الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 يونيو 2023

الطعن 787 لسنة 49 ق جلسة 21 / 5 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 277 ص 1464

جلسة 21 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، وإبراهيم محمد هاشم، ومحمد طه سنجر، وإبراهيم محمد فراج.

----------------

(277)
الطعن رقم 787 لسنة 49 القضائية

(1 - 4) إيجار "حجز أكثر من مسكن". محكمة الموضوع.
(1) حق المالك في إخلاء العين المؤجرة. نطاقه.
(2) حظر احتجاز الشخص مالكاً أو مستأجراً أكثر من مسكن دون مقتضٍ في البلد الواحد. م 8 ق 49 لسنة 1977. مخالفة الحظر. أثره. للمؤجر حق إخلاء المستأجر علة ذلك.
(3) إخلاء الشخص المحتجز أكثر من مسكن في البلد الواحد. شرطه. عدم وجود مقتضى. تقدير ذلك. من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(4) المسكن الذي ينتهي عنده احتجاز المستأجر أكثر من مسكن. هو الذي لا يتوافر المقتضى لاحتجازه. وجوب تحقق المحكمة من عدم توافر المقتضى عند نظر دعوى الإخلاء.

----------------
1 - الأصل أن المالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، مراعياً في ذلك ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو المصلحة الخاصة عملاً بالمادتين 802، 806 من القانون المدني مما مؤداه أن يكون للمالك أن يؤجر الأماكن التي يملكها، وأن يطلب إخلاء المكان المؤجر إذا انتهت المدة المتفق عليها، أو قام سبب لفسخ عقد الإيجار، وإن يختار مستأجره، أو يستعمل العين في أي وجه مشروع يراه، غير أن المشرع رأى بمناسبة أزمة الإسكان تقييد حق المؤجر في طلب الإخلاء انتهاء المدة المتفق عليها، أو لفسخ العقد إلا لأحد الأسباب التي تنص عليها في المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977.
2 - النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض" يدل على أن المشرع قد حظر على كل من المالك أو المستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مبرر ونص في المادة 76 - من ذات القانون - على عقاب كل من يخالف الحظر المذكور وإلزام المحكمة عند الحكم بالعقوبة بأن تحكم بانتهاء عقد المسكن أو المساكن المحتجزة بالمخالفة له، وهذا ما يجعل قيام الإيجار مخالفاً للنظام العام فيبطل إذا توافر سبب الحظر عند التعاقد، أما إذا كان توافره في وقت لاحق فإنه يؤدي إلى انفساخ العقد ويكون للمؤجر باعتباره المتعاقد الآخر أن يطلب إخلاء المخالف وتتوافر له مصلحة قائمة يقرها القانون في إخراج المستأجر الذي بطل عقده أو انفسخ، حتى يسترد حريته في استغلال العين على الوجه الذي يراه، ولا يتعارض هذا مع ما أوردته المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 من حصر لأسباب انتهاء عقود الإيجار القائمة والمنتجة لآثارها، لأن مخالفة حظر الاحتفاظ بأكثر من مسكن يترتب عليها زوال العقد بمجرد وقوع المخالفة.
3 - إذ كانت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 ومن المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تحظر على الشخص مالكاً كان أو مستأجراً أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد قد استثنت من حكمها حالة وجود مقتض للتعدد دون أن تضع المعايير المحددة له، فإن أمر تقدير المقتضى لحجز أكثر من مسكن في البلد الواحد يخضع لمطلق سلطات قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض طالما ركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه في قضائه.
4 - النص في الفقرة الثانية من المادة 76 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يعاقب من يحتجز أكثر من مسكن في مدينة واحدة دون مقتض، على أنه "يحكم فضلاً عن ذلك في حالة مخالفة حكم المادة الثامنة بإنهاء عقد المسكن أو المساكن المحتجزة بالمخالفة لحكم القانون"، يدل على أن المسكن الذي ينتهي عقده احتجاز أكثر من مسكن هو الذي لا يتوافر المقتضى لاحتجازه وقد عبر النص عن هذا المعنى بقوله "المسكن أو المساكن المحتجزة بالمخالفة لحكم القانون" أي التي لا يوجد مقتض لاحتجازها وهذا ما يتسق وحكم القانون من أن عقد المسكن الذي ينعقد بقصد احتجازه دون مقتض بقوة القانون يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته النظام العام وأنه إذا ارتفع المقتضى أثناء سريان العقد فإنه ينفسخ بقوة القانون لمخالفته النظام العام كذلك ومؤدى ما تقدم أنه يتعين على المحكمة عند نظر دعوى الإخلاء لاحتجاز أكثر من مسكن، أن تستظهر عدم توافر المقتضى لاحتجاز المسكن المطلوب إخلاءه، وإلا كان حكمها معيباً بالقصور في البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7766 لسنة 1977 كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 26/ 4/ 1972 وتسليمه العين المؤجرة، وقال شرحاً لها أنه بموجب هذا العقد استأجر منه الطاعن الشقة المبينة بالصحيفة، وإذ تبين استئجاره شقة أخرى يقيم بها مع أسرته منذ عدة سنوات، فإنه يكون قد حجز أكثر من مسكن في بلد واحد دون مقتض مخالفاً بذلك حكم المادة 8 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977، وبتاريخ 6/ 6/ 1978 حكمت المحكمة بإخلاء الطاعن من شقة للنزاع، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 430 لسنة 95 ق القاهرة. وبتاريخ 24/ 2/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، في بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المطعون ضده في إقامتها على سند من أن للمالك باعتباره مالكاً الحق في طلب الإخلاء إذا ما خالف المستأجر حكم المادة 8 من القانون رقم 49 لسنة 1977، في حين أن هذا الحق لا يثبت للمؤجر إلا أن يكون طالب استئجار تبعاً لإيراد الحالات التي يجوز له فيها طلب إخلاء المستأجر على سبيل الحصر في المادة 31 من القانون سالف الإشارة وعدم دخول واقعة الدعوى ضمنها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الأصل أن لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، مراعياً في ذلك ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو المصلحة الخاصة عملاً بالمادتين 802، 806 من القانون المدني مما مؤداه أن يكون للمالك أن يؤجر الأماكن التي يملكها وأن يطلب إخلاء المكان المؤجر إذا انتهت المدة المتفق عليها، وقام سبب لفسخ عقد الإيجار، وأن يختار مستأجره، أو يستعمل العين في أي وجه مشروع يراه، غير أن المشرع رأى بمناسبة أزمة الإسكان تقييد حق المؤجر في طلب الإخلاء لانتهاء المدة المتفق عليها، أو لفسخ العقد إلا لأحد الأسباب التي نص عليها في المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 كما نص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من ذات القانون على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتضى" بما يدل على أن المشرع قد حظر على كل من المالك أو المستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مبرر ونص في المادة 76 على عقاب كل من يخالف الحظر المذكور وألزم المحكمة عند الحكم بالعقوبة بأن تحكم بانتهاء عقد المسكن أو المساكن المحتجزة بالمخالفة له، وهذا ما يجعل قيام الإيجار مخالفاً للنظام العام فيبطل إذا توافر الحظر عند التعاقد أما إذا كان توافره في وقت لاحق فإنه يؤدي إلى انفساخ العقد، ويكون للمؤجر باعتباره المتعاقد الآخر أن يطلب إخلاء المخالف وتتوافر له مصلحة قائمة يقرها القانون في إخراج المستأجر الذي بطل عقده أو انفسخ، حتى يسترد حريته في استغلال العين على الوجه الذي يراه، ولا يتعارض هذا مع ما أوردته المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 من حصر لأسباب انتهاء عقود الإيجار القائمة والمنتجة لآثارها، لأن مخالفة حظر الاحتفاظ بأكثر من مسكن يترتب عليها زوال العقد بمجرد وقوع المخالفة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بإقامته بشقة النزاع منذ استئجاره لها وهو ما لم ينازع فيه المطعون ضده واستدل على ذلك ببطاقته العائلية وخطابات وجهت إليه فيها، وإبطال من المطعون ضده باستلامه قيمه استهلاك المياه وبأنه احتجز الشقة الأخرى بمبرر هو تزويج ابن له فيها وقد تم توثيق الزواج فيها بالفعل وقدم إثباتاً لذلك وثيقة الزواج ومع ذلك لم يشر الحكم إلى ما قدمه من مستندات ودلالتها وأطرح هذا الدفاع على سند من أن احتجازه هذه الشقة كان سابقاً لرفع الدعوى بفترة طويلة وأن التليفون المركب فيها باسمه وأن زواج ابنه لم يتم إلا في أواخر سنة 1978 وأنه لو صح احتجازها ليتزوج فيها هذا الابن لتحرر عقد الإيجار باسمه وهو ما ينطوي على فساد الاستدلال ومصادرة على المطلوب لأن مقتضى حظر الجمع بين أكثر من مسكن أن تكون عقود استئجارها محررة باسم شخص واحد وبالتالي التليفونات المركبة فيها، وإنما العبرة أن يكون هذا الجمع دون مقتضى، ومن ثم فإن عدم تحرير عقد الإيجار الثاني باسم ابنه مباشرة لا يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم طالما وجد المبرر لاحتجازه شقة أخرى لابنه وهو إعدادها لزواجه الذي تحقق بالفعل.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 5 من القانون رقم 52 لسنة 1969 ومن المادة 8 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تحظر على الشخص مالكاً كان أو مستأجراً أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد قد استثنت من حكمها حالة وجود مقتض للتعدد دون أن تضع المعايير المحددة له، فإن أمر تقدير المقتضى لحجز أكثر من مسكن في البلد الواحد يخضع لمطلق سلطان قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض طالما ركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدى إلى ما انتهى إليه في قضائه، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 76 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - الذي أدرك واقعة الدعوى قبل أن تستقى المراكز القانونية للخصوم بصدور حكم نهائي يحدد هذه المراكز ومن ثم فإنه يحكمها، والذي يعاقب من يحتجز أكثر من مسكن في مدينة واحدة دون مقتضى - على أنه "يحكم فضلاً عن ذلك في حالة مخالفة حكم المادة 8/ 1 بإنهاء عقد المسكن أو المساكن المحتجزة بالمخالفة لحكم القانون" يدل على أن المسكن الذي ينتهي عقده عند احتجاز أكثر من مسكن هو الذي لا يتوافر المقتضى لاحتجازه وقد عبر النص عن هذا المعنى بقوله "المسكن أو المساكن المحتجزة بالمخالفة لحكم القانون" أي التي لا يوجد مقتضى لاحتجازها وهذا ما يتسق وحكم القانون من أن عقد المسكن الذي ينعقد بقصد احتجازه دون مقتضى يقره القانون يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته للنظام العام وأنه إذا ارتفع المقتضى أثناء سريان العقد فإنه ينفسخ بقوة القانون لمخالفته النظام العام كذلك، ومؤدى ما تقدم أنه يتعين على المحكمة عند نظر دعوى الإخلاء لاحتجاز أكثر من مسكن، أن تستظهر عدم توافر المقتضى لاحتجاز المسكن المطلوب إخلاؤه، وإلا كان حكمها معيباً بالقصور في البيان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى انتفاء المقتضى لاحتجاز الطاعن أكثر من مسكن في مدينة القاهرة، واستند في ذلك إلى أن المبرر الذي ساقه في هذا السبيل وهو إقامته في إحداهما وإعداد الأخرى لزواج ابنه يتعارض مع ما هو ثابت من أنه استأجر الشقة الثانية قبل رفع الدعوى بفترة طويلة، وحرر عقد استئجارها باسمه، وقام بتركيب التليفون فيها باسمه أيضاً وأن زواج الابن لم يتم إلا أخيراً بعد أقامة الدعوى، وأنه لو صح أن الغرض من حجز هذه الشقة هو اختصاص الابن المذكور بها وهو ضابط بالقوات المسلحة لتحرر عقد الإيجار باسمه، وكان لا يبين من هذه الأسباب أن احتجاز الطاعن للمسكن المحكوم بإخلائه بغير مقتضى وفقاً لما سبق بيانه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه وعلى أن يكون مع النقض الإحالة وذلك دون حاجة لمناقشة ما بقى من أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق