الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 12 يونيو 2023

الطعن 152 لسنة 35 ق جلسة 9 / 11 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 143 ص 865

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي، وأحمد فتحي مرسي.

-------------

(143)
الطعن رقم 152 لسنة 35 القضائية

استئناف. "الأثر الناقل للاستئناف". "نطاق الاستئناف". حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً".
الاستئناف ينقل موضوع النزاع بما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية. ضرورة فصل هذه المحكمة في النزاع بقضاء مسبب يواجه عناصره الواقعية والقانونية على السواء.

----------------
وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب، وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء. وإذ كان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه جعل لمحكمة الدرجة الأولى أن تنفرد بتقدير أقوال الشهود دون رقابة من محكمة الاستئناف، فإنه يكون قد خالف الأثر الناقل للاستئناف وحجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع، وتخلي عن تقدير الدليل فيه مما يعييبه بالخطأ والقصور، ويستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم (من الأول إلى الرابعة عشرة) أقاموا الدعوى رقم 991 سنة 1956 مدني كلي المنصورة ضد المطعون ضدهما الأخيرتين، طالبين القضاء بتثبيت ملكيتهم لمقدار الثلث شائعاً في 18 ف و1 ط و2 س ومنزل مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والتسليم وأسسوا دعواهم على أن مورثة الطرفين السيدة نادية إبراهيم توفيت في 26/ 11/ 1955 عن تركة مقدارها 18 ف و1 ط و2 س ومنزل مبينة المعالم بالصحيفة وبرغم أنهم يرثون الثلث في هذه التركة، فقد وضعت المطعون ضدهما الأخيرتان اليد على جميع أعيان التركة، ومنعتا عنهم نصيبهم الشرعي فيها، ومن ثم فقد أقاموا دعواهم طالبين القضاء بتثبيت ملكيتهم لهذا النصيب. وفي أثناء سير الدعوى طلبت الطاعنات التدخل في الخصومة استناداً إلى أنهن يملكن العقارات موضوع الدعوى بمقتضى عقد بيع مؤرخ 24 أكتوبر سنة 1952 صادر لهن من مورثة المطعون ضدهم، وأنهن قد أقمن الدعوى رقم 303 سنة 1954 مدني كلي المنصورة ضد البائعة بطلب صحة ونفاذ هذا العقد، وسجلن صحيفة الدعوى في 28 مارس سنة 1954 ثم سجلن محضر الصلح الذي انتهت به الدعوى في 27 أكتوبر سنة 1956. دفع المطعون ضدهم (الأربعة عشر الأولون) ببطلان عقد البيع الصادر للطاعنات لانعدام إرادة البائعة واحتياطياً باعتباره وصية، وفي 26 فبراير سنة 1962 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم (الأربعة عشر الأولون) أن البيع الصادر من مورثتهم بالعقد المؤرخ 24 أكتوبر سنة 1952 هو في حقيقته وصية. وبعد أن استمعت المحكمة لشهود الطرفين قضت في 26 نوفمبر سنة 1962 (أولاً) باعتبار التصرف الصادر من المرحومة "نادية إبراهيم" بموجب العقد المؤرخ 24 أكتوبر سنة 1952 وصية. و(ثانياً) بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتقدير قيمة أعيان التركة وقيمة الأعيان المتصرف فيها إلى الطاعنات. استأنفت الطاعنات الشق الأول من هذا الحكم بالاستئناف رقم 35 سنة 15 ق المنصورة، كما أقام المطعون ضدهم (الأربعة عشر الأولون) استئنافاً مقابلاً. وقضت محكمة استئناف المنصورة في 15 يناير سنة 1965 بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً، وتأييد الحكم المستأنف. وطعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض بالنسبة للاستئناف الأصلي وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقلن إن الحكم المطعون فيه اقتصر في إقامة قضائه برفض الاستئناف على أن الحكم المستأنف أقيم على ما استخلصته محكمة الدرجة الأولى من أقوال الشهود والقرائن الأخرى التي أوردتها، وأن من حق المحكمة أن تأخذ بقول شهود أي الخصمين وتطرح قول شهود الخصم الآخر دون أن تكون ملزمة بإبداء الأسباب إذ أن مرد ذلك إلى عقيدتها، وأن محكمة الدرجة الأولى حين اطمأنت لقول شهود الإثبات قد أفصحت عن الأسباب التي استهدتها في قضائها واكتفى الحكم المطعون فيه بهذا القدر دون أن يكشف عن رأيه في موضوع الاستئناف أو يواجه ما أثارته الطاعنات من تعييب الحكم المستأنف في تقديره لأقوال الشهود، بل كف نفسه عن مراقبة هذا الحكم، وجعل لمحكمة الدرجة الأولى السلطة الكاملة في تقدير الدليل دون رقابة من محكمة الاستئناف، وهو من الحكم المطعون فيه خطأ وقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح. ذلك أن وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب. وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية، وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اكتفى في إقامة قضائه برفض الاستئناف على مجرد القول "إن محكمة الدرجة الأولى قد أقامت قضاءها على ما استخلصته من أقوال الشهود المؤيدة بالقرائن الأخرى التي ساقتها والتي خلصت منها إلى أن العقد المطعون فيه قد قصد به الإيصاء، وأن للمحكمة أن تأخذ بشهود أي الخصمين وتطرح شهود الخصم الآخر دون أن تكون ملزمة بإبداء الأسباب، وأن مرد ذلك إلى عقيدتها وتقديرها للدليل المطروح عليها، ومحكمة الدرجة الأولى حين أطمأنت إلى قول شهود الإثبات قد أفصحت عن الأسباب التي استهدتها في قضائها". وكان الحكم المطعون فيه قد جعل بذلك لمحكمة الدرجة الأولى أن تنفرد أقوال الشهود دون رقابة من محكمة الاستئناف، فإنه يكون قد خالف الأثر الناقل للاستئناف وحجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع، وتخلى عن تقدير الدليل فيه، مما يعيبه بالخطأ والقصور ويستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق