الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 سبتمبر 2022

الطعن 1455 سنة 46 ق جلسة 12 / 12 / 1929 مج عمر ج 1 ق 353 ص 396

جلسة يوم الخميس 12 ديسمبر سنة 1929

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة.

------------

(353)
القضية رقم 1455 سنة 46 قضائية

دعوى مدنية. 
استئناف المتهم المحكوم عليه بتعويض فقط في مادة جنحة لا يتقيد بالنصاب القانوني. استئناف المدّعي بالحق المدني أو المسئول عنه. تقيده بالنصاب.
(المادتان 175 و176 تحقيق)

-------------
للمتهم دائما حق استئناف الحكم الصادر عليه بتعويض فقط في مادة جنحة مهما كان مقدار المدّعى به من طالب الحق المدني سواء أكان هذا المقدار يزيد على النصاب الذي يجوز للقاضي الجزئي الحكم فيه نهائيا أم لا يزيد عليه. لأن المادة 175 تحقيق جنايات جاءت بإطلاق قبول استئناف المتهم عن الأحكام الصادرة في مواد الجنح غير مفرّقة بين ما إذا كان الاستئناف مرفوعا عن حكم صادر بمسئوليته في الدعويين العمومية والمدنية معا أو في الدعوى المدنية دون الدعوى العمومية، ولا بين ما إذا كانت قيمة الدعوى المدنية تزيد على النصاب الذي يجوز للقاضي الجزئي الحكم فيه نهائيا أو كانت لا تزيد عليه. وذلك على خلاف ما جاءت به المادة 176 تحقيق جنايات الخاصة باستئناف المسئول عن حقوق مدنية وباستئناف المدّعى بالحق المدني من وجوب اشتراط زيادة المبلغ المدّعى به على النصاب الذي يجوز للقاضي الجزئي الحكم فيه نهائيا (1).


الوقائع

رفع المدّعى بالحق المدني هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة جنح المنشية ضدّ الطاعن. واتهمه بأنه في المدة بين 21 مايو سنة 1923 و29 نوفمبر سنة 1925 بالمنشية بإسكندرية بدّد خاتما من ألماس إضرارا به سلم إليه على وجه الوكالة لأجل بيعه لمنفعة المدّعى المذكور. وطلب معاقبته بالمادة 296 من قانون العقوبات مع الحكم له بمبلغ 25 جنيها تعويضا.
وبجلسة المرافعة قال المدّعى إن المتهم رهن له الخاتم المدّعى بتبديده نظير مبلغ 25 جنيها واسترده منه ثانيا بمقتضى كتابة لبيعه بمعرفته وسداد قيمة الرهن ولم يسدّد. فقال المتهم إنه سدّد للمدّعى مبلغ الرهن ومبالغ أخرى بغير كتابة وإنه يداينه في مبلغ عشرين جنيها ولذلك رفع دعوى فرعية يطالبه بهذا المبلغ.
وبعد أن سمعت تلك المحكمة الدعويين حكمت فيهما حضوريا بتاريخ 27 يناير سنة 1926 ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه وإلزامه بأن يدفع للمدّعى بالحق المدني مبلغ 25 جنيها على سبيل التعويض والمصاريف المدنية ومائة وخمسين قرشا أتعابا للمحاماة ورفض الدعوى الفرعية وإلزام رافعها بمصاريفها.
استأنف المتهم هذا الحكم في 6 فبراير سنة 1926. وعند نظر الاستئناف أمام محكمة إسكندرية الابتدائية دفع المدّعى بالحق المدني فرعيا بعدم قبوله لأن نصاب الدعوى مما لا يجوز استئنافه فقضت المحكمة حضوريا بتاريخ 10 أكتوبر سنة 1926 بقبول الدفع الفرعي وعدم قبول الاستئناف شكلا وألزمت المتهم بالمصاريف. فطعن المتهم على هذا الحكم بطريق النقض والإبرام في 23 أكتوبر سنة 1926 وقدّم حضرة المحامي عنه تقريرا بالأسباب في 27 منه.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن قدّم وبينت أسبابه في الميعاد فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن واقعة هذه المادة تتحصل في أن المدّعى بالحق المدني اتهم الطاعن بتبديده خاتما وكله في بيعه وطلب من محكمة المنشية الحكم بإلزامه بأن يدفع له خمسة وعشرين جنيها مع الحكم عليه بالعقوبة تطبيقا للمادة 296 عقوبات فحكمت تلك المحكمة ببراءة الطاعن وبإلزامه بأن يدفع هذا التعويض فاستأنف وحده هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الاستئنافية حكمت بتاريخ 10 أكتوبر سنة 1926 بعدم قبول استئنافه شكلا بعلة أن هذا الاستئناف مرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى المدنية فقط وأن قيمتها لا تتجاوز النصاب الذي حكم القاضي الجزئي فيه حكما نهائيا. فطعن هو على هذا الحكم بمخالفته لقانون تحقيق الجنايات فيما يفهم منه من قبول استئناف المتهم للأحكام الصادرة في مواد الجنح إطلاقا بلا شرط ولا قيد سواء أكان صدورها في الدعويين العمومية والمدنية أم في الدعوى المدنية فقط ومهما تكن قيمة الدعوى المدنية.
ومن حيث إن المادة 175 من قانون تحقيق الجنايات جاءت بإطلاق قبول الاستئناف المرفوع من المتهم عن الأحكام الصادرة في مواد الجنح غير مفرّقة بين ما إذا كان الاستئناف مرفوعا عن حكم صادر بمسئوليته في الدعويين العمومية والمدنية معا أو في الدعوى المدنية دون الدعوى العمومية ولا بين ما إذا كانت قيمة الدعوى المدنية تزيد عن النصاب الذي يجوز للقاضي الجزئي الحكم فيه نهائيا أو كانت لا تزيد عنه. جاءت هذه المادة بإطلاقها على خلاف ما جاءت به المادة 176 من قانون تحقيق الجنايات - الخاصة باستئناف المسئول عن حقوق مدنية وباستئناف المدّعى بحق مدنى - من وجوب اشتراط زيادة المبلغ المدّعى به عن النصاب الذي يجوز للقاضي الجزئي الحكم فيه نهائيا. فحق الاستئناف في المادة 176 مقيد بنص القانون وفى المادة 175 مطلق بنص القانون. وتقييد المطلق بغير ورود نص يفيد هذا التقييد تحكم في التفسير غير جائز. على أنه إن كان هناك أي شبهة في عموم نص المادة 175 وإطلاقه فان قواعد التفسير توجب الأخذ بالأحوط لمصلحة المتهم أو المدين. والأحوط لمصلحته قبول استئنافه. ولقد جرى القضاء من عهد بعيد على قبول استئناف المتهم المقضي عليه في الدعوى المدنية فقط مهما تكن قيمتها بانيا أحكامه على أن عبارة "في مواد الجنح" الواردة بالمادة 175 معناها "من محاكم الجنح" ومستدلا على هذا الفهم بأن الأمر لو كان على خلافه وكان معنى تلك العبارة لا ينصرف إلا إلى الأحكام الصادرة في جريمة هي جنحة لما استطاع من تحكم عليه محكمة الجنح باعتبار جريمته مخالفة فقط لا جنحة أن يستأنف حكمها مع أن الإجماع على أن له حق الاستئناف. ومذهب القضاء هذا ظاهر السداد. على أن مما يزيد في تأكيد هذا الفهم ويوجب العمل به أن الشارع - عند إعادة النظر في قانون تحقيق الجنايات بمناسبة تعديل قواعد الاستئناف في مواد المخالفات - قد قيد فيما قيده الاستئناف المرفوع من المتهم عن الحكم الصادر عليه بالتعويضات فاشترط لقبوله في المادة 153 - التي عدّلها بقانون 21 مايو سنة 1926 - أن تزيد التعويضات المحكوم بها عن النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيا. ولكنه أبقى المادة 175 على أصلها فدل بتعديله هذا في مواد المخالفات وبترك الحال على ما هي عليه في مواد الجنح على أنه أراد إبقاء الإطلاق في هذه دون تلك. والعلة في هذا ظاهرة. فان حكم قاضى الجنح بالتعويض على المتهم مع تبرئته من الجريمة يقتضى حتما وبطبيعة الحال أن يكون مؤسسا على ثبوت جنحة عليه سقطت فيها الدعوى العمومية بمضي المدة أو بالعفو مثلا أو لم تتوفر كل أركانها القانونية فأصبحت لا عقاب عليها. وللمتهم المصلحة الكلية الظاهرة في ألا يصدر عليه حكم بتعويض مدنى مؤسس على جنحة سقطت بالمدة أو على جنحة نقص بعض أركانها وليس له مثل هذه المصلحة إن كانت تهمته مجرّد مخالفة إذ المخالفات لا تشين.
وحيث إنه ينتج من كل ما تقدّم أن استئناف الطاعن للحكم الصادر عليه بالتعويضات المدنية مقبول شكلا ولو لم يزد المدّعى به منها عن النصاب الذي يجوز للقاضي الجزئي الحكم فيه نهائيا. ولهذا يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والحكم بقبول استئناف الطاعن شكلا وإحالة القضية على محكمة إسكندرية الاستئنافية للفصل في الدعوى المدنية من دائرة أخرى.

فبناء عليه

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبجواز استئناف المتهم الطاعن وإعادة الدعوى لمحكمة إسكندرية الابتدائية للفصل فيها مجدّدا من دائرة استئنافية أخرى.


 (1) انظر المبدأ رقم 269 والتعليق عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق