جلسة 19 من ابريل سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ عادل الشوربجي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ رضا القاضي، محمد محجوب، عاطف خليل ونبيل الكشكي نواب رئيس
المحكمة.
-----------
(50)
الطعن 2520 لسنة 74 ق
- 1 دستور. قانون "سريانه"
"القانون الأصلح". محكمة النقض "اختصاصها".
أحكام القوانين. لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب
عليها أثر فيما وقع قبلها. أساس ذلك؟ قاعدة شرعية الجريمة والعقاب في القانون
الجنائي. تستلزم أن يعاقب على الجرائم بمقتضي القانون المعمول به وقت ارتكابها.
إعمال القانون الأصلح استثناء من الأصل العام. أساس ذلك؟ القانون الأصلح للمتهم.
ماهيته؟ اختصاص محكمة النقض بإعمال القانون الأصلح بغير دعوى أو طلب. أساس وعلة
ذلك؟
- 2 قانون "القانون الأصلح"
"تفسيره". محكمة النقض "سلطتها".
المادة الثانية من القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض
النفسي. مفادها؟ صدور القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض النفسي بعد صدور
الحكم المطعون فيه. يعد أصلح للمتهم. أساس وعلة وأثر ذلك؟ مثال.
-------------
1 - من المقرر أن الأصل عملاً بالمادة 19 من الإعلان الدستوري والفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات أنه لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، وأن مبدأ عدم جواز رجعية الأحكام الموضوعية لنصوص القوانين الجنائية مستمدة من قاعدة شرعية الجريمة والعقاب التي تستلزم أن تقتصر على عقاب الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها، فإنه يخرج عن هذا النطاق القانون الأصلح للمتهم وهو ما قننته الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، وكان من المقرر أن القانون الأصلح للمتهم هو الذي ينشئ له من الناحية الموضوعية لا الإجرائية مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم بأن يلغي الجريمة المسندة إليه أو بعض عقوباتها أو يخفضها أو يقرر وجهاً للإعفاء من المسئولية الجنائية أو يلغي ركناً من أركان الجريمة، فيكون من حق المتهم في هذه الحالات واستمداداً من دلالة تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى التخفيف أن يستفيد لصالحه من تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها، وكان إعمال القانون الأصلح عملاً بالفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات باعتباره قيداً على سريان النص العقابي من حيث الزمان هو مما يدخل في اختصاص محكمة النقض بغير دعوى ولا طلب.
2 - لما كان قد صدر بتاريخ 14 من مايو سنة 2009 بعد صدور الحكم المطعون فيه القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وقانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 ونص في مادته الثانية على أن "يستبدل بنص المادة 62 من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 النص الآتي: لا يسأل جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها، ويظل مسئولاً جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره، وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة"، وكان مفاد هذا النص المار ذكره بما نص عليه من المساواة بين الجنون والمرض النفسي في الإعفاء من العقاب فإنه قد أنشأ سبباً جديداً للإعفاء من العقاب وهو المرض النفسي الذي يفقد الإدراك والاختيار بعد أن كان نص المادة 62 من قانون العقوبات قبل تعديله بالقانون رقم 71 لسنة 2009 سالف الذكر يقصره على الجنون والغيبوبة الناشئة عن العقاقير المخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها، فإنه يعد قانوناً أصلح للمتهم إذا أنشأ له مركزاً قانونياً أصلح من القانون القديم، وكان يبين من محضر جلسة 7/2/2004 أن المدافع عن الطاعن قد أشار إلى أن الأخير يعاني من المرض النفسي وأنه كان يتلقى العلاج بمستشفى الصحة النفسية بــ ......، ولما كانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشان حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة ـ محكمة النقض ـ أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون أصلح للمتهم الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة كيما تتاح للطاعن فرصة محاكمته في ضوء المادة 62 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون رقم 71 لسنة 2009 باعتباره قانوناً أصلح له، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- سرق وآخران مجهولان السيارة
المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة ..... بطريق الإكراه الواقع على المجني
عليه ..... قائد السيارة بالطريق العام بأن استوقفوه أثناء قيادته للسيارة طالبين
توصيلهم إلى أحد الأماكن واقتادوه إلى طريق خال من المارة وأشهر المتهم الأول في
وجهه سلاحاً أبيض" سكين "هدده به وأجبره على النزول من السيارة وأوقعوا
بذلك الرعب في نفسه وعطلوا مقاومته وتمكنوا بتلك الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء
على السيارة. 2- أحرز سلاحاً أبيض" سكين "بغير مسوغ من الضرورة الشخصية
أو الحرفية. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين
بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315 من قانون العقوبات
والمواد 1/1، 25 مكرراً/1، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم
(11) من الجدول رقم (1) الملحق به مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته
بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط. فطعن
المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
--------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي
السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض" سكين" دون مسوغ قد شابه القصور في
التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه التفت عن طلب المدافع عنه بالتصريح له
باستخراج تقرير طبي عن حالة المتهم المرضية من مستشفى الصحة النفسية وعما إذا كانت
حالة المرض وقت ارتكابه للجريمة تؤثر على أفعاله من عدمه والمؤيدة بالمستندات
المقدمة منه ومغفلاً طلبه استدعاء الطبيب المعالج بمستشفى الأمراض النفسية بـ
..... لسماع شهادته عن حالة المتهم، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. لما كان
الأصل عملاً بالمادة 19 من الإعلان الدستوري والفقرة الأولى من المادة الخامسة من
قانون العقوبات أنه لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها،
ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، وأن مبدأ عدم جواز رجعية الأحكام الموضوعية
لنصوص القوانين الجنائية مستمدة من قاعدة شرعية الجريمة والعقاب التي تستلزم أن
تقتصر على عقاب الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها، فإنه يخرج عن هذا
النطاق القانون الأصلح للمتهم وهو ما قننته الفقرة الثانية من المادة الخامسة من
قانون العقوبات، وكان من المقرر أن القانون الأصلح للمتهم هو الذي ينشئ له من
الناحية الموضوعية لا الإجرائية مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم
بأن يلغي الجريمة المسندة إليه أو بعض عقوباتها أو يخفضها أو يقرر وجهاً للإعفاء
من المسئولية الجنائية أو يلغي ركناً من أركان الجريمة، فيكون من حق المتهم في هذه
الحالات واستمداداً من دلالة تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى التخفيف أن يستفيد
لصالحه من تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها، وكان إعمال القانون الأصلح عملاً
بالفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات باعتباره قيداً على سريان
النص العقابي من حيث الزمان هو مما يدخل في اختصاص محكمة النقض بغير دعوى ولا طلب.
لما كان ذلك، وكان قد صدر بتاريخ 14 من مايو سنة 2009 بعد صدور الحكم المطعون فيه
القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام
قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وقانون الإجراءات الجنائية
الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 ونص في مادته الثانية على أن" يستبدل بنص
المادة 62 من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 النص الآتي: لا
يسأل جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده
الإدراك أو الاختيار أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أياً كان
نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها، ويظل مسئولاً جنائياً الشخص
الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو
اختياره، وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة"، وكان
مفاد هذا النص المار ذكره بما نص عليه من المساواة بين الجنون والمرض النفسي في
الإعفاء من العقاب فإنه قد أنشأ سبباً جديداً للإعفاء من العقاب وهو المرض النفسي
الذي يفقد الإدراك والاختيار بعد أن كان نص المادة 62 من قانون العقوبات قبل
تعديله بالقانون رقم 71 لسنة 2009 سالف الذكر يقصره على الجنون والغيبوبة الناشئة
عن العقاقير المخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها،
فإنه يعد قانوناً أصلح للمتهم إذ أنشأ له مركزاً قانونياً أصلح من القانون القديم،
وكان يبين من محضر جلسة 7/2/2004 أن المدافع عن الطاعن قد أشار إلى أن الأخير
يعاني من المرض النفسي وأنه كان يتلقى العلاج بمستشفى الصحة النفسية بــ..... ،
ولما كانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض تخول هذه المحكمة ــ محكمة النقض ــ أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من
تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون أصلح للمتهم
الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة كيما تتاح للطاعن فرصة
محاكمته في ضوء المادة 62 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون رقم 71 لسنة
2009 باعتباره قانوناً أصلح له، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق