جلسة 21 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ عثمان زكري، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلى عبد الرحمن، وأحمد صفاء
الدين.
---------------------
(226)
الطعن
رقم 384 لسنة 37 القضائية
(أ، ب، جـ، د) حيازة. "سبب الحيازة. انتقال الحيازة".
تقادم. "تقادم مكسب".
(أ) اكتساب الحائز العرضي الملك بالتقادم. شرطه. تغيير صفة حيازته
إما بفعل الغير أو بفعل منه يعتبر معارضة ظاهرة لحق المالك.
(ب) الحائز بطريق النيابة عن صاحب الأرض. إقامته منشآت عليها دون
إذن من صاحبها. عدم اعتبار ذلك تغييرا لسبب الحيازة.
(جـ) عدم تغيير صفة الحيازة بالانتقال إلى الخلف العام. انتقال
الحيازة العرضية بصفاتها إلى الوارث الذى يخلف مورثه في التزامه بالرد بعد انتهاء
السبب الوقتي لحيازته.
(د) استخلاص الحكم أن الحيازة بطريق النيابة. إقامة الحائز منشآت
على الأطيان دون مجابهة صريحة ظاهرة للمالك. انتقال الحيازة لورثته. القضاء برفض
الدعوى باكتساب الملك بالتقادم. لا خطأ.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يصلح سبباً للطعن". حيازة
تقادم.
اعتماد الحكم في قضائه
برفض الدعوى باكتساب الملك بالتقادم على أن الحيازة كانت عرضية. صحة هذه الدعامة
وكفايتها لحمل قضائه. النعي على ما أورده بشأن تخلف شرط الهدوء في الحيازة بغرض
صحته. غير منتج.
(و) حكم. "تسبيب الحكم". استئناف. "الحكم في الاستئناف".
إقامة الحكم الاستئنافي على
ما يحمله. عدم لزوم الرد على ما ورد بالحكم الابتدائي الذى ألغاه.
-----------------
1 - الحائز العرضي لا
يستطيع كسب الملك بالتقادم على خلاف سنده إلا إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل
الغير، وإما بفعل منه يعتبر معارضة ظاهرة لحق المالك.
2 - الحائز بطريق النيابة عن صاحب الأرض إذا أقام عليها منشآت دون
إذن من صاحبها، فإن مجرد إقامتها لا يعتبر بذاته تغييراً لسبب حيازته ومعارضة لحق
المالك بسبب جديد، بل إن القانون يرتب للمالك الحق في أن يطلب استبقاء هذه المنشآت
إذا لم يكن قد طلب إزالتها في ميعاد سنة من يوم علمه بإقامتها.
3 - انتقال الحيازة بالميراث لا يمكن اعتباره مغيراً للسبب، لأن
الحيازة تنتقل بصفاتها إلى الوارث الذى يخلف مورثه في التزامه بالرد بعد انتهاء
السبب الوقتي لحيازته العرضية، ولا تكون للوارث حيازة مستقلة مهما طال الزمن ولو
كان يجهل أصلها أو سببها. ما لم تصحب هذه الحيازة مجابهة صريحة ظاهرة.
4 - متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص من إقرار مورث
الطاعنين بمحضر الصلح أو التعهد اللاحق بتنفيذه أنه كان حائزاً لأطيان النزاع
بطريق النيابة عن أصحابها، وهى صفة تحول دون اكتساب الملك بالتقادم. وكانت الحيازة
لا تتغير صفتها بالانتقال إلى الخلف العام، أو بإقامة منشآت لا تصاحبها مجابهة
صريحة ظاهرة في معارضة حق الأصيل في الملك، فإن الحكم إذ قضى برفض الدعوى باكتساب
الملك بالتقادم، ولم يتعرض لما أورده الخبير في تقريره عن طول مدة الحيازة، وإقامة
المنشآت في الأطيان محل النزاع، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
5 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه برفض دعوى
الطاعنين على أن حيازة مورثهما لأطيان النزاع كانت حيازة عرضية مانعة من اكتسابهما
الملكية بالتقادم، وكانت هذه الدعامة صحيحة، وتكفى لحمل قضاء الحكم دون حاجة لأى
أساس آخر، فإن النعي على ما أورده الحكم في تخلف شرط الهدوء في هذه الحيازة وفى
انقطاع مدتها يكون بفرض صحته غير منتج.
6 - محكمة الاستئناف غير ملزمة إذا قضت بإلغاء الحكم المستأنف
بتعقب أسبابه والرد عليها، ما دام حكمها مقاما على ما يحمله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى
رقم 17 لسنة 1963مدنى كلى قنا ضد المطعون عليهم طالبين الحكم بثبوت ملكيتهما إلى 2
ف و10 ط شيوعاً في 16 ف و7 ط و8 س المبينة الحدود والمعالم في صحيفة الدعوى، وبكف
منازعة المطعون عليهم فيها وبطلان محضر الصلح رقم 2403 سنة 1930 خط نجع حمادي وشطب
التسجيلات التي وقعت بمقتضاه مع إلزامهم بالمصاريف والأتعاب وقالا بياناً للدعوى
إن مورثهما إبراهيم جورجي عسل اشترى من الأمير يوسف كمال بموجب عقد مسجل في 3/ 12/
1919 تحت رقم 8193 قنا أطياناً زراعية مقدارها 16 ف و7 ط و8 س، وأنه وضع اليد
عليها من تاريخ شرائها، واستمر ورثته في وضع اليد عليها حتى الآن، إلا أن المطعون
عليهم نازعوا في مقدار 2 ف و10 ط من هذه الأطيان، وأقاموا دعويين بطلب ريعه
استناداً إلى محضر صلح في القضية رقم 2403 سنة 1930 خط نجع حمادي مسجل في 9/ 9/
1936 برقم 789 قنا تضمن إقرار مورثهما جورجي عسل ومورثتهما نبيهة فلسطين بأن القدر
موضوع النزاع ملك للمطعون عليه الأول ولأخيه سلوالس فلسطين مورث باقي المطعون
عليهم - وأوقف طلب الريع حتى يفصل في الملكية - ونظراً لأن هذا الصلح وقع باطلاً،
لأن محكمة الخط جاوزت ولايتها المحددة بالقانون واعتمدته بغير حضوره فضلاً عن أن
الصلح أصبح معدوماً، لأنه لم ينفذ بالتسليم في خلال ستة شهور فقد طلبا الحكم لهما
بالطلبات، وبتاريخ 30/ 3/ 1964 حكمت المحكمة بندب خبير لبيان واضع اليد على أرض
النزاع في المدة من سنة 1930 حتى تاريخ رفع الدعوى في 10 يناير سنة 1963، وبعد أن
قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 24/ 10/ 1966 فحكمت بتثبيت ملكية المدعيين إلى
القدر موضوع الدعوى وكف منازعة المدعى عليهم وشطب التسجيلات التي وقعت بمقتضى محضر
الصلح في القضية رقم 2403 سنة 1930 خط نجع حمادي. استأنف المدعى عليهم هذا الحكم
لدى محكمة استئناف أسيوط طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد الاستئناف برقم
78 سنة 41 قضائية، وبتاريخ 22/ 5/ 1967 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض
الدعوى، وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير،
وقدمت النيابة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول
أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على مجرد القول بأن الحيازة التي
بدأت عرضية من جانب مورث الطاعنين تكون مانعة من اكتسابه الملكية بالتقادم، وهو من
الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أن تغيير صفة الحيازة يزيل عن السبب صفته الوقتية
ويستطيع الحائز أن يكسب الملكية بالتقادم من تاريخ هذا التغيير، ولا يبين من الحكم
أن وضع اليد لم يتغير وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث حقيقة وضع اليد، وثابت من تقرير
الخبير المنتدب في الدعوى أن الطاعنين ومورثيهما أقاموا على أطيان النزاع منشآت
على سبيل الاستقرار وهي ماكينة ري وعصارة قصب بجميع مشتملاتها، ومضى على وضع يدهم
بصفة علنية ظاهرة مدة تزيد عن ثلاثين سنة دون انقطاع. هذا إلى أن الحكم اعتمد على الإقرار
المؤرخ 20/ 10/ 1930 رغم أن هذا الإقرار صدر من الجد وبصفته الشخصية ولم يصدر منه
بصفته ولياً شرعياً على حفيده ورغم أن اكتساب الملكية يرجع إلى سبب مستقل وهو
الحيازة من سنة 1932 حتى تاريخ رفع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن الحائز العرضي لا يستطيع كسب الملك بالتقادم على خلاف سنده، إلا إذا تغيرت صفة
حيازته إما بفعل الغير وإما بفعل منه يعتبر معارضة ظاهرة لحق المالك، وأن الحائز بطريق
النيابة عن صاحب الأرض إذا أقام عليها منشآت دون إذن من صاحبها فإن مجرد إقامتها
لا يعتبر بذاته تغييراً لسبب الحيازة ومعارضة لحق المالك بسبب جديد بل إن القانون
يرتب للمالك الحق في أن يطلب استبقاء هذه المنشآت إذا لم يكن قد طلب إزالتها في ميعاد
سنة من يوم علمه بإقامتها، كما أن انتقال الحيازة بالميراث لا يمكن اعتباره
تغييراً للسبب، لأن الحيازة تنتقل بصفاتها إلى الوارث الذى يخلف مورثه في التزامه
بالرد بعد انتهاء السبب الوقتي لحيازته العرضية، ولا تكون للوارث حيازة مستقلة
مهما طال الزمن ولو كان يجهل أصلها أو سببها. وإذ كان الثابت من مدونات الحكم
المطعون فيه أن جورجي عسل مورث الطاعنين أقر في الصلح المصدق عليه في الدعوى رقم
2403 سنة 1930 خط نجع حمادي بأن نصيب بدروس فلسطين وإخوته مقداره 5 ف و10 ط و8 س
بزمام النصر والصياد، وأنه بمقتضى الإقرار المؤرخ 20/ 10/ 1930 قام بتأجير هذه
الأطيان وتعهد بتحصيل الإيجار وتسليمه إليهم، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه
بأن "الصلح المشار إليه قد ارتضاه المرحوم جورجي عسل عن نفسه وبصفته وليا
شرعيا عن حفيده عدلي إبراهيم الذى لم ينازعه فيه بعد بلوغه سن الرشد، بل أجازه
ضمناً بالقيام بشراء جزء من الأطيان الواردة به من ولدى بدروس أحد الأطراف
فيه" وأن "مورث المستأنف عليهما لم يضع يده على الأطيان المتنازع عليها
بنية الملك وإنما وضعها بوصفه نائباً عن المستأنفين إذ تعهد بتحصيل إيجارها وسداده
إليهم" - وكان يبين من ذلك أن الحكم استخلص من إقرار مورث الطاعنين بمحضر
الصلح والتعهد اللاحق بتنفيذه أنه كان حائزاً لأطيان النزاع بطريق النيابة عن
أصحابها وهى صفة تحول دون اكتساب الملك بالتقادم. وإذ كان ذلك، وكانت الحيازة لا
تتغير صفتها بالانتقال إلى الخلف العام أو بإقامة منشآت لا تصاحبها مجابهة صريحة ظاهرة
في معارضة حتى الأصيل في الملك، فإن الحكم إذ قضى برفض الدعوى باكتساب الملك
بالتقادم ولم يتعرض لما أورده الخبير في تقريره عن طول مدة الحيازة وإقامة منشآت
في الأطيان محل النزاع، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل الأسباب الثاني
والثالث والرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور من وجوه
(أولها) أن الحكم اتخذ من مجرد تأجير المطعون عليهم لحصتهم الشائعة دليلاً على أن
المستأجر منهم وضع يده عليها بالفعل في حين أن الشريك لا يستطيع أن يسلم حصته
الشائعة إلى المستأجر إذا اعترضت أغلبية الشركاء، وفى حين أن الثابت من تقرير
الخبير أن حيازة الطاعنين استمرت طوال ثلاثين سنة دون انقطاع (وثانيها) أن الحكم
نفى عن حيازة الطاعنين شرط الهدوء رغم أن المطعون عليهم لم يدعوا أن الحيازة بدأت
بالإكراه وأن مجرد تأجيرهم لنصيبهم على الشيوع مع إقامة دعاوى صورية على
المستأجرين ليس من شأنه أن ينفى عن الحيازة صفة الهدوء (وثالثها) أن الحكم قضى
بإلغاء الحكم الابتدائي وأغفل الرد على أسبابه ولم يورد الدليل الذى استخلص منه
انقطاع الحيازة عن الفترة من سنة 1944وحتى سنة 1947.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه برفض دعوى الطاعنين على أن حيازة مورثهما
لأطيان النزاع كانت حيازة عرضية مانعة من اكتسابهما الملكية بالتقادم، وإذ كانت
هذه الدعامة صحيحة - على ما سلف البيان - وهى تكفى لحمل قضاء الحكم دون حاجة لأى أساس
آخر، فإن النعي على ما أورده الحكم في تخلف شرط الهدوء في هذه الحيازة وفى انقطاع
مدتها يكون بفرض صحته غير منتج. إذ كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف إذا قضت بإلغاء
الحكم المستأنف غير ملزمة بتعقب أسبابه والرد عليها ما دام حكمها مقاما على ما
يحمله، فإن النعي في جميع ما تضمنه يكون على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق