الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 سبتمبر 2022

الطعن 2676 سنة 46 ق جلسة 12 / 12 / 1929 مج عمر ج 1 ق 354 ص 400

جلسة يوم الخميس 12 ديسمبر سنة 1929

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة.

---------------

(354)
القضية رقم 2676 سنة 46 قضائية

(أ) دعوى مباشرة.

رفعها من المدعى المدني يحرك الدعوى العمومية المرتبطة بها.
(المادة 52 تحقيق)
(ب) قانون حماية الموظفين رقم 23 لسنة 1929. الغرض منه. عدم سريانه على الماضي.
(انظر أيضا القانون رقم 4 لسنة 1904)

-------------
1 - رفع الدعوى مباشرة لمحكمة الجنح من المدعى بالحق المدني يحرك الدعوى العمومية المرتبطة بها لدى المحكمة المذكورة فيتصل بها قضاؤها سواء أوافقته النيابة وطلبت فيها العقوبة أم لم توافقه.
2 - إن القانون رقم 23 لسنة 1929 لم يأت بمنع اختصاص المحاكم الجنائية من نظر دعاوى الجنح التي تكون قد تحركت فيها الدعوى العمومية بصفة قانونية وإنما أتى بمنع تحريك الدعوى العمومية من المدعى بالحق المدني، فهو لهذه العلة لا ينسحب إلا على ما يرفع من المدعى بالحق المدني من الدعاوى بعد صدوره. أما الدعاوى التي رفعت قبل صدوره وتحركت الدعوى العمومية برفعها فلا يمكن أن يؤثر فيها صدور هذا القانون، لأن حق المدعين فيها حق مكتسب لا تأثير للقانون الجديد فيه (1).


الوقائع

رفع المدعى بالحق المدني هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة السيدة المركزية ضدّ المتهم واتهمه بأنه في 9 مارس سنة 1929 بشارع الزيدي سبه علنا بالألفاظ الواردة بالعريضة وطلب معاقبته بالمادة 265 من قانون العقوبات مع الحكم له بمبلغ خمسمائة قرش تعويضا.
وفى أثناء نظر هذه الدعوى أمام المحكمة المذكورة دفع محامى المتهم فرعيا بعدم جواز رفع الدعوى قبله لأنه موظف عمومي ارتكانا على قانون حماية الموظفين. فقال ممثل النيابة إن هذا الدفع لا يكون خاصا بمثل هذه القضية ولكن القانون المشار إليه خاص بالموظفين الذين تقع منهم حوادث أثناء تأدية وظائفهم. وبعد سماع الدعوى حكمت تلك المحكمة حضوريا بتاريخ 4 أبريل سنة 1929 عملا بالمادة 265 من قانون العقوبات بتغريم المتهم عشرين قرشا صاغا وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني مبلغ قرش صاغ تعويضا والمصاريف المدنية المناسبة. ولم يأت ذكر في نص هذا الحكم فيما يختص بالدفع الفرعي إلا أنه جاء ضمن حيثياته "إن الدفع الفرعي في غير محله ويتعين رفضه".
فاستأنفت النيابة هذا الحكم بتوكيل من سعادة النائب العمومي في يوم 28 أبريل سنة 1929.
وبجلسة المرافعة أمام محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية طلبت النيابة تشديد العقوبة. وقال محامى المدعى بالحق المدني إن المتهم دفع أمام محكمة أوّل درجة بعدم جواز رفع الدعوى لأنه موظف وذلك للتخلص من المسئولية. فرد عليه الحاضر مع المتهم بأنه متنازل عن هذا الدفع. وعندئذ طلبت النيابة إلغاء الحكم المستأنف وقبول الدفع الفرعي وعدم جواز قبول الدعوى المرفوعة من المدعى بالحق المدني. وبعد انتهاء المرافعة في القضية قضت المحكمة الاستئنافية حضوريا بتاريخ 30 مايو سنة 1929 عملا بالمادة 52 من قانون تحقيق الجنايات والمرسوم بقانون رقم 23 سنة 1929 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى من المدعى بالحقوق المدنية مباشرة أمام المحكمة الجنائية وألزمته بالمصاريف عن الدرجتين وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 5 يونيه سنة 1929 طعن المدعى بالحق المدني على هذا الحكم بطريق النقض والإبرام. وقدّم حضرتا المحاميين عنه تقريرين بالأسباب في يومي 5 و17 يونيه سنة 1929.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن قدم وبينت أسبابه في الميعاد فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الطعن أن المدعى بالحق المدني كلف المتهم بتاريخ 16 مارس سنة 1929 بالحضور أمام محكمة جنح السيدة زينب للمرافعة في تهمة السب التي اتهمه بها وسماعه الحكم بالعقوبة التي يستحقها تطبيقا للمادة 265 عقوبات وبتعويض قدره قرش واحد. فطلب المتهم الحكم بعدم جواز نظر الدعوى عملا بالفقرة الثانية التي أضيفت للمادة 52 من قانون تحقيق الجنايات بقانون رقم 23 سنة 1929. وطلبت النيابة رفض هذا الدفع فحكمت المحكمة برفضه وأمرت بالتكلم في الموضوع. فطلبت النيابة الحكم على المتهم بالمادة 265 عقوبات. والمحكمة حكمت بتاريخ 4 أبريل سنة 1929 بتغريمه عشرين قرشا وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني قرشا والمصاريف المدنية المناسبة. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. وبجلسة 23 مايو سنة 1929 طلبت تشديد العقوبة وطلب المحامي عن المتهم الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية. ثم تنازل عن هذا الطلب وطلبت النيابة بعد هذا التنازل الحكم بقبول هذا الدفع المقدّم من المتهم فحكمت محكمة مصر الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى من المدعى بالحق المدني أمام المحكمة الجنائية وألزمته بالمصاريف عن الدرجتين معتمدة في ذلك على أن القانون رقم 23 سنة 1929 السابق الذكر وإن وجب العمل به من يوم نشره بالجريدة الرسمية في 18 مارس سنة 1929 فهو من القوانين المتعلقة بالإجراءات الخاصة بالاختصاص التي يجب تطبيقها على جميع الدعاوى التي لم يحكم فيها انتهائيا. ويقول المدعى بالحق المدني إن هذه المحكمة الاستئنافية قد أخطأت في تطبيق القانون بقبول هذا الدفع المتقدّم ذكره من النيابة بعد أن تنازل عنه صاحبه المتهم من جهة وبعد أن أقامت النيابة الدعوى العمومية بنفسها أمام محكمة أوّل درجة واستأنفت الحكم الصادر فيها من جهة أخرى.
وحيث إن رفع المدعى بالحق المدني دعواه مباشرة يحرك الدعوى العمومية المرتبطة بها لدى محكمة الجنح فيتصل بها قضاؤها سواء أوافقته النيابة وطلبت فيها العقوبة أم لم توافقه.
وحيث إن الطاعن رفع دعواه المدنية مباشرة على المتهم الموظف في 16 مارس سنة 1929 قبل وجوب العمل بالقانون رقم 23 سنة 1929 فتحركت بذلك الدعوى العمومية واتصلت بها محكمة الجنح وأصبح لا يستطيع لا هو ولا النيابة العمومية نزعها من سلطتها.
وحيث إن هذا القانون لم يأت في الواقع بمنع اختصاص المحاكم الجنائية من نظر دعاوى الجنح التي تكون قد تحركت فيها الدعوى العمومية بصفة قانونية وإنما أتى بمنع تحريك الدعوى العمومية من المدعى بالحق المدني فهو لهذه العلة لا ينسحب إلا على ما رفع من المدعين بالحق المدني من الدعاوى بعد صدوره.
وحيث إن قبول الدعوى المدنية المباشرة وعدم قبولها وتحريكها الدعوى العمومية وعدم تحريكها إياها إنما يكون باعتبار وقت رفعها فان كانت عند رفعها مقبولة قانونا فلا يمكن أن يؤثر فيها صدور القانون الجديد إلا إذا نص فيه صراحة على إخراجها من سلطة المحكمة ولا نص من ذلك فيه.
وحيث إنه ما دامت دعوى المدعى بالحق المدني قد رفعت مباشرة لمحكمة الجنح وفقا لنص المادة 52 من قانون تحقيق الجنايات التي كانت تجيز رفعها على الموظفين وغيرهم بغير قيد فهي مقبولة وحقه في قبولها حق مكتسب لا تأثير للقانون الجديد فيه.
وحيث إن النيابة من جهتها أيضا قد أقامت الدعوى العمومية على المتهم بتهمة السب وطلبت عقابه بالمادة 265 عقوبات واستأنفت الحكم الصادر فيها بالعقوبة وطلبت من المحكمة الاستئنافية تشديد العقوبة المحكوم بها فعدولها عن ذلك وطلبها الحكم بعدم قبول الدعوى مباشرة ضدّ المدعى بالحق المدني لا يمكن أن يؤثر في الدعوى العمومية التي تحركت ورفعت واتصل بها القضاء ولا تزال قائمة أمام المحكمة الاستئنافية.
وحيث إنه لذلك تكون المحكمة الاستئنافية قد أخطأت في تطبيق القانون ويكون الطعن مقبولا ويتعين نقض الحكم والتقرير برفض الدفع المقدّم من النيابة وقبول الدعوى المدنية وإحالة القضية على محكمة مصر الاستئنافية للحكم في الدعويين المدنية والعمومية من دائرة أخرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والتقرير برفض الدفع المقدّم من النيابة العمومية وقبوله الدعوى المدنية وإعادة الدعوى لمحكمة مصر الابتدائية للقضاء في الدعويين العمومية والمدنية من دائرة استئنافية أخرى.


 (1) راجع بهذا المعنى الحكم الصادر بجلسة 7 نوفمبر سنة 1929 في القضية رقم 2391 سنة 46 ق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق