جلسة 27 من فبراير سنة 2018
برئاسة السيـد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، محمد القاضي وأحـمد المنشاوي نـواب رئيس المحكمة.
-------------------
(43)
الطعن رقم 702 لسنة 73 القضائية
(2،1) بنوك " عمليات البنوك : الاعتماد المستندي " .
(1) الاعتماد المستندي . ماهيته . التزامات البنك فاتح الاعتماد وكل من الآمر (المشتري) والمستفيد (البائع) . خضوعها للشروط الواردة في طلب فتح الاعتماد . قصور هذه الشروط . يوجب تطبيق الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية مع جواز تكملتها بنصوص ومبادئ القانون. الصيغة المعدلة للأصول والأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية لعام 1993 منشور غرفة التجارية الدولية بباريس رقم 600 . المواد 341، 342، 347، 348 من قانون التجارة .
(2) البنك فاتح الاعتماد . التزامه . فحص كافة الوثائق التي يقدمها المستفيد بعناية معقولة محدودة .
(3) نقل " نقل بحرى : المصطلحات التجارية الدولية " .
المصطلحات التجارية الدولية " الإنكوتيرمز" . ماهيتها . صدورها من غرفة التجارة الدولية بباريس . تضمنها . تعريفاً لكل من مصطلح CFR ، CIF، Free Out .
(4) عقد " تحديد موضوع العقد : تفسير العقد " .
تفسير الاتفاقيات والمشارطات والمحررات واستظهار نية طرفيها . من سلطة محكمة الموضوع . أثره . لها سلطة تحديد الجانب المقصر في العقد أو نفيه ومدى تنفيذ كل متعاقد لالتزامه . شرطه . أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق .
(5) بنوك " عمليات البنوك : الاعتماد المستندي " .
مستندات النقل التي تُحّمل البنك أي تكاليف إضافية . غير مقبولة . علة ذلك . عدم اشتراطها من جانب العميل عند فتح الاعتماد . مؤدى ذلك . عدم مسئولية البنك عند رفضه تنفيذ الاعتماد لعدم مطابقته الشروط المتفق عليها . م 33 من الأعراف الدولية الموحدة . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
(6) نقض " الحكم في الطعن : سلطة محكمة النقض " .
انتهاء الحكم إلى النتيجة القانونية الصحيحة . انطواء أسبابه على تقريرات قانونية خاطئة . لا يعيبه . عله ذلك . لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه . " مثال لإغفال الفصل في طلب التعويض " .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- النص في المواد 341، 342، 347، 348 من قانون التجارة يدل -وعلى ما هو مقرر في قضاء محكمة النقض– على أن الاعتماد المستندي تعهد مصرفي مشروط بالوفاء صادر من البنك فاتح الاعتماد بناءً على طلب المشترى الآمر وبالمطابقة لتعليماته والشروط التي يحددها ويسلم للبائع المستفيد، مستهدفًا الوفاء بقيمة السلعة أو السلع المشتراة خلال فترة محددة فى حدود مبلغ معين نظير مستندات مشترطة ويجرى التعامل فى ظله بين البنك المؤيد أو المعزز له – إن وجد - وبين كل من الآمر والمستفيد على المستندات وحدها وسلامتها وتطابقها فى مجموعها ومطابقتها للشروط الواردة فى طلبه دون النظر إلى البضاعة أو العلاقة الخاصة بين البائع والمشترى حول العقد الذى يحكم علاقتهما ومدى صحته ونفاذه والمؤثرات التي تطرأ عليه، باعتبار أن فتح الاعتماد بطبيعته عملًا تجاريًا مستقلًا عن عمليات البيع والشراء والعقود التي يستند إليها، ولا يعتبر البنك فاتح الاعتماد أو المعزز له ذا علاقة بها أو ملتزمًا بأحكامها، كما يخضع هذا التعامل أساسًا للشروط الواردة فى طلب فتح الاعتماد وحقوق وواجبات كل من الآمر والمستفيد فإن قصرت عن مجابهة ما يثور من أنزعه أثناء تنفيذه طبقت الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية The Uniform Customs and Practice for Documentary Credits (UCP) الصادرة عن غرفة التجارة الدولية بباريس ونُشرت ابتداءً عام 1993 وتم تعديلها عدة مرات حتى صدور نسختها الأخيرة UCP600 المعمول بها اعتبارًا من 1/7/2007 مع جواز تكملتها بنصوص ومبادئ القانون الداخلي لقاضى النزاع.
2- يتعين على البنك فاتح الاعتماد أن يفحص كافة الوثائق التى يقدمها المستفيد بعناية معقولة للتأكد من تطابقها فى ظاهرها مع نصوص وشروط الاعتماد.
3- طبقًا للمصطلحات التجارية الدولية International Commercial Terms “Incoterms” "الإنكوتيرمز" الصادرة عن غرفة التجارة الدولية بباريس – والتي نشرت نسختها الأولى عام 1936 وتم تعديلها عدة مرات حتى صدور نسختها الثامنة Incoterms 2010 التي تم نشرها بتاريخ 1/1/2011 – فإن مصطلح Cost and Freight “CFR” يعنى تسليم البضاعة خالصة النولون في ميناء الوصول، أى التزام البائع بدفع أجور النقل اللازمة لوصول البضاعة على ظهر السفينة بميناء الوصول المتفق عليه، غير أن المشترى يتحمل مخاطر الفقد والتلف التي قد تلحق بالبضاعة وكذا المصاريف الإضافية التى قد تنجم عن أية حوادث تقع بعد لحظة تسليم البضاعة على ظهر السفينة، بمعنى أن مسئولية هذه المخاطر تنتقل من عاتق البائع إلى عاتق المشترى اعتبارًا من لحظة عبور البضاعة لحاجز السفينة فى ميناء الشحن المتفق عليه. أما مصطلح البيع البحرى سيف Cost, Insurance and Freight “CIF” "النفقات والتأمين وأجور الشحن"، فيعنى تسليم البضاعة خالصة النولون والتأمين فى ميناء الوصول، وتكون على البائع ذات الالتزامات الواردة فى المصطلح “CFR”، وهى التزامه بدفع أجور النقل اللازمة لوصول البضاعة حتى ميناء الوصول المتفق عليه، مضافًا إليها التزامه بإجراء التأمين البحرى على البضاعة ضد مخاطر الفقد والتلف التى قد تلحق بالبضاعة أثناء نقلها، وعلى هذا يلتزم البائع بالتعاقد على التأمين ويتحمل دفع قسط التأمين المترتب على ذلك. وقد نص البند (أ/6) المعنون "توزيع النفقات" division of costs على أنه "مع عدم الإخلال ببنود المادة (ب/6) يتحمل البائع جميع النفقات المترتبة على البضاعة حتى لحظة تسليمها وفقًا للمادة (أ/4) بالإضافة إلى أجور الشحن وجميع النفقات الناجمة عن تنفيذ المادة (أ/3)، بما فيها نفقات تحميل البضاعة فى ميناء الشحن ونفقات التنزيل فى ميناء التفريغ التى قد تفرضها خطوط الشحن النظامية عند التعاقد على النقل". وكان مصطلح "فرى أوت" Free Out يعنى أن نفقات تنزيل البضاعة من عنابر السفينة يكون على عاتق الشاحن أو المستلم، وليس على الناقل، ولا تدخل فى أجرة النقل.
4- إذ كان من المقرر – فى قضاء محكمة النقض - أن محكمة الموضوع تستقل بتفسير المشارطات والعقود وسائر المحررات واستظهار نية طرفيها واستخلاص الحقيقة منها وفهم الواقع فى الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه، ولها تحديد الجانب المقصر فى العقد أو نفى ذلك ومدى تنفيذ كل متعاقد لالتزامه شريطة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أوراق الدعوى وظروفها بما مؤداه أن العلاقة بين العميل الآمر شركة "..." –المستوردة المشترية– وبين البنك المطعون ضده الأول يحكمها عقد فتح الاعتماد المستندى رقم 4974/95 المؤرخ 20/6/1995 لصالح الشركة الطاعنة – المصدر البائع – وأنه لا شأن للبنك بالعلاقة الأصلية بين العميل الآمر والمستفيد الذى ارتضى خضوع الاعتماد المستندى لأحكام القواعد والأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية -تعديل 1993 كتيب غرفة التجارة الدولية رقم 500 المعمول به اعتبارًا من 1/1/1994- والتى توجب على البنك أن يفحص المستندات المقدمة من المستفيد قبل الوفاء بقيمة بوليصة الشحن محل النزاع بمعيار الرجل المهنى العادى وبما يتناسب والأصول المصرفية الدولية، وأن الثابت من طلب فتح الاعتماد المستندى رقم .../95 المؤرخ 20/6/1995 أنه غير قابل للإلغاء ومعزز ونافذ المفعول فى بلد المصدر حتى 20/12/1995 بمبلغ مليون وخمسة وثلاثين ألف دولار أمريكى وأن هذا المبلغ يمثل قيمة البضاعة “CIF” وأن بوالص الشحن البحرى نظيفة بغير تحفظات، وقد تبين أن البضاعة شحنت على ظهر الباخرة وأن النولون مدفوع مقدمًا، وأن جميع شروط ونصوص الاعتماد تخضع فى تفسيرها للأحكام والنظم الموحدة للتعامل فى الاعتمادات المستندية التى قررتها غرفة التجارة الدولية. وأثبت تقرير الخبير أن بوليصة الشحن ورد بها أن النولون فرى أوت“Free Out” وليس سيف “CIF” أى أن نفقات نقل البضاعة من عنابر السفن إلى الرصيف لا تدخل ضمن أجرة النقل وهو ما يخالف شرط التسليم سيف “CIF” المنصوص عليه بصلب الاعتماد المستندى.
5- إذ كان من المقرر عملًا بالمادة 33 من الأعراف الدولية الموحدة أن مستندات النقل التى تُحمِل البنك أى تكاليف إضافية تكون غير مقبولة؛ لأن العميل فاتح الاعتمادات لم يشترطها فى الاعتماد مما يبرر عدم دفعه هذه المصاريف الإضافية بالمخالفة لما جاء بشروط الاعتماد ويكون البنك المطعون ضده الأول محقًا طبقًا لشروط الاعتماد فى عدم قبول هذه المستندات إذ إن هذه المصاريف الإضافية تخرج عن مبلغ التسهيل الممنوح للعميل لفتح الاعتماد ولا مسئولية على البنك عند رفضه تنفيذ الاعتماد عند عدم المطابقة وإضافة أعباء مالية غير متفق عليها، وانتهى الحكم المطعون فيه من ذلك صائبًا إلى نفى الخطأ عن البنك المطعون ضده الأول لرفضه مستندات الشحن المؤشر عليها بعبارة “Free Out” للفاتورة رقم 1183 بمبلغ 442,508 دولار محل التداعي وقضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدى إلى ما انتهى إليه ولا مخالفة فيها للقانون، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من سبب الطعن يكون على غير أساس.
6- المقرر أنه متى انتهى الحكم إلى نتيجة صحيحة فإنه لا يعيبه ما شابه من قصور في أسبابه القانونية أو ما استطرد إليه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض استكمال ما قصر الحكم فى بيانه من تلك الأسباب وتصحيح هذا الخطأ ورده إلى أساسه السليم دون أن تنقضه. لما كان ذلك، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صائبًا إلى الحكم بعدم جواز الاستئناف الفرعي فإنه وأيًا كان وجه الرأي في خطئه فيما ذهب إليه من أنه كان على المستأنفة الرجوع إلى محكمة أول درجة لتصحيح الخطأ المادي، إذ إن حقيقة العيب الذى شاب الحكم كان إغفال الفصل في طلب التعويض بما كان يقتضى العودة إلى المحكمة التي أصدرت الحكم بالوسيلة التي حددتها المادة 193 من قانون المرافعات للفصل فيما أغفلت الفصل فيه – إلا أن الحكم قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة عليه بما لا يغير من هذا القضاء يكون غير منتج، ومن ثم غير مقبول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 1996 تجاري الجيزة الابتدائية على البنك المطعون ضده الأول طالبة الحكم بإلزامه فى مواجهة الشركة المطعون ضدها الثانية وآخر غير مختصم ي الطعن الراهن بأن يؤدى لها مبلغ 95/226.274 دولار أمريكي ومبلغ 70.000 جنيه مصري، ومبلغ 18.000 جنيه مصري قيمة أرضيات وغرامات التأخير عن أرضيات الحاويات، وكذا مبلغ 100.000 جنيه مصري تعويضًا عما فاتها من كسب وما لحقها من ضرر من جراء امتناع البنك المطعون ضده الأول عن سداد قيمة الفاتورة رقم 1183 المؤرخة 1/12/1995، وقالت بيانًا لذلك إنها تعاقدت بتاريخ 18/5/1995 مع "شركة ..." على توريد ألف متر مكعب من الرخام بمبلغ مليون وخمسة وثلاثين ألف دولار أمريكى تسليم ميناء دمياط أو المنطقة الحرة ببورسعيد، فتعاقدت الأخيرة - شركة ألفا إيجيبت للرخام – التى تنازلت الطاعنة عن اختصامها أمام محكمة الاستئناف – مع البنك المطعون ضده الأول بتاريخ 22/6/1995 على فتح اعتماد مستندى غير قابل للإلغاء لصالح الطاعنة بذات قيمة البضاعة المتفق على توريدها مؤيد من بنك "..." وبناءً على ذلك قامت الشركة الطاعنة بشحن الرخام وسدد البنك المطعون ضده الأول قيمته بعد تقديم مستندات الشحن فيما عدا الفاتورة رقم 1183 بمبلغ 242.508 دولار سالفة البيان رفض سداد قيمتها طالبًا -بدون وجه حق- اعتماد أصل الفاتورة وشهادتى أصل المنشأ والتحليل بالسفارة المصرية باليونان على الرغم من سبق الاعتماد والتصديق من القنصلية المصرية باليونان، كما طلب تغيير بوليصة التأمين لأمر البنك بما أدى إلى تحميل الطاعنة بغرامات التأخير وقيمة الأرضيات المستحقة لمصلحة الجمارك فضلًا عن وجوب تعويضها كطاعنة عما لحقها من أضرار وما فاتها من كسب، فكانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 31/3/2001 بالزام المطعون ضده الأول أن يؤدى للطاعنة مبلغ 46/226.224 دولار أمريكى ومبلغ 30/59,583 جنيه. استأنف البنك هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 118 ق القاهرة، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم ... لسنة 119 ق أمام ذات المحكمة فى شأن إغفال الحكم طلبها بالتعويض بمبلغ 100.000 جنيه عن الأضرار التى لحقتها من جراء امتناع البنك عن صرف قيمة الفاتورة سالفة الذكر، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثانى للأول قضت بتاريخ 6/5/2003 فى الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وفى الثانى بعدم جواز نظر الاستئناف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة المشورة. حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى الطاعنة بالوجه الأول منه على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إنه رفض صرف قيمة الفاتورة موضوع النزاع تأسيسًا على ما ورد ببوليصة الشحن من أن النولون فرى أوت Free Out وليس سيف “CIF” بما يترتب على ذلك من أن نفقات نقل البضاعة من عنابر السفن إلى الرصيف لا تدخل ضمن أجرة النقل، وهو ما يخالف شرط التسليم سيف المنصوص عليه بصلب الاعتماد المستندى، باعتبار أن تعريف المصطلح "CIF" وفقًا لما جاء بالقواعد والأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية "الإنكوتيرمز" مؤداه أن يتحمل المشترى مصاريف التفريغ، بما لا يتفق مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن النص فى المادة 341 من قانون التجارة على أن "1- الاعتماد المستندى عقد يتعهد البنك بمقتضاه بفتح اعتماد بناءً على طلب أحد عملائه (ويسمى الآمر) لصالح شخص آخر (ويسمى المستفيد) بضمان مستندات تمثل بضاعة منقولة أو معدة للنقل. 2- عقد الاعتماد المستندى مستقل عن العقد الذى فتح الاعتماد بسببه، ويبقى البنك أجنبيًا عن هذا العقد. 3- تسرى فيما لم يرد فى شأنه نص خاص فى هذا الفرع القواعد الواردة بالأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية الصادرة من غرفة التجارة الدولية". وفى المادة 342 من ذات القانون على أن "يلتزم البنك الذى فتح الاعتماد بتنفيذ شروط الوفاء والقبول والخصم المتفق عليها فى عقد فتح الاعتماد إذا كانت المستندات مطابقة لشروط فتح الاعتماد"، وفى المادة 347 منه على أنه "1- على البنك أن يتحقق من مطابقة المستندات لتعليمات الآمر بفتح الاعتماد. 2- وإذا رفض البنك المستندات وجب أن يخطر الآمر فورًا بالرفض مبينًا أسبابه"، وفى المادة 348 من ذات القانون على أنه "1- لا مسئولية على البنك إذا كانت المستندات فى ظاهرها مطابقة للتعليمات التى تلقاها من الآمر. 2- ولا يتحمل البنك أى التزام يتعلق بالبضاعة التى فتح الاعتماد بسببها"، يدل -وعلى ما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة– على أن الاعتماد المستندى تعهد مصرفى مشروط بالوفاء صادر من البنك فاتح الاعتماد بناءً على طلب المشترى الآمر وبالمطابقة لتعليماته والشروط التى يحددها ويسلم للبائع المستفيد، مستهدفًا الوفاء بقيمة السلعة أو السلع المشتراة خلال فترة محددة فى حدود مبلغ معين نظير مستندات مشترطة ويجرى التعامل فى ظله بين البنك المؤيد أو المعزز له – إن وجد - وبين كل من الآمر والمستفيد على المستندات وحدها وسلامتها وتطابقها فى مجموعها ومطابقتها للشروط الواردة فى طلبه دون النظر إلى البضاعة أو العلاقة الخاصة بين البائع والمشترى حول العقد الذى يحكم علاقتهما ومدى صحته ونفاذه والمؤثرات التى تطرأ عليه، باعتبار أن فتح الاعتماد بطبيعته عملًا تجاريًا مستقلًا عن عمليات البيع والشراء والعقود التى يستند إليها، ولا يعتبر البنك فاتح الاعتماد أو المعزز له ذا علاقة بها أو ملتزمًا بأحكامها، كما يخضع هذا التعامل أساسًا للشروط الواردة فى طلب فتح الاعتماد وحقوق وواجبات كل من الآمر والمستفيد فإن قصرت عن مجابهة ما يثور من أنزعه أثناء تنفيذه طبقت الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية The Uniform Customs and Practice for Documentary Credits (UCP) الصادرة عن غرفة التجارة الدولية بباريس ونُشرت ابتداءً عام 1993 وتم تعديلها عدة مرات حتى صدور نسختها الأخيرة UCP600 المعمول بها اعتبارًا من 1/7/2007 مع جواز تكملتها بنصوص ومبادئ القانون الداخلى لقاضى النزاع، ويتعين على البنك فاتح الاعتماد أن يفحص كافة الوثائق التى يقدمها المستفيد بعناية معقولة للتأكد من تطابقها فى ظاهرها مع نصوص وشروط الاعتماد. وطبقًا للمصطلحات التجارية الدوليةInternational Commercial Terms “Incoterms” "الإنكوتيرمز" الصادرة عن غرفة التجارة الدولية بباريس – والتى نشرت نسختها الأولى عام 1936 وتم تعديلها عدة مرات حتى صدور نسختها الثامنة Incoterms 2010 التى تم نشرها بتاريخ 1/1/2011 – فإن مصطلح Cost and Freight “CFR” يعنى تسليم البضاعة خالصة النولون فى ميناء الوصول، أى التزام البائع بدفع أجور النقل اللازمة لوصول البضاعة على ظهر السفينة بميناء الوصول المتفق عليه، غير أن المشترى يتحمل مخاطر الفقد والتلف التى قد تلحق بالبضاعة وكذا المصاريف الإضافية التى قد تنجم عن أية حوادث تقع بعد لحظة تسليم البضاعة على ظهر السفينة، بمعنى أن مسئولية هذه المخاطر تنتقل من عاتق البائع إلى عاتق المشترى اعتبارًا من لحظة عبور البضاعة لحاجز السفينة فى ميناء الشحن المتفق عليه. أما مصطلح البيع البحرى سيف Cost, Insurance and Freight “CIF” "النفقات والتأمين وأجور الشحن"، فيعنى تسليم البضاعة خالصة النولون والتأمين فى ميناء الوصول، وتكون على البائع ذات الالتزامات الواردة فى المصطلح “CFR”، وهى التزامه بدفع أجور النقل اللازمة لوصول البضاعة حتى ميناء الوصول المتفق عليه، مضافًا إليها التزامه بإجراء التأمين البحرى على البضاعة ضد مخاطر الفقد والتلف التى قد تلحق بالبضاعة أثناء نقلها، وعلى هذا يلتزم البائع بالتعاقد على التأمين ويتحمل دفع قسط التأمين المترتب على ذلك. وقد نص البند (أ/6) المعنون "توزيع النفقات" division of costs على أنه "مع عدم الإخلال ببنود المادة (ب/6) يتحمل البائع جميع النفقات المترتبة على البضاعة حتى لحظة تسليمها وفقًا للمادة (أ/4) بالإضافة إلى أجور الشحن وجميع النفقات الناجمة عن تنفيذ المادة (أ/3)، بما فيها نفقات تحميل البضاعة فى ميناء الشحن ونفقات التنزيل فى ميناء التفريغ التى قد تفرضها خطوط الشحن النظامية عند التعاقد على النقل". وكان مصطلح "فرى أوت" Free Out يعنى أن نفقات تنزيل البضاعة من عنابر السفينة يكون على عاتق الشاحن أو المستلم، وليس على الناقل، ولا تدخل فى أجرة النقل. وكان من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع تستقل بتفسير المشارطات والعقود وسائر المحررات واستظهار نية طرفيها واستخلاص الحقيقة منها وفهم الواقع فى الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه، ولها تحديد الجانب المقصر فى العقد أو نفى ذلك ومدى تنفيذ كل متعاقد لالتزامه شريطة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أوراق الدعوى وظروفها بما مؤداه أن العلاقة بين العميل الآمر شركة "..." –المستوردة المشترية– وبين البنك المطعون ضده الأول يحكمها عقد فتح الاعتماد المستندى رقم 4974/95 المؤرخ 20/6/1995 لصالح الشركة الطاعنة – المصدر البائع – وأنه لا شأن للبنك بالعلاقة الأصلية بين العميل الآمر والمستفيد الذى ارتضى خضوع الاعتماد المستندى لأحكام القواعد والأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية -تعديل 1993 كتيب غرفة التجارة الدولية رقم 500 المعمول به اعتبارًا من 1/1/1994- والتى توجب على البنك أن يفحص المستندات المقدمة من المستفيد قبل الوفاء بقيمة بوليصة الشحن محل النزاع بمعيار الرجل المهنى العادى وبما يتناسب والأصول المصرفية الدولية، وأن الثابت من طلب فتح الاعتماد المستندى رقم 4974/95 المؤرخ 20/6/1995 أنه غير قابل للإلغاء ومعزز ونافذ المفعول فى بلد المصدر حتى 20/12/1995 بمبلغ مليون وخمسة وثلاثين ألف دولار أمريكى وأن هذا المبلغ يمثل قيمة البضاعة “CIF” وأن بوالص الشحن البحرى نظيفة بغير تحفظات، وقد تبين أن البضاعة شحنت على ظهر الباخرة وأن النولون مدفوع مقدمًا، وأن جميع شروط ونصوص الاعتماد تخضع فى تفسيرها للأحكام والنظم الموحدة للتعامل فى الاعتمادات المستندية التى قررتها غرفة التجارة الدولية. وأثبت تقرير الخبير أن بوليصة الشحن ورد بها أن النولون فرى أوت“Free Out” وليس سيف “CIF” أى أن نفقات نقل البضاعة من عنابر السفن إلى الرصيف لا تدخل ضمن أجرة النقل وهو ما يخالف شرط التسليم سيف “CIF” المنصوص عليه بصلب الاعتماد المستندى. وكان من المقرر عملًا بالمادة 33 من الأعراف الدولية الموحدة أن مستندات النقل التى تُحمِل البنك أى تكاليف إضافية تكون غير مقبولة؛ لأن العميل فاتح الاعتمادات لم يشترطها فى الاعتماد مما يبرر عدم دفعه هذه المصاريف الإضافية بالمخالفة لما جاء بشروط الاعتماد ويكون البنك المطعون ضده الأول محقًا طبقًا لشروط الاعتماد فى عدم قبول هذه المستندات إذ إن هذه المصاريف الإضافية تخرج عن مبلغ التسهيل الممنوح للعميل لفتح الاعتماد ولا مسئولية على البنك عند رفضه تنفيذ الاعتماد عند عدم المطابقة وإضافة أعباء مالية غير متفق عليها، وانتهى الحكم المطعون فيه من ذلك صائبًا إلى نفى الخطأ عن البنك المطعون ضده الأول لرفضه مستندات الشحن المؤشر عليها بعبارة “Free Out” للفاتورة رقم 1183 بمبلغ 442,508 دولار محل التداعي وقضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدى إلى ما انتهى إليه ولا مخالفة فيها للقانون، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من سبب الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وبيانًا لذلك قالت إنها أقامت استئنافها الفرعي على سند من أن الحكم الابتدائي قضى لها فى أسبابه بأحقيتها فى التعويض بمبلغ مائة ألف جنيه إلا أنه أغفل النص على ذلك كلية فى المنطوق، فتقدمت بطلب للسيد رئيس الدائرة لتصحيح الإغفال فى حكمه إلا أنه أشر عليه بالإرفاق، ومع ذلك فقد قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف الفرعي لما قاله من أن هذا العيب لا يصلح سببًا للاستئناف وإن صح الاستناد إليه لطلب تصحيح الخطأ المادي في الحكم المستأنف.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه من المقرر أنه متى انتهى الحكم إلى نتيجة صحيحة فإنه لا يعيبه ما شابه من قصور في أسبابه القانونية أو ما استطرد إليه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض استكمال ما قصر الحكم في بيانه من تلك الأسباب وتصحيح هذا الخطأ ورده إلى أساسه السليم دون أن تنقضه. لما كان ذلك، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صائبًا إلى الحكم بعدم جواز الاستئناف الفرعي فإنه وأيًا كان وجه الرأي في خطئه فيما ذهب إليه من أنه كان على المستأنفة الرجوع إلى محكمة أول درجة لتصحيح الخطأ المادي، إذ إن حقيقة العيب الذى شاب الحكم كان إغفال الفصل في طلب التعويض بما كان يقتضى العودة إلى المحكمة التي أصدرت الحكم بالوسيلة التي حددتها المادة 193 من قانون المرافعات للفصل فيما أغفلت الفصل فيه – إلا أن الحكم قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة عليه بما لا يغير من هذا القضاء يكون غير منتج، ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق