الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

الطعن 2000 لسنة 89 ق جلسة 5 / 1 / 2022

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الأربعاء ( أ )
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ عاصم الغايش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد هلالي ، بهاء محمد إبراهيم ، خالد الشرقبالي ومحمد يوسف نواب رئيس المحكمة

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد عوض الله.

وأمين السر السيد / طارق عبد المنعم .

في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 2 من جمادى الأخرة سنة 1443 ه الموافق 5 من يناير سنة 2022 م.
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 2000 لسنة 89 القضائية .

المرفوع من:
...... المحكوم عليه - الطاعن
ضد:
النيابة العامة المطعون ضدها

--------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 1103 لسنة ٢٠١٤ مركز كوم امبو (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 93 لسنة ٢٠١٤ أسوان ) بأنه في غضون عام ٢٠١٣ بدائرة مركز كوم امبو - محافظة أسوان :
- هتك عرض المجني عليها / ..... والتي لم تبلغ من العمر ثمانية عشر سنة ميلادية كاملة بغير قوة أو تهديد بأن قام بحسر ملابسه وإيلاج قضيبه في دبرها ، على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات أسوان لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 10 من ديسمبر سنة ٢٠١٨ عملاً بالمادة 269/1 من قانون العقوبات بمعاقبة / ..... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وألزمته بالمصاريف الجنائية .
فطعن الأستاذ / ...... المحامي بصفته وكيلًا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 19 من يناير سنة 2019 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه في 22 من يناير سنة 2019 موقعًا عليها من الأستاذ / ..... المحامي .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
---------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر ، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض صَبِيَّة لم تبلغ ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه عوَّل في الإدانة على أقوال المجني عليها وشقيقها رغم ما شابها من تناقض وأنها جاءت مرسلة دون دليل يقيني يؤيدها ، معرضاً عن دفاعه المُثار في هذا الصدد القائم على عدم معقولية تصوير الواقعة لشواهد عدة وعدم ضبطه على مسرح الحادث وتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني ، وعلى الرغم من إسنادهما ارتكاب الواقعة للطاعن ومتهم آخر إلا أن النيابة العامة استبعدت الأخير من الاتهام بغير مبرر مقبول واقتصرت في إسناد التهمة الواردة بأمر الإحالة على الطاعن وحده مما يصمه بالخطأ ، كما أطرح الحكم بما لا يسوغ دفاعه ببطلان التحريات لعدم جديتها وتناقضها مع رواية المجني عليها ، وأشاح عن الرد على دفعيه بانتفاء أركان الجريمة ، وعدم قبول الدعوى الجنائية لإبلاغ المجنى عليها بالواقعة بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على ارتكابها بالمخالفة لنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية ، كل أولئك مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها ، استمدها من أقوال المجني عليها/ .... والملازم أول/ ..... ، وما ثبت من تفريغ مقطعي فيديو بالفلاشة المضبوطة ، وكذا صورة قيد ميلاد المجني عليها . لما كان ذلك ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكوِّن عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ، إلا إذا قيَّده القانون بدليل معين ينص عليه ، وأن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استُثنى بنص خاص - يجوز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البيِّنة وقرائن الأحوال ، ولما كانت جريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد لا يشملها استثناء ، فإنه يجري عليها ما يجري على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ؛ فلا يُشتَرَط لثبوتها والحكم بعقوبتها على الجاني وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة ، بل للمحكمة أن تُكَوِّن اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بما تُقدِّره من عقوبة على مرتكبها ، دون حاجة إلى إقرار منه أو ضبطه متلبساً بها أو نصاب معين من شهود رؤية حال وقوع الفعل منه ، ولما كان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من عناصر الإثبات التي ارتكن إليها - والتي لم تقتصر على مجرد أقوال المجني عليها - سائغاً كافياً للتدليل على ثبوت الجريمة التي دان الطاعن بها ، فإن هذا حسبه ليبرأ من دعوى القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بقالة خلو الأوراق من دليل يقيني يفيد ارتكابه الواقعة يؤيد أقوال المجني عليها ؛ ذلك أن تقدير أدلة الدعوى التي اعتمد عليها الحكم من إطلاقات محكمة الموضوع ، ولا يُشتَرَط أن تكون بحيث يُنبِئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ فالأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا يُنظَر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه التناقض التي شابت أقوال المجني عليها ، بل جاء قوله في ذلك مجهلاً مرسلاً ، وقد حصَّل الحكم أقوالها بما لا تناقض فيه ، كما أنه يبين من مدوناته أنها خلت من الإشارة إلى ثمة أقوال لشقيق المجني عليها ، ولم يتساند في قضائه إلى شيء منها - بخلاف ما يزعمه الطاعن - فإن كافة ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعة المختلفة والرد على كل شبهة يُثيرها على استقلال ؛ إذ الرد يُستفاد دلالةً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، وكان مؤدى قضاء محكمة الموضوع بإدانة الطاعن استناداً إلى تلك الأدلة هو اطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فلا عليها من بعد إن هي التفتت - في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي- عما جاء بنتيجة تقرير مصلحة الطب الشرعي بافتراض تناقضها مع ما جاء بأقوال المجني عليها، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحَّت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المُسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإن ما يُثيره الطاعن بشأن أقوال المجني عليها ومنازعته في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها وتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني وعدم ضبطه على مسرح الجريمة ، لا يعدو كل ذلك سوى أن يكون دفاعاً موضوعياً مما لا تلتزم محكمة الموضوع بمتابعته ، وينحل إلى محض مجادلة منه في استنباط المحكمة لمعتقدها وفي تقدير الأدلة لتجريحها على نحو معين تأديَّاً لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح ، وهو ما تستقل به بغير مُعقب ، ولا تجوز معاودة التصدي له والخوض فيه لدى محكمة النقض ، هذا إلى أنه وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يعوِّل على ما أثبته تقرير مصلحة الطب الشرعي المُشار إليه بأسباب الطعن ، ومن ثم ، فإن الاستناد إليه في دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان لا يُجدي الطاعن ما يُثيره من وجود متهم آخر في الدعوى استبعدته النيابة العامة من الاتهام بأمر الإحالة ، طالما أن اتهامه فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجريمة التي دين بها، كما أن البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يُثر شيئاً بها مما يدعيه من تعييب أمر الإحالة ، فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ؛ إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ؛ فالعبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة ، ومن ثم ، فإن النعي على الحكم بهذا السبب لا يكون له وجه . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، ولها أن تعوِّل عليها في تكوين عقيدتها باعتبارها قرينة مُعزِّزة لما ساقته من أدلة أساسية ، ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث ، ولما كانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة وشهادة مُجريها بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، وأطرحت في ردٍ سائغ الدفع بعدم جديتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يُثِر أمام محكمة الموضوع شيئاً مما أورده بوجه الطعن من تناقض تحريات الشرطة مع أقوال المجني عليها ، فلا يحل له أن يُثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولا يُقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد عليه ، ما دام أنه لم يتمسك به أمامها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكانت جريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد المعاقب عليها بمقتضى المادة ٢٦٩ من قانون العقوبات التي دين بها الطاعن ليست في عداد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى بشأنها على شكوى المجني عليها أو وكيلها الخاص خلال ثلاثة أشهر من يوم علمها بالجريمة وبمرتكبها ، فإن ما يُثيره الطاعن في هذا المقام يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ، متعيناً رفضه موضوعاً . وتُشير المحكمة ختاماً لقضائها إلى أنه لما كانت المادة 116 مكرر من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 إذ نصت على أنه يُزاد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأي جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل .... فقد دلت في صريح عباراتها وواضح دلالتها على أن الشارع قد استثنى الجرائم التي تقع من بالغين على أطفال من الخضوع للحد الأدنى للعقوبة المقررة في المواد 14 ، 16 ، 18 من قانون العقوبات ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة هتك عرض المجني عليها التي لم يتجاوز سنها ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة بغير قوة أو تهديد وعاقبه بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، وكانت عقوبة هذه الجريمة المقررة بالمادة 269/1 من قانون العقوبات هي السجن ، وهي العقوبة التي لا يجوز أن تنقص - عملاً بالمادة 16 من قانون العقوبات - عن ثلاث سنوات ، وإذ لم يُعمِل الحكم المطعون فيه نص المادة 116 مكرراً من قانون الطفل ويزيد بمقدار المثل الحد الأدنى لعقوبة السجن المقررة لتلك لجريمة لتكون السجن لمدة ست سنوات ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يؤذن لتصحيحه ، إلا أنه لما كان الطعن مقدماً من المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة ، فإنه يمتنع على محكمة النقض تصحيح هذا الخطأ ؛ حتى لا يُضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق