جلسة 22 من مايو سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد وعزت حنورة.
---------------
(278)
الطعن رقم 247 لسنة 44 القضائية
تعويض. مسئولية "المسئولية التقصيرية".
تعدد المسئولية عن عمل ضار. أثره. التزامهم متضامنين بالتعويض. الاستثناء. استغراق خطأ أحدهم ما نسب للآخرين من خطأ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 13 لسنة 73 م. ك دمياط ضد الطاعنين والمطعون ضده الثاني - بصفاتهم - بطلب الحكم بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا له متضامنين تعويضاً قدره ثلاثون جنيهاً شهرياً اعتباراً من 1/ 11/ 1972 وحتى تاريخ تسليمه الشهادة الدالة على قيده بالنقابة التي يمثلونها، وقال بياناً لدعواه إنه يحمل رخصة قيادة لجميع أنواع السيارات وأن قسم مرور دمياط امتنع عن تجديدها ريثما يقدم إليه شهادة ضمان من اللجنة النقابية للنقل البري وأن تلك اللجنة أبت منحه تلك الشهادة رغم مطالبته بها وسداده للاشتراك المستحق عليه بما يعد تعسفاً من جانب الطاعنين بصفاتهم وإنه قد حاقت به أضرار أدبية ومادية نتيجة عدم تجديد رخصة قيادته. بتاريخ 28/ 6/ 1973 قضت محكمة أول درجة برفض دعواه فطعن على حكمها بالاستئناف رقم 86 لسنة 5 ق أمام محكمة استئناف المنصورة - مأمورية دمياط - طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، وبتاريخ 2/ 2/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بصفاتهم بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول مبلغ خمسة وعشرون جنيهاً شهرياً اعتباراً من 1/ 11/ 1972 وحتى تاريخ تسليمه الشهادة الدالة على قيده بالنقابة إلى يمثلونها. طعن الطاعنون بصفاتهم في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة العامة أن المطعون ضده الثاني بصفته قد وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يكن للمطعون ضده الأول أو الطاعنين بصفاتهم أية طلبات قبله مستقلة ولم يحكم بشيء عليه.
وحيث إنه لما كان لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثاني بصفته قد اختصم ليصدر الحكم في مواجهته وأنه وقف من الخصومة موقفاً سلبياً لم يحكم عليه بشيء ما وكان الطاعنون بصفاتهم أسسوا طعنهم على أسباب لا تتعلق إلا بالمطعون ضده الأول، فإنه لا يقبل اختصام المطعون ضده الثاني بصفته في الطعن ويتعين لذلك قبول الدفع وعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضده الأول.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بصفاتهم بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المذكور قضى بإلزامهم بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول المبلغ المقضي به رغم أنهم لا يمثلون النقابة العامة للنقل البري الواجب اختصامها والتي يمثلها رئيس مجلس إدارتها عملاً بالمادة 161 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 62 لسنة 1964 والمادة 3 من قرار وزير العمل رقم 31 لسنة 1964، أما اللجنة النقابية فليس لها الشخصية الاعتبارية اللازمة للتقاضي الأمر الذي كان يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى ابتداء لرفعها على غير ذي صفة وأن الدفع بذلك يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزامهم بدفع المبلغ المقضي به فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ أورد بمدوناته الواقعية أنه بجلسة 26/ 5/ 1972 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع المبدى من المستأنف عليهم الأربعة الأول - الطاعنون - بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، ثم سجل بتقريراته القانونية أنهم بصفاتهم يمثلون النقابة المقيد بها المطعون ضده الأول فإنه يكون قد أيد حكم محكمة أول درجة القاضي برفض الدفع آنف الذكر لأسبابه دون أن يورد أسباباً جديدة، وكان الطاعنون بصفاتهم لم يقدموا صورة رسمية من حكم محكمة أول درجة المشار إليه الذي هو متمم للحكم المطعون فيه وبدون الاطلاع عليه لا يتسنى لمحكمة النقض استعمال مالها من سلطة الرقابة القانونية فإن نعيهم على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون مجرداً عن الدليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالأسباب الثاني والثالث والخامس مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلزامهم بالتعويض على أن التعليمات التي تضمنها قرار وزير العمل وزارة الداخلية بالكتاب رقم 108 في 21/ 5/ 1965 والمبلغة إلى مفتش مرور دمياط بتاريخ 33/ 1965 من إدارة المرور المركزية والتي جاء بها أن وزير الداخلية وافق على تكليف سائقي السيارات المرخص لهم بإحدى رخص القيادة المنصوص عليها في المادة 28 من القانون رقم 449 لسنة 1955 - بشأن السيارات وقواعد المرور - بتقديم شهادة من نقابة السائقين المقيدين بها عند كل تجديد للرخصة بناء على ما تضمنته الفقرة (ج) من المادة 29 من ذات القانون يعتبر تنظيماً لحسن سير العمل يدخل في نطاق تطبيق المادة سالفة الذكر وأن امتناع الطاعنين بصفتهم عن تسليم المطعون ضده الأول الشهادة المطلوبة يعد خطأ يوجب مسئوليتهم في حين أن تعليمات وزير الداخلية المشار إليها جاءت مخالفة للقانون وكان يتعين إطراحها وإعمال نص القانون ذلك أن اشتراط وزير الداخلية تقديم تلك الشهادة يعتبر من ناحية إضافة جديدة إلى القانون لا يملكها لأن نص المادة 29 قد أجاز لطالب الترخيص تقديم البطاقة الشخصية أو شهادة إدارية بمحل إقامته أو شهادة بذلك من النقابة المقيد بها مفاده أن طالب الترخيص بالخيار بين تقديم أي من هذه الشهادات الثلاث ولو يحتم تقديم الشهادة الأخيرة ومن ناحية أخرى فقد خالفت هذه التعليمات قاعدة أصولية في قوانين النقابات العمالية وهي حرية العمال في الانضمام إلى النقابات وقد كان خطأ وزير الداخلية - المطعون ضده الثاني - في إصدار هذه التعليمات هو السبب المباشر في إحداث الضرر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب غير منتج ذلك أن من المقرر قانوناً أنه إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر قبل المضرور إلا أن يستغرق خطأ أحدهم ما نسب إلى الآخرين من خطأ كأن يكون الفعل الضار عمدياً يفوق في جسامته باقي الأخطاء غير المتعمدة أو يكون هو الذي دفع إلى ارتكاب الأخطاء الأخرى. لما كان ذلك. وكان امتناع الطاعنين بصفاتهم عن تسليم المطعون ضده الأول شهادة بقيده بالنقابة التي يمثلونها دون مبرر على نحو ما استخلصه الحكم المطعون فيه يعتبر خطأ ترتب عليه ضرر يتمثل في حرمانه من تجديد رخصة القيادة ومن ثم عدم إمكانه ممارسة عمله في قيادة السيارات، وإذ كان هذا الفعل عمدياً وكان ما ينسبه الطاعنون من خطأ إلى المطعون ضده الثاني - وزير الداخلية - أياً كان وجه الرأي فيه - لا يستغرق خطأ الطاعنين إذ لم يكن هو الذي دفعهم إلى ارتكاب ما نسب إليهم من خطأ، وكلاهما - بفرض ثبوته - خطأ ساهم في إحداث الضرر ومن ثم تكون المجادلة في نسبة خطأ أخر إلى المطعون ضده الثاني - أياً كان وجه الرأي فيها - غير منتجة.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في السبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون ضده الأول يمتلك السيارة رقم 375 نقل دمياط وبذلك يفقد صفته كعامل بما يحول بين النقابة ومنحه الشهادة التي طلبها ويكون امتناعها عن إصدارها له مشروعاً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان هذا الدفاع يقوم على واقع وكان الطاعنون لم يقدموا ما يدل على تمسكهم به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لهم إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق