جلسة 12 من مايو سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين: محمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، ومحمد طايل
راشد، وجودة أحمد غيث.
--------------------
(100)
الطعن
رقم 54 لسنة 34 القضائية
ضرائب. "الضريبة على أرباح المهن غير التجارية".
"وعاء الضريبة". "التكاليف اللازمة لمباشرة المهنة".
التكاليف اللازمة لمباشرة
المهنة. المغايرة بينها وبين المصروفات. المقصود بكل منهما. الممول الذي لا يمسك
حسابات منتظمة.
وجوب خصم التكاليف اللازمة لمباشرة المهنة من جملة إيراده ثم خصم
المصروفات جزافاً بنسبة 20%. مثال في مهنة التلحين.
------------------
التكاليف اللازمة لمباشرة
المهنة بمعناها العام هي كل ما ينفقه الممول بمسوغ في سبيل مباشرته وينقطع
بانقطاعه عن مزاولتها، والسائد بين المشتغلين بالمحاسبة أنها على نوعين أحدهما
"تكلفة السلعة أو الخدمة" وتسمى أحياناً مصاريف التشغيل وأحياناً
المصاريف المباشرة، والأخرى "تكلفة الإدارة" وتسمى أحياناً المصاريف
الإدارية وأحياناً المصاريف غير المباشرة. ومؤدى نص المادة 73 من القانون رقم 14
لسنة 1939 أن المشرع أراد المغايرة بين التكاليف اللازمة لمباشرة المهنة وبين
المصروفات، إذ لا يتأنى أن يعبر في نفس النص عن مدلول واحد بتعبيرين مختلفين،
ودلالة الحال تبين أنه أراد بالتكاليف كل ما يلزم لمباشرة المهنة ما في ذلك تكلفة
السلعة أو الخدمة "وتكلفة الإدارة"، وأراد بالمصاريف مجرد "تكلفة
الإدارة"، وهو ما تتحقق به العدالة في الالتزام بالضريبة بين الممول الذي
يمسك حسابات منتظمة فتخصم له جميع التكاليف بما في ذلك "تكلفة السلع أو
الخدمات" و"تكلفة الإدارة" وبين الممول الذي لا يمسك حسابات منتظمة
فتعتبر "تكلفة السلع أو الخدمات" عنصراً من عناصر العمليات على اختلاف
أنواعها وتقدر "تكلفة الإدارة" وهي المصاريف - تضييقاً للخلف عليها بين
الممول ومصلحة الضرائب - جزافاً بخمس الإيرادات، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا
النظر وأقام قضاءه على ما قرره من أن "المحكمة ترى أن طبيعة عمل المستأنف
عليه باعتباره ملحناً تستلزم اشتراك آخرين معه في أداء هذا العمل من مؤلفين
وموسيقيين ومصاحبين وهؤلاء بطبيعة الحال يشاركونه في الإيراد الذي يستولي عليه ولا
يعتبر ما يتقاضونه منه مصروفات بالمعنى الوارد في المادة 73/ 2 المشار إليها"
فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب الوايلي
قدرت صافي إيراد السيد/ محمد عمر من مهنته كملحن في السنوات من 1952 إلى 1956 بالمبالغ
الآتية على التوالي 278 ج و400 م، 240 ج، 593 ج و600 م 568 ج و374 ج و24 م وإذ
اعترض وأحيل الخلاف على لجنة الطعن، وبتاريخ 21/ 5/ 1959 أصدرت اللجنة قرارها
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتخفيض صافي إيراد الممول خلال سنتي النزاع إلى
المبالغ الآتية على التوالي 60 ج و480 م، 43 ج و200 م، 212 ج و320 م، 190 ج و800
م، 103 ج و510 م، فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 820 سنة 1959 تجاري القاهرة
الابتدائية ضد الممول بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه وتحديد صافي إيراده في
سنوات النزاع وفق تقديرات المأمورية. وبتاريخ 10/ 2/ 1960 حكمت المحكمة بقبول
الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد قرار اللجنة المطعون فيه وألزمت مصلحة
الضرائب بالمصروفات وبمبلغ 200 ق مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المصلحة هذا
الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد هذا الاستئناف
برقم 162 سنة 79 قضائية، وبتاريخ 18/ 11/ 1963 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف
واعتبار صافي إيراد الممول 86 ج و80 م في سنة 1952، 67 ج و200 م في سنة 1953 و314
ج و720 م في سنة 1954، 296 ج و800 م في سنة 1955، 161 ج و17 م في سنة 1956 وألزمت
الممول بالمصروفات المناسبة عن الدرجتين وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وطعنت
مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن
على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليه ولم
يبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول
أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور من وجهين "أولهما" أنه قضى بعدم
اعتبار المبالغ التي تقاضاها معاونو المطعون عليه ضمن المصاريف المنصوص عليها في
المادة 73/ 2 من القانون رقم 14 لسنة 1939 دون بيان الأساس الذي أقام عليه هذا
القضاء فيكون بذلك خالياً من الأسباب في هذا الخصوص و"ثانيهما" أن
الطاعنة كانت قد تمسكت في مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف لجلسة 28/ 11/ 1963
بخطأ الحكم الابتدائي فيما قرره من أن المصرفات المبينة بالمادة 73/ 2 من القانون
رقم 14 لسنة 1939 لا تشمل إلا المصاريف الإدارية دون مصاريف التشغيل ولكن الحكم
المطعون فيه أغفل هذا الدفاع الجوهري ولم يعن بالرد عليه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه فيما يتعلق
بتحديد المصروفات المبينة في المادة 73/ 2 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على ما
قرره من أن "المحكمة ترى أن طبيعة عمل المستأنف عليه باعتباره ملحناً تستلزم
إشراك آخرين معه في أداء هذا العمل من مؤلفين وموسيقيين ومصاحبين وهم الذين أشير
إليهم في العقد المحرر بينه وبين دار الإذاعة وهؤلاء بطبيعة الحال يشاركونه في
الإيراد الذي يستولي عليه ولا يعتبر ما يتقاضونه منه مصروفات بالمعنى الوارد في
المادة 73/ 2 المشار إليه وبغية الوصول إلى حقيقة إيراده يتعين خصم المبالغ التي
قام بدفعها لمن عاونه من جملة إيراده، وما تبقي بعد ذلك يكون إيراده الحقيقي الواجب
الاعتبار والذي يتعين خصم المصروفات منه جزافاً بواقع 20% في حالة عدم وجود حسابات
منتظمة مؤيدة بالمستندات، إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر"
وهي تقريرات موضوعية سائغة كافية لحمل قضائه في هذا الخصوص وفيها الرد الكافي على
ما تمسكت به الطاعنة من دفاع.
وحيث إن حاصل السبب
الثاني أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على ما خلص إليه من أن
المصروفات المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة 73 من القانون رقم 14 لسنة
1939 لا تشمل مصروفات التشغيل منها أجور معاوني الممول وما رتبه على ذلك من أنه يتعين
خصم هذه المصاريف أولاً من الإيراد ثم خصم المصروفات المنصوص عنها بالمادة سالفة
الذكر وهي نسبة الـ "20%" من باقي الإيراد، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة
للقانون لأن المادة 73/ 2 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تنص على أنه "في حالة
عدم وجود حسابات منتظمة مؤيدة بالمستندات تقدر المصروفات جزافاً بخمس
الإيرادات" وكلمة المصروفات التي تضمنها النص عامة مطلقة تتسع لكافة
المصروفات اللازمة لمباشرة المهنة بما فيها مصروفات التشغيل، كما أن الأخذ بما
انتهى إليه الحكم المطعون فيه ينتهي إلى خلق طريقة جديدة لاحتساب المصروفات لم يعرفها
القانون الضريبي، هي تقرير خضوع الممول وعدم خضوعه للربط بطريق التقدير في آن
واحد، لأن تقدير المصاريف بخمس الإيراد لا يكون إلا في حالة الربط بطريق التقدير
لعدم وجود حسابات منتظمة في حين أن الأخذ بالمصاريف كما وردت في الدفاتر لا يتم
إلا في حالة الربط على الأرباح الفعلية حيث تكون دفاتر الممول أمينة وصادقة.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله، ذلك أن التكاليف اللازمة لمباشرة المهنة بمعناها العام هي كل ما ينفقه
الممول بمسوغ في سبيل مباشرته لمهنته وينقطع بانقطاعه عن مزاولتها، والسائد بين
المشتغلين بالمحاسبة أنها على نوعين أحدهما "تكلفة السلعة أو الخدمة"
وتسمى أحياناً مصاريف التشغيل وأحياناً المصاريف المباشرة والأخرى تكلفة
"الإدارة" وتسمى أحياناً المصاريف الإدارية وأحياناً المصاريف غير
المباشرة. وإذ نص المشرع في المادة 73 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أن
"تحديد الضريبة سنوياً على أساس مقدار الأرباح الصافية في بحر السنة السابقة
ويكون تحديد صافي الأرباح على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرها
الممول بعد خصم جميع التكاليف اللازمة لمباشرة المهنة ما عدا الضريبة على أرباح
المهن غير التجارية التي تؤديها طبقاً لهذا القانون. وفي حالة عدم وجود حسابات
منتظمة مؤيدة بالمستندات تقدر المصروفات جزافاً بخمس الإيرادات" فإن هذا النص
يدل بذاته على أن المشرع أراد المغايرة بين التكاليف اللازمة لمباشرة المهنة وبين
المصروفات إذ لا يتأتى أن يعبر في نفس النص عن مدلول واحد بتعبيرين مختلفين،
ودلالة الحال تبين أنه أراد بالتكاليف كل ما يلزم لمباشرة المهنة بما في ذلك
"تكلفة السلعة أو الخدمة وتكلفة الإدارة" وأراد بالمصاريف مجرد
"تكلفة الإدارة" وهو ما تتحقق به العدالة في الالتزام بالضريبة بين
الممول الذي يمسك حسابات منتظمة فتخصم له جميع التكاليف بما في ذلك "تكلفة
السلع أو الخدمات" و"تكلفة الإدارة" وبين الممول الذي لا يمسك
حسابات منتظمة فتعتبر "تكلفة السلع أو الخدمات" عنصراً من عناصر
العمليات على اختلاف أنواعها وتقدر " تكلفة الإدارة" وهي المصاريف
تضييقاً للخلف عليها بين الممول وبين مصلحة الضرائب جزافاً بخمس الإيرادات، وإذ
التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على ما قرره من أن "المحكمة
ترى أن طبيعة عمل المستأنف عليه باعتباره ملحناً تستلزم اشتراك آخرين معه في أداء
هذا العمل من مؤلفين وموسيقيين ومصاحبين وهم الذين أشير إليهم في العقد المحرر
بينه وبين دار الإذاعة وهؤلاء بطبيعة الحال يشاركونه في الإيراد الذي يستولي عليه
ولا يعتبر ما يتقاضونه منه مصروفات بالمعنى الوارد في المادة 73/ 2 المشار إليها،
فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق