الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 سبتمبر 2022

الطعن 532 لسنة 2 ق جلسة 15 / 2 / 1932 مج عمر ج 2 ق 328 ص 453

جلسة الاثنين 15 فبراير سنة 1932

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.

----------

(328)
القضية رقم 532 سنة 2 القضائية

معارضة:
(أ) الحكم باعتبارها كأن لم تكن. استئنافه أو الطعن فيه بالنقض لا ينسحب على الحكم الغيابي.
(ب) الحكم باعتبارها كأن لم تكن. متى يصح؟
(المادة 133 تحقيق)

-------------
1 - استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن أو الطعن فيه بطريق النقض لا يطرح أمام المحكمة العليا إلا هذا الحكم بالذات ولا يمكن بأي حال أن ينصرف إلى الحكم الغيابي الصادر قبله في موضوع الدعوى.
2 - إن المادة 133 تحقيق جنايات إذا كانت رتبت الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن بطريقة مطلقة على المعارض الذي لم يحضر فإن العلة الأساسية في ذلك هي أن الشارع أراد ترتيب جزاء على من لا يهتم لمعارضته ويتتبعها فقضى بحرمانه من أن يعاد فحص قضيته بواسطة المحكمة التي أدانته غيابيا. وتفهم القاعدة على هذا الأساس يجعل حالة المعارض الذي يحضر عدّة جلسات ثم يتخلف في الجلسة الأخيرة محل نظر لا يلتقى مع فكرة الجزاء، بل يتعين معه التمييز بينه وبين المعارض الذي لم يحضر مطلقا، فالمعارض الذي حضر جلسة أو جلسات واستفتح دفاعه وأتمه أو استفتحه ولم يتمه أو لم يستفتحه مطلقا يكون على المحكمة أن تقضى في موضوع دعواه على حالها التي هي بها. إن حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن لا يمكن إصداره إلا في الجلسة الأولى المحدّدة لنظر المعارضة إذ هذا الحكم هو من قبيل الجزاء والأحكام الجزائية لا تحتمل التوسع في تفسير مداها؛ وإذن فالمعارض الذي يتخلف عن حضور الجلسة الأولى هو وحده الذي يحكم باعتبار معارضته كأن لم تكن، إلا إذا أثبت أن قوّة قاهرة حالت دون حضوره تلك الجلسة. ومحل نظر هذا العذر وتقديره يكون عند استئناف حكم اعتبار المعارضة كأنها لم تكن أو عند الطعن فيه بطريق النقض (1).
الطعن المقدّم من روفائيل صموئيل حاسين ضد النيابة العامة في دعواها رقم 1634 سنة 1931 المقيدة بجدول المحكمة رقم 532 سنة 2 قضائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة محمود محمد الخوالفى وروفائيل صموئيل حاسين بأنهما في يوم 5 ديسمبر سنة 1927 بدائرة قسم العطارين توصلا إلى الاستيلاء على بضائع من الروائح بمبلغ 2340 قرشا من محل الخواجات أجوستو وأدولفو فرانكلى كاكاتش وكان ذلك بطريق الاحتيال بأن أوهما وكيل المحل بأن المتهم الأوّل هو التاجر الشهير "محمود محمد الخوالفة"، وأنهما في الزمن والمكان المذكورين شرعا أيضا في الاستيلاء على شنط حريمي من نفس المحل بمبلغ 3386.5 قرشا وذلك باستعمال نفس الطرق الاحتيالية، وطلبت من محكمة جنح العطارين الجزئية عقابهما بالمادة 293 من قانون العقوبات.
وبعد أن سمعت المحكمة الدعوى حكمت في 10 أبريل سنة 1928 حضوريا للأوّل وغيابيا للثاني (الطاعن) عملا بالمادة السابقة بحبس كل منهما أربعة أشهر مع الشغل فاستأنفته النيابة في 24 أبريل سنة 1928 وعارض فيه الطاعن في 11 نوفمبر سنة 1928 ونظرت المعارضة وحكم فيها في 19 مارس سنة 1929 باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف الطاعن هذا الحكم في 28 مارس سنة 1929.
ومحكمة إسكندرية الابتدائية الأهلية نظرت هذه الدعوى بهيئة استئنافية وقضت فيها غيابيا في 15 يوليه سنة 1929 بقبول الاستئنافين شكلا وبرفضهما موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. فقرّر الطاعن بالمعارضة في هذا الحكم وقضى فيها في 7 مايو سنة 1931 باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن حضرة المحامي بالتوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 14 مايو سنة 1931 وقدّم تقريرا بأسباب الطعن في 24 مايو سنة 1931.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
بما أن الطعن قد قدّم في الميعاد وكذلك أسبابه فهو مقبول شكلا.
وبما أن تقرير الطعن لم يذكر به إلا الحكم الصادر في 7 مايو سنة 1931 من محكمة إسكندرية الابتدائية بصفة استئنافية باعتبار معارضة الطاعن كأنها لم تكن ولكن معظم أسبابه راجعة إلى الحكم الابتدائي الصادر غيابيا من محكمة العطارين الجزئية في 10 أبريل سنة 1928 ضد الطاعن والذى اعتمدت أسبابه على التوالي.
وبما أن قضاء هذه المحكمة استقر على أن استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن أو الطعن فيه بطريق النقض لا يطرح أمام المحكمة العليا إلا هذا الحكم بالذات ولا يمكن بأي حال أن ينصرف إلى الحكم الغيابي الصادر قبله في موضوع الدعوى. وبما أن اختصاص محكمة النقض في الدعوى الحالية منحصر إذن في الحكم الصادر أخيرا باعتبار المعارضة كأنها لم تكن وهو الحكم المؤرّخ في 7 مايو سنة 1931 والذى لم يذكر الطاعن سواه في تقريره بالطعن بطريق النقض والإبرام، وإذن فكل ما كان من الأوجه الواردة بتقرير الأسباب راجعا إلى حكم 15 يوليه سنة 1929 الصادر غيابيا ضد الطاعن لا محل لنظره.
وبما أن الطاعن قد بنى الوجه الأوّل من تقرير الأسباب على أن محكمة ثاني درجة قد أخلت بحق الدفاع لأنها لم تمكنه من الدفاع عن نفسه بحيث كانت النتيجة أنه حرم من الدفاع في جميع درجات القضاء.
وبما أن هذا الوجه في جملته يشمل التظلم من حكم اعتبار المعارضة كأنها لم تكن ويبيح للمحكمة النظر فيه من حيث صحته وعدم صحته.
وبما أنه يتضح من الاطلاع على محاضر جلسات محكمة ثاني درجة أن الطاعن حضر أمام تلك المحكمة في جلسات 20 فبراير سنة 1930 و15 مايو سنة 1930 و13 أغسطس سنة 1930 و29 أكتوبر سنة 1930 وكانت تؤجل الدعوى لإِثبات رعويته وحضر في جلسة 18 ديسمبر سنة 1930 وأجلت للاستعداد ثم حضر في جلسة 29 فبراير سنة 1931 وأجلت لمرض محاميه وأخيرا تخلف في جلسة 7 مايو سنة 1931 وطلب محاميه التأجيل لمرض المتهم وقدّم شهادة مرضية فلم تأخذ بها المحكمة وأصدرت حكمها باعتبار المعارضة كأنها لم تكن.
وبما أنه قد سبق لهذه المحكمة أن قضت بتاريخ 3 يناير سنة 1929 في القضية رقم 315 سنة 46 قضائية بأنه يتعين الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن حتى لو كان المعارض المتخلف قد سبق له أن حضر في بعض الجلسات ما دام أنه لم يقدّم دفاعه فعلا في الجلسات التي يكون حضر فيها.
وبما أن هذه المحكمة ترى العدول عن هذا الرأي إلى رأي أكثر ترخصا للمتهمين مستهدية في ذلك بأن الفقرة الثانية من المادة 133 من قانون تحقيق الجنايات إذا كانت رتبت الحكم باعتبار المعارضة كأنها لم تكن بطريقة مطلقة على المعارض الذي لم يحضر وكانت بهذا الإطلاق قد أوسعت وجوه التأويل في مدى انطباق هذه القاعدة إلا أن العلة الأساسية فيها على ما هو ظاهر أن الشارع أراد ترتيب جزاء على من لا يهتم لمعارضته ويتتبعها فقضى بحرمانه من أن يعاد فحص موضوع قضيته بمعرفة المحكمة التي أدانته غيابيا.
وبما أن تفهم القاعدة على هذا الأساس يجعل حالة المعارض الذي يحضر عدّة جلسات أمام محكمة المعارضة ثم يتخلف عن الحضور في الجلسة الأخيرة محل نظر لا يلتقي مع فكرة الجزاء الذي رتبه الشارع ويتعين إذن التمييز بينه وبين حالة المعارض الذي لا يحضر مطلقا بقصر وجوب الحكم باعتبار المعارضة كأنها لم تكن على حالة هذا الأخير. أما المعارض الذي حضر جلسة أو جلسات واستفتح دفاعه وأتمه أو استفتحه ولم يتمه أو لم يستفتحه مطلقا فإن على المحكمة أن تقضي في موضوع دعواه على حالها التي هي بها.
وبما أن هذا النظر يستدعى أيضا التقرير بأن حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن لا يمكن إصداره إلا في الجلسة الأولى المحدّدة لنظر المعارضة وعلة ذلك كون هذا الحكم من قبيل الجزاء والأحكام الجزائية لا تحتمل التوسع في تفسير مداها. وبما أن القانون رتبه على عدم الحضور فلابدّ من قصر ذلك على عدم الحضور بالجلسة التي عينت عند تقرير المعارضة والتي ورد في المادة 133 نفسها ما يفيد وجوب تعيينها لنظر المعارضة فيها. فمن لم يحضر في أوّل جلسة للمعارضة مع ثبوت علمه علما يقينيا بتاريخ تلك الجلسة - لأنه يخبر به عند تقريره بالمعارضة كما هو مقتضى القانون وكما هو الجاري في العمل فعلا - هذا المعارض المتخلف في الجلسة الأولى هو وحده الذي يحكم عند تخلفه في تلك الجلسة الأولى باعتبار معارضته كأن لم تكن. ومثله لا يتسع له وجه العذر إلا إذا أثبت أن قوّة قاهرة حالت دون حضوره؛ ومحل نظر هذا العذر وتقديره يكون عند استئناف حكم اعتبار المعارضة كأنها لم تكن أو عند الطعن فيه بطريق النقض.
وبما أن تطبيق هذه القاعدة على الدعوى الحالية يقتضى نقض الحكم المطعون فيه لأنه صدر باعتبار المعارضة كأنها لم تكن مع أن المعارض كان حضر أمام المحكمة الاستئنافية التي أصدرت هذا الحكم ست دفعات أجلت الدعوى في أربع منها للتثبت من رعويته وفى هذا إخلال بحق الدفاع منشؤه الخطأ في تفسير القانون.


 (1) سبق لمحكمة النقض أن قضت بتاريخ 3 يناير سنة 1929 في القضية رقم 315 سنة 46 القضائية بأنه يتعين الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن حتى لو كان المعارض المتخلف قد سبق له أن حضر في بعض الجلسات ما دام أنه لم يقدّم دفاعه في الجلسات التي حضر فيها، لكنها رأت العدول عن ذلك الرأي إلى هذا الرأي الذي هو أكثر ترخصا للمتهمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق