الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 أكتوبر 2020

الطعن 32 لسنة 40 ق جلسة 18 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 أحوال شخصية ق 248 ص 1462

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

---------------

(248)
الطعن رقم 32 لسنة 40 القضائية "أحوال شخصية"

 (1)نقض "أسباب الطعن". استئناف "ميعاد الاستئناف".
تمسك المستأنف - في خصوص بدء ميعاد الاستئناف بأن الحكم الابتدائي صدر غيابياً في حقه. سبب جديد. عدم جواز إبداؤه لأول مره أمام محكمة النقض.
 (2)نقض "أسباب الطعن".
عدم تقديم الطاعن الدليل على ما تمسك به من أوجه الطعن في الميعاد القانوني نعى. لا دليل عليه.
 (3)أحوال شخصية "الطعن بالنقض". نقض "تقديم الأوراق والمستندات".
الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. جواز استناد الخصوم إلى ما حواه ملف الدعوى الابتدائي أو الاستئنافي من مستندات. شرطه. صدور أمر رئيس المحكمة بضم الملف قبل فوات ميعاد الطعن.
(4) حكم "الطعن في الحكم". استئناف. محكمة الموضوع.
قبول المحكوم عليه للحكم الابتدائي المانع من استئنافه. شرطه. استقلال قاضي الموضوع بتقدير ما يعتبر قبولاً ضمنياً للحكم. لا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى استند لأسباب سائغة.
(5 و6) إثبات" طرق الإثبات أحوال شخصية "الإثبات". إرث.
 (5)الإثبات في مسائل الأحوال الشخصية. إجراءات الإثبات الشكلية. خضوعها لقانون الإثبات. قواعد الإثبات الموضوعية المتعلقة بالدليل. خضوعها لأحكام الشريعة الإسلامية. لا يغير من ذلك إلغاء الباب الخاص بالأدلة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
 (6)الشريعة الإسلامية هي الواجبة التطبيق في مسائل مواريث المصريين غير المسلمين. تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال التركة إليهم، وتحديد نصاب الشهادة. وجوب الرجوع فيها لأحكام الشريعة الإسلامية.
---------------

1 - إذ يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يتمسك في الاستئناف المقام منه بأنه لم يمثل بشخصه في أية مرحلة من مراحل التقاضي، وأن الحكم الابتدائي صدر غيابياًَ في حقه، فإنه يمتنع عليه إثارة ذلك لدى محكمة النقض لجدة السبب.
2 - من المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذا لم يقدم الطاعن رفق طعنه صورة رسمية من محاضر جلسات محكمة أول درجة، حتى تستطيع المحكمة التحقق من صحة ما ينعاه على الحكم المطعون فيه، فإن قوله في هذا الخصوص يصبح عارياً عن دليله.
3 - لا يسمح للخصوم في الطعن بالنقض بتأييد وجهات نظرهم استناداً إلى ما حواه ملف الدعوى - الابتدائي أو الاستئنافي - من مستندات وأوراق إلا إذا كان أمر رئيس المحكمة بضم الملف استعمالاً للرخصة المخولة له بمقتضى المادة 882 من قانون المرافعات قد صدر قبل فوات ميعاد الطعن.
4 - تقضي المادة 211 من قانون المرافعات القائم بأنه لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبلها، وقبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً، ويستفاد القبول الضمني من كل فعل أو عمل ينافي الرغبة في رفع الاستئناف ويشعر بالرضا بالحكم والتخلي عن حق الطعن فيه، وقاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان ما صدر من الخصم يعتبر قبولاً ضمنياً منه للحكم أو لا يعتبر ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى استند إلى أسباب سائغة.
5 - مفاد المادتين 5 و6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 والمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن المشرع فرق في الإثبات بين الدليل وإجراءات الدليل فأخضع إجراءات الإثبات كبيان الوقائع وكيفية التحقيق وسماع الشهود. وغير ذلك من القواعد الشكلية للنصوص الإجرائية الواردة في قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، أما قواعد الإثبات المتصلة بذات الدليل كبيان الشروط الموضوعية اللازمة لصحته وبيان قوته وأثره القانوني فقد أبقاها المشرع على حالها خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية، ولا يغير من ذلك أن يكون المشرع قد نص في المادة الثالثة عشرة من القانون رقم 462 لسنة 1955 على إلغاء الباب الثالث من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الخاص بالأدلة فيما عدا مواد معينة ليس من بينها الإرث، لأنه لم يقصد بهذا الإلغاء الخروج على الأصل المقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي أحالت إليها المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955.
6 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها هي الواجبة التطبيق في مسائل مواريث المصريين غير المسلمين ويندرج فيها تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال التركة إليهم، ومن ثم فإنه يرجع في ثبوت تعين شخص الوارث إلى أحكام هذه الشريعة من حيث نصاب الشهادة باعتبارها من قواعد الإثبات الموضوعية في هذا المجال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 134 لسنة 1967 "ملي" أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد المطعون عليها الثانية، وقالت شرحاً لها أنه بتاريخ 14 من نوفمبر 1965 توفى المرحوم......... وترك ما يورث عنه، وانحصر إرثه فيها وفي........ بوصفهما شقيقيه وفي زوجته المطعون عليها الثانية، وأنها تستحق في تركته ستة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً، ثم توفى........ في 7 من فبراير 1966 وانحصر إرثه فيها فقط، وإذ وضعت المطعون عليها الثانية اليد على التركتين ونازعتها في استحقاقها لنصيبها الميراثي فقد أقامت دعواها بطلب الحكم بثبوت وفاة...... و....... وأنها من ورثتهما وتستحق في تركة الأول ستة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً كما تستحق جميع تركة الثاني. أنكرت المطعون عليها الثانية وراثة المطعون عليها الأولى وتقدمت بإعلام شرعي صادر في 24 من أكتوبر 1966 تضمن انحصار إرث...... فيها بوصفها زوجته وفي شقيقه........، وانحصار إرث ذلك الأخير في ابن شقيقه........ - الطاعن -، فأدخلت المطعون عليها الأولى كلاً من الطاعن والمطعون عليه الثالث، وأضافت إلى طلباتها الحكم ببطلان الإعلام الشرعي الصادر بتاريخ 24 من أكتوبر 1966 في المادة رقم 438 لسنة 1966 وراثات عابدين، وبتاريخ 29 من مايو 1968 حكمت المحكمة حضورياً للمطعون عليها الثانية وغيابياً للطاعن بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أن شقيقها....... توفى بتاريخ 14 من نوفمبر 1965 وانحصر إرثه فيها وفي زوجته المطعون عليها الثانية وفي شقيقه......، وأن ذلك الأخير توفى بتاريخ 7 من فبراير 1966 وانحصر إرثه فيها وحدها ولم يخلفه من يحجبها كأخت شقيقة، وليثبت الطاعن والمطعون عليها الثانية أن أولهما ابن أخ شقيق للمتوفى يحجب المطعون عليها الأولى من الميراث، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 22 من مارس 1969 فحكمت حضورياًً (أولاً) بإثبات وفاة...... في 14 من نوفمبر 1956 وانحصار إرثه في كل من زوجته المطعون عليها الثانية - ولها الربع فرضاً وفي المطعون عليها الأولى و....... ولهما باقي التركة للذكر مثل حظ الأنثيين (ثانياً) بإثبات وفاة...... في 7 من فبراير 1966 وانحصار إرثه في شقيقته المطعون عليها الأولى ولها النصف فرضاً وفي ابن شقيقه الطاعن وله الباقي تعصيباً. استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 44 لسنة 86 أحوال شخصية القاهرة طالبة تعديله فيما قضى به من وراثة الطاعن...... تعصيباً وانحصار إرثه فيها، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 103 لسنة 86 ق أحوال شخصية القاهرة طالباً أصلياً بطلان الحكم المستأنف وبطلان إدخاله خصماً في الدعوى وبعدم قبول دعوى المطعون عليها الأولى، واحتياطياً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وبعد ضم الاستئنافين دفعت المطعون عليها الأولى بعدم قبول الاستئناف المرفوع من الطاعن لإقامته بعد الميعاد، كما دفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف المقام من المطعون عليها الأولى لسبق قبولها الحكم المستأنف وتنفيذها له" وبتاريخ 19 من إبريل 1970 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) في الاستئناف رقم 103 سنة 86 ق برفضه (ثانياً) في الاستئناف رقم 44 لسنة 86 ق برفض الدفع بعدم جوازه وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من أن الطاعن ابن شقيق لل....... واستحقاقه نصف التركة تعصيباً والقضاء بانحصار إرث المتوفى في أخته الشقيقة المطعون عليها الأولى ولها جميع تركته فرضاً ورداً وتأييد الحكم فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جديد بالنظر، وبالجلسة المحددة أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب، ينعى الطاعن بالأسباب الأول والثالث والسادس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن حكم محكمة أول درجة صدر في غيبته وأنه لم يمثل في أية جلسة لا بشخصه أو بوكيل عنه، كما أن ميعاد الاستئناف لا يبدأ بالنسبة له إلا من تاريخ إعلان ذلك الحكم، وأن المطعون عليه الثالث إنما اختصم بصفته الشخصية لا بصفته وكيلاً عنه غير أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن الحكم الابتدائي صدر حضورياً في حقه ويبدأ ميعاد استئنافه من تاريخ صدوره وأنه يتعين رفضه لإقامته بعد الميعاد عملاً بالمواد 307 و308 و320 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وترتب على ذلك أنه لم يعن بالرد على طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق من جديد تبعاً لأن المطعون عليه الثالث هو الذي استحضر الشهود بصفته الشخصية، علاوة على أن الحكم رفض الأخذ بالشهادة الصادرة من النيافة البطريركية الكلدانية عن زواج المطعون عليهم الأولى المثبتة أنها ليست من نسل.... وأنها ابنة لآخر يدعى...... استناداً إلى أن هذه الشهادة ليست معدة لإثبات النسب، مع أن الشهادة المشار إليها ليست محل طعن، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يتمسك في الاستئناف المقام منه رقم 103 لسنة 86 ق بأنه لم يمثل بشخصه في أية مرحلة من مراحل التقاضي وأن الحكم الابتدائي صدر غيابياًَ في حقه وهو ما يمتنع عليه إثارته لدى محكمة النقض لجدة السبب، لما كان ذلك، وكان من المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذا لم يقدم الطاعن رفق طعنه صورة رسمية من محاضر جلسات محكمة أول درجة كما لم يقدم صورة رسمية من شهادة زواج المطعون عليها الأولى المشار إليها بسبب النعي، حتى تستطيع المحكمة التحقق من صحة ما ينعاه على الحكم المطعون فيه فإن قوله في هذا الخصوص يصبح عارياً عن دليله، لا يجزئ عن ذلك طلب الطاعن في مذكرته المقدمة بتاريخ 17 من يونيو 1970 - وبعد انقضاء ميعاد الطعن بالنقض - ضم الملفين الابتدائي والاستئنافي لأنه وعلى ما جرى قضاء هذه المحكمة - لا يسمح للخصوم في الطعن بالنقض بتأييد وجهات نظرهم استناداً إلى ما حواه ملف الدعوى من مستندات وأوراق إلا إذا كان أمر رئيس المحكمة بالضم استعمالاً للرخصة المخولة له بمقتضى المادة 882 من قانون المرافعات قد صدر قبل فوات ميعاد الطعن الأمر المفتقد في الدعوى المعروضة، لما كان ما تقدم، وكان قضاء الحكم المطعون فيه برفض استئناف الطاعن لرفعه بعد الميعاد وفق المواد 307 و308 و320 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية من شأنه أن يحول بين الحكم وبين إمكان الاستجابة إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو الرد على ذلك الطلب، اعتباراً بأن ما يثيره الطاعن في هذا المجال إنما يعد طعناً موجهاً إلى قضاء الحكم المستأنف لا يجوز لمحكمة الاستئناف النظر فيه إلا إذا كان الاستئناف مقبولاً، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن من بين المستندات المقدمة من المطعون عليهما الثانية والثالث شهادة ميلاد الطاعن المؤرخة 23 من أغسطس والمثبت فيها أن والده هو... ووثيقة زواج والديه، وكذا الصورة الرسمية من محضر جلسة المادة 547 لسنة 1966 وراثات عابدين التي أقرت فيها المطعون عليها الأولى بأن.... المذكور أخ شقيق للمورث.....، غير أن الحكم أهدار دلالة شهادة ميلاد الطاعن قولاً بأنه ليس من شأنها أن تثبت نسباً وميراثاً، وأغفل ربطها بإقرار المطعون عليها في مادة الوراثة، مع أن هذا الإقرار يفيد أن والد الطاعن..... أخ شقيق للمورث، ويكون الطاعن طبقاً لشهادة ميلاده ابن أخ شقيق للمورث ويرثه تعصيباً، وهو ما يشوب الحكم بفساد الاستدلال.
وحيث إنه لما كان الطاعن لم يقدم محضر جلسة مادة الوراثة المشار إليها بسبب النعي كيما تتحقق المحكمة من صحة الإقرار المنسوب صدوره إلى المطعون عليها الأولى ومداه، وكان حكم محكمة أول درجة قد أثبت ضمن مدوناته دفاع هذه الأخيرة من أنها لم تقر في محضر جلسة مادة الوراثة بنوة الطاعن لشقيق المورث المدعو.......، وإنما قررت أنه توفى منذ خمسين عاماً دون أن ينجب، فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال لعدم ربطه بين الإقرار وبين شهادة ميلاد الطاعن يكون عارياً عن دليله.
وحيث إن النعي بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه دفع بعدم جواز الاستئناف رقم 44 لسنة 86 ق أحوال شخصية القاهرة المرفوع من المطعون عليها الأولى لقبولها الحكم المستأنف بإقامتها الدعوى رقم 5919 لسنة 1966 مستعجل القاهرة ضد الطاعن طالبة فرض الحراسة القضائية على العقارات المخلفة عن المورث... على أساس ما قضى به الحكم المستأنف من استحقاقها لنصف الريع يما يفيد أنها سلمت بأنه يرث النصف الآخر خاصة وأنها لن تطلب إيداع الريع خزانة المحكمة بل طلبت توزيعه بينهما، غير أن الحكم انتهى إلى رفض الدفع على سند من القول بأن طلب فرض الحراسة لا يدل على قبول المطعون عليها للحكم وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز استئناف المطعون عليها الأولى على قوله "...... أنه بالنسبة للاستئناف رقم 44 لسنة 86 ق فإن القول بأن المستأنفة المطعون عليها الأولى قد قبلت الحكم المستأنف مما لا يجوز معه استئنافه بعد ذلك هو قول لا يسنده دليل، إذ أن الدعوى المستعجلة بطلب فرض الحراسة القضائية على الأعيان محل النزاع لا يمكن أن تدل على ذلك فهي بطبيعتها تستهدف إجراءات تحفظية ووقتية حتى يفصل من القضاء الموضوعي في أصل النزاع - وقبول الحكم المانع من استئنافه يتعين أن يكون صريحاً وقاطعاً ومتعلقاً بموضوع النزاع ذاته....."، ولما كانت المادة 211 من قانون المرافعات القائم تقضي بأنه لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبلها، وكان قبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً، ويستفاد القبول الضمني من كل فعل أو عمل قانوني ينافي الرغبة في رفع الاستئناف ويشعر بالرضا بالحكم والتخلي عن حق الطعن فيه، وقاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان ما صدر من الخصم يعتبر قبولاً ضمنياً منه للحكم أو لا يعتبر ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى استند إلى أسباب سائغة، وكانت الأسباب التي أوردها الحكم المطعون فيه على النحو السالف من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان غير صحيح ما يقوله الطاعن من أن المطعون عليها الأولى قد أقرت بحقه في الاستيلاء على نصف الريع إذعاناً لما قضى به حكم محكمة أول درجة من أنه يرث نصف التركة أو أنها طلبت توزيع الريع دون تحفظ، لأن الإجراء التحفظي بوضع أعيان التركة تحت الحراسة علاوة على أنه بطبيعته موقوت بانتهاء النزاع الموضوعي قضاء أو رضاء، فإن المطعون عليها الأولى إنما هدفت إلى تفادي أضرار تلحقها بسبب بقاء الأعيان الموروثة تحت يد المطعون عليها الثانية واستئثارها بحصيلة الريع، ويكون النعي في هذا الخصوص غير وارد.
وحيث إن مبنى السبب الخامس خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم طبق قواعد الشريعة الإسلامية أطرح أقوال من شهد لصالحه في التحقيقات التي أجرتها المحكمة على سند من عدم تحقق نصاب الشهادة وفقاً للراجع في مذهب أبي حنيفة، في حين أن الإحالة الواردة بالمادة 875 من القانون المدني إلى الشريعة الإسلامية بشأن تحديد الورثة وأنصبائهم لا يقصد بها سوى القواعد الموضوعية دون إجراءات التحقيق التي تتبع فيها القواعد العامة الواردة في قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وهي لا تقيد الشهادة بنصاب معين ولا تستلزم شهادة رجلين أو رجل وامرأتين.
وحيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استبعد أقوال شاهدي الطاعن واستناد إلى قوله ".... أن من المسلم به أن مواريث جميع المصريين مسلمين وغير مسلمين تحكمها قواعد الشريعة الإسلامية عملاً بالمادة 875 مدني، وقواعد الشريعة الإسلامية المعنية في هذا الخصوص هي القانون رقم 77 لسنة 1943 والراجح من مذهب أبي حنيفة فيما لم يرد فيه نص بشأنه، ومن المعلوم طبقاً لهذه الشهادة أن نصاب الشهادة في هذه الدعوى هي رجلان أو رجل وامرأتان، وإذا كان الحكم المستأنف قد اعتد في الإثبات بشهادة رجل واحد وامرأة واحدة كان هذا منه خطأ شرعاً، وكان ما شهد به الشاهدان المذكوران غير مجد في الإثبات" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك لأن مفاد المادتين 5 و6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 والمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن المشرع فرق في الإثبات بين الدليل وإجراءات الدليل فأخضع إجراءات الإثبات كبيان الوقائع وكيفية التحقيق وسماع الشهود وغير ذلك من القواعد الشكلية للنصوص الإجرائية الواردة في قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، أما قواعد الإثبات المتصلة بذات الدليل كبيان الشروط الموضوعية اللازمة لصحته وبيان قوته وأثره القانوني فقد أبقاها المشرع على حالها خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية، ولا يغير من ذلك أن يكون المشرع قد نص في المادة الثالثة عشرة من القانون رقم 462 لسنة 1955 على إلغاء الباب الثالث من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الخاص بالأدلة فيما عدا مواد معينة ليس من بينها الإرث لأنه لم يقصد بهذا الإلغاء الخروج على الأصل المقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي أحالت إليها المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 السالف الإشارة إليها ولما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها هي الواجبة التطبيق في مسائل مواريث المصريين غير المسلمين ويندرج فيها تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال التركة إليهم، ومن ثم فإنه يرجع في ثبوت تعيين شخص الوارث إلى أحكام هذه الشريعة من حيث نصاب الشهادة باعتبارها قواعد الإثبات الموضوعية في هذا المجال وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا الاتجاه ولم يطبق قواعد قانون الإثبات فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق