جلسة 24 من يونيه سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.
----------------
(136)
الطعن رقم 33 لسنة 37 القضائية
(أ) إفلاس. دعوى. " الصفة". تأمينات عينية. "الرهن".
السنديك ممثل لجماعة الدائنين. هو صاحب الصفة في المطالبة ببطلان عقد الرهن الصادر من المدين ورد المال المرهون إلى التفليسة.
(ب) إفلاس. تأمينات عينية. "الرهن". بطلان. "بطلان التصرفات".
الرهن الذي يرتبه المدين خلال فترة الريبة ضماناً لدين سابق. باطل سواء كان الدين قد نشأ قبل أو بعد مواعيد التوقف عن الدفع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السنديك جبران جليل حبشي بصفته أقام الدعوى رقم 130 سنة 1959 مدني كل المنصورة ضد محمد طاهر كسيبه طلب فيها الحكم (أولا) بإبطال عقد الرهن الصادر من المفلس سعد محمد الشناوي لصالح المدعى عليه والمشهر بتاريخ 21 أكتوبر سنة 1951 برقم 322 ومحو تسجيل قائمة قيد هذا الرهن المشهرة بتاريخ 24 أكتوبر سنة 1951 برقم 540 والموقعة على الأطيان والعقارات الموضحة الحدود والمعالم بذيل صحيفة الدعوى (ثانياً) إثبات أن صحة رقم الدين موضوع الرهن هو 3000 ج وليس 16 ألفاً من الجنيهات كما ورد بعقد الرهن، وقال في بيان الدعوى إن محكمة الإفلاس حددت يوم 3 أغسطس سنة 1950 تاريخاً نهائياً لتوقف المفلس عن دفع ديونه بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 83 سنة 8 قضائية تجاري المنصورة، وإنه لما كان الرهن قد تم بعد هذا التاريخ فإنه وطبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 227 من قانون التجارة يكون باطلاً فضلاً عن أن رقم الدين الوارد بعقد الرهن غير صحيح. دفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأن السنديك لم يحصل على إذن مأمور التفليسة بإقامة الدعوى، ورد على الدعوى بأن المادة 227 من قانون التجارة لا تبطل إلا الرهن الذي يتم في فترة الريبة أو في الأيام العشرة السابقة عليها وفاءً لديون استدانها المفلس قبل تلك المواعيد، بينما القرض موضوع الدعوى قد تم بعد الوقت الذي عينته المحكمة تاريخاً لتوقف المفلس، وأنه لما كان لا يعلم باختلال أشغال المدين فلا يجوز أيضاً إعمال البطلان الوارد بالمادة 228 من ذلك القانون، وبتاريخ 12 ديسمبر سنة 1961 حكمت المحكمة برفض الدفع وببطلان عقد الرهن. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم - قبل وفاته - لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 75 سنة 14 قضائية، وبتاريخ 23 نوفمبر سنة 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن ورثة الدائن في هذا الحكم بطريق النقض حيث عرض الطعن على هذه الدائرة وأصر الطاعنون على طلب نقض الحكم ولم يقدم المطعون عليه مذكرة بدفاعه وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن اختصاصات السنديك جاءت محددة على سبيل الحصر بالمواد 259 حتى 287 من قانون التجارة، وليس من بينها حق التقاضي إلا أن يكون ذلك بإذن من مأمور التفليسة على ما ورد بالمادة 234 من ذلك القانون، وإنه لما كان السنديك قد أقام الدعوى ببطلان عقد الرهن دون الحصول على هذا الإذن فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي في رفضه الدفع المبدى من الدائن بعدم قبول الدعوى يكون مخطئاً في تفسير القانون وفي تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن السنديك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الممثل لجماعة الدائنين الذي يعمل باسمها في كل ماله علاقة بأموال التفليسة، كما يمثلهم في الدعوى التي ترفع عليها، وهو بذلك يملك المطالبة بالحقوق التي تعلقت بها حقوق هذه الجماعة، كما يملك المطالبة بإلغاء ما اكتسبه الغير من حقوق المدين حماية لحقوق مجموع الدائنين، ورد هذه الحقوق إلى أموال التفليسة، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر وقبل الدعوى التي أقامها السنديك للمطالبة ببطلان عقد الرهن ورد المال المرهون إلى أموال التفليسة لصالح مجموع الدائنين فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تفسير القانون وفي تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه ببطلان الرهن إلى ما ورد بالمادة 227 من قانون التجارة في حين أن أحكام هذه المادة لا تنصرف إلا إلى الرهون التي تتم خلال فترة الريبة ضماناً لدين سابق على هذه الفترة ولما كان الرهن موضوع الدعوى وإن تم خلال فترة الريبة إلا أنه كان ضماناً لدين سابق نشأ أيضاً خلال فترة الريبة ذاتها، مما لا يجوز معه تطبيق أحكام تلك المادة، هذا إلى أن البطلان الجوازي المنصوص عليه بالمادة 238 من قانون التجارية يستلزم علم الدائن باختلال أشغال المدين وهو الأمر المنتفى في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 227 من قانون التجارة تنص على أنه "إذا حصل من المدين بعد الوقت الذي عينته المحكمة أنه وقت وقوفه عن دفع الديون أو في ظرف الأيام العشرة التي قبله عقد تبرع بنقل ملكية منقول أو عقار أو إذا وفى ديناً لم يحل أجله بنقود أو بحوالة أو مبيع أو بتخصيص مقابل الوفاء أو بمقاصة أو بغير ذلك فيكون جميع ما أجراه من هذا القبيل لاغياً، ولا يعتد به بالنسبة لروكية المداينين وكذلك كل دين حل ميعاده ودفعه بغير نقود ولا أوراق تجارية" وتنص الفقرة الثانية على أنه "يكون أيضاً لاغياً ولا يعتد به كل رهن عقار من عقارات المدين أو منقول من مقولاته وكل ما يتحصل عليه الدائن من الاختصاص بأموال مدينة لوفاء دينه إذا حصل ذلك في المواعيد المذكورة آنفاً لوفاء ديون استدانها المدين قبل تلك المواعيد". وهو ما يبين منه أن المشرع وقد ارتاب في أمر الرهن الذي يرتبه الدين خلال فترة الريبة ضماناً لدين سابق عليه، بما يميز هذا الدائن على الدائنين العاديين الآخرين فلا يخضع لقسمة الغرماء عند إجراء التوزيع، فقد نص بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر، على بطلان هذا الرهن وجوباً لأن تقرير المفلس لهذا الضمان الخاص، خلال فترة الريبة، لأحد الدائنين دون أن يكون هذا الدائن قد اشترطه عند نشوء الدين، وإنما يكون من قبيل التبرع له بهذا الضمان وقد نص المشرع في الفقرة الأولى من ذات المادة على بطلان تبرعات المفلس، ولما كان سياق المادة وحكمة تشريعها تهدف إلى إبطال ما أراده المفلس من محاباة لدائن عادي على دائن آخر سواء أكان دينه داخل فترة الريبة أم خارجها، وكانت المادة 466 من قانون التجارة الفرنسي والذي أخذ عنها المشرع المصري نص المادة 227 سالفة الذكر، تنص على أن البطلان الوجوبي في هذه الحالة مقرر إذا كان الرهن قد تم ضماناً لديون سابقة Anterieurement contracteés دون أن يحدد النص تاريخاً لهذه الأسبقية، فإنه لا يجوز القول بأن عبارة "قبل تلك المواعيد" التي وردت في نهاية المادة 227 سالفة الذكر تفيد أن البطلان الوجوبي لا ينصرف إلا إلى الديون التي تكون قد نشأت قبل مواعيد التوقف عن الدفع، إذ أن المشرع في حقيقة الأمر لم يقصد بهذا التجاوز في التعبير تغيير ما هدف إليه، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر فإن النعي يصبح على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق