الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

الطعن 17051 لسنة 82 ق جلسة 11 / 1 / 2016 مكتب فني 67 ق 12 ص 79

جلسة 11 من يناير سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ أحمد سعيد السيسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح مجاهد، حسام هشام صادق، إيهاب الميداني نواب رئيس المحكمة وأحمد مصطفى أبو زيد.

-----------

(12)

الطعن 17051 لسنة 82 ق

(1 - 5) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية: اختصاص المحاكم العادية: القضاء العادي صاحب الولاية العامة". بنوك "عمليات البنوك" "بنك الاستثمار القومي". محاكم اقتصادية "الدعوى الاقتصادية: قضاء محكمة النقض في موضوع الدعوى الاقتصادية".
(1) المحاكم هي صاحبة الولاية العامة للقضاء. اختصاصها بالفصل في كافة المنازعات. الاستثناء. المنازعات المقررة بنص الدستور أو القانون باختصاص جهة أخرى غير المحاكم. عدم جواز التوسع في تفسير الاستثناء ولا القياس عليه.

(2) بنك الاستثمار القومي. عدم خضوعه للطريق المقرر لإنشاء الهيئات والمؤسسات العامة لشركات القطاع العام. عله ذلك. المادتان الأولى والثانية ق119 لسنة 1980 المعدل بقرار رئيس الجمهورية 418 لسنة 2001.

(3) أعمال البنوك بوجه عام. اعتبارها من الأعمال المصرفية. هدفها. تنمية الادخار والاستثمار وتقديم خدماتها الائتمانية لمن يطلبها. أثره. خضوعها لقواعد القانون الخاص أثناء مباشرتها تلك الأعمال ولو كان رأسمالها مملوكا كليا أو جزئيا للدولة. مؤداه. عدم اعتبارها من أشخاص القانون العام. عله ذلك. مثال بشأن الأعمال التي يقوم عليها بنك الاستثمار القومي".

(4) خلو قانون إنشاء بنك الاستثمار القومي من تحديد الجهة المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن القروض التي يعقدها. مؤداه. انعقاد الاختصاص بنظرها للمحكمة الاقتصادية. عله ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر والقضاء بقبول الدفع بعدم اختصاص المحاكم الاقتصادية ولائيا بنظر الدعوى واختصاص القضاء الإداري. خطأ ومخالفة للقانون.

(5) تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى الاقتصادية. شرطه. سبق تصدي الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للموضوع. قصر قضاء المحكمة الاقتصادية على إجراءات رفع الدعوى دون الموضوع. أثره. عدم جواز تصدي محكمة النقض للموضوع. عله ذلك. عدم اختزال إجراءات التقاضي على مرحلة واحدة.

-----------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة للقضاء فتختص بالفصل في كافة المنازعات أيا كان نوعها وأيا كان أطرافها ما لم تكن إدارية أو يكون الاختصاص بالفصل فيها مقررا بنص الدستور أو القانون لجهة أخرى استثناء لعلة أو لأخرى فليست العبرة بثبوت العلة وإنما بوجود النص وأي قيد يضعه المشرع للحد من اختصاص القضاء العادي ولا يخالف الدستور يعتبر استثناء واردا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.

2 - مفاد المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومي- المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 418 لسنة 2001- أن المشرع أنشأ بهذا القانون بنكا ذا شخصية اعتبارية ولم ينشأ هيئة أو مؤسسة عامة، وأنه هدف من وراء ذلك إسناد وتمويل مشروعات الخطة عن طريق الإقراض أو المساهمة ومتابعة تنفيذها إلى جهة متخصصة في هذا النوع من الأعمال المصرفية، بما مفاده أن المشرع لم يسلك بشأن بنك الاستثمار القومي الطريق المقرر في إنشاء الهيئات أو المؤسسات العامة أو شركات قطاع الأعمال ولم يفرغه في نمط من أنماطها، وإنما أفرد له نظاما خاصا ضمنه قانون إنشاء البنك مراعيا في ذلك طبيعته والمهام الموكولة إليه في إدارة النشاط الاقتصادي للدولة لحسابه بأسلوب مصرفي غير تقليدي.

3 - الأعمال التي تقوم عليها البنوك بوجه عام- ويندرج تحتها بنك الاستثمار القومي بحسب قانون إنشائه رقم 119 لسنة 1980- تعتبر جميعها من قبيل الأعمال المصرفية التي تعتمد أصلا على تنمية الادخار والاستثمار وتقديم خدماتها الائتمانية لمن يطلبها، وأعمالها هذه- بالنظر إلى طبيعتها- تخضعها لقواعد القانون الخاص، وهي تباشرها بوسائل هذا القانون ولو كان رأسمالها مملوكا- كليا أو جزئيا- للدولة، إذ لا صلة بين الجهة التي تملك أموالها وموضوع نشاطها ولا بطرائقها في تسييره وليس من شأن هذه الملكية أن تحيل نشاطها عملا إداريا.

4 - إذ كان قانون إنشاء بنك الاستثمار القومي سالف الذكر قد خلا من تحديد الجهة المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن القروض التي يعقدها البنك، وكانت الدعوى الراهنة ناشئة عن استخدام الشركة المطعون ضدها للقروض الممنوحة لها من البنك الطاعن وهي خصومة مدنية بحسب طبيعتها وأصلها، فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد للقضاء العادي- والمحكمة الاقتصادية- باعتبارها فرعا منه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة الاقتصادية ولائيا بنظر الدعوى تأسيسا على أن العقود سند التداعي من العقود الإدارية التي يختص بنظرها القضاء الإداري بمجلس الدولة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

5 - إن النص في الفقرة الأخيرة من المادة (12) من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أن ".... واستثناء من أحكام المادة (39) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وأحكام الفقرة الثانية من المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة" وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المشرع استهدف من إصداره سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي وذلك تشجيعا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ووصولا لاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري، واستعان في هذا بآليات متعددة لتنفيذ هذا الغرض منها أنه خرج عن الأصل العام الوارد بالمادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بشأن تصدي محكمة النقض لموضوع النزاع المطروح أمامها عند نقض الحكم المطعون فيه بأن أوجب على محكمة النقض التصدي لموضوع النزاع ولو كان الطعن لأول مرة، إلا أنه في المقابل فإن التزام محكمة النقض بذلك لا يكون إلا إذا تصدت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية المصدرة لهذا الحكم لموضوع النزاع، أما إذا كان قضاؤها قد اقتصر على الفصل في إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي فحسب دون الموضوع فلا يكون لمحكمة النقض في هذه الحالة التصدي للموضوع، إذ مؤدى ذلك اختزال إجراءات التقاضي على مرحلة واحدة وهي تصدي محكمة النقض لموضوع النزاع بعد القضاء الصادر منها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في المنازعات الاقتصادية، بما يتعين معه في هذه الحالة إحالة الدعوى للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للفصل في الموضوع.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن البنك الطاعن تقدم بطلب استصدار أمر الأداء بإلزام الشركة المطعون ضدها بأداء مبلغ 104871976.6 جنيه المستحق عن عقود إقراض بموجب سندات إذنيه وذلك لقيام الأخيرة بتنفيذ بعض المشروعات بالخطة العامة للدولة خلال عامي 2003/2004، وقد استحقت مواعيد سداد هذه الأقساط ولم تقم بسدادها فضلا عن الفائدة المستحقة عليها، وإذ صدر أمر الرفض حددت جلسة لنظر الموضوع، وقيدت الدعوى برقم ..... لسنة 3ق أمام الدائرة الاستئنافية الاقتصادية بالقاهرة، وبتاريخ 25 من سبتمبر 2012 حكمت المحكمة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة بعد إحالته من لجنة فحص الطعون في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن ما ينعاه البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى بقبول الدفع بعدم اختصاص القضاء العادي ولائيا بنظر الدعوى باعتبار أن العقود موضوعها من العقود الإدارية التي تختص محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ولائيا بنظر المنازعات الناشئة عنها على الرغم من كونه من عقود الإقراض المتعلقة بأعمال البنوك والتي تختص بنظرها المحاكم الاقتصادية، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة للقضاء فتختص بالفصل في كافة المنازعات أيا كان نوعها وأيا كان أطرافها ما لم تكن إدارية أو يكون الاختصاص بالفصل فيها مقررا بنص الدستور أو القانون لجهة أخرى استثناء لعلة أو لأخرى فليست العبرة بثبوت العلة وإنما بوجود النص وأي قيد يضعه المشرع للحد من اختصاص القضاء العادي ولا يخالف الدستور يعتبر استثناء واردا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومي المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 418 لسنة 2001 تنص على أن "ينشأ بنك يسمى "بنك الاستثمار القومي" تكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع وزير المالية ويكون مركزه الرئيسي مدينة القاهرة". ونص في المادة الثانية من ذات القانون على أن "غرض البنك تمويل كافة المشروعات المدرجة بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق الإسهام في رؤوس أموال تلك المشروعات أو عن طريق مدها بالقروض أو غير ذلك من الوسائل ومتابعة تنفيذ تلك المشروعات ..."، ولما كان البين من استقراء نصوص قانون إنشاء بنك الاستثمار القومي سالف الذكر أن المشرع أنشأ بهذا القانون بنكا ذا شخصية اعتبارية ولم ينشأ هيئة أو مؤسسة عامة، وأنه هدف من وراء ذلك إسناد وتمويل مشروعات الخطة عن طريق الإقراض أو المساهمة ومتابعة تنفيذها إلى جهة متخصصة في هذا النوع من الأعمال المصرفية، بما مفاده أن المشرع لم يسلك بشأن بنك الاستثمار القومي الطريق المقرر في إنشاء الهيئات أو المؤسسات العامة أو شركات قطاع الأعمال ولم يفرغه في نمط من أنماطها، وإنما أفرد له نظاما خاصا ضمنه قانون إنشاء البنك مراعيا في ذلك طبيعته والمهام الموكولة إليه في إدارة النشاط الاقتصادي للدولة لحسابه بأسلوب مصرفي غير تقليدي، وحيث إن الأعمال التي تقوم عليها البنوك بوجه عام- ويندرج تحتها بنك الاستثمار القومي بحسب قانون إنشائه رقم 119 لسنة 1980- تعتبر جميعها من قبيل الأعمال المصرفية التي تعتمد أصلا على تنمية الادخار والاستثمار وتقديم خدماتها الائتمانية لمن يطلبها، وأعمالها هذه- بالنظر إلى طبيعتها- تخضعها لقواعد القانون الخاص، وهي تباشرها بوسائل هذا القانون ولو كان رأسمالها مملوكا- كليا أو جزئيا- للدولة، إذ لا صلة بين الجهة التي تملك أموالها وموضوع نشاطها ولا بطرائقها في تسييره وليس من شأن هذه الملكية أن تحيل نشاطها عملا إداريا. لما كان ذلك، وكان قانون إنشاء بنك الاستثمار القومي سالف الذكر قد خلا من تحديد الجهة المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن القروض التي يعقدها البنك، وكانت الدعوى الراهنة ناشئة عن استخدام الشركة المطعون ضدها للقروض الممنوحة لها من البنك الطاعن وهي خصومة مدنية بحسب طبيعتها وأصلها، فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد للقضاء العادي- والمحكمة الاقتصادية- باعتبارها فرعا منه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة الاقتصادية ولائيا بنظر الدعوى تأسيسا على أن العقود سند التداعي من العقود الإدارية التي يختص بنظرها القضاء الإداري بمجلس الدولة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن النص في الفقرة الأخيرة من المادة (12) من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أن ".... واستثناء من أحكام المادة (39) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وأحكام الفقرة الثانية من المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة"، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المشرع استهدف من إصداره سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي وذلك تشجيعا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ووصولا لاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري، واستعان في هذه بآليات متعددة لتنفيذ هذا الغرض منها أنه خرج عن الأصل العام الوارد بالمادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بشأن تصدي محكمة النقض لموضوع النزاع المطروح أمامها عند نقض الحكم المطعون فيه بأن أوجب على محكمة النقض التصدي لموضوع النزاع ولو كان الطعن لأول مرة، إلا أنه في المقابل فإن التزام محكمة النقض بذلك لا يكون إلا إذا تصدت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية المصدرة لهذا الحكم لموضوع النزاع، أما إذا كان قضاؤها قد اقتصر على الفصل في إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي فحسب دون الموضوع فلا يكون لمحكمة النقض في هذه الحالة التصدي للموضوع، إذ مؤدى ذلك اختزال إجراءات التقاضي على مرحلة واحدة وهي تصدي محكمة النقض لموضوع النزاع بعد القضاء الصادر منها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في المنازعات الاقتصادية، بما يتعين معه في هذه الحالة إحالة الدعوى للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للفصل في الموضوع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق