الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يناير 2025

الطعن 577 لسنة 4 ق جلسة 4 / 4 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 98 ص 1112

جلسة 4 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

--------------

(98)

القضية رقم 577 لسنة 4 القضائية

معاشات 

- حظر المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 على الحكومة وصاحب الشأن المنازعة في أي معاش إذا انقضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش إلى صاحب الشأن - شمول هذا الحظر أي منازعة في أصل المعاش ومقداره - قصر الحظر على حالة الخطأ المادي في المعاش - غير صحيح - أساس ذلك.

-----------------
إن نص المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 يجرى كالآتي: "لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين فيه مقدار المعاش إلى صاحب الشأن... ولا يجوز للحكومة ولا صاحب الشأن المنازعة في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة لوزارة المالية في الأشهر الستة التالية لتاريخ صرف المكافأة. وبناء على ذلك فكل دعوى يرد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت لا على الحكومة ولا على مصالحها لأي سبب كان وتحت أي حجة كانت، ولا يجوز أيضاً قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها". وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث يدخل فيه أي منازعة في المعاش أصلاً ومقداراً؛ وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء ومن ثم يكون قصر النص على حالة الخطأ المادي تخصيصاً بغير مخصص من النص ولا من الحكمة التي استهدفها الشارع في تنظيم المعاشات وترتيبها وثبات أوضاعها، هذا فضلاً عن أن المنازعة في أصل المعاش هي منازعة في مقداره، فالحكم واحد في الحالتين.


إجراءات الطعن

في 24 من مايو سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ") بجلسة 24 من مارس سنة 1958، والقاضي "بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى للمدعي باستحقاقها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 517 لسنة 2 ق، وذلك لسابقة الفصل فيها في الدعوى المذكورة، وبعدم قبولها بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى باستحقاقها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، وألزمت المدعي بالمصروفات". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى بها الحكم الصادر في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، والقضاء قبول الدعوى بالنسبة لهذا الطلب، وتعديل المعاش المدعي على أساس احتساب علاوتي الدبلومين، مع صرف الفروق عن الماضي، وتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 25 من يونيه سنة 1958، وإلى المدعي في 6 من يوليه سنة 1958، وعين لنظر الدعوى جلسة 7 من مارس سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق -تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بتعديل معاشه على أساس أن المرتب الشهري المستحق له مع العلاوات عند إحالته إلى معاش هو 32 ج وليس 28 ج، مع صرف الفروق من تاريخ إحالته إلى المعاش في 27/ 3/ 1946، وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً للدعوى إنه كان يعمل مأموراً للضرائب، وقد رقي منسياً إلى الدرجة الخامسة الفنية في سنة 1943، ومنح علاوة الترقية. ولما كان القرار الصادر بإنصاف المنسيين يقضي بأن كل من رقى منسياً وكان قد أمضى ثلاثين سنة في الدرجة التي رقى فيها والدرجة التي قبلها يمنح عند الترقية علاوة أخرى فوق علاوة الترقية؛ ومن ثم فإنه طالب المصلحة بهذه العلاوة، غير أنها لم تجبه إلى مطلبه حتى أحيل إلى المعاش؛ ومن ثم أقام الدعوى رقم 517 لسنة 5 ق أمام محكمة القضاء الإداري، فقضت باستحقاقه علاوة مقدارها جنيهان من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في يوليه سنة 1943، ولكن المحكمة رفضت طلب احتساب هذه العلاوة في تقدير مقدار المعاش لانقضاء ستة أشهر على تسلمه السركي. واستطرد المدعي يقول إنه حاصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ودبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي قبل 1939؛ ولذلك فقد أقام الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، وطلب الحكم باستحقاقه مبلغ جنيهين مقابل هذين الدبلومين اعتباراً من أول فبراير سنة 1939، فحكم لصالحه في تلك الدعوى. ثم ذكر المدعي أنه تقدم بالحكمين السابقين إلى المصلحة فصرفت له متجمد العلاوات وخصمت منه احتياطي المعاش، ولكنها رفضت أن تعدل المعاش على هذا الأساس. وقد حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى للمدعي باستحقاقها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 517 لسنة 2 ق؛ وذلك لسابقة الفصل فيها في الدعوى المذكور، وبعدم قبولها بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى باستحقاقها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 قضائية، وألزمت المدعي بالمصروفات. وقد أقامت المحكمة قضاءها هذا على أساس أن طلب المدعي تعديل معاشه على أساس منحه العلاوة التي قضت بها محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 517 لسنة 2 ق طلب فصلت فيه محكمة القضاء الإداري بحكم نهائي في القضية سالفة الذكر؛ ولاتحاد الموضوع والخصوم والسبب فإنه لا يجوز نظر هذا الطلب من جديد؛ احتراماً لحجية الشيء المقضي به. وقالت المحكمة - في خصوص تعديل معاش المدعي على أساس علاوة الدبلومين التي قضت بها محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 1024 لسنة 5 قضائية - إن هذا الطلب غير مقبول لتقديمه بعد ستة أشهر على تسلم السركي؛ وذلك بالتطبيق لحكم المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929. وقد قام الطعن على أن هذه المادة نصت على أنه لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش إلى صاحب الشأن؛ وبناء على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت. ومفاد هذا النص أن عدم قبول الدعوى بعد انقضاء ستة أشهر من تسليم سركي المعاش يقوم إذا كان محل المنازعة مقدار المعاش؛ بأن يكون قد شابه خطأ مادي، فإذا كانت المنازعة تتصل بعنصر من عناصر تقدير المعاش فإنها تخرج من نطاق النص، على ما انتهى إليه قضاء المحكمة العليا. فإذا كان من الثابت أن المدعي تسلم سركي المعاش في 24/ 9/ 1946، وقد طلب منحه جنيهين مقابل الدبلومين اللذين حصل عليهما، فلم تجبه الإدارة إلى مطلبه، فأقام الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، فقضت محكمة القضاء الإداري في 9/ 6/ 1954 باستحقاقه علاوة الدبلومين الممتازين بواقع جنيه لكل منهما اعتباراً من أول فبراير سنة 1939، مع إلزام الحكومة بأن تدفع له قيمة متجمد هذه العلاوة من تاريخ استحقاقها إلى تاريخ إحالته إلى المعاش في 27 من يوليه سنة 1946، فأقام المدعي هذه الدعوى في 18 من أكتوبر سنة 1955 طالباً تعديل معاشه على أساس هذا العنصر الذي كشف عنه الحكم في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق؛ فمن ثم يكون الدعوى في نطاق هذا الطلب مقبولة، كما يتعين الحكم بتعديل معاشه على أساس احتساب علاوتي الدبلومين، أي على أساس ثلاثين جنيهاً شهرياً، مع صرف الفروق عن الماضي، والحكم المطعون فيه - إذ أخذ بغير هذا النظر - قد خالف القانون. وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى بها في الحكم الصادر في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، والقضاء بقبول الدعوى بالنسبة لهذا الطلب، وتعديل معاش المدعي على أساس احتساب علاوتي الدبلومين، مع صرف الفروق عن الماضي، وتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك، مع إلزام الحكومة بالمصروفات".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن النقطة القانونية مثار المنازعة في هذا الطعن هي ما إذا كان نص المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 بعدم جواز المنازعة في المعاش بعد تسليم السركي بستة أشهر - هل هذا النص مقصور الأثر على المنازعة في مقدار المعاش؛ بأن يكون قد شابه خطأ مادي، كما تقول هيئة المفوضين في طعنها، وأنه يخرج من نطاق النص كل منازعة لا تتصل بعنصر من عناصر تقدير المعاش، أم أن الأمر ليس كذلك.
ومن حيث إن نص المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 يجرى كالآتي "لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش إلى صاحب الشأن... ولا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة لوزارة المالية في الأشهر الستة التالية لتاريخ صرف المكافأة. وبناء على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت، لا على الحكومة ولا على مصالحها لأي سبب كان وتحت أية حجة كانت، ولا يجوز أيضاً قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها".
ومن حيث إن هذا النص من الإطلاق والشمول بحيث يدخل فيه أي منازعة في المعاش أصلاً ومقداراً؛ وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء؛ ومن ثم يكون قصر النص على حالة الخطأ المادي - حسبما ذهب إليه الطعن - تخصيصاً بغير مخصص من النص ولا من الحكمة التي استهدفها الشارع في تنظيم المعاشات وترتيبها وثبات أوضاعها، هذا فضلاً عن أن المنازعة في أصل المعاش هي منازعة في مقداره، فالحكم واحد في الحالتين.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المدعي يطلب تعديل معاشه على أساس أن المرتب الذي كان يستحقه وقت إحالته إلى المعاش في 27 من يوليه سنة 1946 هو 32 ج وليس 28 ج، وأنه استلم السركي المبين به مقدار معاشه في 24 من سبتمبر سنة 1946، وأنه حصل على حكم من محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 517 لسنة 2 ق باستحقاقه علاوة قدرها جنيهان شهرياً من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول يوليه سنة 1943، مع إلزام الحكومة بأن تدفع له قيمة متجمد هذه العلاوة من تاريخ استحقاقها إلى تاريخ إحالته إلى المعاش، وقضت بعدم قبول دعواه بالنسبة إلى الطعن الخاص بتعديل المعاش على أساس منحه العلاوة المذكورة، كما حصل بعد ذلك على حكم آخر في القضية رقم 1024 لسنة 5 ق من محكمة القضاء الإداري باستحقاقه لعلاوة الدبلومين الممتازين بواقع جنيه لكل منهما اعتباراً من أول فبراير سنة 1939، وإلزام الحكومة بأن تدفع له هذه العلاوة من تاريخ استحقاقها إلى تاريخ إحالته إلى المعاش في 27 من يوليه سنة 1946. وأخيراً وفي 18 من أكتوبر سنة 1955 أقام الدعوى رقم 182 لسنة 10 ق المطعون في الحكم الصادر فيها، وطلب تعديل المعاش على أساس أن المرتب الشهري مع العلاوات عند إحالته إلى المعاش هو 32 ج وليس 28 ج، مع صرف الفروق من تاريخ إحالته إلى المعاش في 27 من يوليه سنة 1946.
ومن حيث إنه بالنسبة لتعديل المعاش على أساس علاوة الجنيهين من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول يوليه سنة 1943 فإن هذا الطلب الحكم من محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليه في الدعوى رقم 517 لسنة 2 ق؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى الطلب المذكور.
ومن حيث إنه بالنسبة لعلاوتي الدبلومين الممتازين الصادر بشأنهما الحكم في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 القضائية، وطلب المدعي تعديل معاشه على أساسها، فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق أيضاً؛ إذ قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى هذا الطلب؛ لرفعها بعد الأجل الذي حددته المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 739 لسنة 37 ق جلسة 23 / 11 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 21 ص 247

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، وعبد السميع عبد الحميد بريك، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(21)

الطعن رقم 739 لسنة 37 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - القيمة القانونية لتحقيقات النيابة العامة:
ما تنتهي إليه النيابة العامة من ثبوت إدانة العامل لا يجوز حجية أمام المحاكم التأديبية. أساس ذلك: استقلال الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية - الحجية مقررة للحكم الجنائي وليست للتحقيقات الجنائية - مؤدى ذلك: أن ما تنتهي إليه النيابة العامة يخضع للفحص والتمحيص والتقييم أمام المحكمة التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 29/ 1/ 1991 أودع الأستاذ/ ..... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ....... المحامي والوكيل عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 739 لسنة 37 ق ضد النيابة الإدارية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمدينة طنطا في الدعوى رقم 672 لسنة 17 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والذي قضى بمجازاته بالوقف عن العمل مدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم ببراءته مما هو منسوب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وفي 5/ 2/ 1991 أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) - وهذه المحكمة نظرت الطعن على ما هو مبين بمحاضر جلساتها حيث استمعت إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وملاحظات الطرفين حيث صمم الطاعن على طلباته بينما طلبت المطعون ضدها رفض الطعن - وبجلسة 12/ 10/ 1993 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 21/ 6/ 1989 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 672 لسنة 17 ق بإيداع أورقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا متضمنة تقرير اتهام...... الطاعن أخصائي ثان تأمينات اجتماعية بمصنع المحلة الكبرى التابع لشركة طنطا للزيوت والصابون من الدرجة الثانية - لأنه خلال شهر أغسطس 1987 بمصنع المحلة الكبرى التابع للشركة المذكورة بدائرة محافظة الغربية لم يؤد عمله بأمانة وسلك في تصرفاته مسلكاً معيباً لا يتفق والاحترام الواجب بأن:
احتفظ لنفسه بغير حق بالمبالغ المحصلة، بمعرفته من العاملين بالمصنع المشار إليه كمقدمات حجز الثلاجات لدى بنك ناصر الاجتماعي بالمحلة الكبرى بما جملته 3221.400 مليجـ دون توريدها للبنك أو ردها لمستحقيها حتى وقت فحص هذا الموضوع بمعرفة اللجنة المشكلة من إدارة الشركة في شهر سبتمبر 1987 وعلى النحو المبين بالأوراق.
ورأت النيابة الإدارية أنه بذلك يكون المذكور قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص - عليها بالمادتين 78/ 1، و80/ 1 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - وطلبت لذلك محاكمته تأديبياً طبقاً للمواد الموضحة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 23/ 12/ 1990 حكمت المحكمة التأديبية بطنطا بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل مدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر تأسيساً على ثبوت المخالفة في حقه من واقع إقراره بالأوراق وبالمذكرة المقدمة منه إلى المحكمة في 30/ 7/ 1990 ومن واقع أقوال بعض العاملين بالمصنع في التحقيقات.
وإذ لم يلق الحكم المتقدم قبولاً لدى الطاعن فمن ثم أقام هذا الطعن تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: استحالة قيام المخالفة في الفترة من 1/ 8/ 87 حتى 15/ 8/ 1987 لأن الثابت أنه كان مفوضاً بجمع المبالغ لصالح شركة
ايديال من 1/ 8/ 1987 حتى ألغى التفويض في 15/ 8/ 1987 وأنه قام خلال الفترة المذكورة بجمع مبالغ التقسيط بمقتضى التفويض المذكور واحتفظ بها لحين توريدها لبنك ناصر الاجتماعي، وليس صحيحاً ما جاء بالحكم الطعين أن احتفاظه بها كان بصفة غير مشروعة.
ثانياً: تناقص أسباب الحكم مع منطوقه، فالثابت بأسباب الحكم أنه بدأ جمع المبالغ التي ثبت لدى النيابة العامة قيامه بردها لمستحقيها بعد توقف إجراءات حجز الثلاجات وإلغاء التفويض في 15/ 8/ 1987 وهو ما يعني براءة ذمته من أي مبالغ كان قد جمعها وبالتالي انتفاء الواقعة المؤثمة ومن ثم ينتفي سبب العقاب.
ثالثاً: عدم صحة الاتهامات المنسوبة إلى الطاعن، وإذ استند الحكم إلى شهادة شهود كاذبة في التحقيقات - أريد بها الكيد له والتخلص منه كعضو نقابي - فإنه يكون غير قائم على أساس صحيح.
رابعاً: استحالة ارتكابه (الطاعن) المخالفة المنسوبة إليه لأنه موظف بالعلاقات الصناعية دون أعمال الحسابات أو الصيارفة أي أن وظيفته ليست سبباً في احتفاظه بنقود، ولم يخالف أية تعليمات في عملية حجز الثلاجات كما قرر مدير عام الشركة فرع المحلة بالتحقيقات، لأنه ليست هناك أية تعليمات في هذا الشأن، كما أن مدير عام الشركة فرع المحلة قد أضاف بأن الطاعن كان يقوم بتقديم الخدمات للعاملين بصفة مستمرة دون أي شكوى، وانتهي الطاعن إلى طلباته سالفة البيان.
وقد قدمت النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن لقيام الحكم المطعون فيه على سند من الواقع والقانون، كما قدم الطاعن مذكرة بدفاعه جاء فيها أنه لم تقع منه أية مخالفة وانتهى إلى طلباته.
ومن حيث إنه متى كان ما سلف وكان الثابت أنه بتاريخ 9/ 9/ 1987 أبلغت شركة طنطا للزيوت والصابون النيابة العامة بأن الطاعن قد حصل على مبالغ نقدية من العاملين بمصنع المحلة بصفة مقدمات حجز ثلاجات وأن المبالغ تزيد عن قيمة المقدمات المحددة من قبل بنك ناصر الاجتماعي بالمحلة الكبرى، وأنه احتفظ بهذه المقدمات لنفسه دون إيداعها خزينة الشركة أو تسليمها للبنك، هذا وقد أجرت النيابة العامة تحقيقاتهم فيما أبلغت به، حيث قرر بعض الشهود بمضمون ما ورد بالبلاغ المشار إليه، وقرر........ مدير عام الشركة فرع المحلة بأن الطاعن قد قام بعملية حجز الثلاجات بصفته عضواً نقابياً وحصل قبل بدء إجراءات الحجز على تفويض من الشركة باتخاذ الإجراءات الخاصة بعملية حجز الثلاجات وأنه جمع مبالغ المقدمات وأودعها باسمه لدى بنك ناصر، وأنه سبق أن قام بمثل هذه العملية أكثر من مرة، كما قرر العاملون بمصنع المحلة الذين دفعوا مقدمات أنهم قد استردوها بعد توقف إجراءات الحجز وإن كان البعض قام بالاسترداد بعد شهرين والآخر بعد توقف الإجراءات وأكثرهم قام باسترداد المبالغ بعد أسبوع أو عشرة أيام أو أسبوعين من توقف الإجراءات.
ومن حيث إن النيابة العامة قد أجرت تحقيقاتها وخلصت إلى ثبوت ما هو منسوب إلى الطاعن في حقه إلا أنها ارتأت الاكتفاء بإرسال الأوراق إلى الجهة الإدارية التي يتبعها لمجازاته إدارياً مع التشديد وذلك على أساس أنه أعاد المبالغ المالية لمستحقيها وحفاظاً على مستقبله الوظيفي وأن ما وقع منه من جرم لا يتناسب مع العقوبة المقررة لذلك الجرم مع حفظ الأوراق إدارياً بعد ذلك. وقد أبلغت الشركة النيابة الإدارية بمضمون ما تقدم وارتأت النيابة الإدارية مجازاة المذكور إدارياً إلا أن الشركة طلبت إلى النيابة الإدارية تقديم الطاعن إلى المحكمة التأديبية، ومن ثم قدمته النيابة الإدارية إلى المحكمة التأديبية بطنطا التي أصدرت ضده الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه يتعين بداءة التنويه إلى أن ما تنتهي إليه النيابة العامة من ثبوت إدانة العامل لا يجوز حجية أمام المحاكم التأديبية وإنما يخضع للفحص والتمحيص والتقييم أمام المحكمة وذلك لما هو مستقر من استقلال الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية وأن الحجية مقررة للحكم الجنائي وليست للتحقيقات الجنائية.
ومن حيث إنه على ضوء ما سلف فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن وهو عضو نقابي عندما علم ببيع الثلاجات بنظام التقسيط عن طريق بنك ناصر بالمحلة الكبرى أراد أن يؤدي خدمة للعاملين بالمصنع فقام بالإعلان عن حجز ثلاجات وفقاً للنظام المشار إليه وقد فوضته الشركة لدى بنك ناصر بخطابها المؤرخ 1/ 8/ 1987 ليقوم باستلام الشيك الصادر منه لأمر شركة ايديال وتسليمه للشركة المذكورة. وأنه استناداً إلى هذا التفويض قام باستلام استمارات الحجز من البنك ووزعها على العاملين بالمصنع الراغبين في حجز ثلاجات، واستلم منهم مقدمات الحجز مع ثمن الاستمارة لضمان جدية الحجز، ولم تكن لديه أية تعليمات من أية جهة بشأن المبالغ المحصلة كمقدمات، فلم تكن هناك تعليمات بإيداعها خزينة الشركة أو بنك ناصر الاجتماعي أو غيره من البنوك، كما أنه لم يكن هناك حساب خاص بعملية حجز الثلاجات لدى أي بنك، وأنه من المقرر بعد انتهاء جمع المبالغ واعتماد الاستمارات من الشركة أن يقوم الطاعن بتوريد المبالغ المحصلة لبنك ناصر الاجتماعي ويتسلم منه الشيك الخاص بشركة ايديال لتقوم الأخيرة بتسليم الثلاجات للحاجزين، ولم يكن بوسعه إيداع المبالغ المحصلة كمقدمات خزينة الشركة لأنها ليست من أموال الشركة، وإذ قام بإيداعها في حساب باسمه لدى بنك ناصر الاجتماعي خوفاً عليها من الضياع أو السرقة وحتى تكتمل المبالغ وتعتمد الاستمارات وتتم الإجراءات فإن ذلك لا يعتبر بحال من الأحوال إخلالاً من الطاعن بواجبات وظيفته أو خروجاً على مقتضياتها كما أنه لا يعتبر سلوكاً معيباً يتنافى مع الاحترام الواجب للوظيفة، وأيضاً هذا المسلك ليس فيه خروج على مقتضى الأمانة أو الثقة الواجب توافرها فيه خاصة وأنه بمجرد إلغاء التفويض الصادر له وصدور الأمر إليه بوقف إجراءات حجز الثلاجات قام برد مبالغ المقدمات إلى أصحابها وفي آجال معقولة.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإنه وقد انعدم المآخذ على سلوك الطاعن ولم يقع منه أي إخلال بواجبات وظيفته أو خروج على مقتضياتها أو إخلال بالثقة أو الأمانة الواجب توافرها فيه فمن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه مستمداً من غير أصول موجودة - وغير مستخلص استخلاصاً سائغاً من الأوراق، ومن ثم يكون قد بني على غير أساس من الواقع أو القانون ويكون الطعن عليه في محله متعيناً قبوله والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما أسند إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما أسند إليه..

الثلاثاء، 7 يناير 2025

الطعن 6236 لسنة 89 ق جلسة 27 / 2 / 2022 مكتب فني 73 ق 18 ص 161

جلسة 27 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / صلاح محمد أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / توفيق سليم ، أيمن شعيب ، محمد ثابت ووائل صلاح الدين الأيوبي نواب رئيس المحكمة .
----------------
(18)
الطعن رقم 6236 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان كل من الحكمين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تَفَهُم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إقامة المحكمة قضاءها على أدلة لها أصل صحيح في الأوراق وعقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمة الجنائية باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه . تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج وترتيب النتائج على المقدمات .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي بإقامة الحكم قضاءه على رأي لسواه . غير مقبول . متى أسسه على أقوال شاهدي الإثبات وما أسفرت عنه التحريات .
(5) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . نيابة عامة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
دفع الطاعنين ببطلان أمر الضبط والإحضار لابتنائه على تحريات غير جدية . غير مقبول . علة وأساس ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
مثال .
(6) إثبات " إقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إقرار الطاعنين بارتكابهما الجريمة . قول للضابط . تقديره . موضوعي . رد المحكمة على الدفع المبدى في عبارة مرسلة ببطلانه . غير لازم . علة ذلك ؟
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها .
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها . حسبها إيراد ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه .
للمحكمة التعويل على قول الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى . حد ذلك ؟
تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
اطراح الحكم سائغاً الدفع بتناقض أقوال شاهدي الإثبات . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(8) نيابة عامة . دعوى جنائية " قيود تحريكها " .
القيد على حرية النيابة في تحريك الدعوى الجنائية . استثناء . اقتصاره على الجريمة التي حددها القانون دون سواها ولو ارتبطت بها .
جريمتا السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض . ليستا من الجرائم التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص . أساس ذلك ؟
(9) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(10) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
لمحكمة الموضوع التعويل على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
اطراح الحكم سائغاً الدفع بعدم جدية التحريات . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(12) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(13) جريمة " جرائم الجلسات ". دعوى جنائية " تحريكها " " نظرها والحكم فيها ".
للمحكمة الجنائية تحريك الدعوى عن الجنح والمخالفات الواقعة بجلساتها والحكم فيها . شرط وأساس ذلك ؟
مثال .
(14) تقرير التلخيص . محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها " .
عدم التزام محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص . اقتصار ذلك على المحكمة الاستئنافية . أساس ذلك ؟
(15) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في مادة العقاب . لا يُرتب بطلان الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
(16) إهانة محكمة قضائية . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
عقوبة جريمة سب وإهانة محكمة قضائية الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري . قضاء الحكم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات . خطأ في تطبيق القانون يوجب تصحيحه . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكمين المطعون فيهما قد بيّن كل منهما واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع مـا أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، فمن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور غير سديد .
2- لما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ، ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعنان ، فإن ما يثيرانه في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات - كالحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنان بشأن الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في إدانتهم عن الجرائم المسندة إليهما وعن عدم بيانه أسباب اطمئنانه لأقوال شاهدي الإثبات لا يعدو جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض .
4- لما كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهدي الإثبات وما أسفرت عنه تحريات الشاهد الأول فإنه لم يبن حكمه على رأي لسواه ، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد.
5- لما كان ما أثاره دفاع الطاعنين من بطلان أمر الضبط والإحضار لابتنائه على تحريات غير جدية لا محل له لأنه دفع ظاهر البطلان ، ذلك أن المادة 126 من قانون الإجراءات الجنائية التي يسري حكمها بالنسبة لما تباشره النيابة العامة من تحقيق طبقاً لنص المادة ۱۹۹ من نفس القانون - تجيز لسلطة التحقيق أن تصدر بحسب الأحوال أمراً لحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره ، كما أجازت المادة ۱۳۰ من القانون السالف إصدار مثل هذا الأمر في أحوال محددة من بينها إذا كانت الجريمة محل الاتهام يجوز فيها الحبس الاحتياطي بغير حاجة إلى تحريات متى قامت بالطبع الدلائل الكافية على ذلك الاتهام . لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لا يماريان في سابقة صدور أمر ضبط وإحضار وأنه ساري في مواجهتهما فمن ثم يضحى النعي على التحريات في غير محله . هذا فضلاً عن أن المحكمة قد ردت على هذا الدفع بما يدحضه فمن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لم يدفعا أمام محكمة الموضوع ببطلان أمر الضبط والإحضار على الأساس الذي يتحدثان عنه في وجه طعنهما من أن القضية سند الأمر قد قضي فيها ببراءتهما ، فإنه ليس لهما من بعد أن ينعى أي منهما على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منهما إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين قد اقتصر على القول ببطلان الإقرار بعبارات عامة مرسلة لا تستند إلى وقائع محددة ، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه ، إذ يلزم لذلك أن يبدى الدفع المذكور في عبارة تشتمل على بيان المراد منه ، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إقرار الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعنين المدعى ببطلانه ، وإنما أقام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الإقرار ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابط الواقعة - حسبما حصلها الحكم - من أنه واجه الطاعنين فأقرا بارتكابهما لواقعة السرقة إذ هو لا يعدو إقراراً من الطاعنين بما أسند إليهما ، وإنما مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن .
7- من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها أن تعول على أقول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليه ، وكان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلا عن أن الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بتناقض أقوال شاهدي الإثبات برد كاف وسائغ ، فمن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون لا محل له .
8- لما كان الأصل أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة بها ، وكانت جريمتي السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مقتضى المعاقب عليها بالمادة 315/أولاً ، ثالثاً من قانون العقوبات والمواد ۱/۱ ، 25 مكرراً/1 ، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ۲۰۰۷ ليست من الجرائم التي عدت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون .
9- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئا بشأن عدم الاستعلام عن المجني عليها ولسؤالها وللتعرف على المتهمين ، ولم يطلبا إلى المحكمة تدارك هذه الأمور ، ومن ثم فلا يحل لهما - من بعد - أن يثيرا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون لا محل له .
10- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، والتي لها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وإذ كانت المحكمة قد عرضت للدفع بعدم جدية التحريات وردت عليه بما يسوغ وانتهت إلى الاطمئنان إلى جديتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض .
11- من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فمن ثم فلا وجه لما يثيره الطاعنان في هذا الصدد.
12- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة النقض بالتصدي له والرد عليه ، وكان الطاعنان لم يبينا في أسباب طعنهما المقصد أو ماهية دفاعهما بانعدام الاسناد الذي أغفلته المحكمة وكذا أوجه خطأ الحكم في تطبيق القانون بشأن المواد التي عددها بأسباب طعنهما بل جاء قولهما في كل ذلك مرسلاً مجهلاً ، فإن ما ينعياه في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
13- لما كانت المادة 244/1 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه : ( إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم عليه بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم ) فقد دل الشارع بذلك على أن من حق المحكمة الجنائية أن تحرك الدعوى وتحكم في جميع الجنح والمخالفات التي تقع في جلساتها بشرط أن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بما قضى به من إدانة الطاعنين عن جنحة وقعت منهما أثناء انعقاد الجلسة يكون قد أصاب صحيح القانون .
14- لما كانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن : ( يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه ، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي وقعت والإجراءات التي تمت .... ) مما مفاده أن كتابة تقرير التلخيص عنصر جوهري في إجراءات نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية ولم تطلب ذات الإجراء أمام محكمة الجنايات التي خصها القانون بإجراءات أخرى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
15- من المقرر أن الخطأ في مادة العقاب لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الدعوى موضوع الإدانة بيانا كافياً ، فإن خطأ الحكم بعدم تخصيص المادة ۱۳۳ بفقرتها الثانية من قانون العقوبات، وإيراده المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية بدلاً من المادة 32 من ذات القانون لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
16- لما كانت عقوبة جريمة سب وإهانة محكمة قضائية كنص المادة 133/2 من قانون العقوبات هي الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وهي عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة سنة فضلاً عن المصاريف الجنائية المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
- سرقا المنقولات المبينة وصفاً بالأوراق والمملوكة للمجني عليها / .... ( .... الجنسية ) وكان ذلك بالطريق العام ليلاً حال كونهما شخصين أحدهما حاملاً سلاحاً أبيض مخبأ وهو المتهم الثاني على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهم الثاني :
- أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض ( مطواة قرن غزال ) بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
وإذ إنه حال تداول الدعوى بالجلسات أقامت محكمة الجنايات المذكورة الدعوى الجنائية ضد الطاعنين بأنهما أهانا هيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة على النحو المبين بالأوراق.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315/أولاً ، ثالثاً من قانون العقوبات ، والمواد 1/۱ ، 25 مكرراً/1 ، ۳۰/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ۲۰۰۷ مع إعمال مقتضى نص المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثاني ، أولاً : بمعاقبة كل من .... ، .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة السلاح الأبيض المضبوط ، ثانياً : وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعية بالحق المدني مبلغاً وقدره خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وإلزامهما بالمصاريف ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وبمعاقبتهما عن جريمة إهانة هيئة المحكمة عملاً بالمادتين ۱۳۳ ، ۱۸۹ من قانون العقوبات بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم السرقة بطريق الإكراه ليلاً في الطريق العام وإحراز الثاني سلاحاً أبيض ( مطواة ) بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية وإهانة محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وران عليه البطلان ، ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى عن بصر وبصيرة ودون أن يورد مؤدى أدلة الإدانة التي عول عليها في إدانتهما فضلاً عن أنه أقام قضاءه على الظن والفروض معولاً في ذلك على أدلة لا تكفي لإدانتهما وعلى أقوال شاهدي الإثبات دون أن يكشف عن سبب اطمئنانه لشهادتهما ، كما أسست المحكمة اقتناعها على رأي لسواها بأن اتخذت من التحريات وأقوال مجريها دليلاً أساسياً في الدعوى ، كما دفع ببطلان أمر الضبط والإحضار الصادر ضد الطاعنين لابتنائه على تحريات غير جدية ولحصوله على براءة في القضية سند الأمر ، وببطلان الإقرار المنسوب صدوره للمتهمين بمحضر جمع الاستدلالات ، وبعدم معقولية الواقعة واستحالة تصورها وبتناقض أقوال شاهدي الإثبات بمحضر الشرطة بما جاء بالتحقيقات وبانفراد ضابط الواقعة بالشهادة ، وبعدم وجود شكوى أو بلاغ من المجني عليهما بالواقعة سيما وأن النيابة العامة قد قعدت عن الاستعلام عنها لسؤالها وللتعرف على المتهمين ، كما دفع بعدم جدية التحريات وبطلانها وبكيدية الاتهام وتلفيقه وبانعدام ركن الإسناد في الأوراق بيد أن المحكمة اطرحت بعض تلك الدفوع برد قاصر والتفتت عن البعض الآخر إيراداً ورداً ، كما أخطأ الحكم حين خالف المواد 11 ، 13 ، 300 ، 304 ، 310 ، 335 ، 336 من قانون الإجراءات الجنائية فضلاً عن خطئه حين عاقبهما بنص المادتين 133 ، 184 من قانون العقوبات دون أن تحيل المحكمة الأوراق إلى النيابة العامة بموجب مذكرة مكتوبة منها للتحقيق فيها ولاتخاذ شئونها نحوهما ، وأخيراً أن أوراق الدعوى قد خلت من تقرير تلخيص لوقائع الدعوى وظروفها ، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
من حيث إن الحكمين المطعون فيهما قد بين كل منهما واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع مـا أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، فمن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ، ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعنان ، فإن ما يثيرانه في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات - كالحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنان بشأن الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في إدانتهم عن الجرائم المسندة إليهما وعن عدم بيانه أسباب اطمئنانه لأقوال شاهدي الإثبات لا يعدو جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أقام قضاؤه على ما استخلصه من أقوال شاهدي الإثبات وما استقرت عنه تحريات الشاهد الأول فإنه لم يبين حكمه على رأى لسواه ويكون ما يثيره الطاعنان في هذاالصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره دفاع الطاعنين من بطلان أمر الضبط والإحضار لابتنائه على تحريات غير جدية لا محل له لأنه دفع ظاهر البطلان ذلك أن المادة 126 من قانون الإجراءات الجنائية - التي يسري حكمها بالنسبة لما تباشره النيابة العامة من تحقيق طبقاً لنص المادة ۱۹۹ من نفس القانون - تجيز لسلطة التحقيق أن تصدر بحسب الأحوال أمراً لحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره ، كما أجازت المادة ۱۳۰ من القانون السالف إصدار مثل هذا الأمر في أحوال محددة من بينها إذا كانت الجريمة محل الاتهام يجوز فيها الحبس الاحتياطي بغير حاجة إلى تحريات متى قامت بالطبع الدلائل الكافية على ذلك الاتهام . لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لا يماريان في سابقة صدور أمر ضبط وإحضار وأنه ساري في مواجهتهما فمن ثم يضحى النعي على التحريات في غير محله ، هذا فضلاً عن أن المحكمة قد ردت على هذا الدفع بما يدحضه ، فمن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لم يدفعا أمام محكمة الموضوع ببطلان أمر الضبط والإحضار على الأساس الذي يتحدثان عنه في وجه طعنهما من أن القضية سند الأمر قد قضى فيها ببراءتهما ، فإنه ليس لهما من بعد أن ينعى أي منهما على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبدأ أمامها ولا يقبل منهما إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين قد اقتصر على القول ببطلان الإقرار بعبارات عامة مرسلة لا تستند إلى وقائع محددة ، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه إذ يلزم لذلك أن يبدى الدفع المذكور في عبارة تشتمل على بيان المراد منه ، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إقرار الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعنين المدعى ببطلانه ، وإنما أقام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الإقرار ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابط الواقعة - حسبما حصلها الحكم - من أنه واجه الطاعنين فأقرا بارتكابهما لواقعة السرقة إذ هو لا يعدو إقراراً من الطاعنين بما أسند إليهما ، وإنما مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها أن تعول على أقول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليه ، وكان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بتناقض أقوال شاهدي الإثبات برد كاف وسائغ ، فمن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة بها ، وكانت جريمتي السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مقتضى المعاقب عليها بالمادة 315/أولاً ، ثالثاً من قانون العقوبات والمواد ۱/۱ ، 25 مكرراً/1 ، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ۲۰۰۷ ، ليست من الجرائم التي عدت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئاً بشأن عدم الاستعلام عن المجني عليها ولسؤالها وللتعرف على المتهمين ، ولم يطلبا إلى المحكمة تدارك هذه الأمور ، ومن ثم فلا يحل لهما - من بعد - أن يثير شيئا من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، والتي لها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وإذ كانت المحكمة قد عرضت للدفع بعدم جدية التحريات وردت عليه بما يسوغ وانتهت إلى الاطمئنان إلى جديتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فمن ثم فلا وجه لما يثيره الطاعنان في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة النقض بالتصدي له والرد عليه ، وكان الطاعنان لم يبينا في أسباب طعنهما المقصد أو ماهية دفاعهما بانعدام الاسناد الذي أغفلته المحكمة وكذا أوجه خطأ الحكم في تطبيق القانون بشأن المواد التي عددها بأسباب طعنهما بل جاء قولهما في كل ذلك مرسلاً مجهلاً ، فإن ما ينعياه في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت المادة 244/1 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه : ( إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم عليه بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم ) فقد دل الشارع بذلك على أن من حق المحكمة الجنائية أن تحرك الدعوى وتحكم في جميع الجنح والمخالفات التي تقع في جلساتها بشرط أن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بما قضى به من إدانة الطاعنين عن جنحة وقعت منهما أثناء انعقاد الجلسة يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن : ( يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه ، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي وقعت والإجراءات التي تمت .... ) مما مفاده أن كتابة تقرير التلخيص عنصر جوهري في إجراءات نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية ولم تطلب ذات الإجراء أمام محكمة الجنايات التي خصها القانون بإجراءات أخرى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول . وتشير هذه المحكمة - محكمة النقض - إلى أنه ، وكان من المقرر أن الخطأ في مادة العقاب لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً ، فإن خطأ الحكم بعدم تخصيص المادة ۱۳۳ بفقرتها الثانية من قانون العقوبات ، وإيراده المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية بدلاً من المادة 32 من ذات القانون لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، كما تشير هذه المحكمة إلى أنه لما كان ذلك ، وكانت عقوبة جريمة سب وإهانة محكمة قضائية كنص المادة 133 /2 من قانون العقوبات هي الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وهي عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة سنة فضلاً عن المصاريف الجنائية المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدعوى رقم 262 لسنة 25 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 7 / 12 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من ديسمبر سنة 2024م، الموافق الخامس من جمادى الآخرة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 262 لسنة 25 قضائية "دستورية"

المقامة من

إبراهيم عبد المحسن إبراهيم

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- وزير الدفاع

3- مدير إدارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة

----------------

الإجراءات

بتاريخ الخامس عشر من أكتوبر سنة 2003، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 51 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، فيما تضمنه من حرمان من انتهت خدمته بناءً على طلبه من المعاش الإضافي.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى التي آل قيدها أمام المحكمة الإدارية لوزارة الدفاع وملحقاتها بمجلس الدولة برقم 83 لسنة 48 قضائية، ضد المدعى عليهما الثاني والثالث وآخر، بطلب الحكم بأحقيته في الحصول على نسبة ال20٪ المقررة بالقانون رقم 102 لسنة 1987، وفي صرف المعاش الإضافي (معاش الأجر المتغير) المقرر بالقانون رقم 47 لسنة 1984، وتسوية مستحقاته بأثر رجعي اعتبارًا من تاريخ العمل بالقانون آنف الذكر، وإضافة قيمة المعاش الإضافي إلى معاشه الأساسي، وذلك على سند من أنه كان متطوعًا بالقوات المسلحة بدرجة رقيب أول، خلال الفترة من 16/7/1972 إلى 1/7/1984، وفي أثناء خدمته صدر القانون رقم 47 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وبزيادة المعاشات، وجرى خصم اشتراكات المعاش الإضافي من راتبه اعتبارًا من أبريل سنة 1984 ولمدة ثلاثة أشهر. وبتاريخ 1/7/1984، أُنهيت خدمته بناءً على طلبه، وعند تسوية معاشه لم يحصل على المعاش الإضافي؛ مما حدا به إلى إقامة الدعوى المار ذكرها. وفي أثناء نظرها دفع المدعي بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 51 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة.



وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 51 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، تنص على أن "يُقتطع من الفئات المنصوص عليها بالبندين (أ، ب) من المادة (1) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 نسبة (9٪) شهريًّا من بدل طبيعة العمل، ولا يدخل هذا البدل في حساب الحد الأقصى للراتب المستقطع عنه احتياطي المعاش المقرر بالمادة (2) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة.

وتمنح هذه الفئات علاوة على المعاش لمن تنتهى خدمته بغير طلب منه، ولسبب غير تأديبي أو لسبب جنائي أو تبعا لتوقيع عقوبة جنائية، أو لعدم الصلاحية للاستمرار بالخدمة، أو لعدم توافر شروط الأهلية للترقي، أو للاستغناء عن الخدمة لعدم الصلاحية الفنية، أو لدواعي الصالح العام، أو فقد الجنسية، معاشًا إضافيًّا يعادل 4/5 البدل المشار إليه.

ويُوزع المعاش الإضافي على المستحقين عن المنتفع أو صاحب المعاش وفقًا للجدول رقم (1) المرافق للقانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه.

وفى جميع الأحوال يسري في شأن المعاش الإضافي كافة الأحكام المقررة بالنسبة للمعاش.

ولا يدخل هذا المعاش عند حساب التعويض التقاعدي المنصوص عليه بالفقرة الأولى من المادة (21) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة المشار إليه".

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعي قد شغل درجة رقيب أول متطوع بالقوات المسلحة عند انتهاء خدمته، بناءً على طلبه في 1/7/1984، وكان قد جرى اقتطاع الاشتراك منه عن المعاش الإضافي اعتبارًا من شهر أبريل سنة 1984 حتى انتهاء خدمته، وتمت تسوية معاشه دون أن يحصل على المعاش الإضافي، وكان يستهدف من نزاعه الموضوعي الحكم بأحقيته في ذلك المعاش، وكان نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 51 لسنة 1984 المشار إليه، فيما اشترطه لاستحقاق المعاش الإضافي ألا يكون المخاطب به قد انتهت خدمته بالقوات المسلحة بناءً على طلبه، من شأنه أن يحول دون إجابة المدعي إلى طلبه في صرف ذلك المعاش؛ ومن ثم فإن الفصل في دستوريته يكون ذا أثر وانعكاس أكيد على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وبهذه المثابة تتوافر للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الدعوى الدستورية المعروضة، ويتحدد نطاقها فيما تضمنه النص المطعون فيه – قبل استبدال القانون رقم 114 لسنة 1987 به – من عدم أحقية من انتهت خدمته بالقوات المسلحة بناءً على طلبه في المعاش الإضافي، دون سائر أحكام النص الأخرى.

ولا ينال من توافر المصلحة في الدعوى المعروضة أن النص المطعون فيه قد استُبدل بمقتضى القانون رقم 114 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن استبدال المشرع قاعدة قانونية بغيرها، أو إلغاءها، لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال مدة نفاذها وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه، تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها علي الوقائع التي تتم في ظلها وحتى إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة أو حلت محلها قاعدة قانونية أخرى فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ مكتملًا في ظل القاعدة القديمة من المراكز القانونية وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل خاضعًا لحكمها وحدها. متى كان ذلك، فإن استبدال النص المطعون فيه بموجب أحكام القانون رقم 114 لسنة 1987 المار ذكره، لا يمنع هذه المحكمة من إعمال رقابتها الدستورية عليه، باعتباره قد طبق على المدعي خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليه.

وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه – في النطاق المحدد سلفًا - مخالفته لأحكام المواد (8 و17 و40 و122) من دستور سنة 1971، وذلك تأسيسًا على أنه حرم من انتهت خدمته بالقوات المسلحة بناءً على طلبه من استحقاق أي نسبة من المعاش الإضافي، في حين أن المادة الخامسة من القانون رقم 114 لسنة 1987 المشار إليه منحت من تنتهى خدمته بناءً على طلبه 50٪ من المعاش الإضافي، مما يشكل تفرقة تحكمية بين ذوي المراكز القانونية المتماثلة، وتمييزًا غير مبرر لا يتساند إلى أسس موضوعية.

وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حمايتها للدستور إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس له أثر رجعي فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر القانون المطعون عليه في ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور. متى كان ذلك، وكان نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 51 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 قد عُمل به إلى أن جرى استبداله بمقتضى أحكام المادة الخامسة من القانون رقم 114 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، إبان سريان دستور سنة 1971؛ ومن ثم يتعين الاحتكام بشأنه إلى ما ورد بأحكام هذا الدستور.

وحيث إن المخاطر المؤمن ضدها في قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة المار ذكره، تستطيل - بالإضافة إلى المخاطر التقليدية المنصوص عليها في قوانين التأمينات الاجتماعية والمعاشات المدنية - إلى ما يقع من مخاطر في ساحات التدريب أو في ميادين الحرب، من حالات استشهاد أو أَسْر أو فقد أو عدم لياقة صحية بسبب العمليات الحربية، أو بسبب الخدمة العسكرية، أو غيرها من أسباب انتهاء الخدمة بالقوات المسلحة قبل بلوغ سن التقاعد؛ ومن ثم تتعدد أوجه المغايرة في الفلسفة والأهداف التي تبناها المشرع في كل من قانوني التأمينات الاجتماعية والمعاشات المدنية، والتقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة، لاسيما في شأن معالجة حالات الخطر المؤمن منه والمزايا المستحقة للمخاطبين بأحكامهما، مما ترتب عليه اختلافهما في العديد من الأحكام القانونية الموضوعية، والإجرائية، أو ما يتعلق بالحسابات الإكتوارية، وهو ما يتضح – أيضًا – وبجلاء في الأحكام المنظمة للمنتفعين، وتمويل المعاش والاشتراكات على اختلاف مكوناتها ومسمياتها، التي تراوحت بين أجر الاشتراك، والاستقطاع للمعاش الشهري واحتياطي المعاش، وكذا الأحكام المنظمة لتحديد سن الإحالة للمعاش، وتقدير المدد المؤهلة لاستحقاق المعاش وقواعد تسوية المستحقات التأمينية وطرق توزيعها، وحالات استحقاق المعاش والتعويضات، وأنواع المعاشات والمكافآت، والأحكام العامة في كل منهما.

وحيث إن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 51 لسنة 1984 المار ذكره قد تضمنت أن "القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة جاء عقب حرب أكتوبر 1973 المجيدة، شاملًا ومنظمًا لكافة أحكام التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة. ومنذ ذلك التاريخ صدرت عدة قوانين خاصة بتعديل القانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه، وقد روعيت في هذه القوانين الملاءمة مع الظروف الاجتماعية العامة في البلاد والارتفاع التدريجي في تكاليف المعيشة، وأن من أهم المزايا والأحكام التي تضمنها مشروع القانون ... ثانيًا: في مجال التطوير: تقرر الحق للعاملين (المنتفعين) بأحكام البندين (أ، ب) من المادة (1) من القانون رقم 90 لسنة 1975 في معاش إضافي شهري، وذلك في حالة إنهاء خدمة المنتفع بغير طلب منه".

وحيث إن التنظيم التشريعي للمعاش الإضافي، طبقًا للنص المطعون فيه، يُعد تنظيمًا متكاملًا يكوّن وحدة لا تنفصم جميع عناصرها القانونية، إذ أسبغ المشرع على هذا المعاش وصف مزية إضافية تمنح علاوة على المعاش الأساسي، وأفرد بدل طبيعة العمل وعاءً لتمويله، وحدد النسبة المقتطعة من ذلك البدل بواقع (9٪) شهريًّا، ومقداره بما يعادل أربعة أخماس البدل المشار إليه، وعيَّن المستفيدين منه بالفئات المنصوص عليها بالبندين (أ ، ب) من المادة (1) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، دون غيرهم، وقصر منح هذا المعاش – في النطاق الذي تحددت به الدعوى المعروضة– على من انتهت خدمته بغير طلب منه.

حيث إن ما ينعاه المدعي من إخلال النص المطعون فيه بكفالة الدولة خدمات التأمين الاجتماعي وقواعد تقرير المعاشات المنصوص عليهما في المادتين (17 و122) من دستور سنة 1971، فإنه مردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور إذ عهد بنص المادة (122) منه إلى المشرع بصوغ القواعد القانونية التي تتقرر بموجبها على خزانة الدولة مرتبات المواطنين ومعاشاتهم وتعويضاتهم وإعاناتهم ومكافآتهم، على أن ينظم أحوال الاستثناء منها، والجهات التي تتولى تطبيقها، فذلك لتهيئة الظروف التي تفي باحتياجاتهم الضرورية، وتكفل مقوماتها الأساسية التي يتحررون بها من العوز، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعاشها، بما مؤداه: أن التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق يكون مجافيًا أحكام الدستور، منافيًا لمقاصده إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها. ولازم ذلك أن الحق في المعاش - إذا توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون - إنما ينهض التزامًا على الجهة التي تقرر عليها، وهو ما تؤكده قوانين التأمين الاجتماعي، على تعاقبها، إذ يتبين منها أن المعاش الذى تتوافر بالتطبيق لأحكامها شروط اقتضائه عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقاً للنظم المعمول بها، يعتبر التزامًا مترتبًا بنص القانون في ذمة الجهة المدينة، وإذ كان الدستور قد خطا بمادته (17) خطوة أبعد في اتجاه دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية، الاجتماعية منها والصحية، بما في ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم في الحدود التي يبينها القانون، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعي، التي يمتد نطاقها إلى الأشخاص المشمولين بها، هي التي تكفل لكل مواطن الحد الأدنى لمعيشة كريمة لا تمتهن فيها آدميته، والتي توفر لحريته الشخصية مناخها الملائم، ولضمانة الحق في الحياة أهم روافدها، وللحقوق التي يمليها التضامن بين أفراد الجماعة التي يعيش في محيطها مقوماتها، بما يؤكد انتماءه إليها، وتلك هي الأسس الجوهرية التي لا يقوم المجتمع بدونها، والتي تعتبر المادة (7) من الدستور مدخلًا إليها.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وجوهر هذه السلطة يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة، وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها في خصوص الموضوع الذى يتناوله التنظيم.

متى كان ذلك، وكان البين من استصفاء أحكام نص المادة الثانية من القانون المشار إليه، مجتمعة، أنه ولئن أورد في فقرته الرابعة سريان الأحكام المقررة بالنسبة للمعاش الأساسي على المعاش الإضافي، فإن بعضًا من تلك الأحكام تتأبى على المماثلة مع الأحكام المقررة في شأن المعاش الأصلي، ومن ذلك أن المشرع خص فئات محددة من المخاطبين بأحكامه، بمقتضى صفاتهم، لإعمال أحكام المعاش الإضافي في مواجهتهم، واتخذ وعاءً لتمويل هذا المعاش مغايرًا لوعاء تمويل المعاش الأساسي، فضلًا عما قرره بمقتضى نص المادة الثالثة من القانون رقم 51 لسنة 1984 المار ذكره، من أحقية من لم يمنح هذا المعاش الإضافي في استرداد ما أداه من اشتراكات – نسبة ال 9٪ المستقطعة من بدل طبيعة العمل-، وذلك خلافًا لما هو مقرر في شأن المعاش الأساسي بموجب المادة (24) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة المار ذكره، من أحقية مَن انتهت خدمته قبل استيفائه شرط المدة لاستحقاق المعاش الأساسي، من مكافأة تُحسب بواقع 15٪ من الراتب السنوي عن كل سنة كاملة من مدة خدمته المحسوبة في المعاش بفئة آخر راتب استحقه؛ ومن ثم فإن التنظيم التشريعي للمعاش الإضافي لا ينال من الحقوق التأمينية الأساسية المقررة لمن انتهت خدمته العسكرية بناءً على طلبه، ولا من مقدارها، ولا من الشروط التي ترتبط عقلًا بها، وإنما وضع بالنص المطعون فيه قدرًا من التوازن بين حق المخاطب به في ترك الخدمة بالقوات المسلحة بإرادته المنفردة، وعدم استحقاقه مزية المعاش الإضافي، لكي لا تُقابل مزية بغير مسئولية، وبذلك يكون هذا التنظيم قد راعى طبيعة ومتطلبات الخدمة بالقوات المسلحة والعلاقة التي تربطها بأفرادها، وبتقريره أن انفصام عراها، وانتهاء خدمة واحد من الفئات المخاطبة بأحكام المعاش الإضافي، بناءً على طلبه، يسوغ عدم أحقيته لهذا المعاش، وردَّ ما استقطع منه من اشتراك مقابلًا له، ويكون المشرع بذلك قد باشر اختصاصه وسلطته التقديرية في تنظيم الحقوق، بما لا ينال من الالتزام الدستوري المفروض على الدولة بكفالة التأمين الاجتماعي؛ ومن ثم يكون النعي بمخالفة النص المطعون فيه للمادتين (17 و122) من دستور 1971، لا سند له متعينًا رفضه.

وحيث إنه عن نعي المدعي مخالفة النص المطعون فيه لمبدأ المساواة، على النحو السالف بيانه، فمردود أولًا: بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن دستور 1971 أفرد بابه الثالث للحريات والحقوق والواجبات العامة، وصدَّره بالنص في المادة الأربعين منه على أن المواطنين لدى القانون سواء، وكان الحق في المساواة أمام القانون، هو ما رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يتوخاها تتمثل أصلًا في صون حقوق المواطنين وتأمين حرياتهم في مواجهة صور من التمييز تنال منها، أو تقيد ممارستها، وأن الإخلال بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون يفترض أن يكون المشرع قد تدخل من خلال النصوص القانونية التي أحدثها ليعدل بها من الحقوق التي أنشأتها مراكز قانونية تتحد في العناصر التي تقوم عليها، ذلك أن وحدة المراكز القانونية تفترض تماثل مكوناتها، وبقدر ما بينها من تغاير تفقد هذه المراكز تعادلها، فلا تجمعها تلك الوحدة التي تقتضى تساويها في الآثار التي ترتبها، وأنه كلما كان القانون مغايرًا بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعًا فيما بينها، وكان تقديره في ذلك قائمًا على أسس موضوعية؛ مستلهمًا أهدافًا لا نزاع في مشروعيتها، وكافلًا وحده القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلباتها، كان القانون واقعًا في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع، ولا يعتبر بالتالي قانونًا مشتبهًا فيه، بل متضمنًا تمييزًا مبررًا لا ينال من مشروعيته الدستورية أن تكون المساواة التي توخاها وسعى إليها، بعيدة حسابيًّا عن الكمال، ولا أن يكون تطبيقها عملًا قد أخل بها. وإذ كان ما تضمنه النص المطعون فيه موجهًا إلى كافة من تماثلت ظروفهم ومراكزهم القانونية ممن أنهيت خدمتهم بغير طلب منهم اعتبارًا من أول أبريل سنة 1984، وكان المركز القانوني لهؤلاء مغايرًا للمركز القانوني لمن انتهت خدمتهم بناءً على طلب منهم، وكانت تلك المغايرة القائمة على أسباب انتهاء الخدمة، تمليها المصلحة العامة التي تغياها المشرع من النص المطعون عليه على الوجه السالف بيانه، وبحسبان المغايرة في بعض الأوضاع والمراكز القانونية بين هاتين الفئتين – ما دامت قد اتفقت مع الغرض من تقريرها - تغدو مبررة من زاوية دستورية.

ومردود ثانيًا: بأن فحوى ما قرره النص المطعون فيه، من شروط لمنح المعاش الإضافي وتحديد الفئات المستحقة له، ليكون استحقاقه مقرونًا – دومًا - بتحري قواعد بلوغه، إنما تغيا تعميق المزايا التأمينية، وإثابة أفراد الفئات الأولى والأحق بها والذين ظلوا على الالتزام والانضباط العسكري طوال مدة خدمتهم حتى اكتمال عطائهم بإحالتهم للتقاعد بغير طلب منهم، وبهذه المثابة يكون النص المطعون فيه قد جاء كافلًا للأسس الموضوعية التي ينظم المشرع الحقوق في نطاقها.

ومردود ثالثًا: بأنه في الدائرة التي يجيز فيها الدستور للمشرع أن يباشر سلطته التقديرية لمواجهة مقتضيات الواقع، وهى الدائرة التي تقع بين حَدَّى الوجوب والنهي الدستوريين، فإن الاختلاف بين الأحكام التشريعية المتعاقبة التي تنظم موضوعًا واحدًا، تعبيرًا عن تغير الواقع عبر المراحل الزمنية المختلفة، لا يعد إخلالًا بمبدأ المساواة الذى يستقي أحد أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يطبق خلالها النص القانوني الخاضع لضوابط المبدأ، فإذا تباينت النصوص التشريعية في معالجتها لموضوع واحد، وكان كل منها قد طُبق في مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يعد بذاته إخلالًا بمبدأ المساواة، وإلا تحوَّل هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة إلى سد حائل دون التطور التشريعي. إذ كان ذلك، وكان النص المطعون فيه لم يتضمن أحقية من انتهت خدمته بالقوات المسلحة بناءً على طلبه للمعاش الإضافي، ثم في مرحلة زمنية لاحقة صدر نص تشريعي آخر – المادة الخامسة من القانون رقم 114 لسنة 1987 – يقرر أنه استثناء من النص المطعون فيه يستحق المنتفع الذي تنتهي خدمته بناءً على طلبه 50٪ من المعاش الإضافي متى كان قد أمضى عشرين سنة خدمة فعلية، فإن النص المطعون فيه والنص اللاحق عليه، المتمحل بحكمه، يكونان في تعاقبهما، قد عبرا عن مرحلتين زمنيتين مختلفتين تتأبى معهما المقارنة اللازمة لإعمال مبدأ المساواة.

ومردود رابعًا: بأن استحداث مزايا تأمينية للمستفيدين من المعاش في ظل العمل بنظام تأميني قائم، لا يوجب – بالضرورة – سريانها على أقرانهم الذين اكتملت عناصر مراكزهم القانونية قبل العمل بتلك المزايا، ذلك أن ما يتم إقراره منها يرتبط – في الغالب الأعم – بعوامل متعددة، يرتد بعضها إلى التزامات متقابلة لأطراف العلاقة التأمينية، كما يتعلق بعضها الآخر بإنفاذ أحكام الدستور التي تكفل تقديم الحماية المجتمعية، وتلزم بالتضامن الاجتماعي لأصحاب المعاش والمستفيدين عنهم، وفي جميع الأحوال فإن إقرار أية مزايا تأمينية يعتمد على ما يتوافر من موارد للجهة المدينة بتقديم هذه المزايا لتغطية التكلفة المالية الناشئة عن إقرارها، على نحو تعكسه معادلات حساب إكتواري، يتحدد بمقتضاه فئات المستفيدين من المزايا المستحدثة، ومقدارها، وشرائط الانتفاع بها؛ ومن ثم يغدو وصم المدعي للنص المطعون فيه إخلاله بمبدأ المساواة، لعدم إفادته من المزايا التأمينية التي استحدثها تشريع لاحق، لغوًا يتعين اطراحه والالتفات عنه.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور ولئن كفل حق الملكية الخاصة، وأحاطه بسياج من الضمانات التي تصون هذه الملكية وتدرأ كل عدوان عليها، فإنه في ذلك كله لم يخرج عن تأكيده الدور الاجتماعي لحق الملكية، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التي تقتضيها أو تفرضها ضرورات اجتماعية، ما دامت لم تبلغ هذه القيود مبلغًا يعيب حق الملكية في جوهره، أو يعدم جل خصائصه، وهو الأمر الذى راعاه المشرع بموجب النص المطعون فيه حين قرر أن هذا المعاش الإضافي - حال توافر شروط استحقاقه – يُعد من العناصر الإيجابية للذمة المالية لأصحابها، لمجابهة أعباء المعيشة، وأن هذا الاستحقاق مرده في الأساس إلى ما أقتُطع منهم لأغراض تمويل هذا المعاش – وهى نسبة ال 9٪ التي تخصم من بدل طبيعة العمل – إلا أن ما قرره المشرع بالمادة الثالثة من القانون رقم 51 لسنة 1984 من أنه "في حالات إنهاء الخدمة التي لا يستحق فيها المعاش الإضافي يُرد إلى المنتفع قيمة مدفوعاته من احتياطي المعاش الإضافي بالفئة المنصوص عليها في المادة السابقة محسوبة على أساس بدل آخر شهر استقطع منه احتياطي المعاش الإضافي عن مدة اشتراكه عنه، وفى حساب هذه المدة يُجبر كسر الشهر إلى شهر كامل"، إنما يفيد - بحكم اللزوم – حرص المشرع على صون الملكية الخاصة بعدم المساس بالعناصر الإيجابية للذمة المالية، وعدم الإضرار بحقوق تلك الفئة، فقد قرر رد هذه المدفوعات، وبذات الفئة على أن تحسب على أساس بدل آخر شهر استقطع منه احتياطي المعاش الإضافي عن مدة اشتراكه عنه، بما يُعد بديلًا متوازنًا ارتأى المشرع ملاءمة تقريره لمن لم تتوافر في شأنه شروط استحقاق المعاش الإضافي لانتهاء خدمته بناءً على طلبه؛ ومن ثم فإن النص المطعون فيه لا يخالف أحكام المادة (34) من دستور 1971.

وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المطعون فيه مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في المادة (8) من دستور 1971، فمردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن هذا المبدأ تنحصر دائرة إعماله في الفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها عند التزاحم عليها. وإذ كانت القواعد التي قررها المشرع بالنص المطعون فيه في شأن المعاش الإضافي، لا صلة لها بفرص قائمة يجري التزاحم عليها، فإن قالة الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص لا يكون لها من سند.

وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أي حكم آخر من الدستور؛ ومن ثم فإنه يتعين القضاء برفض هذه الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.