جلسة 13 من فبراير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار
أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود
الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم محمد فراج.
---------------
(98)
الطعن رقم 28 لسنة 48 ق
"أحوال شخصية"
(1، (2 أحوال
شخصية "الطلاق".
(1)طلاق الغضبان في الفقه الحنفي. عدم وقوعه إذا أفقده الغضب الإرادة
والإدراك الصحيحين. تقدير ذلك من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً.
عدم وجود معيار للمدة التي يستغرقها الغضب.
(2)بطلان طلاق الغضبان. وجوب أن تصاحب حالة الغضب المؤثرة إيقاع الطلاق.
لا يكفي أن يكون مبعثه الغضب.
(3)إثبات "البينة". أحوال شخصية.
تدارك الشاهد ما وقع في
شهادته من خطأ. شرطه. أن يتم ذلك قبل مبارحته مجلس القاضي.
--------------
1 - المقرر في فقه
الحنفية الواجب به وفقاً لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن طلاق
الغضبان لا يقع إذا بلغ به الغضب مبلغاً لا يدري منه ما يقول أو يفعل أو وصل به
إلى حالة من الهذيان يغلب عليه فيها الاضطراب في أقواله أو أفعاله وذلك لافتقاده
الإرادة والإدراك الصحيحين، ولما كان تقدير توافر الأدلة على قيام حالة الغضب هذه
هو مما يدخل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الدليل في الدعوى فلا تخضع بصدده
لرقابة محكمة النقض طالما كان استخلاصها سائغاً، وكان لا يوجد معيار طبي أو غير
طبي للمدة التي يستغرقها الغضب تبعاً لتفاوت مداه ومدى التأثر به بالنسبة لكل حالة.
2 - لا يكفي لبطلان طلاق
الغضبان أن يكون مبعثه الغضب بل يشترط أن تصاحب حالة الغضب المؤثرة إيقاع الطلاق
حتى تنتج أثرها على إرادة المطلق.
3 - يشترط فقهاء الحنفية
لقبول تدارك الشاهد ما وقع في شهادته من خطأ أن يتم ذلك قبل أن يبرح مجلس القاضي
فإن هو غادره ثم عاد إليه وقال "أوهمت بعض شهادتي" أي أخطأ بنسيان ما
كان يحق عليه ذكره أو بزيادة باطلة لا تقبل شهادته لتمكن تهمة استفوائه من المدعي
أو المدعى عليه، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إذا لم تستجب إلى طلب الطاعن إعادة
سماع شاهديه استيفاء لأوجه النقض فيها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 109 لسنة 1977 كلي أحوال شخصية الإسكندرية بطلب الحكم ببطلان طلاقه للمطعون
عليها الحاصل في 5/ 2/ 1977 - واعتبار الزوجية بينه وبين المطعون ضدها قائمة، وقال
شرحاً لدعواه أنه طلق زوجته المذكورة في التاريخ المشار إليه طلاقاً مكملاً للثلاث
أمام مأذون ناحية المنشية بالإسكندرية وإذ كان وقت إيقاعه هذا الطلاق في ثورة غضب
جامح طغت على إرادته فسلبتها وصار لا يدري ما يقول أو يفعل فإنه يقع باطلاً تبعاً
لما هو مقرر شرعاً من أن طلاق المدهوش والغضبان لا يقع. وبتاريخ 24/ 2/ 1977 أحالت
المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن الغضب كان قد وصل به وقت الطلاق على
حالة من الهذيان وغلب عليه الاضطراب في أقواله وأفعاله، وبعد سماع شاهديه حكمت في
29/ 11/ 1977 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 36 لسنة 1977
الإسكندرية وبتاريخ 4/ 4/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن
الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن، وبعرضه على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة
رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الثاني والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم استند في نفي قيام حالة الغضب إلى
أن الشاهد الثاني لم يسمع منه يمين الطلاق الذي تم بعد توجهه بسيارة أجرة من محل
إقامته بالإبراهيمية إلى المنشية ثم انقضاء ساعة حتى تحرر إشهاد الطلاق، بينما
الثابت من أقوال شاهديه ومن الشهادات المقدمة منه أنه كان عند الطلاق في حالة من
الغضب الشديد وصلت به إلى الهذيان بحيث لم يكن يدري ما يقول أو يفعل حتى أنه اعتدى
على الشاهد الثاني ولا شك أن من تنتابه هذه الحالة تستحيل عودته إلى حالة الهدوء
وفق العرف الجاري إلا بعد انقضاء يوم أو يومين فلا يقع طلاقه لانعدام إرادته.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كان المقرر في فقه الحنفية الواجب العمل به وفقاً لنص المادة 280 من
لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن طلاق الغضبان لا يقع إذا بلغ به الغضب مبلغاً لا
يدري معه ما يقول أو يفعل أو وصل به إلى حالة من الهذيان يغلب عليه فيها الاضطراب
في أقواله وأفعاله وذلك لافتقاده الإرادة والإدراك الصحيحين، وكان تقدير توافر
الأدلة على قيام حالة الغضب هذه هو مما يدخل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير
الدليل في الدعوى فلا تخضع بصدده لرقابة محكمة النقض طالما كان استخلاصها سائغاً،
وكان لا يوجد معيار طبي أو غير طبي للمدة التي يستغرقها الغضب تبعاً لتفاوت مداه
ومدى التأثر به بالنسبة لكل حالة، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بشهادة الشاهد
الثاني لعدم سماعه يمين الطلاق. وانصرف شهادته إلى وقت سابق على تحرير إشهاد
الطلاق بحوالي الساعة ولم يأخذ المستندات المقدمة من الطاعن إثباتاً لإصابته بمرض
عصبي لعدم إمكان الاستدلال بها على إيقاعه الطلاق وهو في حالة الغضب المعتبرة شرعاً،
وهو منه تقدير سائغ لأنه لا يكفي لبطلان طلاق الغضبان أن يكون مبعثه الغضب بل
يشترط أن تصاحب حالة الغضب المؤثرة إيقاع الطلاق حتى نتج أثرها على إرادة المطلق
ومن لا يتوافر نصاب الشهادة على قيام حالة الغضب المبطلة للطلاق ويكون النعي على
غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بباقي
أسباب الطعن أن الحكمين الابتدائي والاستئناف شابهما البطلان لإخلالهما بحق الدفاع
إذ رفضت محكمة أول درجة فتح باب المرافعة في الدعوى لإعادة سماع أقوال شاهديه ولم
تستجب محكمة الاستئناف لطلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات معالجته من حالات
نفسية وهياج متكرر لما تضمنته المستندات المقدمة منه ولمناقشة مطلقته فيما ألم به
من غضب شديد والحالة التي كان عليها وقت مغادرته منزل الزوجية كما أنها لم تستجب
إلى طلبه التصريح له بتقديم مذكرة شارحة لأوجه الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود
في شقه الأول بأن فقهاء الحنفية يشترطون لقبول تدارك الشاهد ما وقع في شهادته من
خطأ أن يتم ذلك قبل أن يبرح مجلس القاضي فإن هو غادره ثم عاد إليه وقال
"أوهمت بعض شهادتي" أي أخطأ بنسيان ما كان يحق عليه ذكره أو بزيادة
باطلة لا تقبل شهادته لتمكن تهمة استفوائه من المدعي أو المدعى عليه، ومن ثم فلا
على المحكمة الموضوع إذا لم تستجب إلى طلب الطاعن إعادة سماع أقوال شاهدته استيفاء
لأوجه النقص فيها، والنعي غير مقبول في شقه الثاني ذلك أن الأوراق وقد خلت مما يدل
على رفض المحكمة الاستئنافية تمكين الطاعن من تقديم مذكرة شارحة لأوجه الاستئناف
أو أنه تقدم إليها قبل قفل باب المرافعة أمامها بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق فإن
النعي في هذا الشق عارياً عن الدليل.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق