جلسة 14 من مارس سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / عابد راشد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد أحمد خليل ، أحمد محمود شلتوت ، ووليد عادل نواب رئيس المحكمة وأحمد صفوت .
--------------
(30)
الطعن رقم 11448 لسنة 90 القضائية
(1) محكمة استئنافية . حكم " وصفه " . نقض " ما يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
وجوب حضور المتهم بشخصه في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به جلسات المحاكمة . حضوره بشخصه في جنحة يجوز فيها الحبس أمام المحكمة الاستئنافية .لازم . علة وأساس ذلك ؟
الحكم الصادر من المحكمة الاستئنافية في دعوى مرفوعة بطريق الادعاء المباشر حضر فيها وكيل الطاعنة وأبدى دفاعه . حضوري غير قابل للمعارضة . الطعن فيه بطريق النقض . جائز . أساس ذلك
(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إشارة الحكم إلى إقرار الطاعنة وتعويله عليه ضمن أدلة الثبوت في الدعوى . كفايته لتحقيق مراد الشارع بالمادة 310 إجراءات جنائية . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . حد ذلك ؟
(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . سب وقذف . تنظيم الاتصالات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين .
جرائم السب والقذف وإساءة استعمال أجهزة الاتصالات . لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .سب وقذف.
عدم جواز رفع الدعوى الجنائية في جريمة السب إلا بناءً على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو وكيله الخاص خلال ثلاثة أشهر من يوم علمه بالجريمة ومرتكبها . تقديم الشكوى خلال ذلك الأجل . ينفي القرينة القانونية بالتنازل عنها . أساس وعلة ذلك
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
مثال لاطراح سائغ للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد في جريمتي سب وقذف .
(5) سب وقذف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
استخلاص عبارات السب . موضوعي . لمحكمة النقض مراقبة ما يرتبه من نتائج قانونية لبحث الواقعة محل القذف . علة ذلك ؟
مثال .
(6) سب وقذف .
ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة شخص آخر غير المجني عليه . حد ذلك ؟
إقامة المدعية بالحقوق المدنية دعواها بصفتها مضرورة من عبارات السب والقذف الموجهة إليها من الطاعنة من خلال رسالة صوتية مرسلة عبر تطبيق الواتس آب على هاتف زوجها والتي أوردها الحكم في مدوناته . النعي بانعدام صفتها في تحريك الدعوى الجنائية لكون الهاتف المرسل إليه الرسالة غير خاص بها . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن المادة ۲۳۷ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه ، وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن حضور المتهم بنفسه في جنحة يجوز فيها الحبس يكون لازماً أمام المحكمة الاستئنافية حتى يصح وصف حكمها بأنه حكم حضوري باعتبار أن الأصل أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من هذه المحكمة واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها ، وإلا كان الحكم غيابياً إذا لم يحضر المتهم بنفسه بل أناب عنه وكيلاً ، غير أنه لما كانت الفقرة الرابعة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1998 قد نصت على أنه واستثناء من حكم المادة ۲۳۷ من هذا القانون يجوز للمتهم عند رفع دعوى عليه بطريق الادعاء المباشر أن ينيب عنه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى وكيلاً لتقديم دفاعه ، وذلك مع عدم الإخلال بما للمحكمة من حق في أن تأمر بحضوره شخصياً ، وكانت الدعوى الماثلة قد أقيمت ضد الطاعنة بطريق الادعاء المباشر في تاريخ لاحق على العمل بالتعديل المدخل بالقانون رقم 174 لسنة ۱۹۹۸ سالف الذكر ، وكانت الطاعنة قد أنابت عنها وكيلاً حضر جلسات المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية وأبدى دفاعه فإن الحكم المطعون فيه يكون حضورياً لا يقبل المعارضة ويكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً .
2- لما كان الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه - حصَّل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان بها الطاعنة وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أشار إلى إقرار الطاعنة أمام استيفاء النيابة بالمحضر المؤرخ .... وعول عليه ضمن أدلة الثبوت في الدعوى ولم تدع الطاعنة أن إقرارها بذلك المحضر كان مفصلاً أو جاء على خلاف ما تضمنته مدونات الحكم فإن ما ورد بشأنه يعتبر كافياً ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ويكون منعى الطاعنة في هذا الشأن غير سديد .
3- من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم السب والقذف وإساءة استعمال أجهزة الاتصالات طريقاً خاصاً ، وكان المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت الجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما فإن ما تثيره الطاعنة في شأن ما تساند إليه الحكم من أدلة ينحل إلى جدلموضوعي في تقدير الأدلة وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واطرحه بقوله (( فإن الثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية للمحضر رقم .... سند الدعوى وما ورد فيه من أقوال المدعيين بالحق المدني أنهما علما بواقعة القذف والسب في حقهما الموجهة إليهما من المتهمة من خلال موقع الواتس آب بتاريخ 4/6/2017 وأن الثابت تقديمهما بلاغهما بتاريخ 9/7/2017 وكانت المحكمة تطمئن لتلك الأقوال لا سيما وأن الأوراق قد خلت مما يدحضها أو يخالفها مما يكون معه المدعيان بالحق المدني قد تقدما بشكواهما قبل فوات الثلاثة أشهر من يوم علمهما بالجريمة ومرتكبها ... )) وهو رد سائغ في اطراح الدفع ، إذ الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والمفردات المضمومة أن عبارات السب الموجهة إلى المجني عليهما من خلال موقع الواتس آب حدثت بتاريخ 4/6/2017 ، وأن المجني عليهما تقدما بشكواهما بتاريخ 9/7/2017 وقيدت برقم .... وإذ قررت النيابة العامة حفظها أقاما الدعوى الماثلة بطريق الادعاء المباشر . لما كان ذلك ، وكان المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها فيها – ومن بينها جريمة السب – وأنه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ، وكان الشارع قد جعل من مضي هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتأها حتى لا يُتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحاً للتهديد أو الابتزاز أو النكاية ، ومن ثم فإن تقديم الشكوى خلال الأجل الذي حدده القانون إنما ينفي قرينة التنازل ويحفظ لهذا الإجراء أثره القانوني ولو تراخت النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إلى ما بعد فوات ذلك الميعاد ، وإذ كان المجني عليهما - على نحو ما سلف بيانه - قد قدما شكواهما في الميعاد المحدد وأقاما دعواهما وفقاً للأوضاع التي رسمها القانون ، فإن ما تثيره الطاعنة بدعوى مخالفة الحكم لنص المادة 3/2 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون صحيحاً في القانون ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد في غير محله ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد حصل مضمون المستندات المقدمة من الطاعنة تدليلاً على صحة دفاعها - المار بيانه - واطرحها بما هو كاف ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
5- لما كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص عبارات السب من عناصر الدعوى ولمحكمة النقض أن تراقبها فيما ترتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى أن العبارات التي صدرت من الطاعنة في حق المدعيين بالحق المدني تفيد بذاتها قصد السب والقذف فإن ما تنعاه على الحكم بشأن مدلول الألفاظ التي قررتها والباعث على صدورها لا يكون له أساس .
6- لما كان الحكم قد أورد في مدوناته ألفاظ السب والقذف التي وجهتها الطاعنة للمدعية بالحق المدني الأولى من خلال الرسالة الصوتية المرسلة عبر تطبيق الواتس آب على هاتف زوجها - المدعى بالحق المدني الثاني - والتي تتضمن خدشاً للشرف ومساساً بالعرض ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة شخص آخر غير المجني عليه ما دام قد ثبت قيام هذا الضرر وكان ناتجاً عن الجريمة مباشرة وكانت المدعية بالحق المدني الأولى قد أقامت دعواها بصفتها مضرورة من عبارات السب والقذف التي وجهتها الطاعنة إليها من خلال الرسالة الصوتية المرسلة عبر تطبيق الواتس آب على هاتف زوجها - المدعي بالحق المدني الثاني - ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص يضحى لا محل له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
أقام المدعيان بالحقوق المدنية دعواهما بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعنة والنيابة العامة طلبا في ختامها عقابها بالمواد ۱۷۱ ، 306 مكرراً ، ۳۰۸ مكرراً من قانون العقوبات ، وإلزامها بأن تؤدي لهما مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت - لأنها تعدت عليهما بالسب والقذف باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ( واتس آب ) مما أضر بهما .
ومحكمة جنح .... قضت حضورياً بعدم اختصاص المحكمة نوعياً وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو إحالتها للمحكمة الاقتصادية المختصة .
ونفاذاً لذلك القضاء فقد أحيلت الدعوى لمحكمة .... الاقتصادية .
وحال تداول الدعوى أمام المحكمة عدل المدعيان بالحق المدني مبلغ التعويض المدني المؤقت إلى خمسين ألف وواحد جنيه ، وقامت المحكمة بتعديل مواد القيد بإضافة المادتين رقمي ۷۰ ، 76/ 2 من القانون رقم 10 لسنة ۲۰۰۳ بشأن قانون تنظيم الاتصالات وأعلنت المتهمة بذلك التعديل .
ومحكمة جنح .... الاقتصادية قضت حضورياً بتوكيل عملاً بالمواد ۱۷۱ ، 306 مكرراً ، ۳۰۸ مكرراً من قانون العقوبات ، والمادتين رقمي ۷۰ ، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن قانون تنظيم الاتصالات مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهمة أربعاً وعشرين ساعة وبتغريمها عشرة آلاف جنيه عن التهمتين للارتباط وإلزامها بأن تؤدي للمدعيين بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
فاستأنف المدعيان بالحق المدني والمحكوم عليها ، ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً .... بقبول الاستئنافين المقامين من المتهمة والمدعيان بالحق المدني شكلاً وفي موضوعهما برفضهما وتأييد الحكم المستأنف .
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ومحكمة استئناف القاهرة - دائرة جنح النقض - قررت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن ، وأحيل الطعن لهذه المحكمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن المادة ۲۳۷ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه ، وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن حضور المتهم بنفسه في جنحة يجوز فيها الحبس يكون لازماً أمام المحكمة الاستئنافية حتى يصح وصف حكمها بأنه حكم حضوري باعتبار أن الأصل أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من هذه المحكمة واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها ، وإلا كان الحكم غيابياً إذا لم يحضر المتهم بنفسه بل أناب عنه وكيلاً ، غير أنه لما كانت الفقرة الرابعة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1998 قد نصت على أنه واستثناء من حكم المادة ۲۳۷ من هذا القانون يجوز للمتهم عند رفع دعوى عليه بطريق الادعاء المباشر أن ينيب عنه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى وكيلاً لتقديم دفاعه ، وذلك مع عدم الإخلال بما للمحكمة من حق في أن تأمر بحضوره شخصياً ، وكانت الدعوى الماثلة قد أقيمت ضد الطاعنة بطريق الادعاء المباشر في تاريخ لاحق على العمل بالتعديل المدخل بالقانون رقم 174 لسنة ۱۹۹۸ سالف الذكر ، وكانت الطاعنة قد أنابت عنها وكيلاً حضر جلسات المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية وأبدى دفاعه فإن الحكم المطعون فيه يكون حضورياً لا يقبل المعارضة ويكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً .
من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي السب والقذف وتعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه عول في قضائه على إقرار الطاعنة بالتهمة المسندة إليها في محضر الاستدلالات دون أن يورد مضمونه ، كما أن ما تساند إليه الحكم من أقوال المدعيين بالحق المدني بصحيفة دعواهما لا تكفي لإدانتها ، واطرح بما يخالف القانون الدفع بسقوط حق المدعيين بالحقوق المدنية في إقامة دعواهما لمضي ثلاثة أشهر من تاريخ علمهما بالجريمة عملاً بنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية ، ملتفتاً عن المستندات التي تساندت إليها الطاعنة للتدليل بها على صحته ، وأخيراً فقد كان يتعين على المحكمة القضاء بعدم قبـول الدعوى لأن الرســــــالة التي أرسلتها الطــــاعنة للمدعي بالحق المدني الثاني لم تتضمن عباراتها سباً أو قذفاً وإنما تضمنت طلباً منها لزوجها في ذلك الوقت ، كما أن الهاتف الذي أرسلت إليه الرسالة غير خاص بالمدعية بالحق المدني الأولى بما يعدم صفتها في تحريك الدعوى الجنائية عنها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه - حصَّل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان بها الطاعنة وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أشار إلى إقرار الطاعنة أمام استيفاء النيابة بالمحضر المؤرخ .... وعول عليه ضمن أدلة الثبوت في الدعوى ولمتدع الطاعنة أن إقرارها بذلك المحضر كان مفصلاً أو جاء على خلاف ما تضمنته مدونات الحكم فإن ما ورد بشأنه يعتبر كافياً ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ويكون منعى الطاعنة في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم السب والقذف وإساءة استعمال أجهزة الاتصالات طريقاً خاصاً ، وكان المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت الجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما فإن ما تثيره الطاعنة في شأن ما تساند إليه الحكم من أدلة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واطرحه بقوله (( فإن الثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية للمحضر رقم .... سند الدعوى وما ورد فيه من أقوال المدعيين بالحق المدني أنهما علما بواقعة القذف والسب في حقهما الموجهة إليهما من المتهمة من خلال موقع الواتس آب بتاريخ 4/6/2017 وأن الثابت تقديمهما بلاغهما بتاريخ 9/7/2017 وكانت المحكمة تطمئن لتلك الأقوال لا سيما وأن الأوراق قد خلت مما يدحضها أو يخالفها مما يكون معه المدعيان بالحق المدني قد تقدما بشكواهما قبل فوات الثلاثة أشهر من يوم علمهما بالجريمة ومرتكبها ... )) وهو رد سائغ في اطراح الدفع ، إذ الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والمفردات المضمومة أن عبارات السب الموجهة إلى المجني عليهما من خلال موقع الواتس آب حدثت بتاريخ 4/6/2017 ، وأن المجني عليهما تقدما بشكواهما بتاريخ 9/7/2017 وقيدت برقم .... وإذ قررت النيابة العامة حفظها أقاما الدعوى الماثلة بطريق الادعاء المباشر . لما كان ذلك ، وكان المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها فيها – ومن بينها جريمة السب –وأنه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ، وكان الشارع قد جعل من مضي هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتأها حتى لا يُتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحاً للتهديد أو الابتزاز أو النكاية ، ومن ثم فإن تقديم الشكوى خلال الأجل الذي حدده القانون إنما ينفي قرينة التنازل ويحفظ لهذا الإجراء أثره القانوني ولو تراخت النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إلى ما بعد فوات ذلك الميعاد ، وإذ كان المجني عليهما - على نحو ما سلف بيانه - قد قدما شكواهما في الميعاد المحدد وأقاما دعواهما وفقاً للأوضاع التي رسمها القانون ، فإن ما تثيره الطاعنة بدعوى مخالفة الحكم لنص المادة3/2 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون صحيحاً في القانون ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد في غير محله ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد حصل مضمون المستندات المقدمة من الطاعنة تدليلاً على صحة دفاعها - المار بيانه - واطرحها بما هو كاف ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص عبارات السب من عناصر الدعوى ولمحكمة النقض أن تراقبها فيما ترتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى أن العبارات التي صدرت من الطاعنة في حق المدعيين بالحق المدني تفيد بذاتها قصد السب والقذف فإن ما تنعاه على الحكم بشأن مدلول الألفاظ التي قررتها والباعث على صدورها لا يكون له أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد في مدوناته ألفاظ السب والقذف التي وجهتها الطاعنة للمدعية بالحق المدني الأولى من خلال الرسالة الصوتية المرسلة عبر تطبيق الواتس آب على هاتف زوجها - المدعى بالحق المدني الثاني - والتي تتضمن خدشاً للشرف ومساساً بالعرض ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة شخص آخر غير المجني عليه ما دام قد ثبت قيام هذا الضرر وكان ناتجاً عن الجريمة مباشرة وكانت المدعية بالحق المدني الأولى قد أقامت دعواها بصفتها مضرورة من عبارات السب والقذف التي وجهتها الطاعنة إليها من خلال الرسالة الصوتية المرسلة عبر تطبيق الواتس آب على هاتف زوجها- المدعي بالحق المدني الثاني - فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص يضحى لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً . إلا أن هذه المحكمة ترى أن الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأن الطاعنة لن تعودإلى مخالفة القانون ، ومن ثم فإنها تأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم عملاً بالمادتين 55 ، 56 من قانون العقوبات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق