جلسة أول نوفمبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار
نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، محمد
طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.
----------------
(322)
الطعن رقم 2 لسنة 47
القضائية "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية. إثبات
"البينة".
الشهادة. شرط صحتها
شرعاً. العداوة الدنيوية المانعة من قبول الشهادة. المقصود بها. اختلاف الطاعن
خصومة بينه وبين الشاهد. لا أثر له على قبول الشهادة.
(2)استئناف. محكمة الموضوع. حكم. تسبيب الحكم.
للمحكمة الاستئنافية
تقدير أقوال الشهود على نحو يغاير ما ذهبت إليه محكمة أول درجة. عدم التزامها
بالرد على أسباب الحكم الابتدائي.
(3)أحوال شخصية "الطلاق". إثبات "الإقرار".
الإقرار شرعاً. ماهيته.
إبداء الزوجة رغبتها - بمحضر الشرطة - في العودة إلى منزل الزوجية خشية وصفها
بالنشوز وحرمانها من النفقة. لا يعد إقراراً برغبتها الحقيقية في استمرار الحيازة
الزوجية.
(4، 5 ) أحوال شخصية
"الطلاق". محكمة الموضوع.
(4) التطليق للضرر. الضرر
الذى لا يستطاع معه دوام العشرة بين الزوجين. معياره شخصي. لقاضى الموضوع تقديره.
(5)حق التبليغ. أمر مباح لا يترتب مسئوليته طالما كان معبراً عن واقع.
جواز اعتبار من قبيل الضرر الذى يجعل دوام العشرة بين الزوجين مستحيلاً.
(6)أحوال شخصية. الطلاق. حكم "تسبيب الحكم".
التطليق للضرر. جزاء
إقامة الحكم قضاءه على وقائع لاحقة لرفع الدعوى.
(7)دعوى "دعوى الأحوال الشخصية". نيابة عامة.
النيابة العامة طرف أصيل
في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية. عدم وجوب إبداء رأيها
في كل مرحلة من مراحل الدعوى. م 95 مرافعات سريان حكمها حيث تكون النيابة طرفاً
منضماً فحسب.'
----------------
1 - يشترط لصحة الشهادة
شرعاً أن يكون الشاهد عدلاً غير متهم في شهادته فلا يجوز أن يكون في الشهادة جر
مغنم للشاهد أو دفع مغرم عنه، كما لا تقبل شهادته متى كان بينه وبين المشهود عداوة
دنيوية، إلا أن العداوة الدنيوية ليست هى كل خصومة تقع بين شخص وآخر في حق من
الحقوق، بل إن إبطال الشهادة مشروط بأن يشهد الشاهد على خصمه في واقعة يخاصمه فيها
ومثلوا لذلك بشهادة المقذوف على القاذف والمقطوع عليه الطريق على القاطع والمقتول
وليه على القاتل والمجروح على الجارح والزوج على امرأته بالزنا إذا كان قذفها به
أولاً، ولا يسوغ بداهة أن يخلق من يطعن على شهادة لهذا السبب خصومة مدعاة ليتخذ
منها وسيلة لإبطالها. ولما كان البين من محضر الشكوى الإداري أن الطاعن هو الذى
تقدم ببلاغ يزعم فيه أن أحد أقربائه سمع حواراً بين شاهد المطعون عليها وبين أحد
شهود الطاعن وفهم منه هذا الأخير أنه شهد زوراً ضد الطاعن بسبب استدعاء زوجته
للتحقيق معه، ولم يسأل الشاهد في هذه الشكوى ولم يواجه بأقوال الطاعن أو شاهده،
لما كان ذلك وكان ما اصطنعه الطاعن من خصومة بينه وبين شاهد المطعون عليها على
النحو السالف لا يرقى إلى حد العداوة المانعة من قبول شهادته، وكانت شهادة الزور
التي يصم بها هذا الشاهد لا تعدو أن تكون ادعاء لم يقم الدليل القطعي على صحته حيث
لم يقدم الطاعن ما يشير إلى الجنحة المباشرة التي أقامها وإلى الحكم الصادر فيها
فإن النعي في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
2 - لمحكمة الدرجة
الثانية أن تذهب في تقدير أقوال الشهود مذهباً يغاير ما ذهبت إليه محكمة الدرجة
الأولى دون أن تكون ملزمة بالرد على أسباب الحكم الابتدائي طالما كان استخلاصها
سائغاً.
3 - يشترط لصحة الإقرار
شرعاً وجوب أن يفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين، فلو شابه مظنة أو
اعتورته إثارة من شك في بواعث صدوره فلا يؤاخذ به صاحبه ولا يعتبر من قبيل الإقرار
بمعناه، لما كان ذلك وكان ما صرحت به المطعون عليها في الشكوى الإداري - بفرض صحة
صدوره عنها - من رغبتها في العودة للإقامة مع زوجها الطاعن قد قرنته بأنه كان منها
اتقاء وصفها بالنشوز وبالتالي الحرمان من النفقة فهو بهذه المثابة - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - ليس إلا وسيلة دفاع فرضتها عليها الظروف التي تكتنفها ولا
يدل بذاته على رغبتها الحقيقية في استمرار العشرة الزوجية ولا ينطوي على إقرار
تؤاخذ بآصرته ولا على الحكم إن هو التفت عما تمسك به الطاعن في هذا الخصوص.
4 - المستقر في قضاء هذه
المحكمة أن معايير الضرر في معنى المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929، شخصي
لا مادي، وتصويره بما يجعل دوام العشرة مستحيلاً أمر موضوعي متروك لقاضي الموضوع،
وتختلف باختلاف بيئة الزوجية ودرجة ثقافتهما والوسط الاجتماعي الذى بينهما وإذ كان
الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن العشرة لا يمكن أن تدوم بين الزوجين المتنازعين
بعد أن وصل الأمر إلى حد اتهامها وأهلها بالسرقة وتعددت الخصومات القضائية بينهما،
فليس فيما خلص إليه الحكم ما يعاب.
5 - الأصل أن التبليغ من
الحقوق المباحة للأفراد وأن استعماله لا يمكن أن يرتب مسئولية طالما صدر معبراً عن
الواقع حتى ولو كان الانتقام هو ما حفز إلى التبليغ لأن إقامة هذا الحق لا يتنافر
مع كونه يجعل دوام العشرة مستحيلاً لاختلاف المجال الذى يدور في فلكه مجرد إقامة الادعاء
أو التبليغ ومدى تأثير أيهما على العلاقة بين الزوجين.
6 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن لمحكمة الموضوع أن تستند إلى وقائع سبقت رفع الدعوى أو استجدت بعدها
لإثبات التطليق لما تنم عنه من استمرار الخلاف الزوجي واتساع هوته بما لا يستطاع
معه الإبقاء على الحياة الزوجية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أقام
قضاءه على سند من وقائع لاحقة لرفع الدعوى يكون على غير أساس.
7 - نص المادة 95 من
قانون المرافعات لا يسرى حكمه إلا حيث تكون النيابة طرفاً منضماً، أما إذا كانت
طرفا أصليا كالحال في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية -
ومنها الدعوى الماثلة - فلا ينطبق النص، ولما كان الحكم قد أثبت في مدوناته أن
النيابة قدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بالتطليق، فهذا
كاف لتحقيق غرض الشارع من وجوب تدخل النيابة في قضايا الأحوال الشخصية والوقف، ولا
على النيابة أن تبدى الرأى في كل مرحلة من مراحل الدعوى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت
الدعوى رقم 380 لسنة 1974 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الجيزة
الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر، وقالت شرحاً
لدعواها أنها زوجته بصحيح العقد الشرعي الموثق في 22/ 4/ 1971 ومدخولته ولا زالت
على عصمته وفى طاعته، وإذ دأب على الاستيلاء على إيرادها من عملها كطبيبة
والاعتداد عليها بكل أنواع الأذى قولاً وفعلاً وفى ذلك أضرار بها بما لا يستطاع
معه دوام العشرة بين أمثالهما، فقد أقامت دعواها بطلبها سالف البيان. وبتاريخ 19/
1/ 1975 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن
أضر بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما بأن اعتدى عليها بالقول
والفعل واستولى على كامل مرتبها، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 22/ 2/ 1976 برفض
الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 29 سنة 92 ق أحوال شخصية
القاهرة، وبتاريخ 20/ 12/ 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق
المطعون عليها من الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة
مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وفى الجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على
سببين ينعى الطاعن بالوجهين الرابع والسادس من السبب الأول والوجه الثالث من السبب
الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك
يقول أن الحكم بنى قضاءه بالتطليق على سند من أقوال شاهدي المطعون عليها مع أن هذه
الأقوال لم تستكمل نصاب الشهادة الشرعية من عدة أوجه (أولها) أن الشاهد الثاني
للمطعون عليها - وهو عديل الطاعن ليس من الشهود العدول الذين يمكن الاطمئنان إلى
شهادتهم، فقد ثبت من محضر الشكوى رقم 1216 لسنة 1975 إداري إمبابة أنه شهد زوراً
لصالح المطعون عليها مما كان موضع ادعاء مباشر منه بالجنحة رقم 2096 لسنة 1975
إمبابة هذا بالإضافة إلى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بوجود خصومة بينهما، (الثاني)
أن أقوال الشاهدين المشار إليهما متناقضة إذ ذكر أولهما أن واقعة ضرب الطاعن
للمطعون عليها كانت في شهر أكتوبر سنة 1974 بينما أشار الثاني إلى أنها صادفت
محلها في نوفمبر من ذات السنة، والشهادة الشرعية توجب توافر النصاب على الواقعة،
فضلاً عن أنها شهادة سماعية في أكثر من موضع فلا يعتد بها، (الثالث) أن الحكم أغفل
دلالة الشهادة الرسمية التي قدمها الطاعن متضمنة وجوده بمقر عمله في مدينة السويس
في الفترة التي نسب إليها فيها الاعتداء المزعوم (الرابع) أن محكمة أول درجة أطرحت
أقوال شاهدي المطعون عليها سالفى الذكر لعدم اطمئنانها إليها كما أطرحت ما قدمته
من مستندات، ولم تبرز محكمة الاستئناف أسباب مخالفتها لوجهة الحكم الابتدائي في هذا
الشأن، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود في وجهه
الأول، ذلك أنه وإن كان يشترط لصحة الشهادة شرعاً أن يكون الشاهد عدلاً غير متهم
في شهادته، فلا يجوز أن يكون في الشهادة جر مغنم للشاهد أو دفع مغرم عنه، كما لا
تقبل شهادته متى كان بينه وبين الشهود عداوة دنيوية، إلا أن العداوة المانعة ليست هي
كل خصومة تقع بين شخص آخر في حق من الحقوق، بل إن إبطال الشهادة مشروط بأن يشهد
الشاهد على خصمه في واقعة يخاصمه فيها، ومثلوا لذلك بشهادة المقذوف والمقطوع عليه
الطريق على القاطع والمقتول وليه على القاتل والمجروح على الجارح والزوج على
امرأته بالزنا إذا كان قذفها به أولاً، ولا يسوغ بداهة أن يخلق من يطعن على شهادة
لهذا السبب خصومة مدعاة ليتخذ منها وسيلة لإبطالها، لما كان البين من الاطلاع على
محضر الشكوى رقم 1216 لسنة 1975 إداري إمبابة أن الطاعن هو الذى تقدم ببلاغ يزعم
فيه أن أحد أقربائه سمع حواراً بين شاهد المطعون عليها المشار إليه وبين أحد شهود
الطاعن، وفهم منه هذا الأخير أنه شهد زوراً ضد الطاعن بسبب استدعاء زوجته للتحقيق
معه، ولم يسأل الشاهد في هذه الشكوى ولم يواجه بأقوال الطاعن أو شاهده لما كان ما
اصطنعه الطاعن من خصومة بينه وبين شاهد المطعون عليها على النحو السالف ألا يرقى
إلى حد العداوة المانعة من قبول شهادته، وكانت شهادة الزور التي وهم بها الشاهد لا
تعدو أن تكون ادعاء لم يقم الدليل القطعي على صحته، حيث لم يقدم الطاعن ما يشير
إلى الجنحة المباشرة التي أقامها وإلى الحكم الصادر فيها، فإن النعي في هذا الخصوص
يكون على غير أساس، والنعي في وجهه الثاني عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعن صورة
من محضر التحقيق حتى تتضح حقيقة ما يثيره الطاعن من أن الشهادة سماعية أو أن بينها
اختلافاً في زمان وقوع الفعل المشهود به. والنعي في وجهه الثالث غير سديد لأن
الشهادة الصادرة من مديرية أمن السويس غير قاطعة الدلالة على وجوده في غير فترات
العمل الرسمية فلا على الحكم إن التفت عنها، والنعي مردود في وجهه الأخير بأن
لمحكمة الدرجة الثانية أن تذهب في تقدير أقوال الشهود مذهباً يغاير ما ذهبت إليه
محكمة الدرجة الأولى دون أن تكون ملزمة بالرد على أسباب الحكم الابتدائي، طالما
كان استخلاصها سائغاً ويكون النعي بمختلف وجوهه غير وارد.
وحيث إن حاصل النعي
بالأوجه الأول والسابع والثامن والتاسع من السبب الأول على الحكم المطعون فيه
القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك أمام
محكمة الموضوع بانتفاء الأضرار الموجب للتطليق وآية ذلك أن الثابت من المحضر رقم
1158 لسنة 1967 إداري الظاهر والمحضر 5142 لسنة 1975 إداري الجمالية، أن المطعون
عليها توجهت إلى قسم الشرطة بمحض إرادتها وأبدت رغبتها في العودة إلى منزل
الزوجية، درءاً للحكم عليها بالنشوز وهو إقرار يدحض ما تدعيه من مضارة، إلا أن
المحكمة أطرحت دفاعه وأغفلت الرد عليه مع إن محضر الشرطة ورقة رسمية وحجة بما فيه
عملاً بالمادة 11 من قانون الإثبات ولا يمكن إهدار دلالته إلا بطريق الادعاء
بالتزوير، هذا إلى أن ادعاء المطعون عليها بالضرر المسوغ للتطليق تقتضيه المستندات
الدالة على محاولات لإصلاح بمعرفة اللجان المختصة بالاتحاد الاشتراكي وما أبدته
المطعون عليها ذاتها من بقاء المودة والتراحم بينهما بدليل إهداء صورتها إليه
مذيلة بعبارات الحب برغم الخصومة بينهما، وإذ لم يرد الحكم على ما قدمه الطاعن من
دفاع في هذا الخصوص وما أبرزه من مستندات فإنه علاوة على الإخلال بحقه في الدفاع
يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن النعي غير سديد،
ذلك أنه لما كان يشترط لصحة الإقرار شرط وجوب أن يفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل
الجزم واليقين، فلو شابه مظنة أو اعتورته إثارة من شك في بواعث صدوره فلا يؤاخذ به
صاحبه، ولا يعتبر من قبيل الإقرار بمعناه، لما كان ذلك وكان ما صرحت به المطعون
عليها في الشكوى المشار إليها - بفرض صحة صدوره عنها - من رغبتها في العودة
للإقامة مع زوجها الطاعن قد قرنته بأنه كان منها أثناء وصفها بالنشوز وبالتالي
الحرمان من النفقة فهو بهذه المثابة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ليس إلا
وسيلة دفاع فرضتها عليها الظروف التي تكتنفها، ولا يدل بذاته على رغبتها الحقيقية
في استمرار العشرة الزوجية، ولا ينطوي على إقرار تؤاخذه بأمرته ولا على الحكم إن
هو التفت عما تمسك به الطاعن في هذا الخصوص، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أقام
قضاءه على دعامة أساسية هي البينة الشرعية وهى تكفى وحدها لحمل قضاء الحكم، فلا
يكون من بعد ملزماً بتتبع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وأن يرد على كل منها استقلالاً
لأن في قيام الحقيقة التي استخلصها الرد المسقط لكل حجة مخالفة ويكون النعي
بالقصور والإخلال بحق الدفاع ولا محل له.
وحيث إن حاصل النعي
بالوجهين الثالث والخامس من السبب الأول الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت
بالأوراق وفى بيان ذلك يقول أن الحكم استند في قضائه بثبوت الضرر على أن الطاعن
أتهم المطعون عليها ووالدها وشقيقتها بسرقة منقولاته ومسدسه الأميري، وتبين كيدية
الاتهام ورتب على ذلك استحالة بقاء الحياة الزوجية بعد تلك الخصومة، في حين أن
قضية السلاح المشار إليها حفظت لعدم معرفة الفاعل وقد عثر على المسدس في حوزة والد
المطعون عليها، وحق التبليغ ورفع الأمر للقضاء أباحته القوانين ولا يعتبر من قبيل
الإضرار، بالإضافة إلى أن البلاغ عن واقعة السرقة كان لاحقاً على رفع دعوى التطليق
فلا يمكن الاستناد إليه كدليل لها لأن الدعوى تقام عن ضرر سابق وليس عن ضرر لاحق
عليها، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي في غير
محله ذلك أنه لما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن معيار الضرر في معنى المادة
السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 شخصي لا مادي وتقديره بما يجعل دوام العشرة
مستحيلاً أمر موضوعي متروك لقاضى الموضوع ويختلف باختلاف بيئة الزوجين ودرجة
ثقافتهما والوسط الاجتماعي الذى يحيطهما وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن
العشرة لا يمكن أن تدوم بين الزوجين المتنازعين بعد أن وصل الأمر إلى حد اتهامها
وأهلها بالسرقة وتعددت الخصومات القضائية بينهما، فليس فيما خلص إليه الحكم ما
يعاب لا يغير من ذلك أن الأصل أن التبليغ من الحقوق المباحة للأفراد، وإن استعماله
لا يمكن أن يرتب مسئولية طالما صدر معبراً عن الواقع، حتى ولو كان الانتقام هو ما
حفز إلى التبليغ، لأن إباحة هذا الحق لا يتنافر مع كونه يجعل دوام العشرة مستحيلاً
لاختلاف المجال الذى يدور في فلكه مجرد إقامة الادعاء أو التبليغ ومدى تأثيراتهما
على العلاقة بين الزوجين، لما كان ما تقدم وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن
لمحكمة الموضوع أن تستند إلى وقائع سبقت رفع الدعوى أو استجدت بعدها لإثبات
التطليق لما تنم عنه من استمرار الخلاف الزوجي واتساع هوته بما لا يستطاع معه
الإبقاء على الحياة الزوجية، فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أقام قضاءه على سند
من وقائع لاحقة لرفع الدعوى يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي
بالوجه الثاني من السبب الأول وبالوجهين الأول والثاني من السبب الثاني مخالفة
القانون والإخلال بحق الدفاع من وجهين، أولهما أن الواضح من الحكم المطعون فيه أن
النيابة العامة أبدت الرأي قبل أن يقدم الطاعن مستنداته الحاسمة وقد ارتأت المحكمة
بعد تقديمها أن تبدى النيابة رأيها فيها، غير أنها أصدرت حكمها قبل تنفيذ قرارها
خلافاً لما تقضى به المادة 95 من قانون المرافعات التي توجب أن تكون النيابة آخر
من يتكلم، وثانيهما أن محكمة الاستئناف قررت التأجيل حتى يرد تقرير المعمل الجنائي
بعد أن ادعت المطعون عليها أن سيدة أخرى انتحلت شخصيتها وأبدت الرغبة في العودة
إلى منزل الزوجية، ورغم ذلك فإن المحكمة عدلت عن هذا القرار وأصدرت حكمها ولو هى
انتظرت ورود التقرير لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن النعي مردود في وجهه
الأول بأن نص المادة 95 من قانون المرافعات لا يسرى حكمه إلا حيث تكون النيابة
طرفا منضما أما إذا كانت طرفا اصليا كالحال في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص
بها المحاكم الجزئية ومنها الدعوى الماثلة فلا ينطبق النعي، ولما كان الحكم قد
أثبت في مدوناته أن النيابة قدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إلغاء الحكم المستأنف
والقضاء بالتطليق، فهذا كاف لتحقيق غرض الشارع من وجوب تدخل النيابة في قضايا الأحوال
الشخصية والوقف، ولا على النيابة أن تبدى الرأي في كل مرحلة من مراحل الدعوى، والنعي
في وجهه الثاني مردود بأن الطاعن لم يقدم محاضر الجلسات التي تضمنت سبب النعي، ولم
يكشف عن وجه مصلحته في التمسك بالتأجيل حتى ورود التقرير ومناحي الدفاع التي يطلب
الرد عليها وغفل عنها الحكم المطعون فيه، فيكون النعي في هذا الخصوص مجهلا غير
مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق