولم يرد على دفعه بعدم جدية التحريات التي عول عليها لظواهر عددها. وعول على شهادة الشهود رغم عدم انصراف شهادتهم إلى قصد الطاعن بإضافة المال المختلس لذمته. وأنه لا يُعد من الأمناء على الودائع ممن عنتهم المادة 112 عقوبات. وأن ما آتاه محض إهمال يرجع لطول الفترة قبل التحقيق معه واستلم آخرين لعمله وكثرة عدد القضايا وعدم سؤال النيابة لمساعديه فضلًا عن مرضه، ولم تطلع المحكمة على الشيك موضوع الاختلاس ولم تبين مفرداته ولم يقض بعقوبة الرد والغرامة المنصوص عليهما بالمادة 118 مكرراً عقوبات، والتفت عن حافظة مستنداته التي قدمها وتفيد بوجود خلافات بينه وبين الشاهد الثالث ..... مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وهو أمين سر جلسة الجنح المستأنفة لدائرة قسمي .....، ..... ومن مقتضيات وظيفته إعداد القضايا المنظورة أمام الدائرة واستلام أوراقها ومستنداتها، فاستلم بتاريخ ..... تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والشيك الخاصين بالجنحة رقم ..... لسنة ..... مستأنف .....، فاختلسهما لنفسه ولم يرفقهما بالجنحة المذكورة، وساق الحكم على ثبوت الواقعة قبل الطاعن على النحو السالف الذكر أدلة مستقاة من شهادة الشهود وإقرار المتهم. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها ثبوت وقوعها منه وكان يبين مما سطره الحكم - فيما تقدم - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس وأورد مؤدى أدلة الثبوت التي عول عليه في إدانة الطاعن، في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإن ذلك حسبه بياناً لجناية الاختلاس كما هي مُعرفة به في القانون بركنيها المادي والمعنوي، لما هو مقرر من أن الاختلاس يتم بمجرد تصرف الموظف في المال أو الأوراق المعهود بها إليه تصرف المالك بنية إضاعته على الجهة التي يعمل بها، وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 أن يكون المتهم قد تصرف في المال أو الأوراق التي بعهدته على اعتبار أنها مملوكة له، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه كما هو الحال في الدعوى المطروحة، ومع ذلك فقد أورد الحكم ما يفيد توافر هذا القصد في حق الطاعن بقوله: "..... إن نية الاختلاس متوافرة في حق الطاعن من ظروف وملابسات الدعوى، فالمتهم استأثر لنفسه بالشيك والتقرير المسلمين إليه وأدخلهما في حيازته إضراراً منه بالمجني عليه الصادر لصالحه الشيك المختلس"، فإن كافة ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت متفقة فيما استند إليه الحكم منها، فإنه لا يضير الحكم إحالته في بيان أقوال أحد الشهود على ما أورده من أقوال شاهد لآخر طالما لا يماري الطاعن في اتفاق أقوالهما فيما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها ومتى أخذت بأقوال الشاهد، دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها به بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والوقائع وترتيب النتائج على المقدمات، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية أخرى، فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم أن الطاعن وهو أمين سر دائرة الجنح المستأنفة التي يعمل بها، اختلس تقرير قسم التزييف والتزوير والشيك موضوع الجنحة المنوه عنها ولم يرفقهما بتلك الجنحة لعرضهما على المحكمة، وهما في حيازته حال كونه من الأمناء على الودائع وسلمت إليه بهذه الصفة، وكان من المقرر أنه يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوي الصفة العمومية أؤتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال، ولا يشترط أن تكون وظيفة الشخص حفظ الأمانات والودائع، وإنما يكفي أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه ممن تخولهم وظائفهم التكليف به أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابي أو إداري، وكان تسليم تقرير التزييف والتزوير والشيك المطعون عليه على الصورة التي أوردها الحكم واستظهرها من أقوال الشهود يتلازم معه أن يكون الطاعن أميناً عليها مادام أنه أؤتمن بسبب وظيفته على حفظها فإنه يكون قد دلل تدليلاً كافياً على أنه المسئول عن هذه المستندات موضوع الاختلاس بصفته أميناً عليها مما يوفر في حقه فضلاً عن عنصر التسليم بسبب الوظيفة صفته كأمين على الودائع، مما يحق معه عقابه عن جناية الاختلاس وبالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 من قانون العقوبات، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على صفته كأمين على الودائع، لا يكون له محل، هذا إلى أنه لما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن بعد تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات وهي السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الاختلاس مجردة من ظرف كون الطاعن أميناً على الودائع، فإنه لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذا الظرف. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بأوجه الطعن من أن ما نسب إليه هو محض إهمال وأن آخرين يشاركونه العمل وكثرة القضايا الملقاة على عاتقه فضلاً عن مرور وقت طويل قبل سؤال النيابة له، فضلاً عن مرضه، ووجود خلافات بينه والشاهد الثالث - حسب الحافظة التي قدمها - كل هذا لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتعقبه فيه والرد عليه استقلالاً، وفي اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التي عولت عليها ما يدل على أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكانت عبارة الأموال أو الأوراق أو غيرها التي وردت بالفقرة الأولى من المادة 112 من قانون العقوبات، صيغت بألفاظ عامة يدخل في مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية، لما كان ذلك وكانت المستندات التي اختلسها الطاعن هي مما ينطبق عليه وصف الأوراق فضلاً عن القيمة المالية للشيك موضوع الاختلاس، فضلاً عن إمكان استعماله لها والانتفاع بها بدلالة إضاعة قيمتها على المجني عليه في قضية الشيك، مما يؤكد ما لهذه الأوراق من قيمة، فإن مجادلة الطاعن في هذا الخصوص تكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء على الطاعن بعقوبتي الغرامة والرد المنصوص عليهما في المادة 118 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه فقط، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالطاعن، وإذ إن المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده هذه إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في هذا الوجه من الطعن. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برُمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق