جلسة 18 من ديسمبر سنة 1974
برياسة السيد المستشار سليم راشد أبو زيد وعضوية السادة المستشارين:
مصطفى الفقي، ومحمد محمد المهدي، وحافظ رفقي، ومحمد البنداري العشري.
---------------
(249)
الطعن
رقم 351 لسنة 40 القضائية
(1)إيجار "إيجار الأماكن".
تأجير أرض فضاء لمدة
ثلاثين سنة. الترخيص للمستأجر في أن يقيم عليها مصنعاً تئول ملكيته للمؤجر عند فسخ
العقد أو انتهاء مدته. الاتفاق على استحقاق الأجرة الواردة في العقد سواء أقيم
المصنع أم لم يقم. خضوع ذلك الإيجار لأحكام القانون المدني دون قانون إيجار الأماكن.
(2)إيجار "تحديد الأجرة".
تحديد أجرة العين
المؤجرة. عدم جواز استقلال المؤجر بذلك. تفويض المؤجر في زيادة الأجرة أثناء مدة
الإيجار لظروف مبررة. عدم جوازه إلا إذا قبل المستأجر هذه الزيادة أو صدر حكم
باعتمادها.
--------------
1 - متى كان الثابت من نصوص عقد الإيجار أن العين المؤجرة هي أرض
فضاء أجرت لمدة ثلاثين سنة، مع الترخيص للمستأجر في أن يقيم عليها مصنعاًً على أن
تؤول ملكية مبانيه ومنشآته وآلاته إلى المؤجر عند فسخ عقد الإيجار أو انتهاء مدته،
فإن إنشاء هذا المصنع لا يغير من موضوع عقد الإيجار - على اعتبار أنه أرض فضاء - إذ
لا عبرة في هذا الخصوص بالغرض الذي استؤجرت من أجله الأرض الفضاء، ولا بما يقيمه
عليها المستأجر من منشآت تحقيقاً لهذا الغرض، ما دام أن الأجرة المتفق عليها في
العقد تستحق سواء أقام عليها المستأجر هذه المباني أم لم يقمها مما يدل على أن
المنشآت لم تكن هي محل العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن عقد الإيجار
موضوع التداعي يخضع لقواعد القانون المدني ولا تسري عليه أحكام القانون رقم 121
لسنة 1947، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - لا يجوز للمؤجر أن
يحدد الأجرة بإرادته المنفردة، بل يجب الاتفاق عليها بينه وبين المستأجر كما لا
يجوز تفويض المؤجر في زيادتها أثناء مدة الإيجار إذا رأى أن الظروف تبرر ذلك إلا
إذا قبل المستأجر بلك الزيادة، أو صدر حكم قضائي باعتمادها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى
رقم 5190 لسنة 1967 مدني كلي القاهرة وانتهت فيها إلى طلب الحكم ببطلان الحجوز
التي أوقعتها المطعون ضدها الأولى على منقولات الطاعنة في 20/ 11/ 1962 و7/ 4/
1968 واعتبارها كأن لم تكن، واعتبار الإيجار السنوي للمتر المربع من الأرض التي
تستأجرها الطاعنة مبلغ أربعين مليماً وقالت الطاعنة شرحاً للدعوى أنه بموجب عقد
إيجار مصدق على توقيعاته بتاريخ 22/ 7/ 1947 استأجر.... من المطعون ضدها الأولى
قطعة أرض فضاء مساحتها 740 متراً مربعاً بالقطعة رقم 255 بالمنطقة الصناعية
الكائنة بقسم الجمالية لمدة 30 سنة اعتباراً من 8/ 2/ 1947 بأجرة سنوية قدرها
أربعون مليماً للمتر المربع وقد تنازل المستأجر المذكور عن الإيجار إلى الشركة
الطاعنة وأقر القضاء هذا التنازل بالحكم الصادر في الدعوى رقم 815 لسنة 1964 مدني
كلي القاهرة الذي تأيد استئنافياً بالحكم الصادر في الدعوى رقم 877 لسنة 82 ق
استئناف القاهرة وقامت الشركة الطاعنة بسداد الأجرة في مواعيدها إلى أن فوجئت
بتوقيع حجز إداري على منقولاتها من قبل المطعون ضدها الأولى بتاريخ 20/ 11/ 1962
وفاء المبلغ 1649.027 جنيهاً بمقوله أنه فرق أجرة عن المدة من 13/ 2/ 1952 حتى 30/
6/ 1962 استحق نتيجة لرفع المطعون ضدها الأولى للأجرة من 40 مليماً إلى 250 مليماً
للمتر المربع إعمالاً لنص البند التاسع من عقد الإيجار.
وبتاريخ 7/ 4/ 1965 أوقعت
المطعون ضدها الأولى حجزاً إدارياً آخر على منقولات الطاعنة وفاء لمبلغ 1290.701
جنيهاً بمقوله أنه فرق أجرة استحق عن المدة من 22/ 7/ 1957 حتى 30/ 6/ 1965، ثم
اتبعته بحجز إداري ثالث أوقعته بتاريخ 11/ 1/ 1968 واستطردت الطاعنة قائلة أنه وإن
كان البند التاسع من عقد الإيجار قد نص على حق المطعون ضدها الأولى في زيادة الأجرة
بعد عشر سنوات إذا رأت أن حالة المصنع تبرر ذلك إلا أن هذا النص باطل إذ لا يسوغ
للمؤجر أن ينفرد بزيادة الأجرة ومن ثم تكون تلك الحجوز الإدارية الثلاثة قد وقعت
باطلة. وبتاريخ 27/ 5/ 1969 قضت محكمة أول درجة باعتبار الأجرة السنوية أربعون
مليماً للمتر المربع طوال مدة عقد الإيجار وببطلان الحجوز الموقعة في 20/ 11/
1962، - 7/ 4/ 1965، 11/ 1/ 1968 واعتبارها كأن لم تكن وركنت المحكمة في قضائها
إلى بطلان شرط زيادة الأجرة. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1526
لسنة 86 ق وبتاريخ 29/ 3/ 1970 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف
وبرفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت نيابة النقض
مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة بغرفة المشورة حددت
جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ قي تطبيق القانون، وفي
بيان ذلك تقول أنه عند إبرام عقد الإيجار موضوع التداعي في 7/ 7/ 1947 كان في
اعتبار المتعاقدين أن الأرض المؤجرة سيقام عليها مصنع ونص في العقد على أن المباني
والمنشآت التي تقدم على تلك الأرض تصبح ملكاً للمؤجر ومفاد ذلك أن الإيجار ينصب
على أرض وبناء ومن ثم يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن رقم 121 سنة 1947 وإذ قضى
الحكم المطعون فيه بعدم خضوع العين المؤجرة لأحكام هذا القانون فإنه يكون قد أخطأ
في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أنه متى كان الثابت من نصوص عقد الإيجار أن العين المؤجرة هي أرض فضاء
أجرت لمدة ثلاثين سنة مع الترخيص للمستأجر في أن يقيم عليها مصنعاًً على أن تؤل
ملكية مبانيه ومنشآته وآلاته إلى المؤجر عند فسخ عقد الإيجار وانتهاء مدته، فإن
إنشاء هذا المصنع لا يغير من موضوع عقد الإيجار - على اعتبار أنه أرض فضاء - إذ لا
عبرة في هذا الخصوص بالغرض الذي استؤجرت من أجله الأرض الفضاء ولا بما يقيمه عليها
المستأجر من منشآت تحقيقاً لهذا الغرض، أما الاتفاق على أن تؤول ملكية ما يقام
عليها من منشآت إلى المؤجر فلا تأثير له على حقيقة العقد من حيث كونه وارداً منذ
البداية على أرض فضاء ما دام أن الأجرة المتفق عليها في العقد تستحق سواء أقام
عليها المستأجر هذه المباني أم لم يقمها مما يدل على أن المنشآت لم تكن هي محل
العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن عقد الإيجار موضوع التداعي يخضع لقواعد
القانون المدني ولا تسري عليه أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 فإنه يكون قد طبق
القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالسببين الثاني والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان
ذلك تقول الطاعنة أنه ور بالبند التاسع من عقد الإيجار أن للمطعون ضدها الأولى
الحق في زيادة الأجرة وإن قرارها في ذلك نهائي وأنه إعمالاً لهذا البند قامت برفع
الأجرة من 40 مليماً إلى 250 مليماً للمتر المربع دون موافقة الطاعنة على تلك
الزيادة، ولما كانت الأجرة تعتبر ركناً من أركان العقد فإنه يلزم الحصول على
موافقة الطاعنة على تعديلها بالزيادة أو إقرار القضاء لها وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر وانتهى إلى صحة الشرط المنصوص عليه في البند التاسع من عقد الإيجار
المشار إليه وأقر حق المطعون ضدها الأولى في زيادة الأجرة بإرادتها المنفردة فإنه
يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد،
ذلك أنه لا يجوز للمؤجر أن يحدد الأجرة بإرادته المنفردة بل يجب الاتفاق عليها
بينه وبين المستأجر كما لا يجوز تفويض المؤجر في زيادتها أثناء مدة الإيجار إذا
رأى أن الظروف تبرر ذلك إلا إذا قبل المستأجر تلك الزيادة أو صدر حكم قضائي باعتمادها،
لما كان ذلك وكان البند التاسع من عقد الإيجار موضوع التداعي قد نص على ما يلي: -
تحتفظ الحكومة لنفسها بالحق في زيادة الإيجار بعد مرور العشر سنوات الأولى من
تاريخ التوقيع على هذا العقد وذلك إذا رأت الحكومة أن حالة المصنع تبرر تلك
الزيادة وقرارها في ذلك نهائي غير قابل للطعن ويتعهد المستأجر من الآن بأن يقبل
هذه الزيادة وتقدرها الحكومة بدون أن يكون له حق الاعتراض على ذلك بتاتاً"
وكانت المطعون ضدها الأولى إعمالاً لهذا النص قد رفعت الأجرة السنوية من 40 مليماً
إلى 250 مليماً للمتر المربع من الأرض المؤجرة بإرادتها المنفردة دون الحصول على
موافقة المستأجرة (الطاعنة) فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى صحة هذا
الشرط في شأن التزام الطاعنة بزيادة الأجرة التي ارتأتها المطعون ضدها الأولى
بإرادتها المنفردة إعمالاً لذلك الشرط، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد أدى به
هذا الخطأ إلى حجب نفسه عن الإدلاء برأيه في مدى ملاءمة تلك الزيادة.
لما كان ما تقدم فإنه
يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق