الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 ديسمبر 2021

القضية 11 لسنة 16 ق جلسة 3 / 7 / 1995 دستورية عليا مكتب فني 7 دستورية ق 1 ص 19

جلسة 3 يوليو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور،

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي على جبالي - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

------------

قاعدة رقم (1)

القضية رقم 11 لسنة 16 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "المصلحة فيها" - تطبيق.
مناط المصلحة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - أن يكون الفصل في المسالة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع.
(2) دستور "الملكية الخاصة".
حرص الدستور على النص على صون الملكية الخاصة، وحمايتها لكل فرد وطنيا كان أم أجنبيا، وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى حدود ما يقتضيه تنظيمها.
(3) دستور "الملكية الخاصة: حمايتها".
من غير الجائز للمشرع أن ينال من عناصرها أو يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، أو أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها أو يقيد من مباشرة الحقوق المتفرعة عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية.
(4) حق الملكية "حق مالي - وظيفتها الاجتماعية: نطاقها - مفاضلة بين البدائل".
لم تعد الملكية حقاً مطلقاً، جواز تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، الوظيفة الاجتماعية للملكية تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض المرصودة عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين في بيئة بذاتها.
(5) شريعة إسلامية - حق الملكية "الملكية الخاصة: خلافة - وظيفتها الاجتماعية".
الأصل في الشريعة الإسلامية أن الأموال جميعها مردها إلى الله تعالى، مستخلفاً فيها عبادة الذين عهد إليهم بعمارة الأرض وهم مسئولون عما في أيديهم منها، لولى الأمر أن يعمل على تنظيمها بما يحقق المقاصد الشرعية المتوخاة منها، الملكية خلافة، وباعتبارها كذلك تضبطها وظيفتها الاجتماعية.
(6) تشريع "المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 "توازن العلاقة الإيجارية.
ما قررته هذه المادة من حق المالك في الحصول على 50% من مقابل التنازع عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير الأغراض السكنى في الأحوال وبالشروط المبينة فيها - توخى المشرع توازن العلاقة الإيجارية من خلال أمرين مقررين فيها هما إلزام المستأجر بأن يتقاسم مع المالك مقابل التنازل لمواجهة نزوله نزولاً نافذاً وفورياً في حق المالك وبغير رضاه، وتقرير أولوية لمالك العين المؤجرة في الانتفاع بها دون المتنازل إليه.
(7) إيجار "تنازل: قيوده - الإضرار بالمالك".
من المقرر عدم جواز التنازل عن حق إجارة العين للغير إلا بناءً على نص في القانون أو وفقاً لترخيص من مالكها - إنفراد المستأجر بالحصول على مبالغ مقابل تنازله عن حق إيجار العين في الأحوال التي يجوز فيها ذلك، يلحق بمالكها أبلغ الضرر.
(8) تشريع "المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981: حل منصف".
ما قرره المشرع في هذه المادة من خلال الأمرين المشار إليه يمثل حلاً منصفاً لمواجهة تنازل المستأجر العين عن حق إجارتها.
(9) تشريع "المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - المادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981" - تخصيص العام.
القانون رقم 5 لسنة 1981، وفى إطار ما قررته المادة 5 منه من حكم خاص بجواز تنازل مستأجر المنشأة الطبية - وورثته من بعده - عنها لطبيب، صار مقيداً لعموم الأحكام التي انتظمتها المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981.
(10) إيجار "تنازل - حق الملكية" وظيفة اجتماعية - تشريع.
نزول طبيب لأحد زملائه عن حق إجارة العين التي يستخدمها عيادة خاصة، وفى حدود عدم تعارضه مع الحقوق التي يقابلها والمقررة لمالكها وفقاً للقواعد العامة، لا يناقض في ذاته حق الملكية - وأدخل إلى تنظميها في إطار وظيفتها الاجتماعية.
(11) تنظيم الحقوق "سلطة تقديرية - التقيد بالدستور" - حق الملكية "مناط حمايتها" علاقة إيجارية "توازن حقيقى".
سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق سلطة تقديرية، ما لم يفرض الدستور على ممارستها قيوداً لا يجوز تخطيها - مناط حماية الملكية الخاصة ألا تقوم على الاستغلال، وألا يتعارض استخدامها مع الخير العام لجموع المواطنين، وألا تنافى في مقاصدها الأغراض التي تتوخاها وظيفتها الاجتماعية - التوازن الذي تتغياه النصوص القانونية في العلاقة الإيجارية يلزم أن يكون توازناً منصفاً متعمقاً الحقائق الموضوعية.
(12) إيجار "توازن بين أطرافه - عدم دستورية".
كل نص يمثل افتئاتاً كاملاً على حقوق أحد أطراف العلائق الإيجارية، مصيره البطلان من خلال مباشرة الرقابة القضائية على دستوريته.
(13) حق الملكية "إثراء المستأجر" - إيجار "توازن". القيود التي يفرضها المشرع على حق الملكية.
لا يجوز أن تكون مدخلاً لإثراء مستأجر العين وإفقار مالكها - لا يجوز أن يميل ميزان التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية لتكون الحقوق المقررة لأحدهما إجحافا وإعناتاً وقهراً.
(14) إيجار "تشريعات استثنائية - تنظيم خاص" - رقابة قضائية.
الطبيعة الاستثنائية التي درج المشرع على تنظيم العلائق الإيجارية من خلالها لا يعصمها من الخضوع للدستور - اعتبارها من قبيل التنظيم الخاص لموضوعها. خضوعها للرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على دستورية النصوص القانونية جميعها.
(15) إيجار "تنظيم خاص - ضرورة".
الضرورة الموجبة لهذا التنظيم الخاص تقدر بقدرها، ومعها تدور قيودها النابعة منها.
(16) تشريع "المادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية".
حكم هذه المادة بحرمان مالك العين المؤجرة المتخذة مقراً لعيادة طبية خاصة في حالة التنازل عنها في الحالات المبينة فيها من الحقين المقررين له بمقتضى المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981، مؤداه فرض التنازل على مالك هذه العين والتعرض لحق ملكيته عليها من خلال منعه من الاستئثار بمنافعها.
(17) تشريع "المادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981. مزية استثنائية - عدوان على الملكية - مخالفتها الأصول الشرعية".
انطواء هذه المادة على مزية استثنائية ينفرد بها الأطباء دون غيرهم من المتنازلين عن حق الإجارة، غايتها إسقاط حقوق المالك المرتبطة بها بما يشكل عدواناً على حق الملكية - تقديمها المنفعة المجلوبة على المضرة المدفوعة، وعدم اختيارها أهون الشرين لدفع أعظمهما، بل تلحق بالمؤجر وحده الضرر البين الفاحش بما يتنافى مع المقاصد الشرعية.
(18) دستور - مبدأ المساواة "نطاقه - صور التمييز".
كفالة الدساتير المصرية تطبيق مبدأ المساواة على المواطنين كافة - بسط الحماية القانونية المتكافئة بموجبه على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، وتلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية - من المقرر أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون.
(19) دستور - تشريع - "المادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981".
إخلال هذه المادة بالحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة، وإهدارها مبدأ المساواة أمام القانون، مخالفتها للمواد 32، 34، 40 من الدستور.

----------------
1 - أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت الدعوى الموضوعية تتعلق بنزول المستأجر الأصلي عن إجارة العين التي اتخذها عيادة خاصة، إلى مورث المدعى عليها الخامسة لينتفع بها - وبوصفه طبيباً - في ذات الغرض؛ وكان الدفع بعدم الدستورية الذي أبدته الشركة المدعية أمام محكمة الموضوع، منحصراً في هذا النطاق وحده، فإن مصلحتها الشخصية المباشرة إنما تتحدد في المسألة الدستورية المتصلة بالنزاع الموضوعي، وهى تلك المتعلقة بنزول الطبيب أو ورثته من بعده عن حق إيجار المنشأة الطبية التي يتخذها عيادة خاصة لطبيب. ومن البدهي فإن انحصار الطعن الماثل في النطاق المتقدم، لا يعنى أن أحكام المادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981 المشار إليه - وفيما يجاوز هذا النطاق - قد أضحت مطهرة مما قد يكون عالقاً بها من مثالب موضوعية، إذ لا يزال مجال الطعن فيها مفتوحاً لكل ذي مصلحة.
2 ، 3 - إن الدستور - إعلاءً من جهته لدور الملكية الخاصة، وتوكيداً لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي - كفل حمايتها لكل فرد - وطنياً كان أم أجنبياً - ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود التي يقتضيها تنظيمها، باعتبارها عائدةً - في الأعم من الأحوال - إلى جهد صاحبها، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها، وأحاطها بما قدره ضرورياً لصونها. معبداً بها الطريق إلى التقدم، كافلاً للتنمية أهم أداوتها، محققاً من خلالها إرادة الإقدام، هاجعاً إليها لتوفر ظروفاً أفضل لحرية الاختيار والتقرير، مطمئناً في كنفها إلى يومه وغده، مهيمناً عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد. ولا يناجز سلطته في شأنها خصيم ليس بيده سنده ناقل لها. ليعتصم بها من دون الآخرين. وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التي تعينها على أداء دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بانتقاضها من أطرافها. ولم يعد جائزاً بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها. ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها. ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع عنها في غير الضرورة التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها.
4 - إن من المقرر كذلك أن حق الملكية من الحقوق المالية التي يجوز التعامل فيها، وبقدر اتساع قاعدتها تتعدد روافدها، وتتنوع استخداماتها، لتشكل نهراً يتدفق بمصادرة الثروة القومية التي لا يجوز إهدارها أو التفريط فيها أو بعثرتها تبديدا لقيمتها، ولا تنظميها بما يخل بالتوازن بين نطاق حقوق الملكية المقررة عليها، وضرورة تقييدها نأياً بها عن الانتهاز أو الإضرار بحقوق الآخرين. ذلك أن الملكية - في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة - لم تعد حقاً مطلقاً، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي. وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها. ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكما، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين في بيئة بذاتها لها توجهاتها ومقوماتها. وفى إطار هذا الدائرة، وتقيداً بتخومها، يفاضل المشرع بين البدائل، ويرجح على ضوء الموازنة التي يجريها، ما يراه من المصالح أجدر بالحماية، وأولى بالرعاية، وفقاً لأحكام الدستور، مستهدياً في ذلك بوجه خاص بالقيم التي تنحاز إليها الجماعة في مرحلة بذاتها من مراحل تطورها، وبمراعاة أن القيود التي يفرضها الدستور على حق الملكية للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها خير الفرد والجماعة.
5 - إن الشريعة الإسلامية في مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التي لا تبديل فيها، لا تناقض ما تقدم. ذلك أن الأصل فيها أن الأموال جميعها مردها إلى الله تعالى، أنشأها وبسطها، وإليه معادها ومرجعها، مستخلفاً فيها عباده الذين عهد إليهم بعمارة الأرض، وجعلهم مسئولين عما في أيديهم من الأموال لا يبددونها أو يستخدمونها إضراراً. يقول تعالى [وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه] وليس ذلك إلا نهياً عن الولوغ بها في الباطل. وتكليفاً لولى الأمر بأن يعمل على تنظيمها بما يحقق المقاصد الشرعية المتوخاة منها، وهى مقاصد ينافيها أن يكون إنفاق الأموال وإدارتها عبثا أو إسرافا أو عدوانا، أو متخذاً طرائق تناقض مصالح الجماعة، أو تخل بحقوق للغير أولى بالاعتبار. وكان لولى الأمر بالتالي أن يعمل على دفع الضرر قدر الإمكان، وأن يحول دون الإضرار إذا كان ثأرا محضا من الضرر، ولا يفيد إلا في توسيع الدائرة التي يمتد إليها، وأن يرد كذلك الضرر البين الفاحش. فإذا تزاحم ضرران، كان تحمل أهونهما لازماً اتقاءً لأعظمهما، ويندرج تحت ذلك القبول بالضرر الخاص لرد ضرر عام. وينبغي - من ثم - أن يكون لحق الملكية إطار محدد تتوازن فيه المصالح ولا تتنافر. ذلك أن الملكية خلافة - وهى باعتبارها كذلك تضبطها وظيفتها الاجتماعية التي تعكس بالقيود التي تفرضها على الملكية، الحدود المشروعة لممارسة سلطاتها، وهى حدود يجب التزامها، لأن العدوان عليها يخرج الملكية عن دائرة الحماية التي كفلها الدستور لها.
6 - إن المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، تنص على أنه "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى، الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين. وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق، إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض. ويكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك، وأودع الثمن مخصوماً منه نسبة الـ 50 % المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار، إيداعاً مشروطاً بالتنازل عن عقد الإيجار وتسليم العين، وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان. وبانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك، مع التزام المشترى بأن يؤدى للمالك مباشرة نسبة الـ 50% المشار إليها".
7 ، 8 - إن من المقرر وفقاً للقواعد العامة التي تنظم الروابط الإيجارية، أن مستأجر العين التي يستخدمها في السكن أو لغير ذلك من الأغراض، مقيداً إذا أراد التنازل عن حق إجارتها إلى الغير، بأن يتم هذا التنازل بناءً عن نص في القانون أو وفقاً لترخيص صادر عن مالكها، صريحاً كان أم ضمنياً. وسواء أكان هذا الترخيص مدرجاً في عقد الإجارة الأصلية، أم وارداً في اتفاق لاحق على إبرامها. وإذ كان التنازل عن حق إجارة العين - في الأحوال التي يجوز فيها ذلك - قد يؤول إلى حصول المتنازل على مبالغ ضخمة لا ينال منها مالكها أياً كان مقداره، بل ينفرد بها المتنازل من دونه، وكان ذلك بكل المقاييس ظلماً فادحاً يلحق بمالكها أبلغ الأضرار، فقد أقر المشرع نص المادة آنفة البيان التي عدل بها عما كان معمولاً به قبلها من اختصاص مستأجر العين وحده بمقابل التنازل عنها، وليعيد بموجبها إلى العلائق الإيجارية توازناً كان قد اختل فيما بين أطرافها، وذلك من خلال أمرين يمثلان معاً حلاً منصفاً لمواجهة تنازل مستأجر العين عن حق إجارتها، تنازلاً نافذاً في حق مالكها: أولهما: أن يحصل مالكها على 50% من مقابل التنازل بعد خصم قيمة المنقولات التي في العين، وهو تنازل يتم باتفاق بين المتنازل والمتنازل إليه في شأن انتقال منفعة العين إليه، وليس لمالكها شأن فيه، ثانيهما: تقرير أولوية لمالكها في الانتفاع - دون المتنازل إليه - بالعين التي قام بتأجيرها إلى المتنازل، وذلك بشرط أن يعلن عن رغبته هذه عن طريق إيداع خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار 50% من مقابل التنازل المعروض، على أن يكون هذا الإيداع مشروطاً بالتنازل عن عقد إيجارها وتسليمها.
9 - إن القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه قد نشر بالجريدة الرسمية في 30 يوليو سنة 1981، وعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره. وبمقتضى القانون رقم 51 لسنة 1981، نظم المشرع المنشآت الطبية. وإذ عمل بهذا القانون بعد ثلاثة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 25 يونيو سنة 1981، فقد صار - وفى إطار ما قرره النص المطعون فيه من جواز تنازل مستأجر المنشأة الطبية وورثته من بعده عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة - مقيداً لعموم الأحكام التي انتظمتها المادة 20 من القانون رقم 1981 آنف البيان، وذلك لأمرين: أولهما أن المشرع دل بنصها على استغراقها لكل صور التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير ذلك من الأغراض، ليكون تطبيقها - وعملاً بعموم لفظها - غير مقصور على أشكالها بذواتها من التنازل، بل مشتملاً عليها بكل أفرادها، فلا تخرج صور من التنازل من جملتها. ثانيهما أن المادة 5 من قانون المنشآت الطبية المطعون عليها، تخول مستأجر المنشأة الطبية - وورثته من بعده - حق التنازل عنها لغيره من أقرانه ليباشر فيها المهنة ذاتها، وليكون للمتنازل إليه حق الاستمرار في شغل العين من دون المؤجر، إذ يلتزم "في جميع الأحوال" بأن يحرر للمتنازل إليه عقد إيجار بشأنها، وهو ما يعني أن التنازل يكون نافذاً في حق المؤجر "في كل حال" ولو لم يتقاض المؤجر شيئاً من مقابل التنازل. وذلك هو تخصيص العام، باعتبار أن التخصيص لغة هو الإفراد. وهو لا يدخل في غير العام، ذلك أن التخصيص في الاصطلاح، هو تمييز بعض الجملة بحكم معين يفصلها عن العام، ليتعلق هذا الحكم بمن شملهم التنظيم الخاص دون سواهم، وبمراعاة أن التخصيص يجوز أن يكون مقترناً بالعام، أو متقدماً عليه، أو متأخراً عنه. ولا كذلك الناسخ، إذ لا يجوز أن يكون متقدماً على المنسوخ، ولا مقترناً به، بل يجب أن يتأخر عنه.
10 - البين من استقراء أحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 المشار إليه، ومن تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الصحية والبيئة ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن مشروع هذا القانون، أن المستشفيات العلاجية - وسواء كانت عيادات خاصة أو عيادات مجمعة أو دور نقاهة - تؤدى دوراً هاماً في تقديم الخدمة العلاجية للمواطنين، مما جعل توسعتها، ومراقبتها وترشيد تكلفتها، لازماً ضماناً لوفاء مهنة الطب برسالتها السامية. وعلى ضوء هذه الأغراض، واستلهاماً لها، قدر المشرع أن النهوض بمهنة الطب والوفاء بتبعاتها، يقتضى أن تتواصل مباشرتها بين أجيال القائمين عليها، لا ينفصم اتصالهم بالأعيان المؤجرة المتخذة مقاراً لمزاولتها، بل يكون ارتباطهم بها مطرداً لا انقطاع فيه وفاءً بتبعاتها. متى كان ذلك، فإن نزول طبيب لأحد زملائه عن حق إجارة العين التي يستخدمها عيادة خاصة - وفى الحدود التي لا يتعارض فيها هذا التنازل مع الحقوق التي يقابلها، والمقررة لمالكها وفقاً للقواعد العامة - لا يناقض في ذاته حق الملكية، ولا يخل بمقوماتها، بل هو أدخل إلى تنظيمها في إطار وظيفتها الاجتماعية، بفرض قيود عليها لا تخرجها عن طبيعتها.
11 - إن النص المطعون فيه، نظم العلاقة الإيجارية في بعض جوانبها، مقرراً بالأحكام التي تضمنها، استثناء كل طبيب - وورثته من بعده - من الخضوع للقواعد العامة الواردة بالقانون رقم 136 لسنة 1981 آنف البيان، وذلك إذا تنازل لغيره من الأطباء عن حق إجارة العين التي اتخذها مقراً لمزاولة مهنة الطب؛ وكان الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يفرض الدستور على ممارستها قيوداً لا يجوز تخطيها، لضمان أن يكون الانتفاع بتلك الحقوق مفيداً وفعالاً؛ وكانت الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة في مادته الثانية والثلاثين، مناطها تلك الملكية التي لا تقوم على الاستغلال، ولا يتعارض استخدامها مع الخير العام لجموع المواطنين، ولا تنافى في مقاصدها الأغراض التي تتوخاها وظيفتها الاجتماعية؛ وكان المشرع في مجال تنظيم العلائق الإيجارية، وإن قرر من النصوص القانونية ما ارتآه محققاً للتوازن بين أطرافها، إلا أن هذا التوازن لا يجوز أن يكون صورياً أو منتحلاً أو سراباً، بل يجب أن يعكس حقيقة قانونية لا مماراة فيها، ليكون التنظيم التشريعي لحقوق المؤجرين والمستأجرين في دائرتها، منصفاً لا متحيفاً، متعمقاً الحقائق الموضوعية، وليس متعلقاً بأهدابها الشكلية.
12 ، 13 - إن ما تقدم مؤداه، أن المشرع لا يجوز أن يعدل من إطار العلائق الإيجارية بما يمثل افتئاتاً كاملاً على حقوق أحد أطرافها أو انحرافاً عن ضوابط ممارستها، وإلا آل أمر النصوص التي أقرها إلى البطلان من خلال مباشرة الرقابة القضائية على دستوريتها، ذلك أن القيود التي يفرضها المشرع على حق الملكية لا يجوز أن تكون مدخلاً لإثراء مستأجر العين وإفقار مالكها، ولا أن يحصل المستأجر من خلالها على حقوق لا يسوغها مركزه القانوني في مواجهة المؤجر، وإلا حض تقريرها على الانتهاز، وناقض جوهر الملكية التي لا يجوز أن تكون ثمارها عائدة إلى غير أصحابها. وآية ذلك أن الأصل هو أن يتحقق التضامن بين المؤجر والمستأجر من الوجهة الاجتماعية، وأن تتوافق مصالحهما ولا تتنافر من الوجهة الاقتصادية، وإلا كان كل منهما حرباً على الآخر، يهتبل الفرص لأكل حقه بالباطل، ولا يجوز بالتالي أن يميل ميزان التوازن بينهما لتكون الحقوق المقررة لأحدهما إجحافاً وإعناتا وقهرا. وليس من المتصور أن يكون مغبون الأمس - وهو المستأجر - غابناً، ولا أن يكون تدخل المشرع شططاً وقلباً للموازين وترجيحاً لكفته، لتكون أكثر ثقلاً، وليحل الصراع بين هذين العاقدين، بديلاً عن اتصال التعاون بينهما.
14 - إنه لا ينال مما تقدم، قالة إن النص المطعون فيه من قبيل التشريعات الاستثنائية التي تدخل بها المشرع لمواجهة الأزمة المتفاقمة الناشئة عن قلة المعروض من الأماكن، سواء كانت مهيأة للسكنى أو معدة لغير ذلك من الأغراض. ذلك أن الطبيعة الاستثنائية لتلك التشريعات التي لا يجوز التوسع في تفسيرها، أو القياس عليها، والتي درج المشرع على تنظيم العلائق الإيجارية من خلالها، واعتبر أحكامها من النظام العام لإبطال كل اتفاق على خلافها، ولضمان سريانها بأثر مباشر على عقود الإيجار القائمة عند العمل بها - ولو كانت مبرمة قبلها - لا تعصمها من الخضوع للدستور. ولا تخرجها من مجال الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على دستورية النصوص القانون جميعها. بل يتعين اعتبارها من قبيل التنظيم الخاص لموضوعها، وأن يكون مناط سلامتها هو اتفاقها مع أحكام الدستور.
15 - يجب أن تقدر الضرورة الموجهة لهذا التنظيم الخاص بقدرها، وأن تدور معها وجوداً وعدماً تلك القيود التي ترتبط بها وترتد إليها، باعتبارها مناط مشروعيتها وعلة استمرارها.
16 - إن النص المطعون فيه، لم يلتزم بالقواعد التي تنظم التنازل بوجه عام، والتي تضمنتها المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 آنف البيان، بل أسقطها بتمامها، ليمتنع على المالك بعدئذ الخيار بين حقين كفلتهما المادة 20 من هذا القانون، هما أن يحصل على 50% من مقابل التنازل إذ أراد إعمال آثاره، أو أن يستعيد العين من مستأجرها بعد أداء تلك القيمة مع أنها العلاقة الإيجارية التي ارتبطا بها في شأنها. بيد أن النص المطعون في حرم من يملكون الأماكن المؤجرة المتخذة مقاراً للعيادات الطبية الخاصة، من هذين البديلين كليهما، واعتبر - بما انطوى عليه من حكم خاص - تنازل الأطباء وورثتهم من بعدهم عن حق إجارة تلك الأعيان لغيرهم من الأطباء، نافذاً نفاذاً فورياً قبل ملاكها، ومقروناً باستمرار عقود الإيجار المبرمة في شأنها لصالح المتنازل إليهم، مع إلزام المؤجرين بتحرير عقود إيجار لهم. بما مؤداه التعرض لحق ملكيتهم على الأعيان المؤجرة، من خلال منعهم من الاستئثار بمنافعها.
17 - النص المطعون فيه، يبدو منفصلاً عن الأصول التي تقتضيها مزاولة مهنة الطب والقيام على رسالتها، ذلك أن الحقوق التي يرتبها للأطباء فيما بين بعضهم البعض لقاء التنازل عن الأعيان المتخذة مقاراً لعياداتهم الخاصة، لازمها إلغاء حقوق ملاكها إلغاء كاملا ونهائيا. إذ يقدم للأطباء - دون غيرهم من المتنازل عن حق الإجارة - ميزة استثنائية ينفردون بها، وتعصمهم من أن يؤدوا لمن يملكون الأعيان شيئاً منها ولو ضَؤل. ولا يدخل ذلك في نطاق التنظيم التشريعي لحق الملكية، بل هو عدوان عليها. ذلك أن النص المطعون فيه يقدم المنفعة المجلوبة على المضرة المدفوعة، ولا يختار أهون الشرين لدفع أعظمهما، بل يلحق بالمؤجر وحده الضرر البين الفاحش، منافياً بذلك المقاصد الشرعية التي ينظم ولى الأمر الحقوق في نطاقها، ومجاوزاً بذلك الحدود المنطقية لعلاقة كان ينبغي أن تتوازن فيها المصالح، لا أن تتصادم، ومغلباً مصالح فئة بذاتها من المواطنين على سواهم، بإيثار أفرادها بمزايا مالية يختصون بها دون غيرهم.
18 - إن الدساتير المصرية جميعها بدءاً بدستور 1923، وانتهاء بالدستور القائم، رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانون، وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها، أو تقيد ممارستها. وأضحى هذا المبدأ - في جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتئيه محققاً للصالح العام. ولئن نص الدستور في المادة 40 على حظر التمييز بين المواطنين في أحوال بعينها، هي تلك التي يقوم التمييز فيها على أساس الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين، أو العقيدة، إلا أن إيراد الدستور لصور بذاتها يكون التمييز محظوراً فيها. مرده أنها الأكثر شيوعاً في الحياة العملية، ولا يدل البتة على انحصاره فيها - إذ لو صح ذلك لكان التمييز بين المواطنين فيما عداها جائزاً دستورياً، وهو ما يناقض المساواة التي كفلها الدستور، ويحول دون إرساء أسسها وبلوغ غاياتها. وآية ذلك أن من صور التمييز التي أغفلتها المادة 40 من الدستور ما لا تقل عن غيرها خطراً سواء من ناحية محتواها، أو من جهة الآثار التي ترتبها، كالتمييز بين المواطنين في نطاق الحقوق التي يتمتعون بها، أو الحريات التي يمارسونها، لاعتبار مرده إلى مولدهم أو مركزهم الاجتماعي أو انتمائهم الطبقي أو ميولهم الحزبية أو نزعاتهم العرقية أو عصبيتهم القبلية، أو إلى موقفهم من السلطة العامة، أو إعراضهم عن تنظيماتها، أو تبنيهم لأعمال بذاتها، وغير ذلك من أشكال التمييز التي لا تظاهرها أسس موضوعية تقيمها؛ وكان من المقرر أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها. متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه يتوخى بالمزايا والحقوق التي كفلها للأطباء دون سواهم، تفضيلهم على من عداهم من المستأجرين، واستبعاد هؤلاء من الإفادة منها رغم تماثلهم جميعاً في مراكزهم القانونية، ودون أن يستند هذا التمييز إلى الأسس الموضوعية التي كان ينبغي أن يحمل عليها، فإنه يكون منهياً عنه بنص المادة 40 من الدستور، باعتباره تمييزاً تحكمياً.
19 - إنه متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد أخل بالحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة، وأهدر مبدأ المساواة أمام القانون، فإنه بذلك يكون مخالفاً لأحكام المواد 32، 34، 40 من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ 12 مارس سنة 1994، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً في ختامها الحكم بعدم دستورية العبارة محل الطعن من نص المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية فيما تجرى به من جواز تنازل مستأجر المنشأة الطبية أو ورثته من بعده عنها لطبيب.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى واحتياطيا برفضها موضوعا.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث المدعى عليها الخامسة، كان قد أقام حال حياته الدعوى رقم 6061 لسنة 1987 كلى جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزام الشركة المدعية (الشركة المصرية لإعادة التأمين) بأن تحرر لصالحه عقد إيجار عن الشقة رقم (7) التي تملكها، والكائنة بالعقار رقم (3) - بممر بهلر - قسم عابدين بالقاهرة - والمتنازل له عنها من مستأجرها الأصلي للانتفاع بها في ذات الغرض كعيادة طبية. وكانت الشركة المدعية قد أقامت بدورها الدعوى رقم 8974 لسنة 1987 كلى جنوب القاهرة بطلب الحكم بإبطال التنازل عن حق الانتفاع بالعين المشار إليها وتسليمها إليها خالية. وإذ قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بضم هاتين الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وألزمت - في الدعوى الأولى - الشركة المدعية بتحرير عقد إيجار مع مورث المدعى عليها الخامسة عن تلك العين بذات شروط العقد الأصلي، وفى الدعوى الثانية برفضها، فقد استأنفت المدعية هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافها برقم 8802 لسنة 105 قضائية استئناف القاهرة، إلا أن محكمة الاستئناف أيدت الحكم المستأنف، مما حملها على أن تقيم مجدداً الدعوى رقم 104 لسنة 1992 كلى جنوب القاهرة، بطلب الحكم بإلزام المدعى عليها الخامسة بأن تؤدى لها من تركة مورثها نصف مقابل التنازل عن حق الانتفاع بالعين المتنازل عنها، وذلك عملاً بأحكام المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. بيد أن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية قضت في هذه الدعوى بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها. فاستأنفته المدعية بالاستئناف رقم 6404 لسنة 110 قضائية استئناف القاهرة، وأثناء نظر استئنافها بجلسة 12 يناير سنة 1994 دفعت بعدم دستورية المادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981 بشأن المنشآت الطبية فيما قررته من جواز تنازل الطبيب - لغيره من الأطباء الذين يزاولون المهنة - عن حق الانتفاع بالعين المؤجرة التي يتخذ منها عيادة طبية، وذلك دون التقيد بأحكام المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم الدستورية، فقد صرحت للشركة المدعية برفع دعواها الدستورية، فأقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إن القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية ينص في مادته الأولى على أنه "فى تطبيق أحكام هذا القانون تعتبر منشأة طبية كل مكان أعد للكشف على المرضى أو علاجهم أو تمريضهم أو إقامة الناقهين وتشمل ما يأتي: -
(أ) العيادة الخاصة: وهى كل منشأة يملكها أو يستأجرها ويديرها طبيب أو طبيب أسنان كل حسب مهنته المرخص له في مزاولتها، ومعدة لاستقبال المرضى ورعايتهم طبياً. ويجوز أن يكون بها أسرة على ألا يتجاوز عددها ثلاثة أسرة ......
(ب)....... (ج)........ (د).........."
وتنص المادة 5 من القانون ذاته على أنه "لا ينتهى عقد إيجار المنشأة الطبية بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال، ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولته المهنة، وفى جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين".
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على المادة 5 الآنف بيانها، أنها فيما قررته من جواز نزول الطبيب أو ورثته "من بعده" عن حق إيجار عيادته الخاصة إلى طبيب مرخص له بمزاولة المهنة، تكون قد آثرت فئة الأطباء بميزة غير مقررة لغيرهم من المستأجرين، خروجاً على القواعد العامة، ومنها تلك التي حظرت على المستأجر التنازل عن حق الإجارة، وجعلت منه سبباً لاسترداد المالك للعين المؤجرة، بما مؤداه حرمان مالك العين من الاستئثار بمنافعها مطلقاً، وإخلالها كذلك بالحقوق التي قررتها المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، لمن يملكون الأعيان المؤجرة حال التنازل عنها للغير. وهو ما يعد إهداراً للحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة في المادتين 32، 34 منه، وازوراراً عن التقيد بمبدأي تكافؤ الفرص، ومساواة المواطنين أمام القانون، المنصوص عليهما في المادتين 8، 40 من الدستور.
وحيث إن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت الدعوى الموضوعية تتعلق بنزول المستأجر الأصلي عن إجارة العين التي اتخذها عيادة خاصة، إلى مورث المدعى عليها الخامسة لينتفع بها - وبوصفه طبيباً - في ذات الغرض؛ وكان الدفع بعدم الدستورية الذي أبدته الشركة المدعية أمام محكمة الموضوع، منحصراً في هذا النطاق وحده؛ فإن مصلحتها الشخصية المباشرة إنما تتحدد في المسألة الدستورية المتصلة بالنزاع الموضوعي، وهى تلك المتعلقة بنزول الطبيب أو ورثته من بعده عن حق إيجار المنشأة الطبية التي يتخذها عيادة خاصة لطبيب. ومن البدهي فإن انحصار الطعن الماثل في النطاق المتقدم، لا يعنى أن أحكام المادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981 المشار إليه - وفيما يجاوز هذا النطاق - قد أضحى مطهراً مما قد يكون عالقاً بها من مثالب موضوعية، إذ لا يزال مجال الطعن فيها مفتوحاً لكل ذي مصلحة.
وحيث إن الدستور - إعلاءً من جهته لدور الملكية الخاصة، وتوكيداً لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي - كفل حمايتها لكل فرد - وطنياً كان أم أجنبياً - ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود التي يقتضيها تنظيمها، باعتبارها عائدة - في الأعم من الأحوال - إلى جهد صاحبها، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها، وأحاطها بما قدره ضرورياً لصونها. معبداً بها الطريق إلى التقدم، كافلاً للتنمية أهم أداوتها، محققاً من خلالها إرادة الإقدام، هاجعاً إليها لتوفر ظروفاً أفضل لحرية الاختيار والتقرير، مطمئناً في كنفها إلى يومه وغده، مهيمنا عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد. ولا يناجز سلطته في شأنها خصيم ليس بيده سند ناقل لها. ليعتصم بها من دون الآخرين. وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التي تعينها على أداء دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بانتقاضها من أطرافها. ولم يعد جائزاً بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها. ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها. ولا أن يفصلها عنها أجزاءها أو يدمر أصلها أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع منها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها.
وحيث إن من المقرر كذلك أن حق الملكية من الحقوق المالية التي يجوز التعامل فيها، وبقدر اتساع قاعدتها تتعدد روافدها، وتتنوع استخداماتها، لتشكل نهراً يتدفق بمصادرة الثروة القومية التي لا يجوز إهدارها أو التفريط فيها أو بعثرتها تبديداً لقيمتها؛ ولا تنظميها بما يخل بالتوازن بين نطاق حقوق الملكية المقررة عليها، وضرورة تقييدها نأياً بها عن الانتهاز أو الإضرار بحقوق الآخرين. ذلك أن الملكية - في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة - لم تعد حقاً مطلقاً، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي. وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها. ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكماً، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين في بيئة بذاتها لها توجهاتها ومقوماتها.
وفى إطار هذا الدائرة، وتقيداً بتخومها، يفاضل المشرع بين البدائل، ويرجح على ضوء الموازنة التي يجريها، ما يراه من المصالح أجدر بالحماية، وأولى بالرعاية، وفقاً لأحكام الدستور، مستهدياً في ذلك بوجه خاص بالقيم التي تنحاز إليها الجماعة في مرحلة بذاتها من مراحل تطورها، وبمراعاة أن القيود التي يفرضها الدستور على حق الملكية للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها خير الفرد والجماعة.
وحيث إن الشريعة الإسلامية في مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التي لا تبديل فيها، لا تناقض ما تقدم. ذلك أن الأصل فيها أن الأموال جميعها مردها إلى الله تعالى، أنشأها وبسطها، وإليه معادها ومرجعها، مستخلفاً فيها عباده الذين عهد إليهم بعمارة الأرض، وجعلهم مسئولين عما في أيديهم من الأموال لا يبددونها أو يستخدمونها إضراراً. يقول تعالى [وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه] وليس ذلك إلا نهياً عن الولوغ بها في الباطل. وتكليفاً لولى الأمر بأن يعمل على تنظيمها بما يحقق المقاصد الشرعية المتوخاة منها، وهى مقاصد ينافيها أن يكون إنفاق الأموال وإدارتها عبثاً أو إسرافاً أو عدواناً، أو متخذاً طرائق تناقض مصالح الجماعة، أو تخل بحقوق الغير أولى بالاعتبار.
وكان لولى الأمر بالتالي أن يعمل على دفع الضرر قدر الإمكان، وأن يحول دون الإضرار إذا كان ثأراً محضاً من الضرر، ولا يفيد إلا في توسيع الدائرة التي يمتد إليها، وأن يرد كذلك الضرر البين الفاحش. فإذا تزاحم ضرران، كان تحمل أهونهما لازماً اتقاءً لأعظمهما، ويندرج تحت ذلك القبول بالضرر الخاص لرد ضرر عام.
وينبغي - من ثم - أن يكون لحق الملكية إطار محدد تتوازن فيه المصالح ولا تتنافر. ذلك أن الملكية خلافة، وهى باعتبارها كذلك تضبطها وظيفتها الاجتماعية التي تعكس بالقيود التي تفرضها على الملكية، الحدود المشروعة لممارسة سلطاتها، وهى حدود يجب التزامها، لأن العدوان عليها يخرج الملكية عن دائرة الحماية التي كفلها الدستور لها.
وحيث إن المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، تنص على أنه "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى، الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين. وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق، إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض. ويكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك، وأودع الثمن مخصوماً منه نسبة الـ 50 % المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار، إيداعاً مشروطاً بالتنازل عن عقد الإيجار وتسليم العين، وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان. وبانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك، مع التزام المشترى بأن يؤدى للمالك مباشرة نسبة الـ 50% المشار إليها."
وحيث إن من المقرر وفقاً للقواعد العامة التي تنظم الروابط الإيجارية، أن مستأجر العين التي يستخدمها في السكن أو لغير ذلك من الأغراض، مقيداً إذا أراد التنازل عن حق إيجارتها إلى الغير، بأن يتم هذا التنازل بناءً عن نص في القانون أو وفقاً لترخيص صادر عن مالكها، صريحاً كان أم ضمنياً. وسواء أكان هذا الترخيص مدرجاً في عقد الإجارة الأصلية، أم وارداً في اتفاق لاحق على إبرامها. وإذ كان التنازل عن حق إجارة العين - في الأحوال التي يجوز فيها ذلك - قد يؤول إلى حصول المتنازل على مبالغ ضخمة لا ينال منها مالكها أياً كان مقداره، بل ينفرد بها المتنازل من دونه؛ وكان ذلك بكل المقاييس ظلماً فادحاً يلحق بمالكها أبلغ الأضرار؛ فقد أقر المشرع نص المادة آنفة البيان التي عدل بها عما كان معمولاً به قبلها من اختصاص مستأجر العين وحده بمقابل التنازل عنها، وليعيد بموجبها على العلائق الإيجارية توازناً كان قد اختل فيما بين أطرافها، وذلك من خلال أمرين يمثلان معاً حلاً منصفاً لمواجهة تنازل مستأجر العين عن حق إجارتها، تنازلاً نافذاً في حق مالكها: أولهما: أن يحصل مالكها على 50% من مقابل التنازل بعد خصم قيمة المنقولات التي في العين، وهو تنازل يتم باتفاق بين المتنازل والمتنازل إليه في شأن انتقال منفعة العين إليه، وليس لمالكها شأن فيه، ثانيهما: تقرير أولوية لمالكها في الانتفاع - دون المتنازل إليه - بالعين التي قام بتأجيرها إلى المتنازل، وذلك بشرط أن يعلن عن رغبته هذه عن طريق إيداع خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار 50% من مقابل التنازل المعروض، على أن يكون هذا الإيداع مشروطاً بالتنازل عن عقد إيجارها وتسليمها.
وحيث إن القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه قد نشر بالجريدة الرسمية في 30 يوليو سنة 1981، وعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره. وبمقتضى القانون رقم 51 لسنة 1981، نظم المشرع المنشآت الطبية. وإذ عُمِلَ بهذا القانون بعد ثلاثة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 25 يونيو سنة 1981، فقد صار - وفى إطار ما قرره النص المطعون فيه من جواز تنازل مستأجر المنشأة الطبية وورثته من بعده عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة - مقيداً لعموم الأحكام التي انتظمتها المادة 20 من القانون رقم 1981 آنف البيان، وذلك لأمرين:
أولهما أن المشرع دل بنصها على استغراقها لكل صور التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير ذلك من الأغراض، ليكون تطبيقها - وعملاً بعموم لفظها - غير مقصور على أشكالها بذواتها من التنازل، بل مشتملاً عليها بكل أفرادها، فلا تخرج صور من التنازل من جملتها.
ثانيهما أن المادة 5 من قانون المنشآت الطبية المطعون عليها، تخول مستأجر المنشأة الطبية - وورثته من بعده - حق التنازل عنها لغيره من أقرانه ليباشر فيها المهنة ذاتها، وليكون للمتنازل إليه حق الاستمرار في شغل العين من دون المؤجر، إذ يلتزم "في جميع الأحوال" بأن يحرر للمتنازل إليه عقد إيجار بشأنها، وهو ما يعنى أن التنازل يكون نافذاً في حق المؤجر "في كل حال" ولو لم يتقاض المؤجر شيئاً من مقابل التنازل. وذلك هو تخصيص العام، باعتبار أن التخصيص لغة هو الإفراد. وهو لا يدخل في غير العام، ذلك أن التخصيص في الاصطلاح، هو تمييز بعض الجملة بحكم معين يفصلها عن العام، ليتعلق هذا الحكم بمن شملهم التنظيم الخاص دون سواهم، وبمراعاة أن التخصيص يجوز أن يكون مقترناً بالعام، أو متقدماً عليه، أو متأخراً عنه. ولا كذلك الناسخ، إذ لا يجوز أن يكون متقدماً على المنسوخ، ولا مقترناً به، بل يجب أن يتأخر عنه.
وحيث إن البين من استقراء أحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 المشار إليه، ومن تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الصحية والبيئة ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن مشروع هذا القانون، أن المستشفيات العلاجية - وسواء كانت عيادات خاصة أو عيادات مجمعة أو دور نقاهة - تؤدى دوراً هاماً في تقديم الخدمة العلاجية للمواطنين، مما جعل توسعتها، ومراقبتها وترشيد تكلفتها، لازماً ضماناً لوفاء مهنة الطب برسالتها السامية.
وحيث إن المشرع على ضوء هذه الأغراض، واستلهاماً لها، قدر أن النهوض بمهنة الطب والوفاء بتبعاتها، يقتضى أن تتواصل مباشرتها بين أجيال القائمين عليها، لا ينفصم اتصالهم بالأعيان المؤجرة المتخذة مقاراً لمزاولتها، بل يكون ارتباطهم بها مطرداً لا انقطاع فيه وفاءً بتبعاتها. متى كان ذلك، فإن نزول طبيب لأحد زملائه عن حق إجارة العين التي يستخدمها عيادة خاصة - وفى الحدود التي لا يتعارض فيها هذا التنازل مع الحقوق التي يقابلها، والمقررة لمالكها وفقاً للقواعد العامة - لا يناقض في ذاته حق الملكية، ولا يخل بمقوماتها، بل هو أدخل إلى تنظيمها في إطار وظيفتها الاجتماعية، بفرض قيود عليها لا تخرجها عن طبيعتها.
وحيث إن النص المطعون فيه، نظم العلاقة الإيجارية في بعض جوانبها، مقرراً بالأحكام التي تضمنها، استثناء كل طبيب - وورثته من بعده - من الخضوع للقواعد العامة الواردة بالقانون رقم 136 لسنة 1981 آنف البيان، وذلك إذا تنازل لغيره من الأطباء عن حق إجارة العين التي اتخذها مقراً لمزاولة مهنة الطب؛ وكان الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يفرض الدستور على ممارستها قيوداً لا يجوز تخطيها، لضمان أن يكون الانتفاع بتلك الحقوق مفيداً وفعالاً؛ وكانت الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة في مادته الثانية والثلاثين، مناطها تلك الملكية التي لا تقوم على الاستغلال، ولا يتعارض استخدامها مع الخير العام لجموع المواطنين، ولا تنافى في مقاصدها الأغراض التي تتوخاها وظيفتها الاجتماعية؛ وكان المشرع في مجال تنظيم العلائق الإيجارية، وإن قرر من النصوص القانونية ما ارتآه محققاً للتوازن بين أطرافها، إلا أن هذا التوازن لا يجوز أن يكون صورياً أو منتحلاً أو سراباً، بل يجب أن يعكس حقيقة قانونية لا مماراة فيها، ليكون التنظيم التشريعي لحقوق المؤجرين والمستأجرين في دائرتها، منصفاً لا متحيفاً، متعمقاً الحقائق الموضوعية، وليس متعلقاً بأهدابها الشكلية.
وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن المشرع لا يجوز أن يعدل من إطار العلائق الإيجارية بما يمثل افتئاتاً كاملاً على حقوق أحد أطرافها أو انحرافاً عن ضوابط ممارستها، وإلا آل أمر النصوص التي أقرها إلى البطلان من خلال مباشرة الرقابة القضائية على دستوريتها، ذلك أن القيود التي يفرضها المشرع على حق الملكية لا يجوز أن تكون مدخلاً لإثراء مستأجر العين وإفقار مالكها، ولا أن يحصل المستأجر من خلالها على حقوق لا يسوغها مركزه القانوني في مواجهة المؤجر، وإلا حض تقريرها على الانتهاز، وناقض جوهر الملكية التي لا يجوز أن تكون ثمارها عائدة إلى غير أصحابها. وآية ذلك أن الأصل هو أن يتحقق التضامن بين المؤجر والمستأجر من الوجهة الاجتماعية، وأن تتوافق مصالحهما ولا تتنافر من الوجهة الاقتصادية، وإلا كان كل منهما حرباً على الآخر، يهتبل الفرص لأكل حقه بالباطل، ولا يجوز بالتالي أن يميل ميزان التوازن بينهما لتكون الحقوق المقررة لأحدهما إجحافاً وإعناتاً وقهراً. وليس من المتصور أن يكون مغبون الأمس - وهو المستأجر - غابناً، ولا أن يكون تدخل المشرع شططاً وقلباً للموازين وترجيحاً لكفته، لتكون أكثر ثقلاً، وليحل الصراع بين هذين العاقدين، بديلاً عن اتصال التعاون بينهما.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم، قالة: إن النص المطعون فيه من قبيل التشريعات الاستثنائية التي تدخل بها المشرع لمواجهة الأزمة المتفاقمة الناشئة عن قلة المعروض من الأماكن، سواء كانت مهيأة للسكنى أو معدة لغير ذلك من الأغراض. ذلك أن الطبيعة الاستثنائية لتلك التشريعات التي لا يجوز التوسع في تفسيرها، أو القياس عليها، والتي درج المشرع على تنظيم العلائق الإيجارية من خلالها، واعتبر أحكامها من النظام العام لإبطال كل اتفاق على خلافها، ولضمان سريانها بأثر مباشر على عقود الإيجار القائمة عند العمل بها - ولو كانت مبرمة قبلها - لا تعصمها من الخضوع للدستور. ولا تخرجها من مجال الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على دستورية النصوص القانونية جميعها. بل يتعين اعتبارها من قبيل التنظيم الخاص لموضوعها، وأن يكون مناط سلامتها هو اتفاقها مع أحكام الدستور.
ويجب بالتالي أن تقدر الضرورة الموجهة لهذا التنظيم الخاص بقدرها، وأن تدور معها وجوداً وعدماً تلك القيود التي ترتبط بها وترتد إليها، باعتبارها مناط مشروعيتها وعلة استمرارها.
وحيث إن النص المطعون فيه، لم يلتزم بالقواعد التي تنظم التنازل بوجه عام، والتي تضمنتها المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 آنف البيان، بل أسقطها بتمامها، ليمتنع على المالك بعدئذ الخيار بين حقين كفلتهما المادة 20 من هذا القانون، هما أن يحصل على 50% من مقابل التنازل إذ أراد إعمال آثاره. أو أن يستعيد العين من مستأجرها بعد أداء تلك القيمة مع أنها العلاقة الإيجارية التي ارتبطا بها في شأنها. بيد أن النص المطعون فيه حرم من يملكون الأماكن المؤجرة المتخذة مقاراً للعيادات الطبية الخاصة، من هذين البديلين كليهما، واعتبر - بما انطوى عليه من حكم خاص - تنازل الأطباء وورثتهم من بعدهم عن حق إجارة تلك الأعيان لغيرهم من الأطباء، نافذاً فورياً قبل ملاكها، ومقروناً باستمرار عقود الإيجار المبرمة في شأنها لصالح المتنازل إليهم، مع إلزام المؤجرين بتحرير عقود إيجار لهم. بما مؤداه التعرض لحق ملكيتهم على الأعيان المؤجرة، من خلال منعهم من الاستئثار بمنافعها.
وحيث إن النص المطعون فيه، يبدو منفصلاً عن الأصول التي تقتضيها مزاولة مهنة الطب والقيام على رسالتها، ذلك أن الحقوق التي يرتبها للأطباء فيما بين بعضهم البعض لقاء التنازل عن الأعيان المتخذة مقاراً لعياداتهم الخاصة، لازمها إلغاء حقوق ملاكها إلغاء كاملاً ونهائياً. إذ يقدم للأطباء - دون غيرهم من المتنازل عن حق الإجارة - ميزة استثنائية ينفردون بها، وتعصمهم من أن يؤدوا لمن يملكون الأعيان شيئا منها ولو ضَؤُل. ولا يدخل ذلك في نطاق التنظيم التشريعي لحق الملكية، بل هو عدوان عليها. ذلك أن النص المطعن فيه يقدم المنفعة المجلوبة على المضرة المدفوعة، ولا يختار أهون الشرين لدفع أعظمهما، بل يلحق بالمؤجر وحده الضرر البين الفاحش، منافياً بذلك المقاصد الشرعية التي ينظم ولى الأمر الحقوق في نطاقها، ومجاوزاً بذلك الحدود المنطقية لعلاقة كان ينبغي أن تتوازن فيها المصالح، لا أن تتصادم، ومغلباً مصالح فئة بذاتها من المواطنين على سواهم، بإيثار أفرادها بمزايا مالية يختصون بها دون غيرهم.
وحيث إن الدساتير المصرية جميعها بدءاً بدستور 1923، وانتهاء بالدستور القائم، رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانون، وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها، أو تقيد ممارستها. وأضحى هذا المبدأ - في جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتئيه محققاً للصالح العام. ولئن نص الدستور في المادة 40 على حظر التمييز بين المواطنين في أحوال بعينها، هى تلك التي يقوم التمييز فيها على أساس الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، إلا أن إيراد الدستور لصور بذاتها يكون التمييز محظوراً فيها. مرده أنها الأكثر شيوعاً في الحياة العملية، ولا يدل البتة على انحصاره فيها - إذ لو صح ذلك لكان التمييز بين المواطنين فيما عداها جائزاً دستورياً، وهو ما يناقض المساواة التي كفلها الدستور، ويحول دون إرساء أسسها وبلوغ غاياتها. وآية ذلك أن من صور التمييز التي أغفلتها المادة 40 من الدستور ما لا تقل عن غيرها خطراً سواء من ناحية محتواها، أو من جهة الآثار التي ترتبها، كالتمييز بين المواطنين في نطاق الحقوق التي يتمتعون بها، أو الحريات التي يمارسونها، لاعتبار مرده إلى مولدهم أو مركزهم الاجتماعي أو انتمائهم الطبقي أو ميولهم الحزبية أو نزعاتهم العرقية أو عصبيتهم القبلية، أو إلى موقفهم من السلطة العامة، أو إعراضهم عن تنظيماتها، أو تبنيهم لأعمال بذاتها، وغير ذلك من أشكال التمييز التي لا تظاهرها أسس موضوعية تقيمها؛ وكان من المقرر أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها. متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه يتوخى بالمزايا والحقوق التي كفلها للأطباء دون سواهم، تفضيلهم على من عداهم من المستأجرين، واستبعاد هؤلاء من الإفادة منها رغم تماثلهم جميعاً في مراكزهم القانونية، ودون أن يستند هذا التمييز إلى أسس مشروعة، بل عمد المشرع إلى نقيضها، فإن ذلك النص يكون مفتقراً إلى الأسس الموضوعية التي كان ينبغي أن يحمل عليها، منهياً عنه بنص المادة 40 من الدستور، باعتباره تمييزاً تحكمياً.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد أخل بالحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة، وأهدر مبدأ المساواة أمام القانون، فإنه بذلك يكون مخالفاً لأحكام المواد 32، 34، 40 من الدستور.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية، فيما انطوت عليه من استثناء تنازل الطبيب أو ورثته من بعده عن حق إجارة العين المتخذة مقراً لعيادته الخاصة لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة، من الخضوع لحكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ جنيه مقابل أتعاب المحاماة(1).


(1) إعمالاً للحجية المطلقة لهذا الحكم، قضت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية في الدعويين المتماثلتين الآتيتين:
1 - الدعوى رقم 12 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 4/ 11/ 1995.
2 - الدعوى رقم 20 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 2/ 12/ 1995.

الطعن 16 لسنة 2021 ق جلسة 8 / 11 / 2021

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

الاثنين ( ج )

برئاسة السيد القاضي / ممدوح يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خالد و مهاد خليفة ومحمود عاكف نواب رئيس المحكمة وهيثم خضر

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الاثنين 3 من ربيع الأخر سنة 1443 ه الموافق 8 من نوفمبر سنة 2021م.

أصدرت الحكم الآتي :

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 16 لسنة 2021 القضائية .
المرفوع من :
النيابة العامة طاعنة
ضد
..... مطعون ضده

-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في القضية رقم 10595 لسنة ٢٠٢٠ جنايات قسم شرطة ثان أسيوط ( والمقيدة برقم رقم 4053 لسنة ۲۰۲۰ كلى جنوب أسيوط ).
بأنه في غضون شهر أكتوبر لعام ۲۰۲۰ - بدائرة قسم ثان أسيوط - محافظة أسيوط .
اخترق حساب المجنى عليه / ...... وذلك باستخدام التقنيات المعلوماتية وكان ذلك بقصد الحصول علي المقاطع موضوع الاتهام تالي الوصف وذلك لإظهارها بطريقة من شأنها المساس بشرف المجنى عليها / ..... وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
اعتدي على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها / ...... وكان ذلك أن نقل باستخدام تطبيق (فيس بوك) علي الهاتف المضبوط بحوزته صور المجنى عليها والمقاطع الملتقطة داخل منزلها والذي استحصل عليها بالطريقة المبينة محل الاتهام آنف البيان وكان ذلك بغير رضائها وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
هدد كتابة المجني عليها سالفة الذكر بإفشاء أمور خادشة بشرفها وهي صور ومقاطع مسجلة خاصة بها عارية وشبه عارية استحصل عليها بطريق إساءة استخدام وسائل الاتصال والاستيلاء على تلك المقاطع والصور الخاصة بها وكان ذلك التهديد مصحوباً بتكليفها بالقيام بدفع مبالغ مالية لكي يدرأ عنها إفشاء تلك الأمور .
اصطنع حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) بهدف ارتكاب الجرائم آنفة البيان والمجرمة قانوناً .
تعمد مضايقة المجني عليها سالفة الذكر بإساءة استخدام أجهزة الاتصالات على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 4 من إبريل لسنة 2021 بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها مع استمرار حبس المتهم .
فتقدمت النيابة العامة بطلب إلى محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة .
كما قدم المكتب الفني لمحكمة النقض مذكرة بعرض الطلب على محكمة النقض للنظر في تعيين المحكمة المختصة .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
من حيث إن الطلب استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن مبنى الطلب المقدم من النيابة العامة هو أن محكمة جنايات أسيوط قد قضت حضورياً بجلسة 4/4/۲۰۲۱ بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها على سند من أن الجرائم الأولى والرابعة والخامسة المسندة إلى المتهم معاقب عليها بمواد القانونين رقمي 10 لسنة ٢٠٠٣ بشأن الاتصالات ، 175 لسنة ۲۰١٨ بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ، ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد للمحكمة الاقتصادية عملاً بنص المادة رقم 4 من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بإنشاء المحاكم الاقتصادية ، وأنه لما كانت التهمة الثالثة المسندة للمتهم والتي تعد من الجنايات والمعاقب عليها بالمادة ٣٢٧/1 من قانون العقوبات حال كون الجرائم التي استندت إليها المحكمة في قضائها جنح ، ومن ثم فإن المحكمة الاقتصادية سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى قبل المتهم فيما لو أحيلت إليها الدعوى ، مما يؤذن للنيابة العامة أن تطلب إلي محكمة النقض تعيين المحكمة المختصة بالفصل في الدعوى تطبيقاً للمادة ٢٢٧ من قانون الإجراءات الجنائية .
ومن حيث إن الحكم محل طلب النيابة العامة بعد أن أورد قيد ووصف النيابة العامة أقام قضائه على قوله ... وكانت الجرائم الأولى والرابعة والخامسة المسندة إلى المتهم معاقب عليها بالمنطبق من مواد القانونين رقمي 10 لسنة ٢٠٠٣ بشأن الاتصالات ، 175 لسنة ٢٠١٨ بشأن جرائم مكافحة تقنية المعلومات ومن ثم يكون الاختصاص منعقد للمحكمة الاقتصادية إعمالاً لنص المادة الرابعة من القانون رقم 120 لسنة ٢٠٠٨ بإنشاء المحاكم الاقتصادية وقد وردت من ضمن الجرائم المنصوص عليها حصراً فيها مما معه تعمل المحكمة الأثر القانوني لنص هذه المادة وتقضي معه بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو إحالتها للدائرة المختصة بالمحكمة الاقتصادية . لما كان ذلك ، وكانت المادة الرابعة من القانون ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بشأن إصدار قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية قد نصت على أنه تختص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها نوعياً ومكانياً بنظر الدعاوي الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في القوانين الآتية : - 1- ...، 16- قانون تنظيم الاتصالات .... وكان من المقرر أن ولاية المحاكم العادية للحكم في الجرائم التي تقع هي ولاية عامة أصلية ، وكان ما يحد من سلطتها في هذا الشأن جاء على سبيل الاستثناء ، والاستثناء يجب أن يبقى في حدوده الضيقة ولا يصح التوسع فيه أو القياس عليه ، فمتى رفعت للمحاكم العادية قضية بوصف جنائي يدخل في اختصاصها العام ، وجب عليها النظر فيها وعدم التخلي عن ولايتها ، وعلى ذلك فلا يجوز للمحاكم العادية أن تحكم بعدم اختصاصها إلا إذا كان الوصف الجنائي الذي رفع إليها يخرج عن ولايتها بموجب نص صريح خاص . لما كان ذلك ، وكان البين من استقراء المادة سالفة الذكر أن الشارع خص المحاكم الاقتصادية دون غيرها ، نوعياً ومكانياً بنظر الدعاوي الجنائية الناشئة عن جرائم أشار إليها في قوانين عددها ومنها قانون سوق تنظيم الاتصالات ، فإذا قدمت للمحاكم العادية جريمة تخضع لهذا القانون فيجب عليها أن تقرر بعدم اختصاصها بنظرها ، أما ما يرتكبه الشخص من الجرائم الأخرى فالنظر فيه من اختصاصها ويجب عليها الفصل فيه ، وإذن فإذا ما قدمت النيابة العامة المتهم إلى المحكمة بجرائم إساءة استعمال أجهزة الاتصالات وارتكاب أمراً مخدشاً للحياء عن طريق وسائل الاتصالات والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة واستعمال تسجيلات دون رضاء صاحبها وتهديد الغير كتابة بإفشاء أمور مخدشة للحياء ، وهي مؤثمة بالمواد 166 مكرراً، ٢۷۹، ٣٠٦ مكرر أ/۱، ۲، ۳۰۹ مكرر/1- أ-3، 309 مكرر أ/۱، ۲، 4، ۲۳۷/1 من قانون العقوبات ، ولما كانت الجرائم المشار إليها سلفاً والمؤثمة بنصوص قانون العقوبات تدخل في اختصاص محاكم الجنايات وليست من بين الجرائم المنصوص عليها في القوانين الواردة بالمادة الرابعة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بشأن إصدار قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية والتي تختص المحاكم الاقتصادية بنظر الجرائم المنصوص عليها بها ، فإن المحاكم العادية تكون هي المختصة ، ولا يغير من ذلك ما ورد بنصوص قانون تنظيم الاتصالات - المادتين ۷۰، ٧٦/2 – في شأن الجزاءات والتي جرت نصوصها على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ، منصوص عليها في أي قانون آخر يعاقب بالحبس والغرامة لمخالفة أياً من تلك النصوص ، ذلك أنه طبقاً للمادة ٣٢/1 من قانون العقوبات فإن الجرائم المقدم بها المطعون ضدهم والمؤثمة بنصوص قانون العقوبات هي التي تكون واجبة التطبيق باعتبارها الجرائم ذات العقوبة الأشد حيث إن الجرائم المقدم بها المتهم بالمادة 76/٢ من القانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٣ والمواد ٢٥، ٢٦، ۲۷ من القانون رقم 175 لسنة ٢٠١٨ جنح عقوبتها الحبس أو الغرامة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر وفقاً لنص المادة ٢١٤/3 من قانون الإجراءات الجنائية أن في أحوال الارتباط التي يجب فيها رفع الدعوى عن جميع الجرائم أمام محكمة واحدة ، إذا كانت بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم خاصة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - يكون رفع الدعوى لجميع الجرائم أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك ، وإذ كان مؤدي نص المادتين ٢٢٦، ٢۲۷ من قانون الإجراءات الجنائية يجعل طلب تعيين المحكمة المختصة منوطاً بالجهة التي يطعن أمامها في أحكام المحكمتين المتنازعتين أو إحداهما ، ذلك أن التنازع قد يقيمه حكم واحد فيجيز للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى ، دون انتظار حكم آخر من محكمة أخرى . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم الصادر من محكمة جنايات أسيوط قد تنكب صحيح القانون بالقضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ، حالة ثبوت هذا الاختصاص لهذه المحكمة - محكمة الجنايات – وليس للمحكمة الاقتصادية ، فإنه يكون من المتعين إعمالاً لنص المادة ٢٢٧ من قانون الإجراءات الجنائية تعيين محكمة جنايات أسيوط للفصل في الدعوى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطلب وتعيين محكمة جنايات أسيوط مختصة بنظر الدعوى .

الطعن 5143 لسنة 89 ق جلسة 8 / 11 / 2021

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية 

الاثنين ( ج )

برئاسة السيد القاضي / ممدوح يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خالد و مهاد خليفة وعرفه محمد و رفعت سند نواب رئيس المحكمة

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الاثنين 3 من ربيع الأخر سنة 1443 ه الموافق 8 من نوفمبر سنة 2021م. أصدرت الحكم الآتي :

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 5143 لسنة 89 القضائية .
المرفوع من :
...... طاعن
ضد
النيابة العامة مطعون ضدها
--------------

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم 5768 لسنة ٢٠١٨ جنايات قسم فيصل ( والمقيدة برقم 619 لسنة ٢٠١٨ كلى السويس).
بأنه في يوم 29 من أغسطس لسنة 2018 - بدائرة قسم فيصل - محافظة السويس.
أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالته إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 11 من ديسمبر لسنة 2018 عملاً بالمواد ۱، ۲، ۳۸، ٤٢/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون .، بمعاقبة / علي محمد علي مصلح بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنين وتغريمه خمسون ألف جنيهاً عما اسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط وألزمته المصاريف الجنائية . وذلك باعتبار أن إحرازه للمخدر بغير قصد من المقصود المسماة قانوناً .
وقرر المحكوم - بشخصه - بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 17 من ديسمبر لسنة 2018 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض في 6 من فبراير لسنة 2019 موقعاً عليها من الأستاذ / فرج حسين كامل الشيخ المحامي .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
--------------

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
حيث أن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية ومن ثم تعين قبوله شكلاً .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوي على الإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يورد مؤدي الأدلة التي تساند إليها في الإدانة بطريقة وافية ، كما دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وبطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما إلا أن الحكم اطرح هذين الدفعين بما لا يسوغ ، وأخذ الحكم بتحريات وأقوال ضابط الواقعة بخصوص الإذن والإحراز ثم عاد واطرحها بشأن القصد من ذلك الإحراز ، وعدلت المحكمة وصف التهمة إلي حيازة بغير قصد من القصود دون تنبيه الدفاع ، وعول الحكم علي أقوال شاهدي الإثبات رغم عدم معقولية تصويرهما للواقعة ، وأحال في بيان أقوال الشاهد الثاني إلي ما شهد به الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما ، ورد بما لا يصلح علي دفاعه بنفي التهمة وشيوع الاتهام ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوي بياناً كافياً بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وساق علي ثبوتها في حقهم أدلة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتب عليها وأورد مضمون هذه الأدلة بما يتفق وحقيقته الثابتة بالأوراق ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعنون من قصور ، ولما كان الحكم قد عرض لما أبداه الطاعن من دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتئائه على تحريات غير جدية واطرحه بأسباب قوامها أن المحكمة اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في ذلك ، فلا معقب عليها فيما ارتاته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون – وهو من بعد يكفي رداً على دفعها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد اطرح في منطق سائغ وتدليل مقبول الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الاذن بهما من النيابة العامة فإنه يكون سليم من أي شائبة في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية أن تري في تحريات وأقوال ضابط الواقعة ما يكفي لإسناد واقعة الإحراز ولا تري فيها ما يقنعها بأن ذلك الاحراز كان بقصد الإتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها . فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً ، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متي رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلي الوصف القانوني السليم ، وإذا كانت الواقعة المادية المطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز جوهر الحشيش المخدرين بقصد الإتجار هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو استبعاد القصد من الإحراز ، فإن ذلك لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله ، هذا فضلاً على أنه لا مصلحة للطاعن في الطعن على الحكم في هذا الشأن ، إذ لم يضارا بهذا التعديل ، وإنما قد انتفع منه بمحاكمته عن وصف أخف من الوصف الذي رفعت به الدعوى . لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن اليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها . لما كان ذلك ، وكان باقي ما يثيره الطاعن بأسباب الطعن فإنما ينصرف إلى الجدل حول سلطة محكمة الموضوع وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع برفضه .

الطعن 1458 لسنة 40 ق جلسة 27 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 303 ص 1260

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد/ المستشار نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين/ محمود عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

--------------

(303)
الطعن رقم 1458 لسنة 40 القضائية

معارضة. "نظرها والحكم فيها". إجراءات المحاكمة. حكم. "ميعاد الطعن فيه". طعن. "ميعاد الطعن في الحكم". نقض. "ميعاد الطعن بالنقض".
بدء سريان ميعاد الطعن في الحكم الصادر في المعارضة. من يوم صدوره. أسوة بالحكم الحضوري إلا إذا كان تخلف المعارض عن حضور الجلسة راجعاً لما لا دخل لإرادته فيه.
علم الطاعن بأن له معارضة منظورة في ذات الجلسة التي حضر فيها نظر معارضة أخرى. يحتم عليه متابعتها والمثول فيها. إذ الحرص اللازم توافره في الشخص العادي يوجب عليه ذلك. عدم مثوله بزعم مرسل قائم على أنه ظن أنها لسمى له من بلد مجاور لبلدته. عدم جدوى هذا الزعم. صدور الحكم في المعارضة في هذه الحالة. بدء سريان ميعاد الطعن فيه من يوم صدوره. لا من يوم العلم رسمياً به.

---------------
من المقرر أن ميعاد الطعن في الحكم الصادر في المعارضة، يبدأ كالحكم الحضوري من يوم صدوره، إلا إذا كان عدم حضور المعارض بالجلسة التي حددت لنظر معارضته راجعاً لأسباب لا دخل لإرادته فيها. لما كان ذلك، وكان الحرص اللازم توافره في الرجل العادي من شأنه أن يحتم على الطاعن إزاء علمه سلفاً بأن ثمة قضية أخرى منظورة له بذات الجلسة، أن يتابعها وأن يمثل فيها أمام المحكمة، ومن ثم فإنه لا يجدى الطاعن ما ساقه من قول مرسل بأنه ظن أنها لسمى له من بلد مجاور لبلدته، لما كان ذلك، فإن الاعتقاد الخاطئ الذى يدعيه الطاعن على النحو السالف بيانه، لا يتوافر به العذر القهري الذى يجعل ميعاد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه، لا ينفتح إلا من اليوم الذى يعلم فيه الطاعن علماً رسمياً بصدور الحكم المطعون فيه، بل يبدأ من تاريخ صدوره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - .... (طاعن)
2 - .... 3 - ..... بأنهم في يوم 23 نوفمبر سنة 1967 بدائرة مركز بلقاس محافظة الدقهلية: بددوا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لهم والمحجوز عليها إدارياً لصالح الإصلاح الزراعي والتي سلمت إليهم على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع فاختلسوها لأنفسهم إضرارا بالدائن الحاجز. وطلبت معاقبتهم بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة بلقاس الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس كل من المتهمين شهراً واحداً مع الشغل وكفالة 100 قرش. فعارض المتهم الأول في هذا الحكم وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف. ومحكمة المنصورة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض. وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغائها وبقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تبديد أشياء محجوز عليها إداريا إضرارا بالإصلاح الزراعي قد شابه البطلان لقضائه بالتأييد في المعارضة المرفوعة منه وذلك دون أن يمثل أمام المحكمة لعذر قهري حال دون مثوله في جلسة المعارضة هو أنه كان متهماً في قضية أخرى بالجلسة ذاتها التي صدر بها الحكم المطعون فيه، ولما نظرت وقضى فيها انصرف معتقدا خطأ أنها هي القضية التي عارض فيها وأن القضية الأخرى خاصة بمتهم سميه من بلد مجاور لبلدته.
وحيث إن يبين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن حضر بجلسة 3/ 9/ 1969 التي طلب فيها محاميه التأجيل للاطلاع فأجيب إلى طلبه وأجلت الدعوى لجلسة 5/ 11/ 1969 التي غاب فيها الطاعن على الرغم من التنبيه عليه بالجلسة السابقة. هذا إلى أن الطاعن لا يجادل في أسباب طعنه في علمه بالجلسة التي صدر بها الحكم المطعون فيه بل أثبت هذا العلم بقوله إنه كان ماثلاً في قضية أخرى منظورة أمام المحكمة ذاتها وفى اليوم ذاته المحدد لنظر المعارضة وأن مثوله في تلك القضية الأخرى وانصرافه بعد الحكم فيها هو الذي حال دون مثوله أمام المحكمة عند نظر المعارضة في القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه. ولما كان من المقرر أن ميعاد الطعن في الحكم الصادر في المعارضة يبدأ كالحكم الحضوري من يوم صدره إلا إذا كان عدم حضور المعارض بالجلسة التي حددت لنظر معارضته راجعاً لأسباب لا دخل لإرادته فيها، ولما كان الحرص اللازم توافره لدى الرجل العادي من شأنه أن يحتم على الطاعن إزاء علمه سلفاً بأن ثمة قضية أخرى منظورة بذات الجلسة أن يتابعها وأن يمثل فيها أمام المحكمة ولا يجديه ما ساقه من قول مرسل بأن ظن أنها لسمى له من بلد مجاور لبلدته. لما كان ذلك، فإن الاعتقاد الخاطئ الذى يدعيه الطاعن على النحو السالف بيانه لا يتوافر به العذر القهري الذى يجعل ميعاد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه لا ينفتح إلا من اليوم الذى يعلم فيه الطاعن علماً رسمياً بصدور الحكم المطعون فيه بل يبدأ من تاريخ صدوره. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 5/ 11/ 1969 ولم يقرر الطاعن بالطعن فيه إلا بتاريخ 25/ 12/ 1969 أي بعد انقضاء ميعاد الأربعين يوماً من تاريخ الحكم الصادر في المعارضة المنصوص عليه في المادة 34/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً دون حاجة إلى بحث باقي ما أثير فيه.

الطعن 1678 لسنة 40 ق جلسة 27 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 304 ص 1263

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: محمود عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

-----------------

(304)
الطعن رقم 1678 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج، د) دعارة. جريمة. "أركانها". شروع. وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع، ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها في تعديل وصف التهمة". عقوبة. "تطبيقها". "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) اقتراف الفحشاء فعلاً غير لازم للعقاب على جريمة التحريض على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو المساعدة فيها أو تسهيلها أو استغلالها.
معاقبة الطاعنة عن جريمة الشروع في تسهيل الدعارة. رغم تبرئة المتهمة بارتكاب الدعارة. صحيح. متى ثبت أن الطاعن توسطت بينها وبين طلاب المتعة بقصد البغاء لقاء أجر. علة ذلك: اختلاف العناصر القانونية لكل من الجريمتين ولأن عدم وقوع جريمة الدعارة. لا يحول دون ثبوت جريمة الشروع في تسهيلها.
(ب) عدم اشتراط القانون وقوع الجريمة تسهيل البغاء بطريقة معينة.
تحقق جريمة الشروع في تسهيل الدعارة بتوسط الطاعنة بين المتهمة بالدعارة وطلاب المتعة. لقاء أجر. ولو ضبطت المتهمة بالدعارة قبل ارتكاب الفحشاء بالفعل.
(ج) كفاية علم المتهمة بتعديل وصف التهمة وإبداء الدفاع عنها على هذا الأساس أمام المحكمة الاستئنافية.
(د) حق المحكمة في تعديل وصف التهمة دون لفت نظر الدفاعطالما كانت الواقعة المعروضة على المحكمة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد.
تعديل المحكمة لوصف التهمة من الجريمة الكاملة إلى الشروع فيها. لا يتطلب لفت نظر الدفاع. مثال في تعديل التهمة من تسهيل الدعارة إلى الشروع في تسهيلها.

---------------
1 - دل الشارع بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة وبما نص عليه في المادة السابعة منه، أنه لا يشترط للعقاب على التحريض أو المساعدة أو التسهيل أو استغلال ارتكاب الفجور أو الدعارة، اقتراف الفحشاء بالفعل، ومن ثم فلا تعارض بين نفى الحكم وقوع جريمة ممارسة الدعارة من المتهمتين الثانية والثالثة لعدم اقترافهما الفحشاء وعدم توافر أركان جريمة ممارسة الدعارة في حقهما، وبين ما انتهى إليه من إدانة الطاعنة بجريمة الشروع في تسهيل دعارة الغير، وإزاء ما ثبت لديه من أن الطاعنة قد توسطت بين هاتين المرأتين وطلاب المتعة بقصد البغاء لقاء أجر تقاضته، إذ القضاء ببراءة هاتين المرأتين من تهمة ممارسة الدعارة لعدم توافر عناصرها القانونية في حقهما، لا يستتبع براءة الطاعنة من تهمة الشروع في تسهيل الدعارة وذلك لاختلاف العناصر القانونية لكل من هاتين الجريمتين، ولأن انتفاء الجريمة الأولى، لا يحول دون ثبوت الجريمة الثانية.
2 - من المقرر أن القانون لم يشترط لوقوع جريمة تسهيل البغاء، أن يكون بطريقة معينة، إنما جاء النص بصفة عامة، يفيد ثبوت الحكم على الإطلاق، بحيث يتناول شتى صور التسهيل. وإذ كان ما تقدم، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه، يبين منها أن الطاعنة قد استقبلت بعض الرجال من طلاب المتعة في سكنها بإرشاد من قواد، وتوسطت بينهم وبين امرأتين قدمتهما إليهم بقصد البغاء لقاء أجر تقاضته، إلا أن المرأتين ضبطتا من مرافقيهما قبل ارتكاب الفحشاء بالفعل، فإن هذا الذى أثبته الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الشروع في تسهيل الدعارة التي دان الطاعنة بها.
3 - إن تعديل محكمة أول درجة لوصف التهمة بالنسبة للطاعنة من تسهيل ارتكاب الفجور والدعارة للغير، إلى شروع في ذلك، دون أن تنبه الطاعنة أو المدافع عنها، لا يعيب الحكم المطعون فيه، ما دامت الطاعنة قد علمت بهذا التعديل وأبدى محاميها دفاعه على أساسه أمام المحكمة الاستئنافية.
4 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله، متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذى ترى أنه الوصف القانوني السليم، طالما أن الواقعة المبينة بطلب التكليف بالحضور والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد. وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد عولت وصف التهمة المرفوعة به الدعوى من تسهيل دعارة الغير إلى شروع في ذلك، فإن الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للتعديل هي ذاتها الواقعة التي تضمنتها ورقة التكليف بالحضور والتي كانت مطروحة بالجلسة، ومن ثم فلا تلتزم في مثل هذه الحالة تنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف القانوني(1).


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ...... (طاعنة) 2 - .... 3 - .... بأنهن في يوم 20 ديسمبر سنة 1967 بدائرة قسم باب شرقي - الأولى سهلت للثانية والثالثة ارتكاب الفجور والدعارة على الوجه المبين بالمحضر. الثانية والثالثة: اعتادتا ممارسة الفجور والدعارة على الوجه المبين بالمحضر. وطلبت عقابهن بالمادتين 1/ 1، 15 من القانون رقم 10 سنة 1961. ومحكمة الإسكندرية المستعجلة قضت حضورياً للأولى وغيابياً للثانية والثالثة (أولاً) ببراءة المتهمتين الثانية والثالثة (ثانياً) بحبس المتهمة الأولى سنة واحدة مع الشغل وكفالة 10 جنيه لوقف التنفيذ وتغريمها مائة جنيه ووضعها تحت مراقبة الشرطة لمدة سنة مع النفاذ من وقت إمكان التنفيذ عليها وذلك في المكان الذى يحدده وزير الداخلية. فاستأنفت المتهمة الأولى في هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارضت، وقضى بقبول معارضتها شكلاً وفى الموضوع برفضها وبتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه. فطعن الأستاذ المحامي الوكيل عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الشروع في تسهيل دعارة الغير قد شابه إخلال بحق الدفاع وتناقض في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه عدل وصف التهمة من جريمة تامة إلى شروع فيها دون أن تنبه المحكمة الطاعنة أو محاميها ليترافع على أساس هذا التعديل، كما أن المحكمة قضت ببراءة المتهمتين الأخرتين من تهمة ممارسة الدعارة بينما قضت بإدانة الطاعنة بجريمة الشروع في تسهيل بغائهما مما يصم الحكم بالتناقض، وأخيراً فإن الحكم قد دان الطاعنة بجريمة الشروع في تسهيل الدعارة مع عدم توافر أركان هذه الجريمة في حقها إذ أن الواقعة هي ضبط المتهتين الأخرتين عند خروجهما بصحبة بعض الرجال من المنزل التي تسكن به الطاعنة.
وحيث إن الدعوى الجنائية قد أقيمت على الطاعنة بوصف أنها سهلت للمتهمتين الثانية والثالثة ارتكاب الدعارة وقضت محكمة أول درجة بإدانتها بعد أن اعتبرت الواقعة المسندة إليها شروعاً في تسهيل الدعارة طبقاً للمادة السابعة من القانون رقم 10 لسنة 1961، فاستأنفت الطاعنة وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فعارضت وقضى بقبول المعارضة شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. لما كان ذلك، فإن تعديل محكمة أول درجة لوصف التهمة دون أن تنبه الطاعنة أو المدافع عنها لا يعيب الحكم المطعون فيه ما دامت قد علمت بهذا التعديل وأبدى محاميها دفاعه على أساسه أمام المحكمة الاستئنافية، فضلاً عن أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذى ترى أنه الوصف القانوني السليم طالما أن الواقعة المبينة بطلب التكليف بالحضور والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد هي أن الطاعنة شرعت في تسهيل دعارة الغير وهي ذاتها الواقعة التي تضمنتها ورقة التكليف بالحضور والتي كانت مطروحة بالجلسة فإن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحال بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف القانوني ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن غير سديد.
وحيث إنه عن الوجهين الآخرين من أوجه الطعن فإنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعنة عرض لموقف المتهمتين الثانية والثالثة في تهمة ممارسة البغاء المسندة إليهما وللتكييف القانوني للفعل الذى قارفته الطاعنة فقال "وحيث إن جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة تعني أن المتهمة اعتادت ارتكاب الفحشاء مقابل أجل معلوم، وحيث إن المادة 45 ع تنص على أن "الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها، ولا يعتبر شروعاً في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على ارتكابها ولا الأعمال التحضيرية لذلك" وحيث إنه إعمالاً للمبادئ والقواعد سالفة الذكر تكون التهمة المسندة إلى المتهمتين الثانية والثالثة - حسب أقوال الشهود - أنهما خرجتا معهم لارتكاب الفحشاء إلا أن فحشاء لم ترتكب وأن ذلك كان منهما مجرد عزم على ارتكاب الجريمة أو عمل تحضيري لها، وعلى ذلك لا تتوافر في حقهما أركان جريمة ممارسة الدعارة ويتعين لذلك القضاء ببراءتهما مما أسند إليهما، وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإن التهمة المسندة إلى المتهمة الأولى (أي الطاعنة) لا تعتبر أنها سهلت لهما ممارسة الدعارة لأن الفحشاء لم ترتكب ولذلك ففعلهما يعد شروعاً والشروع معاقب عليه وفقاً للمادة السابعة من القانون رقم 10 لسنة 1961 وعلى ذلك فإن المحكمة تعدل وصف التهمة المسندة إلى المتهمة الأولى إلى أنها شرعت في تسهيل الدعارة للمتهمتين الثانية والثالثة، وحيث إن التهمة بالوصف الذى تراه المحكمة على النحو سالف الذكر ثابتة قبل المتهمة الأولى مما جاء بمحضر الضبط وأقوال شهود الإثبات ومن ثم يتعين عقابها وفقاً للمواد 1/ 1 و7 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم لا تناقض فيه كما أنه سديد في القانون لأن القانون رقم 10 لسنة 1961 نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى على أن "كل من حرض شخصاً ذكراً كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له، وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه" ونص في المادة السابعة منه على أن "يعاقب على الشروع في الجرائم المبينة في المواد السابقة بالعقوبة المقررة للجريمة في حالة تمامها" ودل بذلك على أنه لا يشترط للعقاب على التحريض أو المساعدة أو التسهيل أو الاستغلال، اقتراف الفحشاء بالفعل. ومن ثم فلا تعارض بين نفى الحكم وقوع جريمة ممارسة الدعارة من المتهمتين الثانية والثالثة لعدم اقترافهما الفحشاء وعدم توافر أركان جريمة ممارسة الدعارة في حقهما، وبين ما انتهى إليه من إدانة الطاعنة بجريمة الشروع في تسهيل دعارة الغير إزاء ما ثبت لديه من أن الطاعنة قد توسطت بين هاتين المرأتين وطلاب المتعة بقصد البغاء لقاء أجر تقاضته إذ القضاء ببراءة هاتين المرأتين من تهمة ممارسة الدعارة لعدم توافر عناصرها القانونية في حقهما لا يستتبع براءة الطاعنة من تهمة الشروع في تسهيل الدعارة وذلك لاختلاف العناصر القانونية لكل من هاتين الجريمتين ولأن انتفاء الجريمة الأولى لا يحول دون ثبوت الجريمة الثانية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يشترط لوقوع جريمة تسهيل البغاء أن يكون بطريقة معينة وإنما جاء النص بصفة عامة يفيد ثبوت الحكم على الإطلاق بحيث يتناول شتى صور التسهيل. لما كان ذلك وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه يبين منها أن الطاعنة قد استقبلت بعض الرجال من طلاب المتعة في مسكنها بإرشاد من قواد وتوسطت بينهم وبين امرأتين قدمتهما إليهم بقصد البغاء لقاء أجر تقاضته إلا أن المرأتين ضبطتا مع مرافقيهم قبل ارتكاب الفحشاء بالفعل، فإن هذا الذى أثبته الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الشروع في تسهيل الدعارة التي دان الطاعنة بها، ويكون ما تثيره في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون في غير محله ويتعين رفضه.


(1) راجع عن تعديل التهمة من قتل عمد مع سبق الإصرار مقترن. إلى شروع في ذلك دون لفت نظر الدفاع. نقض السنة 19 صـ 721.