جلسة 31 من مايو سنة 1978
برئاسة السيد المستشار
محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم
صالح، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج.
---------------
(268)
الطعن رقم 27 لسنة 46 ق
"أحوال شخصية"
(4 - 1)أحوال شخصية "إرث". إثبات "البينة".
(1) الشهادة في اصطلاح الفقهاء. ماهيتها.
(2)تقديم الشهادة بلفظ أشهد ". لازم عند الحنفية. غير واجب في
القانون الوضعي. وجوب أعمال المادة 86 إثبات.
(3) الشهادة على الإرث. ختمها بعبارة "إلا وارث له
سوى ما ذكر "أو" لا أعلم له وارثاً غيره. ليس شرطاً لصحتها. وجوبها عند
بعض الفقهاء كشرط لتريث القاضي في قضائه حال عدم حضور الشاهد الإرث بنفسه.
(4)شهادة الفرع للأصل أو الأصل للفرع. غير مقبول شرعاً.
-------------
1 - المستقر في قضاء هذه
المحكمة أن الشهادة في اصطلاح الفقهاء هي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة
لإثبات حق على الغير، فخرج بذلك الإخبار الكاذب والإخبار الصادق في غير مجلس الحكم
أو الخالي من ذكر الشهادة.
2 - لئن كان المأثور عند
الأحناف وجوب أن يقدم الشاهد قوله بلفظ أشهد بالمضارع، فلا تقبل الشهادة بدونه وأن
اشتملت على ما يفيد العلم واليقين، اعتباراً بأنه ركن في الشهادة على قول، أو مجرد
شرط عام في كل ما يشهد به أمام القاضي في قول آخر هو الراجح، إلا أنه لما كانت
العلة في إيثار هذا اللفظ في مذهب الحنفية أنه أقوى في إفادة التأكيد من غيره من
الألفاظ، وأنه يتضمن في ذات الوقت معنى المشاهدة والقسم والإخبار للحال فكأنه يقول
"أقسم بالله لقد اطلعت على ذلك وأنا أخبر به" وهذه المعاني مفقودة في
غيره فتعين، وكان لا دليل من الكتاب أو السنة أو من القياس والاستنباط على اشتراط
يكون الأداء بلفظ الشهادة فضلاً عن لفظ "أشهد" بالذات، فإنه إذا وجدت
صياغة تفيد هذه المعاني جميعاً، وتكون آكد على يقين الشاهد وما يحيطه علمه بغير
تردد فإنها تغنى عن هذا اللفظ وتعتبر بديلاً عنه. وإذ كان لفظ أشهد يحمل معنى
القسم ويتضمن توثيق الكلام بالحلف باسم الله فإن استبدال الحلف بلفظ أشهد واستلزام
أن يبدأ به قول الشاهد قبل الإدلاء بأقواله، واعتبار ذلك أمراً لازماً تبطل بدونه،
هو اعتداد بجوهر مذهب الحنيفة، وتحقيقاً للغرض الذي يستهدفه من إيجابه، بل هو أكثر
عمقاً في النفاذ إلى وجدان الشاهد والغوص في أعماق ضميره بتبصيره بما ينطوي عليه
الحلف بالله من وجوب التزام الصدق وتحري الحقيقة. وقد سار المشرع المصري على هذا
الدرب متدرجاً في مختلف المراحل التشريعية، فبدأ بأن نسخت المادة 173 من اللائحة
الشرعية الصادرة بالقانون رقم 25 لسنة 1909 اشتراط الشهادة متوقعة أن يقرن الشاهد
بذكر اللفظ المشار إليه فخولت القاضي أن ينبهه بقوله أتشهد بذلك فإن إجابة الإيجاب
كان ذلك كافياً. وما لبث أن ألغي هذا النص سنة 1926 واستبدل به المادة 174 من
اللائحة الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 التي شرعت وجوب أن
يحلف الشاهد اليمين الشرعية وجعلتها بديلاً من إيجاب ذكر لفظ الشهادة أو تذكر
الشاهد، واستمر الشارع في طريقه القاصدة فألغيت هذه المادة ضمن ما ألغي بالقانون
رقم 462 لسنة 1955 اكتفاء بأعمال حكم المادة 212 من قانون المرافعات السابق
المقابلة للمادة 86 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968.
3 - إن ما يشترطه بعض
الفقه الإسلامي في الشهادة على الإرث وجوب قول الشاهد "ألا وارث له سوى ما
ذكر" أو "لا أعلم له وارثاً غيره"، ليس شرطاً لصحة الشهادة وإنما
هو شرط لتلوم القاضي في قضائه، أي تريثه وانتظاره، عسى أن يظهر للميت وارث آخر
مزاحم له أو مقدم عليه، متى لم يحضر الشهود الإرث فيمن شهدوا لهم به، ومدة التلوم
غير محددة ومفوضة إلى رأي القاضي إن شاء تريث وإن شاء حكم دون رقابة عليه في قضائه
في هذا الشأن، وإذ كان الثابت في محضر التحقيق أن شاهدي المطعون عليها قد حصرا
الإرث في الطاعنة والمطعون عليهم وكفيا القاضي مؤنه التلوم فإن النعي عليه في
قضائه غير وارد.
4 - المقرر شرعاً أن من
موانع قبول الشهادة عدم تهمة الشاهد فيما يشهد به ولو كان في ذاته عدلاً، ومن ذلك
شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله سواء علا الأصل أو سفل، فلا تقبل شهادة الوالد
لوالديه ولا أجداده وجداته ولا شهادة واحد منهم له.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى
أقامت الدعوى رقم 220 سنة 1973 "أحوال شخصية" أمام محكمة شمال القاهرة
الابتدائية ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم طالبة الحكم بإثبات وفاة ابنها
المرحوم........ بتاريخ 16/ 7/ 1971 وأنها من ورثته بصفتها والدته واستحقاقها في
تركته السدس فرضاً وقالت بياناً لدعواها إنه على أثر وفاة ولدها المذكور وتركه ما
يورث عنه شرعاً تواطأت الطاعنة وباقي المطعون عليهم على استصدار إعلام الورثة رقم
28 سنة 1973 وراثات الجمالية بوفاته وانحصار إرثه فيهم متعمدين إغفالها لحرمانها
من حقها في تركته، وإذ تقدمت بطلب في مادة الوراثة رقم... لسنة 1972 الأزبكية
لإثبات وراثتها فيه ونازعها هؤلاء فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 21/ 10/ 1973 حكمت
المحكمة غيابياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت المطعون عليها الأولى أن
المرحوم...... توفى بتاريخ 16/ 7/ 1771 وأنها من ورثته بصفتها أمه وبعد سماع شاهدي
المطعون عليها الأولى عادت وحكمت غيابياً في 16/ 12/ 1973 بإثبات وفاة المورث في
التاريخ المشار إليه، وإن المطعون عليها الأول من ورثته وتستحق سدس تركته فرضاً.
عارضت الطاعنة في الحكم، وبتاريخ 12/ 5/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المعارض
فيه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 29/ 91 ق "أحوال شخصية"
القاهرة طالبه إلغاءه، وبتاريخ 6/ 6/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها
الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر،
وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
أربعة أسباب، تنعى الطاعنة بالوجه الأول عن السبب الأول منها على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم اعتمد في قضائه على أقوال شاهدي
المطعون عليها الأولى من انحصار إرث المتوفى فيها - باعتبارها والدته - وفي زوجتيه
- الطاعنة والمطعون عليها السادسة - وفي أولاده منهما - المطعون عليهم من الثانية
حتى الخامسة - في حين أن البينة في مسائل الأحوال الشخصية تطبق فيها أرجح الأقوال
في مذهب الحنفية وفق المادة 280 من اللائحة الشرعية، وهي تقضي بأن تصدر شهادة
الشاهد بلفظ "أشهد" وأن تختتم في الشهادة على الإرث بعبارة "ولا
وارث للمتوفى غير ما ذكر" والبين من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة
أن شهادة شاهدي المطعون عليها تخلف فيها هذا الركن الموضوعي من أركان الشهادة مما
يجعلها غير مقبولة شرعاً، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أنه وإن كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشهادة في اصطلاح الفقهاء هي إخبار
صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير، فخرج بذلك الإخبار الكاذب
والأخبار الصادق في غير مجلس الحكم أو الخالي من ذكر الشهادة، ولئن كان المأثور
عند الأحناف وجوب أن يقدم الشاهد قوله بلفظ "أشهد" بالمضارع، فلا تقبل
الشهادة، بدونه وأن اشتملت على ما يفيد العلم واليقين اعتباراً بأنه ركن في
الشهادة على قول، أو مجرد شرط عام في كل ما يشهد به أمام القاضي في قول آخر هو
الراجح، إلا أنه لما كانت العلة في إثبات هذا اللفظ في مذهب الحنفية أنه أقوى في
إفادة التأكيد من غيره من الألفاظ، وأنه يتضمن في ذات الوقت معنى المشاهدة والقسم
والإخبار للحال فكأنه يقول "أقسم بالله لقد اطلعت على ذلك وأنا أخبر
به"، وهذه المعاني مفقودة في غيره فتعين وكان لا دليل من الكتاب أو السنة أو
من القياس والاستنباط على اشتراط أن يكون الأداء بلفظ الشهادة، فضلاً عن لفظ
"أشهد" بالذات فإنه إذا وجدت صياغة تفيد هذه المعاني جميعاً وتكون آكد
على يقين الشاهد وما يحيطه علمه بغير تردد، فإنها تغنى عن هذا اللفظ وتعتبر بديلاً
عنه. وإذ كان لفظ "أشهد" على ما سلف بيانه يجعل معنى القسم ويتضمن توثيق
الكلام بالحلف باسم الله فإن استبدال الحلف بلفظ "أشهد"، واستلزام أن
يبدأ به قول الشاهد قبل الإدلاء بأقواله، واعتبار ذلك أمراً لازماً تبطل بدونه، هو
اعتداد بجوهر مذهب الحنيفة، وتحقيقاً للغرض الذي يستهدفه من إيجابه، بل هو أكثر
عمقاً في النفاذ إلى وجدان الشاهد والغوص في أعماق ضميره بتبصيره بما ينطوي عليه
الحلف بالله من وجوب التزام الصدق وتحري الحقيقة. وقد سار المشرع المصري على هذا
الدرب، متدرجاً في مختلف المراحل التشريعية، فبدأ بأن نسخت المادة 173 من اللائحة
الشرعية الصادرة بالقانون رقم 25 لسنة 1909 اشتراط الشهادة متوقعة أن يغفل الشاهد
ذكر اللفظ المشار إليه فخولت القاضي أن ينبهه بقوله "أتشهد بذلك" فإن
أجابه بالإيجاب كان ذلك كافياً. وما لبث أن ألغي هذا النص في سنة 1926 واستبدل به
المادة 174 من اللائحة الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 التي
شرعت وجوب أن يحلف الشاهد اليمين الشرعية وجعلتها بديلاً من إيجاب ذكر لفظ
الشهادة، أو تذكير المشاهد، واستمر الشارع في طريقه القاصدة فألغيت هذه المادة ضمن
ما ألغي بالقانون 462 لسنة 1955 اكتفاء بأعمال حكم المادة 212 من قانون المرافعات
السابق - المقابلة للمادة 86 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، لما كان ذلك،
وكان الثابت من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن شاهدي المطعون عليها
الأولى أدليا بأقوالهما بعد حلف اليمين في مجلس القضاء فلا محل لتعييب شهادتهما.
لما كان ما تقدم وكان ما يشترطه بعض الفقه الإسلامي في الشهادة على الإرث من وجوب
قول الشاهد "ألا وارث له سوى ما ذكر"، أو "لا أعلم له وارثاً
غيره" وليس شرطاً لصحة الشهادة وإنما هو شرط لتلوم القاضي في قضائه، أي تريثه
وانتظاره، عسى أن يظهر للميت وارث آخر مزاحم له أو مقدم عليه، متى لم يحضر الشهود
الإرث فيمن شهدوا لهم به، ومدة التلوم غير محددة، ومفوضة إلى رأي القاضي إن شاء
تريث وإن شاء حكم، دون رقابة عليه في قضائه في هذا الشأن، وإذ كان الثابت في محضر
التحقيق أن شاهدي المطعون عليها الأولى قد حصرا الإرث في الطاعنة وباقي المطعون
عليهم وكفيا القاضي مؤنة التلوم، فإن النعي عليه في قضائه غير وارد.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون، والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة
الموضوع بأن الشاهد الأول من شاهدي المطعون عليها الأولى هو حفيدها بما يستوجب عدم
قبول شهادته لها، وقدمت لمحكمة الاستئناف شهادة ميلاد المتوفى المثبت بها اسم
والدته، وهي غير المطعون عليها الأولى. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم
الصادر في الغيبة والحكم الصادر في المعارضة لذات الأسباب التي قاما عليها، واستند
في قضائه على شهادة الشاهد سالف الذكر، ولم يرد على ما أثبت بشهادة ميلاد المتوفى
التي قدمتها الطاعنة، فضلاً عن عدم تمكينها من تقديم شهادة النفي التي لم تتمكن من
تقديمها لمحكمة المعارضة، فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخل بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أنه وإن كان المقرر شرعاً أن من موانع قبول الشهادة عدم تهمة الشاهد فيما يشهد به
ولو كان في ذاته عدلاً، ومن ذلك شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله سواء علا الأصل
أو سفل، فلا تقبل شهادة الوالد لوالديه ولا لأجداده وجداته، ولا شهادة واحد منهم
له، إلا أنه لما كانت الطاعنة لم تقدم دليلاً لمحكمة الموضوع على ما أثارته من أن
الشاهد الأول من شاهدي المطعون عليها الأولى فرع لها، وكانت محكمة الموضوع غير
ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه ولفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع،
وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضائها وفقا للمستندات والأدلة
المطروحة عليها بأسباب سائغة لحمله، فإن القول بعدم اكتمال نصاب البينة الشرعية
لقرابة الشاهد للمشهود لها المانعة من قبول شهادته لا محل له. لما كان ذلك وكان
البين من تقرير الطعن بالنقض أن صورة قيد الميلاد المشار إليها بسبب النعي والتي
أثبت بها اسم والده المورث خلاف المطعون عليها الأولى لم تتقدم بها الطاعنة إلا في
26/ 5/ 1976 فأشرت محكمة الاستئناف عليها بالاستبعاد لتقديمها بعد الموعد المضروب
لتقديم المستندات، ثم أصدرت الحكم المطعون فيه بتاريخ 6/ 6/ 1976، مما مفاده أن
هذه الشهادة لم تقدم لمحكمة الدرجة الثانية تقديماً صحيحاً، ومن ثم فإن تثريب على
محكمة الموضوع أن هي التفتت عنها واستبعدتها، وتكون نسبة الإخلال بحق الدفاع غير
واردة. لما كان ما تقدم وكان لمحكمة الموضوع ألا تجيب طلب الإحالة إلى التحقيق
بالشهود متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها
دون حاجة إلى التحقيق المطلوب، وكان البين من الحكم الصادر في المعارضة المؤيد
بالحكم المطعون فيه أنه لم ير داعياً لإحالة الدعوى إلى التحقيق من جديد، بعد أن
أثبت في تقريراته أن الطاعنة - المعارضة - أعلنت لشخصها بحكم الإحالة إلى التحقيق
ولم تتقدم رغم ذلك بشهود، وهو استدلال سائغ ليس فيه ما يعاب، فإن النعي برمته يكون
على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن
المطعون عليها الأولى قدمت لمحكمة الموضوع أوراقاً منها صورة الطلب المقدم من
محاميها لمحكمة الأزبكية وجاء به - على خلاف الحقيقة - أنها أم المتوفى وتقيم في
منزل غير الذي تقيم به فعلاً، وصورة محضر جلسة 5/ 9/ 1971 لمحكمة وارثات الأزبكية
التي صادقت عليه المطعون عليها السادسة وفيه أن المطعون عليها الأولى والدة
للمتوفى، ومحضر جرد تركة المتوفى المؤرخ 6/ 4/ 1972 الذي قرر المطعون عليه الرابع
به بمثل ما تقدم، وشهادة وفاة المتوفى المتضمنة أنها أمه، وشهادة من السجل المدني
العائلي له وصورة رسمية من عقد زواجها لوالده. وهذه الأوراق جميعها لا تنتج شيئاً
في النزاع ذلك أن الطلب المقدم من المحامي كان بطريق الإنابة ولا محل لاعتباره
بالنسبة للأصل، ومصادقة المطعون عليها السادسة فيها تحميل للنسب على الغير، وهو ما
لا يجوز شرعاً كما أن محضر جرد الشركة أعد لتحديد مال المورث ولا حجية له في شأن
النسب، وكذلك فإن شهادة الوفاة مثبتة لها فقط، وعقد زواج والد المتوفى بالمطعون
عليها الأولى لا يمتنع معه القول بأنه تزوج بأخرى، وشهادة السجل المدني لا تصلح
دليلاً على ثبوت النسب والوراثة. وإذ كان الحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى
هذه الأوراق وتحريات الشرطة في ثبوت وتحديد ورثة المتوفى فإنه يكون مشوباً بالفساد
في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أنه لما كان لقاضي الدعوى سلطة الترجيح بين البيانات واستظهار واقع الحال ووجه
الحق فيها، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن قضاءه قام أساساً على اطمئنان
المحكمة لأقوال شهود المطعون عليها الأولى، وهي دعامة كافية لحمله، فلا يعيبه أن
تحدث عن بعض القرائن التي ساقها تأييداً لها، أياً كان وجه الرأي فيها، طالما
يستقيم قضاءه بدونها ومن ثم يكون النعي غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق