الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 21 سبتمبر 2022

الطعن 1429 لسنة 38 ق جلسة 24 / 12 / 1994 إدارية عليا مكتب فني 40 ج 1 ق 70 ص 683

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1994
برئاسة محمد جودت احمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية محمد مجدى محمد خليل والسيد محمد العوضي ومحمود سامى الجوادي ومحمد عبد الحميد مسعود نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------

(70)

الطعن رقم 1429 لسنة 38 القضائية

نيابة إدارية ـ أعضاؤها ـ تخطى فى الترقية ـ أسبابها ـ مدلول (الجدارة) للترقية .
نص القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم هيئة النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية معدلا بالقانون رقم 12 لسنة 1989
ـ قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 بأحكام اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية .

وضع المشرع قاعدة عامة تحكم ترقية أعضاء النيابة الإدارية وهي الأقدمية والجدارة والأهلية لشغل هذه الوظائف والترقية إليها وذلك نظراً لسمو هذه الوظائف وعلو شأنها باعتبارها إحدى الهيئات القضائية التي يجب أن يتصف من يشغلها بسمو الخلق وحسن السيرة والسلوك والسمعة في محيط المجتمع الذى يعيش فيه لأن ذلك ينعكس سلباً أو إيجاباً على الوظيفة القضائية التي يشغلها ومدى احترام المجتمع لها ـ لم يكتف المشرع بالأقدمية والكفاية كمعيار للترقية لشغل مثل هذه الوظائف وبصفة خاصة الوظائف القيادية في هيئة النيابة الإدارية بل تطلب ضرورة أهلية العضو وجدارته للترقية لشغل هذه الوظائف ـ مفهوم (الجدارة) لا يقتصر على كفاية العضو وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله وإنما يتسع ليشمل مسلكه وانضباطه داخل نطاق العمل وخارجه ـ ما يأتيه عضو النيابة من سلوك مؤثر لابد وأن ينال من جدارته وأهليته للترقية للوظائف ـ تطبيق.

-----------------

إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 28/ 4/ 1992 أودع الأستاذ/ .......... المحامي - بصفته وكيلا عن الأستاذ/ ........ الوكيل العام بالنيابة الإدارية - سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 1429 لسنة 38 ق. عليا في القرار الجمهوري رقم 75 لسنة 1992 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول بالنيابة الإدارية وما يترتب على ذلك من أثار وفروق مالية.
وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب الواردة فيه إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول النيابة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي انتهت للأسباب الواردة فيه إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - جلسة 8/ 10/ 1994 وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الوارد بمحاضر الجلسات وبجلسة 26/ 11/ 1994 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته عند النطق به.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه «الشكلية».
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - أنه بتاريخ 28/ 4/ 1992 أقام الطاعن الأستاذ/ ..... الوكيل العام بالنيابة الإدارية الطعن الماثل بصحيفة أودعت سكرتارية المحكمة الإدارية العليا ضد رئيس الجمهورية ورئيس هيئة النيابة الإدارية وطلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 75 لسنة 1992 وذلك فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول النيابة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك استناداً إلى أن القرار المطعون فيه يفتقد إلى السبب الصحيح الذي يبرر تركه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول بالنيابة الإدارية وتخطيه في ذلك بزملاء له أحدث منه في أقدمية وظيفة وكيل عام نيابة إدارية ولا يفضله أيهم كفاية ولا يمتاز عنه صلاحية لذلك وأن صلاحية الطاعن وجدارته يشهد بها عمله وينطق بها رؤساؤه الذين أجمعوا على إخلاصه في العمل وامتيازه فيه من حيث حجم الانجاز ومستوى الأداء الأمر الذي يؤكد حقه في الترقية إلى الوظيفة الأعلى بالتقدم على كل من هم أحدث منه في الأقدمية هذا فضلاً عن تخلف موانع الترقية إذ خلت تقارير التعريف به مما يفيد وجود ما يحول دون ترقيته وأن ما عساه أن يكون قد ورد بالتقرير من بيانات عن شكاوى مقدمة ضده لخلافات عائلية مما يتعرض له الناس جميعا وكان مالها الحفظ لعدم الصحة الأمر الذي يرسخ في اليقين انتفاء كل أثر لها قادح في صلاحيته للترقية أو منقص من جدارته بها ويكون القرار المطعون فيه قد صدر فاقداً لسببه الصحيح من الواقع والقانون جديراً بالإلغاء.
وقد ردت الجهة الإدارية المطعون ضدها على الطعن بتقديم حافظة مستندات بجلسة التحضير المنعقدة بهيئة مفوضي الدولة بتاريخ 17/ 11/ 1993 طويت على مذكرة بشأن تخطي الطاعن في الترقية لوظيفة وكيل عام أول بالنيابة الإدارية ومذكرة بقرارات المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بجلستيه بتاريخ 22، 29/ 12/ 1991 وصورة من القرار رقم 75/ 1992 المطعون فيه كما قدم الطاعن حافظتي مستندات طويت على صور من القرارات الجمهورية الصادرة بترقيات النيابة الإدارية وصورة من تظلم الطاعن.
وقد جاء في مذكرة الجهة الإدارية «بالرد على الطعن» جاء فيها أنه بعرض حركة الترقيات على المجلس الاعلى للنيابة الإدارية بجلسته المنعقدة 29/ 12/ 1991 قرر المجلس تخطى الطاعن في الترقية من درجة وكيل عام أول بالنيابة الإدارية للأسباب التالية:
أولاً: قدمت ضده عدة شكاوى قبل ترقيته لوظيفته الحالية في 6/ 8/ 1986 كانت محل فحص التفتيش الفني وذلك على النحو المبين فيما يلي:
(1) شكوى ......... - عمدة قرية نزلة الخيالة مركز أبو كبير - محافظة الشرقية تضمنت أن المشكو في حقه - الطاعن - طلب من الشاكي إغفال ذكر بعض عناصر تركة زوج شقيقته عند قيامه بإعداد حصر هذه التركة وأن المشكو في حقه أعد حصرا لهذه التركة وقعه أحد مشايخ القرية - وقيدت هذه الشكوى برقم 12 لسنة 1984 وانتهت إدارة التفتيش إلى حفظها استناداً إلى عدم وجود أدلة تساندها وإلى وجود خلافات ومنازعات بين الشاكي وأسرة المشكو في حقه.
(2) تناول التحقيق رقم 2 لسنة 1985 تفتيش - ما أثير بالمذكرة المقدمة من وكيل أول النيابة الإدارية بالزقازيق من أنه بمناسبة توليه التحقيق في القضية رقم 423 لسنة 1984 قدم إليه رئيس مكتب تموين أبو كبير كشوف توزيع الحصة الإضافية من قطن التنجيد عن عام 1983 واتضح له من الاطلاع عليها إدراج اسم العضو الطاعن ضمن من حصلوا على قطن دون قسائم بالمخالفة للتعليمات وقد اكتفت إدارة التفتيش بما تم من سماع أقواله وحفظ الأوراق لخلوها من تحديد المخالفات الخاصة بصرف الأقطان للمستحقين.
(3) شكوى مقدمة من/ ....... بشأن اتهام العضو المذكور بتعديه عليه بالقول وقيدت الشكوى رقم 101 لسنة 1986 فحص تفتيش فني وانتهى الرأي فيها إلى حفظها لعدم تقديم دليل على صحتها فضلا عن وجود نزاع مدني بين الشاكي وأسرة المشكو في حقه.
ثانيا: قدمت ضده عدة شكاوى بعد ترقيته إلى الدرجة الحالية - وكيل عام - تناولها التفتيش الفني على النحو التالي:
1- قدمت ضده عدة شكاوى من السيدة والدته وأخيه وعمه/ ........ تضمنت أن المشكو في حقه تدخل لدى العاملين بشبكة الكهرباء بأبو كبير لرفع عداد الكهرباء الموجود بمنزل الشاكين كما عمد إلى اتخاذ إجراءات رفع التليفون فضلا عن تهديدهم في حياتهم وفرض الإتاوات عليهم والحصول من الفلاحين على إتاوات مقابل إنهاء مشاكلهم وقضاء حوائجهم وأنه يعمل في السمسرة وشراء وبيع المواشي وجسها كما أنه يفرض مبالغ إجبارية على السماسرة الذين يتعامل معهم اعتماداً على سلطة وظيفته كما أنه أقام دعاوى جنائية ضد الشاكية وأبلغ الشرطة والنيابة العامة بوقائع نسبها إليهم وقد انتهت إدارة التفتيش الفني في الفحص رقم 139 لسنة 1988 إلى حفظ الشكاوي استناداً إلى ما ثبت من رده على هذه الشكاوي ومرفقاتها من عدم صحة ادعاءات الشاكية فضلاً عن وجود نزاع عائلي بينه وبينهم.
2- قدمت ضده عدة شكاوى برقية من والدته تتضرر فيها من تعديه عليها بالضرب بالمسدس أمام الشرطة وقد نفى العضو المشكو في حقه هذه الواقعة وأكد أن عمه الذي تزوج من والدته وابنها ..... استغلا مرضها وكبر سنها وعدم إلمامها بالقراءة والكتابة وتقدما بهذه الشكاوى لوجود منازعات قضائية بينه وبينهما وقد انتهت إدارة التفتيش الفني في الفحص رقم 9/ 1990 إلى حفظ الشكوى استناداً إلى أن الأمر لا يعدو أن يكون نزاعاً عائلياً.
3- شكوى المواطنة .......... ضد العضو المذكور نسبت إليه فيها استغلال سلطة وظيفته في فرض إتاوة عليها وإجبارها على التعامل معه في تجارة المواشي وأنه حرض المدعو ....... شريكه في تربية المواشي على الاعتداء عليها والتعدي على قطعة أرضى مملوكة لابنها وأنه تم تحرير المحضرين رقمي 2607/ 2691 لسنة 1990 جنح أبو كبير ولكنهما لم يتضمنا اسم العضو المذكور وأشارت إلى الحكم الصادر في الجنحة رقم 1472 لسنة 1990 بتقديم كل من ...... و...... مائة جنيه لدخولهما عقاراً في حيازة ...........
وانتهت إدارة التفتيش الفني في الفحص رقم 6/ 1990 إلى حفظ الموضوع استناداً إلى أن الحكم الصادر في الجنحة رقم 1472 لسنة 1990 المشار إليه صدر ضد متهمين غير العضو المشكو في حقه ولم يتبين من الفحص اعترافه بما يدعو إلى مؤاخذته.
وقد أضافت الجهة الإدارية المطعون ضدها إلى أن الشكاوى المشار إليها وإن لم يسفر فحصها عن أدلة قاطعة ثبت صحتها وما تضمنته من وقائع بيد أن اطراد ورودها وتواتر ما نسب إليه فيها من واقعات على مدار فترة زمنية طويلة تربو على سبع سنوات فضلاً على أن أغلبها من أهله وذويه وعلى رأسهم والدته مما يلقي ظلالاً كثيفة حول استقامة وحسن مسلكه وسلامة تصرفه مما من شأنه أن ينال من صلاحيته وجدارته لشغل الوظيفة المرشح إليها- وكيل عام أول - وقد رأى المجلس الأعلى للنيابة الإدارية أن ذلك يبرر تخطيه في الترقية للوظيفة المشار إليها ومن ثم فإن القرار الجمهوري المطعون فيه يكون قد صدر مستنداً على سبب صحيح يبرره متفق وأحكام القانون وانتهت الجهة الإدارية إلى طلب الحكم برفض الطعن.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بجلسة 26/ 11/ 1994 رددت فيها ما جاء برد الجهة الإدارية في مجال الرد على الطعن وانتهت إلى طلب رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وعقب الطاعن بمذكرة قدمها بجلسة 26/ 11/ 1994 جاء فيها أن هيئة النيابة الإدارية قد قامت بترقية الطاعن إلى وكيل عام أول النيابة الإدارية في 5/ 7/ 1992 مما يؤكد جدارته وصلاحيته للترقية إلى الوظيفة المشار إليها والتي سبق أن تخطى في الترقية إليها بموجب القرار المطعون فيه وعقب مضي فترة لا تزيد على خمسة شهور من صدور القرار المطعون كما قامت بترقية الطاعن إلى وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية وذلك من تلقاء نفسها بالقرار الجمهوري رقم 269 لسنة 1993 وذلك يؤكد فساد السبب الذي استندت إليه النيابة الإدارية في تخطيها للطاعن ويقطع بجدارته وأهليته للترقية إلى أعلى الوظائف بالهيئة المطعون ضدها وانتهت المذكرة إلى طلب الحكم برد أقدمية الطاعن في وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية إلى تاريخ ترقية الزميل المطعون على ترقيته إليها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطاعن يطالب بالحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار الجمهوري رقم 75 لسنة 1992 بتخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول بالنيابة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها رد أقدميته في وظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية إلى تاريخ العمل بالقرار المطعون فيه ورد أقدميته في وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية إلى تاريخ ترقية الزميل المطعون على ترقيته إليها.
ومن حيث إن القرار الجمهوري رقم 75 لسنة 1992 (المطعون فيه) صدر بتاريخ 25/ 2/ 1992 وقد تظلم الطاعن من هذا القرار بتاريخ 29/ 3/ 1992 وقد أقام الطعن الماثل بتاريخ 28/ 4/ 1992 خلال الميعاد المقرر ومن ثم فقد استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن المادة رقم 3 حـ من قرار وزير العدل رقم 6457 لسنة 1989 بنظام واختصاص إدارة التفتيش بالنيابة الإدارية تنص على أن تختص إدارة التفتيش بما يأتي:
أ) ........ ب) ....... ج) فحص الشكاوى التي تقدم من أعضاء النيابة أو ضدهم وتحقيقها.
وتنص المادة 28 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية على أن «يصح في ترقية الأعضاء إلى الوظائف الخالية أن تكون الترقية بالامتياز الظاهر بما لا يزيد على ربع الوظائف أما فيما جاوز ذلك فتكون الترقية بالأقدمية مع الجدارة إلا بالنسبة إلى وظيفة رئيس نيابة إدارية ورئيس نيابة إدارية فئة ممتاز ووكيل عام فتكون الترقية إليها بحسب درجة الكفاية».
كما تنص المادة (31) من اللائحة المشار إليها على أن تقدر درجة كفاية عضو النيابة الإدارية بأحد التقديرات الآتية:
كفء - فوق الوسط - وسط – دون الوسط.
مع مراعاة حالته من حيث استقامته وسلوكه الشخصي وقدر كفايته في العمل وعنايته به ومبلغ استعداده لتحمل المسئولية ومدى قدرته على الابتكار وغير ذلك من عناصر التقدير.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أحكام قانون هيئة النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون 12 لسنة 1989 وأحكام القرار الجمهوري رقم 1489 لسنة 1958 بأحكام اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية أن المشرع وضع قاعدة عامة تحكم ترقية أعضاء النيابة الإدارية وهي الأقدمية والجدارة والأهلية لشغل هذه الوظائف والترقية إليها وذلك نظراً لسمو هذه الوظائف وعلو شأنها باعتبارها إحدى الهيئات القضائية التي يجب أن يتصف من يشغلها بسمو الخلق وحسن السيرة والسلوك والسمعة في محيط المجتمع الذي يعيش فيه لأن ذلك ينعكس سلبا أو إيجابا على الوظيفة القضائية التي يشغلها ومدى احترام المجتمع لها ومن ثم لم يكتفي المشرع بالأقدمية والكفاية فقط كمعيار للترقية لهذه الوظائف وبصفة خاصة في الوظائف القيادية في هيئة النيابة الإدارية بل تطلب ضرورة أهلية العضو وجدارته للترقية لشغل مثل هذه الوظائف.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفهوم الجدارة لا يقتصر على كفاية عضو النيابة الإدارية وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله وإنما يتسع ليشمل مسلكه وانضباطه داخل نطاق العمل وخارجه ومن ثم فإن ما يأتيه عضو النيابة الإدارية من سلوك مؤثم لابد وأن ينال من جدارته وأهليته للترقية للوظائف الأعلى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن هناك العديد من الشكاوى قد قدمت ضد الطاعن وجميعها تمس سلوكه ومسلكه ومدى استقامته وانضباطه في محيط المجتمع الذي يعيش فيه وأن هذه الشكاوى من أهله وذويه ومن أقرب الناس إليه على النحو المشار إليه سلفا وقد كانت هذه الشكاوى محل التحقيق بمعرفة إدارة التفتيش الفني للنيابة الإدارية وقد انتهت هذه الإدارة إلى حفظها لعدم وجود أدلة تساندها حتى يمكن أن يتكامل الدليل بالقدر الذي يكفي لإدانة الطاعن عن المخالفات الواردة بها ومؤاخذته إدارياً أو جنائياً عنها إلا أن ذلك يلقي بظلال كثيفة على مسلكه ودرجة استقامته وانضباطه في سلوكه خارج نطاق عمله خاصة وأن الأمر يختلف في تقدير مدى جدارة الطاعن وأهليته للترقية عن مجال تقدير الدليل في المجال التأديبي أو الجنائي لأنه وهو الذي يشغل وظيفة رفيعة بإحدى الهيئات القضائية تفرض عليه الالتزام بمقتضياتها والامتثال لتقاليدها العريقة الأمر الذي يفقده شرطاً أساسياً للترقية وهو شرط الجدارة بالرغم من كفايته للترقية لأن ما نسب إليه يتحدد بمسلكه إلى ما دون الجدارة للترقية إذ استقر العرف القضائي في سائر الهيئات القضائية على أن الأهلية للترقية لا تشمل الكفاية الفنية فحسب - كما سلف القول - بل يشترط ألا يكون في سلوك العضو ثمة ما ينال من اعتباره نظرا لخطورة العمل القضائي وما ينبغي أن يتمتع به شاغله من ثقة واحترام وتقدير وسمو.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم القول بأن هيئة النيابة الإدارية قد قامت بترقية الطاعن إلى وظيفة وكيل عام أول بالنيابة الإدارية ثم ترقيته إلى وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية بعد فترة قصيرة من صدور القرار الجمهوري رقم 75/ 1992 المطعون فيه بتخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول بالنيابة الإدارية الأمر الذي يفقد القرار المطعون فيه سببه ذلك لأن رقابة القضاء على مشروعية القرار الإداري المطعون فيه تنصب على هذا القرار وفقا للظروف والأسباب والوقائع التي قام على أساسها هذا القرار بغض النظر عن الظروف اللاحقة لصدوره هذا فضلا على أن هيئة النيابة الإدارية قد استندت إلى فقد الطاعن للأهلية والجدارة للترقية لوظيفة وكيل عام أول بالنيابة الإدارية بمقتضى القرار المطعون للأسباب المشار إليهم سلفا بمذكرة إدارة التفتيش الفني سالفة الذكر ومن ثم لا يجوز معاودة الاستناد إلى ذات الأسباب لتكرار تخطى الطاعن بعد ذلك حتى لا يكون قد تخطى لسبب واحد أكثر من مرة وذلك ما يخالف أحكام القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم فإذا ما تخلف في شأن الطاعن شرط الجدارة والأهلية للترقية لوظيفة وكيل عام أول فان القرار الجمهوري المطعون فيه قد صدر مستنداً إلى أسباب صحيحة تبرره متفقا وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه قد جاء على غير أساس واجب الرفض وهو ما يتعين القضاء به.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق