جلسة 30 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين/ محمد شبل عبد المقصود، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي،
وحافظ الوكيل.
-----------------
(236)
الطعن
رقم 15 لسنة 37 القضائية
(أ ) عمل. "إنهاء عقد العمل". إثبات. "عبء الإثبات".
العامل الموقوف. له مركز قانوني
خاص طبقاً لنص المادة 67/ 1 من قانون العمل 91 لسنة 1959، افتراض التعسف من جانب
رب العمل إذا رفض إعادته إلى عمله. لصاحب العمل مع ذلك الحق في إنهاء العقد الغير
محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع، إثبات توافر المبرر يقع على عاتق رب العمل.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
دفاع يخالطه واقع. عدم
قبول إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال.
(ج، د) حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
(ج) الحكم الجنائي النهائي يقيد القاضي المدني فيما يتصل بوقوع
الجريمة ونسبتها إلى المتهم، عدم ثبوت هذه الحجية للأوامر والقرارات الصادرة من
سلطات التحقيق.
(د) قضاء الإحالة ليس إلا المرحلة النهائية من مراحل التحقيق.
القرارات الصادرة عنه. أوامر وليست أحكاماً. لا حجية لها أمام القضاء المدني.
----------------
1 - مؤدى نصوص المواد 67/ 1 و2 و72/ 1 و74 من قانون العمل رقم 91
لسنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن المشرع بما نص عليه في
الفقرة الثانية من المادة 67 من أنه "إذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم
العامل للمحاكمة أو قضى ببراءته وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً
تعسفياً" إنما أنشأ للعامل الموقوف لسبب من الأسباب المبينة في الفقرة الأولى
من المادة المذكورة، ورأت السلطة المختصة عدم تقديمه للمحاكمة أو قضى ببراءته،
مركزاً قانونياً خاصاً يفترض التعسف في صاحب العمل إذا هو رفض إعادته إلى عمله،
وذلك حملا لحال صاحب العمل على الظاهر أو على الغالب. وهذا المركز الخاص لا يتعارض
مع الحق المقرر في المادة 72 من نفس القانون لكل صاحب عمل في إنهاء عقد العامل
الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء على أن يتحمل صاحب العمل
عبء إثبات توافر المبرر لأنه هو الذى يدعى خلاف الثابت حكما.
2 - تمسك الطاعن (العامل) ببطلان تشكيل اللجنة الثلاثية وبطلان
قراره، هو دفاع يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته لأول
مرة أمام محكمة النقض ومن ثم فهو غير مقبول.
3 - الحكم الجنائي يقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة
ونسبتها إلى المتهم، إلا أن هذه الحجية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة(2) - لا تثبت إلا للأحكام النهائية الفاصلة في موضوع الدعوى الجنائية دون
غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق، لأن هذه القرارات لا تفصل
في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة، وإنما تفصل في توفر أو عدم توفر
الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا
تكتسب تلك القرارات أية حجية أمام القاضي المدني ويكون له أن يقضى بتوفر الدليل
على وقوع الجريمة أو على نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة
التحقيق.
4 - قضاء الإحالة - على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - ليس إلا
المرحلة النهائية من مراحل التحقيق، وهو فيما يباشره من سلطات ليس إلا سلطة تحقيق،
وقد عبر الشارع عما يصدره من قرارات بأنها أوامر وليست أحكاما. وإذ كان ذلك فإن النعي
على الحكم المطعون فيه بأنه لم يلتزم حجية الأمر الصادر من مستشار الإحالة يكون
على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 931 لسنة 1965عمال كلى الإسكندرية ضد المطعون ضدها يطلب الحكم بإلزامها بأن
تدفع له مبلغ عشرة آلاف جنيه مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً
لدعواه إنه عمل لدى المطعون ضدها أميناً لمخازنها ابتداء من 15/ 1/ 1964 بأجر شهري
قدره 80 جنيه وفى 15/ 3/ 1964 اتهم في واقعة ملفقة فعرضت المطعون ضدها أمره على
اللجنة الثلاثية التي وافقت في 18/ 3/ 1964 على فصله من عمله، وبتاريخ 21/ 3/ 1964
أصدرت المطعون ضدها قراراً بفصله من عمله اعتباراً من 17/ 3/ 1964 وإذ كان فصله
بغير مبرر ويستحق تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه فقد انتهى إلى طلب الحكم له بهذا
المبلغ. وبتاريخ 1/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم
لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد هذا الاستئناف برقم 540 لسنة 21 قضائية.
وبتاريخ 17/ 11/ 1966 حكمت المحكمة برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض
وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على
رأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على
سببين حاصل الأول منهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال
في وجهين (أولهما) أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى مستنداً في ذلك إلى أن
اتهام الطاعن في الجناية التي نسبت إليه زعزع ثقة المطعون ضدها فيه وأنه بذلك فقد
الصفات الواجب توافرها فيمن يشغل وظيفته، وهو من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه،
لأن المادة 67 من القانون رقم 91 لسنة 1959 لا تبيح فصل العامل من عمله لمجرد
اتهامه في جناية أو جنحة، وإنما تجيز وقف العامل عن عمله من تاريخ إبلاغ ما نسب
إلى العامل من الجرائم التي حددتها المادة إلى الجهة المختصة لحين صدور قرار منها
في شأنه، فإن هي رأت عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضى ببراءته وجبت إعادته إلى
عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً، وإذ أصدر مستشار الإحالة أمره بأن لا
وجه لإقامة الدعوى العمومية ضد الطاعن في خصوص التهمة التي تذرعت بها المطعون ضدها
في فصله من عمله، فإنه كان على الحكم المطعون فيه أن يعتبر فصل الطاعن من عمله
فصلاً تعسفياً ويقضى له بالتعويض، لاسيما وأن الحكم المطعون فيه اعتبر أن الطاعن
لم يكن معيناً بالشركة المطعون ضدها تحت الاختبار ومن ثم يكون القضاء برفض الدعوى
مناقضاً للأسباب التي حمل عليها الحكم (وثانيهما) أن الحكم المطعون فيه خالف
القانون رقم 91 لسنة 1959 لأنه أقر فصل الطاعن من عمله مع أن قرار فصله باطل، لأن
تشكيل اللجنة الثلاثية التي وافقت على الفصل لم يكن قانونياً، كما كان من الواجب
عليها أن تستدعى الطاعن للحضور أمامها، وإذ هي لم تفعل فإن قرارها يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي مردود
في الشق الأول منه، ذلك أن مؤدى نصوص المواد 67 فقرة 1، 2، 72 فقرة 1، 74 من قانون
العمل رقم 91 لسنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع بما نص
عليه في الفقرة الثانية من المادة 67 من أنه "إذا رأت السلطة المختصة عدم
تقديم العامل للمحاكمة أو قضى ببراءته وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته
فصلاً تعسفياً" إنما أنشأ للعامل الموقوف بسبب من الأسباب المبينة في الفقرة
الأولى من المادة المذكورة ورأت السلطة المختصة عدم تقديمه للمحاكمة أو قضى
ببراءته، مركزاً قانونياً خاصاً يفترض التعسف في صاحب العمل إذا هو رفض إعادته إلى
عمله، وذلك حملاً لحال صاحب العمل على الظاهر أو على الغالب، وهذا المركز الخاص لا
يتعارض مع الحق المقرر في المادة 72 من نفس القانون لكل صاحب عمل في إنهاء عقد
العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء على أن يتحمل صاحب
العمل عبء إثبات توافر المبرر، لأنه هو الذى يدعى خلاف الثابت حكماً. ولما كان
الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى على ما قرره من أن
المطعون ضدها عينت الطاعن أميناً لمخازنها للثقة فيه وللصفات الأخرى التي يتعين أن
يتصف بها من يشغل هذه الوظيفة من اعتبارات عامة وخاصة، فلما اتهم في جناية
الاختلاس رقم 1493 لسنة 1964 العطارين قررت فصله عقب القبض عليه يساندها في ذلك
الواقع والمظاهر الخارجية والملابسات التي أحاطت بهذا التصرف المنسوب إليه، ولتبعد
عن هذه الوظيفة من فقد الثقة والصفات الواجب توافرها فيه، الأمر الذى يكون للشركة
معه الحق في فصله وعدم إعادته، بالإضافة إلى أنه لم يثبت أن هذا الاتهام كان
بتدبير من صاحب العمل، ولما كان هذا الذى قرره الحكم سائغاً ويؤدى إلى النتيجة التي
انتهى إليها فإن النعي في هذا الشق يكون على غير أساس. والنعي مردود في الشق الثاني
منه، بأن ما يتمسك به الطاعن من بطلان تشكيل اللجنة الثلاثية وبطلان قرارها، هو
دفاع يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام
محكمة النقض، ومن ثم فهو غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الثاني
أن مستشار الإحالة أصدر أمره بأن لا وجه لإقامة الدعوى العمومية ضد الطاعن في خصوص
التهمة التي استندت إليها المطعون ضدها في فصله من عمله، وهذا الأمر يعنى طهارة
الطاعن من أسباب فصله، لكن الحكم المطعون فيه لم يلتزم حجية هذا الحكم الجنائي
وتعرض لبحث مدى أمانة الطاعن والثقة التي يجب أن تتوافر فيه ليشغل وظيفته مما
يجعله مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه وإن كان الحكم الجنائي يقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة
ونسبتها إلى المتهم إلا أن هذه الحجية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا
تثبت إلا للأحكام النهائية الفاصلة في موضوع الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر
والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى
الجنائية بالبراءة وإنما تفصل في توفر أو عدم توفر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة
لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب تلك القرارات أية حجية
أمام القاضي المدني ويكون له أن يقضى بتوفر الدليل على وقوع الجريمة أو على نسبتها
إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق، ولما كان قضاء الإحالة - على
ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - ليس إلا المرحلة النهائية من مراحل التحقيق وهو
فيما يباشره من سلطات ليس إلا سلطة تحقيق وقد عبر الشارع عما يصدره من قرارات
بأنها أوامر وليست أحكاما. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه لم
يلتزم حجية الأمر الصادر من مستشار الإحالة يكون على غير أساس.
(1)نقض 4/ 2/ 1970 مجموعة
المكتب الفني السنة 21 صـ 236.
(2) نقض 28/ 4 سنة 1966 مجموعة المكتب الفني السنة
17 صـ 948.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق