الحكم الصادر بجلسة 7
فبراير سنة 1927 في القضية رقم 310 سنة 44 ق.
برياسة معالى أحمد طلعت
باشا في القضية رقم 310 سنة 44 ق (الطعن المرفوع من يعقوب معوّض وتادرس فرج ضد
النيابة العمومية في قضيتها رقم 874 سنة 1925 - 1926)
وقائع الدعوى
اتهمت النيابة المذكورين
بأنهما من مدّة ثمانية شهور قبل تاريخ المحضر المؤرّخ 9 أغسطس سنة 1925 ببنى صالح
مركز ومديرية الفيوم - الأوّل واقع عزيزة بنت غبريال بغير رضاها وذلك بأن أوهمها
أنه غير متزوّج ثم تزوّج بها وعاشرها معاشرة الأزواج مع أنه من المسيحيين. والثاني
اتفق مع المتهم الأوّل على ارتكاب الجريمة المذكورة وساعده على ارتكابها بأن حرر
له شهادة مزوّرة باسم القسيس غبريال شنودة تتضمن أن زوجته الأولى متوفاة ووقع
عليها بختم مزوّر فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق والمساعدة. وطلبت من حضرة
قاضى الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمة الأول بالمادة 230 من قانون
العقوبات والثاني بالمواد 230 و40 و41 من ذلك القانون.
وحضرة قاضى الإحالة قرّر
بتاريخ 17 نوفمبر سنة 1925 إحالتهما على محكمة جنايات بنى سويف لمحاكمتهما بالمواد
سالفة الذكر.
وبعد أن سمعت محكمة
الجنايات هذه الدعوى حكمت بتاريخ 13 فبراير سنة 1926 حضوريا عملا بالمواد المذكورة
والمادة 17 عقوبات بحبس كل من المتهمين مدّة سنتين مع الشغل.
فطعن المحكوم عليهما يوم
صدور الحكم فيه بطريق النقض والإبرام وقدم أخو المتهم الثاني تقريرا بأوجه طعنه في
3 مارس سنة 1926.
المحكمة
بعد سماع المرافعة
الشفوية والاطلاع على أوراق القضية والمداولة قانونا.
حيث إن النقض مقبول شكلا.
وحيث إن الوقائع الثابتة
في الحكم تتلخص في أن المحكوم عليه الأوّل احتال لزواجه من المجنى عليها عزيزة بنت
غبريال مع كونه متزوّجا بغيرها ودينه لا يسمح له بالزواج عليها فاتفق مع الثاني
على أن يرسل مكتوبا منه لأهل عزيزة يفيد وفاة زوجة الأوّل وتزوير شهادة بوفاتها
بجعلها صادرة من الجهة المختصة بإثبات الوفاة وخطب عزيزة من أهلها وعقد له عليها
بناءً على المكتوب والشهادة المزوّرة وعاشرها معاشرة الأزواج نحو سبعة شهور وحملت
منه.
وحيث إن القانون لا يعاقب
على المواقعة إلا اذا كانت قد وقعت بغير رضاء ممن ووقعت في حال التلبس بالفعل.
وعدم الرضاء قد يكون له أثر ظاهر كالمقاومة بالقوّة من جانب المواقعة أو الإكراه
من جانب المواقع أو غير ظاهر كزوال الاختيار بالنوم أو بمادة مخدّرة. أما أن يحتال
المواقع ويدخل الغش على من واقعها حتى ترضى بالوقاع فذلك لم ينص على عقابه القانون.
وحيث إنه لا يمكن قياس
فساد رضا المواقعة بالغش هنا بفساده في العقود المدنية واعتباره غير حاصل وإيجاب
العقاب على المواقع تطبيقا لنص المادة 230 من قانون العقوبات. لأن العبرة في باب
المواقعة بحصول الرضا مهما كان سببه. وقد حصل واستمر استمتاع كل من الزوجين بالآخر
مدّة طويلة فلا معنى للقول بأن المواقعة كانت بغير رضا.
ومن حيث إن لهذا نظيرا
فيما قرره فقهاء الشرع الإسلامي فقد قالوا إن الوطء إذا كان له شبهة فلا يقام
الحدّ على الواطئ. وعند أبى حنيفة أنه إذا كان الوطء بعقد يدرأ عنه الحدّ ولو كان
عالما بتحريمه. فقد جاء في كتاب فتح القدير لكمال الدين ابن الهمام بالجزء الرابع
صحيفة 43 ما نصه "أن الشبهة عند أبى حنيفة رحمه الله" "تثبت بالعقد
وان كان متفقا على تحريمه وهو عالم به".
ومن حيث إن الغش الذي وقع
من المتهمين وإن كان مدعاة للوم فانه يخرج عن متناول قانون العقوبات الذي لا يصح
فيه القياس. وللجهة المختصة إلغاء العقد وقد ألغته فعلا. وللزوجة التي عقد عليها
بالغش أن تطالب المتهمين بما تريده من التعويض أمام المحكمة المدنية. كذلك للنيابة
أن تحاكم المتهم الثاني على ما اقترفه من التزوير.
ومن حيث إنه من جميع ما
ذكر يتعين نقض الحكم وتبرئة المتهمين من الجريمة المسندة إليهما عملا بالمادتين
229 فقرة أولى و232 من قانون تحقيق الجنايات.
من أجل هذا
حكمت المحكمة بقبول الطعن
شكلا وموضوعا وإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة المتهمين الاثنين مما نسب إليهما في
هذه
الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق