الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 3 فبراير 2023

الطعن 6 لسنة 46 ق جلسة 7 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 أحوال شخصية ق 302 ص 1764

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة : محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، وصلاح نصار، وأحمد وهدان.

--------------

(302)
الطعن رقم 6 لسنة 46 ق " أحوال شخصية"

أحوال شخصية " الزواج " إثبات " البينة ".
الشهادة على الزواج في المذهب الحنفي. شرط صحتها. الاختلاف في زمان ومكان النكاح. مانع من قبولها. العبرة في ذلك بالمعنى دون اللفظ.

--------------
المقرر في الفقه الحنفي الواجب الإتباع أنه يشترط لصحة الشهادة عدم الاختلاف فيها متى كان المشهود به قولاً ملحقاً بالفعل، من قبيل النكاح، لأنه وان كان عبارة عن إيجاب وقبول وهما قولان، إلا أنه يشترط لصحته حضور شاهدين وهو فعل، فالحق بالفعل. ولئن كان اختلاف الشاهدين في زمان النكاح ومكانه يعتبر مانعاً في الأصل من قبول الشهادة والاعتداد بها، إلا أن العبرة في الأخذ بالشهادة أو إطراحها هو بالمعنى لا باللفظ فليس بشرط أن يحدد الشاهدان الزمان أو المكان في ألفاظ واحدة، بل يكفى أن تتطابق جماع أقوالهما على أنها تنصب على واقعة بعينها وأن تنصرف الشهادتان وبما لا يوجب خللا في المعنى إلى ذات الزمان والمكان ، ولما كان ما شهد به الشاهدان يؤدى بصريح لفاظه إلى تطابق شهادتهما على قيام فراش صحيح بين الطاعن والمطعون عليه في شهر يوليو 1969 ولا يؤثر ما قرره أولهما من تحديد يومه وإغفال الثاني هذا التحديد طالما توافقت أقوالهما على حصول العقد بمجلس بعينه، والبين من سياق ما ورد على لسان الشاهد الثاني بشأن تحديد الساعة السابعة والنصف مساء أنه كان يعنى وقت ذهابه إلى منزل المطعون عليها، وليس فيه ما يشير إلى أنه يقصد بقالته تلك تحديد وقت إجراء العقد، ومن ثم فلا تعارض بين هذا الذي ذكره وما قرره الشاهد الأول من أن الطاعن حضر إلى منزل المطعون عليها يومئذ الساعة الثامنة والنصف مساء. لما كان ما تقدم فإنه لا يكون هناك اختلاف بين الشاهدين في زمان أو مكان المشهود به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 41 سنة 1971 " أحوال شخصية" " نفس " ضد الطاعن أمام محكمة سوهاج الابتدائية طالبة الحكم بثبوت نسب الولد "...." إليه، وقالت بياناً لدعواها أنها تزوجته زواجا شرعيا دون وثيقة مكتوبة في شهر يوليو سنة 1969، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، ولما أحست الحمل طالبته بتوثيق هذا الزواج فامتنع، وقدمت شكوى في حقه مدعية أنه هتك عرضها مما اضطره لتوثيق عقد زواجهما أمام النيابة بتاريخ 15/ 1/ 1970، وإذ وضعت حملها الذي انفصل عن الولد "..." في 12/ 4/ 1970 وأنكر الطاعن نسبه إليه، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 18/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بعدم سماع الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2 سنة 1973 " 48 ق " نفس سوهاج " طالبة إلغاءه. وبتاريخ 3/ 12/ 1974 حكمت محكة الاستئناف بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المطعون عليها أنها تزوجت بالطاعن في يوليو سنة 1969 بعقد عرفى وأنه دخل بها وعاشرها ورزقت منه على فراش الزوجية بابنها "..." ، وبعد سماع شاهديها عادت وحكمت في 6/ 1/ 1976 بإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات نسب الولد "..." ابن المطعون عليها إلى أبيه الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه إلى شهادة شاهدي المطعون عليها رغم اختلافهما في زمان عقد الزواج العرفي المدعى بحصوله، فبينما يذكر أحدهما أن الزواج كان الساعة الثامنة والنصف مساء يوم 28 يوليو سنة 1969 فقد قرر ثانيهما أنه كان في تمام السابعة والنصف مساء يوم لم يحدده خلال هذا الشهر. في حين أن المقرر في الفقه الحنفي الواجب التطبيق أن اختلاف الشاهدين في بيان زمان عقد النكاح يمنع قبول الشهادة، وإذ اعتد الحكم على هذه الشاهدة وهى على هذه الشهادة وهى على هذا الاختلاف في زمان العقد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المقرر في الفقه الحنفي الواجب الإتباع إنه يشترط لصحة الشهادة عدم الاختلاف فيها متى كان المشهود به قولاً ملحقاً بالفعل، من قبيل النكاح، لأنه وإن كان عبارة عن إيجاب وقبول وهما قولان، إلا أنه يشترط لصحته حضور شاهدين وهو فعل، فالحق بالفعل. ولئن كان اختلاف الشاهدين في زمان النكاح يعتبر مانعاً في الأصل من قبول الشهادة والاعتداد بها، إلا أن العبرة في الأخذ بالشهادة أو إطراحها هو بالمعنى لا باللفظ فليس بشرط أن يحدد الشاهدان الزمان أو المكان في ألفاظ واحدة، بل يكفى أن تتطابق جماع أقوالهما على إنها تنصب على واقعة بعينها، وأن تنصرف إلى الشهادتان وبما لا يوجب خللا في المعنى إلى ذات الزمان والمكان. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله ".... بجلسة 3/ 3/ 1975 سمعت المحكمة أقوال شاهد المستأنفة - المطعون عليها - الأول، .... وقال أن صلته بالمستأنفة بنت عمه وإنه يعرف المستأنف عليه - وكان حاضراً من إجازة من السويس، وانتظر قليلاً عندها وطرق على الباب ..... ومعه ثلاثة أنفار منهم مقرئ واثنين آخرين لا يعرف أسماءهم وأخبره أحدهما أنه يشتغل بالبنك والثاني موظف بالتأمينات وكان حوالى الساعة الثامنة والنصف مساء وقرأ المقرئ آيات الذكر الحكيم كما ذكر عبارات وعظ ثم عرض علينا المقرئ زواج .... بـ ..... وكان والدها موجوداً بالمجلس وهو ضرير. وكان يصحبني في وقت ذهابي .... وأنا وافقت على الزواج ووالدها وافق على الزواج .... وقرأ الفقيه عبارات لا يذكرها وهو كتب عليها وعقد عليها بعقد عرفي شفاها ثم كتب ورقة بالعقد، وقد شهدت أنا ..... ووقعنا على عقد الكتابة والمقرئ أجرى العقد وباركه ونحن باركنا وراءه وبعدين خذها ومشى على أخميم وأن ذلك كان في بيت .... في عمارة المغتربين بالدور الثاني عمارات سكنية شرق البحر..." وبجلسة 5/ 4/ 1975 سمعت المحكمة أقوال شاهد المستأنفة توحيد أحمد حسنى فقرر أنه يعرف الطرفين للجوار وشهد بأنه في شهر يوليو سنة 1969 دعى لحضور ختم قرآن في منزل .... بمدينة ناصر وذهب إلى هذا الختم الساعة السابعة والنصف مساء ولقى .... وكان المقرئ الذي يتلو القرآن موجوداً وكان يحضر هذا المجلس نحو سبعة أفراد، وبعد تلاوة القرآن قرئت الفاتحة وتم زواج ..... بمحرر عرفي ....." فإن ما شهد به الشاهدان يؤدى بصريح لفظه إلى تطابق شهادتهما على قيام فراش جمع بين الطاعن والمطعون عليها في شهر يوليو سنة 1969، ولا يؤثر ما قرره أولهما من تحديد يومه وإغفال الثاني هذا التحديد طالما توافقت أقوالهما على حصول العقد بمجلس بعينه، والبين من سياق ما ورد على لسان الشاهد الثاني بشأن تحديد الساعة السابعة والنصف مساء أنه كان يعنى وقت ذهابه إلى منزل المطعون عليها، وليس فيه ما يشير إلى أنه كان يقصد بقالته تلك تحديد وقت إجراء العقد، ومن ثم فلا تعارض بين هذا الذي ذكره وما قرره الشاهد الأول من أن الطاعن حضر إلى منزل المطعون عليها يومئذ الساعة الثامنة والنصف مساء. لما كان ما تقدم، فإنه لا يكون هناك اختلاف بين الشاهدين في زمان أو مكان الشهود به، ويكون النعى غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن الحكم استند في قضائه إلى أن الطاعن اعترف في محضر الشكوى بعلاقته بالمطعون عليها ودخولها في منزله، وأنه أقدم على زواجها برضاه وهو يعلم أنها حامل في الشهر السادس بما يدل على سبق المعاشرة بينهما وأن هذه المعاشرة كانت بزواج شرعي صحيح على ما ثبت من أقوال شاهديها، في حين أن المطعون عليها قررت في شكواها للشرطة أن الطاعن اغتصبها كرهاً عنها بعد أن قدم لها مادة أفقدتها الوعى، وأنها حملت بالصغير من هذا الوقاع، بما مفاده أنه ولد من سفاح فلا يثبت نسبه. وثانيهما أن الحكم أورد بأسبابه أنه ليس في دعوى النفقة المضمومة ولا في محضر الشكوى الإدارية والدعوى الماثلة اعتراف منها بأنها حملت من سفاح، مع أنها أقرت أمام المأذون في إشهاد الطلاق بأنه لم يتم بينها وبين الطاعن دخول أو خلوه. وهو ما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود في (الوجه الأول) بأنه لما كان من الأصول المقررة في الشريعة الإسلامية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الولد للفراش وفرع الفقهاء على هذا الأصل أن النسب يثبت بالفراش الصحيح وهو الزواج الصحيح وما يلحق به، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه أحال الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أنها تزوجت الطاعن بعقد عرفي في يوليو سنة 1969 ودخل بها ورزقت منه على فراش الزوجية بأبنها "......."، ثم أقام قضاءه بثبوت نسب الولد للطاعن بما لمحكمة الموضوع من سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال في الدعوى على ما حصله من أقوال شاهدي المطعون عليها من أن معاشرتها للطاعن كانت بناء على زواج شرعي صحيح ثبت بالبينة الشرعية فإن النعي عليه بما جاء بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. والنعي مردود في (الوجه الثاني) منه بأنه لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على البينة الشرعية وكانت هذه الدعامة كافية لحمل قضائه فإنه لا يعيبه ما استطرد إليه في شأن ما قررته المطعون عليها - بفرض صحته - بما جاء بهذا الوجه وأياً كان وجه الرأي فيه لأنه لا يكون غير منتج ولا جدوى فيه، ومن ثم فهو غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق