جلسة 10 من نوفمبر سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل، وعضوية السادة المستشارين:
محمد أسعد محمود، وجودة غيث، وحامد وصفي، وإبراهيم السعيد ذكرى.
-----------------
(148)
الطعن
رقم 1 لسنة 39 ق "أحوال شخصية"
(أ) إثبات. "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في
تقدير أقوال الشهود".
استقلال قاضي الموضوع
بتقدير أقوال الشهود طالما لم يخرج عن مدلولها.
(ب) إثبات. "عبء الإثبات".
المدعي هو المكلف قانوناً
بإثبات دعواه وتقديم الأدلة المؤيدة لها.
(ج) إثبات. "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في
استدعاء الشهود". نقض.
حق محكمة الموضوع في
استدعاء من ترى لزوم سماع شهادته. جوازي لها متروك لمطلق تقديرها. لا رقابة لمحكمة
النقض عليها في ذلك.
--------------------
1 - تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع
ولا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها.
2 - المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي
تؤيد ما يدعيه.
3 - الحق المخول للمحكمة في المادة 70 من قانون الإثبات رقم 25
لسنة 1968 بأن تستدعي للشهادة من ترى لزوماً لسماع شهادته كلما أمرت بالإثبات
بشهادة الشهود، هذا الحق جوازي لها متروك لمطلق رأيها وتقديرها تقديراً لا تخضع
فيه لرقابة محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل -
على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 1180 سنة 66 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ملي ضد المطعون عليها يطلب
الحكم عليها بتطليقها منه، استناداً إلى أنه زوج للمطعون عليها بموجب عقد كنسي
مؤرخ 17/ 2/ 1946 وأنها خانت العلاقة الزوجية بما لا يستطاع معه دوام حياتهما
المشتركة، وبتاريخ 10/ 6/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت
الطاعن أن المطعون عليها ساء سلوكها وفسدت أخلاقها وخانت معاشرته الزوجية، وبعد
سماع شاهدي الطاعن عادة وبتاريخ 9/ 12/ 1967 فحكمت بتطليق المطعون عليها منه،
استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 سنة 85 ق أحوال شخصية ملي
القاهرة. وبتاريخ 20/ 5/ 1968 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتنفي
المطعون عليها ما يدعيه عليها زوجها الطاعن من سوء السلوك وفساد الخلق والخيانة
الزوجية، وأن الأخير وشاهديه قد اختلقوا عليها الوقائع التي وردت في شهادتهما بقصد
التخلص منها وأن "محمود حسن خليفة" المدعي بتردده شخصية لا وجود لها،
وبعد سماع شهود المطعون عليها عادت المحكمة وبتاريخ 16/ 12/ 1968 فحكمت بإلغاء
الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة
العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة
رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه أنه شابه قصور يعيبه ويبطله من وجوه (أولاً) أنه أطرح شهادة
شاهديه ولم يناقشها لمجرد أنهما من أقاربه مع أن جريمة الزنا لا يعرفها سوى أقرب
الناس الملاصقين للأسرة، ثم أخذ الحكم بشهادة شهود المطعون عليها مع أنها انطوت
على المجاملة ولم تنف الدليل الذي قدمه الطاعن وشاهداه، هذا إلى أن الحكم لم يرد
على دفاع الطاعن وعلى مذكرة النيابة العامة التي أيدت فيها طلباته (ثانياً) استند
الحكم إلى أقوال شهود المطعون عليها مع أنه توجد بينه وبينهم منازعات وأحدهم يمت
لها بصلة القرابة كما أنهم قرروا أن "محمود حسن خليفة" الذي يتردد على
المطعون عليها شخص وهمي مع أن هذا الشخص موجود ويقيم بمنية السيرج مما يهدر
أقوالهم، (ثالثاً) لم تحقق المحكمة الوقائع التي قررها شاهداه من أنهما أبلغا والد
المطعون عليها عقب ضبط "محمود حسن خليفة" في المنزل، وأنه حضر وواجه ابنته
التي اعترفت وإذ لم تسأل المحكمة والد المطعون عليها ولم تناقشها في اعترافها بل
أوردت في حكمها أنه لا تأخذ بأقوال الشاهدين لأنها لم يبلغا الطاعن عقب الضبط،
وفاتها أنه كان متغيباً في عمله (رابعاً) لم تحضر المطعون عليها شهودها إلا أمام
محكمة الاستئناف الأمر الذي يدعو إلى عدم الاطمئنان على أقوالهم بالإضافة إلى
شهادتهم انصبت على أنها حسنة السير والسلوك ولم تنف عنها جريمة الزنا.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد أقوال شهود الطرفين أورد في هذا الخصوص ما
يلي "إن المحكمة لا تطمئن إلى ما شهد به المستأنف عليه - الطاعن - ذلك لصلة
القربى التي بينه وبينهما فهو خالهما فضلاً عن أنهما قررا في بدء أقوالهما بمحضر
التحقيق أنهما يقيمان بمنية السيرج تبع قسم شبرا، ثم عادا وقررا أثناء مناقشتهما
أنهما يقيمان بالمنزل الذي يسكن فيه المستأنف عليه بالمطرية ولو أن ما شهدا به على
النحو السالف تفصيله صحيح، وأنهما أخبرا خالهما بتردد آخر على منزله ومبيته به
لأبلغ عن ذلك وضبط زوجته لو صح قولهما وهي متلبسة بالزنا وكفاه ذلك مئونة رفع هذه
الدعوى وترى لذلك عدم الأخذ بشهادتهما...... وأن المحكمة تطمئن إلى ما شهد به شهود
المستأنفة - المطعون عليها - إذ لا علاقة تربطهم بها سوى أنهم جيرانها في المسكن،
وقد شهدوا بأنها حسنة السيرة ولم يسمع عنها ما يمسها كما أن أحد لا يتردد على
منزلها وأنهم لا يعرفون المدعو "محمود حسن خليفة" المقول بأنه يتردد
عليها، ويبيت معها في غيبة زوجها، وأضافوا أن زوجها سيء الخلق وعلى علاقة ببعض
السيدات وأنه يريد التخلص منها لهذا السبب، وقد تأيدت هذه الأقوال بما أثبت
بالشهادة المقدمة من عديد من سكان المنطقة والسالف الإشارة إليها" ولما كان
تقدير أقوال الشهود مرهوناً بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان عليه في
ذلك إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، وكان يبين مما قرره
الحكم على النحو السالف بيانه أن المحكمة بعد أن استعرضت أقوال الشهود إثباتاً
ونفياً ووازنت بين أقوالهم انتهت في حدود سلطتها الموضوعية في تقدير الدليل إلى
ترجيح أقوال شهود المطعون عليها واستخلصت مما قرروه عدم صحة الواقعة التي نسبها
إليها الطاعن واستندت في ذلك إلى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي
انتهت إليها وتحمل الرد على دفاع الطاعن، وكانت المحكمة قد استخلصته من أقوال
هؤلاء الشهود لم تخالف الثابت بأقوالهم ولم تحرفها، إذ يبين من مراجعة أقوالهم في
محضر التحقيق أنهم لم يذكروا أن محمود حسن خليفة شخص وهمي بل قرروا أنهم لا
يعرفونه، وكان ما ينعاه الطاعن عليها لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة
لشهادة الشهود بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذ بها الحكم، ولما كان
المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه، وكان
الطاعن لم يطلب من المحكمة سؤال والد المطعون عليها أو مناقشتها في اعترافها، وكان
الحق المخول للمحكمة في المادة 70 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 بأن تستدعي
للشهادة من ترى لزوماً لسماع شهادته كلما أمرت بالإثبات بشهادة الشهود، هذا الحق
جوازي لها متروك لمطلق رأيها وتقديرها تقديراً لا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض،
لما كان ذلك فإن النعي برمته يكون على غير أساس ويتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق