جلسة 27 من يونيه سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
-----------------
(118)
الطعن رقم 904 لسنة 30 القضائية
هتك عرض. تداخل في وظيفة عامة بغير حق.
تسليم المجني عليها بوقوع الفعل عليها نتيجة انخداعها بمظاهر الجاني التي اتخذها لإيهامها بأنه طبيب يوفر جريمتي هتك العرض بالقوة والتداخل في وظيفة عامة بغير وجه حق.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض...... بالقوة وذلك بأن أدخل في روعها أنه طبيب بمستشفى أبو حماد الأميري حالة كونه مستخدماً به وصحبها إلى غرفة الكشف حيث أغلق الباب من دونها وأمرها بخلع سروالها والاستلقاء على منضدة الكشف بدعوى فحصها طبياً - ولما فعلت ذلك اعتقاداً منها باختصاصه بتوقيع الكشف عليها امتدت يده إلى موطن العفة منها. وثانياً تدخل في وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك - بأن أوهم المجني عليها سالفة الذكر بأنه طبيب بمستشفى أبو حماد الأميري وأجرى عملاً من مقتضيات هذه الوظيفة بأن أعطى المجني عليها المذكورة بيانات متعلقة بنتيجة تحليل عينة من دمها وقام بتوقيع الكشف الطبي عليها وأعقبه بتوجيه بعض الإرشادات الطبية إليها. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 268/ 1 و155 من قانون العقوبات. فأجابتها إلى ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن التناقض في أسباب الحكم والخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المجني عليها كانت على علم سابق بأن الطاعن يعمل ممرضاً بالمستشفى إذ سبق أن حصل منها على عينة من الدم بتكليف من الطبيب ثم حضرت إليه بعد ذلك والتقت به في العيادة الخارجية وسألته عن نتيجة التحليل فأنبأها بأنها سلبية، كما أن والدها وهو أحد شهود الحادث قد تردد على المستشفى ويعلم أن الطاعن يعمل به ممرضاً وما قصدت المجني عليها بما نسبته إلى الطاعن إلا إبعاد الجريمة عن نفسها بعد إذ رآها محمد عيسوي زميل الطاعن وهي تنفرد به في غرفة مغلقة، وقد حصل الحكم المطعون فيه وقائع الدعوى على غير ما ذكره الشهود في التحقيقات - ولو تبينت المحكمة الوقائع الصحيحة لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي هتك العرض والتدخل في وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها - وإذ عرض الحكم لأقوال المجني عليها قال "وبعد انصراف والدها نادى عليها المتهم وكانت الساعة حوالي الثامنة صباحاً وأدخلها غرفة العيادة الخارجية وأغلق عليها الباب وشبابيكها مغلقة وطلب إليها خلع لباسها والاستلقاء على السرير للكشف، ونظراً لأن المتهم كان يلبس بنطلوناً أبيض وفوطة بيضاء ويضع على عينيه نظارة فقد اعتقدت من هذه المظاهر أنه طبيب لأن باقي الشغالين "التومرجية" يرتدون جلاليب وأن اعتقادها هذا لأن المتهم هو الذي كان قد أخذ عينة دماء منها بحضور طبيب آخر اعتقدت أنه زميل له - وتحت تأثير اعتقادها هذا نفذت ما أمرها به المتهم ثم كشف ملابسها وأدخل يده في فرجها وأخبرها أنه قام بإجراء غسيل لها ولكنها لم تشعر بعملية الغسيل ثم ارتدت لباسها وخرجت من الحجرة ورأت على بابها الشغال محمد إبراهيم علي عيسوي - وقد اصفر لون المتهم عند مشاهدته فتسرب إليها الشك في أمر المتهم خصوصاً وأنه لم يلبس قفازاً من الكاوتشوك عند إجراء الكشف عليها وسألت محمد إبراهيم عيسوي عما إذا كانت وظيفة المتهم تخوّل له الكشف عليها فأخبرها أنه شغال وليس طبيباً وطلب إليها أن تصفح عنه فبكت الشاهدة وعاد إليها والدها ووجدها على هذا الحال وأخبرته بما حدث من المتهم فقرر لها أن المتهم هو مجرد شغال وصحبها إلى طبيب أول المستشفى وشكا إليه ما فعله المتهم واستعلم منها الطبيب عما حدث فأخبرته تفصيلاً......" ثم قالت في موضوع آخر "وحيث إن فرج المجني عليها هو جزء من جسمها ويعد عورة وإدخال المتهم يده بفرجها يعتبر مساساً بهذه العورة - والمتهم لا شك عالم موقن أنه بإتيانه هذا العمل إنما يعتدي على موضع العفة من المجني عليها ويقترف عملاً مخلاً بالحياء العرضي لها - وقد اقترف هذا العمل بالقوة إذ أن ذلك تم دون رضاء المجني عليها وبغير إرادتها - إذ أدخل في روعها بتصرفاته أنه طبيب بالمستشفى فقبلت أن يكشف عن عورتها لتشخيص مرضها وليصف لها الدواء حالة أنه شغال "تومرجي" وليس من عمله الكشف على المريضات ووصف العلاج ومباشرة إجراءه - ولو أنها علمت بحقيقة أمره لما مكنته من الكشف عليها ولمس موضع العفة منها فرضاؤها يعد منعدماً. لما كان ذلك، وكان ما قالته المحكمة فيما تقدم تتوافر به أركان جريمتي هتك العرض بالقوة والتدخل في وظيفة عامة من غير أن يكون للطاعن صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك، وتؤدي إلى ما رتب عليه، ذلك أن الفعل المادي الذي ثبت للمحكمة أن الطاعن قد قارفه مع المجني عليها عن طريق الخداع قد استطال إلى موطن العفة وخدش حياءها، وكان نتيجة انخداعها بمظاهر المتهم - فاعتقدت أنه طبيب فسلمت بوقوع الفعل عليها - ولم تكن لترضى به لولا المظاهر التي اتخذها والتي أدخل بها في روعها بتصرفاته أنه طبيب بالمستشفى مما تتوافر معه جريمة هتك العرض بالقوة والتدخل في أعمال طبيب المستشفى بغير حق - وقد أوردت المحكمة أقوال شهود الحادث وحصلت واقعة الدعوى بما يتفق وأقوال المجني عليها وبما لا تناقض فيه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يفصح عن أوجه الخطأ في الإسناد التي نسبها إلى الحكم، ومن ثم فقد جاء هذا الشطر من طعنه مجهلاً وعارياً عن الدليل.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق