الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الخميس، 30 يناير 2025

الطعن 2528 لسنة 36 ق جلسة 11 / 2 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 63 ص 529

جلسة 11 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: مصطفى محمد المدبولي أبو صافي، والسيد محمد السيد الطحان، وإدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(63)

الطعن رقم 2528 لسنة 36 القضائية

الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف - حماية مجرى النيل وجسوره - القيود الواردة على الأراضي الواقعة بين جسور النيل أو الترع العامة أو المصارف والخارجة عنها.
المادتان 1، 5 من قانون الري والصرف رقم 12 لسنة 1984.
المشرع حدد الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف ومن بينها الرياحات والترع العامة والمصارف العامة وجسورها وكذلك الأراضي والمنشآت الواقعة بين تلك الجسور - بالنظر إلى ما قد يتخلل الأملاك العامة من أراضي أو منشآت مملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو مملوكة للأفراد فقد استثناها المشرع من الخضوع للأحكام القانونية الواجبة التطبيق على الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف - ومع ذلك أخضعها المشرع لعدة قيود القصد منها حماية مجرى النيل والرياحات والترع العامة والمصارف العامة وجسورها - يتعين على مالك الأرض المحصورة بين جسور النيل أو الترع العامة أو المصارف العامة وكذلك المالك للأراضي الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين متراً وخارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين متراً أن يحصل على ترخيص من وزارة الري بالأعمال التي يزمع القيام بها بالأرض المملوكة له، فإذا قام بالبناء أو بإجراء أية أعمال دون الحصول على ترخيص من وزارة الري كان متعدياً على منافع الري والصرف بالمخالفة لأحكام القانون ووجب إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري وبقرار من مدير عام الري المختص. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 11/ 6/ 1990 أودع الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2528 لسنة 36 ق. ع وذلك في الحكم الصادر بجلسة 19 إبريل عام 1990 من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة الأفراد ب) في الدعوى رقم 2457 لسنة 43 ق، والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن الماثل ارتأت للأسباب المبينة بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3 يوليو 1995 حيث نظر الطعن بالجلسة المشار إليها والجلسات التالية وبجلسة 16 أكتوبر 1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 10 ديسمبر 1995 حيث تم نظر الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وقد صدر الحكم بالجلسة المحددة وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 26 يناير 1989 أقام الطاعن الدعوى رقم 2457 لسنة 43 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة الأفراد ب) بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مدير عام الري بالغربية رقم 26 لسنة 1988 في 26 مارس 1988 م المتضمن إزالة التعديات للمباني المحرر عنها محضر المخالفة رقم 678 في 26 يناير 1988 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي (الطاعن) شرحاً لدعواه أنه فوجئ بتاريخ 4 نوفمبر 1988 بطلب من مركز شرطة بسيون لإبلاغه بالقرار المطعون فيه، فتقدم بتظلم إلى المدعى عليه الثاني (المطعون ضده الثاني) بتاريخ 5 نوفمبر 1988 حيث تم التأشير على التظلم بإحالته إلى الشئون القانونية بالمديرية للفحص، وكان قد التمس في تظلمه وقف تنفيذ القرار لحين بحث التظلم غير أنه فوجئ في 22 يناير 1989 بطلب آخر من مركز شرطة بسيون لتنفيذ القرار فاعتبر ذلك رفضاً لتظلمه مما حدا به إلى إقامة دعواه طعناً على القرار لمخالفته القانون ذلك أن محضر المخالفة رقم 678 في 16 يناير 1988 المحرر ضده عن المبنى أحيل إلى محكمة الجنح الجزئية ببسيون بعدم قيده جنحه تحت رقم 2058/ 88 جنح بسيون وقضت فيه المحكمة بجلسة 11 أكتوبر 1988 ببراءته مما أسند إلية من التعدي على أملاك الدولة بالبناء عليها وإجراء عمل خاص داخل حدود الري والصرف، وذلك بعد إجراء معاينه للمبنى من جانب الوحدة المحلية حيث اتضح منها عدم قيامه بالبناء على أرض مملوكة للدولة، وأن حكم محكمة الجنح أصبح نهائياً بعدم الطعن عليه وحائزاً لحجية لأمر المقضى به، وأن المدعى عليه الأول (المطعون ضده الأول) لم يحترم حجية الحكم الجنائي وأراد تنفيذ القرار المطعون فيه.
وفى مجال الرد على الدعوى أوردت الجهة الإدارية أن المدعي (الطاعن) خالف أحكام قانون الري والصرف بالتعدي على جسر وصلة بحر عاصي البر الأيمن عند الكيلو رقم (1) بناحية عذبة عوض العيسوي مركز بسيون وذلك ببناء منزل من الخرسانة المسلحة والطوب الأحمر بأبعاد 12 متر × 10 متر دون ترخيص من الري فتحرر محضر المخالفة رقم 678 لسنة 1988 وصدر قرار الإزالة استناداً إلى المادة (98) من قانون الري والصرف، وأنه لا يجوز للمدعي التحدي بحجية الحكم الجنائي ذلك أنه يتضح من الاطلاع على الحكم المشار إليه أن المحكمة الجنائية أقامت قضاءها على أن البناء أقيم على أرض مملوكة للمدعي وليس على أرض مملوكة للدولة وبالتالي فلا يعتد بحكم البراءة في نفي المخالفة لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1984. بشأن الري والصرف فالمخالفة لهذا القانون ثابتة في حق المدعي ولا يؤثر في قيامها أنها وقعت في أرض مملوكة له أو للغير طالما أنها وقعت في منافع الري التي لا يجوز التعدي عليها دون ترخيص.
وبجلسة 19 أبريل 1990 قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة الأفراد ب) برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي المصروفات، وقد استندت المحكمة في قضائها إلى أن مفاد نصوص المواد 1، 9، 98 من القانون رقم 12 لسنة 1984 بشأن الري والصرف أن المشرع حظر إجراء أية أعمال أو إقامة أية منشآت في الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف ومن بينها نهر النيل وجسوره وجسور الترع والمصارف العامة والرياحات إلا بترخيص من وزارة الري، وكذلك الأمر بالنسبة للأراضي المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الإفراد الواقعة خارج منافع الري لمسافة 30 متراً خارج جسور النيل و20 متراً خارج منافع الترع، وأنه إذا تمت أية أعمال بالمخالفة لهذه الأحكام فإنه يحق لمهندس الري تكليف المستفيد من ذلك التعدي بإعادة الشيء إلى أصلة فإذا تخلف كان لمدير عام الري المختص إصدار قرار بإزالة التعدي طبقاً للمادة (98) من القانون المشار إلية وهو الأمر الذي تحقق في شأن المدعي، وأنه لا وجه لما يستند إلية المدعي من صدور حكم جنائي ببراءته عن ذات المخالفة فذلك مردود عليه بأنه ولئن كان البناء قد تم في أرض المدعي إلا أنه وقع داخل منافع الري التي لا يجوز التعدي عليها دون ترخيص وبالتالي فإن القرار المطعون فيه يكون بحسب الظاهر من الأوراق مطابقاً للقانون ويضحى طلب وقف تنفيذه مفتقداً ركن الجدية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه، وكما شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك لما يلي:
1 - مخالفة الحكم المطعون فيه لمبدأ حجية الشيء المقضي به، فقد صدر حكم محكمة - جنح بسيون الجزئية بجلسة 11/ 10/ 1988 في الجنحة رقم 2058 لسنة 1988 قاضياً ببراءة الطاعن مما أسند إليه من التعدي على أملاك الدولة بعد ثبوت إقامة البناء على ممتلكات الطاعن وفقاً لكشف التحديد الصادر عن الطلب رقم 23 لسنة 1986 شهر عقاري بسيون، وقد حاز الحكم حجية الأمر المقضي مما لا يجوز معه للجهة الإدارية المجادلة في إثبات واقعة نفاها الحكم الجنائي وهى البناء على ممتلكات الدولة.
2 - أن القرار المطعون فيه رقم 26 لسنة 1988 قد تجاوز حدود القرار الإداري مما يعد معه عملاً مادياً من أعمال الغضب لممتلكات الطاعن والتعرض لحقوقه دون سند من المشروعية، وكان يتعين على الحكم المطعون فيه مراقبة سبب القرار الإداري الذي أصبح منتفياً بصدور الحكم الجنائي القاضي بما سلف بيانه، وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه إلى قرار معيب مما يعد فساداً في الاستدلال. وقد خلص الطاعن
إلى أن الحكم الطعين جاء معيباً مما يجعله جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن قانون الري والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984 ينص على أنه:
مادة (1) الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف هي:
( أ ) مجرى النيل وجسوره.........
(ب) الرياحات والترع العامة والمصارف العامة وجسورها وتدخل فيها الأراضي والمنشآت الواقعة بين تلك الجسور ما لم تكن مملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها.
(ج)...........
مادة (5) تجمل بالقيود الآتية لخدمة الأغراض العامة للري والصرف للأراضي المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل أو الترع العامة أو المصارف العامة وكذلك الأراضي الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين متراً وخارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين متراً وكان قد عهد بالإشراف عليها إلى إحدى الجهات المشار إليها في المادة السابقة.
( أ )...... (ب).......
(ج) لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الري إجراء أي عمل بالأراضي المذكورة أو إحداث حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير في التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور أو بأراضي أو منشآت أخرى.
(د) لمهندسي وزارة الري دخول تلك الأراضي للتفتيش على ما يجرى بها من أعمال فإذا تبين لهم أن أعمالاً أجريت أو شرع في إجرائها مخالفة للأحكام السابقة كان لهم تكليف المخالف بإزالتها في موعد مناسب وإلا جاز لهم وقف العمل وإزالته إدارياً على نفقته.
مادة (98) لمهندس الري المختص عند وقوع تعدي على منافع الري والصرف أن يكلف من استفاد من هذا التعدي بإعادة الشيء لأصله في ميعاد يحدده وإلا قام بذلك على نفقته، ويتم إخطار المستفيد..... فإذا لم يقم المستفيد بإعادة الشيء لأصله في الموعد المحدد يكون لمدير عام الري المختص إصدار قرار بإزالة التعدي إدارياً، وذلك مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة في هذا القانون.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع حدد في المادة الأولى من قانون الري والصرف الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف ومن بينها الرياحات والترع العامة والمصارف العامة وجسورها وكذا الأراضي والمنشآت الواقعة بين تلك الجسور، وأنه بالنظر إلى ما قد يتخلل الأملاك العامة من أراضي أو منشآت مملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو مملوكة لأفراد فقد استثناها المشرع من الخضوع للأحكام القانونية الواجبة التطبيق على الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف، ومع ذلك - ونظراً لموقع الأراضي والمنشآت المستثناة وتداخلها مع الأملاك العامة المشار إليها فقد أخضعها المشرع لعدة قيود القصد منها حماية مجرى النيل والرياحات والترع والمصارف العامة وجسورها، وطبقاً للمادة الخامسة من القانون المشار إليها يتعين على مالك الأرض المحصورة بين جسور النيل أو الترع العامة أو المصارف العامة وكذلك المالك للأراضي الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين متراً وخارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين متراً أن يحصل على ترخيص من وزارة الري بالأعمال التي يزمع القيام بها بالأرض المملوكة له فإذا قام المالك بالبناء أو بإجراء أية أعمال دون الحصول على ترخيص من وزارة الري كان متعدياً على منافع الري والصرف بالمخالفة لأحكام القانون ووجب إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري وبقرار من مدير عام الري المختص.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم ولما كان البادي من ظاهر الأوراق أنه بتاريخ 26 يناير 1988 حررت الجهة الإدارية المطعون ضدها مخالفة الطاعن حاصلها بناء منزل من الخرسانة المسلحة والطوب بأبعاد 12×10 متراً على الأرض المملوكة له الواقعة على جسر وصلة بحر عاص كيلو (1) البر الأيمن بناحية عزبة حوض العيسوي التابعة لكتان الغابة مركز بسيون غربية، والتي تبعد عن منافع إلى مسافة خمسة عشر متراً مخالفاً بذلك أحكام المادتين 5، 98 من قانون الري والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984 التي تقضي بوجوب الحصول على ترخيص من وزارة الري بحسبانها محملة بالقيود المقررة لخدمة أغراض الري والصرف حسبما سلف البيان إذ أن الأرض المقام عليها البناء، تقع خارج وصلة بحر عاص على مسافة خمسة عشر متراً أي تقل عن مسافة عشرين متراً خارج منافع الري الأمر الذي يكون معه تدخل الجهة الإدارية بإصدار قرار إزالة أسباب المخالفة المطعون فيه - بحسب الظاهر - قد صدر مطابقاً لأحكام القانون ومن ثم يتخلف ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه مما يتعين معه رفض الطلب دون حاجة لبحث مدى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب وقضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون وأصاب وجه الحق في قضائه مما يكون معه الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه لا حجاج فيما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه خالف مبدأ حجية الشيء المقضى به والذي كان يتعين إعمال مقتضاه طالما أن الحكم الجنائي الصادر في الجنحة رقم 2058 لسنة 1988 السالف الإشارة إليه قد قضى ببراءة الطاعن من مخالفة التعدي على أملاك الدولة استناداً إلى أن الأرض التي تم عليها البناء مملوكة للطاعن، وأن قرار إزالة التعدي المطعون فيه قد صدر استناداً إلى أن الطاعن أقام البناء على أرض مملوكة للدولة، لا حجاج في ذلك إذ أنه من الجلي أن سبب القرار هو مخالفة الطاعن للأحكام القانونية الخاصة بقيود خدمة الري والصرف المحملة بها الأرض المملوكة للطاعن والتي تم البناء عليها دون ترخيص من وزارة الري ولم يكن سبب القرار هو البناء على أراضي مملوكة للدولة، ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا النعي على الحكم الطعين.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون 13 لسنة 1973 بتعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية

المذكرة الإيضاحية
لمشروع القانون رقم 13 لسنة 1973
من أهم ما تحرص عليه الدولة في عهد سيادة القانون تيسير سبل التقاضي للمواطنين كافة، وتبسيط إجراءاته، والعمل على تحقيق عدالة سريعة ميسرة تكفل وصول الحقوق لأربابها في غير عنت أو مشقة أو إرهاق. ولقد صدر قانون المرافعات المدنية والتجارية منذ سنوات ثلاث مستهدفا تحقيق هذا الهدف الأسمى. وبرغم ما استحدثه القانون الجديد من وجوه الإصلاح والتيسير، فإن الخصومة أمام القضاء ما تزال تتسم بالبطء في بعض مراحلها لا سيما في مرحلة الطعن بالنقض حيث يستغرق نظر الطعون سنوات طويلة وما يزال كاهل القضاء مرهقا بفضول من الإجراءات يجمل اختزالها والتخفف منها توفيرا للجهد والوقت وتحقيقا لسرعة البت في المنازعات. ومن أجل ذلك رؤى وضع مشروع القانون المرافق بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات بما يكفل تحقيق المزيد من الخطوات في سبيل التعجيل بحسم المنازعات، والتخفيف عن كاهل القضاء، وعلاج بعض ما أظهره التطبيق العملي من أوجه اللبس أو القصور. وفيما يلي إيضاح لأهم التعديلات التي اشتمل عليها المشروع:
أولا - أضاف المشروع إلى المادة 140 فقرة جديدة تقضي باستثناء الطعون بالنقض من أحكام انقضاء الخصومة بمضي المدة متى وقف السير فيها لمدة تزيد على ثلاث سنوات من أخر إجراء صحيح فيها، اعتبارا بأن نظر الطعون أمام محكمة النقض إنما يجرى بترتيب دورها في الجدول. ولا يد للخصوم فيما يحدث من تأخير السير فيها في بعض الأحيان حتى يسوغ أن يضاروا بهذا التأخير. لذلك اتجه الرأي في ظل قانون المرافعات السابق إلى عدم إخضاع الخصومة في مرحلة النقض لأحكام الانقضاء. وهو مبدأ استقر عليه العمل. وقد استصوب المشروع تأكيده بنص صريح دفعا لكل مظنة وخشية أن يفهم من عبارة "في جميع الأحوال" الواردة في صدر المادة انقضاء الخصومة حتما بمضي المدة المقررة في أي مرحلة من مراحلها بما في ذلك مرحلة الطعن بالنقض وهو فهم قد يبعث عليه أن القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض كان يتضمن نصا صريحا بتقرير هذا الاستثناء، ثم ألغى هذا النص بإلغاء القانون ذاته وإدماج نصوصه في قانون المرافعات، مما قد يفسح المجال لتأول هذا الإلغاء. ومن أجل ذلك أثر المشروع العود إلى تقرير هذا الاستثناء بنص صريح دفعا لكل لبس.
ثانيا - عالج المشروع في المادة 178 مشكلة من أبرز المشاكل التي ترهق كاهل القضاء وتقتطع الكثير من جهده ووقته، وهي مشكلة الإسراف في تسبيب الأحكام، وفيما ينبغي أن يشتمل عليه الحكم القضائي من عناصر وبيانات. وإذا كانت الغاية الأساسية من تسبيب الحكم هي توفير الرقابة على عمل القاضي، والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع، ودفاع طرفيه، والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه. فإنه يكفي لتحقق هذه الغاية أن يشتمل الحكم على عرض وجيز لوقائع النزاع. وإجمال للجوهري من دفاع طرفيه، ثم إيراد الأسباب التي تحمل قضاء المحكمة فيه. وكل تجاوز لهذا القدر الواجب في التسبيب، هو تزيد لا غناء فيه، ولا طائل من ورائه، ولقد جرى قانون المرافعات الحالي على سنن التشريعات السابقة عليه من حيث الإسراف في تعداد العناصر التي ينبغي أن يشتمل عليها الحكم القضائي، فأوجبت المادة 178 أن يشتمل الحكم - إلى جانب البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم - على "ما قدموه من دفاع أو دفوع، وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية، ومراحل الدعوى ورأي النيابة ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه". وقد كشف التطبيق العملي لهذا النص على ازدحام الأحكام القضائية في كثير من الأحيان بتعداد المستندات، والوثائق والأوراق التي يقدمها الخصوم ولو لم يكن يقتضيها الفصل في النزاع أو يتعلق بها دفاع جوهري للخصم. هذا بالإضافة إلى تفصيل الخطوات والمراحل التي قطعها النزاع أمام المحكمة على نحو قد يطول سرده في بعض الأحوال، ويغني عنه في جميع الأحوال ما سجلته محاضر الجلسات، وهي جميعها أمور تزدحم بها الأحكام القضائية، وقد تضيع في غمارها أمام القاضي معالم الطريق إلى نقاط النزاع الجوهرية، فضلا عما يستغرقه إثباتها من وقت وجهد قد يكون من الأصوب توجيهه إلى باقي المنازعات المعلقة أمام المحكمة.
لهذه الاعتبارات جميعها رؤى إعادة النظر في نص المادة 178 وتعديلها بما يحقق الإيجاز في تحرير الأحكام ويقصر تسبيبها على العناصر الجوهرية اللازمة لإقامة الحكم دون إطالة أو تزيد. فقضى المشروع بأن يشتمل الحكم - إلى جانب البيانات العامة المتعلقة بالمحكمة والخصوم - على عرض مجمل لوقائع النزاع، وطلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري، ورأي النيابة، ثم أسباب الحكم ومنطوقه، وبذلك استبعد المشروع من بيانات الحكم بيان مراحل الدعوى اكتفاء بمحاضر الجلسات، كما قصر ما ينبغي إثباته من دفاع الخصوم على خلاصة موجزة لدفاعهم الجوهري، وهو الدفاع الذي قد تتأثر به نتيجة النزاع ويتغير به وجه الرأي في الدعوى.
ولا يخفي ما في ذلك جميعه من توفير لجهد القاضي ووقته، وإتاحة المجال أمامه للمزيد من الإنتاج، مع عدم الإخلال - في الوقت ذاته - بالضمانات الأساسية للأحكام القضائية.
ثالثا - لم ير المشروع الإبقاء على الحكم الوارد في المادة 255 والخاص بضم ملف الدعوى أمام محكمة النقض متى طعن أمامها في الحكم الصادر فيها. ذلك أن الشكوى قد استفاضت من العمل بهذا النظام الذي استحدثه القانون رقم 106 لسنة 1962، واستبقاه قانون المرافعات الحالي. إذ فضلا عما أدى إليه العمل بهذا النظام من تعريض المستندات والمفردات للضياع، وتعطيل نظر الطعون انتظارا لورود الملف، فإن ضم ملف الدعوى الموضوعية - في ذاته - من شأنه أن يبعد محكمة النقض عن وظيفتها الأولى بوصفها محكمة القانون، ويؤدي إلى إنفاق الوقت في قراءة ومراجعة أوراق تتصل بأمور موضوعية تخرج بطبيعتها عن مهمة محكمة النقض، ولا يقتضيها الفصل في الطعن. يضاف إلى ذلك أنه كثيرا ما يحدث أن تفصل محكمة الاستئناف في شق من النزاع، وتستمر في نظر الدعوى بالنسبة لباقي الطلبات، فإذا طعن بالنقض في هذا الشق، فإن ضم الملف من شأنه أن يعطل الفصل في باقي الطلبات، كما أن عدم ضمه من شأنه أن يعطل الفصل في الطعن بالنقض، وهي نتيجة غير مقبولة في الحالين. لذلك جميعه رؤى العدول عن هذا النظام. ولما كانت الحكمة التي دعت إلى الأخذ به هي ما يعانيه الخصوم من صعوبات في استخراج صور الأحكام والأوراق اللازمة لتقديمها لمحكمة النقض نظرا لوجوب أداء جميع الرسوم المستحقة على الدعوى في مرحلتيها الابتدائية والاستئنافية عند استخراج هذه الصور، وكثيرا ما تكون هذه الرسوم باهظة، فقد عني المشروع بتذليل هذه العقبة، فأوجب على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أو الحكم الابتدائي أن يسلم لمن شاء من الخصوم الطعن بطريق النقض ما يطلبه من صور الأحكام أو المستندات أو الأوراق بدون رسوم، على أن تذيل هذه الصور بعبارة "لتقديمها لمحكمة النقض"، وذلك كله دون إخلال بحق قلم الكتاب في المطالبة بعد ذلك بما يكون مستحقا على القضية أو على أصل الأوراق من رسوم.
كما أجاز المشروع - في الوقت ذاته - لمحكمة النقض أن تأمر - عند الاقتضاء - بضم ملف الدعوى سواء من تلقاء ذاتها، أو بناء على طلب النيابة أو أحد الخصوم وغني عن البيان أن استخدام هذه الرخصة إنما يكون في حالات الضرورة التي تقدر فيها المحكمة لزوم الاطلاع على ملف الدعوى أو أصول الأوراق المقدمة لإمكان الفصل في الطعن.
وحتى لا يتأخر الفصل في الطعن في هذه الحالة أوجب القانون على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم أن ترسل الملف خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ طلبه.
رابعا - استحدث المشروع في المادة 263 نظاما جديدا لمراجعة الطعون بالنقض وتصفيتها قبل نظرها أمام المحكمة، وذلك تخفيفا للعبء عن الدوائر المدنية بمحكمة النقض، وتوفيرا لجهدها، وإتاحة السبيل أمامها للتوفر على دراسة الطعون الجديرة بالبحث والنظر وقد حرص المشروع أن يتفادى بالنظام الجديد ما كشف عنه تطبيق نظام دوائر فحص الطعون - السابق إلغاؤه - من عيوب. ومن أبرزها تخصيص دوائر معينة للفحص، وقصر جهودها على هذا العمل وحده دون مشاركة في عمل الدوائر الأصلية بالمحكمة مما يتأثر به إنتاج هذه الدوائر. فضلا عما يترتب على نظر الطعن على مرحلتين وأمام دائرتين مختلفتين من تكرار للجهد وإطالة في الوقت والإجراءات. وقد توصل المشروع في ذلك إلى نظام أكثر يسرا تفادى به العيوب السابقة جميعها، فناط بالدوائر المدنية ذاتها مراجعة وتصفية الطعون المحالة إليها قبل نظرها، لتستبعد منها بقرار يصدر في غرفة مشورة ما كان منها ظاهر الرفض لإقامته على أسباب موضوعية، أو واضح البطلان لعيب في الشكل، بحيث لا ينظر بعد ذلك أمام المحكمة إلا الطعون الجدية الجديرة بالنظر، وتحقيقا لهذا الغرض أضاف المشروع إلى المادة 263 حكما جديدا، استهدى فيه بأحكام قانون المرافعات الإيطالي (م 375). ويقضي هذا الحكم بأنه بعد انقضاء مواعيد تحضير الطعن، وتقديم مذكرة برأي النيابة، يعين رئيس المحكمة المستشار المقرر، ثم يعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة. فإذا رأت أنه غير جائز القبول لسقوط أو بطلان إجراءاته أو إقامته على غير الأسباب المبينة في المادتين 248 و249 أمرت بعدم قبوله بقرار يثبت في محضر الجلسة مع إشارة موجزة إلى سبب القرار وألزمت الطاعن المصروفات فضلا عن مصادرة الكفالة، أما إذا قدرت المحكمة أن الطعن جدير بالنظر حددت جلسة لنظره. ويجوز لها في هذه الحالة أن تستبعد من الطعن ما لا يقبل من الأسباب أمام محكمة النقض، وأن تقصر نظره على باقي الأسباب مع إشارة موجزة إلى سبب الاستبعاد. وإنما خول المشروع للمحكمة حق استبعاد الأسباب غير المقبولة في مرحلة الفحص نظرا لما لوحظ عن اشتمال الكثير من الطعون على أسباب موضوعية تخرج عن مهمة محكمة النقض ويستغرق تحصيلها والرد عليها في الأحكام من جهد المحكمة ووقتها ما ينبغي صرفه إلى الجوهري من الأسباب.
كما حرص المشروع على أن يقصر مرحلة المراجعة والفحص على المحكمة وحدها دون حاجة لإعلان الخصوم، اعتبارا بأن نظر الطعن أمام محكمة النقض إنما يجري على نظام الدفاع المكتوب الذي يبديه الخصوم سلفا في الآجال التي حددها القانون، فإذا انقضت هذه الآجال أصبح الطعن مهيأ للحكم فيه، وقضت فيه المحكمة بغير مرافعة إلا إذا رأت ضرورة لسماع الخصوم. ولما كان الطعن لا يعرض على المحكمة لفحصه إلا بعد تمام تحضيره واستيفاء الخصوم دفاعهم فيه، فقد استغنى المشروع عن دعوة الخصوم في مرحلة الفحص اكتفاء بدفاعهم المقدم في الطعن. فإذا قدرت المحكمة عند الفحص ضرورة سماع مرافعة الخصوم فيه، حددت جلسة لنظره أمامها بالطريق العادي.
ويتشرف وزير العدل بعرض المشروع على مجلس الوزراء رجاء التفضل بالموافقة عليه، واستصدار القرار الجمهوري بإحالته إلى مجلس الشعب.
وزير العدل
محمد سلامة

الطعن 5523 لسنة 88 ق جلسة 10 / 12 / 2020 مكتب فني 71 ق 114 ص 1073

جلسة 10 من ديسمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / عبد التواب أبو طالب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت أحمد عبد المجيد ، سامح حامد ، طارق سلامة ونبيل مسلم نواب رئيس المحكمة .
-------------------
(114)
الطعن رقم 5523 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إرهاب " إنشاء أو استخدام موقع إلكتروني بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية " . جريمة " أركانها " . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الركنان المادي والمعنوي لجريمة الترويج لأفكار ومعتقدات داعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية المؤثمة بالمادة 29/1 من القانون 94 لسنة 2015 . مناط تحققهما ؟
العلم والإرادة في جريمة الترويج لأفكار ومعتقدات داعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية . مسألة نفسية . للمحكمة تبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها . تحدثها عنها استقلالاً . غير لازم . ما دامت الوقائع تفيد بذاتها توافرها . عدم اشتراط طريقة خاصة لإثباتها . كفاية اقتناعها بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها .
مثال لتدليل سائغ على توافر الركنين المادي والمعنوي لجريمة الترويج لأفكار ومعتقدات داعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة المُتحرى عنهم أو معرفته السابقة بهم . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع من جرائم . حد ذلك ؟
عدم إفصاح رجل الضبط القضائي عن شخصية المرشد . لا يعيب الإجراءات .
لمحكمة الموضوع الأخذ بتحريات الأمن الوطني باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " بوجه عام " " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
المنازعة في القوة التدليلية لأقوال الشهود . جدل موضوعي . غير مقبول أمام محكمة النقض .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه . تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعة . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند للمتهم . لها تمحيص الواقعة وتطبيقاً القانون عليها تطبيقاً صحيحاً . اقتصار التعديل الذي أجرته على استبعاد جريمة إنشاء الطاعن للموقع على وسائل شبكة المعلومات الدولية وقصر الإدانة على جريمة قيامه بإدارته . لا يقتضي تنبيه الدفاع . حد ذلك ؟
(6) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة وعدم معقولية تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي عولت عليها المحكمة .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) إرهاب " إنشاء أو استخدام موقع إلكتروني بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية " . ظروف مخففة . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعن بالسجن المشدد ثلاث سنوات عن جريمة إدارة واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية بعد إعمال المادة 17 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليهما ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور في التسبيب ، ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد .
2- لما كانت المادة 29 /1 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب تنص على أن ( يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين ، كل من أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها ، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية ، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية ، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها ، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج .... ) ، فيكفي لتحقق الركن المادي لجريمة الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية مجرد إنشاء أو استخدام موقع على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، ويتحقق الركن المعنوي متى اتجهت إرادة المتهم من خلال ارتكاب تلك الأفعال إلى تكدير الأمن العام والترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، والعلم والإرادة في تلك الجريمة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود ، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وبما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال ، ما دامت الوقائع كما أثبتها – كما هو حاصل في الدعوى المطروحة – تفيد بذاتها توافرها ، ولا يشترط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكوّن لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها ، ولما كان ما قاله الحكم وأسنده إلى وقائع استخلصها استخلاصاً سائغاً من الأوراق ومما أورده من شهادة الضابط .... - مقدم شرطة بالإدارة العامة للتوثيق والمعلومات - التي تضمنت أنه نفاذاً لخطة العمل الموضوعة بالإدارة من مجابهة الجرائم المعلوماتية المستحدثة ومتابعة الأخبار على شبكة الإنترنت رصدت وحدة المتابعة العلنية أن القائم ومدير صفحة .... على موقع التواصل الاجتماعي - الفيس بوك - يقوم باستخدام ذلك الموقع بنشر مشاركات تتضمن التحريض على أعمال تخريبية بالدولة وأعمال الشغب التي تجري بالبلاد والدعوة للتظاهر والتي من شأنها خلخلة الأمن وتكدير صفوة الأمن العام وأنه - المدير- متصل بالإنترنت عن طريق جهاز حاسب آلي مرتبط بجهاز ADSL متصل بخط هاتف أرضي رقم .... والمسجل باسم الطاعن .... فقام بإجراء تحرياته السرية التي أسفرت على صحة ما تم رصده وأفرغ ما أسفرت عنه تحرياته في محضر عرضه على النيابة العامة التي أمرت بضبط وتفتيش شخص ومسكن وملحقات المسكن المُتحرى عنه لضبط ما يحوزوه أو يحرزه من حواسب آلية ثابتة أو محمولة ووحدات تخزين ثابتة أو محمولة أو أي أقراص ممغنطة أو فلاش میموري أو مطبوعات .... وأدوات تستخدم في هذه الجرائم ، ونفاذاً لذلك الإذن توجه لمسكن المأذون بضبطه وتفتيشه رفقة النقيب المهندس .... - الشاهد الثاني - وقوة من ضباط وأفراد وحدة مباحث القسم وبالطرق على باب المسكن فتح لهم الطاعن فأطلعه على إذن النيابة وبتفتيش المسكن عثر على عدد من الأوراق وأقر الطاعن بملكيته لخط الهاتف المستخدم علية النت ، كما عثر على جهاز راوتر أبيض اللون وجهاز حاسب آلي محمول ( لاب توب ) وكذا جهاز حاسب آلي ثابت وبفحص الأول - حاسب آلي محمول ( لاب توب ) - بمعرفة النقيب مهندس / .... تبين أن الطاعن هو المدير المسئول ( أدمن ) الصفحة المسماة .... ويقوم بنشر مشاركات تتضمن التحريض على الأعمال التخريبية بالدولة وأعمال الشغب التي تجري بالبلاد والدعوة للتظاهر ، كما تبين أنه المدير المسئول عن عدد ( 30 ) صفحة تحريضية أخرى .... بالإضافة لعدد ۱۰۲۰ جروب والتي تحتوي على عدد كبير تتبنى التحريض على أعمال التخريب والتظاهر ونشر المعلومات المغلوطة عن الدولة ، وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط والفحص أقر بصحتها وانتمائه لجماعة الإخوان الإرهابية وأنه قام بإدارة تلك الصفحات لإظهار أن ما حدث في 30 يونيه هو انقلاب عسكري على حكم الإخوان وتشويه صورة الثورة أمام العالم ، وهو الأمر الذي أكده الشاهد .... - نقيب شرطة بالإدارة العامة للتوثيق والمعلومات - وأضاف أنه من خلال متابعته اليومية لشبكة المعلومات الدولية - الإنترنت - تبين وجود صفحة على الفيس بوك باسم .... قامت بنشر مشاركات تحريض ضد قوات الشرطة والجيش وتكدير الأمن العام وبالدخول إلى ذلك الموقع وتلك الصفحة لفحصها فنياً تبين أن القائمين عليها هم من يقومون بنشر تلك المشاركات فتواصل مع أحدهما تبين أنه يستخدم رقم تعريفي ( بصمة إلكترونية ) ....I P ، وبتتبع تلك البصمة تبين أنه صادر من جهاز حاسب آلي مرتبط بجهازADSL متصل بخط تليفون منزلي رقم .... مسجل باسم الطاعن .... وأفرغه في تقرير فني بناءً عليه صدر إذن النيابة للشاهد الأول بعد إجرائه التحريات ، ونفاذاً لذلك الإذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المُتحرى عنه .... – الطاعن - انتقل صحبته - الشاهد الأول المقدم .... - ومعهما قوة من أفراد الشرطة حيث تم ضبط عدد من الأوراق وأقر الطاعن بملكيته للخط التلفون الأرض رقم .... والنت الخاص به ، كما عثر على جهاز راوتر أبيض اللون وجهاز حاسب آلي محمول ( لاب توب ) وكذا جهاز حاسب آلي ثابت وبفحصهما فنياً تبين أن المتهم يدير ويستخدم عدد من الصفحات والتي تتضمن التحريض ضد قوات الشرطة والقوات المسلحة وتكدير السلم والأمن العام وأضاف أنه حرر تقرير فني عن ذلك وأرفق به ما قام الطاعن بنشره على تلك الصفحات من مواد تحريضية ، وقد أكد .... رائد شرطة بقطاع الأمن الوطني - أن تحرياته السرية اللاحقة على الواقعة أكدت مضمون ما شهد به سابقيه ، كما عول الحكم في التدليل على ما سبق بيانه على ما ثبت بتقارير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق والإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من أن الطاعن هو المدير المسئول عن صفحة .... مستخدماً إياها بنشر مشاركات تتضمن مهاجمة لمؤسسات الدولة ومرفقاً بهم عدد من المطبوعات التي تم نشرها بمعرفته من الجهاز الخاص به ، كما عول علي إقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة بملكيته لأجهزة الحاسب الآلي المضبوطة ، وهو ما يعد كافياً وتدليلاً سائغاً من الحكم على توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة سالفة البيان ، والتي كان لا يلزم الحكم التحدث صراحة عن كل ركن من أركانها وعناصرها تفصيلاً ، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه - كالحال في الدعوى المطروحة - ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة به ، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات ، وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وألا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهمته ، كما أنه لا تثريب علي المحكمة إن هي أخذت بتحريات الأمن الوطني ضمن الأدلة التي استندت إليها - أقوال الضابط القائم بضبط الأجهزة وفحصها وما أثبته بتقرير الفحص وإقرار الطاعن لضابط الواقعة بارتكابها - باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون عليه - ، فيكون كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
4- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات النقيب / .... ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ، وكان رمي الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال الشهود بمقولة أنها ملفقة غير مقبول ، إذ هو في حقيقته أيضاً جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يكون له محل ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن مناعي الطاعن في هذا الخصوص تنحل إلي جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوي واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم ، وأن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها ، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية التي رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تبينتها من الأوراق ومن التحقيق الذي تجريه في الجلسة ، وكل ما تلتزم به هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي ترويج واستخدام بطريقة غير مباشرة بالكتابة على شبكة المعلومات الدولية للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف وارتكاب أعمال إرهابية ، هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على إنشاء الطاعن للموقع على وسائل شبكة المعلومات الدولية وإنما قام بإدارته ، دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الصحيح الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت أن ما قام به الطاعن هو إدارة الموقع لم يكن يستلزم تنبيه الدفاع ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
6- من المقرر أن نفي التهمة والدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي عولت عليها المحكمة ، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة لما أثاره دفاع الطاعن واطرحته تأسيساً على الأسباب السائغة التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، بما يفيد اطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها ، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
7- لما كانت العقوبة المقررة لجريمتي إدارة واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي (المعلومات الدولية) بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية المار ذكرهما طبقاً للفقرة الأولى من المادة ۲۹ من القانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب هي السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بالسجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر ، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى الجريمة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام . وإذ كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة عن الجريمتين إعمالاً للمادة 32 من قانون العقوبات - السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات - فإنه يكون قد خالف القانون ، إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر ، مما يتعين معه تصحيحه باستبدال عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بعقوبة السجن المشدد المقضي بها عليه ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أولاً : روج بطريق غير مباشر بالكتابة على شبكة المعلومات الدولية للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف ، بأن أنشأ على موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) صفحات عدة منها صفحات بأسماء : ( .... ، .... ، .... ، .... ، .... ) ودوَّن على أولها مشاركات تحض على مهاجمة مؤسسات الدولة تمهيداً لإسقاطها ، وذلك على النحو الثابت بتقرير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : استخدم موقعاً على شبكة المعلومات الدولية بغرض الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، بأن أنشأ الصفحات المشار إليها ببند الاتهام السابق ودون على أولها مشاركات تحض على مهاجمة مؤسسات الدولة تمهيداً لإسقاطها ، وذلك على النحو الثابت بتقرير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 2 ، 28/ 1-2 ، 29 /1 ، 37 ، 39 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 94 لسنة 2015 الصادر بشأن مكافحة الإرهاب ، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 /1 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ومصادرة المضبوطات ، وذلك بعد أن عدلت وصف التهمة الأولى إلى إدارة صفحات على موقع التواصل الاجتماع بدلاً من إنشائها .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إدارة واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي ( المعلومات الدولية ) بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه أفرغ في صورة مجملة شابها الغموض والإبهام ، وخلا من بيان الواقعة ولم يستظهر أركانها والأفعال التي ارتكبها الطاعن ومؤدى الأدلة التي عول عليها في إدانته ، واطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، معولاً عليها رغم عدم صدقها وكونها لا تصلح دليلاً وحيداً للإدانة ، كما عول في إدانة الطاعن على أقوال النقيب / .... على الرغم من أنها لم تدنه ولم يبين كيف توصل إلى إدارة الطاعن للموقع على شبكة التواصل الاجتماعي ، والتفت عن أقوال الطاعن بالتحقيقات ولم يوردها ، كما عدلت المحكمة وصف التهمة دون تنبيه الطاعن ، ودانه الحكم رغم انتفاء صلته بالواقعة وعدم معقوليتها وتلفيقها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليهما ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور في التسبيب ، ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 29/1 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب تنص على أن ( يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين ، كل من أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها ، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية ، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية ، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها ، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج .... ) ، فيكفي لتحقق الركن المادي لجريمة الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية مجرد إنشاء أو استخدام موقع على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، ويتحقق الركن المعنوي متى اتجهت إرادة المتهم من خلال ارتكاب تلك الأفعال إلى تكدير الأمن العام والترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، والعلم والإرادة في تلك الجريمة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود ، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وبما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال ، ما دامت الوقائع كما أثبتها – كما هو حاصل في الدعوى المطروحة – تفيد بذاتها توافرها ، ولا يشترط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكوّن لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها ، ولما كان ما قاله الحكم وأسنده إلى وقائع استخلصها استخلاصاً سائغاً من الأوراق ومما أورده من شهادة الضابط .... - مقدم شرطة بالإدارة العامة للتوثيق والمعلومات - التي تضمنت أنه نفاذاً لخطة العمل الموضوعة بالإدارة من مجابهة الجرائم المعلوماتية المستحدثة ومتابعة الأخبار على شبكة الإنترنت رصدت وحدة المتابعة العلنية أن القائم ومدير صفحة .... على موقع التواصل الاجتماعي - الفيس بوك - يقوم باستخدام ذلك الموقع بنشر مشاركات تتضمن التحريض على أعمال تخريبية بالدولة وأعمال الشغب التي تجري بالبلاد والدعوة للتظاهر والتي من شأنها خلخلة الأمن وتكدير صفوة الأمن العام وأنه - المدير- متصل بالإنترنت عن طريق جهاز حاسب آلي مرتبط بجهاز ADSL متصل بخط هاتف أرضي رقم .... والمسجل باسم الطاعن .... فقام بإجراء تحرياته السرية التي أسفرت على صحة ما تم رصده وأفرغ ما أسفرت عنه تحرياته في محضر عرضه على النيابة العامة التي أمرت بضبط وتفتيش شخص ومسكن وملحقات المسكن المُتحرى عنه لضبط ما يحوزوه أو يحرزه من حواسب آلية ثابتة أو محمولة ووحدات تخزين ثابتة أو محمولة أو أي أقراص ممغنطة أو فلاش میموري أو مطبوعات .... وأدوات تستخدم في هذه الجرائم ، ونفاذاً لذلك الإذن توجه لمسكن المأذون بضبطه وتفتيشه رفقة النقيب المهندس .... - الشاهد الثاني - وقوة من ضباط وأفراد وحدة مباحث القسم وبالطرق على باب المسكن فتح لهم الطاعن فأطلعه على إذن النيابة وبتفتيش المسكن عثر على عدد من الأوراق وأقر الطاعن بملكيته لخط الهاتف المستخدم علية النت ، كما عثر على جهاز راوتر أبيض اللون وجهاز حاسب آلي محمول ( لاب توب ) وكذا جهاز حاسب آلي ثابت وبفحص الأول - حاسب آلي محمول ( لاب توب ) - بمعرفة النقيب مهندس / .... تبين أن الطاعن هو المدير المسئول ( أدمن ) الصفحة المسماة .... ويقوم بنشر مشاركات تتضمن التحريض على الأعمال التخريبية بالدولة وأعمال الشغب التي تجري بالبلاد والدعوة للتظاهر ، كما تبين أنه المدير المسئول عن عدد ( 30 ) صفحة تحريضية أخرى .... بالإضافة لعدد ۱۰۲۰ جروب والتي تحتوي على عدد كبير تتبنى التحريض على أعمال التخريب والتظاهر ونشر المعلومات المغلوطة عن الدولة ، وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط والفحص أقر بصحتها وانتمائه لجماعة الإخوان الإرهابية وأنه قام بإدارة تلك الصفحات لإظهار أن ما حدث في 30 يونيه هو انقلاب عسكري على حكم الإخوان وتشويه صورة الثورة أمام العالم ، وهو الأمر الذي أكده الشاهد .... - نقيب شرطة بالإدارة العامة للتوثيق والمعلومات - وأضاف أنه من خلال متابعته اليومية لشبكة المعلومات الدولية - الإنترنت - تبين وجود صفحة على الفيس بوك باسم .... قامت بنشر مشاركات تحريض ضد قوات الشرطة والجيش وتكدير الأمن العام وبالدخول إلى ذلك الموقع وتلك الصفحة لفحصها فنياً تبين أن القائمين عليها هم من يقومون بنشر تلك المشاركات فتواصل مع أحدهما تبين أنه يستخدم رقم تعريفي ( بصمة إلكترونية ) ....I P ، وبتتبع تلك البصمة تبين أنه صادر من جهاز حاسب آلي مرتبط بجهازADSL متصل بخط تليفون منزلي رقم .... مسجل باسم الطاعن .... وأفرغه في تقرير فني بناءً عليه صدر إذن النيابة للشاهد الأول بعد إجرائه التحريات ، ونفاذاً لذلك الإذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المُتحرى عنه .... – الطاعن - انتقل صحبته - الشاهد الأول المقدم .... - ومعهما قوة من أفراد الشرطة حيث تم ضبط عدد من الأوراق وأقر الطاعن بملكيته للخط التلفون الأرض رقم .... والنت الخاص به ، كما عثر على جهاز راوتر أبيض اللون وجهاز حاسب آلي محمول ( لاب توب ) وكذا جهاز حاسب آلي ثابت وبفحصهما فنياً تبين أن المتهم يدير ويستخدم عدد من الصفحات والتي تتضمن التحريض ضد قوات الشرطة والقوات المسلحة وتكدير السلم والأمن العام وأضاف أنه حرر تقرير فني عن ذلك وأرفق به ما قام الطاعن بنشره على تلك الصفحات من مواد تحريضية ، وقد أكد .... رائد شرطة بقطاع الأمن الوطني - أن تحرياته السرية اللاحقة على الواقعة أكدت مضمون ما شهد به سابقيه ، كما عول الحكم في التدليل على ما سبق بيانه على ما ثبت بتقارير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق والإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من أن الطاعن هو المدير المسئول عن صفحة .... مستخدماً إياها بنشر مشاركات تتضمن مهاجمة لمؤسسات الدولة ومرفقاً بهم عدد من المطبوعات التي تم نشرها بمعرفته من الجهاز الخاص به ، كما عول علي إقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة بملكيته لأجهزة الحاسب الآلي المضبوطة ، وهو ما يعد كافياً وتدليلاً سائغاً من الحكم على توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة سالفة البيان ، والتي كان لا يلزم الحكم التحدث صراحة عن كل ركن من أركانها وعناصرها تفصيلاً ، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه - كالحال في الدعوى المطروحة - ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة به ، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات ، وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وألا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهمته ، كما أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الأمن الوطني ضمن الأدلة التي استندت إليها - أقوال الضابط القائم بضبط الأجهزة وفحصها وما أثبته بتقرير الفحص وإقرار الطاعن لضابط الواقعة بارتكابها - باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون عليه - ، فيكون كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات النقيب / .... ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ، وكان رمي الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال الشهود بمقولة أنها ملفقة غير مقبول ، إذ هو في حقيقته أيضاً جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يكون له محل ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن مناعي الطاعن في هذا الخصوص تنحل إلي جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوي واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم ، وأن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها ، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية التي رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تبينتها من الأوراق ومن التحقيق الذي تجريه في الجلسة ، وكل ما تلتزم به هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي ترويج واستخدام بطريقة غير مباشرة بالكتابة على شبكة المعلومات الدولية للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف وارتكاب أعمال إرهابية ، هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على إنشاء الطاعن للموقع على وسائل شبكة المعلومات الدولية وإنما قام بإدارته ، دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الصحيح الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت أن ما قام به الطاعن هو إدارة الموقع لم يكن يستلزم تنبيه الدفاع ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة والدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي عولت عليها المحكمة ، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة لما أثاره دفاع الطاعن واطرحته تأسيساً على الأسباب السائغة التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، بما يفيد اطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها ، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمتي إدارة واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي ( المعلومات الدولية ) بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية المار ذكرهما طبقاً للفقرة الأولى من المادة ۲۹ من القانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب هي السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بالسجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر ، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى الجريمة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام . وإذ كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة عن الجريمتين إعمالاً للمادة 32 من قانون العقوبات - السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات - فإنه يكون قد خالف القانون ، إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر ، مما يتعين معه تصحيحه باستبدال عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بعقوبة السجن المشدد المقضي بها عليه ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1302 لسنة 35 ق جلسة 11 / 2 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 62 ص 519

جلسة 11 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد عبد الرحمن سلامة، والسيد محمد السيد الطحان، وإدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(62)

الطعن رقم 1302 لسنة 35 القضائية

أموال عامة - تستمد وصف العمومية من تخصيصها للمنفعة العامة - تفقد صفتها بانتهاء التخصيص.
المادة (88) من القانون المدني.
الأموال العامة تفقد صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة كما يكون بقانون أو بقرار من الوزير المختص فإنه يجوز أن يكون بالفعل، إلا أنه يتعين أن يكون التجريد الفعلي من جانب الحكومة واضحاً كل الوضوح حتى لا يتعطل المال عن أداء الخدمة التي رصد لها، فلا ترفع الحصانة التي أسبغها القانون على الأموال العامة إلا بالنسبة لما يصبح منها فاقداً بالفعل لهذه الصفة فقداناً تاماً بطريقة مستمرة لا لبس فيها ولا انقطاع، فما يحمل محمل التسامح أو الإهمال من جانب الإدارة لا يصلح سنداً للقول بانتهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة التي رصد لها وزوال صفة العمومية على هذا الأساس، كما تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة والتجريد الفعلي للمال العام من صفته العامة من جانب الإدارة أو انتهاء الغرض بانقطاع استعمالها المستمر لهذا المال للغرض الذي كان مخصصاً من أجله إنما تعد من الوقائع التي يجب أن تنشط جهة الإدارة إلى التصدي لها بنفي حدوث التجريد الفعلي أو انتهاء الغرض بل إنه من الميسور عليها إقامة الدليل على استمرار تخصيص المال العام للمنفعة العامة وعدم انتهاء الغرض الذي من أجله خصص المال العام - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 23/ 3/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1302 لسنة 35 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 1862 لسنة 41 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليم المدعيين قطعة الأرض المبيعة لهم والمبينة الحدود والمعالم بالأوراق، وما يترتب على ذلك من آثار وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعيين والإدارة بالمصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/ 7/ 1995 وبجلسة 16/ 10/ 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 10/ 12/ 1995 وفى هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 28/ 1/ 1996 ثم أعيد الطعن للمرافعة بذات الجلسة لتغير تشكيل الهيئة وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 11/ 2/ 1996 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة - تخلص حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 2792/ 85 م أمام محكمة دمنهور الابتدائية بتاريخ 17/ 6/ 1985 طلبوا في ختامها أولاً: الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يسلما للمدعين قطعة الأرض الموضحة الحدود والمعالم والموقع والرقم بالصحيفة خالية مما يشغلها بالحالة التي تكون عليها عند التسليم نفاذاً لشروط المزاد المنوه عنها بالعريضة، ثانياً: بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعين مبلغ 150.000 جنيه كتعويض عن التأخير في تنفيذ ما عليهما من التزام وما أصاب المدعي من أضرار من جراء ذلك وبمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالوا بياناً لدعواهم أن الوحدة المحلية لمركز مدينة دمنهور أعلنت في أوائل عام 1979 عن شروط بيع بالمزاد العلني قطعة أرض مقسمة (تقسيم أرض مدرسة دمنهور الإعدادية) وأرفق بالإعلان صورة من مشروع تقسيم أرض المدرسة المذكورة وذيل المشروع بتوقيع المختصين وختم شعار الجمهورية وذلك تأكيداً لرسميته، وقد رست القطعة رقم 27 على المدعين وأخطروا بموافقة محافظ البحيرة واعتماده لرسو المزاد فقاموا بسداد كافة التزاماتهم تنفيذاً لشروط المزاد إلا أن الإدارة امتنعت عن تسليم الأرض رغم إنذارهم لها.
وبجلسة 23/ 5/ 1987 حكمت محكمة دمنهور الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها لمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص حيث قيدت لديها برقم 1862 لسنة 41 ق.
وبجلسة 26/ 1/ 1989 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليم المدعين قطعة الأرض المبيعة لهم والمبينة الحدود والمعالم بالأوراق، وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعين والإدارة بالمصروفات مناصفة، وأقامت المحكمة قضاءها على أن حقيقة طلبات المدعين هي الحكم أصلياً بإلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليمهم قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بالأوراق وما يترتب على ذلك من آثار أخصها تسليمهم قطعة الأرض المشار إليها فضلاً عن تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء الامتناع عن تسليمهم قطعة الأرض المذكورة واحتياطياً بفسخ عقد بيع تلك الأرض وإلزام الإدارة برد كافة المبالغ التي أدوها إليها ومقدارها 37175.660 جنيهاً وفوائدها القانونية من تاريخ السداد حتى الاسترداد مع تعويض مالي قدره (150000جنيهاً) عما فاتهم من كسب نتيجة إخلال الإدارة بالتزاماتها بإتمام البيع وتسليم الأرض مع إلزام الإدارة بالمصروفات، وطلبت الإدارة في الدعوى الفرعية إلزام المدعى عليهم فيها بأداء ما عسى أن يحكم به عليها من تعويض في الدعوى الأصلية.
وأن الثابت من مطالعة الأوراق أن الوحدة المحلية لمدينة ومركز دمنهور قامت بإعداد مشروع تقسيم أرض المدرسة الإعدادية للبنين بدمنهور وبيعها بطريق المزاد العلني بناء على قرار صادر من المجلس الشعبي المحلي بجلسة 21/ 1/ 1979 ووافق عليه المجلس التنفيذي لمحافظة البحيرة برئاسة المحافظ وتم اعتماد ذلك التقسيم من المحافظ في 14/ 3/ 1979 وتم إجراء المزاد ورسى على المدعي القطعة رقم 27 من التقسيم المذكور وصدرت موافقة المحافظ على هذا البيع وقامت الإدارة تنفيذاً لتوجيه المجلس الشعبي المحلي ببناء مدرسة جديدة بديله لتنقل إليها المدرسة الإعدادية للبنين المشار إليها ثم عدلت عن تخصيص المبنى الجديد لتلك المدرسة وذلك لنقل المدرسة الثانوية للبنات إلى المبنى الجديد بعد أن شغل مبنى مدرسة البنات فرع جامعة الأزهر بدمنهور وبعرض الأمر على المجلس الشعبي المحلي قرر في 12/ 2/ 1984 إلغاء قراره الصادر في 21/ 1/ 1979 بتقسيم وبيع تلك الأرض. وأن اعتماد محافظ البحيرة تقسيم وبيع أرض المدرسة المذكورة بناء على توصية المجلس الشعبي المحلي ببناء مدرسة جديدة تنقل إليها المدرسة المشار إليها، هذه الموافقة تنطوي على نية تجريد أرض المدرسة المذكورة من صفة المنفعة العامة وذلك بانتهاء الغرض الذي خصصت له، ويغدو التعاقد الذي تم بين المدعين والإدارة ببيع قطعة من تلك الأرض جائزاً.
ومن حيث إن امتناع جهة الإدارة عن تسليم قطعة الأرض المشار إليهما للمدعين بعد بيعها إليهم يستند إلى عدم جواز ذلك لعدم فقدها صفتها العامة مما يبطل بيعها وهو سبب غير صحيح قانوناً إذ أن قرار اعتماد التقسيم والبيع الصادر من المحافظ والذي ينطوي على نية تجريد تلك الأرض من صفة العمومية تحصن بفوات مواعيد سحبه أو إلغائه فضلاً عن أن المجلس الشعبي المحلي لا يملك هذا السحب أو الإلغاء لا قبل تحصن القرار ولا بعده مما يجعل التزام الجهة الإدارية بتسليم المبيع أمراً واجباً قانوناً فيغدو الامتناع عن ذلك بمثابة قرار إداري سلبي مفتقداً ركن السبب الصحيح ويكون الطعن عليه بالإلغاء مستنداً إلى الحق ويتعين إجابة المدعين إليه والحكم بإلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليم المدعين قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار أخصها حق المدعين في استلام تلك الأرض طبقاً لشروط البيع التي أبرم العقد على أساسها، وبالنسبة لطلب المدعين التعريض عن الأضرار التي لحقتهم من جراء قرار الامتناع عن تسليمهم الأرض المذكورة فإن المحكمة إذ قضت بإلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من تسليمهم الأرض خير تعويض للمدعين بالنظر إلى الارتفاع المستمر في ثمن الأرض ومن ثم تغدو مطالبته بالتعويض غير ذات موضوع متعيناً الحكم برفض طلب التعويض، وما دامت الدعوى الأصلية قد رفضت في شقها الخاص بطلب التعويض فتصبح الدعوى الفرعية التي أقامتها الإدارة بإلزام المدعى عليهم فيها بما عسى أن يحكم به عليها على غير سند متعيناً القضاء برفضها.
ومن حيث إن مبنى الطعن الذي أقامته جهة الإدارة على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تسليم المدعين قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بالأوراق أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أن أرض النزاع كانت وما زالت مخصصة للنفع العام وما زالت تشغلها مباني مدرسة دمنهور الإعدادية للبنين وأن هذه المدرسة مستمرة في أداء رسالتها التعليمية قبل طرح الأرض في المزاد وبعده وهو ما يعني أن الأرض ما زالت مخصصة للنفع العام بالفعل لعدم انتهاء الغرض الذي خصصت من أجله كما أنه لم يصدر ثمة قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص بانتهاء هذا التخصيص ومن ثم فإن هذه الأرض تخرج عن دائرة التعامل باعتبارها من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم وعليه يكون قرار الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور بإعداد مشروع تقسيم تلك الأرض وطرحها في المزاد قد صدر غصباً لسلطة الجهة الإدارية المختصة مما ينحدر به إلى درجة الانعدام ويكون امتناع الجهة الإدارية عن تسليمها للراسي عليهم المزاد مسلكاً مشروعاً مستنداً إلى ما يبرره واقعاً وقانوناً لاستحالة هذا التسليم. ولا ينال من ذلك القول أن القرار الأول قد تحصن بانقضاء المواعيد المقررة لسحبه أو إلغائه لكونه قراراً منعدماً لا تنسحب إليه الحصانة المقررة للقرارات الصحيحة.
ومن حيث إن المادة (88) من القانون المدني تنص على أن "تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة.
ومن حيث إن القضاء مستقر على أن الأموال العامة تفقد صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة كما يكون بقانون أو بقرار من الوزير المختص فإنه يجوز أن يكون بالفعل إلا أنه يتعين أن يكون التجريد الفعلي من جانب الحكومة واضحاً كل الوضوح حتى لا يتعطل المال عن أداء الخدمة التي رصد لها فلا ترفع الحصانة التي أسبغها القانون على الأموال العامة إلا بالنسبة لما يصبح منها فاقداً بالفعل لهذه الصفة فقداناً تاماً بطريقة مستمرة لا لبس فها ولا انقطاع. فما يحمل محمل التسامح أو الإهمال من جانب الإدارة لا يصلح سنداً للقول بانتهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة التي رصد لها، وزوال صفة العمومية على هذا الأساس. كما تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة والتجريد الفعلي للمال العام من صفته العامة من جانب الإدارة أو انتهاء الغرض بانقطاع استعمالها المستمر لهذا المال للغرض الذي كان مخصصاً من أجله إنما تعد من الوقائع التي يجب أن تنشط جهة الإدارة إلى التصدي لها بنفي حدوث التجريد الفعلي أو انتهاء الغرض بل إنه من الميسور عليها إقامة الدليل على استمرار تخصيص المال العام للمنفعة العامة وعدم انتهاء الغرض الذي من أجله خصص المال العام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن رئيس مجلس الوزراء كان قد أصدر القرار رقم 197 لسنة 1979 بتشكيل لجان لوضع سياسة قومية لحل مشكلة الإسكان بكل محافظة، وإعمالاً لذلك فقد شكلت لجنة محافظة البحيرة التي قامت بحصر مساحات الأراضي التي يمكن الاستفادة منها في بناء المساكن عليها للتخفيف من حدة أزمة المساكن وقد ارتأت اللجنة طرح قطعة أرض مقامة عليها المدرسة الأميرية الإعدادية بدمنهور للبيع بالمزاد العلني على أن تستغل المبالغ المتحصلة من هذا البيع في بناء مساكن وعلى أن تبنى مدرسة بديله، وقد وافق على ذلك المجلس التنفيذي لمحافظة البحيرة، وتنفيذاً لذلك قامت الوحدة المحلية لمدينة دمنهور بتقسيم الأرض المشار إليها واعتمد هذا التقسيم من محافظ البحيرة في 14/ 3/ 1979 م وأعلنت الوحدة المحلية عن البيع بالمزاد العلني وأرسى المزاد على مورث المطعون ضده الأول لشراء القطعة رقم (27) من قطع التقسيم، وأخطر بموافقة محافظ البحيرة عن بيع هذه القطعة له وفى المقابل قام الورثة بالوفاء بالالتزامات الواجبة عليهم طبقاً لشروط التعاقد، إلا أن الجهة الإدارية لم تقم بتسليم الأرض إلى مشتريها في الموعد الذي كان محدداً للتسليم بحجة أن المجلس الشعبي لمدينة دمنهور أصدر قراره بتاريخ 12/ 2/ 1984 بإلغاء البيع وبالتالي فإن الأرض لم تدخل بعد في ملكية الدولة الخاصة وأنها لا زالت متمتعة بصفة المال العام ولا يجوز بيعها.
ومن حيث إن قرار اعتماد تقسيم الأرض المتنازع عليها إلى سبعة وعشرون قطعة وبيعها - ومن بينها القطعة المباعة للمطعون ضدهم الأول - وهو القرار الصادر من محافظ البحيرة إنما ينطوي - وكما ذهب الحكم المطعون فيه - على نية تجريد الأرض من صفة العمومية وخلع هذه الصفة عنها وإدخالها في الملكية الخاصة للدولة، وقد صدر القرار في سنة 1979، واستمر بيع هذه القطع بالمزاد طوال عام 1979، وقد عرضت على المحافظ بتاريخ 26/ 4/ 1980 مذكرة باعتماد البيع وتنفيذ شروط العقد وافق عليها المحافظ، وبتاريخ 12/ 2/ 1984 أصدر المجلس الشعبي المحلي لمدينة دمنهور توصية بإلغاء هذا البيع ولم يصدر بهذه التوصية قرار من المحافظ ولم تنهض جهة الإدارة إلى إقامة الدليل على استمرار الدراسة بتلك المدرسة طوال الفترة من تاريخ صدور قرار المحافظ باعتماد البيع وحتى توصية المجلس الشعبي المذكور في 12/ 2/ 1984 وبعد ذلك وهو ما يؤكد نية الإدارة في تجريد هذه الأرض من صفة النفع العام الأمر الذي تأيد بما حوته حافظة مستندات المطعون ضدهم المقدمة بجلسة 3/ 7/ 1995 أمام دائرة فحص الطعون - ولم تجحدها جهة الإدارة - إذ حوت صورة من قرار محافظ البحيرة رقم 332 لسنة 1989 بالاستغناء عن أرض المدرسة وتغيير تخصيصها من أرض مخصصة للمنفعة العامة (مدرسة) إلى أرض ملك خاص للوحدة المحلية كما حوت صورة من محضر التسليم المؤرخ 27/ 3/ 1991 بمقتضاه تسلم المطعون ضدهم قطعة الأرض رقم 27 المباعة لهم كل ذلك يقطع في الدلالة على فقدان قطعة الأرض محل النزاع لصفة النفع العام بالفعل بطريقة مستمرة لا لبس فيها ولا انقطاع بإجراء من جانب الإدارة اتخذ شكل التعاقد بالبيع وليس من قبيل التسامح أو الإهمال ومن ثم تكون قطعة الأرض المشار إليها قد فقدت صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ويكون في امتناع جهة الإدارة عن تسليم المطعون ضدهم الأول لقطعة الأرض الراسي مزادها عليهم ثمة قرار إداري سلبي غير مرتكن إلى سنده من القانون جديراً بالإلغاء وهو ما انتهى إليه - عن بصيرة - الحكم المطعون فيه ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

الطعن 2598 لسنة 37 ق جلسة 10 / 2 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 61 ص 513

جلسة 10 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، ومحمد عبد الحميد مسعود، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(61)

الطعن رقم 2598 لسنة 37 القضائية

عاملون مدنيون - بدلات - بدل تفرغ أطباء بيطريين.
رئيس الوزراء بموجب التفويض الممنوح له بقرار رئيس الجمهورية رقم 619 لسنة 1975 أصدر القرار رقم 174 لسنة 1976 بمنح الأطباء البيطريين الذين يتقرر شغلهم لوظائف تقتضى التفرغ وعدم مزاولة المهنة في الخارج بدل تفرغ بالكامل بالفئات المقررة بالمادة الأولى من هذا القرار على أن يصدر الوزير المختص بالاتفاق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قراراً بتحديد تلك الوظائف وأن وزير الزراعة بالاتفاق مع الجهاز المركزة للتنظيم والإدارة أصدر القرار رقم 6150 لسنة 1976 بتحديدها.
وأن القرار الإداري إذا انطوى على قواعد تنظيمية عامة وكان من شأنه ترتيب أعمال مالية لا ينتج أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً بموجب الاعتماد المالي اللازم لتنفيذه.
بدل التفرغ المقرر للأطباء البيطريين إذا صدر بأداته القانونية السليمة واستقام على صحيح سنده مستكملاً سائر أركانه ومقوماته متوافراً على اعتماداته المالية اعتبار من أول إبريل لسنة 1977 فقد أضحى معين التنفيذ قانوناً بدءاً من هذا التاريخ لا تحول دون نفاذه أو ترتيب آثاره أية توجيهات أياً كان مصدرها طالما أنه لم يتقرر بأداة قانونية صحيحة إلغاؤه أو تعديله أو الحيلولة دون ترتيب آثاره على أي وجهة ومما يؤكد استحقاق هذا البدل صرفه في صورة حوافز أو مكافآت تشجيعية لا تستجمع أركان هذه المكافأة أو عناصرها بل لا تغدو في حقيقتها أن تكون بدل التفرغ بذات فئته وقاعدة استحقاقه تحت مسمى آخر - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25/ 5/ 1991 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراًَ بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) في الطعن رقم 452 لسنة 22 ق. س المقام من السيدين/ محافظ كفر الشيخ ومدير عام الطب البيطري بكفر الشيخ بصفتهما ضد السيد/...... فيما قضى به من قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الماثل الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في صرف بدل التفرغ المقرر للأطباء البيطريين اعتباراً من 10/ 8/ 1988 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مخصوماً منه ما تقاضاه من مكافآت أو حوافز بديله لهذا البدل بذات فئته وقاعدة استحقاقه وإلزام جهة الإدارة المصروفات وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في صرف بدل التفرغ المقرر للأطباء البيطريين مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 27/ 12/ 1995 وبجلسة 25/ 12/ 1995 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 13/ 1/ 1996 وبها تم نظر الطعن حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق المودعة ملف الطعن في أنه بتاريخ 20/ 6/ 1989 أقام السيد/...... الدعوى رقم 1380 لسنة 13 ق أمام المحكمة الإدارية بطنطا طالباً الحكم بأحقيته في صرف بدل التفرغ المقرر للأطباء البيطريين اعتباراً من 10/ 4/ 1988 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ويستند في طلباته إلى أنه حصل على بكالوريوس الطب البيطري سنة 1985 والتحق بخدمة الجهة المدعى عليها في 10/ 4/ 1988 وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 174 لسنة 1976 وقرار وزير الزراعة رقم 6150 لسنة 1976 بتقرير بدل تفرغ للأطباء البيطريين.
وأنه طبقاً لهذين القرارين يتضح أن جميع الشروط المتطلبة لصرف هذا البدل متوافرة في حقه إلا أن جهة الإدارة امتنعت عن صرفه إليه دون سند الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه.
وبجلسة 18/ 4/ 1990 حكمت المحكمة بأحقية المدعي في صرف بدل التفرغ المقرر للأطباء البيطريين اعتباراً من 10/ 8/ 1988 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وبتاريخ 17/ 6/ 1990 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين تقرير طعن قيد برقم 452 لسنة 22 ق. س ناعية على الحكم المشار إليه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وانتهت إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وبجلسة 25/ 3/ 1991 أصدرت محكمة القضاء الإداري - بهيئة استئنافية - حكمها محل الطعن الماثل وشيدت قضاءها على عدم توافر الاعتماد المالي اللازم لمواجهة الأعباء المترتبة على القرارين سالفي الذكر في موازنة الجهة الإدارية مما يجعل تنفيذها غير ممكن وغير جائز قانوناً هذا بالإضافة إلى صدور توجيهات من السلطة المختصة بعدم صرف بدلات تفرغ لأي قطاع من قطاعات المهنيين. ومن ثم يكون طلب هذا البدل على غير سند من الواقع والقانون حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وجانبه الصواب ذلك أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 174 لسنة 1976 وقرار وزير الزراعة رقم 6190 لسنة 1976 الصادر تنفيذاً له صدراً بأداتهما القانونية السليمة.
وأنه بتوافر المصرف المالي اعتباراً من 1/ 4/ 1977 فقد غدا قرار وزير الزراعة المشار إليه متعين التنفيذ اعتباراً من هذا التاريخ ولا يحول دون تنفيذه أو ترتيب آثاره أية توجيهات أياً كان مصدرها ما دام لم يتقرر بأداة قانونية صحيحة إلغائه أو تعديله أو الحيلولة دون ترتيب آثاره على أي وجه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن رئيس مجلس الوزراء بموجب التفويض الممنوح له بقرار رئيس الجمهورية رقم 619 لسنة 1975 أصدر القرار رقم 174 لسنة 1976 بمنح الأطباء البيطريين أعضاء نقابة الأطباء البيطريين اللذين يتقرر شغلهم لوظائف تقضي التفرغ وعدم مزاولة المهنة في الخارج بدل تفرغ بالكامل بالفئات المقررة بالمادة الأولى من هذا القرار على أن يصدر الوزير المختص بالاتفاق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قراره بتحديد تلك الوظائف وأن وزير الزراعة بالاتفاق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أصدر القرار رقم 6150 لسنة 1976 بتحديدها وأن قضاء المحكمة قد أطرد على أن القرار الإداري إذا انطوى على قواعد تنظيمية عامة وكان من شأنه ترتيب أعباء مالية لا ينتج أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً أو متى أصبح كذلك بموجب الاعتماد المالي اللازم لتنفيذه وأن الثابت أنه تم صرف هذا البدل فعلاً لمستحقيه وفقاً لأحكام القرارين المشار إليهما اعتباراً من الأول من أبريل سنة 1977 مما يؤكد توافر الاعتماد المالي اللازم للتنفيذ إلى أن أوقف الصرف بتوجيهات من مجلس الوزراء بعدم صرف بدلات تفرغ لأي من قطاعات المهنيين مع اقتراح صرف حوافز عوضاً عنها ومن ثم يكون القرار الصادر بهذا البدل قد استقام واكتمل بتوافر المصرف المالي بدءاً من الأول من أبريل سنة 1977. يؤكد ذلك ويسانده قضاء المحكمة الصادر بجلسة 18 ديسمبر سنة 1988 في الطعنين رقمي 2214، 2313 لسنة 31 ق. ع فيما انطوت عليه مدوناته من أنه تم الارتباط فعلاً بالمبلغ اللازم لصرف هذا البدل ونظائره وأن إلغاء هذا الارتباط كان بناء على توصية من مجلس الوزراء ولا شأن له باعتبارات مالية وأنه ومن ثم فإن بدل التفرغ المقرر للأطباء البيطريين إذ صدر بأداته القانونية السليمة واستقام على صحيح سنده مستكملاً سائر أركانه ومقوماته متوافراً على اعتماداته المالية اعتباراً من أول أبريل سنة 1977 فقد أضحى معين التنفيذ قانوناً بدءاً من هذا التاريخ لا تحول دون نفاذه أو ترتيب آثاره أية توجيهات أياً كان مصدرها طالما أنه لم يتقرر بأداة قانونية صحيحة إلغاؤه أو تعديله أو الحيلولة دون ترتيب آثاره على أي وجه.
وأنه مما يؤكد استحقاق هذا البدل صرفه في صورة حوافز أو مكافآت تشجيعية لا تستجمع أركان هذه المكافأة أو عناصرها بل لا تعدو في حقيقتها أن تكون بدل التفرغ بذات فئته وقاعدة استحقاقه تحت مسمى آخر.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المدعي حاصل على بكالوريوس الطب البيطري سنة 1985 والتحق بخدمة الجهة الإدارية المدعى عليها بتاريخ 10/ 4/ 1988 واستلم العمل في 10/ 8/ 1988 ومقيد بنقابة الأطباء البيطريين تحت رقم 13538 ويشغل وظيفة طبيب تناسليات وتلقيح صناعي وهى إحدى الوظائف الواردة بقرار وزير الزراعة رقم 6150 لسنة 1976 فمن ثم تكون شروط استحقاق صرف البدل المشار إليه قد توافرت في حق المدعي اعتباراً من تاريخ استلامه العمل في 10/ 8/ 1988.
ومن حيث إنه ولئن استحق هذا البدل اعتباراً من التاريخ المذكور إلا أنه متى ثبت أنه صرف بذات فئته وقاعدة استحقاقه تحت مسمى آخر من مكافأة أو حوافز فقد غدا متعيناً أن يستنزل من متجمدة ما صرف بهذا الوصف إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون البدل ذاته بمسمى آخر.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى كذلك على أن التقادم الخمسي فيما يختص بالماهيات وما في حكمها مما تقضي به المحكمة من تلقاء ذاتها عند توافر شرائطه وإذ أقيمت الدعوى بتاريخ 20/ 6/ 89 فإن الحق في متجمد البدل لم يسقط بعد بالتقادم الخمسي بالنظر إلى تاريخ استحقاقه مخصوماً منه ما صرف خلال ذات مدة تلك السنوات من مكافأة أو حوافز بديله لهذا البدل بذات فئته وقاعدة استحقاقه مما يتعين معه القضاء بأحقية المدعي في صرف التفرغ المقرر للأطباء البيطريين اعتباراً من 10/ 8/ 1988.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فمن ثم يتعين الحكم بإلغائه طبقاً لما تقدم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وأحقية المدعي في صرف بدل التفرغ المقرر للأطباء البيطريين الصادر به قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 174 لسنة 1976 وقرار وزير الزراعة رقم 6150 لسنة 1976 اعتباراً من 10/ 8/ 1988 مخصوماً منه ما تقاضاه من مكافآت أو حوافز بديله لهذا البدل بذات فئته وقاعدة استحقاقه وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة.

الطعن 2918 لسنة 36 ق جلسة 6 / 2 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 60 ص 503

جلسة 6 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: د. محمد عبد السلام مخلص، وحمدي محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(60)

الطعن رقم 2918 لسنة 36 القضائية

اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة - تأديب العاملين على مراكب الصيد التابعة للشركة المصرية للصيد ومعداته.
العاملون على مراكب الصيد التابعة للشركة المصرية للصيد ومعداته غير مخاطبين بأحكام القانونين 167 لسنة 1960 بشأن الأمن والنظام والتأديب في السفن و38 لسنة 1983 في شأن المؤهلات وإعداد الربابنة وضباط الملاحة والمهندسين البحريين - أساس ذلك - أن المشرع أصدر القانون رقم 144 لسنة 1960 في شأن صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية واللذين نظما اشتراطات ومواصفات وتراخيص تسيير مراكب الصيد سواء في المياه البحرية الإقليمية والبحيرات والمياه الداخلية على نحو مغاير للأحكام الواردة بالقانونين 167 لسنة 1960، 38 لسنة 1983 سالفي الذكر - نتيجة ذلك - أن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 31/ 1/ 1995 في الدعوى رقم 4 لسنة 14 ق تنازع والذي قضى بتحديد جهة القضاء العادي بنظر المنازعات التأديبية للعاملين على السفن حتى ولو كانت تابعة لإحدى شركات القطاع العام. هذا الحكم - لا يسري على العاملين بمراكب الصيد التابعة لشركات القطاع العام والذي ينعقد الاختصاص بنظر منازعاتهم التأديبية للمحاكم التأديبية بمجلس الدولة طبقاً لأحكام القانونين 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام، 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 17/ 7/ 1990 أودع الأستاذ/ ..... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا والوكيل عن الطاعن بالتوكيل العام رقم 2586 لسنة 1988 توثيق الإسكندرية قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 2918 لسنة 36 ق ضد النيابة الإدارية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية في الدعوى رقم 515 لسنة 30 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والذي قضى بمجازاة/ ...... (الطاعن) بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر وبختام تقرير الطعن يطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه بكامل أجزائه والقضاء ببراءته وإلغاء الجزاء الموقع عليه وكافة ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن لهيئة النيابة الإدارية بتاريخ 25/ 7/ 1990.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قدمت هيئة النيابة الإدارية مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطعن تأسيساًَ على أن الثابت من التحقيقات أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن ثابتة في حقه وبالتالي يكون الحكم المطعون عليه وقد انتهى إلى إدانة الطاعن ومجازاته عن المخالفة المنسوبة إليه فإنه يكون مطابقاً للقانون جديراً بالتأييد - وبجلسة 15/ 12/ 1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 18/ 1/ 1994 حيث أحيل الطعن إلى المحكمة وتدوول بالجلسات أمامها على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدم الطاعن مذكرة ردد فيها ما ورد بتقرير الطعن من مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وأودعت النيابة الإدارية حافظة مستندات احتوت على كتاب رئيس القطاع القانوني بالشركة المصرية للصيد ومعداته الموجه للنيابة الإدارية مرفقاً به كتاب رئيس قطاع المصايد بالشركة التي يعمل بها الطاعن والذي تضمن أن دفتر أحوال المركب عودة سيناء قد فقد مع غرق هذا المركب وبجلسة 21/ 11/ 1995 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة اليوم وقد صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقة عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن المحكمة تشير بداءة أن الثابت بالأوراق أن الطاعن من العاملين على مراكب الصيد التابعة للشركة المصرية للصيد ومعداته ومن ثم فإنه من غير المخاطبين بأحكام القانونين 167 لسنة 1960 بشأن الأمن والنظام والتأديب في السفن، 38 لسنة 1983 في شأن المؤهلات وإعداد الربابنة وضباط الملاحة والمهندسين البحريين نظراً لأن المشرع أصدر القانون رقم 144/ 60 في شأن صيد الأسماك في الإقليم الجنوبي والذي حل محله القانون رقم 124 لسنة 1983 في شأن صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية واللذين نظما اشتراطات ومواصفات وتراخيص تسيير مراكب الصيد سواء في المياه البحرية الإقليمية والبحيرات والمياه الداخلية على نحو مغاير للأحكام الواردة بالقانونين 167 لسنة 1960، 38 لسنة 1983 سالفي الإشارة وبالتالي فإن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 31/ 1/ 1995 في الدعوى رقم 4 لسنة 14 ق تنازع - والذي قضى بتحديد جهة القضاء العادي بنظر المنازعات التأديبية للعاملين على السفن حتى ولو كانت تابعة لإحدى شركات القطاع العام - لا يسري على العاملين بمراكب الصيد التابعة لشركات القطاع العام والذي ينعقد الاختصاص بنظر منازعاتهم التأديبية للمحاكم التأديبية بمجلس الدولة طبقاً لأحكام القانونين 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام، 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة وبالتالي يكون الحكم المطعون عليه وقد صدر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية صادراً من المحكمة المختصة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما هو ثابت بالأوراق تخلص في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 515 لسنة 30 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية وذلك بإيداع أوراقها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 21/ 3/ 1988 مشتملة على تقرير باتهام/...... رئيس مركب بالدرجة الثالثة بالشركة المصرية للصيد ومعداته لأنه خلال الفترة من 9/ 3/ 1987 حتى 11/ 3/ 1987 لم يؤد العمل المناط به بدقة ولم ينفذ التعليمات الصادرة إليه ولم يحافظ على أموال الشركة التي يعمل بها وذلك بأن: -
أبحر بالمركب عودة سيناء في ظل ظروف وأجواء مناخية وبحرية غير مناسبة للإبحار وذلك بالمخالفة للتعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن ولم يقم بما هو مناسب حال استشعاره بخطورة إبحاره وذلك باللجوء إلى البر أو بالعودة إلى مبتدأه مما أدى إلى غرق المركب بمحتوياتها ومن ثم فإنه يكون مرتكباً المخالفة المالية المنصوص عليها في المادتين 78/ 1/ 4، 80/ 1 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحال بالمواد السالفة وتطبيقاً للمادتين 82، 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 والمادة (14) من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 وتعديلاته والمادتين 15، 19 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
وبجلسة 19/ 5/ 1990 حكمت المحكمة التأديبية بالإسكندرية بمجازاة المحال/....... بعقوبة الوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وأقامت المحكمة التأديبية بالإسكندرية قضاءها على أن الثابت من الأوراق وأقوال الشهود بالتحقيقات أن المحال فوجئ بعد إبحاره بالمركب عودة سيناء في بور سعيد متوجهاً إلى الإسكندرية يوم 9/ 3/ 1987 بسوء الأحوال الجوية وعدم استقرارها إلا أنه استمر في الإبحار رغم ما ذكره ميكانيكي المركب بدخول المياه إلى الماكينات وما أشار به عليه من اللجوء إلى البر والعودة إلى بور سعيد لإنقاذ المركب من الغرق فضلاً عن إبحاره بالمركب في وقت معاصر لإحدى النوات البحرية (نوة الحسم) والتي يفترض علمه بها وكيفية تفادي أخطارها الأمر الذي يشكل منه خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي لعدم أدائه العمل المنوط به بدقة ومخالفة التعليمات الصادرة إليه وعدم محافظته على أموال الشركة التي يعمل بها مما يستوجب مجازاته لما ثبت في حقه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وذلك تأسيساً على: -
1 - أن الحكم المطعون عليه لم يتضمن حقيقة أقوال الشاهد وهو ميكانيكي المركب.
2 - لم يحقق الحكم المطعون عليه أوجه دفاع الطاعن المكتوب حيث لم تقم المحكمة التأديبية بضم دفتر أحوال المركب باعتباره يمثل حقيقة الواقعة وحالة المركب والتعليمات الصادرة بشأنها فضلاًً عن عدم التحقق بما ورد بأقواله من تعطل بعض آلات رفع المياه (الطلمبات) وتعرض المركب لإطلاق النار عليه من قبل حرس الحدود حينما جنح ناحية البر وأن مقدم المذكرة التي تم التحقيق بناء عليها لم يقم بالمعاينة بنفسه فضلاً عما قرره مدير عام المصايد من مسئولية السيد/...... في توجيه المركب كما وأن الطاعن تمسك بسماع شهادة رئيس المركب (اقتحام).
3 - لم يناقش الحكم المطعون عليه ما ورد بأقوال..... من أنه عند معاينة المركب تبين عدم إمكان إنقاذها وأنه لا يستطيع تحديد أسباب غرق المركب وكذا لم يناقش الحكم تقاعس المسئولين بالشركة عن التحرك لإنقاذ المركب بعد الإشارة التي أرسلها الطاعن والتي تمسك بضمها للأوراق.
ومن حيث إنه من الأمور المسلمة أنه متى ثبت أن المحكمة قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً وكيفتها تكييفاً سليماً وكانت هذه النتيجة تبرر اقتناعها الذي بنت عليه قضاءها فإنه لا يكون هناك محل للتعقيب عليها ذلك أن لها الحرية في تكوين عقيدتها في أي عنصر من عناصر الدعوى ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما عداها مما لا تطمئن إليه فلا تثريب عليها إن هي أقامت حكمها بإدانة الطاعن على الأخذ بأقوال هؤلاء الشهود متى كان من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وفى اطمئنانها إلى هذه الأقوال ما يفيد أنها قد طرحت ما أبداه الطاعن أمامها من دفاع قصد به التشكيك في صحة هذه الأقوال مما يثيره الطاعن من أوجه طعنه في هذا الشأن الذي لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى ووزنها بما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة إذ أن وزن الشهادة واستخلاص ما استخلصته منها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها المحكمة التأديبية ما دام تقديرها سليماً وتدليلها سائغاً.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الحكم المطعون عليه قد استند في إدانة الطاعن إلى أنه ولئن كانت الأحوال الجوية السيئة والعواصف البحرية هي السبب في غرق المركب إلا أن المحال بمخالفته للتعليمات الصادرة إليه بعدم الإبحار إلا عند تحسن الظروف الجوية ولا سيما وأن وقت الإبحار كان معاصراً لإحدى النوات البحرية وهى نوة الحسوم والتي من المفروض عليه كبحري الإلمام بها وتفادي أخطارها فضلاً عن رعونته وعدم تبصره وعدم استجابته لما أشار به الميكانيكي من العودة إلى بور سعيد أو الأوبة إلى البر وإصراره على الإبحار مناهضاً العواصف البحرية يكون قد ساهم مع الأحوال الجوية السيئة في غرق المركب في البحر الأمر الذي يفيد ثبوت المخالفة المنسوبة إليه وكان ذلك مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من أقوال ميكانيكي المركب سواء في مذكرته المقدمة بتاريخ 22 مارس 1987 لرئيس قطاع المصايد البحرية أو في أقواله بالتحقيقات الإدارية التي أجرتها الشئون القانونية بالشركة التي يعمل بها الطاعن حيث أورد بمذكرته (ولكن نظراً لقوة المياه الداخلة طلبت من الريس الرجوع مرة أخرى إلى بور سعيد لوجود فتح بالمركب ولكنه رفض وأصر على السفر...... وبعد أن تجاوزنا دمياط زادت سوء الأحوال الجوية عما كانت عليه وأكثر وزادت المياه حتى تجاوزت فرش الماكينة رغم تشغيل الطلمبات الثلاثة وللمرة الثانية طلبت من الريس النزول إلى الماكينة...... وأمام كل ذلك طلبت من الريس أن يقرب البر.....) وهو مضمون أقواله في التحقيقات الإدارية كما وأن الطاعن قد وُوجِهَ في التحقيقات الإدارية وتحقيقات النيابة الإدارية بما أبداه الميكانيكي المذكور ومن ثم فإنه لذلك ونظراً لأنه للمحكمة التأديبية وزن وتقدير الشهادة واستخلاص ما يستخلص منها يكون لتلك المحكمة تقدير عدول الشاهد عما سبق أن أبداه من شهادة وبالتالي عدم الاستناد إلى الأقوال المعدلة للشاهد الأمر الذي لا يجوز معه للطاعن التحدي بمخالفة الحكم المطعون عليه للثابت في شهادة الميكانيكي المذكور في أقواله أمام المحكمة التأديبية بجلسة 16/ 12/ 1989 ذلك لأنه فضلاً عن أن للمحكمة التأديبية تقدير الشهادة والعدول عنها فإن الطاعن لم ينكر في التحقيقات التي أجريت معه أن الميكانيكي طلب منه العودة إلى بور سعيد ثم الاقتراب إلى البر وأن برر أسباب رفض ما أشار به الميكانيكي بما يتعين معه رفض ما أثاره الطاعن في هذا الشأن وبالتالي فإنه لما كان الطاعن باعتباره من البحارة ذوي الخبرة التي أهلته لشغل وظيفة رئيس مركب كان عالماً أو من المفروض عليه أن يكون عالماً بمواعيد النوات البحرية ومنها نوة الحسوم ومراعاة ذلك وإبداء التحوطات اللازمة لمواجهتها سواء بالقرب من البر أو عدم الإبحار والعودة إلى بور سعيد مرة أخرى كما فعل زميله رئيس مركب اقتحام الذي أبحر بمركبه مع الطاعن من بور سعيد فضلاً عن أنه لا خلاف حول صدور تعليمات للطاعن ورئيس المركب اقتحام وذلك من رئيسهما مدير إدارة التشغيل بالشركة التي يعمل بها إلا أن الطاعن لم يمتثل لتلك التعليمات وسار بسرعة تفوق سرعة المركب اقتحام مما أدى إلى تفرقهما وذلك طبقاً لشهادة مدير إدارة التشغيل بالشركة التي يعمل بها الطاعن ومضمون شهادة رئيس المركب اقتحام لما كان ذلك كذلك - فإن الحكم المطعون عليه وقد انتهى إلى ثبوت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن بمخالفته للتعليمات الصادرة إليه وعدم إتباع ما أشار إليه ميكانيكي المركب ومراعاة معاصرة نوة الحسوم لوقت الإبحار بالمركب بما ساعد مع سوء الأحوال الجوية إلى غرق المركب التي يقودها إنما يكون قد أستند إلى ما هو ثبات بالأوراق واستخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من أصول مادية تنتجها مطابقاً للواقع والقانون جديراً بالتأييد ويغدو الطعن عليه غير مستند إلى أساس من الواقع والقانون جديراً بالرفض دون أن ينال من ذلك ما ورد بتقرير الطعن من عدم تقديم الشركة لدفتر الأحوال الخاص بالمركب ذلك لأنه فضلاً عن أن الشركة قد أفادت المحكمة بفقدان هذا الدفتر مع غرق المركب فإن الثابت بالأوراق أن هذا المركب قد غرق وأن طاقم هذا المركب ومن بينهم الطاعن قد تعرضا للغرق حتى تم إنقاذهما بواسطة لنش مما يؤكد أن الدفتر المطالب بفحصه قد فقد وأن الطاعن يعلم بذلك بما لا يجوز له معه الإصرار على هذا الطلب كما وأنه لا وجه لما يثيره الطاعن بتقرير الطعن أو مذكرات دفاعه بشأن تراخي المختصين بالشركة التي يعمل بها في إنقاذ المركب من الغرق أو ما يتعلق بالتأمين على المركب بحسبان ذلك لاحق لحدوث المخالفة المنسوبة إلى الطاعن وكليهما ولا ينهض سبباً لنفي تلك المخالفة أو للإعفاء من مسئوليته عن تلك المخالفة هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون عليه لم يقضي بإدانة الطاعن لأنه كان السبب الأساسي في غرق المركب وإنما قضى بأنه بمخالفته للتعليمات وعدم تحوطه في اتخاذ ما يلزم لمواجهة نوة الحسم وعدم إتباع نصيحة ميكانيكي المركب وبالتالي ليس من شأن تلك الأمور اللاحقة على غرق المركب من أثر لما ثبت في حق الطاعن من مخالفة أثبتها الحكم المطعون عليه بما يتعين معه الالتفات عنها - والقضاء برفض الطعن.
ومن حيث إن الطعون التأديبية معفاة من الرسوم القضائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.