بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 30-03-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 64 لسنة2023 طعن مدني
طاعن:
ادمجي انشورنس كومباني ليمتد (فرع دبي)
مطعون ضده:
بيترا غابرييل فايفر سميث
شانو وينونا سميث
سيريان أنونيا سميث
شير شاه إحسان محمد
شانو وينونا سميث
سيريان أنونيا سميث
شير شاه إحسان محمد
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/1624 استئناف مدني
بتاريخ 16-01-2023
بتاريخ 16-01-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / وليد ربيع السعداوي والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن المطعون ضدهن الثلاثة الأول أقمن على الطاعنة والمطعون ضده الرابع الدعوى رقم 95 لسنة 2022مدني كلي طلبن في ختامها الحكم بإلزام الطاعنة والمطعون ضده الرابع بالتضامن والتضامم بأن يؤديا للمطعون ضدهن الثلاثة الأول(ورثة المتوفى ألكسندر مارك سميث) مبلغ إجمالي مقداره 15,714,450.75 يورو (خمسة عشر مليون وسبعمائة وأربعة عشر يورو وخمسة وسبعون سنتًا) أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي مبلغ 62,857,803 درهم (اثنين وستين مليونًا وثمانمائة وسبعة وخمسين ألف وثمانمائة وثلاثة دراهم) تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتهن إثر وفاة مورثهن نتيجة خطأ المطعون ضده الرابع ، والفائدة بواقع 5% من تاريخ الوفاة الحاصل في 11/10/2021 وحتى تمام السداد مع إلزام الطاعنة والمطعون ضده الرابع بالرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة. وقلن بيانًا لذلك إنه بتاريخ 11/10/2021 تسبب المطعون ضده الرابع بخطئه وعدم احترازه في وفاة المجني عليه مورث المطعون ضدهن الثلاثة الأول أثناء قيادته المركبة رقم V16292" خصوصي دبي ــ المؤمنة لدى الطاعنة ــ في وقوع الحادث الذي أودى بحياة مورثهن، وقد صدر الحكم في القضية رقم 2483/2021 جزاء مرور دبي بإدانته وبأن يؤدي لورثة المجنى عليه/ الكسندر مارك سميث مبلغ مائتي ألف درهم الدية الشرعية وإذ لم يرتض المطعون ضده الرابع الحكم الصادر ضده فطعن عليه بالاستئناف رقم 7276/2021 جزاء (جُنح مُرور دُبي)، وبجلسة 4/1/2022 قضت محكمــة الاستئناف حضورياً بقبول الاستئناف شكلًا وفي الموضوع بتعديل مقدار الدية الشرعية بجعلها مائة ألف درهم وأضحى الحُكم نهائيًا وباتًا لعدم الطعن عليه بالتمييز، وقد أصابهن أضرار مادية بوفاة مورثهن وعائلهن الوحيد ، كما حاقت بهن أضرار أدبية ومعنوية تتمثل فيما ألم بهن من حزن لوفاته، ومن ثم فقد أقمن الدعوى. بتاريخ 3-10-2022 حكمت المحكمة حضوريًا بإلزام الطاعنة والمطعون ضده الرابع بأن يؤديا إلى المطعون ضدهن الثلاثة الأول مبلغ مقداره مليون درهم تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية يقسم بينهن حسب الأنصبة الشرعية ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الطاعنة والمطعون ضده الرابع بالمصاريف ومبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة . استأنفت المطعون ضدهن هذا الحكم بالاستئناف رقم1624لسنة 2022 مدني كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 1633لسنة2022 مدني وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 16ــ1ــ2023 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 1ــ2ــ2023 بطلب النقض والإحالة واحتياطيًا تخفيض المبلغ المقضي به وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بثبوت مسئولية مورث المطعون ضدهن الثلاثة الأول بحكم نهائي في وقوع الحادث طالبة تخفيض مبلغ التعويض بقدر مساهمته إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد حكم أول درجة الذي فرق بين التعويض الموروث وهو ما يعبّر عنه بـالدية الشرعية التي يجوز التخفيض في قيمتها عند ثبوت مساهمة المورث في الحادث الذي لحق به وبين التعويض الذي يقضى به للورثة بسبب الضرر الواقع عليهم وهو التعويض عن الاعالة والضرر الادبي الذي لا يجوز التخفيض فيه بسبب مساهمة المورث في الحادث، وهو ما لا يواجه دفاعها وإذ لم يعمل الحكم المطعون فيه نص المادتين 287، 290 من قانون المعاملات المدنية ، فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك بأنه من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أنه يحق للقاضي المدني بحث مدى مساهمة المجنى عليه في الخطأ أو نفيه مع مراعاة ذلك في تقدير التعويض إعمالًا لنص المادة 290 من قانون المعاملات المدنية التي تنص على أنه" يجوز للقاضي أن ينقص مقدار الضمان أو لا يحكم بضمان إذا كان المتضرر قد اشترك بفعله بإحداث الضرر أو زاد فيه " وليس في ذلك مساس بحجية الحكم الجزائي الصادر بإدانة المتهم، والأصل أن القاضي الجزائي غير ملزم ببيان الأسباب التي من أجلها قدر العقوبة المقضي بها على الجاني، إلا أنه متى كان الحكم الجزائي قد فصل فصلًا قاطعًا في أمر يتعلق بوقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية فإن جميع العناصر التي فصل فيها القاضي الجزائي وكان فصله فيها ضروريًا ولازمًا للحكم في الدعوى الجزائية ــ سواء وردت في منطوق الحكم أو وردت في الأسباب المكملة للمنطوق ـــ تكون قد حازت الحجية أمام القضاء المدني في المسائل المطروحة عليه وتتصل بموضوع تلك الدعوى الجزائية. وكان من المقرر أيضًا أن الدية الشرعية عقوبة أصلية مقررة قانونًا فضلًا عن كونها بمثابة تعويض وتوزع بهذا الوصف بنسبة درجة الخطأ المنسوب لكل من المتهم والمجني عليه على أساس اشتراكهما فيه والذي أدى إلى الوفاة ولا يقضى بالدية كاملة بقيمتها المحددة إلا في حالة ثبوت الخطأ الكامل في جانب المتهم الذي لا يكون للمجني عليه أو لغيره مساهمة مباشرة فيه. لما كان ذلك وكان الحكم الجزائي الصادر في الجنحة رقم 7276 لسنة 2021مستأنف دبي بإدانة سائق السيارة رقم V 16292 خ دبي "المطعون ضده الرابع" و بإلزامه بمبلغ مائة ألف درهم فقط من قيمة الدية الشرعية المقررة قانونًا، وأوضح في أسبابه المكملة للمنطوق أنه قام بتخفيض مبلغ الدية لما ثبت لدى المحكمة أن المتوفي قد ساهم بخطئه في وقوع الحادث وما أورده في أسبابه من أن مخطط الحادث أثبت أن خطأ المجنى عليه يتمثل في عبوره نهر الطريق دون انتباه لحركة سير المركبات فيه وتقدر نسبة الخطأ من جانب المجني عليه والذي ساهم في وقوع الحادث بمبلغ مائة ألف درهم وتقضي بتعديل مقدار الدية، مما مؤداه أن الحكم الجزائي قد فصل بحكم نهائي وبات في أسبابه المكملة للمنطوق باشتراك مورث المطعون ضدهن ومساهمته مع سائق المركبة في الخطأ المؤدى لوفاته وحصول الضرر، وكان فصله في هذا الخصوص ضروريًا ولازمًا لتخفيض قيمة الدية الشرعية كعقوبة محكوم بها على المتهم إلى مائة ألف درهم بدلًا من مائتي ألف درهم، فأضحى هذا الحكم قد حاز الحجية في شأن مساهمة مورث المطعون ضدهن في الخطأ بما لازمه أنه كان يتعين على محكمة الموضوع أن تلتزم بهذه الحجية وبحث مدى تأثير هذا الخطأ على قيمة التعويض الذي يقضى به على الشركة الطاعنة، وإذ كانت الطاعنة قد تمسكت في أسباب استئنافها بحجية الحكم الجزائي بشأن مساهمة مورث المطعون ضدهن في الخطأ وطلبت إنقاص مقدار التعويض بقدر مساهمة المتوفي في الحادث، وهو دفاع جوهري قد يترتب عليه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا الدفاع بما يصلح ردًا عليه، ومن ثم فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنه إذ قضى للمطعون ضدهن الثلاثة الأول بالتعويض عن الضرر المادي حال أنهن لم يثبتن أن مورثهن كان يعولهن بالفعل قبل وفاته وأنه المصدر الذي يعتمدن عليه في معيشتهن خاصة وأنهن جاوزن سن الرشد ولهن عملهن المستقل فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ـــ أنه وإن كان قاضي الموضوع له السلطة في تقدير التعويض عن الضرر المادي حسبما يستخلصه من الأدلة والمستندات المطروحة عليه في الدعوى إلا أنه يتعين أن يكون هذا الاستخلاص سائغًا بما له سنده الصحيح في الأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باستحقاق المطعون ضدهن للتعويض عن الضرر المادي على ما أورده في أسبابه من أن " محكمة الدرجة الأولى واجهت عناصر الدعوى الواقعية والقانونية وانتهت إلى إجابة المستأنفات أصليًا لبعض طلباتهن وكانت هذه الأسباب سائغة وتكفي لحمل قضائها وتؤدي الى النتيجة التي انتهت إليها ولها أصلها الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيها للقانون ومن ثم فإن المحكمة تعول على تلك الأسباب وتأخذ بها أسبابًا لقضائها ولا ينال من ذلك دفع المستأنفة "الطاعنة" تقابلًا بعدم ثبوت إعالة المورث للمستأنفات أصليًا إذ إن المقرر أن إعالة المتوفى لزوجته وأولاده حال حياته هي الأصل الظاهر بحسب العرف والعادة وعلى من يدعي خلاف هذا الأصل إثبات عدم إعالته لهم ... " وإذ لم يبين الحكم المصدر الذي استقى منه أن المتوفي كان هو العائل للمطعون ضدهن ، فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب أيضًا.
فلهذه الأسباب
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضى فيها من جديد وألزمت المطعون ضدهن الثلاثة الأول بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق