الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 3 فبراير 2023

الطعن 27 لسنة 47 ق جلسة 29 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 أحوال شخصية ق 352 ص 1826

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمد - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

----------------

(352)
الطعن رقم 27 لسنة 47 ق أحوال شخصية

 (1)إعلان. بطلان "نسبي".
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان. وجوب التمسك به أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة المعارضة أو الاستئناف وإلا سقط الحق فيه.
(2،(3  أحوال شخصية. إثبات "البينة".
 (2)شروط الشهادة في الفقه الحنفي. وجوب مطابقتها للوقائع المادة ألا يكذبها الحس.
(3) شروط صحة أداء الشهادة في الفقه الحنفي. وجوب أن يكون الشاهد عالماً بالمشهود به وطرفي الخصومة. عدم وجوب ذكره أسماء الخصوم.

-----------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقاً بالنظام العام وبالتالي لا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها وإنما يجب على الخصم الذى تقرر هذا البطلان لمصلحته أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة المعارضة أو الاستئناف وإلا سقط الحق فيه وذلك إعمالاً لنص المادة 108 من قانون المرافعات.
2 - الشهادة كطريق من طرق الثبوت في فقه الحنفية تعد تعبيراً عن الواقع وتأكيداً لثبوته دون أن تقلب الحق باطلاً أو تحيل الباطل حقاً، فإن شرطها أن تكون مطابقة للوقائع المادية، فلا تكذبها الأمور المحسوسة أو تخرج عن تلك الحقائق الثابتة، فإن كذبها الحس فلا تقبل ولا يجوز أن يبنى عليها قضاء اعتباراً بأن الحس يفيد علماً قطعياً والشهادة تفيد خبراً ظنياً والظني لا يعارض القطعي.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شروط صحة أداء الشهادة في المذهب الحنفي أن يكون الشاهد عالما بالمشهود به وذاكراً له وقت الأداء، فلو نسى المشهود به لم يجز أن يشهد، وأن يكون المشهود به معلوماً حتى يتيسر القضاء به، ولا يكون كذلك إلا إذا وضح الشاهد للقاضي صاحب الحق ومن عليه الحق ونفس الحق المشهود به، والغرض المستهدف هو التعريف لا كثرة الحروف، فحيث تحقق التعريف وثبت لدى القاضي علم الشاهد بالمدعى والمدعى عليه اللذين تتصل بهما وقائع الشهادة موضوع التحقيق اكتفى به وصح الاعتداد بالشهادة. ولما كان البين من الاطلاع على محضر التحقيق الذى أجرته محكمة أول درجة أن الطاعن تخلف في جلسة التحقيق عن الحضور بينما مثلت المطعون عليها وأشهدت شاهديها في غيبته وكانت أقوالهما بينة الدلالة على أنها تنصب على الخلاف بين الطاعن والمطعون عليها بالذات وإن لم يصرحا بذكر اسمهما أو نسبهما فإن هذا كاف في التعريف بهما وتعيينها تعيينا نافيا لأى جهالة بحيث ينتفى أى احتمال، وإذ ساير الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم المنهج الشرعي السليم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم....... (أحوال شخصية نفس) أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر، وقالت بيانا لدعواها أنها تزوجته بتاريخ 11/ 3/ 1974 ولم يدخل بها، وقد دأب على إيذائها بالضرب واتهامها في شرفها وكرامتها، وعمد إلى سلب مصاغها والتشهير بها، وإذ كانت هذه الأمور مما لا يستطاع معها دوام العشرة بينهما، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 21/ 12/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن قد أضر بها وأساء معاملتها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما وبعد سماع شاهدي المطعون عليها عادت وحكمت غيابيا بتاريخ 1/ 3/ 1975 بتطليق المطعون عليها من الطاعن طلقة بائنة. عارض الطاعن في هذا الحكم طالباً إلغاءه وبتاريخ 17/ 4/ 1976 حكمت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن، فاستأنفه بالاستئناف رقم 50 س 93 ق أحوال شخصية القاهرة بطلب إلغائه ورفض الدعوى وبتاريخ 18/ 4/ 1977 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم رفض الدفع المبدى ببطلان صحيفة الدعوى أمام محكمة أول درجة على سند من أن الإعلان وجه إليه في محل إقامته الثابت بوثيقة الزواج، وهو آخر محل إقامة له معلوم للمطعون عليها في جمهورية مصر وأن المحضر أثبت على صحيفة الدعوى هجرته دون أن يعلم له محل إقامة، أو يثبت علمها اليقيني بعنوان له معلوم بالخارج ورتب على ذلك صحة الإعلان وتمامه بمجرد تسلم النيابة له في 28/ 11/ 1974 في حين أن الثابت أن المطعون عليها أعلنت بتاريخ 28/ 3/ 1974 بصحيفة دعوى أقامها يطلب الحكم عليها بالدخول في طاعته، وحدد فيها محل إقامته وبين عنوانه تفصيلا بإستراليا، وحضر مدافع عنها في هذه الدعوى بما يفيد علمها اليقيني بموطنه قبل إعلان صحيفة الدعوى الابتدائية، وأنها عمدت إلى الالتواء في إعلانه والتجهيل بمحل إقامته عند إقامتها دعوى التطليق الحالية، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقاً بالنظام العام، وبالتالي لا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها وإنما يجب على الخصم الذى تقرر هذا البطلان لمصلحته أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة المعارضة أو الاستئناف وإلا سقط الحق فيه وذلك إعمالا لنص المادة 108 من قانون المرافعات لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الحكم الابتدائي صدر غيابياً وطعن فيه الطاعن بطريق المعارضة ولم يقدم إلى محكمة النقض ما يدل على أنه تمسك في صحيفتها ببطلان إعلانه فإن ما ينعاه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين: (الأول) يبين من مطالعة أقوال شاهدي الإثبات أنها سماعية نقلاً عن المطعون عليها التي أخبرتهما بأن الطاعن سرق مصوغاتها وأنه حاول الاعتداء عليها والدخول بها عنوة. هذا إلى أن من شروط صحة الشهادة عدم تكذيب الحس لها، والثابت من المحضر رقم..... أن المطعون عليها أبلغت بسرقة مسوغاتها بتاريخ 17/ 3/ 1974، الأمر الذى يتنافر وحصول السرقة في تاريخ 25/ 3/ 1974 الذى حدده الشاهدان لوقوع اعتداء الطاعن على المطعون عليها وسلبها حليها فيه. بالإضافة إلى أن ثبوت استرداد المطعون عليها أوراقها من المدرسة الملحقة بها في 28/ 3/ 1974 تمهيداً للسفر مع الطاعن إلى إستراليا - وهو تاريخ لاحق لواقعة الاعتداء المزعومة يشير إلى أن الود ظل موصولاً بين الزوجين، ومن شأن ذلك أن يفقد مقومات الشهادة التى اعتمد الحكم عليها في قضائه (الثاني) أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه اعتد بأقوال شاهدي المطعون عليها مع أنهما لم يذكرا اسم الطاعن أو المطعون عليها منسوبين إلى أبيهما وجدهما رغم أنهما لم يكونا حاضرين جلسة التحقيق عند أداء الشهادة، وإذ لا تؤدى الشهادة على هذا النحو في الفقه الحنفي إلى التعريف بالمشهود كدليل يستند إليه فإن اعتداد الحكم بها يعيبه بمخلفة القانون.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأن البين مما أورده الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي المؤيد به أنه أقام قضاءه في خصوص ثبوت مضارة الطاعن لزوجته المطعون عليها - على ما أجمعت عليه كلمة شاهديها من أنهما رأياه رأى العين وهو يعتدى عليها بالضرب وسمعاه يسبها، وهى أقوال تكشف للقاضي عن أن شهادتهما لم تكن نقلاً عن المطعون عليها أو غيرها، الأمر الذى ينتفى معه الادعاء بأنها سماعية. ولما كانت الشهادة كطريق من طرق الثبوت في فقه الحنفية تعد تعبيراً عن الواقع وتأكيداً لثبوته، دون أن تقلب الحق باطلاً أو تحيل الباطل حقاً، فإن شرطها أن تكون مطابقة للوقائع المادية، فلا تكذبها الأمور المحسوسة، أو تخرج عن تلك الحقائق الثابتة فإن كذبها الحس فلا تقبل ولا يجوز أن يبنى عليها اقتضاء، اعتباراً بأن الحس يفيد علماً قطعياً والشهادة تفيد خبراً ظنياً، والظن لا يعارض القطعي. لما كان ذلك وكان ما ساقه الطاعن بسبب النعي ليس من شأنه القول بأن البينة التي اعتمدها الحكم المطعون فيه أقيمت على خلاف المحسوس، لان تبليغ المطعون عليها بفقد سوارها الذهبي يوم 17/ 3/ 1974 لا يتعارض مع وجود حلى أخرى معها في يوم الاعتداء، كما أن الشهادة الصادرة من المدرسة وقد جاءت مجهلة تاريخ السحب بما لا يفيد وقوعه في تاريخ تال للاعتداء، وهو ما يجعل النعي في هذا الخصوص على غير أساس. والنعي غير سديد في وجهه الثاني بأنه وإن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شروط صحة أداء الشهادة في المذهب الحنفي، أن يكون الشاهد عالماً بالمشهود به وذاكراً له وقت الأداء فلو نسى المشهود به لم يجز أن يشهد وأن يكون المشهود به معلوماً حتى يتيسر القضاء به، ولا يكون كذلك إلا إذا وضح الشاهد للقاضي صاحب الحق ومن عليه الحق ونفس الحق المشهود به، وإلا أن الغرض المستهدف هو التعريف لا كثرة الحروف فحيث تحقق التعريف وثبت لدى القاضي علم الشاهد بالمدعى والمدعى عليه اللذين تتصل بهما وقائع الشهادة موضوع التحقيق اكتفى به وصح الاعتداد بالشهادة ولما كان البين من الاطلاع على محضر التحقيق الذى أجرته محكمة أول درجة أن الطاعن قد تخلف في جلسة التحقيق عن الحضور بينما مثلت المطعون عليها وأشهدت شاهديها في غيبته، وكانت أقوالهما بينة الدلالة على أنها تنصب على الخلاف بين الطاعن والمطعون عليها بالذات وإن لم يصرحا بذكر اسمهما أو نسبهما فإن هذا كاف في التعريف بهما وتعيينها تعيينا نافيا لأى جهالة بحيث ينتفي أي احتمال، وإذ ساير الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم المنهج الشرعي السليم ويكون النعي في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق