الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 21 سبتمبر 2022

الطعن 1091 لسنة 39 ق جلسة 18 / 12 / 1994 إدارية عليا مكتب فني 40 ج 1 ق 65 ص 635

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1994
برئاسة على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية عبد القادر هاشم النشار والسيد محمد السيد الحطان وإدوارد غالب سفين واحمد عبد العزيز ابو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------

(65)

الطعن رقم 1091 لسنة 39 القضائية

جامعات ـ طلاب ـ تحويل ـ ضوابط التحويل ـ دور المجلس الأعلى للجامعات.

المادة 18 من الدستور . المادتان 14 و19 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 ـ المواد 74 ،75 ،87 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور والصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 . فرص الالتحاق بالتعليم الجامعي لا تتهيأ لجميع الناجحين فى شهادة الثانوية العامة وما يعادلها ـ تتوافر هذه الفرص لأعداد يحددها المجلس الأعلى للجامعات فى نهاية كل عام جامعي طبقا للتخطيط العام للجامعات فى الوفاء بحاجات المجتمع من التخصصين والفنيين والخبراء ـ من شأن ذلك تزاحم الطلاب على المقاعد المتاحة بكليات الجامعات سواء من الحاصلين على الثانوية العامة الذين يطلبون الالتحاق لأول مرة بالجامعة ـ وأولئك الذين التحقوا بكليات لا تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات ـ المعيار الموضوعي الوحيد للمفاضلة بين الطلاب هو درجات النجاح في امتحان شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها ـ يرتبط هذا المعيار بالتفوق والجدارة التي يمتاز بها بعض الطلبة على البعض الأخر ـ اعتنق المجلس الأعلى للجامعات هذا المعيار بالقواعد التي أصدرها فى 18/3/1991 والتي تضمنت حظر تحويل الطلاب المصريين من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى فى شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها ـ المركز القانوني للطالب الذى ينشئ له حقاً في التحويل من كليات جامعة بيروت إلى الكلية النظرية بجامعة الإسكندرية لا تكتمل عناصره إلا وقت تقديم طلب الالتحاق إلى الجامعة المختصة مستوفيا شروطه وضوابطه ـ تطبيق.

-------------

إجراءات الطعن

في يوم 28/ 1/ 1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1091 لسنة 39 قضائية عليا وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 3/ 12/ 1992 في الدعوى رقم 3000 لسنة 46 قضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المدعى المطعون ضده بالسنة الثانية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزامها مصروفات الطلب المستعجل.
وطلب الطاعنون – للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 4/ 7/ 1994 حيث تم نظر الطعن أمامها بالجلسة المذكورة وبالجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 4/ 7/ 1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لتنظره بجلسة 7/ 8/ 1994 وقد أحيل الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته وناقشت أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 12/ 5/ 1992 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3000 لسنة 46 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طالبا الحكم

أولاً: وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع جامعة الإسكندرية عن قبول ابن المدعي كطالب بجامعة الإسكندرية.
ثانياً: بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات والأتعاب وذلك تأسيساً على أن ابن المدعي قد اجتاز بنجاح امتحان النقل من السنة الأولى إلى السنة الثانية بكلية الحقوق - بجامعة بيروت العربية في العام الجامعي 90/ 1991 وإذ طلب من جامعة الإسكندرية قبول تحويل أوراقه وقيده بالكية المناظرة لها طبقا للقواعد المتبعة في هذا الشأن فامتنعت الإدارة عن قبول طلبه رغم توافر الشروط المقررة في حقه وذلك بحجة صدور القرار الجمهوري رقم 354 لسنة 1991 بحظر تحويل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الثانوية العامة بمجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول في الكلية التي يرغب في التحويل إليها، ومع أن القرار الجمهوري المشار إليه لا ينطبق بأثر رجعي على الطلاب الذين اكتسبوا الحق في التحويل من جامعة بيروت إلى جامعة الإسكندرية طبقا للقواعد المقررة قبل تعديل اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات بالقرار الجمهوري سالف الذكر، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون وما يرتبه من أضرار جسيمة تترتب على تنفيذه يتعذر تداركها يستوجب الحكم بإلغائه.
وبجلسة 3/ 12/ 1992 أصدرت المحكمة حكمها الطعين القاضي بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المدعي بالسنة الثانية بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية وما يترتب عليه من آثار. وأقامت قضاءها على أن الأصل طبقا للقانون الطبيعي هو احترام الحقوق المكتسبة طبقاً لما تقضي به قواعد العدالة ويستلزمه الصالح العام، وقد جاء الدستور مؤكداً هذا الأصل الطبيعي فحظر المساس بالحقوق المكتسبة أو المراكز القانونية التي تمت بقانون، ومن ثم فإن تقرير الرجعية رهين بنص خاص في القانون، ولزم بحكم هذا الأصل ألا تسرى القرارات الإدارية بأثر رجعي إلا إذا كانت صادرة تنفيذاً لقانون نص فيه على الأثر الرجعي أو على الترخيص للإدارة بتقرير الرجعية، وتطبيقاً لهذا الأصل فان وضع نظام جديد لقبول الطلبة لا يسري على الماضي فلا يمس المراكز القانونية الذاتية التي نشأت قبل صدوره، فإذا كان البادي من الأوراق أن جامعة الإسكندرية قد درجت على إتباع قواعد تتيح بمقتضاها تحويل الطلبة من جامعة بيروت العربية وقننت ذلك العرف الذي تواترت على تطبيقه بإصدار مجلس الجامعة لقرارات حددت فيها من تطبق عليه قواعد التحويل المذكورة بأن يكون حاصلاً على الثانوية العامة من مدارس المناطق التعليمية التي تدخل في نطاق الجامعة - وهي محافظات الإسكندرية والبحيرة ومطروح ومراكز دسوق ومطوبس وفوه بمحافظة كفر الشيخ وأن تكون دراسة الطالب متصلة منذ الحصول على الثانوية العامة وهي التحاقه بجامعة بيروت العربية، أن يكون منقولاً إلى الفرقة الأعلى وظلت جامعة الإسكندرية تطبق هذه القواعد حتى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، فإن هذا القرار لا يسرى بأثر رجعي ولا يجوز أن يمس المراكز القانونية الذاتية التي نشأت قبل العمل به بل يسرى بأثر مباشر على المستقبل، ومن ثم فإن من استوفى من طلاب جامعة بيروت العربية شروط التحويل أو نقل القيد في ظل تلك القواعد يكون قد اكتسب مركزاً ذاتياً لا يجوز المساس به وتكون جامعة الإسكندرية ملزمة قانونا بإجابته إلى طلبه، فإذا كان الطالب ابن المدعي حصل على شهادة الثانوية العامة سنة 1990 من مدرسة تابعة لمحافظة الإسكندرية والتحق بكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية في العام الدراسي 90/ 1991 واجتاز بنجاح امتحان النقل إلى السنة الثانية في نهاية العام الدراسي المذكور فإنه يكون قد استوفى الشروط المقررة للتحويل ونقل القيد إلى الكلية المناظرة بجامعة الإسكندرية طبقا للقواعد التي كان معمولا بها قبل صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 المشار إليه لاكتسابها مركزاً ذاتياً لا يجوز المساس به ، واستطرد الحكم الطعين قائلاً أنه لا يدحض ذلك الاحتجاج بأن ابن المدعي يفتقد شرط عدم تجاوز الفرق بين مجموع درجاته في الثانوية العامة والحد الأدنى للقبول بالكلية المطلوب قيده بها بنسبة 5% ذلك أنه أياً كان الرأي في مدى مشروعية هذا الشرط المبني على افتراض نسبة حسابية تحكمية لا تجد لها أساساً قانونياً ويترتب عليها تفرقة لا موجب لها، فإن الوجه الصحيح لتطبيقها إنما يقتصر على حالة من يطلب التحويل من الفرقة الأولى دون من اجتاز بنجاح امتحان النقل إلى الفرقة الثانية، فأكسبهم ذلك النجاح مركزاً قانونياً جديداً يخولهم حق التحويل من الفرقة الأعلى إلى الفرقة المعادلة لها في الكلية المناظرة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ تطبيق القانون وتأويله من وجهين أولهما: أن المحكمة قد سيرت المدعي - بغير حق - في تكييفه للقرار الصادر من الجامعة - محل النزاع - على أنه قرار سلبي بالامتناع عن قيد الطالب ابن المدعي بإحدى كلياتها مع أن حقيقة القرار هو قرار إيجابي صريح برفض طلبه تنفيذاً للقانون، إذ أن سكوت الجامعة عن تنفيذ عرف سائد يشكل قراراً سلبياً بالامتناع، وعليه فإن عدول جهة الإدارة عن عرف إلى قواعد مكتوبة في قانون أو لائحة لا يشكل قراراً سلبياً بالامتناع وإنما يكون قمة الالتزام بأحكام القانون ومراعاة التدرج التشريعي في تقديم النصوص القانونية على الأعراف السائدة، ولا ينال من ذلك ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه من ضرورة الالتزام بالأثر الفوري المباشر للقرار الجمهوري المشار إليه وعدم تطبيقه بأثر رجعي على الحالات التي استقرت مراكزها القانونية قبل العمل به فهذا القول مردود بأن المركز القانوني للطالب لا ينشأ بمجرد نجاحه في السنة الأولى بجامعة بيروت العربية، وإنما ينشأ ويستقر بصدور موافقة جامعة الإسكندرية على تحويله إليها أما قبل ذلك فلا يغدو أن يكون مجرد أمل قد يتحقق وقد لا يتحقق ولا يجوز التسوية بين الحق المكتسب ومجرد الأمل.

وثانيهما: إن الحكم الطعين قد اعتمد في قضائه على المركز القانوني الذي اكتسبه الطالب من قرار مجلس جامعة الإسكندرية، وفاته أن المجلس الأعلى للجامعات قد أصدر بتاريخ 18/ 3/ 1991 قراراً يحدد فيه الشروط اللازمة لقبول تحويل الطلاب إلى الجامعات المصرية أهمها حصول الطالب على الحد الأدنى للدرجات في الثانوية العامة اللازمة للقبول في الكلية التي يرغب التحويل إليها وهو ذات الشرط الذي صدر به قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 المشار إليه الصادر في 2/ 9/ 1991، وعليه فإن رفض جامعة الإسكندرية لطلب المدعي لم يكن تنفيذاً لقرار رئيس الجمهورية وإنما كان نفاذاً لقرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر في 18/ 3/ 1991 والواجب التطبيق قبل نجاح ابن المدعي في السنة الأولى بجامعة بيروت.
ومن حيث إن التعليم العالي بجميع كلياته ومعاهده بحسبانه الركيزة الأساسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل في مختلف مجالاته، ويتعين أن يرتبط في أهدافه وأسس تنظيمه بحاجات هذا المجتمع وإنتاجه، وهو ما تطلبته صراحة المادة 18 من الدستور المصري بالنص صراحة على أن التعليم حق تكفله الدولة. وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي وذلك كله ما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج، وأكدته المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 عند تحديدها لرسالة الجامعات، بأن يكون التعليم فيها موجهاً لخدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً بإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة لضمان تقدم الوطن وتنمية ثروته البشرية والعمل على بعث الحضارة العربية والتراث التاريخي للشعب المصري وتقاليده الأصيلة وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم الجامعي وحاجات المجتمع والإنتاج، ولما كان ذلك وكانت الدولة مسئولة - دستورياً عن كفالة هذا التعليم الذي يخضع لإشرافها وكانت الفرص التي تلتزم الدولة بإتاحتها للراغبين في الالتحاق بالتعليم العالي مقيدة بإمكانياتها الفعلية التي قد تقصر على استيعابهم جميعاً في كلياته ومعاهده المختلفة، فإن السبيل إلى فض تزاحمهم وتنافسهم على هذه الفرص المحدودة لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلى طبيعة هذا التعليم وأهدافه ومتطلبات الدراسة فيه، ويتحقق بها ومن خلالها مبدأ التكافؤ في الفرص والمساواة أمام القانون التي حرص الدستور على إلزام الدولة بكفالة تحقيقه، بما يتولد من تلك الشروط في ذاتها من مراكز قانونية متماثلة تكشف عن وجه الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين في الانتفاع بهذه الفرص بحيث إذا استقر لأي منهم الحق في الامتحان بإحدى الكليات أو المعاهد العالية وفق هذه الشروط فلا يحل من بعد أن يفضل عليه من لم تتوافر فيه تلك الشروط وإلا كان ذلك مساساً بحقه المقرر بالدستور، ومن هذا المنطلق صاغ المشرع أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه ولائحته التنفيذية فنصت المادة 14 منه على أن تتولى المجالس والقيادات المبينة فيما بعد، كل في دائرة اختصاصه، مسئولية تسيير العمل الجامعي وانطلاقه بما يحقق أهداف الجامعة في حدود القوانين واللوائح والنظم المقررة ونصت المادة 19 منه على أن «يختص المجلس الأعلى للجامعات بالمسائل» الآتية:
1) رسم السياسة العامة للتعليم الجامعي والبحث العلمي في الجامعات والعمل على توجيهها وتنسيقها بما يتحقق معه حاجات البلاد وتيسير تحقيق الأهداف القومية والاجتماعية والاقتصادية والتنمية الدولة ...... 2)...... 3)..... 4) ...... 5) . 6)تنظيم قبول الطلاب في الجامعات وتحديد أعدادهم:
كما نصت المادة 196 من القانون المذكور على أن تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالي - وتتولى هذه اللائحة بصفة عامة وضع الإطار العام لبعض أحكامه.. وتنظم هذه اللائحة علاوة على المسائل المحددة في القانون المسائل الأتية بصفة خاصة:
1) تكوين الجامعات.
2) اختصاصات المجالس الجامعية واللجان المتعددة المنبثقة عنها 3) .............. 4) شروط قبول الطلاب وقيدهم ورسوم الخدمات التي تؤدي إليهم.
ومن حيث إنه تنفيذاً للقانون المشار إليه من تخويل رئيس الجمهورية إصدار اللائحة التنفيذية التي تهدد الإطار العام لتنفيذ أحكامه وبصفة خاصة شروط قبول الطلاب وقيدهم وتحويلهم ورسوم الخدمات التي تؤدي إليهم فقد أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 809 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه التي نصت المادة 74 منها على أن «يحدد المجلس الأعلى للجامعات في نهاية كل عام جامعي، بناء على اقتراح مجالس الجامعات عدد الطلاب من أبناء جمهورية مصر العربية الذين يقبلون في كل كلية أو معهد في العام الجامعي التالي من بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو على الشهادات المعادلة ونصت المادة 75 من هذه اللائحة على أنه يشترط في قيد الطالب في الجامعة للحصول على درجة الليسانس أو البكالوريوس أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها ويكون القبول بترتيب درجات النجاح مع مراعاة التوزيع الجغرافي وفقا لما يقرره المجلس الأعلى للجامعات بعد أخذ رأى مجلس الجامعات ومجالس الكليات كما نصت المادة 87 قبل تعديلها بقرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 على أنه يضع المجلس الأعلى للجامعات القواعد المنظمة لقبول تحويل ونقل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات. ومقتضى النصوص المتقدمة أن فرص الالتحاق بالتعليم الجامعي الذي يمثل الجانب الرئيسي للتعليم العالي - لا تتهيأ لجميع الناجحين في شهادة الثانوية العامة وما يعادلها، وإنما تتوافر هذه الفرص لأعداد منهم التي يحددها المجلس الأعلى للجامعات في نهاية كل عام جامعي طبقاً للتخطيط العام للجامعات في الوفاء بحاجات المجتمع من المتخصصين والفنيين والخبراء، الأمر الذي من شأنه تزاحم الطلاب على المقاعد المتاحة بكليات الجامعة سواء من الحاصلين على الثانوية العامة الذين يطلبون الالتحاق لأول مرة بالجامعة، أو أولئك الذين التحقوا في البداية بكليات لا تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات، وقد تكلفت المادة 75 من اللائحة المشار إليها ببيان ما ارتأته من شروط موضوعية محققة لتكافؤ الفرص بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها حيث ربطت القبول بالتعليم الجامعي بترتيب درجات النجاح في امتحان تلك الشهادة بحسبان هذا الامتحان الذي يتم في إطار مسابقة عامة تجريها الدولة وتضمن فيها لجميع المتقدمين فرصا متكافئة للحصول على تلك الشهادة هو المعيار الموضوعي الوحيد للمفاضلة بينهم عند تقدمهم للالتحاق بالتعليم الجامعي لتعلقه بالتفوق والجدارة التي يمتاز بها بعضهم على البعض الآخر. وهي النتيجة الحتمية المقبولة للتفاوت القائم بينهم في الطاقات والقدرات الذهنية، ومن ثم فقد كان طبيعياً أن تقضي المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أي نص يتعارض مع هذه المبادئ التي تجعل من الجدارة والتفوق المعيار الوحيد المعتمد لشغل مقاعد كليات الجامعة وتستبعد أي معيار يقوم على القدرة المادية أو ------- الاجتماعية من عناصر التمييز بين الطلاب في شغل هذه المقاعد.
ومن حيث إنه إذا كان معيار الجدارة والتفوق هو المعيار الموضوعي الذي اعتمدته المحكمة الدستورية العليا بحسبانه المعيار الوحيد الذي يحقق مبدأ تكافؤ الفرص ولا يخل بمبدأ المساواة لدى القانون وهي المبادئ التي كانت رائدها وسندها في القضاء بعدم دستورية القواعد التي تتضمن أي استثناء عليها في القوانين واللوائح وأوقفت بذلك زحف الطوائف المستثناة من حملة الثانوية العامة على معقل المبادئ الدستورية ووضعت جميع المواطنين على قدم المساواة أمام القانون وجمعتهم على كلمة سواء قوامها ألا يرقى إلى مقاعد الجامعة إلا من بلغ مجموع درجاته في الثانوية العامة الحد الأدنى الذي يؤهله للالتحاق بالكلية التي يرغب في الالتحاق بها، فإن هذه المبادئ أولى بالتطبيق، وأقوى في الدلالة وأمعن في الحجة، وأمنع على الاختراق عند تحويل الطلاب الذين يشغلون أصلاً مقاعد في كليات تتبع جامعات غير خاضعة لأحكام قانون الجامعات، بل يظل هذا المعيار هو وحده المعيار الواجب التطبيق في شغل مقاعد الجامعات الخاضعة للقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه في أية فرقة من الفرق الدراسية وسواء كان الالتحاق بها عن طريق مكتب تنسيق قبول الطلبة الحاصلين على الثانوية العامة، أو كان ذلك من باب أولى عن طريق نقل الطالب من إحدى الكليات التابعة لجامعة غير خاضعة للقانون المذكور إلى إحدى كليات الجامعات الخاضعة له - والقول بغير ذلك يعطى لكل من يملك القدرة المادية على الالتحاق بالكليات التابعة لجامعات أجنبية حقاً ثابتاً في الانقضاض على مبدأ تكافؤ الفرص والتغول على مبدأ مساواة المصريين أمام أهم المرافق العامة وهو مرفق التعليم، بما يمتلكه من عناصر لا تصلح أساساً موضوعياً عادلاً للتمييز بين المواطنين.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن مجلس جامعة الإسكندرية قد درج عند النظر في طلبات تحويل الطلاب من كليات جامعة بيروت إلى كليات جامعة الإسكندرية على إتباع ضوابط تسمح لطلاب جامعة بيروت المنقولين إلى السنة الثانية بكلياتهم بالالتحاق بالكلية المناظرة لها بجامعة الإسكندرية إذا كان الفارق بين مجموع درجاتهم في الثانوية العامة والحد الأدنى لمجموع الدرجات الذي قبلته الكلية المناظرة لا يزيد على نسبة خمسة في المائة وهو شرط يؤكد استثناء هذه الطائفة من الطلاب من شرط المجموع الكلي للدرجات ويميز بغير حق بينهم وبين أقرانهم من الطلاب الذين يتساوون معهم في ذات المركز القانوني مما يعد إخلالاً صريحاً بحقوقهم الدستورية فضلاً عما تتضمنه هذه الضوابط من اغتصاب مجلس جامعة الإسكندرية سلطة المجلس الأعلى للجامعات الذي ناط به المشرع وضع القواعد المنظمة لقبول الطلاب في الجامعات وتحديد أعدادهم وخصته اللائحة دون غيره بوضع القواعد المنظمة لقبول تحويل ونقل الطلاب من كليات ومعاهد الجامعات غير الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات.

ومن حيث إن المجلس الأعلى للجامعات قد تدارك هذا الوضع الشاذ وما ترتب عليه من خطر المساس بالمبادئ الدستورية وأصدر في 18 مارس سنة 1991 قراراً برفع الخلل الذي أصاب مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات ونص فيه صراحة على أنه تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب المصريين وعدم السماح، بأية استثناءات، يحظر تحويل الطلاب المصريين من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها للقبول بالكلية المعنية التي يرغب في تحويله أو نقل قيده إليها على أن يتم التحويل مركزياً عن طريق مكتب تنسيق القبول بالجامعات وإمعاناً في تأكيد هذا الشرط صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 بتعديل نص المادة 87 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات متضمناً حظر تحويل الطلاب المشار إليهم إلا إذا كان الطالب حاصلاً في الثانوية العامة على مجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول في الكلية التي يرغب في التحويل إليها.
ومقتضى المبادئ المتقدمة أن النظام القانوني للجامعات المصرية سواء قبل تدخل المجلس الأعلى للجامعات أو بعد تدخل رئيس الجمهورية بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات - لم يكن يسمح بأي حال من الأحوال بالاستثناء من شرط المجموع الكلي للدرجات في الثانوية العامة بحسبانه المعيار الموضوعي الوحيد للتمييز بين الطلاب في شغلهم المقاعد بالكليات في الجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات سواء أكان ذلك عند التحاقهم مباشرة بالجامعة بعد حصولهم على الثانوية العامة أو عند تحويلهم أو نقلهم من كليات جامعات لا تخضع للقانون المذكور، إلا أن تدخل المجلس الأعلى للجامعات في 18 مارس سنة 1991 قد وضع حدا للشكوك حول الضوابط والأعراف التي جرت عليها خطأ بعض الجامعات في هذا الشأن وأوجه التحايل التي كان يلجأ إليها البعض للنفاذ منها، وأضحى محتماً على جميع الجامعات الخاضعة لهذا القانون الالتزام بالضوابط التي وضعها المجلس الأعلى للجامعات على النحو الذي وردت به في جلسته المنعقدة في 18 مارس 1991.
فإذا كان الظاهر من الأوراق أن الطالب ابن المطعون ضده قد حصل على الثانوية العامة 1990 والتحق بكلية الحقوق بجامعة بيروت في العام الدراسي 90/ 1991 واجتاز بنجاح امتحان النقل إلى الفرقة الثانية في نهاية العام الدراسي المذكور، وعندما تقدم في شهر نوفمبر عام 1991 إلى جامعة الإسكندرية طالباً تحويله إلى كلية الحقوق بالجامعة المذكورة رفضت الجامعة استناداً إلى افتقاده شرطاً من شروط قبول طلب التحويل الوارد في قرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر في 18 مارس 1991 وهو حصوله على الثانوية العامة على مجموع يقل عن الحد الأدنى الذي قبلته كلية الحقوق في سبتمبر 1990 وهو أمر لا خلاف عليه بين طرفي الخصومة، فإن قرارها في هذا الشأن يكون قد قام على أساس سليم من القانون، وإذ انتهج الحكم المطعون فيه غير هذا النهج مسقطاً قواعد المجلس الأعلى للجامعات من التطبيق، مستنداً إلى بعض الضوابط التي درجت عليها جامعة الإسكندرية قبل صدوره مغفلاً البعض الآخر، فانه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المركز القانوني للطالب الذي ينشئ له حقاً ثابتاً في التحويل من كليات جامعة بيروت إلى الكلية النظيرة لها بجامعة الإسكندرية لا تكتمل له عناصره إلا وقت تقديم طلب الالتحاق إلى الجامعة المختصة مستوفياً شروطه وضوابطه، فإذا كان الطالب ابن المطعون ضده لم يجتز امتحان النقل أصلاً ولم يحصل على الشهادة المثبتة لذلك إلا بعد صدور قرار المجلس الأعلى للجامعات المشار إليه، فإنه لا يجوز له أن يدعي حقا مكتسباً من الضوابط التي درجت عليها الجامعة في تاريخ سابق على صدوره.
ومن حيث إنه قد بأن مما تقدم أن طلب المطعون ضده إلغاء قرار جامعة الإسكندرية برفض طلب تحويل ابن المدعي إلى الكلية المناظرة بالجامعة قد فقد ركناً من أركانه هو ركن الجدية لقيامه بحسب الظاهر - على غير أساس سليم من القانون الأمر الذي يجعله خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن المطعون ضده قد خسر الطعن فإنه يلزم بمصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق